المجموع : 20
باسم الحُسين دَعا نَعاءِ نَعاءِ
باسم الحُسين دَعا نَعاءِ نَعاءِ / فَنَعى الحياةَ لسائرِ الأحياءِ
وقَضى الهلاكُ على النُّفوسِ وإنما / بقيتْ ليبقى الحُزنُ في الأحشاءِ
يومٌ به الأحزانُ مازجَتِ الحَشى / مثلَ امتزاجِ الماءِ بالصهباءِ
لم أنسَ إذ تركَ المدينةَ وراداً / لا ماءَ مَدْينَ بل نجيعَ دِماءِ
قد كانَ موسى والمنيةُ إذ دَنتْ / جاءتهُ ماشيةً على استِحْياءِ
وله تجَلّى اللهُ جلَّ جَلالُهُ / من طورِ وادي الطَّفِّ لا سَيناءِ
فهُناكَ خرَّ وكلُّ عُضوٍ قد غَدا / منه الكليمُ مُكَلَّمَ الأحشاءِ
يا أيُّها النبأُ العظيمُ إليك في / أَبْناكَ مني أعظمَ الأنباءِ
إِنَّ اللّذَيْنِ تَسرَّعا يَقِيانِكَ الـ / أَرْماحَ في صِفّينَ بالهَيْجاءِ
فَأَخَذْتَ في عَضُدَيهِما تَثْنيهِما / عَمّا أمامَك من عظيمِ بَلاءِ
ذا قاذفٌ كبِدًا لهُ قِطَعاً وذا / في كَرْبلاءَ مُقطَّعُ الأعْضاءِ
مُلقًى على وَجْهِ الصَّعيدِ مُجرَّداً / في فتيةٍ بِيضِ الوُجوهِ وِضاءِ
تلكَ الوُجوهُ المُشْرِقاتُ كأنَّها / الأقمارُ تَسبحُ في غَديرِ دِماءِ
رَقَدوا وما مرَّتْ بهم سِنَةُ الكَرى / وَغَفَت جُفونُهُمُ بِلا إِغفاءِ
مُتَوَسِّدينَ من الصَّعيدِ صُخورَهُ / مُتَمَهِّدينَ خُشونةَ الحَصْباءِ
مُدَّثِرينَ بَكَربلا سَلَبَ القَنا / مُزَّمِلينَ عَلى الرُّبى بِدِماءِ
خُضِبوا وما شابوا وكان خِضابُهُمْ / بِدَمٍ مِن الأَوْداجِ لا الحِنّاءِ
أطفالُهُم بَلَغوا الحُلومَ بِقُربِهِم / شَوقاً من الهَيجاءِ لا الحَسناءِ
وَمُغَسَّلينَ ولا مِياهَ لهم سِوى / عَبراتِ ثَكلى حَرَّةِ الأحْشاءِ
أَصواتُها بَحَّت فهُنَّ نَوائِحٌ / يَنْدُبْنَ قَتْلاهُنَّ بالإيماءِ
أنّى التَفَتْنَ رأَيْنَ ما يُدْمي الحَشى / من نَهبِ أَبياتٍ وَسَلبِ رِداءِ
تَشكو الهوانَ لنَدْبِها وكأنَّهُ / مُغْضٍ وما فيه من الإغْضاءِ
وتَقولُ عاتبةً عليه وما عسى / يُجْدي عِتابُ مُوَزَّعِ الأَشلاءِ
قد كُنتَ للبُعَداءِ أَقرَبَ مُنْجِدٍ / واليومَ أبعدُهُم عَن القُرباءِ
أَدعوكَ مِن كَثَبٍ فَلَم أَجِدُ الدُّعا / إلا كما ناديتَ للمُتَنائي
قد كُنتُ في الحَرَمِ المَنيعِ خَبيئةً / واليومَ نَقْعُ اليَعْمَلات خِبائي
أُسْبى ومِثلُكَ مَن يَحوطُ سُرادِقي / هذا لَعَمْري أَعظَمُ البُرَحاءِ
ماذا أَقولُ إذا التقيتُ بِشامتٍ / إنّي سُبيتُ وإخْوَتي بِإزائي
حَكَمَ الحِمامُ عَلَيكُمُ أن تُعرِضوا / عنّي وأَنْ طَرَقَ الهَوانُ فِنائي
ما كُنتُ أَحْسَبُ أَنْ يَهونَ عَليكُمُ / ذُلّي وتَسْييري إلى الطُّلَقاءِ
هذي يَتاما كُمْ تَلوذُ بِبَعْضِها / ولكُمْ نِساءٌ تَلتَجي لِنِساءِ
عَجباً لقَلْبي وهْوَ يَأْلَفُ حُبَّكُم / لِمْ لا يَذوبُ بِحُرقَةِ الأَرْزاءِ
وَعَجِبتُ مِن عَيني وقَدْ نَظَرَتْ إِلى / ماءِ الفُراتِ فَلَمْ تَسَلْ في الماءِ
وأَلومُ نَفْسي في امتْدادْ بَقائِها / إذْ لَيسَ تَفْنى قَبْلَ يَومْ فَناءِ
ما عُذْرُ من ذَكَرَ الطُّفوفَ فلَمْ يَمُتْ / حُزناً بِذِكرِ الطّاءِ قَبلَ الفاءِ
إنّي رَضيتُ مِن النَّواظِرِ بالبُكا / ومِن الحَشى بِتَنَفُّسِ الصُعَداءِ
ما قَدْرُ دَمْعي في عَظيمِ مُصابِكم / إلا كَشُكرِ اللهِ في الآلاءِ
وكِلاهُما لا يَنْهَضانِ بِواجِبٍ / أَبَداً لدى الآلاءِ والأَرْزاءِ
زَعَمَتْ أُمَيَّةُ أنَّ وَقْعَةَ دارِها / مِثْلُ الطُّفوفِ وذاكَ غَيرُ سَواءِ
أَينَ القَتيلُ عَلى الفِراشِ بِذِلَّةٍ / مِن خائِضِ الغَمَراتِ في الهَيْجاءِ
شَتّانَ مَقتولٌ عليهِ عِرْسُهُ / تَهوي وَمَقتولٌ عَلى الوَرْهاءِ
لَيْسَ الذي اتَّخَذَ الجِدارَ مِنَ القَنا / حِصْناً كَمُقْريهِنَّ في الأَحْشاءِ
لم أنس وقعة كربلاءٍ وإن
لم أنس وقعة كربلاءٍ وإن / أنسى الرزايا بعضها بعضا
من أين بعد البسط مفتقدٌ / فيكون عضب مصابه أمضى
قالوا الحسين لا جلكم كرماً / شرب الحتوف فقلت لا أرضى
أرضى بان أرد الجيحم ولا / يرد الردى قتلاً ولا قبضا
بابي أباة لم ترد أبداً / ضيماً سقت بدمائها الأرضا
هي لا تبالي أن يصاب لها / هامٌ إذا حاطت عرضا
ولطالما اضطرب الشآم إذا / أبدى الحجاز بقضبهم ومضا
لم أنس زينب إذ تقول وقد / كض المصاب فؤادها كضا
للَه رزء قد أصاب لنا / ندباً فعطل بعده الفرضا
ومضى بصحة ديننا فغدا / حتى المعاد يعد في المرضى
وترد تدعو القوم واعظةً / إذ ليس يسمع كافرٌ وعظا
يا قوم قتلكم الحسين أما / يكفيكم عن صدره الرضا
أو ما كفاكم نهبكم خيم النسوا / ن عن أبرادها تنضى
أبديتم أصواتنا جزعاً / ولطالما هي تالف الغضا
أرقدتم عين الضلال بنا / ومنعتم عين الهدى غمضا
ما كان ذنب محمدٍ لكم / حتى قتلتم آله بغضا
الخيل واردةٌ وصاردةٌ / من فوق صدر سليله ركضا
ونساؤه تشكو وصبيته / حر الظما وحرارة الرمضا
وتقول وهي لهم موبخةٌ / ما لا يرون لبعضه دحضا
بالأمس أبرمنا عهودكم / واليوم أسرعتم لها نقضا
أكبادكم للغيظ أوعيةٌ / بالطف الفيم لها نفضا
فلشد ما ربضت كلابكم / حذر الأسود فلم تطق نهضا
جئتم بها شوهاء معظلةً / لا تملكون لعارها رحضا
هلْ بَعدَ موقِفِنا عَلى يَبْرينِ
هلْ بَعدَ موقِفِنا عَلى يَبْرينِ / أَحيا بِطَرفٍ بالدموعِ ضَنينِ
وادٍ إذا عاينتُ بَينَ طُلولِهِ / أَجْريتُ عَيني للحِسانِ العِينِ
فَتخالُ موسى في انْبْجاسِ مَحاجِري / مُستَسْقِياً للقومِ ماءَ جُفوني
طَلَلٌ نَظرتُ نُؤِيَّهُ مَحجوبةً / نَظَرَ الأهلةِ في السحابِ الجُونِ
تَحني على سُفْعِ الخُدودِ كَأَنَّها / سُودُ الإِماءِ حُمِلْنَ فَوقَ سَفينِ
لم تَخْبُ نارُ قَطينِهِ حتّى ذَكَتْ / نارُ الفِراقِ بقلبيَ المَحزونِ
الدَّهرُ أَقْرَضَهُ العِمارةَ بُرهةً / ثُمَّ انتحاهُ بِخِلْسَةِ المديونِ
وابْتاعَ جِدَّتَهُ الزَّمانُ بمُخْلِقٍ / ورَمى حِماهُ بصفقَةِ المَغْبونِ
قالَ الحُداةُ وقدْ حَبَسْتُ مَطِيَّهم / مِن بعدِ ما أَطلقْتُ ماءَ شُؤوني
ماذا وُقوفُكَ في مَلاعِبِ خُرَّدٍ / جَدَّ العَفاءُ برَبْعِها المَسكونِ
وَقَفوا مَعي حتى إِذا ما استَيْأَسوا / خَلَصوا نَجياً بعدما تَركوني
فكأَنَّ يوسُفَ في الدِّيارِ مُحَكَّمٌ / وكأَنّني بِصُواعِهِ اتَّهموني
وَيْلاهُ مِن قومٍ أَساءوا صُحْبَتي / مِن بعدِ إِحْساني لِكُلِّ قَرينِ
قَدْ كِدْتُ لَوْلا الحِلْمُ مِنْ جَزَعي لِما / أَلْقاهُ أَصْفِقُ بالشِّمالِ يَميني
لكِنَّما وَالدَّهرُ يَعلَمُ أَنّني / أَلْقى حَوادِثَهُ بِحلمِ رَزينِ
قَلبي يُقِلُّ مِنَ الهُموم جِبَالَها / وَتَسيخُ عَنْ حَمْلِ الرِّداءِ مُتوني
وَأَنا الذي لَمْ أَجْزَعَنْ لرَزِيَّةٍ / لَوْلا رَزاياكُمْ بَني ياسينِ
تلكَ الرَّازايا الباعثاتُ لمُهْجَتي / ما ليسَ يَبْعَثُهُ لَظى سِجّينِ
كيْفَ العَزاءُ لَها وَكُلَّ عَشِيَّةٍ / دَمَكمْ بِحُمْرَتِها السَّماءُ تُريني
وَالبَرقُ يُذْكِرُني وَميضَ صَوارمٍ / أَرْدَتْكُمُ في كَفِّ كلِّ لَعينِ
وَالرَّعدُ يُعرِبُ عَنْ حَنينِ نِسائِكُمْ / في كُلِّ لحَنٍ للشُّجونِ مُبينِ
يَندُبْنَ قَوْماً ما هَتَفْنَ بِذِكْرِهِم / إلّا تَضَعْضَعَ كُلُّ لَيْثِ عَرينِ
السالبينَ النَّفْسَ أَوَّلَ ضَرْبَةٍ / والمُلْبِسينَ المَوتَ كُلَّ طَعينِ
لو كل طعنةٍ فارِسٍ بِأَكُفِّهِمْ / لمْ يُخْلَقِ المِسْبارُ للمَطْعونِ
لا عَيْبَ فِيهم غَيرَ قَبْضِهِمُ اللِّوا / عِندَ اشْتِباكِ السُّمرِ قَبْضَ ضَنينِ
سلكوا بحاراً من دماء أمية / بظهور خيل لا بطون سفين
ما ساهموا الموت الزؤام ولا اشتكوا / نصباً بيوم بالردى مقرون
حتى إذا التقمتهم حوت القضا / وهي الأماني دون خير أمين
نبذتهم الهيجاء فوق تلاعها / كالنون ينبذ بالعرى ذا النون
فتخال كلاً ثم يونس فوقه / شجر القنا بدلاً من اليقطين
خذ في ثنائهم الجميل مقرضاً / فالقوم قد جلوا عن التأبين
هم أفضل الشهداء والقتلى الألى / مدحوا بوحي في الكتاب مبين
ليْتَ المَواكِبَ وَالوَصِيُّ زَعيمُها / وَقَفوا كَمَوْقِفِهِم عَلى صِفّينِ
بالطَّفِّ كَيْ يَرَوُا الأُلى فَوقَ القَنا / رَفَعَتْ مَصاحِفَها اتِّقاءَ مَنونِ
جَعَلَتْ رُؤوسَ بَني النَّبِيِّ مَكانَها / وَشَفَتْ قَديمَ لَواعِجٍ وَضُغونِ
وتَتَبَّعَتْ أَشْقى ثَمودَ وَتُبَّعٍ / وَبَنَتْ عَلى تَأْسيسِ كُلِّ لَعينِ
الواثبينَ لظلم آل محمد / ومحمد ملقى بلا تكفين
والقائلين لفاطم آذيتنا / في طول نوح دائم وحنين
والقاطعين أراكة كيما تقيل / بظل أوراق لها وغصون
ومجمعي حطب على البيت الذي / لم يجتمع لولاه شمل الدين
والقائدين أمامهم بنجاده / والطهر تدعو خلفه برنين
خلو ابن عمي أو لأكشف للدُّعا / رأسي وأشكو للإله شُجوني
ما كان ناقة صالح وفصليها / بالفضل عند اللهِ إلا دوني
ورنت إلى القبر الشريف بمقلةٍ / عبرى وقلب مكمد محزون
قالت وأظفار المصاب بقلبها / غوثاه قلَّ عَلى العُداةِ مُعيني
أبتاه هذا السامري وصحبه / تبعاً ومال الناس عن هارونِ
أي الرزايا أتقي بتجلدٍ / هو في النوائب مذ حَيِيتُ قَريني
فَقْدي أَبي أم غَصبُ بَعْلي حقَّه / أم كسرُ ضِلْعي أم سقوطُ جَنيني
أم أخذهم إرثي وفاضلَ نِحْلَتي / أم جهلهم حقي وقد عَرَفوني
قهروا يتيميك الحسينَ وصِنْوَه / وسألتهم حقي وقد نهروني
باعوا بضائع مكرهم وبزعمهم / ربحوا وما بالقوم غير غبين
ولربما فرح الفتى في نيله / إرباً خلعن عليه ثوب حزين
وإذا أضل اللَه قوماً أبصروا / طرق الهداية ضلة في الدين
ما انفك عني من زماني مدبر
ما انفك عني من زماني مدبر / من صرفه إلا دهاني مقبل
دافعت ملا يسطاع دفاعه / وحملت من بلواه ما لا يحمل
حتى إذا لم تبق لي من حيلة / قالت لي الأيام مذا تفعل
أو ما درت أن ابن فاطم موئلي / وتخلصي فيه ونعم الموئل
الكاشف الأزمات صرح محلها / باجش عن آلائه يتهلل
يا حجة اللَه التي بلغت إلى ال / أقصى وحكمته التي لا تقعل
أو ليس توبة آدم لو لم يكن / متوسلاً بجنابكم لا تقبل
وبكم نجا نوح وأغرق قومه / لجج علا الأطواد منها الأسفل
وعلى خليلي اللَه قد عادت بكم / برداً لظى نار تشب وتشعل
وبكم لموسى حيث سخرت العصا / بلغ المرام بها وضل المبطل
وبسركم عيسى أجاب نداءه / الأموات منطبقاً عليها الجندل
ووألان داود الحديد وأعطي المل / ك ابنه فيكم على ما يأمل
وبكم لآصف عرش بلقيس أتى / لا كارتداد الطرف بل هو أعجل
وبكم دعا اللَه العظيم لضره / أيوب فانكشف البلاء المعضل
ولأجلكم خلق الوجود وفيكم / بين البرية كل صعب يسهل
وبقضبكم شيد الهدى وبها على / أعدائه نصر النبي المرسل
فبحق من أعطاكم الفضل الذي / ما فوقكم فيه سواه افضل
جودوا علي بعطفةٍ من منكم / كرماً فجودكم الأعم الأجزل
وتقبلوا مني وإن أك جانباً / فالعبد يجني والموالي تقبل
عبد أساء فأين من ساداته / إحسان عفوهم الذي لا يجهل
فعل العظائم واستجار بعزكم / أيكون منه جزاؤه ما يفعل
اللؤم شأني والمكارم شأنكم / وعلى سجيتها البرية تعمل
حييت من رشأ غرير
حييت من رشأ غرير / أسفرت عن قمر منير
وبسمت عن شبم اللمى / شنب المذاق من الثغور
وأتيت يعطفك النسيم / تعطف الغصن النضير
تعطو كمثل الضبي لا / مثل القطاة إلى الغدير
من علي لوجنتيك / وليس بالمن اليسير
سلب المدامة لونها / وهي التي سلبت شعوري
أيام حال شعاعها / بين البصيرة والضمير
لا نتقى قول الوشا / ة ولا نبالي في غيور
أمرصعاً شمس الطلى / بفواقع الشعرى العبور
ذقها وعبرها إلي / تشمني نشر العبير
فلماك عندي والطلى / كلتاهما حلب العصير
وإذا سفرت فإنما / سفر الزمان عن السرور
وغدت لياليه جميعاً / مقمراتٍ في الشهور
وغدايتيه تغطرفاً / ويفوق فخراً في الدهور
ما الفطر ما النوروز ما / الأضحى أخو الشأن الكبير
اليوم باشرت المسرة / مهجة الهادي البشير
وغدا عليه الوحي يهبط / بالتهاني والحبور
بسرور ذي القدر الرفيع / وحجة اللَه القدير
العالم الحكم الذي / ما خان يوماً في نقير
سيان عند قضائه / قدر المبجل والحقير
رب الخورنق عنده / رب الشويهة والبعير
الباعث الدهماء للأضياف / في اليوم المطير
كبرت بان تمسي أثا / فيها كرضوى أو ثبير
لو كان في عصر بن / جذعان ووالده البشير
لكفى الوليمة عمه / في الراسيات من القدور
يا حاسد المهدي / غض الطرف إنك من نمير
أربع وكن متجرعاً / عمر المدى حسك الصدور
كم طامعٍ بعلاه قب / لك طال بالباع القصير
أقعى كما أقعى أبوه ل / عجز ذي لهث عقور
هيهات تدرك شأوه / أين الثماد من البحور
إن البحار لقطرةٍ / من جود جعفره الغزير
هو جعفر بن محمد / والصادق القول المشير
يرمي الغيوب بفكرةٍ / رمي السهام من الجفير
وتعود وهي كأنما / كانت لديه من الحضور
سله بكل عويصةٍ / فلقد سقطت على الخبير
فهو ابن بجدتها الذي / أثنت عليه يد المشير
لولا أبو حسن لقال / الناس كان بلا نظير
هو صنوه وقسيمه / في كل مكرمةٍ وخير
ما ميز بينهما وهل / فرق لشبر من شبير
عن نعته صام ال / عقول فليس تلقى من افطور
لو رامه العقل المجر / رد عاد في بصر حسير
وتكاد حسدة ذهنه / لتبين عن ذات الصدور
سروا فليس بمسلمٍ / من حاد عن هذا السرور
بمحمد بن محمد / ذي الطول والنسب القصير
بفتى تشبب بالعلى / طفلاً يغذي بالحجور
وتوسمت منه المراضع هيبةً / الملك الخطير
حتى ترجل عن سري / ر وامتطى أعلى سرير
انظر الورى منه ثبيراً / يحتبي فوق الأثير
وصغت لمنطقة المسا / مع من صغير أو كبير
فإذا رأيت رأيت منه / هيبة الأسد الهصور
وإذا سمعت فعن فم / المولى الملقب بالأمير
يهنيهم الفرح الذي / يبقى على أبد الدهر
حتى يضاعفه ال / حسين بيوم بشر مستنير
المنتمي للذروة العلياء / من مضر البدور
متكهلاً عصر الشبا / ب بمنسك الشيخ الكبير
وجرى بميدان الرهان / لغاية الشرف المنير
لا بالبليد ولا اللبيد / ولا الغبي ولا العثور
من معشر شغلتهم ال / علياء عمن في الخدور
لولا طلابهم بقا / ء سلالة الهادي البشير
كي لا تبيت الأرض خا / ليةً من الثقل الصغير
وفروا النساء على الخدو / ر تكرماً فعل الحصور
وإذا هم خطبوا لأن / فسهم منيعات القصور
خطبوا الكرائم للأكا / رم والشموس إلى البدور
من كل بيت من بيو / تات العلى علم شهير
انظر فهل تلقى سوا / هم ذا حمى للمستجير
فلكم ذوات حشاشةٍ / صدعت لمقهورٍ أسير
فزعت إليهم وهو في / إظفار ذي لبد ظفير
جاؤا به من بين شد / قي ضيغمٍ عالي الزئير
يا أيها الملك المغلف / بالمداد عن العبير
ومن الكتاب وزيره / أكرم بذلك من وزير
حسدت نمارق كل ملكٍ / ما وطأت من الحصير
كم ليلةٍ أحييتها / بهلاك أباء الشرور
براعةٍ قلبتها / بين المحابر والسطور
وصوارم لك ماضيا / ت في رقاب بني الغرور
أمضى عليهم من صوا / رم يوم بدرٍ في النحور
لو تثنين لك الوسا / دة فهت بالجم الغفير
وابنت عن صحف الخليل / وصحف موسى والزبور
وابنت من إنجيل / عيسى والكتاب المستنير
وحمت في أربابها / فيما عليهم من أمور
وهدتيهم سبل الهدى / بعد التخبط في الوعور
لكن صمت تأسياً / بمقر شقشقة الهدير
العلم حبوتك التي / ما نلتها بالمستعير
يبدو إليك لبابه / وسواك يخضم بالقشور
فإذا تسمى فيه فال / أعمى يسمى بالبصير
وأقول ذا عوداً على / بدء بلا ريب وزور
لا أحفلن بعاذل / واللَه في هذا عذيري
صنت الركاب فلم أقل / الألكم ياناق سيري
أبداً لويس لغيركم / أفضيت عما في ضميري
كم لهفةً بردتها / بندى اكفهم الغرير
فإليكها غراء ترفل / بالثنا لا بالحرير
يلهي الفرزدق حسنها / عن شتم صاحبه جرير
نهج البلاغة ما تحرر / لا مقامات الحريري
واسلم نصيراً للهدى / فلقد تعرى عن نصير
أما الحبيب فآخذٌ بدلاً
أما الحبيب فآخذٌ بدلاً / مني وابدل وصله مللا
هو بالرقاد يبيت مكتحلاً / إذ بالسهاد أبيت مكتحلا
وأقول لليل الطيول لما / ألقى كأنك قد خلقت بلا
إن كان أنساه الوداد هوى / غيري فإني ما حييت فلا
من لي بليلٍ ما وددت له / صبحاً وإن شاهدته عجلا
بات الحبيب به نغازله / طوراً وطوراً ننشد الغزلا
نروي حديثاً هزنا طرباً / هز المدامة شارباً ثملا
نزداد في تكراره فرحاً / فرح الرضا في وافد نزلا
المرتدي برداء كل تقى / والمهتدي لطريق كل علا
من ليس يرقى ما ارتقاه فتى / من ذا بنسر يلحق الحجلا
ومنزه الإحسان من نكد / كالعين ما لم تقبل الحولا
من قد أعد لضيفه نزلاً / لا يبتغي عن رحبها حولا
بيت لمفترق الجدود به / جمع تخال أباهم رجلا
وترى لأشتات العفاة به / شملاً على المعروف مشتملا
بيت بأبيات القريض له / ذكر يعطر نشره السبلا
ذكر إذا فاز السماع به / أضحى يفوق بفخر المقلا
علم الإله بأن رافعه / قد حاز فيه العلم والعملا
وترى به أضعاف من رحلوا / عنه ومن حلوا به رسلا
فرقاً قد افترقت لغاتهم / فالبعض قول البعض ما عقلا
فيهم يعول فتى أخو كرمٍ / لو عال هلا الدهر ما بخلا
بحر إذا ما فاض ساحله / ترك البحار لفيضه وشلا
لم يستمد الغيث نائله / لم تلق أرضاً تشتكي محلا
جبل إذا لاذ المخوف به / أمن المخاوف وانثنى جذلا
فإلى تخوم الأرض غار له / أصللا وزاحم فرعه زحلا
قال العذول وقد رأى سرفاً / أتراه يعلم بالذي فعلا
ومن الذي منع الضياء ذكاً / يوماً ورد العارض الهطلا
إن الذي عشق العلاء رأى / ما دونها من هائل جللا
ندب إذا ألقى فضيلته / التقفت فضائل سائر الفضلا
فكأنما هن الحبال ومن / يده عصا موسى لها جعلا
ساد الكهول فتى وتحسبه / شيخاً إذا ما قام مبتهلا
حسن الخلائق لو تفاخره / زهر الكواكب سامها خجلا
من صدره يعطي الفضا سعةً / ويضيق عن حقد به نزلا
قالوا لقد أوجزت نظمك في / من قد أطال به الورى أملا
فأجبتهم قربى له منع التف / صيل فيما قلته جملا
كالصوت لولا بعد سامعه / ما طال بل ما في النداء علا
ما ذاك من نيلت مودته / فيما بزخرفه الفتى حيلا
الشمس تشرق خلقه وترى / والمصباح لولا الزيت ما اشتعلا
طلب العلا فنال فوق المطلب
طلب العلا فنال فوق المطلب / في عزم غلاب وهمةٍ أغلب
وسما بما أوفت له آباؤه / ولرب سام للعلاء بلا أب
لا غرو أن طلب العلا من قومه / أما نبي أو وصي عن نبي
هذا أبو الفضل الذي جمع النهى / عزم الشباب له ونسك الأشيب
تاقت إلى نيل العسلا حوباؤه / في اللَه لم يحتج لقول مرغب
ولكم تعرضت العواذل دونه / فانصاع لم يحفل بلوم مؤنب
سلك البحار وهن جوداً كفه / والبر يقطعه بصدر أرحب
فجبال هذا من رصانة حلمه / وعباب هذي من نداه المخصب
وأرى المراكب في البحار محلها / وأراه بحراً حاصلاً في مركب
فاعجب له بحراً يحل بمركب / إذ ليس يغمره بموج مرهب
واعجب لفلك قد طغى وبضمنه / من حلمه جبل ولما يرسب
لكنما فيه استطار مسرةٌ / فطفت له في الماء خفة مطرب
ولو أن ناراً قد سرت فيه خبت / لمضى يزج بعزمه المتلهب
حتى إذا اجتاز القفار ومزقت / أيدي المطي به أديم السبسب
نشقت به البطحاء أطيب نكهةٍ / من طيب ورث العلا من طيب
ما زال يدنو وهي تعلو رفعةٍ / حتى استقلت فوق هام الكوكب
ورأت شمائل هاشمي لم تكن / أبداً قرابته تناط بأجنبي
عقد الأزار فحل ما بين الرجا / والخوف عقدة أدمعٍ لم تنضب
فكأن كل الأرض كانت عنده / حرماً وكل الدهر يوم ترهب
ووا زاده الإحرام إلا مثلما / قد زاد ضوء الشمس نور الكوكب
ولكاد يشرق في يديه بهجةً / حجر أحالته أكف المذنب
وبزمزم لو كان يخلط ريقه / لأتت من الماء الفرات بأعذب
عرفت به عرفات حين وقوفه / دعوات آباه التي لم تحجب
وتوسمت منه محاني طيبةٍ / عنوان والده النبي الأطيب
حتى إذا ما جاء مرقد جده / ودعاه عند سلامه في يا أبي
أخذ الفخار على البرية كلها / إلا نوادر من بهذا المنسب
قد كان يسمع من جوانب قبره / صوتاً بأهل يلتقيه ومرحب
فكأنما هو قد رآه مشافهاً / وكأنه في القبر لم يتحجب
ومضى إلى نحو البقيع مسلماً / في دمع هام وقلبٍ ملهب
متذكراً آباءه الغر الألى / فيهم نجاة الخائف المترقب
ولقد شجاه أن رأى أجداثهم / عن جدهم بعدت ولما تقرب
يا من له صدق النوى بايابه / ولرب موعد غادر لم يكذب
ضاق العرقا وقد مضيت بأهله / كمضيق وجه الفارس المتنقب
حتى إذا أقبلت أسفر ضاحكاً / ببكاء غيثٍ للبرية معشب
فكأنما بعث الإله به لنا / قبل البشير مبشراً لم يحجب
حتى تيقنت الورى إذ سرهم / فيك البشارة كنت جد مسبب
عم السرور بك البرية كلها / بل خص قلب أبي الحسين الأنجب
علامة العلماء أفضل من غدا / في الشرق يهتف باسمه والمغرب
هو حجة اللَه العظيم فمن عشا / عنه تخبط للضلال بغيهب
من فضله كالشمس قد ملأ الفضا / نوراً وفضل سواه عنقا مغرب
وأرى العلاء إذا ارتداه غيره / ثوب الحير يلف جلد الأجرب
انظر إليه تجد به من شئت من / آبائه خلقاً وملقٍ مهذب
هو حول هو قلب هو مظهر / للملة الغرا وسر المذهب
فيه وفي آبائه عصم الورى / من كل خطبٍ في البرية أخطب
مهلاً أبا الفضل المحلق للعلا / فلقد رميت الواصفين بمتعب
ما إن عجبت لما أتيت من العلا / إلا سبقت وجئتنا في أعجب
مهما أقل ما كان إلا مثلما / قد قلت أن الشمس أحسن كوكب
فإليكها عن فكرتي عربيةً / ضربت بها أعراقها في يعرب
فلكم أبت نشزاً على من رامها / خطب النكاح لها ومن لم يخطب
لكنها زفت إليك ومهرها / منك اقبول وذاك أعظم مأرب
ما فارق الأسماع صوت الناعي
ما فارق الأسماع صوت الناعي / حتى دعا بنعاء آخر داع
هتفاً بنا متتابعين فاججا / ناراً على نارٍ لدى الأضلاع
فتزاحمت بهما اللواعج في الحشى / كتزاحم الأصوات في الأسماع
للَه من نصل تعذر سبره / إلا بضرب الصارم القطاع
رزء تسرع أثر رزء بغتةً / فتواصل التفجاع بالتفجاع
ورمى العيون الساهرات بمسهرٍ / من قبل أن يهممن بالتهجاع
واسأل ثمة كل دمعٍ سائل / وأراع قمة كل قلبٍ مراع
ذهب النقي فيا وفود تشتتي / في كل ذات مهالك مضياع
واستشعري إلا الحياة فإنما / هلك الرعية في هلاك الراعي
ذهب الذي قد كنت من نعمائه / في ريف ذي كرم طويل الباع
فجعت به عليا قريض وإنما / فجعت ببدر فخارها اللماع
أودى به القدر المتاح وطالما / قد ان للأقدار جد مطاع
تبكيك لابسة السواد بأدمعٍ / حمر لبيض مناقبٍ ومساع
تبكي وكل موحد من حولها / يبيك بصوت العارض الهماع
أبكيك مرفوع السرير مشيعاً / بعصائب الأملاك والأشياع
حتى أتوا بك بقعةً قد زدتها / شرفاً وكانت قبل خير بقاع
لو لم تكن في العرش روحك لان / ثنت شهب السماء نود فضل القاع
أأبا الحسين ومن به آمن الهدى / من كل قاصدٍ ركنه بتداع
ألبسته حفظاً عليه ورأفةً / زغف السوابغ من نسيج يراع
حتى غدا فيها بأعظم منعةٍ / ليست ترى بسوابغ الأدراع
رلا زال فيك وفي بينك ممنعاً / من كيد كل مصانع سماع
القوم ما خلقوا لغير هدايةٍ / وحماية للخائف المرتاع
أبناء منجبةٍ تكاد طباعهم / توفي على شهب السما بشعاع
إنا صنائعهم وقد بلغت بهم / حد النهاية قدرة الصناع
لم أدر واللَه المهين قادر / أيجيء مثلهم كرام الصناع
هضب لدى الأهوال جد ثوابت / وإذا دعا المظلوم جد سراع
يؤون لو أن ابن نوح جاءهم / آوى إلى عالي الذرى مناع
ما ذاك من حل الفضلو وإنما / كان اقتضاء طبايع ومساع
أأبى من الآساد إلا إنهم / في الجود طوع أرادة الخداع
تسع الفضاء صدورهم حتى إذا / بليت بحقد فهي غير وساع
يسعون في طلب العلاء فإن سعى / واشٍ لهم ألغوا حديث الساعي
لا يبرحن الدهر طوع أكفهم / شروى الذلول التابع المطواع
يغري محبكم وإن نقم العدا / وافى براغم أنفها جداع
أأبا محمد والمصيبة سهمها
أأبا محمد والمصيبة سهمها / لجميع من في الكائنات مصيب
أني وأن عظمت علي رزيةٌ / فبمهجتي مما شجاك لهيب
فكأنما الأرزاء في أحشائنا / كانت ندوباً فوقهن ندوب
أدعوك للكرب التي لم تفرج
أدعوك للكرب التي لم تفرج / ونوائب ألممن في قلبي الشجي
ولفاقة لو شئت يوماً سدها / لسددتها ولفتح باب مرتج
لما رأيت الأمر ضاق علي من / كل الجهات ولم أجد من مخرج
ذكروك لي وأنا العليم بانك / المولى المبلغ عبده ما يرتجي
فأتيت قبرك قاصداً يقتادني / حسن الرجا ويسوقني القلب الشجي
زرنا أمير المؤمنين وفوقنا
زرنا أمير المؤمنين وفوقنا / عبء من الأرزاء ليس يطاق
حتى إذا جئنا رفيع جنابه / سقطت كما تتساقط الأوراق
قلبي خزانة كل علمٍ
قلبي خزانة كل علمٍ / كان في عصر الشباب
وأتى المشيب فكدت / أنسى فيه فاتحة الكتاب
بأبي الذي مهما شكوت وداده
بأبي الذي مهما شكوت وداده / طلب الشهود وذاك منه مليح
قلت الدموع فقال لي مقذوفةً / قلت الفؤاد فقال لي مجروح
قلت اللسان فقال لي متلجلج / والجسم قلت فقال ليس صحيح
فغدت وقد مزجت بعذب رضابه
فغدت وقد مزجت بعذب رضابه / شهداً يضوع عليه نشر الطيب
قل للصغار من الحسان إلا
قل للصغار من الحسان إلا / لا تكبرن مخافة الخدر
إن الأهلة لا يطوف بها / خسف وكان الخسف للبدر
الناس تحسبني خلّي صبابةً
الناس تحسبني خلّي صبابةً / لكثير ما ألقاهم بتصبري
حتى إذا نظروا حديث مدامعي / يروي الجوى عن قلبي المتسعر
علموا فلا علموا ولاموا ليتهم / عذروا ومن يكلف بميةٍ يعذر
أنا من أساء وأنتم من أحسنا
أنا من أساء وأنتم من أحسنا / أفيؤخذ العبد المسيء بما جنى
إن لم ينل ممن يحب مراده / أيروح للأعداء يطلب المنى
قالوا الكرام فقلت ساداتي هوم / قالوا اللئام فقلت عبدهم أنا
إن كان يرضيك الذي أجريته
إن كان يرضيك الذي أجريته / أنا لا أبالي زال أم أبقيته
وأخيبة المشتاق عن كان الذي / أخفيته مثل الذي أبديته
قد كدت أهلك في غرامك قانطاً / لولا رجائي بعض ما أوليته
من مات قبلي في هواك تصبراً / يا ليت شعري ما الذي جازيته
ولقد مررت على غبيٍّ جالس
ولقد مررت على غبيٍّ جالس / في الدار يشرب مطرقاً بسبيل
فكأنما بيديه آلة حاقن / وكأنما فمه حتار عليل
أعلمته شوقي إليه فقال لي
أعلمته شوقي إليه فقال لي / لك شاهدٌ فيما إلي تبوح