المجموع : 73
في عيدِ مَولانا الصَغي
في عيدِ مَولانا الصَغي / رِ وَعيدِ مَولانا الكَبيرِ
إِشراقُ عيدِ الفِطرِ وَال / أَضحى عَلى عَرشِ الأَميرِ
إِن صَوَّروكَ فَإِنَّما قَد صَوَّروا
إِن صَوَّروكَ فَإِنَّما قَد صَوَّروا / تاجَ الفَخارِ وَمَطلَعَ الأَنوارِ
أَو نَقَّصوكَ فَإِنَّما قَد نَقَّصوا / دينَ النَبِيِّ مُحَمَّدِ المُختارِ
سَخِروا مِنَ الفَضلِ الَّذي أوتيتَهُ / وَاللَهُ يَسخَرُ مِنهُمُ في النارِ
لا تَجزَعَنَّ فَلَستَ أَوَّلَ ماجِدٍ / كَذَبَت عَلَيهِ صَحائِفُ الفُجّارِ
رَسَموا بِذاتِكَ لِلنَواظِرِ جَنَّةً / مَحفوفَةً بِمَكارِهِ الأَشعارِ
وَتَقَوَّلوا عَنكَ القَبيحَ وَهَكَذا / يُمنى الكَريمُ بِغارَةِ الأَشرارِ
لَن يَحجُبوكَ عَنِ الوَرى أَو يَحجُبوا / فَلَقَ الصَباحِ وَمَشرِقَ الأَقمارِ
أَو يَبلُغوا عَلياكَ حَتّى يَبلُغوا / بَينَ الزَواهِرِ صورَةَ الجَبّارِ
ما أَنتَ ذَيّاكَ البَغيضُ فَتَنثَني / مُتَسَربِلاً بِالعارِ فَوقَ العارِ
لَعِبوا بِهِ في صورَةٍ قَد أَسفَرَت / عَن عَزلِهِ فَأَقامَ حِلسَ الدارِ
سَكَنَ الظَلامُ وَباتَ قَلبُكَ يَخفِقُ
سَكَنَ الظَلامُ وَباتَ قَلبُكَ يَخفِقُ / وَسَطا عَلى جَنبَيكَ هَمٌّ مُقلِقُ
حارَ الفِراشُ وَحِرتُ فيهِ فَأَنتُما / تَحتَ الظَلامِ مُعَذَّبٌ وَمُؤَرَّقُ
دَرَجَ الزَمانُ وَأَنتَ مَفتونُ المُنى / وَمَضى الشَبابُ وَأَنتَ ساهٍ مُطرِقُ
عَجَباً يَلَذُّ لَكَ السُكوتُ مَعَ الهَوى / وَسِواكَ يَبعَثُهُ الغَرامُ فَيَنطِقُ
خُلِقَ الغَرامُ لِأَصغَرَيكَ وَطالَما / ظَنّوا الظُنونَ بِأَصغَرَيكَ وَأَغرَقوا
وَرَمَوكَ بِالسَلوى وَلَو شَهِدوا الَّذي / تَطويهِ في تِلكَ الضُلوعِ لَأَشفَقوا
أَخفَيتَ أَسرارَ الفُؤادِ وَإِنَّما / سِرُّ الفُؤادِ مِنَ النَواظِرِ يُسرَقُ
نَفِّس بِرَبِّكَ عَن فُؤادِكَ كَربَهُ / وَاِرحَم حَشاكَ فَإِنَّها تَتَمَزَّقُ
وَاِذكُر لَنا عَهدَ الَّذينَ بِنايِهِم / جَمَعوا عَلَيكَ هُمومَهُم وَتَفَرَّقوا
ما لِلقَوافي أَنكَرَتكَ وَلَم تَكُن / لِكَسادِها في غَيرِ سوقِكَ تَنفُقُ
ما لِلبَيانِ بِغَيرِ بابِكَ واقِفاً / يَبكي وَيُعجِلُهُ البُكاءُ فَيَشرَقُ
إِنّي كَهَمِّكَ في الصَبابَةِ لَم أَزَل / أَلهو وَأَرتَجِلُ القَريضَ وَأَعشَقُ
نَفسي بِرَغمِ الحادِثاتِ فَتِيَّةٌ / عودي عَلى رَغمِ الكَوارِثِ مورِقُ
إِنَّ الَّذي أَغرى السُهادَ بِمُقلَتي / مُتَعَنِّتٌ قَلبي بِهِ مُتَعَلِّقُ
واثَقتُهُ أَلّا أَبوحَ وَإِنَّما / يَومَ الحِسابِ يُحَلُّ ذاكَ المَوثِقُ
وَشَقيتُ مِنهُ بِقُربِهِ وَبِعادِهِ / وَأَخو الشَقاءِ إِلى الشَقاءِ مُوَفَّقُ
صاحَبتُ أَسبابَ الرِضا لِرُكوبِهِ / مَتنَ الخِلافِ لِما بِهِ أَتَخَلَّقُ
وَصَبَرتُ مِنهُ عَلى الَّذي يَعيا بِهِ / حِلمُ الحَليمِ وَيَتَّقيهِ الأَحمَقُ
أَصبَحتُ كَالدَهرِيِّ أَعبُدُ شَعرَهُ / وَجَبينَهُ وَأَنا الشَريفُ المُعرِقُ
وَغَدَوتُ أَنظِمُ مِن ثَنايا ثَغرِهِ / دُرَراً أُقَلِّدُها المَها وَأُطَوِّقُ
صَبري اِستَثَرتَ دَفائِني وَهَزَزتَني / وَأَرَيتَني الإِبداعَ كَيفَ يُنَسَّقُ
فَأَبَحتَ لي شَكوى الهَوى وَسَبَقتَني / في مَدحِ عَبّاسٍ وَمِثلُكَ يَسبِقُ
قالَ الرَئيسُ فَما لِقَولٍ بَعدَهُ / باعٌ تَطولُ وَلا لِمَدحٍ رَونَقُ
شَوقي نَسَبتَ فَما مَلَكتُ مَدامِعي / مِن أَن يَسيلَ بِها النَسيبُ الشَيِّقُ
أَعجَزتَ أَطواقَ الأَنامِ بِمَدحِهِ / سَجَدَ البَيانُ لِرَبِّها وَالمَنطِقُ
لَم تَترُكا لي في المَدائِحِ فَضلَةً / يَجري بِها قَلَمي الضَعيفُ وَيَلحَقُ
نَفسي عَلى شَوقٍ لِمَدحِ أَميرِها / وَيَراعَتي بَينَ الأَنامِلِ أَشوَقُ
ماذا أَقولُ وَأَنتُما في مَدحِهِ / بَحرانِ باتَ كِلاهُما يَتَدَفَّقُ
العَجزُ أَقعَدَني وَإِنَّ عَزائِمي / لَولاكُما فَوقَ السِماكِ تُحَلِّقُ
فَليَهنَئِ العَبّاسُ أَنَّ بِكَفِّهِ / عَلَمَينِ هَزَّهُما الوَلاءُ المُطلَقُ
وَليَبقَ ذُخراً لِلبِلادِ وَأَهلِها / يَعفو وَيَرحَمُ مَن يَشاءُ وَيُعتِقُ
عَبّاسُ وَالعيدُ الكَبيرُ كِلاهُما / مُتَأَلِّقٌ بِإِزائِهِ مُتَأَلِّقُ
هَذا لَهُ تَجري الدِماءُ وَذا لَهُ / تَجري القَرائِحُ بِالمَديحِ وَتُعنِقُ
صَدَقَ الَّذي قَد قالَ فيهِ وَحَسبُهُ / أَنَّ الزَمانَ لِما يَقولُ مُصَدِّقُ
لَكَ مِصرُ ماضيها وَحاضِرُها مَعاً / وَلَكَ الغَدُ المُتَحَتِّمُ المُتَحَقِّقُ
أَثنى الحَجيجُ عَلَيكَ وَالحَرَمانِ
أَثنى الحَجيجُ عَلَيكَ وَالحَرَمانِ / وَأَجَلَّ عيدَ جُلوسِكَ الثَقَلانِ
أَرضَيتَ رَبَّكَ إِذ جَعَلتَ طَريقَهُ / أَمناً وَفُزتَ بِنِعمَةِ الرِضوانِ
وَجَمَعتَ بِالدُستورِ حَولَكَ أُمَّةً / شَتّى المَذاهِبِ جَمَّةَ الأَضغانِ
فَغَدَوتَ تَسكُنُ في القُلوبِ وَتَرتَعي / حَبّاتِها وَتَحُلُّ في الوِجدانِ
راعَيتَهُم حَتّى عَلِمتَ بِأَنَّهُم / بَلَغوا أَشُدَّهُمُ عَلى الأَزمانِ
فَجَعَلتَ أَمرَ الناسِ شورى بَينَهُم / وَأَقَمتَ شَرعَ الواحِدِ الدَيّانِ
لَو أَنَّهُم وَزَنوا الجُيوشَ بِمَشهَدٍ / رَجَحَت بِجَيشِكَ كِفَّةُ الميزانِ
لَو شاءَ زَلزَلَها عَلى أَعدائِهِ / أَو شاءَ أَذهَلَها عَنِ الدَوَرانِ
يَمشونَ في حَلَقِ الحَديدِ إِلى العِدا / وَكَأَنَّهُم سَدٌّ مِنَ الإِنسانِ
وَكَأَنَّ مَقدَمَهُم إِذا لَمَعَ الضُحى / سَيلٌ مِنَ الهِندِيِّ وَالمُرّانِ
يَتَواقَعونَ عَلى الرَدى وَصُفوفُهُم / رَغمَ الوُثوبِ كَثابِتِ البُنيانِ
فَإِذا المَدافِعُ في النِزالِ تَجاوَبَت / بِزَئيرِها وَتَلاحَمَ الجَيشانِ
وَإِذا القَنابِلُ دَمدَمَت وَتَفَجَّرَت / تَحتَ الغُبارِ تَفَجُّرَ البُركانِ
وَإِذا البَنادِقُ أَرسَلَت نيرانَها / طُلُقاً وَأَسبابُ الهَلاكِ دَواني
أَبصَرتَ جِنّاً في مَسالِخِ فِتيَةٍ / وَشَهِدتَ أَفئِدَةً مِنَ الصُوّانِ
مُرهُم يَخوضوا الزاخِراتِ وَيَنسِفوا / شُمَّ الجِبالِ بِقُوَّةِ الإيمانِ
ثَلِجَت صُدورُهُمُ وَقَرَّ قَرارُهُم / لَمّا حَلَفتَ بِأَوثَقِ الأَيمانِ
تَاللَهِ ما شَكّوا بِصِدقِكَ دونَها / هُم يَعرِفونَ شَمائِلَ السُلطانِ
لَكِنَّهُم دَرَجوا عَلى سَنَنٍ بِهِ / لِوِقايَةِ الدُستورِ خَيرُ ضَمانِ
ياأَيُّها الشَعبُ الكَريمُ تَماسَكوا / وَخُذوا أُمورَكُمُ بِغَيرِ تَواني
ما لي أُذَكِّرُكُم وَتِلكَ رُبوعُكُم / مَرعى النُهى وَمَنابِتُ الشُجعانِ
أَدرَكتُمُ الدُستورَ غَيرَ مُلَوَّثٍ / بِدَمٍ وَلا مُتَلَطِّخاً بِهَوانِ
وَفَعَلتُمُ فِعلَ الرِجالِ وَكُنتُمُ / يَومَ الفَخارِ كَأُمَّةِ اليابانِ
فَتَفَيَّئوا ظِلَّ الهِلالِ فَإِنَّهُ / جَمُّ المَبَرَّةِ واسِعُ الإِحسانِ
يَرعى لِموسى وَالمَسيحِ وَأَحمَدٍ / حَقَّ الوَلاءِ وَحُرمَةَ الأَديانِ
فَخُذوا المَواثِقَ وَالعُهودَ عَلى هُدى ال / تَوراةِ وَالإِنجيلِ وَالفُرقانِ
وَتَذَوَّقوا مَعنى الحَياةِ فَإِنَّها / في مِصرَ أَلفاظٌ بِغَيرِ مَعاني
وَدَعوا التَقاطُعَ في المَذاهِبِ بَينَكُم / إِنَّ التَقاطُعَ آيَةُ الخِذلانِ
وَتَسابَقوا لِلباقِياتِ وَأَظهِروا / لِلعالَمينَ دَفائِنَ الأَذهانِ
وَلّى زَمانُ المُعتَدينَ كَما اِنطَوَت / حِيَلُ الشُيوخِ وَإِمرَةُ الخِصيانِ
لا الشَكُّ يَذهَبُ بِاليَقينِ وَلا الرُؤى / تُجدي المُسيءَ وَلا رُقى الشَيطانِ
وُضِعَ الكِتابُ وَسيقَ جَمعُهُمُ إِلى / يَومِ الحِسابِ وَمَوقِفِ الإِذعانِ
وَتَوَسَّموهُم في القُيودِ فَقائِلٌ / هَذا فُلانٌ قَد وَشى بِفُلانِ
وَمُلَبِّبٌ لِغَريمِهِ وَمُطالِبٌ / بِدَمٍ أُريقَ بِمَسبَحِ الحيتانِ
قَد جاءَ يَومُهُمُ هُنا وَأَمامَهُم / بَعدَ النُشورِ هُناكَ يَومٌ ثاني
سُبحانَ مَن دانَ القَضاءُ بِأَمرِهِ / لِيَدِ الضَعيفِ مِنَ القَوِيِّ الجاني
يا يَومَ عادَ النازِحونَ لِأَرضِهِم / يَتَسابَقونَ لِرُؤيَةِ الأَوطانِ
لِلَّهِ كَم أَطفَأتَ مِن نارٍ ذَكَت / دَهراً وَكَم هَدَّأتَ مِن أَشجانِ
هَذا يَطيرُ إِلى فَروقَ وَمَن بِها / شَوقاً وَذاكَ إِلى رُبى لُبنانِ
خَلَعوا الشَبابَ عَلى البَشيرِ وَأَخلَقوا / بِاللَثمِ عَهدَ خَليفَةِ الرَحمَنِ
وَتَعانَقوا بَعدَ النَوى كَخَمائِلٍ / يَحلو بِهِنَّ تَعانُقُ الأَغصانِ
فَتَرى النِساءَ مَعَ الرِجالِ سَوافِراً / لا يَتَّقينَ عَوادِيَ الأَجفانِ
عَجَباً لَهُنَّ وَقَد خُلِقنَ أَوانِساً / يَبرُزنَ في فَرَحٍ وَفي أَحزانِ
أَهلاً بِحاسِرَةِ اللِثامِ وَمَن إِذا / سَفَرَت عَنّا لِجَمالِها القَمَرانِ
خَطَرَت فَعَطَّرَتِ المَشارِقَ عِندَما / هَبَّت نَسائِمُها مِنَ البَلقانِ
يا لَيتَها خَطَرَت بِمِصرَ وَأَشرَقَت / في يَومِ أَسعُدِها عَلى طَهرانِ
أَضناهُما شَوقٌ قَدِ اِبيَضَّت لَهُ / كَبِداهُما وَتَصَدَّعَ القَلبانِ
عَرَفَ الوَرى ميقاتَها فَتَرَقَّبوا / تَمّوزَ مِثلَ تَرَقُّبِ الظَمآنِ
شَهرٌ بِهِ بُعِثَ الرَجاءُ وَأُنشِرَت / أُمَمٌ وَبُدِّلَ خَوفُها بِأَمانِ
فَلَهُ عَلى الدُنيا الجَديدَةِ نِعمَةٌ / يَشدو بِذِكرِ صَنيعِها الفَتَيانِ
وَعَلى فَرَنسيسِ الحَضارَةِ مِنَّةٌ / تُتلى أَناشيدٌ لَها وَأَغاني
تَمّوزُ أَنتَ أَبو الشُهورِ جَلالَةً / تَمّوزٌ أَنتَ مُنى الأَسيرِ العاني
هَلّا جَعَلتَ لَنا نَصيباً عَلَّنا / نَجري مَعَ الأَحياءِ في مَيدانِ
أَيَعودُ مِنكَ الآمِلونَ بِما رَجَوا / وَنَعودُ نَحنُ بِذَلِكَ الحِرمانِ
تَمّوزُ إِنَّ بِنا إِلَيكَ لَحاجَةً / فَمَتى الأَوانُ وَأَنتَ خَيرُ أَوانِ
مِنّي عَلى دارِ السَلامِ تَحِيَّةٌ / وَعَلى الخَليفَةِ مِن بَني عُثمانِ
وَعَلى رِجالِ الجَيشِ مِن ماشٍ بِهِ / أَو راكِبٍ أَو نازِحٍ أَو داني
وَعَلى الأُلى سَكَنوا إِلى الحُسنى سِوى / ذاكَ الَّذي يَدعو إِلى العِصيانِ
والي الحِجازِ الخارِجِيِّ وَما بِهِ / إِلّا اِقتِناصُ الأَصفَرِ الرَنّانِ
ما لِلشَريفِ المُنتَمي حَسَباً إِلى / خَيرِ البَرِيَّةِ مِن بَني عَدنانِ
أَمسى يُمالِئُهُ وَيَنصُرُ غَيَّهُ / وَضَلالَهُ بِحُثالَةِ العُربانِ
تَاللَهِ لَو جَنَّدتُما رَملَ النَقا / وَنَزَلتُما بِمَواطِنِ العِقبانِ
وَغَرَستُما أَرضَ الحِجازِ أَسِنَّةً / وَأَسَلتُما بَحراً مِنَ النيرانِ
وَأَقَمتُما فيها المَعاقِلَ مَنعَةً / مِن أَرضِ نَجدٍ إِلى خَليجِ عُمانِ
لَدَهاكُما وَرَماكُما وَذَراكُما / ماحي الحُصونِ وَماسِحُ البُلدانِ
إِن تَأتِيا طَوعاً وَإِلّا فَأتِيا / كَرهاً بِلا حَولٍ وَلا سُلطانِ
وَإِلَيكَ يا فَرعَ الخَلائِفِ مِدحَةً / عَزَّت شَوارِدُها عَلى حَسّانِ
مِن شاعِرٍ تَثِبُ النُهى لِقَريضِهِ / وَثبَ النُفوسِ لِرَنَّةِ العيدانِ
يُهدي المَديحَ إِلى المَليكِ سَبائِكاً / تَعنو لَهُنَّ سَبائِكُ العِقيانِ
إِنَّ المُلوكَ إِذا اِستَوَت أَلبَستُها / بِالمَدحِ تيجاناً عَلى تيجانِ
إِن هَنَّؤوكَ بِها فَلَستُ مُهَنِّئاً
إِن هَنَّؤوكَ بِها فَلَستُ مُهَنِّئاً / إِنّي عَهِدتُكَ قَبلَها مَحسودا
قَد كانَ قَدرُكَ لا يُحَدُّ نَباهَةً / وَسَعادَةً فَغَدا بِها مَحدودا
فيكِ السَعيدانِ اللَذانِ تَبارَيا
فيكِ السَعيدانِ اللَذانِ تَبارَيا / يا مِصرُ في الخَيراتِ وَالبَرَكاتِ
نيلٌ يَفيضُ عَلى سُهولِكِ رَحمَةً / وَفَتىً يَقيكِ غَوائِلَ العَثَراتِ
عادَ الرَئيسُ فَرَحِّبي بِقُدومِهِ / وَتَهَلَّلي بِمُفَرِّجِ الأَزَماتِ
إِنّي دُعيتُ إِلى اِحتِفالِكَ فَجأَةً
إِنّي دُعيتُ إِلى اِحتِفالِكَ فَجأَةً / فَأَجَبتُ رَغمَ شَواغِلي وَسَقامي
وَدَعَوتُ شِعري يا أَمينُ فَخانَني / أَدَبي وَلَم يَرعَ القَريضُ ذِمامي
فَأَتَيتُ صِفرَ الكَفِّ لَم أَملِك سِوى / أَمَلي بِصَفحِكَ عَن قُصورِ كَلامي
واخَجلَتي أَيَكونُ هَذا مَوقِفي / في حَفلَةِ التَوديعِ وَالإِكرامِ
وَأَنا الخَليقُ بِأَن أُرَتِّلَ لِلوَرى / آياتِ هَذا المُصلِحِ المِقدامِ
وَأَقومُ عَن نَفسي وَعَن غَيري بِما / يَقضي الوَلاءُ وَواجِبُ الإِعظامِ
بِنها لَقَد وُفّيتِ قِسطَكِ مِن مُنىً / وَسَعادَةٍ وَرِعايَةِ وَنِظامِ
فَدَعي سِواكِ يَفُز بِقُربِ مُوَفَّقٍ / هُوَ في الحُكومَةِ نُخبَةُ الحُكّامِ
لَبِسَ التَواضُعَ حُلَّةً وَمَشى إِلى / رُتَبِ الجَلالِ مُسَدَّدِ الأَقدامِ
وَغَدا بِأَبراجِ العُلا مُتَنَقِّلاً / كَالبَدرِ يُسعِدُهُ السُرى بِتَمامِ
رَبّاكَ والِدُكَ الكَريمُ عَلى التُقى
رَبّاكَ والِدُكَ الكَريمُ عَلى التُقى / وَعَلى النَزاهَةِ وَالضَميرِ الطاهِرِ
فَنَشَأتَ بَينَ رِعايَةٍ وَعِنايَةٍ / وَدَرَجتَ بَينَ مَحامِدٍ وَمَفاخِرِ
وَسَمَوتَ يا سامي إِلى أَوجِ العُلا / وَبَرَعتَ قَومَكَ بِالذَكاءِ النادِرِ
رَبّى أَبوكَ عُقولَنا وَنُفوسَنا / فَاِهنَأ بِوالِدِكَ الأَمينِ وَفاخِرِ
وَاِهنَأ بِما أوتيتَهُ مِن نِعمَةٍ / في عَهدِ مَولانا الأَميرِ الزاهِرِ
يا مالِئَ الكُرسِيِّ مِنهُ مَهابَةً / وَكِفايَةً يا مِلءَ عَينِ الناظِرِ
إِنَّ الَّتي قُلِّدتَها في حاجَةٍ / لِعَزيمَةٍ تَمضي وَرَأيٍ باتِرِ
فَأَفِض ضِياءَكَ في النَظارَةِ كُلِّها / وَاِقبِض عَلى الأَعمالِ قَبضَ القادِرِ
وَاِخدُم بِلادَكَ بِالَّذي أوتيتَهُ / مِن فِطنَةٍ وَأَقِل عِثارَ العاثِرِ
هَنَّأتُ مِصرَ وَنيلَها وَرِجالَها / لَمّا رَأَيتُكَ في ثِيابِ الآمِرِ
وَرَأَيتُ في الديوانِ قَدرَكَ عالِياً / وَالناسُ تَهتِفُ بِالثَناءِ العاطِرِ
ما بَينَ مُعتَرِفٍ بِفَضلِكَ مُعلِنٍ / أَو ضارِعٍ لَكَ بِالدُعاءِ وَشاكِرِ
أَمُهَندِسَ النيلِ السَعيدِ تَحِيَّةً / مِن مِصرَ تَحدوها تَحِيَّةُ شاعِرِ
يَدعو إِلَهَكَ أَن يُكَثِّرَ بَينَنا / أَمثالَ سامي في الزَمانِ الحاضِرِ
في ساحَةِ البَدَوِيِّ حَلَّت ساحَةٌ
في ساحَةِ البَدَوِيِّ حَلَّت ساحَةٌ / عِزُّ البِلادِ بِعِزِّها مَوصولُ
وَأَتى الحُسَينُ يَزورُ قُطبَ زَمانِهِ / يَرعى وَيَحرُسُ رَكبَهُ جِبريلُ
زادَت مَواسِمُنا بِطَنطا مَوسِماً / لِمَليكِهِ التَقديسُ وَالتَبجيلُ
بِالساحَتَينِ لِكُلِّ راجٍ مَوئِلٌ / وَلِكُلِّ عافٍ مَربَعٌ وَمَقيلُ
قُل لِلفَقيرِ إِذا سَأَلتَ فَلا تَخَف / رَدّاً فَما في الساحَتَينِ بَخيلُ
بَرَكاتُ هَذي لا يَغيضُ مَعينُها / نَفَحاتُ تِلكَ كَثيرُها مَأمولُ
قَد أَخصَبَ الإِقليمُ حينَ حَلَلتَهُ / وَالغَيثُ لا يَبقى عَلَيهِ مُحولُ
وَبَدا يَموجُ بِساكِنيهِ وَعِطفُهُ / قَد كادَ مِن طَرَبِ اللِقاءِ يَميلُ
ذَكَروا بِمَقدَمِكَ المُبارَكِ مَوقِفاً / قَد قامَ فيهِ أَبوكَ إِسماعيلُ
في مِثلِ هَذا اليَومِ خَلَّدَ ذِكرَهُ / أَثَرٌ لَهُ بَينَ العِبادِ جَليلُ
نَثَرَ السُعودَ عَلى الوُفودِ وَحَولَهُ / يَتَجاوَبُ التَكبيرُ وَالتَهليلُ
دامَت مَآثِرُهُ وَمَن يَكُ صُنعُهُ / كَأَبيكَ إِسماعيلَ كَيفَ يَزولُ
فَاِهنَأ بِمُلكِكَ يا حُسَينُ فَعَهدُهُ / عَهدٌ بِتَحقيقِ الرَجاءِ كَفيلُ
وَاِنهَض بِشَعبِكَ في الشُعوبِ فَإِنَّما / لَكَ بَعدَ رَبِّكَ أَمرُهُ مَوكولُ
وَليَهنَئِ البَدَوِيَّ أَنَّ صَديقَهُ / عَن وُدِّهِ المَعهودِ لَيسَ يَحولُ
قَد جاءَهُ يَسعى إِلَيهِ وَحَولَهُ / أَعلى وَأَكرَمُ مَن سَقاهُ النيلُ
وَرَدَ الكِنانَةَ عَبقَرِيُّ زَمانِهِ
وَرَدَ الكِنانَةَ عَبقَرِيُّ زَمانِهِ / فَتَنَظَّري يا مِصرُ سِحرَ بَيانِهِ
وَأَتى الحُسانُ فَهَنِّئوا مُلكَ النُهى / بِقِيامِ دَولَتِهِ وَعَودِ حُسانِهِ
النيلُ قَد أَلقى إِلَيهِ بِسَمعِهِ / وَالماءُ أَمسَكَ فيهِ عَن جَرَيانِهِ
وَالزَهرُ مُصغٍ وَالخَمائِلُ خُشَّعٌ / وَالطَيرُ مُستَمِعٌ عَلى أَفنانِهِ
وَالقُطرُ في شَوقٍ لِأَندَلُسِيَّةٍ / شَوقِيَّةٍ تَشفيهِ مِن أَشجانِهِ
يُصغي لِأَحمَدَ إِن شَدا مُتَرَنِّماً / إِصغاءَ أُمَّةِ أَحمَدٍ لِأَذانِهِ
فَاِصدَح وَغَنِّ النيلَ وَاِهزُز عِطفَهُ / يَكفيهِ ما عاناهُ مِن أَحزانِهِ
وَاِذكُر لَنا الحَمراءَ كَيفَ رَأَيتَها / وَالقَصرَ ماذا كانَ مِن بُنيانِهِ
ماذا تَحَطَّمَ مِن ذُراهُ وَما الَّذي / أَبقَت صُروفُ الدَهرِ مِن أَركانِهِ
واهاً عَلَيهِ وَأَهلِهِ وَبُناتِهِ / أَيّامَ كانَ النَجمُ مِن سُكّانِهِ
إِذ مُلكُ أَندَلُسٍ عَريضٌ جاهُهُ / وَشَبابُهُ المَبكِيُّ في رَيعانِهِ
الفَتحُ وَالعُمرانُ آيَةُ عَهدِهِ / وَكَتائِبُ الأَقدارِ مِن أَعوانِهِ
لَبِسَت بِهِ الدُنيا لِباسَ حَضارَةٍ / قَد كانَ يَخلَعُهُ عَلى جيرانِهِ
زالَت بَشاشَتُهُ وَزالَ وَأَقفَرَت / مِن أُنسِهِ الدُنيا وَمِن إِنسانِهِ
وَطَوى الثَرى سِرَّ الزَوالِ فَيا تُرى / هَل ضاقَ صَدرُ الأَرضِ عَن كِتمانِهِ
فَتَكَلَّمَت تِلكَ الطُلولُ وَأَفصَحَت / لَمّا وَقَفتَ مُسائِلاً عَن شانِهِ
وَلَعَلَّ نَكبَتَهُ هُناكَ تَفَرُّقٌ / وَتَعَدُّدٌ قَد كانَ في تيجانِهِ
عِبَرٌ رَأَيناها عَلى أَيّامِنا / قَد هَوَّنَت ما نابَهُ في آنِهِ
وَحَوادِثٌ في الكَونِ إِثرَ حَوادِثٍ / جاءَت مُشَمَّرَةً لِهَدِّ كِيانِهِ
سُبحانَ جَبّارِ السَمَواتِ العُلا / وَمُقَلِّبِ الأَكوانِ في أَكوانِهِ
أَهلاً بِشَمسِ المَشرِقَينِ وَمَرحَباً / بِالأَبلَجِ المَرجُوِّ مِن إِخوانِهِ
أَشكو إِلَيكَ مِنَ الزَمانِ وَزُمرَةٍ / جَرَحَت فُؤادَ الشِعرِ في أَعيانِهِ
كَم خارِجٍ عَن أُفقِهِ حَصَبَ الوَرى / بِقَريضِهِ وَالعُجبُ مِلءُ جَنانِهِ
يَختالُ بَينَ الناسِ مُتَّئِدَ الخُطا / ريحُ الغُرورِ تَهُبُّ مِن أَردانِهِ
كَم صَكَّ مَسمَعَنا بِجَندَلِ لَفظِهِ / وَأَطالَ مِحنَتَنا بِطولِ لِسانِهِ
مازالَ يُعلِنُ بَينَنا عَن نَفسِهِ / حَتّى اِستَغاثَ الصُمُّ مِن إِعلانِهِ
نَصَحَ الهُداةُ لَهُم فَزادَ غُرورُهُم / وَاِشتَدَّ ذاكَ السَيلُ في طُغيانِهِ
أَوَ لَم تَرَ الفُرقانَ وَهوَ مُفَصَّلٌ / لَم يَلفِتِ البوذِيَّ عَن أَوثانِهِ
قُل لِلَّذي قَد قامَ يَشأو أَحمَداً / خَلِّ القَريضَ فَلَستَ مِن فُرسانِهِ
الشِعرُ في أَوزانِهِ لَو قِستَهُ / لَظَلَمتَهُ بِالدُرِّ في ميزانِهِ
هَذا اِمرُؤٌ قَد جاءَ قَبلَ أَوانِهِ / اِن لَم يَكُن قَد جاءَ بَعدَ أَوانِهِ
إِن قالَ شِعراً أَو تَسَنَّمَ مِنبَراً / فَتَعَوُّذاً بِاللَهِ مِن شَيطانِهِ
تَخِذَ الخَيالَ لَهُ بُراقاً فَاِعتَلى / فَوقَ السُها يَستَنُّ في طَيَرانِهِ
ما كانَ يَأمَنُ عَثرَةً لَو لَم يَكُن / روحُ الحَقيقَةِ مُمسِكاً بِعِنانِهِ
فَأَتى بِما لَم يَأتِهِ مُتَقَدِّمٌ / أَو تَطمَعُ الأَذهانُ في إِتيانِهِ
هَل لِلخَيالِ وَلِلحَقيقَةِ مَنهَلٌ / لَم يَبغِهِ الرُوّادُ في ديوانِهِ
إِنّا لَنَلهو إِذ نَجِدُّ وَإِنَّهُ / لَيَجِدُّ إِذ يَلهو بِنَظمِ جُمانِهِ
أَقلامُهُ لَو شاءَ شَكَّ قَصيرُها / هامَ الثُرَيّا وَالسُها بِسِنانِهِ
يُملي عَلَيها عَقلُهُ وَجَنانُهُ / ما لَيسَ يُنكِرُهُ هَوى وِجدانِهِ
بَسلٌ عَلى شُعَرائِنا أَن يَنطِقوا / قَبلَ المُثولِ لَدَيهِ وَاِستِئذانِهِ
عافَ القَديمَ وَقَد كَسَتهُ يَدُ البِلى / خَلَقَ الأَديمِ فَهانَ في خُلقانِهِ
وَأَبى الجَديدَ وَقَد تَأَنَّقَ أَهلُهُ / في الرَقشِ حَتّى غَرَّ في أَلوانِهِ
فَجَديدُهُ بَعَثَ القَديمَ مِنَ البِلى / وَأَعادَ سُؤدُدَهُ إِلى إِبّانِهِ
وَرَمى جَديدَهُمُ فَخَرَّ بِناؤُهُ / بِرُواءِ زُخرُفِهِ وَبَرقِ دِهانِهِ
شُعَراءُ نَفحِ الطيبِ أَنشَرَ ذِكرُهُم / في أَرضِ أَندَلُسٍ أَديبُ زَمانِهِ
وَدَّ اِبنُ هانِئَ وَاِبنُ عَمّارٍ بِها / لَو يَظفَرانِ مَعاً بِلَثمِ بَنانِهِ
وَلَوِ اِستَطاعا فَوقَ ذاكَ لَأَقبَلا / رَغمَ البِلى وَالقَبرِ يَستَبِقانِهِ
يا كَرمَةَ المَطَرِيَّةِ اِبتَهِجي بِهِ / وَاِستَقبِلي الظَمآنَ مِن أَخدانِهِ
مُدّي الظِلالَ عَلى الوُفودِ وَجَدِّدي / عَهداً طَواهُ الدَهرُ في بُستانِهِ
كَم مَجلِسٍ لِلَّهوِ فيهِ شَهِدتُهُ / فَسَكِرتُ مِن ديوانِهِ وَدِنانِهِ
غَنّى مُغَنّيهِ فَهاجَ غِناؤُهُ / شَجوَ الحَمامِ عَلى ذُوائِبِ بانِهِ
فَتَرَنَّحَت أَشجارُهُ وَتَمايَلَت / أَعوادُها طَرَباً عَلى عيدانِهِ
فَكَأَنَّ مَجلِسَنا هُناكَ قَصيدَةٌ / مِن نَظمِهِ طَلَعَت عَلى عُبدانِهِ
فَالحَمدُ لِلَّهِ الَّذي قَد رَدَّهُ / مِن بَعدِ غُربَتِهِ إِلى أَوطانِهِ
فَتَنَظَّروا آياتِهِ وَتَسَمَّعوا / قَد قامَ بُلبُلُكُم عَلى أَغصانِهِ
الشَعبُ يَدعو اللَهَ يا زَغلولُ
الشَعبُ يَدعو اللَهَ يا زَغلولُ / أَن يَستَقِلَّ عَلى يَدَيكَ النيلُ
إِنَّ الَّذي اِندَسَّ الأَثيمُ لِقَتلِهِ / قَد كانَ يَحرُسُهُ لَنا جِبريلُ
أَيَموتُ سَعدٌ قَبلَ أَن نَحيا بِهِ / خَطبٌ عَلى أَبناءِ مِصرَ جَليلُ
يا سَعدُ إِنَّكَ أَنتَ أَعظَمُ عُدَّةٍ / ذُخِرَت لَنا نَسطو بِها وَنَصولُ
وَلَأَنتَ أَمضى نَبلَةٍ نَرمي بِها / فَاِنفُذ وَأَقصِد فَالنِبالُ قَليلُ
النَسرُ يَطمَعُ أَن يَصيدَ بِأَرضِنا / سَنُريهِ كَيفَ يَصيدُهُ زَغلولُ
إِنّا رَمَيناهُم بِنَدبٍ حُوَّلٍ / عَن قَصدِ وادي النيلِ لَيسَ يَحولُ
بِأَشَدِّنا بَأساً وَأَقدَمِنا عَلى / خَوضِ الشَدائِدِ وَالخُطوبُ مُثولُ
بِفَتىً جَميعِ القَلبِ غَيرِ مُشَتَّتٍ / إِن مالَتِ الأَهرامُ لَيسَ يَميلُ
فاوِض وَلا تَخفِض جَناحَكَ ذِلَّةً / إِنَّ العَدُوَّ سِلاحَهُ مَفلولُ
فاوِض وَأَنتَ عَلى المَجَرَّةِ جالِسٌ / لِمَقامِكَ الإِعظامُ وَالتَبجيلُ
فاوِض فَخَلفَكَ أُمَّةٌ قَد أَقسَمَت / أَلّا تَنامَ وَفي البِلادِ دَخيلُ
عُزلٌ وَلَكِن في الجِهادِ ضَراغِمٌ / لا الجَيشُ يُفزِعُها وَلا الأُسطولُ
أُسطولُنا الحَقُّ الصُراحُ وَجَيشُنا ال / حُجَجُ الفِصاحُ وَحَربُنا التَدليلُ
ما الحَربُ تُذكيها قَناً وَصَوارِمٌ / كَالحَربِ تُذكيها نُهىً وَعُقولُ
خُضها هُنالِكَ بِاليَقينِ مُدَرَّعاً / وَاللَهُ بِالنَصرِ المُبينِ كَفيلُ
أَزَعيمُهُم شاكي السِلاحِ مُدَجَّجٌ / وَزَعيمُنا في كَفِّهِ مِنديلُ
وَكَذَلِكَ المِنديلُ أَبلَغُ ضَربَةً / مِن صارِمٍ في حَدِّهِ التَضليلُ
لَكَ وَقفَةٌ في الشَرقِ تَعرِفُها العُلا / وَيَحُفُّها التَكبيرُ وَالتَهليلُ
زَلزِل بِها في الغَربِ كُلَّ مُكابِرٍ / لِيَرى وَيَعلَمَ ما حَواهُ الغيلُ
لا تَقرَبِ التاميزَ وَاِحذَر وِردَهُ / مَهما بَدا لَكَ أَنَّهُ مَعسولُ
الكَيدُ مَمزوجٌ بِأَصفى مائِهِ / وَالخَتلُ فيهِ مُذَوَّبٌ مَصقولُ
كَم وارِدٍ يا سَعدُ قَبلَكَ ماءَهُ / قَد عادَ عَنهُ وَفي الفُؤادِ غَليلُ
القَومُ قَد مَلَكوا عِنانَ زَمانِهِم / وَلَهُم رِواياتٌ بِهِ وَفُصولُ
وَلَهُم أَحابيلٌ إِذا أَلقَوا بِها / قَنَصوا النُهى فَأَسيرُهُم مَخبولُ
فَاِحذَر سِياسَتَهُم وَكُن في يَقظَةٍ / سَعدِيَّةٍ إِنَّ السِياسَةَ غولُ
إِن مَثَّلوا فَدَعِ الخَيالَ فَإِنَّما / عِندَ الحَقيقَةِ يَسقُطُ التَمثيلُ
الشِبرُ في عُرفِ السِياسَةِ فَرسَخٌ / وَاليَومُ في فَلَكِ السِياسَةِ جيلُ
وَلِكُلِّ لَفظٍ في المَعاجِمِ عِندَهُم / مَعنىً يُقالُ بِأَنَّهُ مَعقولُ
نَصَلَت سِياسَتُهُم وَحالَ صِباغُها / وَلِكُلِّ كاذِبَةِ الخِضابِ نُصولُ
جَمَعوا عَقاقيرَ الدَهاءِ وَرَكَّبوا / ما رَكَّبوهُ وَعِندَكَ التَحليلُ
يا سَعدُ أَنتَ زَعيمُنا وَوَكيلُنا / وَعَلَيكَ عِندَ مَليكِنا التَعويلُ
فَاِدفَع وَناضِل عَن مَطالِبِ أُمَّةٍ / يا سَعدُ أَنتَ أَمامَها مَسئولُ
النيلُ مَنبَعُهُ لَنا وَمَصَبُّهُ / ما إِن لَهُ عَن أَرضِها تَحويلُ
وَثِقَت بِكَ الثِقَةَ الَّتي لَم يَنفَرِج / لِلرَيبِ فيها وَالشُكوكِ سَبيلُ
جَعَلَت مَكانَكَ في القُلوبِ مَحَبَّةً / أَو بَعدَ ذاكَ عَلى الوَلاءِ دَليلُ
كادَت تُجَنُّ وَقَد جُرِحتَ وَخانَها / صَبرٌ عَلى حَملِ الخُطوبِ جَميلُ
لَم يَبقَ فيها ناطِقٌ إِلّا دَعا / لَكَ رَبَّهُ وَدُعاؤُهُ مَقبولُ
يا سَعدُ كادَ العيدُ يُصبِحُ مَأتَماً / الدَمعُ فيهِ أَسىً عَلَيكَ يَسيلُ
لَولا دِفاعُ اللَهِ لَاِنطَوَتِ المُنى / عِندَ اِنطِوائِكَ وَاِنقَضى التَأميلُ
شَلَّت أَنامِلُ مَن رَمى فَلِكَفِّهِ / حَزُّ المُدى وَلِكَفِّكَ التَقبيلُ
هَذا وِسامُكَ فَوقَ صَدرِكَ ما لَهُ / مِن بَينِ أَوسِمَةِ الفَخارِ مَثيلُ
حَلَّيتَهُ بِدَمٍ زَكِيٍّ طاهِرٍ / في حُبِّ مِصرَ مَصونُهُ مَبذولُ
في كُلِّ عَصرٍ لِلجُناةِ جَريرَةٌ / لَيسَت عَلى مَرِّ الزَمانِ تَزولُ
جاروا عَلى الفاروقِ أَعدَلَ مَن قَضى / فينا وَزَكّى رَأيَهُ التَنزيلُ
وَعَلى عَلِيٍّ وَهوَ أَطهَرُنا فَماً / وَيَداً وَسَيفُ نَبِيِّنا المَسلولُ
قِف يا خَطيبَ الشَرقِ جَدِّد عَهدَنا / قَبلَ الرَحيلِ لِيُقطَعَ التَأويلُ
فاوِض فَإِن أَوجَستَ شَرّاً فَاِعتَزِم / وَاِقطَع فَحَبلُكَ بِالهُدى مَوصولُ
وَاِرجِع إِلَينا بِالكَرامَةِ كاسِياً / وَعَلَيكَ مِن زَهَراتِها إِكليلُ
إِنّا سَنَعمَلُ لِلخَلاصِ وَلا نَني / وَاللَهُ يَقضي بَينَنا وَيُديلُ
كَم دَولَةٍ شَهِدَ الصَباحُ جَلالَها / وَأَتى عَلَيها اللَيلُ وَهيَ فُلولُ
وَقُصورِ قَومٍ زاهِراتٍ في الدُجى / طَلَعَت عَلَيها الشَمسُ وَهيَ طُلولُ
يا أَيُّها النَشءُ الكِرامُ تَحِيَّةً / كَالرَوضِ قَد خَطَرَت عَلَيهِ قَبولُ
يا زَهرَ مِصرَ وَزَينَها وَحُماتَها / مَدحي لَكُم بَعدَ الرَئيسِ فُضولُ
جُدتُم لَها بِالنَفسِ في وَردِ الصِبا / وَالوَردُ لَم يُنظَر إِلَيهِ ذُبولُ
كَم مِن سَجينٍ دونَها وَمُجاهِدٍ / دَمُهُ عَلى عَرَصاتِها مَطلولُ
سيروا عَلى سَنَنِ الرَئيسِ وَحَقِّقوا / أَمَلَ البِلادَ فَكُلُّكُم مَأمولُ
أَنتُم رِجالُ غَدٍ وَقَد أَوفى غَدٌ / فَاِستَقبِلوهُ وَحَجِّلوهُ وَطولوا
يا كاسِيَ الأَخلاقِ في
يا كاسِيَ الأَخلاقِ في / بَلَدٍ عَنِ الأَخلاقِ عاري
لَم يَبقَ فينا مَن يُجا / دِلُ في مَقامِكَ أَو يُماري
بِالأَمسِ قَد عَلَّمتَنا / أَدَبَ الكِتابَةِ وَالحِوارِ
وَاليَومَ قَد أَلطَفتَنا / بِالطَيِّباتِ مِنَ الثِمارِ
بِكِتابِ رَسطاليسَ تا / جِ نَوادِرِ الفَلَكِ المُدارِ
جاهَدتَ في تَفضيلِهِ / وَوَصَلتَ لَيلَكَ بِالنَهارِ
تَزِنُ الكَلامَ كَأَنَّهُ / ماسٌ بِميزانِ التِجارِ
وَتَصونُ مَعنى رَبِّهِ / صَونَ اللَآلِئِ في المَحارِ
وَتَضَنُّ دُهقانَ الكَلا / مِ كَضَنِّ دُهقانِ النُضارِ
حَتّى حَسِبتُكَ في الأَنا / ةِ وَالاِختِبارِ وَالاِختِيارِ
صَنَعاً يُصَوِّرُ في الفُصو / صِ لَدى الفَراعِنَةِ الكِبارِ
إِنّي قَرَأتُ كِتابَهُ / بَينَ الخُشوعِ وَالاِعتِبارِ
فَإِذا المُتَرجِمُ ماثِلٌ / جَنبَ المُؤَلِّفِ في إِطارِ
وَعَلَيهِما نورٌ يَفي / ضُ مِنَ المَهابَةِ وَالوَقارِ
قالوا لَقَد هَجَرَ السِيا / سَةَ وَاِنزَوى في عُقرِ دارِ
تَرَكَ المَجالَ لِغَيرِهِ / وَرَأى النَجاةَ مَعَ الفِرارِ
لا تَظلِموا رَبَّ النُهى / وَحَذارِ مِن خَطَلٍ حَذارِ
هَجَرَ السِياسَةَ لِلسِيا / سَةَ لا لِنَومٍ أَو قَرارِ
لَو أَنَّهُم عَلِموا الَّذي / يَبني لَهُم خَلفَ السِتارِ
لَسَعَوا إِلى حامي الفَضي / لَةِ وَالحَقيقَةِ وَالذِمارِ
وافاهُمُ بِدَعائِمَ ال / أَخلاقِ وَالحِكَمِ السَواري
أُسِّ السِياسَةِ وَالنَجا / حِ وَحِصنِ سَيِّدَةِ البِحارِ
كَلِفَت بِها وَتَمَسَّكَت / قَبلَ الفَيالِقِ وَالجَواري
يا عاشِقَ الخُلُقِ الصَري / حِ وَشانِئَ الخُلُقُ المُواري
إِنّي اِختَبَرتُكَ في الكُهو / لَةِ وَالصِبا حَقَّ اِختِبارِ
لَم يَجرِ في ناديكَ هُج / رُ القَولِ أَو خَلعُ العِذارِ
حُلوُ التَواضُعِ وَالتَوا / ضُعُ آيَةُ القَومِ الخِيارِ
مُرُّ التَكَبُّرِ حينَ يَد / عوكَ التَواضُعُ لِلصَغارِ
سِر في طَريقِكَ وادِعاً / فَلَأَنتَ مَأمونُ العِثارِ
وَاِجعَل عَلى لُقَمِ الطَري / قِ صُوىً تَلوحُ لِكُلِّ ساري
إِنّا إِلى كُتبِ السِيا / سَةِ يا حَكيمُ عَلى أُوارِ
عَجِّل بِها قَبلَ الفَسا / دِ وَقَبلَ عادِيَةِ البَوارِ
إِنّا نُناضِلُ أُمَّةً / أَقطابُها أُسدٌ ضَواري
عَرَكوا الزَمانَ وَأَهلَهُ / وَتَحَصَّنوا مِن كُلِّ طاري
أَمسَت سِياسَتُهُم كَطِل / لَسمٍ يُحَيِّرُ كُلَّ قاري
إِن يَنكِروا بَعضَ الغُمو / ضِ عَلى أَديبٍ ذي اِقتِدارِ
فَلِأَنَّهُم لَم يَذكُروا / أَنَّ المُتَرجِمَ في إِسارِ
لَم يَعيَ أَحمَدُ أَن يَجي / ءَ بِآيِ قَيسٍ أَو نِزارِ
وَهوَ المُجَلّي في أَسا / ليبِ الفَصاحَةِ وَالمُباري
لُغَةُ العُلومِ حَقائِقٌ / هِيَ عَن زَخارِفِنا عَواري
تَأبى الغُلُوَّ وَتَحسَبُ ال / إِغراقَ كَالثَوبِ المُعارِ
وَالنَقلُ إِن عَدِمَ الأَما / نَةَ كانَ عُنوانَ الخَسارِ
يا كاسِيَ الخُلُقِ الرَضِيِّ وَصاحِبَ ال
يا كاسِيَ الخُلُقِ الرَضِيِّ وَصاحِبَ ال / أَدَبِ السَرِيِّ وَيا فَتى الفِتيانِ
إِن رَشَّحوكَ فَأَنتَ مِن بَيتٍ رَمى / بِسِهامِهِ عَن حَوزَةِ الأَوطانِ
زَكّاكَ إِقدامٌ وَرَأيٌ شاهِدٌ / وَنَقِيُّ إيمانٍ وَحُسنُ بَيانِ
لَو كُنتَ بَينَ الناخِبينَ لَأَدرَكوا / ما فيكَ يا حِفنِيُّ مِن رِضوانِ
ما بالُ دَندَرَةٍ تَميسُ تَهادِياً
ما بالُ دَندَرَةٍ تَميسُ تَهادِياً / مَيسَ العَروسِ مَشَت عَلى إِستَبرَقِ
وَالنيلُ يَجري تَحتَها مُتَهَلِّلاً / وَالمَوجُ بَينَ مُهَلِّلٍ وَمُصَفِّقِ
أَلَعَلَّها وَالتيهُ يَثني عِطفَها / حَمَلَت رِكابَ زَعيمِ قَلبِ المَشرِقِ
إِنّي أَرى نوراً يَفيضُ وَطَلعَةً / قَد زانَها وَضَحُ الجَبينِ المُشرِقِ
هَذا زَعيمُ النيلِ حَلَّ عَرينَهُ / بَعدَ الغِيابِ فَيا وُفودُ تَدَفَّقي
وَتَيَمَّني بِقُدومِهِ وَتَرَفَّقي / عِندَ الزِحامِ فَسَلِّمي وَتَفَرَّقي
وَتَنَظَّري إِنَّ الخَلاصَ مُحَتَّمٌ / فَاللَهُ أَسلَمَ أَمرَنا لِمُوَفَّقِ
كَم أَزمَةٍ مَرَّت بِنا فَاِجتاحَها / سَعدٌ بِسَيلِ بَيانِهِ المُتَدَفِّقِ
يا أَيُّها السَبّاقُ في طَلَبِ العُلا / ها قَد أَتَيتَ مُجَلِّياً لَم تُسبَقِ
سَبَقَ البَشيرَ رِكابُ سَعدٍ جارِياً / وَرِكابُ سَعدٍ وانِياً لَم يُلحَقِ
شَرَفُ الرِئاسَةِ يا مُحَم
شَرَفُ الرِئاسَةِ يا مُحَم / مَدُ زانَهُ شَرَفُ النُهى
بُردانِ مِن نَسجِ الجَلا / لِ إِلَيهِما الفَخرُ اِنتَهى
جَعَلا مَقَرَّكَ يا مُحَم / مَدُ فَوقَ أَكنافِ السُهى
زانَتكَ أَلقابُ الرِجا / لِ العامِلينَ وَزِنتَها
أُمنِيَّةٌ قَد نالَها / أَمَلُ الخُلودِ وَنِلتَها
فَاِسلُك سَبيلَكَ في الجِها / دِ مُوَفَّقاً وَمُنَزَّها
وَاحفَظ لِمِصرَ حُقوقَ مِص / رَ فَأَنتَ في الجُلّى لَها
قَد راعَ دارَ العَدلِ طُغ
قَد راعَ دارَ العَدلِ طُغ / يانٌ وَراعَ الجامِعَه
فَحَمَيتُما حَرَمَيهِما / رَغمَ الخُطوبِ الفاجِعَه
وَقَهَرتُما الباغي عَلى / رَدِّ الحُقوقِ الناصِعَه
لِلَّهِ دَرُّ المُستَشا / رِ وَدَرُّ ذاكَ الباقِعَه
فَهُما اللَّذانِ تَكَفَّلا / عَنّا بِصَدِّ القارِعَه
نَظَرَ الحِيادُ بِعَينِهِ / في الناسِ هَولَ الواقِعَه
أَمُنى المُحايِدِ أَن يَرى / مِصرَ العَزيزَةَ ضارِعَه
كَذَبَ الحِيادُ فَلَن تَكو / نَ جُهودُ مِصرٍ ضائِعَه
فَالحَقُّ لا تُلوي بِهِ / تِلكَ السُيوفُ اللامِعَه
أَصبَحتُ أَسأَلُ خاطِري / وَالنَفسُ مِنّي جازِعَه
أَنَعيشُ تَحتَ اللَيلِ أَم / تَحتَ الشُموسِ الساطِعَه
أَرَأَيتَ رَبَّ التاجِ في
أَرَأَيتَ رَبَّ التاجِ في / عيدِ الجُلوسِ وَقَد تَبَدّى
وَشَهِدتَ جِبريلا يَمُد / دُ عَلَيهِ ظِلَّ اللَهِ مَدّا
وَنَظَرتَ تَطوافَ القُلو / بِ بِساحَةِ العَرشِ المُفَدّى
وَسَمِعتَ تَسبيحَ الوُفو / دِ بِحَمدِهِ وَفداً فَوَفدا
هَذا اِبنُ إِسماعيلَ رَب / بِ النيلِ مَن أَغنى وَأَسدى
النيلُ يَجري تَحتَهُ / فَيَخُدُّ وَجهَ الأَرضِ خَدّا
يَهَبُ النُضارَ كَأَنَّهُ / مِن فَيضِ جَدواهُ اِستَمَدّا
وَكَأَنَّما هُوَ عالِمٌ / بِالكيمِياءِ أَصابَ خَدّا
يَدَعُ الثَرى تِبراً فَهَل / شَهِدَ الوَرى لِلنيلِ نِدّا
الناسُ يَومَ جُلوسِهِ / يَستَقبِلونَ العَيشَ رَغدا
أَنّى سَلَكتَ سَمِعتَ أَد / عِيَةً لَهُ وَسَمِعتَ حَمدا
عِش يا أَبا الفاروقِ وَاِل / بَس مِن نَسيجِ الحَمدِ بُردا
ها صَولَجانَ المُلكِ مِن / شَجَرِ الجِنانِ إِلَيكَ يُهدى
حُدَّت عُلا صيدِ المُلو / كِ وَلا أَرى لِعُلاكَ حَدّا
فَاِبنِ الرِجالَ بِنايَةً / يَشقى العَدُوُّ بِها وَيَردى
وَاِضرِب بِسَوطِ البَأسِ أَع / طافَ الزَمانِ إِذا اِستَبَدّا
أَيُّ المُلوكِ أَجَلُّ مِن / كَ مَكانَةً وَأَعَزُّ جُندا
مَن مِنهُمُ كَفّاهُ يَو / مَ البَذلِ مِن كَفَّيكَ أَندى
مِن مِنهُمُ نامَت رَعِي / يَتُهُ وَقامَ اللَيلَ سُهدا
مَن مِنهُمُ ساماكَ أَو / سامى جَلالَكَ أَو تَحَدّى
مَن مِنهُمُ أَوفى حِجاً / وَحَصافَةً وَأَبَرُّ وَعدا
في الشَرقِ فَاُنظُر هَل تَرى / حَسَباً كَإِسماعيلَ عُدّا
هَذي الجَزيرَةُ وَالعِرا / قُ وَفارِسٌ يُهدَدنَ هَدّا
وَإِلَيكَ مَكَّةَ هَل تَرى / أَحَداً بِها وَإِلَيكَ نَجدا
وَإِلَيكَ تونُسَ وَالجَزا / ئِرَ قَد لَبِسنَ العَيشَ نَكدا
لَم يَرتَفِع في الشَرقِ تا / جٌ فَوقَ تاجِ النيلِ مَجدا
جَدَّدتَ عَهدَ الراشِدي / نَ تُقىً وَإِحساناً وَزُهدا
وَنَرى عَلَيكَ مَخايِلَ ال / خُلَفاءِ إِنصافاً وَرُشدا
جَلَّت صِفاتُكَ كَم مَحَو / تَ أَسىً وَكَم أَورَيتَ زَندا
أَعطَيتَ لا مُتَرَبِّحاً / أَو مُخفِياً في الجودِ قَصدا
رَوَّيتَ أَفئِدَةَ الرَعِي / يَةِ مِن هَواكَ فَكَيفَ تَصدى
وَمَلَكتَهُنَّ كَما مَلَك / تَ زِمامَ مِصرَ أَباً وَجَدّا
فَإِذا نَهَيتَ فَطاعَةٌ / وَإِذا أَمَرتَ فَلا مَرَدّا
أَعطَوكَ طاعَةَ مُخلِصٍ / وَمَنَحتَهُم عَطفاً وَوُدّا
أَوضَحتَ لِلمِصرِيِّ نَه / جَ صَلاحِهِ فَسَعى وَجَدّا
أَعدَدتَهُ وَكَفَلتَهُ / وَرَعَيتَهُ حَتّى اِستَعَدّا
وَدَعَوتَهُ أَن يَستَرِد / دَ فَخارَ مِصرٍ فَاِستَرَدّا
وَرَدَ الحَياةَ عَزيزَةً / فَنَجا وَكانَ المَوتُ وِردا
وَحَمى الكِنانَةَ بَعدَ ما / حَفَرَت لَها الأَطماعُ لَحدا
فَتَّحتَ أَعيُنَنا فَأَب / صَرنَ الضِياءَ وَكُنَّ رُمدا
وَأَقَمتَ جامِعَةً بِمِص / رَ تَشُدُّ أَزرَ العِلمِ شَدّا
كَم سَيِّدٍ بِالعِلمِ كا / نَ بِرَغمِهِ لِلجَهلِ عَبدا
وَرَفَعتَ في ثَغرِ الثُغو / رِ لِمُنشَآتِ البَحرِ بَندا
أَسَّستَ مَدرَسَةً تُعي / دُ لَنا بِمُلكِ البَحرِ عَهدا
فَمَتى أَرى أُسطولَ مِص / رَ يُثيرُ فَوقَ البَحرِ رَعدا
وَمَتى أَرى جَيشَ البِلا / دِ يَسُدُّ عَينَ الشَمسِ سَدّا
وَنَظَرتَ في الطَيَرانِ نَظ / رَةَ مُصلِحٍ لَم يَألُ جُهدا
أَعدَدتَ عُدَّتَهُ وَلَم / تَرَ مِنهُ لِلأَوطانِ بُدّا
أَعظِم بِأُسطولِ الهَوا / ءِ إِذِ اِنبَرى فَسَطا وَشَدّا
مَن راءَهُ يَومَ النِزا / لِ رَأى النُسورَ تَصيدُ أُسدا
وَتَراهُ عِندَ السِلمِ سِر / باً مِن طَواويسٍ تَبَدّى
وَطَوائِفَ العُمّالِ كَم / أَولَيتَها رِفداً فَرِفدا
مَن ذا يُطيقُ لِبَعضِ ما / أَصلَحتَ أَو أَسدَيتَ عَدّا
دُم يا فُؤادُ مُؤَيَّداً / بِالمالِ وَالأَرواحِ تُفدى
وَأَعِد لَنا عَهدَ المُعِز / زِ الفاطِمِيِّ فَأَنتَ أَهدى
أَهلَ الصَحافَةِ لا تَضِلّوا بَعدَهُ
أَهلَ الصَحافَةِ لا تَضِلّوا بَعدَهُ / فَسَماؤُكُم قَد زانَها المِصباحُ
الحَقُّ فيهِ زَيتُهُ وَفَتيلُهُ / صِدقُ الحَديثِ وَنورُهُ الإِصلاحُ
أَحيَيتَ مَيتَ رَجائِنا بِصَحيفَةٍ
أَحيَيتَ مَيتَ رَجائِنا بِصَحيفَةٍ / أَثنى عَلَيها الشَرقُ وَالإِسلامُ
أَضحَت مُصَلّىً لِلبَلاغَةِ عِندَما / سَجَدَت بِرَحبِ فَنائِها الأَقلامُ
فَعَلى مُؤَيَّدِكَ الجَديدِ تَحِيَّةٌ / وَعَلى مُؤَيَّدِكَ القَديمِ سَلامُ
قَلَمٌ إِذا رَكِبَ الأَنامِلَ أَو جَرى
قَلَمٌ إِذا رَكِبَ الأَنامِلَ أَو جَرى / سَجَدَت لَهُ الأَقلامُ وَهيَ جَواري
يَختالُ ما بَينَ السُطورِ كَضَيغَمٍ / يَختالُ بَينَ عَوامِلٍ وَشِفارِ
تَأوي الظِباءُ إِلَيهِ وَهيَ أَوانِسٌ / وَتَحيدُ عَنهُ الأُسدُ وَهيَ ضَواري
ما حالُ خُلقُ الماءِ بَينَ سُطورِهِ / إِلّا إِلى خُلُقِ الزِنادِ الواري
فَإِذا رَضيتَ فَأَحرُفٌ مِن رَحمَةٍ / وَإِذا غَضِبتَ فَأَحرُفٌ مِن نارِ
يا اِبنَ الَّذي غَنّى اليَراعُ بِكَفِّهِ / فَصَبَت إِلَيهِ مَسامِعُ الأَقدارِ
لَكَ في دَمي حَقٌّ أَرَدتُ وَفاءَهُ / يَومَ الوَفاءِ فَقَصَّرَت أَشعاري
لَم يُنسِني مَرُّ الزَمانِ وَلَم يَزَل / حِفظُ الوِدادِ سَجِيَّتي وَشِعاري
هَذا كِتابُكَ قَد حَكَت آياتُهُ / آياتِ موسى التِسعِ في الإِكبارِ
نَسَجَ الحَريرَ أَبوكَ نَسجَ نِجارِهِ / وَنَسَجتَ أَنتَ حَرائِرَ الأَفكارِ
فَإِذا نَثَرتَ عَلى الصَحيفَةِ خِلتُها / غَرساً أَلَحَّ عَلَيهِ صَوبُ قِطارِ
يا صاحبَ المِصباحِ ما ذَنبُ النُهى / حَتّى حَجَبتَ مَطالِعَ الأَنوارِ
قَد كُنتَ تَهديها السَبيلَ بِضَوئِهِ / فَتَرَكتَها في ظُلمَةٍ وَعِثارِ
باتَت تُرَجّي مِنكَ عَودَةَ غائِبٍ / نورُ البَصائِرِ فيهِ وَالأَبصارِ
وَشَمائِلُ الفِكرِ الَّتي أَرسَلتَها / حِكَماً فَأَغنَتها عَنِ الأَسفارِ
فَاِشرَع يَراعَكَ يا مُحَمَّدُ إِنَّهُ / نارُ اللِئامِ وَجَنَّةُ الأَحرارِ
وَاِبعَث لَنا عيسى فَهَذا وَقتُهُ / فَالناسُ بَينَ مُخادِعٍ وَمُواري
وَمُطاوِلٍ في الكاتِبينَ وَمُدَّعٍ / في العالِمينَ وَمولَعٍ بِفَخارِ
أَمِنوا يَراعَكَ حينَ طالَ سُكونُهُ / فَتَطَلَّعوا لِمَراتِبِ الأَقمارِ
إِنّي لَأَنظِمُ ما نَثَرتَ وَإِن يَكُن / نَثرُ النَظيمِ مَطِيَّةَ النَثّارِ