المجموع : 32
للبدر أم لك في الدجى البلج
للبدر أم لك في الدجى البلج / والمسك يأرج أم لك الأرجُ
وَعِقاصُكَ السودُ الَّتي اِنتَشَرَت / أَم غَيهَبٌ لَم تَجلُهُ السُرُجُ
وَالأُقحُوانُ الطَلُّ فَلَجَّهُ / أَم لِلثَنايا الغَرُّ ذا الفَلَجُ
ما شَقَّ ثَغرُكَ لِلظَلامِ رَدّاً / إِلّا اِغتَدى بِالشِعرِ يَنتَسِجُ
يا اِسمُ لا أَسمو لِغَيرِ هَوىً / إِلّا وَمِنكَ الهَمُّ مُعتَلِجُ
قَمَري قَوامَكَ أَن يَرنَحُهُ / مَرُّ الصِبا وَيُقيمُهُ الغَنجُ
مَن لي بَخَودٍ في تَلفَتِها / حَذَرُ الغَزالِ غَداةِ يَنزَعِجُ
هَيفاءَ إِن نَهَجَت وَإِن قَعَدَت / كادَت مِن الإِدلالِ تَندَمِجُ
خُمصانَةِ عَبلٍ مُخَلخَلِها / يَنزو الوِشاحُ وَحَجلُها حَرَجُ
يَرتَجُّ دِعصٌ في ومَآزِرِها / فُيوؤِدُ قامَتَها فَتَنعَوِجُ
سَفَكتُ مِياهَ الحُسنِ وَجنتُها / فَغَدَت عَلَيها تَسفِكُ المُهجُ
رَقَّت مَحاسِنُها فَلَو بَلَغَت / روحاً لَراحَت فيهِ تَمتَزِجُ
وَإِذا أَجالَ بَها اِمرُءُ نَظَراً / كادَت بَمَرأى اللَحظُ تَختَلِجُ
ما في مَلابِسَها في كَفٍّ لامَسَها / جِسمٌ وَلَكِن مِلؤُها غَنجُ
تَرمي اللَحاظُ بِقوسٍ مِن حَواجِبِها / نَبلاً أَراشَ لِحاظَها الدَعجُ
لَكِنَّها ما صُرِّجَت بَدَمٍ / مَرمى وَفي وَجناتِها الضَرَجُ
وَبِكَفِّها صهباء صافية / كالثغر زان حبابها الفلج
فشربت دون الراح ريقتها / والريق أبرد والهوى وهج
ولثمت خمرا من مراشفها / فغدت بصرف اللب تمتزج
قالت تحرج قلت لا حرج / ما في الغرام على امرء حرج
دع ذكرها واذكر علا حسنٍ / أضحت به الأيام تبتهج
فلئن خلا هزج النسيب به / فبمدحه يحلو لي الهزج
لو كان أحلى من مدائحه / في الدهر لم يك لي بها لهج
عدم النظير فلا نظير له / عقمت لتولد مثله الحجج
وترى قران السعد زوجه / وكذا قران السعد مزدوج
يا سابق العلياء جزت مدى / لسواك سدت دونه الفرج
قد عدك السبق الجليل له / فجزيت وقصرت السذج
وأبان فيك العلم غامضه / فأضأت أنت وأظلم الهمج
فاشأ بفضلك سمكوا قبابهم / فوق الكواكب عندما درجوا
سن الكمال أبوهم لهم / وهم على منواله نسجوا
تركوا طريق المجد واضحة / بيضاء لا أمت ولا عوج
فلتفخر الدنيا بفضلهم / فهم مناهج فضلها نهجوا
لا يقطع الإقلال نائلهم / إلا إذا قطع الشبا الودج
منهم على من علا شرفا / واجتاز بالجواز له درج
يا ايها المولى الذي سطعت / فوق السماء لفضله الحجج
أدمت خيولك في حوافرها / خدي سهيل فهو منضرج
ولطمن هام الأفق أرجلها / فالشهب في جبهاتها شجج
ما طاف مكروب بكربته / إلا وأنت لكربه الفرج
أعيت أياديك الورى عددا / كالشهب إلا أنها لحج
وإذا ترنمت الحداة بها / صدع الظلام كأنها سرج
فكفى بها للمدلجين هدى / حيث الحداة أضلها الدلج
ما أرتجوا باباً لمنزله / للوفد والأضياف كي يلجوا
فلو أن من عمرو العلاء له / تخذ البنا لم يعرف الرتج
فاسلم وبيتك للورى حرمٌ / حجوا له ما دامت الحجج
وإليكموها في مقالدها / درر ولكن ما بها سبج
بمودة وشجت أرومتها / بالقلب أو لقرابة تشج
منح الصبابة أضلعاً وفؤادا
منح الصبابة أضلعاً وفؤادا / وعصته سلوة مقصر فتمادى
وطغى عليه الحب وهو أميره / فأطاع جامح قلبه وانقادا
ولهان يفرح إن دنا أهل الحمى / منه ويحزن أن نأوه بعادا
بعثوا الخيال وما رقدت فيلتهم / بعثوا إلي مع الخيال رقادا
أحيي الدجى أرقاً كأن نواظري / خلقت محاجرها قذى وسهادا
قلق الوساد كأن من أهواه قد / أهدى وشاحيه إلي وسادا
قدف العيون الورد من وجناته / غرس المضاجع للمحب قتادا
يا غارساً بالجزع روضة حسنه / ومخيف رائدها ظبى وصعادا
كنيت عنك بمن سواك موريا / بهوى سعاد وما هويت سعادا
أعرضت عني وادعيت مودتي / أرأيت إعراضاً يكون ودادا
إن لم تساعف بالوصال فربما / عودت قلبي للجفا فاعتادا
ولقد أزورك بالمنى وخداعها / وأجوب في فكري إليك وهادا
أترك فؤادي جمرة لا تطفه / فالنار إن خمدت تعود رمادا
إني تعبدني الهوى لمغنجٍ / دان الجمال لعزه وانقادا
كبر الوقور إذ مشى يعتاده / حتى إذا غلب الدلال تهادى
فكأن في برديه ملكاً ظافراً / جذلان أبدى زهوه وأعادا
قاسٍ رقيق نال من زهر الربى / خدا ومن زبر الحديد فؤادا
فإذا هزرت هزت منه أراكة / وإذا سألت سألت منه جمادا
لا يستجيب ولا ينيب ولا يثيب / ولا يقيل ولا ينيل مرادا
ينأى فلا يعد الدنو فإن دنا / يوماً نوى لك فرقة بعادا
وتريبه عيني تخالس لحظه / وضنىً طلى جسدي عليه جسادا
إني لأستر خفتي بخلاعة / وأريد فيما أتنحيه مرادا
والضد قد يبدو بمظهر ضده / أو ما ترى نور العيون سودا
بذمام ذياك الغزال حشاشة / أسرت ولم يقبل فدى فتادى
أخذ الحشاشة ثم ضن بردها / وأبى البخيل بأن يكون جوادا
للَه يوم وداعه من عصبة / وقفت وقد سرت الجمال وخادا
وقفت بهم أقدامهم أن يقتفوا / أثر النياق فأركضوا الأكبادا
فوق الركائب أنجم لا تجتلي / وريضا حسن تمنع الروادا
عرب معاطف غيدهم ورماحهم / سيان كل ينثني ميادا
سلو لواحظهم فكن صوارماً / وغدت ذوائبهم لهن نجادا
فتخال كلاً في المحاسن يوسفا / وتخال من مصر له بغدادا
يا ربع لذاتي ومربع جيرتي / روى معاهدك الغمام وجادا
لا أبتغي للوصل فيك نهاية / أبداً ولا للعيش فيك نفادا
لا والَّذي سمك السموات العلى / وأقامهن وما أقام عمادا
ودحا البسيط صحارياً وصحاصحا / وسباسباً وفدافداً ووهادا
لا أرتضي غير الأكارم معشراً / يوماً ولا غير العراق بلادا
كلا ولا أنشي لغير المصطفى / وأخيه قافية تروق نشادا
الباذلين لكل ثاوٍ بلغة / والمتبعين لكل ركب زادا
والسابقين بكل حلبة مفخر / والحائزين من العلى الآمادا
سلكاً من العلياء نهج أبيهما / إن الشبول لتقتفي الآسادا
علمي هدىً قمري دجى مطري جدى / إن أرشدا أو أشرقا أو جادا
وتجاريا فتباريا وتساويا / في كل ما قد أبديا وأعادا
الكل يأبى ما أباه شقيقه / خلق الكرام ووما أراد أرادا
كالناظرين على الزمان تراهما / يتشاركان معاً كرى وسهادا
لم تغتمض عين إذا ما أختها / أرقت ولا هي تستطيع رقادا
فهما يد العلياء ساعة بطشها / أو ناظراها المبصران رشادا
من معشر ضربوا رواق بيوتهم / فوق السماك وغادروه مهادا
وإذا الفخار غدا هنالك حلبة / ركبوا مساعيهم فكن جيادا
ومن العزائم ينتضون صوارما / ومن الحفائظ يشرعون صعادا
مادت لبشرهم البسيطة بهجة / فرست حلومهم بها أطوادا
أأبا الغني وتلك أسمى كنية / تدعى بها بين الورى وتنادي
شكرت مساعيك البلاد وأهلها / وإليك قد القى الزمان قيادا
طأ فوق هام الفرقدين بأخمص / واسحب لى فرقيهما الأبرادا
إن أعرقت عيس إليك أرحتها / وكفيتها الأتهام والإنجادا
وإلى أبي الهادي انتهت جمل الثنا / وأحاط فيها طرفاً وتلادا
المخصم البلغاء والمعييهم / حججاً تسل على الخصوم حدادا
يتهلل النادي ببهجة بشره / كالروض راوحه الغمام وغادى
يبدو بمنبلج الجبين تخاله / شمس الضحى والكوكب الوقادا
تسمو لطلعته العيون تشوقا / لترود أحسن منظر مرتادا
يتباشرون إذا رأوه كأنه / برق وراء المحل زف عهادا
شرف القائل في مواقف فخرها / إذ طوقت بهباته الأجيادا
أخوي إن ضاقت بوصف علاكما / سعة القريض وما بلغت مرادا
فلي القوافي الشاردات كأنها / سمط الجمان يقلد الأجيادا
من كل معربة المتون تناسقت / مثنى فرائد درها وفرادى
لولاكما ما كنت أنظم عقدها / يوماً ولا أعطيتها الإنشادا
أخوي فلتشرق شموس علاكما / بسنا المكارم تصحب الآبادا
خطرت فجد وشاحها بخفوق
خطرت فجد وشاحها بخفوق / فكأنها اتشحت بقلب مشوق
وعلى الدلال تماسكت فتلاعبت / كف النسيم بقدها الممشوق
سمة الوقور إذا مشت تعتادها / لولا الصبا وتدلل المعشوق
شربت بوجنتها دمي واستخدمت / لخضاب أنملها دم الراووق
ترتج من أردافها في جدول / متعلق من خصرها بدقيق
وتعلم الناقوس نغمة جرسها / فأهل للقسيس والبطريق
يا أسم جادكم الغمام إذا سرى / متجللاً برواعد وبروق
جونٌ إذا احتلج المهب ضروعه / هدرت رواعده هدير فنيق
إني وثقت بحبكم فتكاثرت / علل تقلله فقل وثوقي
كان الشباب الغض موسم لذتي / وراج سوق عكاظه في سوقي
فطوى المشيب سجله طي الدجى / حشدت عليه الشمس جيش شروق
ويلي على عصر الشباب وغادة / بخلت علي بزورة وطروق
بيضاء ألبسها النعيم بهاءه / تصبي الحليم لحسنها الموموق
قمن الولائد إذ تهب من الكرى / من حول واضحة كنار فريق
قربن قضبان الأراك فخللت / برداً تقيده لثات عقيق
وغدا يموج بها رضاب مفلج / خصر كصوب المزنة المدفوق
وظفرن جثلان من أثيث عثا كل / نضدن فوق المتن نضد عذوق
وتنفست أرج اللطيمة عن شذا / مسك بمجمر خدها مسحوق
الحسن حوزتها وأما غيرها / بالمستعار حظى وبالمسروق
والحب من دون البرية كلها / ديني الذي وشجت عليه عروقي
والفضل للمولى أبي الفضل الذي / أرسى مضاربه على العيوق
المنطق الخرس اليراعة بالذي / أوحى لها والمخرس المنطيق
الممتطي للمجد أرفع غارب / والمقتدي من عهده بوثيق
ريح الصبا انطبعت برقة طبعه / وتضمخت من خلقه بخلوق
فشذاه أطيب من شذاه لناشق / أحبب بذياك الشذى المنشوق
لي من مكارمه أبر أبوه / برت ولو قابلتها بعقوق
أمسددي للقصد إما رافعاً / علماً وأما مرشدي لطريق
لي عندكم أبداً حشاشة عالق / وحنينها أبداً حنين علوق
من ذاق من سلسال ريقك جرعة / لم يلو عنك لآسن مطروق
جاد السحاب ولو كجودك لم يكن / لحيا يؤججه الأسى ببروق
وجه كمنبلج الصباح وراحة / تزري بصوب المزنة المدفوق
أصبحت سابق أول في غاية / عفواً ومعي آخرٍ بلحوق
حاولت كنه علاك أعمل فكرة / فرمقت شأواً ليس بالمرموق
وجدت أدناه نهاية خاطري / فقعدت عجزاً عن قضاء حقوقي
فإليكها مثل الخميلة أزهرت / أو لا فمثل اللؤلؤ المسنوق
غراء معربة المتون حدا بها / لحماك حاديها حداء النوق
هي فوق مجهودي ودون علا الذي / قصدت وخير القول قول صدوق
طلعت ألوكته عليك بأسعد
طلعت ألوكته عليك بأسعد / وأتتك تحسبها سبيبكه عسجد
وكأن أحرفها على وجناتها / آسٍ العذار يشق خدي أمرد
ولقد أتت والكتب بيض قبلها / ورديةً تجلو خدود مورد
وتبسمت تفتر عن كلماتها / كالخود تبسم عن خمار أسود
كاللؤلؤ المنثور وشي حروفها / لو لم تكن صبغت بماء زبرجد
بالشمأل الشمل استقل نسيمها / وأريجها قد ضاع بالند الندي
حتى كأنك قد كتبت سطورها / دون اليراع بمندل متوقد
فلثمتها في ناظري لا في فمي / وحملتها في صبوتي لا في يدي
وطفقت مطرفي تمايلاً / فكأنني خامرت نشوة صرخد
فكأن معناها سلافة قرقف / وكأنما يسقي السلافة منشدي
أمشرفاً قدري برائق لفظه / ومطوق جيدي به ومقلدي
قل كيف تختلس المداد مقدراً / كفٌ قد انبجست ببحر مزبد
وتشكل الكلمات في رشحاتها / وهي السحابة تستهل لمجتدي
يا ساكني الزوراء حسبكم النوى / فلقد وهى جلدي لكم وتجلدي
أمرضتموني بالبعاد وإنما / أقصى شفائي أن أراكم عودي
ألقيت إقليدي إليكم طائعاً / ولكم تقاعس عن سواكم مقودي
كثرت على النائحات صوارخا / إن لم أكثر في هواكم حسدي
موهت عنك بحاجر وبلعلع / ولأنت من تلك العبارة مقصدي
فليح بالزوراء عيشك سائغا / إني أغص بكل عيش أرغد
ولهن أعينك الرقاد فإن لي / عيناً إذا رقد الملا لم ترقد
إن أسلمتك يد الغرام فإنني / ملقى بقبضتها أورح وأغتدي
أو تنس لي العهد القديم فإنما / نسيان عهدي حين أقوى معهدي
فلو أن لي للكرخ أوبة راجع / لتخذت مغناه مقدس مشهدي
يا ريم حسبك مهجتي مرعى
يا ريم حسبك مهجتي مرعى / لا شيح كاظمة ولا الجرعا
وكفاك عن وردٍ تلم به / عين تفيض غروبها دمعا
فارحم جوانح قد حللت بها / دون الحمى وسكنتها ربعا
ترمي لحاظك والسهام رميت به / فأصاب لا غرباً ولا نبعا
كانت حواجبك القسي له / وبغمزهنة نزعته نزعا
ريشته بالهدب مرتميا / فتركت آساد الشرى صرعى
يرعاك من لم ترع ذمته / ولكم رعيت لغير من يرعى
كم ليلة أرسلت غيهبها / لك بردة فنشرته فرعا
فإذا طلعت طلعت شمس ضحى / وإذا انثنيت فبانة الجرعا
فبأضلعي وبما تضم رشا / كابدت في كبدي له صدعا
أرخى الجعود لردفه فغدت / فوق الكثيب أراقما تسعى
وبعقربي صدغيه وجنته / شاكت مقبل وردها لسعا
من لي بأغيد راح محترب / بالعقرب الحجناء والأفعى
أحمامة الوادي عداك جوى / لو حل فرعك أحرق الفرعا
إني اتخذتك لي منامة / ولقد شربت فغردي سجعا
يا ربع أين الساكنون فقد / أضحت خدودك بعدهم سفعا
فلقد بكيت لبينهم بدم / حتى صبغت ملابسي ردعا
لو صح للمشتاق مرتجع / لربوعهم لرأي بها الرجعى
وأقام خمساً من فرائضه / ولطاف حول حماهم سبعا
إن يقطعوا فهواي متصل / لم يلف منصرماً ولا قطعا
إن أهوهم فتطبع وأرى / لمحمد الحسن الهوى طبعا
قرم كأن السيف في يده / برق أضاء بمزنة لمعا
وعلى المجرة قد جرت خببا / أفراسه فأثرنها نقعا
لو سابقته الشمس ما لحقت / ولأدركت بسباقه الضلعا
ومتوج بالفخر ترمقه / شمس النهار إذا الضحى شعا
يخشاه حتى السيف في يده / فيكاد يقطع حده قطعا
يا من أبحت له الفؤاد هوى / وحجبته عن غيره منعا
وإذا نظرت وجدته بصرا / وإذا وعيت وجدته سمعا
ما راجحتك الراسيات حجى / يا من يخف على الصبا طبعا
قسماً بشعث قد حدا بهم / حادي الحجيج ويمموا جمعا
بمجو شنات قد قطعن بهم / شقق الفلا جزعا يلي جزعا
ومعطفات كالقسي سرت / رمي السهام تفلتت نزعا
حتى أجزن بذي الأراك ضحى / وعلى المطاف حبسن والمسعى
لقد انقلبت لبينكم بجوى / وضنى اضيق بوصفه ذرعا
إني اتخذت هواكم حسباً / أعزى إليه وحبكم شرعا
حسبي من الدنيا هواك وما / نولت إن ضراً وإن نفعا
وإليك ما وشت إليك يدي / ما ليس تصنع مثله صنعا
بأنامل لم تقض حقكم / ولو أنني أعلقتها شمعا
كم يجتديني الغيث غيث الأدمع
كم يجتديني الغيث غيث الأدمع / وتشب نار البين بين الأضلع
وأبيت لا يحظى المنام بناظري / إلا كما يحظى الملام بمسمعي
كيف المنام ودون من أنا صبه / خرط القتاد وشوقه في مضجعي
وأعود يوحشني الأنيس كأنني / وحدي وإن مارست حاشد مجمعي
يا نازحاً بعدك شرعة منسوخة / والوجد بعدك شرعة المتشرع
لو كنت بعد البين شاهد موقفي / موسى لما شاهدت إلا مصرعي
أهدي إليك مع النسيم تحية
أهدي إليك مع النسيم تحية / تدع النسيم من التلهب بارقا
فاصحر لها ما تهب مجيزة / بربى ديارك شائماً أو ناشقا
فلكم جلسنا مجلساً
فلكم جلسنا مجلساً / فيه الأنيس جميل ذكرك
هذا بمدحك آخذٌ / ويروح ذا بمزيد شكرك
من نازح يحدو العراق ظعونه
من نازح يحدو العراق ظعونه / قلب سرى لما أهاج شجونه
ومودع للركب ود بأنه / لو قد أسال مع الدموع عيونه
لم تقطع الأظعان ميلاً في السرى / إلا وكحل بالسهاد جفونه
قطعت بهم سهل الغميم وحزنه / فسقى الغميم سهوله وحزونه
من كل أوطف ما تغنى رعده / إلا وأرخص بالدموع شؤونه
فترى الدموع تخالها بحراً طمى / وترى الحمول تخالهن سفينه
وذكرت في ذي البان ميس قدودهم / فغدوت من شغف أضم غصونه
قالوا أشاب البين مفرق رأسه / كذبوا ولكن قد أشاب عيونه
يا قلب حسبك بالغرام رهينة / شط الغريم وما قضاك ديونه
لم يسلني عنه السرور بعودتي / إن سر من خلق الهوى محزونه
كلا ولا النكبات تطرق ساحتي / إذا ليس ما لاقيت إلا دونه
وكأنني من حي ليلى سامر / حسب النقا بالأجرعين حجونه
وإذ لثمت الترب فيه تسليا / عمن به سحب الدلال قرونه
فلأنهكن القلب من حسراته / يوم الترحل أو يجن جنونه
ما عاطش أورى الأوام بقلبه / لهباً وقد شرب الأوام عيونه
حتى إذا وجد المعين بقربه / وجد الركي وقد أضل معينه
فغدا يعض على الأنامل حسرة / ندماً ويصفق بالشمال يمينه
ظمآن ظن حياته مشمونة / فغدا يكذب بالحياة ظنونه
يوماً بأوجد من فؤادي لوعة / لما حدا حادي الظعون ظعونه
عبث الدلال فهز مائس عطفه
عبث الدلال فهز مائس عطفه / وطغى الصبا فارتج مائج ردفه
فالبان يقصفه تميل غصنه / والرمل ينسفه تهيل حقفه
فضح الغزال وهو بدر محاسن / خرقت أشعته غمامة سجفه
كان الهلال فعاد بدراً كاملاً / لما أماط نضفيه عن نصفه
ووافتر عن در تشنف مثله / فتشابهاً والكل راق بوصفه
وافت تقرطه الثريا مثلما / وقف الهلال يريد رتبة وقفه
رشأ يلاعبه الرشا في جيده / تلعاً ويستر عنه أحمش ظلفه
يرعى بحبات القلوب وينثني / بالورد من خديه خشية قطفه
ما اعتاده عصف الصبا فأماده / إلا وطار القلب خشية قصفه
فغدت مطارحة العتاب تهزه / وغدوت أرفق ما استمر بهتفه
أشكو إليه كما تشكى خصره / من حبه لا من تحمل ردفه
كل تحمل فوق غاية جهده / منه وكل مجهد في ضعفه
حملت خصرك مثل ما حملتني / وكذاك ما لم تكفني لم تكفه
يا أيها المجتاز أجواز الفلا / رسم السرى فيها بمزبر حرفه
لم تبد شارقة تلوح أمامها / إلا وعاد مكانها من خلفه
ترتد رائضة القياد إذا التوى / من قبل أن يرتد شاخص طرفه
إن جزت أسنمة العقيق من الحمى / فقف المطي فثم أحجى وقفه
وانشد برامة عن فؤادي سربها / فالسرب أدرى في مراتع خشفه
قسماً بلفتة جيدة وبطرفه / وبغصن قامته وبوة ردفه
وبمرسل من شعره وعقاصه / ومرتب من نشره أو لفه
وبخده وبورده وبشمه / وبثغره وبخمره وبرشفه
ما كنت أحسبني أبت حباله / أو أن الفاً يلتوي عن الفه
أجرت سحاب دموعك الدمن
أجرت سحاب دموعك الدمن / فاليوم سرك في الهوى علن
كم تسأل الدمن التي درست / عنهم وليس تجيبك الدمن
ظعنوا أهيل محجر سحراً / سحراً أهيل محجر ظعنوا
فاليوم طرفك كله أرق / منهم وقلبك كله شجن
تبدي الحنين وراءهم ولهاً / كالنيب عن لقلبها الوطن
فالقلب في الأحمال مرتحل / والجسم بالأطلال مرتهن
لك بالحدوج وأهلها رشأٌ / رشأٌ أقل صفاته الحسن
غصن ولكن وجهه قمر / قمر ولكن قده غصن
النقع يحجب حجبه أبدا / وتمد ظلا فوقه البدن
قد خان عهدي في لقاه رشا / أبدا على الأرواح مؤتمن
نزل الهوى بين الغميم و تهمد
نزل الهوى بين الغميم و تهمد / ونأى النوى بتصبري وتجلدي
برح الخفاء وبان مضمر خاطري / وكذا تبين النار ما لم تخمد
ينزو بي الوجد الجموح لجيرة / جاروا علي بفرقة وتبعد
ولرب لؤلؤة ترى أصدافها / كلل الهوادج لأقباب مشيد
رقصت بها أيدي النياق وأرقلت / تطوي المغاوز فدفداً في فدفد
إن أيمنت فهوى فؤادي ميمن / أو أنجدت صاح الهوى بي أنجد
يا وصلها بالكرخ ليلة قد حدا / حادي الكؤوس بصوت نغمد معبد
طوراً يمر بنا على وصف الطلى / ويمر طوراً بالحسان الخرد
أترى تعود ولو بطيف طارق / والطيف أخفى مسلكاً للعود
لو عدتني لقضيت منك مآرباً / معها يعود لي الصبا غضّاً ندي
يا ليت لا عاج السمير بذكرهم / أوليت أذني صمة جلمد
نبهت يا سمر السمير لمهجتي / من موجعات القلب ما لم يرقد
وتمثلت لي بالتذكر أوجه / تهدي إلى الأشواق من لم يهتد
من كل ممنوع المراشف عن فمي / مصاً ومرصود السوالف عن يدي
وغذا تحرشت الصبا في قده / يهتز في مرح وميل معربد
ويذب عن حرم الجمال بأعين / تدمي لواحظها القلوب ولا تدي
من لي ومن لصبابتي من أهيف / غض الصبا ثمل المعاطف أغيد
يزهو الجمال على طلاقة وجهه / للعين بين مفضض ومعسجد
وعليه تنطف أدمعي وكأنها / في صبغ وجنة خده المتورد
من لي بنائية المزار قريبة
من لي بنائية المزار قريبة / مني قد اتخذ فؤادي مسكنا
رجراحة الأعطاف لو هز الصبا / أعطافها لرأيت رجراج القنا
عيناء لو نظرت إليك بأعين / وسنانة تجد الصوارم أعينا
وردية الوجنات إلا أنها / بسوى اللواحظ وردها لا يجتني
وبمهجتي منها لئالئ مبسم / فالبرق ينتهب الدجى ما بينا
جاء معطرة الثياب كأنما / نشر الربيع الطلق فاح بها لنا
شاهدت منها ورقة قد أتلعت / لي جيدها ورأيت غصناً لينا
لم أنس قولتها ورقة لفظها / والعيس نحو الخيف قافلة بنا
لولا المواثيق التي ما بيننا / ما إن لقيت سوى القطيعة عندنا
ماذا هدوك في الدجى وأخو الهوى / قلق الوسادة لا يقر من الضنى
فوجمت عن رد الجواب تلجلجا / والوجد ما أعيا الفصيح الألسنا
فتبينت حالي وهل يخفى الجوى / الداء يظهر للطبيب مبينا
ومفلج ثغر الجمان رضابه
ومفلج ثغر الجمان رضابه / حم ولكن في القلوب برود
ترفٌ ترق عليه حاشية الصبا / فيميس منها قده ويميد
والجيد جيد الظبي إلا أنه / فيه جمان مدامعي معقود
لي في هواه حشا تذوب كأنها / سقر ومنها للجحيم وقود
إن الرشيد إذا رآه لرشده / يهوي فليس إذاً لديه رشيد
يا من أعاد الحسن إذ أبدى به / فلأنت فيه مبدء ومعيد
عيناك تغني عن شباك إذا رنت / فيها محاسن وتليد
الموت سهم مرسل
الموت سهم مرسل / والعمر مد لسيره
من لم يمت فليعتبر / قبل الممات بغيره
سئمت قناة الدهر منك طعانها
سئمت قناة الدهر منك طعانها / فلو استطعت إذن نزعت سنانها
ألقيت سلمك للنوائب عن يد / جذاء قد قطع الزمان بنانها
إن كنت أخشن ملمساً فلطالما / عرك الزمان عريكة فألانها
خفض عليك فلست واجد حيلة / تكفيك من نوب القضا حدثانها
ومهون بلوى المنية أنها / بلوى يعم طروقها حيوانها
فلو أن هذا الموت يفجع أسرة / ويعف عن أخرى فيرعى شانها
ما استل من حرم الكرام خبيئة / حجبت فما شهد الحمام مكانها
كيف اهتدى نظر الحمام الى التي / قد حفها ستر الكمال وصانها
إن غيبت بالقفر في ملحودة / فالغيث كان شهودها وعيانها
أو راعها شخص الردى فلطالما / كانت أظلته تروع جنانها
قطعت بنيل الخير مدة عمرها / وطوت بمنشور التقى أزمانها
فليهنها أن مقامها / فلقد أتت لما أتته جنانها
وضريحها قلب الضراح وإنما / دفنوا ببوغاء الثرى أكفانها
وغدت لها لها دار الإمامة دارة / وغدت ملائكة السما جيرانها
يا لا عدت قدسي تربك ديمة / ابكت عليك يد الردى أجفانها
وردت من الرضوان ألطف نهلة / فسقت ثراك مديمة هملانها
نجاجةٌ تحكي يد ابنك صالح / تلك التي جذ الزمان بنانها
الممتطي للمجد كل طمرةٍ / أبداً تصرف كفه أرسانها
العليم العلم الذي فخرت به / أم الفخار فشيدت أركانها
من لا يجاريه الكرام بحلبةٍ / فأقول حاز لدى السباق رهانها
وكفى الأمين من المفاخر أنه / ألقت إليه المكرمات عنانها
وله أيادٍ جمة لم يستطع / قس الفصاحة في النشيد بيانها
فتعز يا لا ساورتك مصيبة / نشرت بمطوي الجوى أشجانها
وعليك بالصبر الجميل فإنه / خلقٌ لنفسك في الرزية زانها
وإليكها ممن أحبك حكمة / زارت بك الزوراء يا لقمانها
وأسلم رغيد العيش بين عصابة / عقد لها كف العلى تيجانها
دام الربيع الغض في أوطانها / مما تجود بسيبها أوطانها
قد فلت لما أرخوا فليهنها / قد شاهدت وادي السلام مكانها
نزعتكَ من يَدها قريشٌ صقيلا
نزعتكَ من يَدها قريشٌ صقيلا / وطوتك فذاً بل طوتك قبيلا
فجعت بفقدك واحداً فكأَنها / فجعت بآل النضر جيلاً جيلا
وتذكرت في يوم فقدك فقدها / مضراً فأوصلت العويل عويلا
وغدت تطوف خلال نعشك ولهاً / وأتت على أعواده تقبيلا
بكر النعي لها بواشج أصلها / فلتبك يومك بكرةً وأصيلا
أكسبتها العز الكثير محامداً / تبقى فعز بأن تعيش قليلا
صبغت عليك مدامها لولم تكن / حمراً لخيلت البطاح النيلا
حسرت فكنت السرد من أدراعها / وضحت لظل لم تجده ظليلا
يا سيفها وسنامها غادرتها / ظهراً أجب وساعداً مشلولا
ولأنت معقلها أصاب تصدعاً / ولأنت صارمها أصاب فلولا
لسلت بك البطحاء عن أشياخها / إذ أنت أكرم من نموه سليلا
فمقام إبراهيم يعلو صارخاً / حزناً عليك وحجر إسماعيلا
مهلاً أبا موسى فإنك والعلى / ولك السلامة مزمعان رحيلا
يأيها الجبل الممنع ركنه / هول لعمرك أن نراك مهيلا
نكد الإقامة أن نقيم ولم تقم / فينا تنيل جزيلة وجزيلا
ومن الردى أن لا نشاطرك الردى / ومن الغليل بأن نبل غليلا
ملأت محاسنك البلاد فضيقت / حتى لشخصك لم يدعن مقيلا
لوقفت ما بين النوائب والورى / حصناً تقي الخطب الجليل جليلا
حتى تخبط عاثراً بك ظفرها / إذ لم تجد بك للأنام سبيلا
أردى أبا موسى الردى فتكوري / يا شمس وادرعي عليه أفولا
المنعش الآمال غادر نعشه / راجي الجدا لا يعرف التأميلا
وعليه عولت الورى وأظنها / فقدت بفادح خطبه التعويلا
كان المحرم مخبراً فأريتنا / يا جعفر فيه الحسين قتيلا
فكأن جسمك جسمه لكنه / كان العفير وكنت أنت غسيلا
وكأن رأسك رأسه لو لم يكن / عن منكبيه مميزاً مفصولا
وجبينك الوضاح مثل جبينه / بلجاً وليس كمثله تجديلا
وحملت أنت مشرفاً أيدي الورى / وثوى بنعش لم يكن محمولا
أن تنأ عنا راحلاً كرحيله / فلرب سجاد تركت عليلا
ولفقد مهدي لجعفر مورث / من جعفر في فقد إسماعيلا
يا أيها المهدي يا علم الهدى / أعيا التصبر من سواك فعيلا
أيقنت حين نعي إليك مصدقاً / ونخال أنك خلته تخييلا
حوشيت من جلد القساه وإنما / هدي النبي قد اجتباك خليلا
أنت الذي ترضى بما يرضى به / باري البرية هيناً وجليلا
أأقول صبراً لا وصبرك إن لي / جزعاً وصبرك لا يزال جميلا
بك نهتدي لسبيل كل فضيلة / وعلى منالك نجتدي تعويلا
ولمن وجدت كمن فقدت شمائلاً / والكل عن كل ينوب بديلا
إن لم يماثل من ولدت مماثل / فلقد ترى هذا لذاك مثيلا
تلك الجواهر كلها من معدن / ما حال عن حالاتها تبديلا
ثقفت من ذاك الوشيج ذوابلاً / وصقلت من ذاك الفرند صقيلا
يا قاصد الفيحاء في تفاحة / زيافة تصل الوجيف ذميلا
عنس كتيس القاع أرسل شارداً / أو كالظليم مذعراً إجفيلا
كوماء ما بين الهذاب كهضبة / شاء الإله لنقلها تحويلا
أنست إذا أنس الرعاة بشكلها / فحلا يسابق شدقماً وجديلا
لم تكحل عين بمرأى ردفها / إلا وجاوزت النواظر ميلا
وكأنها بين التنائف آصف / في عرش بلقيس يمر عجولا
لا يهتدي كعب لبارع وصفها / فيما تفنن مقصراً ومطيلا
أنخ النياق لصالح هو صالح / من قبل أوتي ناقة وفصيلا
وأعقل يديها في مرابع معقل / للوفد يحسبه النزيل نزيلا
المشرف الجفنات في غسق الدجى / والقائد الصعب الحرون ذلولا
المحتبي بالدست تحسب أنه / أسد تصدر بالندي الغيلا
المحتبي بالدست تحسب وجهه / قمر السماء وتاجه إلا كليلا
المحتبي بالدست تحسب خلقه / روضاً يباكريه النسيم عليلا
المحتبي بالدست تحسب لفظه / دار يفصل نظمه تفصيلا
المحتبي بالدست تحسب شخصه / شخص النبي وقوله التنزيلا
أن أطرق استولى الأنام مهابة / فإذا تبسم طارحوه القيلا
تسمو لطلعته العيون إذا بدا / كالسيف أرهفه القيون صقيلا
يتباشرون إذا رأوه كأنه / برق سما للمحلين مخيلا
فإليكها جهد المقل وإن تكن / قصرت وكان بك المجال طويلا
ولو استطعت نظمت في أبياتها / آي الكتاب مرتلاً ترتيلا
كم من سهام فوقت تسديدها
كم من سهام فوقت تسديدها / أيدي المنون فأدركت مقصودها
وترى إذا أصمت فؤاداً لم يكن / آسٍ ليأسو طبه مفؤدها
فلكم قصورٌ للقياصرِ شيدت / هدمت برغم مشيدهن مشيدها
ولكم لآساد الشرى من غابةٍ / دهمت فأردت في العرين اسودها
قل لامرء قد فر خوف حمامه / يطوي الفلا أغوارها ونجودها
أين المفر من المنية بعدما / حشدت من الست الجهات حشودها
ولئن ألمت بابن داود فما / هابت سليمان ولا داودها
وأخو يمين في الندى لو لامست / صم الصخور لفجرت جلمودها
يا أيها العلم الذي بعلومه / قد كان في جمع الأنام فريدها
هل تستيطع جحود فضلك حسد / أو غرت بالفضل الغرير كبودها
عميت بصائرها وضلت رشدها / شمس الضحى من يستطيع جحودها
مها حسدت على الفضائل في الورى / فأخو الفضائل لم يزل محسودها
بك يقتدي في النائبات إذ دهت / إذ كنت بين ذوي العلوم عميدها
وسقى سحاب العفو بقعة لجة / كم قد سقت عذب النوال وفودها
هل بعد أن شحط الخليط نزوحا
هل بعد أن شحط الخليط نزوحا / إذر البكا وأرى النصيح نصيحا
إن بارحتني غدوة احمالهم / تاللَه لست أبارح التبريحا
غادين زموا عيسهم وتجلدي / وطووا ضلوعي والوهاد الفيحا
طاحت حشاي ولم تكن لولا الألى / قد طوح الحادي بهم لتطيحا
ولقد تضلع كأهلي بهواهم / فمتى ترى عبء الهوى مطروحا
ما عرضوا لك بالفراق وعارضت / أظعانهم لترى الفراق صريحا
شوك القتادة أوطأوك وربما / بلغوا رضاك فانشقوك الشيحا
قد أحزنوك بحزن يعقوب فهل / من ريح يوسف انشقوك الريحا
صبغوا غداة البين شمس صبيحتي / كدراء تجنح للغروب جنوحا
الشاربين دم الدموع سوافحا / والذكر حرمه دماً مسفوحا
لولا الذين تحملت أنضاؤهم / فحسبتهن بذي الطلوح طلوحا
ما كان مشبوب الجوى متلهبا / كلا ولا مطر الشؤون سفوحا
ينهل محمراً على عرصاتهم / فتخال آماق العيون جروحا
تركوا ضناً أترى مضني بعدهم / وقروح قلبٍ لم تدع مقروحا
أترى يعود كما تقضي عهدهم / لو عاد منكسر الزجاج صحيحا
فلازفرن على رياض ديارهم / حتى يصوح نبتها تصويحا
ولأبكين على مواطن عيسهم / حتى تعود جداولاً فتسيحا
فتخال أن البحر كان بمقلتي / أو أن شئبوب الغمام دلوحا
أو أن أجفاني وأجفان العلى / يبكين في طرفان نوح نوحا
العليم العلم المقيم على التقى / أودى فحل جنادلاً وصفيحا
ما زال يجهد في العبادة نفسه / حتى ألم به الردى وأتيحا
ولقده أسود الفضا فكأنما / قد كان نوح في البسيطة يوحا
من لازم التسبيح حتى شيعت / أعواده الأملاكُ والتسبيحا
صاح النعيُّ به فقلت له اتئد / أتراك تعرف كنهه فتصيحا
صرحت في نعي الشريعة والهدى / لما هتفت بنعيه تصريحا
وتركت قلب الدين يخفق واجبا / حزناً وجفن المكرمات قريحا
لو أن غير الأرض حفرة ميت / شقوا له كبد الضراح ضريحا
فسقى ضريحك كل أوطف صيب / من كف صالح استهل سفوحا
يا أيها المولى الذي ريضت له / فرس العلى ولقد تكون جموحا
فبنوح عزيناك إلا أننا / بولائه لكم نهني نوحا
العروة الوثقى لمعتصم بها / أتنم كما نطق الكتاب صريحا
وأرى عميد الحي من عمرو العلى / أحرى وأكرم من يزداد مديحا
ما شح إن سئل النوال وربما / تلقاه إن سئل الهوان شحيحا
ويروح ركب الوفد حتى يغتدي / بفناء ساحة ربعه فيريحا
تسمو لطلعته العيون كأنه / برق سما لممحلين لموحا
أحيا المدارس والدروس كأنها / موتى ألم بها فكان مسيحا
لو قيس فيك إذا نطقت محدثاً / قس الفصاحة لا يعد فصيحا
قد كان أعطى كل معنى لفظة / أم كان أعطى كل جسم روحا
يجلو عويصة مشكل فيريكها / كصباح غرته سنا ووضوحا
عن فطنة تذكو فتوقد مندلاً / فض اللطيمة تاجرٌ لتفوحا
كتم الزمان العلم ثم أهاجه / لدروس غامض سره ليبوحا
فكانما نهجان للعلم اقتضى / درس يدرسه ووحيٌ يوحى
لا زال ربعك للبرية معقلا / أبداً وغريد المديح صدوحا
نكد الإقامة إن أقيم وتظعنا
نكد الإقامة إن أقيم وتظعنا / وعناي أني لا أشاطرك العنا
متحمل عن واجد تشتاقه / من قبل أن يلقاك تزمع مظعنا
أأبيح الحان القصيد مراثيا / من بعد أن كانت تعود بالهنا
قد كان في ضح المنى وبقاعها / أمد ولكن الزمان تلونا
وتصفت أغصان كل مسرة / من بعد ما أخضرت وراقت مجتنى
يا بدر عاكرة الظلام ولم يكن / للبدر ما لك من سناء أو سنى
فرقت ما بين الرقاد وناظري / وجمعت ما بيني وما بين الضنى
غادرت أيامي علي ليالياً / وتركت لي عد الكواكب ديدنا
يا جيرتي الغادين صرح ركبهم / بالبين فانقطع التزوار بيننا
فبأدمعي لكم العقيق وسفحه / وبأضلعي لكم الغضا والمنحنى
ما خلت قبلك أن ركن متالع / للقبر ينقل كي يضم ويدفنا
لم أرض عيني أن تبل حشاشتي / ولو أن فيك اليوم عادت أعينا
لك جثة لو أن موسى زارها / ما أم من واديه طوراً أيمنا
ولو أن في رمل الغري وشعبه / نادى شعيباً ما استقل المدينا
فكأن قبرك يوم ذلك كعبة / كل بقبلتها أقام وأذنا
عرست والعليا يحالفك الهدى / ورحلت والتقوى يشيعك السنا
حفت بنعشك كي تؤمن جأشها / إذ لم تجد من بعد موتك مأمنا
إنيرزء القمر التمام فحسبه / بأبي الغني وعن سواه به الغنى
وأبيك لا ينهد سمك دعامة / بالمصطفى أضحت مشيدة البنا
ملك تحوك له المفاخر مطرفا / ويبيت مضطجعاً على شوك القنا
فهو الصفي إذا يسمى المصطفى / لصفائه وأبا الغنى إذا اكتنى
يرنو الرجاء إلى بحرو نواله / فإذا بلغت إليه بلغت المنى
أيقنت وجهك مصحفاً فقرأته / فوجدته بالبينات معنونا
تبدو طلاقتك لكل مؤمل / منه كأن البشر منه تكونا
وتصول منه بواضح متبلج / ما إن ألم الخطب أو حان الحنا
لم أحص فضلك في بديع مقالتي / ولو أن عندي من لساني ألسنا
صبراً بني البيت الرفيع عماده / فالدهر عبدكم أساء وأحسنا
ألقى الإله عليكم عن أسهم إلا / حداث من نسج الحماية جوشنا
فعليك بالصبر الجميل فإنه / خلق المهذب إن أسر وأعلنا
فالصبر أجمل بالحليم عواقباً / من أن يطيل مناحة أو يحزنا
نفساً مهذبة وأصلاً رائقاً / ويداً مقبلةً وفضلاً بينا