المجموع : 14
يا اِبنَ الشَريدِ عَلى تَنائي بَينِنا
يا اِبنَ الشَريدِ عَلى تَنائي بَينِنا / حُيِّيتَ غَيرَ مُقَبَّحٍ مِكبابِ
فَكِهٌ عَلى خَيرِ الغِذاءِ إِذا غَدَت / شَهباءُ تَقطَعُ بالِيَ الأَطنابِ
أَرِجُ العِطافِ مُهَفهَفٌ نِعمَ الفَتى / مُتَسَهِّلٌ في الأَهلِ وَالأَجنابِ
حامي الحَقيقِ تَخالُهُ عِندَ الوَغى / أَسَداً بِبيشَةَ كاشِرَ الأَنيابِ
أَسَداً تَناذَرَهُ الرِفاقُ ضُبارِماً / شَثنَ البَراثِنِ لاحِقَ الأَقرابِ
فَلَئِن هَلَكتَ لَقَد غَنيتَ سَمَيذَعاً / مَحضَ الضَريبَةِ طَيِّبَ الأَثوابِ
ضَخمَ الدَسيعَةِ بِالنَدى مُتَدَفِّقاً / مَأوى اليَتيمِ وَغايَةَ المُنتابِ
يا عَينِ جودي بِالدُموعِ
يا عَينِ جودي بِالدُموعِ / المُستَهِلّاتِ السَوافِح
فَيضاً كَما فاضَت غُروبُ / المُترَعاتِ مِنَ النَواضِح
وَاِبكي لِصَخرٍ إِذ ثَوى / بَينَ الضَريحَةِ وَالصَفائِح
رَمساً لَدى جَدَثٍ تُذيعُ / بِتُربِهِ هوجُ النَوافِح
السَيِّدُ الجَحجاحُ وَاِبنُ / السادَةِ الشُمِّ الجَحاجِح
الحامِلُ الثِقَلَ المُهِمُّ / مِنَ المُلِمّاتِ الفَوادِح
الجابِرُ العَظمَ الكَسيرَ / مِنَ المُهاصِرِ وَالمُمانِح
الواهِبُ المِئَةِ الهِجانِ / مِنَ الخَناذيذِ السَوابِح
الغافِرُ الذَنبِ العَظيمِ / لِذي القَرابَةِ وَالمُمالِح
بِتَعَمُّدٍ مِنهُ وَحِلمٍ / حينَ يَبغي الحِلمَ راجِح
ذاكَ الَّذي كُنّا بِهِ / نَشفي المِراضَ مِنَ اجَوانِح
وَيَرُدَّ بادِرَةَ العَدُوِّ / وَنَخوَةَ الشَنِفِ المُكاشِح
فَأَصابَنا رَيبُ الزَمانِ / فَنالَنا مِنهُ بِناطِح
فَكَأَنَّما أُمَّ الزَمانُ / نُحورَنا بِمُدى الذَبائِح
فَنِساؤُنا يَندُبنَ نَوحاً / بَعدَ هادِيَةِ النَوائِح
يَحنُنَّ بَعدَ كَرى العُيونِ / حَنينَ والِهَةٍ قَوامِح
شَعِثَت شَواحِبَ لا يَنينَ / إِذا وَنى لَيلُ النَوائِح
يَندُبنَ فَقدَ أَخي النَدى / وَالخَيرِ وَالشِيَمِ الصَوالِح
وَالجودِ وَالأَيدي الطِوالِ / المُستَفيضاتِ السَوامِح
فَالآنَ نَحنُ وَمَن سِوانا / مِثلُ أَسنانِ القَوارِح
يا عَينِ جودي بِالدُموعِ
يا عَينِ جودي بِالدُموعِ / فَقَد جَفَت عَنكِ المَراوِد
وَاِبكي لِصَخرٍ إِنَّهُ / شَقَّ الفُؤادَ لِما يُكابِد
المُستَضافِ مِنَ السِنينَ / إِذا قَسا مِنها المَحارِد
حينَ الرِياحُ بَلائِلٌ / نُكبٌ هَوائِجُها صَوارِد
يَنفينَ عَن ليطِ السَماءِ / ظَلائِلاً وَالماءُ جامِد
مِزَقاً تُطَرِّدُها الرِياحُ / كَأَنَّها خِرَقٌ طَرائِد
وَالمالُ عِندَ ذَوي البَقِي / يَةِ وَالغِنى خُذُمٌ شَرائِد
فَيَفُكُّ كُربَةَ مَن تَمَخ / خَخَ نِقيَةَ الدُوَلِ الجَهائِد
حَتّى يَؤوبَ بِما يَؤوبُ / كَثيرَ فَضلِ العُرفِ حامِد
وَنَداكَ مُحتَضَرٌ وَنو / رُكَ في دُجى الظَلماءِ واقِد
لَو تُرسَلُ الإِبلُ الظِما / ءُ يَسُمنَ لَيسَ لَهُنَّ قائِد
لَتَيَمَّمَتكَ يَدُلُّها / جَدواكَ وَالسُبُلُ المَوارِد
وَالناسُ سابِلَةٌ إِلَي / كَ فَصادِرٌ بِغِنىً وَوارِد
يَغشَونَ مِنكَ غُطامِطاً / جاشَت بِوابِلِهِ الرَواعِد
يا اِبنَ القُرومِ ذَوي الحِجى / وَاِبنَ الخَضارِمَةِ المَرافِد
وَاِبنَ المَهائِرِ لِلمَها / ئِرِ زانَها الشِيَمُ المَواجِد
وَحُماةِ مَن يُدعى إِذا / ما طارَ عِندَ المَوتِ عارِد
وَمَعاصِمٍ لِلهالِكي / نَ وَساسَةٍ قِدَماً مَحاشِد
يا اِبنَ الشَريدِ وَخَيرَ قَيسٍ كُلَّها
يا اِبنَ الشَريدِ وَخَيرَ قَيسٍ كُلَّها / خَلَّفتَني في حَسرَةٍ وَتَبَلُّدِ
فَلَأَبكِيَنَّكَ ما سَمِعتُ حَمامَةً / تَدعو هَديلاً في فُروعِ الفَرقَدِ
أَنتَ المُهَنَّدُ مِن سُلَيمٍ في العُلى / وَالفَرعُ لَم يَسبِ الكِرامَ بِمَشهَدِ
قَد كُنتَ حِصناً لِلعَشيرَةِ كُلَّها / وَخَطيبَها عِندَ الهُمامِ الأَصيَدِ
فَاِذهَب وَلا تَبعَد وَكُلُّ مُعَمِّرٍ / سَيَذوقُ كَأسَ مَنِيَّةٍ بِتَنَكُّدِ
لِلَّهِ دَرُّ بَني نَهاسِرَ إِنَّهُم / هَدَموا العَمودَ وَأَدرَكوا بِالأَسوَدِ
ضَخمَ الدَسيعَةِ ماجِداً أَعراقُهُ / كَالبَدرِ أَو في طَلعَةٍ كَالأَسعُدِ
طَرَقَ النَعِيُّ عَلى صُفَينَةَ غُدوَةً
طَرَقَ النَعِيُّ عَلى صُفَينَةَ غُدوَةً / وَنَعى المُعَمَّمَ مِن بَني عَمروِ
حامي الحَقيقَةِ وَالمُجيرَ إِذا / ما خيفَ حَدُّ نَوائِبِ الدَهرِ
الحَيُّ يَعلَمُ أَنَّ جَفنَتَهُ / تَغدو غَداةَ الريحِ أَو تَسري
فَإِذا أَضاءَ وَجاشَ مِرجَلُهُ / فَلَنِعمَ رَبَّ النارِ وَالقِدرِ
أَبلِغ مَوالِيَهُ فَقَد رُزِئوا / مَولىً يَريشُهُمُ وَلا يَشري
يَكفي حُماتَهُمُ وَيَمنَحُهُم / مِئَةً مِنَ العِشرينَ وَالعَشرِ
تُروي سِنانَ الرُمحِ طَعنَتُهُ / وَالخَيلُ قَد خاضَت دَماً يَجري
قَد كانَ مَأوى كُلِّ أَرمَلَةٍ / وَمُقيلَ عَثرَةِ كُلُّ ذي عُذرِ
تَلقى عِيالَهُمُ نَوافِلُهُ / فَتُصيبُ ذا المَيسورِ وَالعُسرِ
أَبَني سُلَيمٍ إِن لَقَيتُم فَقعَساً
أَبَني سُلَيمٍ إِن لَقَيتُم فَقعَساً / في مَحبَسٍ ضَنكٍ إِلى وَعرِ
فَاِلقَوهُمُ بِسُيوفِكُم وَرِماحِكُم / وَبِنَضخَةٍ في اللَيلِ كَالقَطرِ
حَتّى تَفُضّوا جَمعَهُم وَتَذَكَّروا / صَخراً وَمَصرَعَهُ بِلا ثَأرِ
وَفَوارِساً مِنّا هُنالِكَ قُتِّلوا / في عَشرَةٍ كانَت مِنَ الدَهرِ
لاقى رَبيعَةَ في الوَغى فَأَصابَهُ / طَعنٌ بِجائِفَةٍ إِلى الصَدرِ
بِمُقَوَّمٍ لَدنِ الكُعوبِ سِنانُهُ / ذَربِ الشَباةِ كَقادِمِ النِسرِ
وَنَجا رَبيعَةُ يَومَ ذَلِكَ مُرهَقاً / لا يَأتَلي في جودِهِ يَجري
فَأَتَت بِهِ أَسَلَ الأَسِنَّةِ ضامِرٌ / مِثلُ العُقابِ غَدَت مِنَ الوَكرِ
وَلَقَد أَخَذنا خالِداً فَأَجارَهُ / عَوفٌ وَأَطلَقَهُ عَلى قَدرِ
وَلَقَد تَدارَكَ رَأيَنا في خالِدٍ / ماساءَ خَيلاً آخِرَ الدَهرِ
يا عَينِ جودي بِالدُموعِ
يا عَينِ جودي بِالدُموعِ / عَلى الفَتى القَرمِ الأَغَر
أَبيَضُ أَبلَجُ وَجهُهُ / كَالشَمسِ في خَيرِ البَشَر
وَالشَمسُ كاسِفَةٌ لِمَهلَكِهِ / وَما اِتَّسَقَ القَمَر
وَالإِنسُ تَبكي وُلَّهاً / وَالجِنُّ تُسعِدُ مَن سَمَر
وَالوَحشُ تَبكي شَجوَها / لَمّا أَتى عَنهُ الخَبَر
المِدرَهُ الفَيّاضُ يَحمِلُ / عَن عَشيرَتِهِ الكِبَر
يُعطي الجَزيلَ وَلا يَمُنَّ / وَلَيسَ شيمَتُهُ العَسَر
وَيلي عَلَيهِ وَيلَةً / أَصبَحتُ حِصني مُنكَسِر
ياصَخرُ مَن لِحَوادِثِ الدَهرِ
ياصَخرُ مَن لِحَوادِثِ الدَهرِ / أَم مَن يُسَهِّلُ راكِبَ الوَعرِ
كُنتَ المُفَرِّجَ ما يَنوبُ فَقَد / أَصبَحتَ لا تُحلي وَلا تُمري
يُحثى التُرابُ عَلى مَحاسِنِهِ / وَعَلى غَضارَةِ وَجهِهِ النَضرِ
جارى أَباهُ فَأَقبَلا وَهُما
جارى أَباهُ فَأَقبَلا وَهُما / يَتَعاوَرانِ مُلاءَةَ الفَخرِ
حَتّى إِذا نَزَتِ القُلوبُ وَقَد / لَزَّت هُناكَ العُذرَ بِالعُذرِ
وَعَلا هُتافُ الناسِ أَيَّهُما / قالَ المُجيبُ هُناكَ لا أَدري
بَرَزَت صَحيفَةُ وَجهِ والِدِهِ / وَمَضى عَلى غُلوائِهِ يَجري
أَولى فَأَولى أَن يُساوِيَهُ / لَولا جَلالُ السِنِّ وَالكِبرِ
وَهُما كَأَنَّهُما وَقَد بَرَزا / صَقرانِ قَد حَطّا عَلى وَكرِ
أَسَدانِ مُحمَرّا المَخالِبِ نَجدَةً
أَسَدانِ مُحمَرّا المَخالِبِ نَجدَةً / بَحرانِ في الزَمَنِ الغَضوبِ الأَنمَرِ
قَمَرانِ في النادي رَفيعا مَحتِدٍ / في المَجدِ فَرعا سُؤدُدٍ مُتَخَيَّرِ
يا عَينِ إِبكي فارِساً
يا عَينِ إِبكي فارِساً / حَسَنَ الطِعانِ عَلى الفَرَس
ذا مِرَّةٍ وَمَهابَةٍ / بَينا نُؤَمِّلُهُ اِختُلِس
بَينا نَراهُ بادِياً / يَحمي كَتيبَتَهُ شَرِس
كَاللَيثِ خَفَّ لِغيلِهِ / يَحمي فَريسَتَهُ شَكِس
يَذَرُ الكَمِيَّ مُجَدَّلاً / تَرِبَ المَناخِرِ مُنقَعِس
خَضَبَ السِنانَ بِطَعنَةٍ / فَالنَفسُ يَحفِزُها النَفَس
فَالطَيرُ بَينَ مُراوِدٍ / يَدنو وَآخَرَ مُنتَهِس
نِعمَ الفَتى عِندَ الوَغى / حينَ التَصايُحِ في الغَلَس
فَلَأَبكِيَنَّكَ سَيِّداً / فَصلَ الخِطابِ إِذا اِلتَبَس
مَن ذا يَقومُ مَقامَهُ / بَعدَ اِبنِ أُمّي إِذ رُمِس
أَو مَن يَعودُ بِحِلمِهِ / عِندَ التَنازُعِ في الشَكَس
غَيثُ العَشيرَةِ كُلُّها / الغائِرينَ وَمَن جَلَس
أَبكي عَلى البَطَلِ الَّذي
أَبكي عَلى البَطَلِ الَّذي / جَلَّلتُمُ صَخراً ثِقالا
مُتَحَزِّماً بِالسَيفِ يَركَبُ / رُمحَهُ حالاً فَحالا
يا صَخرُ مَن لِلخَيلِ إِذ / رُدَّت فَوارِسُها عِجالا
مُتَسَربِلي حَلَقِ الحَديدِ / تَخالُهُم فيهِ جِمالا
وَيلي عَلَيكَ إِذا تَهُبُّ / الريحُ بارِدَةً شَمالا
وَالحَيدَرُ الصُرّادُ لَم / يَكُ غَيمُها إِلّا طِلالا
لِيُرَوِّعَ القَومَ الَّذينَ / نَعُدُّهُم فينا عِيالا
خَيرُ البَرِيَّةِ في قِرىً / صَخرٌ وَأَكرَمُهُم فِعالا
وَهُوَ المُؤَمَّلُ وَالَّذي / يُرجى وَأَفضَلُها نَوالا
يا عَينِ جودي بِالدُموعِ
يا عَينِ جودي بِالدُموعِ / المُستَهِلّاتِ السَواجِم
فَيضاً كَما اِنخَرَقَ الجُمانُ / وَجالَ في سِلكِ النَواظِم
وَاِبكي مُعاوِيَةَ الفَتى / وَاِبنَ الخَضارِمَةِ القُماقِم
وَالحازِمَ الباني العُلى / في الشاهِقاتِ مِنَ الدَعائِم
تَلقى الجَزيلَ عَطاؤُهُ / عِندَ الحَقائِقِ غَيرَ نادِم
أَسقى الإِلَهُ ضَريحَهُ / مِن صَوبِ دائِمَةِ الرَهائِم
مَن حَسَّ لي الأَخَوَينِ
مَن حَسَّ لي الأَخَوَينِ / كَالغُصنَينِ أَو مَن راهُما
أَخَوَينِ كَالصَقرَينِ لَم / يَرَ ناظِرٌ شَرواهُما
قَرمَينِ لا يَتَظالَمانِ / وَلا يُرامُ حِماهُما
أَبكي عَلى أَخَوَيَّ / وَالقَبرِ الَّذي واراهُما
لا مِثلَ كَهلِيَ في الكُهولِ / وَلا فَتىً كَفَتاهُما
رُمحَينِ خَطِّيَّينِ في / كَبِدِ السَماءِ سَناهُما
ما خَلَّفا إِذ وَدَّعا / في سُؤدُدٍ شَرواهُما
سادا بِغَيرِ تَكَلُّفٍ / عَفواً بِفَيضِ نَداهُما