المجموع : 26
بهر الزمان بمجده وفخاره
بهر الزمان بمجده وفخاره / فالدهر طوع يمينه ويسارهِ
أرياض يا كهف العفاة وذخرهم / ومن استمد الغيث من مدراره
أوليتني العرف الجميل فلذ لي / حلو الثناء عليك في تكراره
جاد الوزير وما مدحت لانني / فرحان بالاحسان أو اكثاره
لكنَّ عِيّاً أن يجود ولم أفه / بمديحه المأثور عن آثاره
وافي الرسول بما منحت فزدتني / شرفاً أرى الجوزاء بعض شعاره
أولانيَ البر الذي أسديته / فحمدت صاحبه ورب نثاره
ولكم جعلت الشعر روضاً يانعاً / كان الثناء عليك بعض ثماره
وأراك كالمأمون عند رحابه ال / علماء والشعراء حول دياره
فليفخر القطر الخصيب بناظر / يربي بحكمته على نظاره
أحييت فيه العلم بعد عفائه / من أرض مصر وكنت من أنصاره
فاسلم على طول الزمان لأمة / ترجوك مثل البدر في إسفاره
يبقى القريض بذكر فضلك خالداً / حتى يعدَّ الدهر من اعماره
قلبٌ بحب الغانيات طروب
قلبٌ بحب الغانيات طروب / إن شفه وجدٌ يكاد يذوبُ
ما باعه يوماً حبيبٌ راحل / عن لبه الاشراه حبيب
فكأنما الغيد احتللن صميمه / وكانه واد لهن خصيب
ذاتَ القوام وحسب قدك انه / غصن كما شاء النسيم رطيب
للحسن فيك سريرة لا تنتهي / الا اذا هزم الشباب مشيب
حُجب الدجى لما سدلت شبيهه / فكأن ليلى فرعك الغربيب
كيف الفرار من الغرام وحكمهُ / بيد القضاء مسطر مكتوب
ما للحبيب عليَّ فيه من الدجى / واشٍ ومن زهر النجوم رقيب
حتى كأن الليل مثلي عاشق / وسواده مما عراه شحوب
قل للمؤنب ان يكفَّ فربما / أغرى القلوبَ على الهوى التأنيب
ما انفك ينصح لي ولستُ بمرعوٍ / ما دام نصح العاذلين يريب
عرفوا هواي فأكثروا تثريبهم / والحب ليس يقلُّه التثريب
خوض الردى من أن يكون لهم معي / في من أحب مدى الحياة نصيب
من ذاق آلام الهوى قال الهوى / نار يراد بحرِّها التعذيب
وجد كبأس الدهر روَّع مهجتي / والدهر من حنق عليّ غضوب
هي مهجة تبغي المجرة مشرعاً / لا همها المأكول والمشروب
مالي أرى الدنيا كنهر مترع / والظل معكوس به مقلوب
أنا مثل حسان يثاب بأحمد / واللَه عنه على الثناء يثيب
هدِيت اليه النفس بعد عنائها / كالروض يهدينا اليه الطيب
فنظمت تهنئة الوكيل ومعجز / نظمي لآلئ ما لهن ثقوب
فافخر أريب النيل وازهَ بمنصب / ما زانه يوماً سواك أريب
بلغت بك الآداب أبعدَ شأوها / وسما بك العرفان والتهذيب
جبت البلاد حزونها وسهولها / ما بين فكر في الغيوب يجوب
في أي أرض زرتها جثم الدجى / في ظل وجه عن ذكاءَ ينوب
فكأنه سلطان زنج أمَّهُ / خاقان تُركٍ فهو منه هيوب
خضت الخضم فكان يمّاً فوقه / متلاطم طلق اليدين وهوب
بحران بحر بالفضائل والندى / طامٍ وآخرُ زاخرٌ يعبوب
في ذاك در تبتغيه خريدة / ولديك در يرتجيه أديب
لما تبوأت السفينة خلتها / خيساً وأنت القسور المرهوب
فلك تمر كأنها عهد الصبا / أو أدهم يطوي الفلا سرحوب
أو شامخ فوق المياه مسيّر / صنع الاله وإنه لعجيب
تعلو وتهوي كالعقاب محلقاً / ينتابه التصعيد والتصويب
إن أدبرت راعت وإن هي أقبلت / راقت ومرأى المنظرين غريب
فلك إذا سبحت فكفك بحرها / وسنا علاك لواؤها المنصوب
وضياء وجنك كوكب تهدى به / أو فرقد لا يعتريه مغيب
حتى رجعت وقد عجزت عن الذي / يقضي به التأهيل والترحيب
فلو استطعت شرعت من حدق الورى / سبلا تمر بها وأنت مهيب
وجعلت أفئدة العداة كأنها / طرق تجوس خلالها ودروب
ولو امتلكت النيرات رصفتها / حصباء تغدو فوقها وتؤوب
عَودٌ أعاد لنا الحياة وطيبها / فكأننا مرضي وأنت طبيب
واخضرت الدنيا وزان جمالها / ثوب من البشر الجزيل قشيب
وتعطرت أرجاء مصر وجادها / من كفك المتهلل المسكوب
واستبشرت بك مهجة قد سرها / طيب الاياب وشخصك المحبوب
لم ألق قبل عداك قوماً أوهموا / أن العلاءَ مثالب وعيوب
دغلت صدورهمُ لما أوتيته / وبدت عليهم فترة وقطوب
شبوا حقوداً لم يطيقوا حرها / فهم الغداة وقودها المشبوب
وكأنهم قد وُسّدوا ناراً فلم / تهدأ لهم عند الهجوع جنوب
لك بينهم وثباب أغلبَ ضيغم / ولهم كاسراب النمال دبيب
هم حاولوا أن يحرجوك فكادهم / صدر كترجيم الظنون رحيب
خفي الصواب إذا استوى بك غِرُّهم / لا يستوي ليث العرين وذيب
قد أطفأ الرحمن نور حظوظهم / لما تألق حظك الموهوب
وأمال قائم أمرهم في مأزق / أودي به المهزوم والمغلوب
ولئن أردتَ نضالهم أصماهمُ / قلمٌ بكفك كالقضاء يصيب
هو كالظبا حدّاً فتلك خضيبة / بدمٍ وهذا بالمداد خضيب
شكت المقادير المسوقة خلفه / لغبا ولما يعتوِره لغوب
حتى لقد دهشت أنابيب القنا / مما يسطر ذلك الأنبوب
عُودٌ من الفردوس عند محبه / ولدى العدوّ كانه الهوب
إني لأَعجب كيف لم يورق ولم / يزهر وكفك كالغمام يصوب
يكفيك أنك في العلاء إلى السهى / وإلى النجوم وسعدها منسوب
أكبرت عَودك غير ملتفت الى / ناءٍ سواك إيابه مرقوب
فسهرت أنظم في ثناك ليالياً / وأنا بمدحي في علاك طروب
يكفيك مني في رحابك شاعراً / قد زانه التثقيف والتأديب
يبقى لك الذكرَ الجميلَ وشعرُهُ / بفم الزمان وسمعهِ منهوب
ولقد صدقتك في المديح وللورى / شعراء أكثر شعرهم مكذوب
أطريك لا أبغي النوال وانما / مرآك عندي المطمح المطلوب
لك أن تقيم بأيّ مصر شئته / ولمدحك التشريق والتغريب
مدح يرتله الزمان وأهله / ويقيم فيهم ما أقام عسيب
يا زهرة الدنيا ومن
يا زهرة الدنيا ومن / هو في المعالي كوكب
ان كان ذمك نابح / فلأنت ليث أغلب
أدبته حتى ارعوى / عن غيه المتأدب
وأتيتُ ملتمساً له / عفواً ونعم المطلب
فارفق عليه فانه / قد تاب مما يكتب
والنعل حاضرة اذا / عادت اليك العقرب
رفقاً بصب في هواك صريع
رفقاً بصب في هواك صريع / قد بات يشكو من جوى وولوع
مليا حببتك غير ناشد سلوة / يوماً ولا متطلع لنزوع
أرخصت من وجدي وحسبك انه / أغلى هوى حنيت عليه ضلوعي
وخدعت قلبي في هواك ولم أزل / أهفو اليك بقلبيَ المخدوع
لولا غرامك ما انثنيت بناظر / يلقاك بين مهابة وخشوع
كيف المتاب وكيف تغفر زلتي / ان كان لا يأتي الهوى بشفيع
رفقاً على نفس أطرت شعاعها / وعلى فؤاد للفراق هلوع
منع العواذل ان أراك ولم أكن / في الحب اول سائل ممنوع
عشقوا الوشاية فادرعت من الهوى / ومن الأسى بجواشن ودروع
ولقد هممت بزورة تحت الدجى / لولا هلال راعني بطلوع
لا تتركي قلبي لديَّ فانني / عفت البقاءَ لقلبيَ المفجوع
قلب تلهب من جواه ومقلة / ملئت ولكن من دم ونجيع
لجزعت لو أبصرتني يوم النوى / في موقف جم الخطوب فظيع
والدهر أطرق رأسه متهيباً / مما ألمّ بشملنا المصدوع
فقفي رعاك اللَه أمتع ناظري / قبل الفراق وساعة التوديع
هل بعد هذا البين لا كانت نوى / بك طوحت من أوبة ورجوع
كيف السبيل إلى اللقاء ودوننا / بيداء ملتطم الحباب مريع
مني السلام على الشآم واهله / وعلى ربي بك ازهرت وربوع
يا ليتنا كنا كما شاء الهوى / فرحَين فيه بشملنا المجموع
متنقلين على هضاب غضة / نجتاز ينبوعاً إلى ينبوع
وانا وانت على رباها تابع / يمشي وراء المالك المتبوع
نلفى الطبيعة في غضون بهاءها / من كل صنع للاله بديع
شهر على نار الغرام قضيته / وعددته باليوم والاسبوع
لا عشت ان لم أُلفَ صبا ساهداً / ما بين حر جوى ووكف دموع
طال السكوت فما لهذا الشاعر
طال السكوت فما لهذا الشاعر / وضع اليراع وماله من عاذر
مرت عليه الحادثات فخالها / في مرها مثل السحاب العابر
يا طائراً في روض شعرك بلبلا / هل سجعة تزرى بسجع الطائر
فاشهر يراعك بعد طول غموده / وافلل به حد الحسام الباتر
واستجل من آيات فكرك غادة / يدعونها في الغيد بنت الخاطر
ماذا ترجى من أديب لم يزل / يحيى لياليهُ بطرف ساهر
أسفاً على ماضي الزمان وخشية / مما يجيء وحسرة في الحاضر
والقوم ليس بهم نصير عندما / تسطو الحوادث كالهزبر الكاسر
فاذا وفيت إلى صديق منهمُ / أخلصت في ود له وسرائر
عد الوفاء ذريعة تبغى بها / ممن صحبت بلوغ حظ وافر
يجفو ويعبس ان قصدت رحابه / متبوئاً منها مكان الزائر
فاذا أفدت لهى يديه بدا به / ملل ينم عن الوداد الفاتر
حتى ينغصك النوال وتبتغي / لو عدت في النعمى بصفقة خاسر
أين الأولى كانوا اذا مدوا يدا / هطلت كشؤبوب السحاب الماطر
هاتيكم الايدي التي لا ينقضى / مدح الأديب لها وشكر الشاكر
درجوا وها أنا بعدهم في معشر / جاروا عليّ مع الزمان الجائر
ان بحت بالشكوى هتكت سريرتي / فيهم ورحت حليف جد عاثر
واذا سكت اكاد أقضي حسرة / من كل همّ في الفؤاد مخامر
واذا عتبت خشيت كسر قلوبهم / عند العتاب وما لها من جابر
ويذود عنهم مقولي بشوارد / في جيدهم كاللؤلؤ المتناثر
ولربما يشكو الحزين فلم ينل / الا الشمات من العدو الكاشر
جيل سواسية وشعب عنده / ان الوفيَّ بعهده كالغادر
ولكم صبرت وللحوادث مرهف / ان سل يوماً فلّ عزم الصابر
يبغون مني أن اثير عزائمي / واهز في كفي يراع الثائر
ليقال احمد يا له من ناظم / جم البيان ويا له من ناثر
ماذا ينسق في زمان لقبوا / فيه الجبان بليث غاب خادر
ودعوا الذي يدري الكتابة فاضلا / وربيب أقلام وخدن محابر
فاذا تعلم بعضٍ ما يرضى النهى / سموه مفضالاً ورب مفاخر
واذا تهدج في الخطابة صوته / سموه منطيقا وحلف منابر
واذا تبين حذقه فخروا به / ودُعي بنابغة الزمان النادر
انظر إلى شعراء قد يدعونهم / في كل ناد بالفضائل عامر
هذا الأمير وذا الكبير وآخر / رب الفصاحة والبيان الساحر
والشعر يبكي عصره مستعدياً / منهم إلى اللَه العزيز القادر
ولغيرهم القاب علم أصبحت / تعلو وتهبط مثل قدح الياسر
والعلم يشهد انهم نقلوا لنا / ما في صحائف كل سفر داثر
وسطوا على ما دونته يد الأولى / كدوا وجدوا في الزمان الغابر
ولمعشر رتب العلاء تظنها / جاءت اليهم كابراً عن كابر
هذا السريّ وذا الوجيه وآخر / رغم الضلال شريف بيت طاهر
والمجد يشهد أنها رتب لهم / فرحوا بها فرح الصغير القاصر
وأجلهم قدراً وأموجهم غنى / ما بين سكير وبين مقامر
وأذلهم ذاك الشريف اذا أتى / يوم الحساب بوجه جان باسر
يعزى إلى بيت النبيّ وحقه / يعزى إلى النمرود أو للسامري
ولقد ترى الألقاب في أسمائهم / مما يكل لها لسان الحاصر
والصحف ما زالت تجود لهم بها / والعقل يرمقها بعين الساخر
فلتتق الرحمن في ألقابها / تلك الكبار وفي الثناء العاطر
كثرت علينا حيث لا تحصى ولا / ندري لها من أول أو آخر
عبَّاد ألقاب اذا هم ازهقوا / من دونها الأرواح ليس بضائر
هم كالممثل في الثياب فسافل / في نفسه ومملك في الظاهر
عمون لا ادعو سواك أخا نهى / ضافى الجلال ورب فضل باهر
حسبي من الحكماء أنك بينهم / ترنو إلى الدنيا بأصدق ناظر
كلمات صدق أشبهت نجم الهدى / ان لاح بين حنادس ودياجر
قد خطها قلمي الضعيف وفاتها / للناشئين منار عصر زاهر
لما بين وعظ للعباد وعبرة / للناس أو مثل شرود سائر
حكم تُبلّ النفس من أدواءها / وتريهمُ حذق الطبيب الماهر
جاءت كما يبغي حجاك لآلئا / أقبلت أهديها لبحر زاخر
فاليك ازجيها فانت كفيلها / وأجلّ مرجو وأفضل ناصر
ذكر الرجال مخلد بفعالهم / والشعر في التاريخ أصدق ذاكر
يا صاحب الفتيا لك الفضل الذي
يا صاحب الفتيا لك الفضل الذي / تثنى لديه أخادع العظماء
لو كان يعطى المرء غاية قدره / لعنت لقدرك هامة الجوزاء
حسب الامام وأنت افضل عالم / أربى بحكمته على العلماء
الأزهر المعمور بعدك دارس / صفر من العقلاء والحكماء
لو كنت منك رغبت عن بث الهدى / في أمة بضلالها عمياء
يفنى الزمان وليس يفنى للفتى / بغض من الحساد والأعداء
ما اضحك النبلاء في أيامهم / الا تبجح معشر جهلاء
هم ينبحونك والضلال حليفهم / نبح الكلاب فراقد الزرقاء
ورأوك خير مملك متبوئ / بين العباد أريكة الافتاء
أخنى الحمام على أبر إمام
أخنى الحمام على أبر إمام / فكأَنه أخنى على الإسلام
فزعت من الخطب المناسك وانثنت / تبكي بأربعة عليه سجام
كان المغيث إذا دعاه مسهد / ناجى الأسى وكوارث الأيام
كان الرباب اذا همى شؤبوبه / والخلق من متقشع وجهام
لم ينأ عن هذى القلوب وانما / ترك القلوب عليه ذات ضرام
شلت يد رمت الامام ولم تخب / فأصابت الدنيا بغير سهام
خطب يحرك من جبال يلملم / وجوى يفتت من جبال شمام
لا تجزعي يا نفس من موت فقد / صمّت بما لا تعهدين صمام
موت يدب الى بن آدم خلسة / خير من الآلام والاسقام
والنفس ترغب في البقاء وانما / خرجت إلى الدنيا ليوم حمام
لبيك يا هادي العباد إلى الهدى / لبيك تحت مجادل ورجام
خلت البرية خلف نعشك أمة / بعثت من الدنيا ليوم زحام
حملوا سريرك والخلائق حوله / وضعوا الرؤوس مواضع الاقدام
وكأنما فوق الرؤوس عصابة / للطير من دهش ومن إعظام
والناس حيرى ليس تعقل من أسى / دهم النفوس بخفة الاحلام
يمشون حولك مطرقين وكلهم / من سجد لك هيبة وقيام
من للشريعة من يبين لقومها / حكمى حلال بينهم وحرام
من للتقى وقد رآك هلاله / إن شك في فطر له وصيام
دفنوك في ترب ولست بناقص / فالتبر يوجد في ثرى ورغام
يا ليتهم قد غسلوك بمدمع / طهر كشؤبوب السحابة هام
أو كفنوك بمصحف فسرته / من غامض الآيات والاحكام
أو أنزلوك من الفرادس جنة / لا حفرة صفرت من الاكرام
أوليتهم حفروا لجسمك درة / لا مرقداً يقتات بالاجسام
أوليتهم حملوك فوق اريكة / حدباء قد صنعت من الاقلام
اوليتني قد مت قبلك تاركا / مدحي بما اوليته ونظامي
نم آمنا تحت الثرى مع معشر / لا يلهجون بشرة وخصام
وارحل عن الاولى وحليتك التقى / وانزل من الاخرى بدار مقام
عذراً اذا قصرت فيك محمد / فالرزء افنى في رثاك كلامي
صلى عليك اللَه ماسح الحيا / وهمي على مثواك صوب غمام
العبد ما في هجوه من باس
العبد ما في هجوه من باس / ان العبيد لألأم الاجناس
يا ابن الزنوج ومن عهدت قبيله / تعزى الى الاوران والنسناس
ليس العبيد وان تشامخ انفهم / الا من الخدام والحراس
والارض مهما طهّرت من رجسها / لم تنس رجس أولئك الارجاس
يا صاحب النيل السعيد ومن له / ذكر جميل في الندى والباس
طهر بلادك منهمُ بدمائهم / تطهر من الانجاس بالانجاس
لا خير في من حظه وإهابه / وضميره كالحبر في القرطاس
أيكون ذا أدب ويدعى كيّسا / من بيع في الاسواق بالاكياس
يا عبد يا ابن العبد حسبك شاعرا / ينحى على شيطانك الخناس
انكرت حكمة أحمد ويراعه / وطفقت تهجو شاعر العباس
وزعمت نفسك مفردا فاربأ بها / يا مفرداً في الجهل والإِفلاس
تعس العبيد أتلتقي أنفاسهم / يوم الفخار بهذه الانفاس
فارجع الى الأرض التي فارقتها / والعب لهم بالطاب والبرجاس
ماذا تروم ابا المريسة بيننا / واخا البنات العشر في الاعراس
أودى فضج المعشر الاشراف
أودى فضج المعشر الاشراف / من كان كعب جده ومناف
اودى الذي نزل الكتاب لجده / فبكت له يسين والاعراف
ان جئت انشده الرثاء فطالما / بالمدح فيه ترنحت اعطاف
قد كان اموج للعفاة عوارفا / إما تموج بحره الرجاف
يا دوحة الشرف الرفيع لقد ذوت / بك من قريش دوحة مئناف
ان لم اف الحق الذي لك عندنا / نُسب الجحود اليَّ والاجحاف
ضج الحجاز من البقيع ليثرب / وبكى العلاءَ جدودك الاسلاف
قد كنت من قوم يطول فخارهم / فكأنهم بين العباد نياف
وثبوا الى الاسلام وثبة فارس / في كفه صمصامه الرّعاف
فاخضرت الدنيا بنائل كفهم / واحمرت الارماح والاسياف
فانزل على رحب المقام بجنة / لك ضجعة ما بينها وطواف
وتوسد القبر المجلل هادئاً / عم السكون فليس ثمَّ خلاف
وسقى الاله ثراك صوب غمامة / هي من يديك الصيب الذراف
يا قلب صبراً فالحياة كما ترى / خُلُقُ الحياة الغدر لا الانصاف
أودى الشريف ومن له عصبية / تأبى المجرة منزلاً وتعاف
حتام هذا الجؤذر
حتام هذا الجؤذر / يجفو المحب ويهجر
رشأ أسيل خده / أحوى المباسم احور
ومن العجائب شادن / يعنو لديه القسور
يا أخت مقتحم الوغى / يعلوه نقع اكدر
هل تنعمين بزروة / فيها يعف المئزر
او ترفقين بمهجة / بين الجوانح تصهر
ارجو نداك وبالندى / رب الاريكة اجدر
سمح كأن يمينه / في الجود غيث ممطر
وكأن عيد جلوسه / للناس عيد أكبر
عيد العزيز ومن به / آي الثناء تحبر
قد قلَّ عنه تبع / في مجده والمنذر
شمل الجناة بعفوه / والعفو حظ اوفر
أمنوا الشقاء فكلهم / يطرى الامير ويشكر
لا غرو فهو مملك / يمحو الذنوب ويغفر
طلق اليدين كانه / يوم الرغائب جعفر
وضح الجبين كأنه / قمر تألق مبدر
في موكب تخذ السهى / أرضاً عليها يعبر
ضخم الجلال كأنما / كسرى به أو قيصر
حفت بموكبه فوا / رس دارعون وحسر
مثل السيول اذا جرت / من شاهق تتحدر
وترى العتاق كأنها / ظبيات قاع ضمر
تطوى السهوب وخلفها / ريح الصبا تستحسر
نهد أغر وأدهم / يطأ الهواء وأشقر
ركب يتوق لمثله / رمسيس والاسكندر
عيد ابان لخاطري / كيف الخيال يصور
فالازبكية حولها / سُرُج تنير وتزهر
روض اضاء كأنه / فلك منير مقمر
فكأنما هو جنة ال / فردوس اوهو انضر
فيه الحمائم جثم / تخشى المصاد وتحذر
رأت الضياء كأنه / صبح تلألأ مسفر
فتنبهت بعد الكرى / بين الارائك تهدر
ترجو الهجوع بأيكها / فيروعها من يزجر
وترى البيارق تارة / تطوى وطورا تنشر
فكأنما هي أعقب / قد رفرفت أو أنسر
وترى المشاعل تلتوى / مثل الاسنة تشهر
أو كالاراقم سربت / من وكرها تتسور
رقش تثور وما بها / الا اللظى المتسعر
متها الكواكب طلع / آنا وآنا غوّر
يغشو الغريب لضوءها / والطارق المتنور
يقق يروق وازرق / صافي الاديم واصفر
او احمر متوهج / يطفو عليه الاخضر
فكأنما هي جوهر / في نثرها متخير
وكأنها صوب الحيا / في قطره او أغزر
وترى الظلام كراهب / في برده يتعثر
او بنت حام فوقها / أبهى اللآلئ ينثر
ماذا اقول ووصفها / عنه البلاغة تقصر
واريكة يشدو بها / حلو الضروب مؤثر
فكأنما هو واعظ / وكأنما هي منبر
شاد يداعب عوده / ويُسِرّه ما يضمر
وذوى غرام حوله / مثلَ العرمرم يزخر
من كل ذي شغف على / مضض الهوى لا يصبر
او عاشق يشكو الجوى / او وامق يتذكر
يا عيد اسعد شاعراً / بجلال قدرك يشعر
لا زال ربك سيداً / ينهى العباد ويامر
سهم الزمان الى الاديب مفوّق
سهم الزمان الى الاديب مفوّق / فالى متى وأنا المغيظ المحنق
قد نلت مكرمة الحياة بعزة / يجثو لديها الحاسد المتلهوق
هي مهجة قد أوشكت ترد الردى / من حزنها والنفس كادت تزهق
بادهر لا تصدع رجوتك في الحشا / صدعا على طول المدى لا يرتق
أبقى عليهم حيث هم يفنونني / والناس بعدي ان فنيت فلا بقوا
يا شعر ودعني فلست بناظم / شيأ يثير لي الهموم ويقلق
ما أنت الا محنة لذوي الحجى / وأسى وتسهيد ورزق ضيق
أبنات فكري طلقيني واعجبي / لأبيك وهو أبوك كيف يطلق
خير لكن الوأد من أني أرى / بيد الليالي عرضكن يمزق
لم تبق دار كي يجلس خلالها / لعلى ولا باب لمجد يطرق
شعراء وادى النيل جئت مؤدعا / لكمُ وما أنا من وداعي مشفق
مني السلام عليكم فتجمعوا / ما شئتمُ لا بد أن تتفرقوا
وتناشدوا عني مقالي واذكروا / مني أديباً شأوه لا يلحق
هذي هي الدنيا كما تبدو لكم / حِرمَ اللبيبُ وفاز فيها الأحمق
أمل نأى عن أرض مصر وزالا
أمل نأى عن أرض مصر وزالا / أصمى القلوب وقطع الاوصالا
يا نائياً عنا وكنت محسدا / فينا كما كنت الشريف فعالا
مدت اليك يد المنون فانشبت / بقلوبنا قضبا لها ونصالا
وضعوك في نعش يضيق بماجد / ما ضاق ذرعا في العلى ومجالا
نعش تروّيه العيون بمائها / أسفا وتسقيه الدموع سجالا
ولك الخلائق نكسوا اعلامهم / حزناً وكانت قبل ذاك طوالا
جشمت نفسك همة تبغى بها / إرضاء قومك لا على أو مالا
خففت عن مصر الهموم وانما / حملتها بفراقك الاثقالا
أعزز علينا ان نواريك الثرى / ونجر بعدك للنهى اذيالا
أعزز علينا ان نراك موسدا / وعلى فضائلك الرغام انهالا
يا أخطب الشرقين قم بين الملا / واخطب عليهم ان صمتك طالا
وانظر الى قوم بكتك جفونهم / وارحم نساءً منهم ورجالا
احييت آمال العباد ولم تعش / حتى تحقق هذه الآمالا
قد اطرقوا رهبا حيالك وانثنوا / جزعا وساؤا بعد موتك حالا
إنا سنبقى ذكر فضلك خالدا / لنكون في صدق الولاء مثالا
قد كنت أفضل من يذود لسانه / عنا واصدق من يقول مقالا
فليسق شؤبوب الحيا لك موحشا / قد ضم مجدا بينه وجلالا
فرض هجاءكمُ بكل لسان
فرض هجاءكمُ بكل لسان / يا عصبة عكفت على الطغيان
يا دار توفيق جمعت زعانفا / لا ينزلون بغير دار هوان
اني ابو بكر يراقب معشراً / مرقوا من الاسلام بالكفران
عكف الرجال المؤمنون على التقى / وهم على لهو وراح دنان
قوما يجيئ محمد وصديقه / مستعديا منهم الى الرحمن
قد يلصقون الى النبي نجارهم / ويعافه منهم بنو عدنان
يا ويح ذياك النقيب المدعى / شرفا تراه دونه العينان
لو كان في زمن النبيّ لأنزلت / في حقه الآيات في القرآن
لكن أراد اللَه صون كلامه / فأتى به في آخر الازمان
كيف المتاب له وتلك ذنوبه / مما يكل لحصرها الملَكان
لعن الاله من العباد لئامهم / واللابسين برانس الرهبان
والبائعين اذا تقاعس حظهم / ماء الحياء بابخس الأثمان
لا تغترر عبد الحميد بثروة
لا تغترر عبد الحميد بثروة / جاءتك عفوا من ذوى السادات
الفخر ان يغنى الشريف بكده / والعار ان يغنى من الزوجات
ما أنت الا مقتر طلب الجدى / فاعانه العباس بالصدقات
هل ذاك ليل مقمرُ
هل ذاك ليل مقمرُ / أم وجه ليلى مسفرُ
وقوام بان مائس / أم قدها متبخترُ
هي ظبية لكنها / لمحبها تتنمرُ
وهي التي قد غادرت / عقلى يغيب ويحضر
والوجد هتاك الفتى / لكنني متستر
وكأن قلبي منزل / بسوى الهوى لا يعمر
يهوى بمصر ظباءها / ويحب من يتمصر
قل للتي مرت على / قدم الشبيبة تخطر
لو قدمت نحوي الهوى / فالقلب لا يتأخر
يا اخت مقتحم الوغى / وبه العجاج الاكدر
القلب فيك متيم / وبأن يساعد اجدر
انا والهوى كلف الى / وصف الكواعب اصور
فانظر تجد قبعاته / ن على الخمائل تؤثر
فالورد زاه فوقها / وسط الكمائم أحمر
والزهر أبيض ناصع / فيها وآخر أصفر
والياسمين زها بها / وكذلك النيلوفر
فكأنها روض على / وشى الغدائر مزهر
والريش ما بين الزهو / ر معسجد ومعصفر
فكأن طيراً فوقها / تطوى الجناح وتنشر
والقرط في آذانه / ن مذهب ومجوهر
كالقلب في خفقانه / لكنه لا يشعر
وحواجب من فوقها / يزهو الجبين الازهر
وعيونهن نواعس ترمي / الخلى فيسهر
ولها فعال في الحشا / فوق الذي يتصور
وخدودهن بها لظى / في مهجتي يتسعر
لو كان من ورد الخدو / د طلا فمنها يعصر
وقناعهن مثقب / والوشي فيه مشجر
فكأنه شرك به / من كل خود جؤذر
والجيد فيه قلائد / فوضي جلاها الجوهر
فكأنها في نظمها / عبرات عين تنثر
وخصورهن تدق عن / درك العيون وتصغر
والبند يحكى خاتما / والخصر فيه الخنصر
روحي فداءُ خريدة / في الحسن رئم أحور
فتانة من دونها / سمر القنا تتكسر
والاسد حول كناسها / ربضت وباتت تزأر
لم أنس يوم فراقها / يا ليتها تتذكر
في ليلة كنا بها / نبدي الغرام ونضمر
ولنا الجزيرة قد خلت / أنا والغزال الاعفر
والنيل يجري هادئاً / حينا وحينا يزخرُ
فكأنني في جنة / قد فاض فيها الكوثر
ولقد نسيت بقربها / دهري ومثلي يعذر
وصفا الزمان مع التي / هي كالهلال وأبهر
حتى رأت بين الدجى / شبحاً يغيب ويظهر
قالت رقيب مختف / او صاحب متنكر
وبدت تودعني وفي / اذيالها تتعثر
ونأت بها دراجة / لمثال ذلك تدخر
دراجة من حسنها / فيها السراج ينورُ
كالنجم يسطع في الظلا / م ومن بعيد يبصر
تعدو فلم يسمع لها / الا نفير يزمر
فكأنها في عدوها / طير يطير ويصفر
لا تشتكي ظمأ بها / ابداً ولا تتضور
جوالة من خلفها / ريح الصبا تستحسر
سيارة عن سبقها / تعيي العتاق الضمر
واذا تقضى منظر / لم يبق الا مخبر
طلع الهلال فأنجدوا وأغاروا
طلع الهلال فأنجدوا وأغاروا / وبدا النبيّ فكبر الانصار
القوا عصا التسيار حيث تبلجت / للمهتدين وللهدى أنوار
يا أسعد الايام فيك تثبتت / للمصطفى قدم وقر قرار
فيك اطمأَن على الهداية معشر / درجوا على نهج الرشاد وساروا
وأقيم للدين الحنيف دعائم / فيها من الشم الطوال وقار
انا نطالع غرة ميمونة / لك تجتلي أنوارها الاقطار
فانشر صحيفتك الجريرة علها / تنبي بما أوحى به المقدار
يا عام ان قدومك استبشار / ألديك عما نبتغي اسرار
خبر بما تدري فان قلوبنا / ظمآى الى يوم الجلاء حرار
خبر بما تدري لعلك ذاكر / أملا تنال بذكره الاوطار
انظر الى هذي الخلائق نظرة / تنبئك كيف تجمع الاحرار
اليوم تجمعنا المآرب والمنى / ويحفنا الاجلال والاكبار
جادت بلاديَ بالرفاهة ديمة / وهمي عليها بالعلي مدرار
نعم الشعور ونعم ود خالص / هو للرجال المخلصين شعار
مرت بنا السنوات حالكة الدجى / حتى جلاها منكم الاسفار
فطلعتمُ والخطب ساج ليله / متهللين كأنكم اقمار
بكم الدهور تفاخرت وبمثلكم / تزهى الدهور وتعجب الاعصار
ذودوا عن الدار التي تحويكم / جدرانها حتى تصان الدار
وابنوا الرجال على أشم موطد / يبقى البناءُ وتحمد الآثار
اليوم نغرس كل غرس يانع / يرجي له الافراخ والاثمار
لا تكتموا بين الجوانح مبدأ / أحرى به الاعلان لا الاسرار
أسمى المبادئ ما تبلج نوره / كالصبح لا شك ولا انكار
ايا كمُ كيد العدو فانه / مذق اللسان مذبذب خوار
ما انفك يبغي ان يشتت شملكم / غاو مضل مارق غدار
لا تتركوه على الضلال فبئسما / شاعت بسيء ذكره الاخبار
ما زال يبتدع الصغائر ضلة / حتى احتوته مذلة وصغار
ان المهانة في الحياة جزاؤه / وعقابه بعد الممات النار
فليحذر السرحان في غلوائه / من ان يثور الضيغم الهصار
وعليكم الانحاء يوم حسابه / وعليَّ يوم هجائه الاشعار
واذا نكثت ولم أقم بهجائه / باتت مطلقة لدي نوار
ما للعداة تجول في طغيانها / جول السكيت اذا خلال المضمار
عابوا علينا ان نناضل وافتروا / انا على الوطن المحبب عار
قالوا لكم حزب عرته هزة / أخذت لها اركانه تنهار
اللَه لو نظروا القضاء يصونه / بيمينه وتحوطه الاقدار
ما كانت الغوغاء من أعوانه / كلا ولا عبثت به الاغمار
هي امة رجت المعاليَ فانبرى / منها صغار للعلى وكبار
عجزوا فقالوا أزمة نزلت بنا / فتساقطت نوب وحل دمار
وتقولوا أنا نحاول ثورة / تهتز فيها للسيوف شفار
قالوا سخرتم بالصليب وخنتمُ / عهد الجوار فليس ثم جوار
قالوا دعوتم للتعصب دعوة / هلعت لهول سماعها الامصار
قالوا نهضتم نهضة قال الورى / فيها أتلكم نهضة أم ثار
قالوا نكثتم بالامير وانه / خير امرئ يرعى لديه ذمار
قالوا وقالوا كل شيءٍ مفترى / املت به الاحقاد والاوغار
حتى لقد صرنا مظنة كيدهم / ان كان يكو بالامير قطار
وهو الذي تثب القلوب لصونه / وتجله الاسماع والابصار
قد صورونا للاجانب صورة / إما بدت تقذي لها الانظار
قد صورونا جحفلا متأهباً / في إثره الاهوال والاخطار
قد مثلونا في التعصب مثلما / قد شاءت الآثام والاوزار
كذب قد ابتدعوه حتى مالهم / في مصر الا الكيد والاضرار
بان الضلال من الهدى وبدا لنا / في منهج الحق القويم منار
يا أمة ثبتت على كيد العدى / لا تجزعي ان الثبات فخار
سيري الى طلب الجلاء ولا تني / نمنح من العلياء ما نختار
أفريد لا تخذل بلادك بعدما / جمعت لديك اولئك الانصار
هذي الشبيبة قل لها لا تحجمي / ما في ثبات المقدمين شنار
لك من يراع الكاتبين صوارم / ولديك منهم جحفل جرار
ترمي العداة اليك سهم سمومها / ويذود عنك الواحد القهار
دعهم كما شاؤوا ليوم حسابهم / فلهم كما شاء الهوى اطوار
إنا قد اخترناك خير مدافع / يرضى به الرحمن والمختار
ما بال عينك بالمدامع تسجم
ما بال عينك بالمدامع تسجم / رفقاً بنفسك فالقضاء محتم
قد عادت الذكرى فجدد عودها / بين الحشا جرحاً يثور فيؤلم
يا يوم كامل كنت يوماً قاتماً / كالليل اقبل وهو اسود اقتم
يا يوم لا كانت طلائعك التي / بالنحس أنذر وجهها المتجهم
ماذا حبوت القوم حتى انهم / أحيوك بالذكرى كانك موسم
انت الذي سلبت يداك رجاءهم / حتى غدا في كل بيت ماتم
انت الذي اذكيت ناراً لم يزل / بين الجوانح جمرها يتضرم
كيف العزاء وما لنا من بعده / عين تقر ولا فؤاد ينعم
يا موت مالك والبدور بافقها / حتى كانك بالبدور متيم
يا موت لا تزد القلوب من الاسى / ومن الهموم فكل قلب مفعم
صوبت اسهمك التي فوقتها / نحو القلوب فلم تخنك الاسهم
هي وقعة جلل اثارت لوعة / منها تصدع يذبل ويلملم
هي قرحة نغرت فسال صديدها / والداء ينغر جرحه اذ يقدم
يا زهرة عنها تفتحت العلى / وسقي منابتها الربيع المرهم
لك في قلوب المسلمين محبة / لا تنقضي وعربي هو لا تفصم
فاسأل بلاد العرب هلا أبصرت / مسعاك تنجد في البلاد وتتهم
واسأل بلاد الترك هل لك بينها / صيت كصيت الفاتحين معظم
واسأل بلاد الفرس هل لك بينها / ذكر على الشاهات بات يقدم
واسأل بلاد الهند هل لك بينها / مجد على هام السماك مخيم
واسأل بلاد الشام هلا ابصرت / ذكراك تعرق في البلاد وتشئم
واسأل بلاد النيل هل لك بينها / ذكر من الهرم المشيد أدوم
واسأل بلاد المسلمين جميعها / تنبئك انك كنت نعم القيم
يكفيك فخراً بعد موتك انه / لم يأل جهداً في مديحك مسلم
لبيك يا من كنت مأرب امة / لولاك ما كنت تعز وتكرم
لبيك يا طوداً تهدم ركنه / فأريتنا كيف الجبال تهدم
لبيك يا بدرا تقلص ظله / ولكم اضاء به الطريق المبهم
انظر الينا من سمائك نظرة / تهدى الورى فالشك داج مظلم
همت الى العدوان بعدك عصبة / خانوا مواثيق البلاد وأجرموا
حلفوا برب البيت ان لا يصدقوا / وعلى الخيانة والغواية أقسموا
واستأسدوا وهم الذئاب مهانة / لما ثوى تحت التراب الضيغم
واشدهم كيداً وأمرسهم اذى / ذاك الذي تاقت اليه جهنم
لو كنت حاضر أمره لأريته / كيف اعوجاج المارقين يقوم
وأريته أين السبيل الى الهدى / حتى يبين له الطريق الاقوم
ما لاح الا لاح تحت قبائه / لؤم امام الناظرين مجسم
هل غيره بالمخزيات ملفح / او غيره بالمزريات معمم
هو شر من وطئت له وجه الثرى / قدم وأخبث من يدب وألأم
ظهرت عليه للغواية شارة / وبدا عليه للخيانة ميسم
ونضى على الاوطان صارم حقده / ومضى ونار الحقد في تدمدم
والحق يبرأ غير مكترث بما / يرويه عنه الحانق المتحدم
فدعوه يبتدع الضلال سفاهة / ودعوه يقترف الذنوب ويأثم
فمن البلية زجر من لا يرعوى / عن غيه وخطاب من لا يفهم
ولتحذر الاحداث نفث سمومه / عند التقلب فهو صل ارقم
وليسقط الغاوي فعند سقوطه / يدري بما اقترفت يداه ويعلم
وهمت مطامعه بانا معشر / لدن القناة فساء ما يتوهم
من ذل بين العالمين فعيشه / لو كان يدريه الذليل محرم
قومي ولا ادعو سواكم معشراً / أخشى عليهم ان يقال استسلموا
قومي لقد حان التيقظ فانشدوا / مجداً لكم ضيعتموه ونمتم
من بات ينشد حقه متوخياً / فيه الثبات فانه لا يهضم
ردوا الى القسطاط سابق عهدها / حتى يضوع اريجها المتنسم
هي روضة المعمور فاسقوا دوحها / بالعلم يورق فرعها المتهشم
وانضوا من العرفان أو آياته / والفخر الا الحاذق المتعلم
لم يألف الجهل المذمم خامل / في الناس الا عاش وهم ذمم
هذي المعاهد ناطقات انها / لم يبق منها اليوم الا الارسم
فابنوا الرجال بهمة تعلو السهى / حتى يطال الشامخ المتسنم
سيروا على قدم الثبات ولا تنوا / واسعوا الى طلب الجلاء وأقدموا
لم يبلغ النصر المؤثل معشر / وطدوا نفوسهم على ان يهزموا
أفريد يا ابن الاكرمين تحية / من شاعر لعقود مدحك ينظم
أفريد تقرئك السلام معاشر / مدوا اليك يد الولاء وسلموا
حصنت بيضتهم وصنت ذمارهم / بعزيمة قد أصغرت ما استعظموا
ركبوا مطايا الحزم نحو رئيسهم / اذ انت بينهم الاجلّ الاحزم
فاضرب برأيك في مواقف جمة / فالرأي في بعض المواقف مخذم
واحمل بعزمك حملة تعنو لها / بيض الصوارم والقنا المتحطم
ان الملوك على ضخامة ملكهم / لم يفضلوك وأنت انت وهم هم
لولا وراثة ملكهم ما زانهم / عرش ولا حاط الركاب عرمرم
حكموا على الدنيا وانت حيالهم / ملك على عرش القلوب محكم
نفس تجشمت الصعاب وراقها / ان في سبيل اللَه ما تتجشم
فاذا حكمت فان حكمك نافذ / واذا امرت فان امرك مبرم
ايها خليفة كامل في امة / ان قدتها نحو الردى لا تحجم
أودي فظن المارقون وأوهموا / ان ليس بعد الليث من يتقدم
حتى تقدمت الصفوف فكنته / سيفاً اذا ما هز لا يتثلم
فسقى ضريحاً بات فيه موسداً / ودق يرن به الاجش المرزم
وعليه من صلوات ربك رحمة / ما ناح فوق الايك طير اعجم
هون عليك ولا تظن خلودا
هون عليك ولا تظن خلودا / عهد المظالم لا يطول بعيدا
أسمعتم قصف المدافع ممطراً / مثوى الطغاة صواعقاً ورعودا
ما كان ضر الظالمين لو أنهم / صدقوا الاله مواثقاً وعهودا
ألفوا الشقاق فاججوا جمراً له / كانت عظام الابرياء وقودا
عبر تخبر كل طاغ انه / يوما ملاق حتفه المورودا
عبر ترد الجائرين وحسبهم / عظة ان اغتبقوا العذاب شديدا
عبر تضاعف للبغاة حسابهم / وكفى عليهم بالاله شهيدا
جاروا فان سئلوا اجابوا انهم / يقفون آباء لهم وجدودا
ان الملوك اذا استبدوا أصبحت / أيامهم رهن الحوادث سودا
ورأوا قلوب العاملين حقيبة / ملئت ضغائن نحوهم وحقودا
حتى اذا شهر المضيم حسامه / كانت له مهج الجفاة غمودا
هم أججوا بيد التعسف فتنة / حفروا لهم في جوفها اخدودا
ماذا يؤَمله القويّ ببطشه / حتى يعد سلاسلا وقيودا
تركوه في أقصى البلاد مقيداً / حيران يلتمس الحياة شريدا
وهو الذي كانت تموج بلفظة / منه البطاح جحافلاً وبنودا
أيام لا يسطو القضاء بصرفه / الا وبات بأمره مردودا
أيام لا قدر يرى جبروته / الا تكفأ خاشعاً رعديدا
تركوه منصدع الفؤاد من الاسى / لا يستفيق ولا يذوق هجودا
تركوه يبكي الحي أزهر ناضراً / والقصر محتشد الرحاب مشيدا
والبحر ملتطم العباب بفلكه / والمجد أجمع طارفا وتليدا
والغيد في أفق الجمال تألقت / مثل النجوم قلائداً وعقودا
والساحرات نواظراً ولواحظاً / والفاتنات سوالفاً وخدودا
وغوانيا هن الظباء محاجراً / وجواريا هن الغصون قدودا
والحظ معتنق السماك محلقاً / والعيش مخضر الجناب رغيدا
واليانعات وما حوت من نضرة / والباسقات وطلعها المنضودا
ان التذكر هاجني فارثوا له / بين الملوك وودعوه حميدا
تاللَه يا عبد الحميد لو أنني / رمت المزيد لما وجدت مزيدا
عودت شعبك أن يعيش مشرداً / وكذاك راقك أن يرى مصفودا
أعزز علينا أن نراك خليفة / نائي المزار عن البلاد طريدا
كم طؤطئت هام لديك لمعشر / تلوا جبينهم لديك سجودا
فانزل على ضيق المقام بمنزل / قفر وودع قصرك المعهودا
قضى الخلاف فنم بسربك آمناً / سبحان ربك مبدئاً ومعيدا
يا حزب تركيا الفتاة تحية / من شاعر يزجي الثناء قصيدا
قد كان قبلك للسعاية مسلك / واليوم بات طريقها مسدودا
هذي فروق تموجت بجموعكم / كالغاب يجمع أشبلا وأسودا
اللابسين اذا ادلهمت نكبة / حلق الحديد مضاعفاً مسرودا
الخائضين عباب كل ملمة / يلقون فيها الفوز والتأييدا
الزاحفين بكل ليث أغلب / عبل السواعد يصرع الصنديدا
فاشهر من الآراء رأيا كلما / عجموه عند الروع كان سديدا
حقق لهم ما يبتغون فانهم / القوا لك المفتاح والاقليدا
يبقى لك التاريخ في صفحاته / ذكراً على مر الدهور مجيدا
يا جيش عثمان وأشجع من نضى / يوم الخطوب سنوراً وحديدا
انهض بارضك نهضة ترضي النبيّ / وقف هنالك موقفاً مشهودا
وانشر لواءك ان تحت خفوقه / ظلا على من ينضوي ممدودا
واسترجع الملك القديم وعهده / وارفع عليه لواءك المعقودا
أمحمد يا صاحب العرش الذي / أصبحت سلطاناً عليه جديدا
جدد زمان الراشدين وعدلهم / لتعد بين المالكين رشيدا
وادأب على الشورى وسابق عهدها / ليكون عصرك بالوفاق سعيدا
فلقد عرفت من الشريعة انها / ساوت لديها سيداً ومسودا
وانف قبور الوائدين فانها / ضمت زماناً شعبك الموؤُودا
القت عليك الحادثات بوعظها / درساً اذا أخذوه عنك مفيدا
قد كنت تمشي في السجون ودورها / مشياً كمشي المثقلات وئيدا
عبر تريك قضاءَ ربك ماثلا / فخف الاله القادر المعبودا
انظر اخاك اليوم بين هواجس / تركته رعديداً وكان جليدا
أنت الاحق بعقد بيعتها ضحى / وهو الاحق بان يعيش وحيدا
ولئن عدلت فسوف تسمع شاعراً / لبقا بتنسيق الثناء مجيدا
يطرى امير المؤمنين ويجتلى / يوم التيمن وجهه المسعودا
يا مصر كيف نراك أول امة / تبني لها ذكر العلاء وطيدا
هذي فروق تفاخرت برجالها / وبهم تناهت رفعة وصعودا
خير البرية أمة لا تنثني / عن عزمها أو تبلغ المقصودا
يا أمة التاريخ هلا همة / شماء تدني المطلب المنشودا
قد شفنا صرف الزمان بائه / حتى غدونا أعظما وجلودا
لاتهملوا فالداء ان يهمل يكن / داءً يبرح بالجسوم عهيدا
نفد المداد من الدواة ولم نزل / نشكو خمولاً منكم وجمودا
فتجاذبوا حبل الاخاء وزحزحوا / حجرا على قلب البلاد صلودا
إن لا يكن مجد فبئست عيشة / تبكون فيها السؤدد المفقودا
أولا يكن عز فكونوا أمة / لا تستطيع مع الهوان خلودا
ملك الملوك عروشهم وتبوؤُا / منها الجلال ولم ينوا مجهودا
ساروا على قدم الحظوظ فأصبحوا / فينا ملوكاً أو خلائق صيدا
وطن يؤمل منكم أن تبذلوا / مهجا تتوق الى العلى وكبودا
حتى نرى مصراً تألق نجمها / وتبدلت بعد النحوس سعودا
اجعل عزاءَك في الوزير جميلا
اجعل عزاءَك في الوزير جميلا / اعزز علينا أن يموت قتيلا
أودى فغادر للطوائف مقلة / تبكي الوزارة والدم المطلولا
أجرت يد القدر الرهيب دماءَه / حمراء تحكي العسجد المحلولا
لو كان في شعري ازاهر تجتني / لقطفتها وجعلتها اكليلا
واللَه لولا داء قلبي ما غدا / قلمي بغير رثائه مشغولا
ماذا يقال لبطرس واميره / أسدى له التعظيم والتبجيلا
أنعم وأكرم بالامير وركبه / لازال موفور الجناب جليلا
ما زال يعني بالفقير وحاله / حتى رآه فزاده تقبيلا
في ذمة اللَه الكريم مضرجاً / ارخت عليه يد القضاء سدولا
اليوم لا ترجو الكنانة بعده / الا الهمام الماجد البهلولا
فاذا عنيت سعيدها بتهائ / فلقد اصبت وقد مدحت نبيلا
اسعيد اني قد عهدتك مدرها / ان قال قولاً كان أبلغ قيلا
أو شاء ان ينضي اليراع أصاره / يحكي الصوارم رنة وصليلا
فاشهر يراعك بعد طول سكونه / عهدي به ماضي الغرار صقيلا
أنت الذي كنا نؤمله لنا / يوم الخطوب فحقق التأميلا
اسعيد لاتك واقفاً متحيراً / ترنو وتكتم في الفواد غليلا
أعزز علينا ان تكون مفوهاً / ويكون سيفك في النضال كليلا
باللَه لا تدع القناة لمعشر / وكلوا القناة الى ابن اسماعيلا
في كل يوم نبتلي بمعاشر / قد مثلوهم بيننا تمثيلا
ليت الامير أنالنا ما نبتغي / ما دام ينوي هجرة ورحيلا
ليت الامير انالنا ما نبتغي / مذ كان بين الهيأتيت رسولا
اذ كانت الشورى تتوق لعهده / والعهد اصبح عنده مسؤولا
بأبي فديت لقد مضي العهد الذي / ذقنا به سوط العذاب وبيلا
عشنا قروناً ليس تحصى أمة / لا تستطيع الى الكلام سبيلا
عشنا زماناً كم به من نقمة / هطلت علينا بكرة واصيلا
اسعيد سلنا عن سياط جمة / نزلت علينا كالرجوم نزولا
ماذا اقول وأنت اكبر عالم / بالغابرات من القرون الاولى
انت الذي تصف الدواء لعلة / نزلت بشعب لا يزال عليلا
اسعيد فاعمل ما استطعت لامة / أضحى لحذقك أمرها موكولا
ولاك عباس كيان امورها / واختار شخصك للبلاد كفيلا
اليوم يبلوك الامير فكن له / عوناً تسوس مع الامير النيلا
لا زال محروس الاريكة بالغاً / من دهره المرجوّ والمأمولا
ان كنت ذات قلى وذات دلال
ان كنت ذات قلى وذات دلال / فالصب ذو شغف وذو آمال
ان خفت ان تصلي فأسلو بعدها / هذي يميني لم أكن بالسالي
الحسن يا اخت الاغن كزهرة / في الروض تذبل بعض بضع ليال
لا تتركي فرس الهوى فالحسن في / إدباره والشيب في الاقبال
اسمعت ان خريدة في عصرها / بقيت مدى الايام ذات جمال
ان الفتاة اذا تصوّح حسنها / حنت ليوم تشمر الاذيال