القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عَبد الحَمِيد الرّافِعي الكل
المجموع : 24
وطني عليك تحيتي وسلامي
وطني عليك تحيتي وسلامي / وقف بحلّي غربتي ومقامي
وطني اليك احن في سفرفي وفي / حضري اجل وبيقظتي ومنامي
وطني ولي بك ما بغيرك لم يكن / من كوثر عذب ودار سلام
وطني وان نقلت شذاك لي الصبا / هاجت شجوني وانفتحن كلامي
وطني ويلويني لدى خطراتها / ذكر الصبا ومراتع الآرام
وطني وادعو في ظلام الليل ان / لا يبتليك الله بالظلام
وطني وارجو ان يدوم لك الهنا / ابداً بظل عدالة الحكّام
وطني بروحي افتديك إذا التوت / عنك الرّعاة وطاشَ سهم الحامي
وطني إذا ما شاك مجدك شائك / فكأنما هو ناخر بعظامي
وطني إذا ما شان فضلك شائن / فانا الغيور وعزة الاسلام
وطني العزيز وفيك كل صبابتي / وتدلّهي وتولّهي وهيامي
وطني العزيز وعنك خلت محدّثي / انحى على سمعي ببنت الجام
وطني العزيز وان الّم بك الأسى / قامت بقلبي سائر الآلام
وطني العزيز وأنت حنتي التي / فيها اعدّ العيش من أيامي
وطني العزيز وأنت من يحلو به / غزلي وتشبيبي وسجع نظامي
وطني العزيز وأنت من أدعو له / عقبى صلاتي دائماً وصيامي
وعلاك في الأوطان جلّ مطالبي / ومآربي ومقاصدي ومرامي
وإذا اضلّ الحزم قومك تلقني / ابكي بعيني عروة بن حزام
وإذا تلاهوا عن نجاحك وارتأوا / طول الخمول تخيّبتَ احلامي
ايها بني وطني اقيموا عزّة / ان الديار تعزّ بالأقوام
احيوا المعارف واكبروا ان تفخروا / بعظام اسلاف مضين رمام
فالمجد ما قد جددتموه بجدكم / لا ذكر اجداد قدمن كرام
والعلم اصل للمفاخر كلها / وبنوره ينجاب كل ظلام
فيه الحياة لكل مجد تالد / أو طارف كالروح للأجسام
سلّم أمورك للمهيمن تسلمِ
سلّم أمورك للمهيمن تسلمِ / وعلى عبادته استقم تتقومِ
والزم مراضيه تنل حسن الرضا / وتفز بنعمى القرب منه وتنعم
واربأ بنفسك ان تذل لغيره / أبداً وأكرِمها بصبرك تكرم
وارض القناعة فهي جوهرة التقى / ودع المطامع فهي باب المأثمِ
ما كان قسمتك انتهى لك دون ما / تعب ولن تحظى بما لم يُقسم
وإذا حباك بثروة المال احتفل / بزكاته عملاً بشكر المنعم
فالشكر قيد سوابغ النعم التي / أولاكها والغنم في ذا المغرم
وإذا مُنحت الجاه في الدنيا فلا / تصرفه إلا في رضاه يعظم
واعلم بأنك عنه تُسأل فاحتذر / يوماً اعانةَ ظالمٍ متظلّم
والكبرياءُ رداء ربك وحده / ان رمته قسماً بربّك تُقصم
ومتى جعلت لك التواضع حلية / عند العباد وعنده تتقدم
وإذا حكمت فكن حكيماً منصفاً / وتوّقَ ظلم الخلق وارحم تُرحم
فهمُ عيال اللَه من يرأف بهم / يظفر ومن حسن الجزا لم يُحرم
ولقد اقول لصاحب ولي الصبا / عنه ولم يخلع شعار المغرم
متهافت دوماً على حب الظبا / مثل الفراش على اللهيب المضرم
خَّلِ التصابي فالشباب قد انقضى / ونضا عليك الشيب أمضى مِخذم
واستحيي من عشق الحسان فما الذي / تبغى الحمائم عند نسر قشعم
واسل الهيام بكل جفن فاتر / لا تَقضِ عُمركَ بالسقيم المُسقم
واترك مناجاة الديار ولا تقل / يا دار عبلة بالجواء تكلّمي
واحفظ شؤونك ان تُراق على الثرى / عبثاً فما يجدي بكاء الأرسُمِ
أولى بنفسك أن يكون لها الدعا / من أن تقول لدار مَيٍّ أيا اسلمي
قد كنت مثلك والزمان مساعد / والعمر يرفل في الشباب المُعلَم
أُمسي وأُصبح في مغازلة الظبا / ثملا ولم أعبأ بنصح اللوّم
طلق العنان مع الهوى لم اخل من / كلف بسعدى تارة وبمريم
حتى انجلى صبح المشيب بعارضي / واتى الوقار وقال للنفس الزمي
هلا كصاحبك اكتفيت من الهوى / وإلى هنا فارجع هُديت وأحجم
واقرن متابك بالندامة قبل أن / تأتي المنون ولات ساعة مندم
عجل فديتك واسأل المولى الرضا / أني أخاف عليك ان لم تُرحم
باللَه ربك يا غزال الوادي
باللَه ربك يا غزال الوادي / ماذا يروقك من عذاب فؤادي
حمّلتني عبء الصدور فلم اطق / هيهات ما قلبي من الاطواد
وتركتني حلف السقام ولم تُجد / بزيارتي يوماً مع العُواد
ان كان قتلي من مرادك فاقضه / فانا الاسير وماله من فادي
والموت راحة عاشق ما ناله / في الحب غير شماتة الاضداد
ويلاه من حكم الغرام فقد قضى / ان الظبا تسطو على الآساد
لولا العيون الناعسات لما نبا / عزمي ولا أخذ الهوى بقيادي
من بعض أسهمها الفتور وانه / لم يتخذ غرضاً سوى الاكباد
يا أيها العشاق هل من مسعد / ان الحبيب مولع بعنادي
ان رمت وصلا قال هجرك واجب / او رمت قربا زاد في الابعاد
رشأ رشيق القد مهضوم الحشا / يُزرى بخوط البانة المياد
حلو اللمى لكنه مر الجفا / قصرت يدي عنه وطال سهادي
متعود ان لا يرق لعاشق / متمسك ان لا يجود لصادي
اهوى معزته ويهوى ذلتي / شتان بين مراده ومرادي
شنف بذكر مفاخر العربان
شنف بذكر مفاخر العربان / سمعي وانعش خاطري وجناني
فحديث آباء الفتى ينشي به / عزماً كنفخ الروح في الجثمان
ولرب آثار لهم تذكارهم / يهب الضمائر قوة الايمان
هم منبع الدين القويم ومطلع الن / ور العظيم ومنجع اللهفان
تتفاخر الأجيال في أخبارهم / والشمس لا تحتاج للبرهان
والكون يزهر في مكارمهم وما / أدراك فعل الوابل الهتان
أهل الشجاعة والبراعة والوفا / والصدق والإيثار والاحسان
جعلوا الممالك تحت ظل سيوفهم / متظللين ذوائب المران
واستقبلوا الزمن العبوس بأوجه / غر اضاءت غرة الأحيان
وتوطنوا رحب الفلا فتعلموا / سعة الصدور ورقة الغدران
خلقوا ألي بأس ومن أخلاقهم / رعي الذمام ونصرة الجيران
تأبى قبول الضيم أنفسهم ولو / طاحت رؤوسهم عن الأبدان
والجود شنشنة متى ذكروا بها / خضع الوجود واذعن الثقلان
بسطوا الأكف به فنالوا سؤدداً / عقدت عليه خناصر الأعيان
وكفاهم شرفاً عظيماً أنهم / عرب ومنهم سيد الأكوان
قوم ترى نور البصيرة طافحاً / ما بينهم في الشيب والشبان
ملكوا الفراسة والخفايا عندها / كالصبح جلت قدرة المنان
سل عنهم الشعر البليغ كأنه / وحي تنزل من عظيم الشان
وسل الفصاحة هل يضئ بغيرهم / إنسانها في العالم الإنساني
تخذوا المفاخر حلية بضيائها / سطع الوجود واشرق الملوان
وتنافسوا بمحاسن اللغة التي / ألفاظها كالهيكل النوراني
لغة بفضل جلالها وجمالها / شهدت شواهد محكم الفرقان
لغة إذا أدركت سحر بيانها / أدركت معنى السحر في الأجفان
لغة هي البحر الخضم وكيف لا / وبها مغاص الدر والمرجان
ضاق المجال على مبارى فضلها / فكأنما هو فوق رأس سنان
وغدا المفكر في دقائق سرها / متضائلاً كالتائه الحيران
قل للألى جهلوا مكانتها وقد / كادوا لها في السر والاعلان
عاديتم ما تجهلون ولم يعب / قدر الورود كراهة الجعلان
واللَه يأبى ان تهان فبشروا / من رام ذلتها بكل هوان
ام البلاغة لا عدمنا درها / روح العقول وراحة الاذهان
للّه ما أحلاك يا عربيتي / في ذوق أهل الذوق والعرفان
كل اللغات لديك يالغة الهدى / خدم وأنت مليكة الايوان
ظلموك أهلك بالجفاء فأصبحوا / والكل يمشي مشية السرطان
لم يحفظوا لك ذمة وتعلقوا / بهوى السوى ورموك بالهجران
لو أتقنوا فيك العلوم لأدركوا / شأو العلى وعلوا على الأقران
لكنهم غروا بغيرك حقبة / من دهرهم والدهر ذو الوان
حتى إذا انكشف الغطاء وايقظت / مقل الرجال حوادث الأزمان
نهضوا وكل يستعيذ بربه / مما انتشى ويسب بنت الحان
أنا في جوارك يا رسول اللَه
أنا في جوارك يا رسول اللَه / يا ابن العواتك يا عريض الجاه
فأغث عبيدا قد رماه الدهر في / تيه اغتراب ليس بالمتناهي
ولكم أراه حوادثاً وكوارثا / ومصائباً ونوائباً ودواهي
رام التجلد للأسى وسهامُه / تترى فراح بخاطر اوّاه
النفس حرّى والدموع كأنها / لهب يسيل فليس يبرد آهي
كم شالني ريب الزمان وحطّني / وكأن دهري بي لعوبٌ لاهي
زلّت به قدم احتمالي إنما / مازال إيماني بفضل آلهي
عطفاً ابا الزهراء ان خواطري / بك قد علقن وعن سواك سواهي
انت الكريم وما عداك فكل ذي / كرم بفضلك في الورى متباهي
وخضم جودك كل بحر دونه / أو هل لجودك في الوجود مضاهي
يا آية الرحمن كم لك في الورى / آيات هدي كالنجوم زواهي
تاه الوجود به وذل لعزها / كل امرئ مستكبر تياه
وخبت مصابيح الهداة جميعها / في العالمين ولم يدم إلا هي
ولكم لذاتك من جليل خصائصٍ / جلّت عن الأنظار والأشباه
لا عاش قلب لا يروح ويغتدي / مغرى بحبك يا حبيب اللَه
خاب الأُلى عشقوا سواك وما خلوا / من لائم أو ناقم أو ناهي
والنجم من فلك النحور إذا هوى
والنجم من فلك النحور إذا هوى / ما ضل من يهوى الحسان وما غوى
ولعت بحب الغانيات سرائري / حتى وقعت بهن في شرك الهوى
ويلاه من لحظات جارات الغضا / فلقد أثرن بمهجتي نار الجوى
وأبيك يا ابنة يعرب ما كنت من / يهوى التحول عن هواك إلى السوى
وفيت عهدك في الهوى وغدرتني / أفعلمتك الميل بانات اللوى
وفي بعهدي يا ظلوم فإنني / ذاك العليل وليس غيرك لي دوا
ودعت في حبيك حسن تصبري / ولقيت جيش الوجد منشور اللوى
وودّعت في خديك حبة مهجتي / فأبت معاودتي وطاب لها الهوى
ولقد وقفت على هواك مدامعي / فعلام روض الود منك لقد ذوى
وأنا الذي ضيعت فيك شبيبتي / وغدوت لا حول لدي ولا قوى
ولهان يلويني الهوى ويجد بي / وجد يقوم من ضلوعي ما التوى
والله ما خطر السلو بخاطري / كلا ولا كبدي عن الحب ارعوى
والقلب دارك إنما سوداؤه / عرش عليه هوى الرفاعي استوى
وثقت يدي أبدا بحبل ولائه / وعلى محبته الفؤاد قد انطوى
وهو الذي أولى الإله جنابه / مننا بها أسنى الخصائص قد حوى
وحباه من إحسانه سرا به / يحمي المريد على التقرب والنوى
وعلى شيوخ القوم أعلى قدره / وسقاه من كأس الرضا حتى ارتوى
وأنا له تقبيل راحه أحمد / فغدا له دست التقدم مستوى
وغدت طريقته أجل طريقة / أمست لأنواع الفضائل محتوى
وضحت بها سبل الرشاد وأشرقت / شمس الهداية أي ومن فلق النوى
وامتد من أعلامها بين الورى / نور ظلام الكائنات به انزوى
وهي الأمان لكل عبد مخلص / حفظ التمسك بالعهود وما لوى
ومن ارتدى برد السلوك بلا تقى / فلقد تعرض للقطيعه والنوى
وبخيت كان تقبل الأعمال بالن / نيات كان لكل عبد ما نوى
وإليك يا شيخ العواجز مدحة / من واله في الحب ضامره انكوى
وافى على نجب الرجاء وكم وكم / بيد من الأمل العريض لقد طوى
ولهان يروي الحب عن قيس كما / عن جودك الغيث العميم لقد روى
واصل له عادات عطفك واكفه / هما بأحناء الضلوع لقد ثوى
واقبل مدائحه لدى علياك يا / فردا على جمع الكمالات احتوى
ركب اللالي أم حباب الراح
ركب اللالي أم حباب الراح / وافى يُقِلُّ مواكب الافراح
رقصت لها أرواحنا وترنحت / طرباً ولا تسأل عن الأشباح
سلت على الأقداح من أنوارها / سيفاً يسمى هازم الأتراح
فانهض فديتك يا نديمي واصطبح / راحا تريح خواطر الأرواح
أفما سمعت موذن الراووق قد / وافى يسبح فالق الاصباح
فأدر علي سلافة في مثلها / لا يستحق الحد إلا الصاحي
فقد إنجلى عيد السرور على الملا / في عشر تموز المنير الضاحي
يوم به عتق الرعية عنوة / من رق ذاك الظالم المجتاح
يوم به الدستور أعلن وانجلت / تلك الغيوم عن النهار الصاحي
يوم به الأحرار لعلع صوتهم / في كل صقع في البلاد وناح
ملأ الحبور جوانح الدنيا به / وزكا الزمان بعرفه الفواح
فاستقبلوه باحفتاء انه / عيد السعود ورائد الانجاح
وتصافحوا فيه مصافحة الألى / لبسوا الاخاء فكان خير وشاح
ولقد أقول لمن تحرش ظالماً / بالعرب لا يجديك طول نباح
والعرب شيمتهم على طول المدى / عفو وغفران وخلق سماح
سل عنهم ان كنت تجهل فضلهم / والشمس تستغني عن الإيضاح
بهرت سواطع مجدهم أهل النهى / وسموا بطه فوق كل طماح
وجروا إذ انفسحت لم سبل الهدى / من ساح عز في سناه فساح
والدهر عندهم لحفظ ذمارهم / يومان يوم ندى ويوم كفاح
وهم جبال الحلم ليس يهزها / هافى طنين أو هفيف رياح
واللَه يأبى ان يُضاموا فاتئد / ياصاح وارع الحق ان تك صاحي
ذكر الديار فخاض في عبراته
ذكر الديار فخاض في عبراته / يتنفّس الصعداء من زفراته
مستغرَم لو شُق عن كلكاله / لتلهّب الثقلان من جمراته
كتم الأسى لكنما أيامه / حسرت قناع الصبر عن حسراته
القته في تيه اغتراب قد مضى / بشبابه وقضى بفلّ شبانه
ورمته في محن تحط النجم من / أبراجه والبدر من هالاته
متغلغلاً في الأرض بين مجاهل / جهل الغراب بها طريق نجاته
متنقلاً من قرية لِقُرَّيةٍ / فيها حياة المرء مثل مماته
يتكلف الصبر الجميل بها على / فقد الخليل وثمّ سُمّ حياته
وتَحمّلُ الأرواح عشرة ضدّها / مستصعب كالموت في سكراته
وامرّ ما يلقى الفتى ان يُبتلى / بالبعد عن أشكاله ولِداته
يبكي على زمن قضاه لاهياً / ما بين ريم المنحنى ومهاته
أيام كان العيش غضّا والصفا / روضاً يعيش الميّت من نفحاته
تقتاده الفتيات في لفتاتها / ويذوده الغمّاز في لحظاته
فإذا تغزّل في معاني حسنها / أو حسنه فالسحر في نفثاته
وإذا تخلّص في مديح أبي الهدى / تتفّجر الأنوار من أبياته
ذاك الذي سطعت على أوج العلى / أضواء غُرته وشُهب صفاته
من آل بيت احمديّ لم تزل / تتفاخر الأشراف في ساداتِهِ
رفعت له ذمم الرفاعي منزلاً / في المجد يهوى النجم عن شرفاته
فرقان دين كل علم أو تقى / يستمنح الاشراق من آياته
يختص وارده بصفو سريرة / ويفوز بالتوفيق في طاعاته
قد طار في الأقطار صيت علائه / واستغرق الدنيا ندى راحاته
يُنشي الطلاقة في وجوه وفوده / حتى كأن الحسن من حسناته
وكأن أيام الضيافة عنده / عصر الشبيبة عاد بع فواتِهِ
يرتاد قاصده حماه واثقاً / من فضله بنوال أمنياته
وإذا استماح العفو منه مقّصر / مثلي جزاه بحلمه وأناته
مولاي يا صدر الصدور وتاجها / وعظيم أبطال الحمى وحماته
بأبيك مولانا أبي البركات مَن / تحيى لنا الآمال في بركاته
وبشيخك المهديّ مصباح الهدى / مَن يستمدّ البدر من مشكاته
وبجدك العالي أبي العلمين مَن / تتدفق الخيرات في ساحاته
جد بالمراحم لي كما عودتني / فالغيث لا ينكف عن عاداته
واغفر قصور فتى وهت أفكاره / مما رماه الدهر في ويلاته
ألقاه في بصر الحرير وما رأى / بلداً أناخ بها الخراب كهاته
أبياتها مثل القبور كأنما / اخنى عليها الدهر في نكباته
وشتاؤها غَرق واهون صيفها / حُرَق تحاكي الجمر في لهباته
اوطنتُها سنتين لم أحسبهما / في العمر إلّا غمزة بقناته
حتى سئمت وقد تضاءل بالضنى / جسدي ونال الهم من هماته
وتركتها مستعفياً عن حكمها / ولقد يُعاف الورد عند قذاته
وسعيت نحو رحاب عزّك اشتكي / ضيم الزمان إلى اجلّ أُباته
يا عين مالك كلما ذُكَرَ اللوى
يا عين مالك كلما ذُكَرَ اللوى / تكفينَ دمعاً كالعقيق هتونا
اغرقتني وكشفت سر صبابتي / وفضحت ويحك سرى المكنونا
قد كنت أخفي العشق طيَّ جوانحي / خوفاً لما قد كان ان سيكونا
ويلاه من لحظات جارات الغضا / كم ذا قضت نفسي بهن شجونا
لم أدر ما نوح الحمائم والبكا / حتى استبحن فؤادي المفتونا
غنين وِرقاً والتفتن جآذرا / وسفرن أقماراً ومسن غصونا
وبرزن يصطدن القلوب فهل ترى / تنجو قلوب باللحاظ رمينا
مِن كل ناهدة إذا حسرت لنا / عن صدرها انقلب الغرام جنونا
ومن العجائب انهن أوانس / لكنهن على النفار ربينا
ما ان يلّن لعاشق قد غرّه / منهن أعطاف ألفن اللينا
اني دريت الحب من بدء الصبا / ودرست من علم الغرام فنونا
فتفقهوا يال الصبابة بالهوى / عندي لتجنوا علمه تلقينا
لا تعشقوا إلا الكواعب بُكرا / اهدى الدلال لحسنها تحسينا
وكسى الحياء جمالها بجلالة / تدع الفؤاد بحبها مرهونا
كم من معان للعذارى من درى / اسرارها ازرى بمن عذلونا
جهلوا المحبة وازدروا أربابها / ولو أنهم عقلوا اذن عذرونا
انا وان شبنا وذبنا في الهوى / حسن الصبايا لم يزل يصيبنا
نحيا على حب الجمال وان نمُت / فتحية من أهله تحيينا
بعث الفتور من الجفون رسولا
بعث الفتور من الجفون رسولا / يدعو قلوباً للهوى وعقولا
فنضا شفارا ما أدق غرارها / تركت اعز العالمين ذليلا
لو شاء دعوة من مضى من قبلنا / لبته أرواح القرون الأولى
ومن العجائب أنَّ أول طائع / قلبي الشجيّ فلم غدا متبولا
هن العيون وما لنا من عشقها / بد فصبراً يا فؤاد جميلا
واذكر ليالي بالنقا سلفت لنا / سمح الزمان بها وكان بخيلا
حيث الشبيبة روضة فينانة / والعز ظل لا يزال ظليلا
والعيش غضّ والحبيب مواصل / والسعد يخدم شملنا الموصولا
والوقت صاف كالسلاف وانما / ما مر قط ولا غدا مملولا
والعاذلون كأنهم لم يخلقوا / يا رب لا لقي المحب عذولا
تلك الليالي البيض كم حسد الضحى / عند التبسم ثغرها المعسولا
غر عرائس نلن من قمر السما / طوقا ومن فلق الصباح حجولا
وبأطلس الشفق انتقبن مطرزا / شهبا ترى من حاك ذا المنديلا
ولبسن من حسنات ادوار الهنا / حللا ومن دور الصفا اكليلا
لكن قصرن فما عسى يا رب لو / اعطين من عمر الحواسد طولا
ما كنت احسب انهن ذواهب / حتى انقضين وما شفين غليلا
لهفي على ساعاتهنَّ فلم تكن / الا نجوماً قد عجلن افولا
حالت وقد حلّت ليال بعدها / تركت نطاق مدامعي محلولا
اشكو لمعتلّ النسيم صبابتي / ولربما سلى العليل عليلا
وابيت والذكرى تثير بمهجتي / حرقا قضين على العيون همولا
ويلاه من يوم الفراق فانه / يوم على العشاق كان وبيلا
فارقت فيه تماسكي وتطايرت / نفسي اسى وجميل صبري عيلا
وسألت قلبي ان يقرّ فشمته / ضلّ الرشاد وضيّع المعقولا
ودعا بنا داعي الوداع فلم يكد / يغني التصبر يا أميم فتيلا
ولقد نظرت إلى الركائب نظرة / كادت تسل على الفراق نصولا
وبكيت حتى كدت ان أبكي السما / والأرض إذ جد الحبيب رحيلا
ملك بروحي قد سرى ولو انه / حفظ الأمانة خلته جبريلا
لو لم نجد في الوحي من ألحاظه / ضعفا عبدنا الناظر المكحولا
زار الخليل ديارنا
زار الخليل ديارنا / فتخايلت بأعز زائر
هتفت لها زهر السما / هنئت يا روض الازاهر
ان كنت جوهرة البلا / د فذاك نظام الجواهر
القى القياد له بمضما / ر البلاغة كل شاعر
رقت بدائعه وجل / ت فهي معجزة الخواطر
شعر كمنظوم الجما / ن ينافس الشهب الزواهر
سحر العقول وانني / لأجله عن نعت ساحر
لكنها روح الخلي / ل تطل في الكلم النواضر
تسبي النهى وترف لط / فاً تستهيم به السرائر
أنسى بها ذكرى حبي / ب في البوادي والحواضر
أهلاً بيوم قدومه / ما بين رنات البشائر
قرت به الأدباء عي / ناً كيف لا وبه تفاخر
أهلاً بنابغد النوا / بغ في الزمان بلا مكابر
ولقد شهدت مكانه العا / لي بمرآة المآثر
وتعارف الأرواح في / ما بيننا سبق المحاجر
وعشقت أكرم ما عرف / ت من الشمائل والمفاخر
وإذا اختصرت بوصفها / عجزاً فان الحب ساتر
باللَه يا ملك الندامى
باللَه يا ملك الندامى / أنعم بها جاما فجاما
صهباء قد صاغ المزا / ح من الجمان لها وساما
أفلا ترى أقداحها / بالنور تضطرم اضطراما
وبلابل الابريق قد / صدحت فهيجت الهياما
والدن يعبق نشره / والكاس تعجبك ابتساما
فانهض إلى روض اللذا / ئذ واجلها بكرا مداما
بصفاء بالك قد صفا / مُلك المسرة واستقاما
جنب مجالسها الألى / سكروا بها ونسوا الذماما
واحفل بحضرة قدسها / واختر لها العرب الكراما
فهم سوانح انسها / وجوانح الملك القدامى
بوفائهم يثق الندي / يم إذا جفا القوم الندامى
وانا الذي بالغادة الحس / ناء أصبح مستهاما
كلفت بها روحي ومن / لا يعشق البدر التماما
كم مهجة إذ تنثني / تهفو وأفئدة ترامى
وارحمتا للعاشقي / ن فكم قضوا فيها غراما
ظن المتيم قد سلا فاغتاظا
ظن المتيم قد سلا فاغتاظا / ونضى سيوفا سميت ألحاظا
ظبي تعلق خاطري بجماله / وعصيت فيه الوعظ والوعاظا
ظبي هتكت بحبه سر الحجا / حتى أعدت مغندي مغتاظا
ظبي على أعطاف بانة قده / طارت قلوب أولي الهوى أشظاظا
ظهرت لواحظه بأسهمها على / مستهدف لولا التصبر فاظا
ظلم المشبه بالأراكة قده / لما انثنى بحلى البهاء وحاظا
ظرفت شمائله الحسان وأيقظت / مقل القلوب لعشقها أيقاظا
ظمائي لشهد لماه ألهب مهجتي / ما ضره ان أجتنيه لماظا
ظاهرت عذالي بهجر نصيحهم / في حبه كيدا لهم وغياظا
ظهروا بحلية مشفق لكنهم / أضحوا شداد بالملام غلاظا
ظنوا الهوى غيا لأن قلوبهم / غفل وإن تكن العيون يقاظى
ظبي الحمى رفقا بقلب متيم / هجر المنام بحبك استيقاظا
ظهرا لبطن قلبته يد الهوى / فغدا يقاسي لوعة وكظاظا
ظلم الزمان وظلم بينك يا رشا / قد أشعلا في القلب منه شواظا
ظعنت بمهجته الشجون وأغلظ الد / دهر الخؤون بكيده إغلاظا
ظلما أراد بي الأذاة وإنما / منن الرفاعي كن لي حفاظا
ظهر العواجز مسند الفقراء من / وسع الأنام حماية وحفاظا
ظبة المهند من سطاه ينوبها / صدع الفلول فلن تطيق دلاظا
ظني به أبدا جميل وهولي / عون إذا كاد الزمان وغاظا
ظفرت يدي بحباله فتمسكت / ورقيت من شم الفخار شناظا
ظل الندى منه بأطراف الدنا / متحلق كالهدب حاط جحاظا
ظلعت ركاب أولي التقدم عن مدا / علياه مهما بالغت أنكاظا
ظلت شموس رشاده بين الورى / تجلو القلوب ولم تثر أقياظا
ظهرت فكم من ظلمة كشفت بها / ولكم رقود أصبحت أيقاظا
ظفر المديد لدى حماه بكل ما / يرجو ونال سعادة وحظاظا
ظل السعود غدا به لي وارفا / أفهل أخاف الدهر إن هو قاظا
ظلمات همي في مدائحه انجلت / حتى أغرت الحاسد الجواظا
ظبيات شعري في ثناه أوانس / تسبي الخواطر لفتة ولحاظا
ظرفت معانيها ولا بدعا إذا / حسد الكواكب هذه الألفاظا
والنجم من فلَلَكِ النحور إذا هوى
والنجم من فلَلَكِ النحور إذا هوى / ما ضلّ من يهوى الحسان ولا غوى
ولرب حسناء تملّك سحرها / قلبي وعرفه تباريح الجوى
تختال في عز الجمال وحبَّذا / غصن بصهباء الدلال قد ارتوى
أودعت حبة مهجتي في خدها / فأبت معاودتي وطاب لها الهوا
وابيك يا ابنة يعرب ما كنت من / يهوى التحوّل عن هواك إلى السوى
كلا ولا خطر السلو بخاطري / يوماً ولا قلبي عن الحب ارعوى
وفيّت عهدك في الهوى وغدرتني / أفعلّمتك الميل بانات اللوى
قد طال سكري في هواك ولا أرى / اني أفيق من الصبابة والهوى
سبحان من خلق العوا
سبحان من خلق العوا / لم ثم علم بالقلم
وبه تجلى مقسماً / فأجله شرف القسم
وحباه منزلة بها / جعل السيوف له خدم
من قاسه بالرمح وال / غصن النضير فقد ظلم
هو مستقيم لم يمل / وعليهما الميل احتكم
والقلب منه منور / ابدا وقلبهما ظلم
لولاه ما حفظ النث / ير ولا القريض المنتظم
لولاه ضاع العلم ما / بين الورى والجهل عم
هو حادث لكنه / ينيبيك عن سر القدم
كم قد أجاد رسائلاً / بجمانها الدهر ابتسم
ولكم أعان متيماً / وشفى محباً من سقم
وهو المسود كم قضى / فجرى القضاء بما حكم
وهو المسدد من غدا / بعلومه الفرد العلم
كل الفنون بنوه فاعجب / وهو طفل ما احتكم
مسك المداج لبانه / ودواته ثدي الكرم
هو ترجمان الذهن وه / و بريد أفكار الأمم
يجلو مناجاة الضما / ئر وهي غالية القيم
ويبين عن عقل الفتى / والعقل جوهرة النِعم
فوجوده جود من المو / لى أهم من الديم
هو ناطق بل سامع / وبصير طرف لم ينم
يصغي لما هجس الخيا / ل ويشهد المعنى الأغم
وإذا تغنى في السطو / ر شجاك في حسن النغم
ذرني اعدد فضله / ودع الحواسد في ضرم
ذرني ولا تخشى السيو / ف العمي والرمح الأصم
أني يفاخره المهن / د وهو ملتطخ بدم
شتان بين القاطع الجا / في ومن يوفي الذمم
هذا مزيته الوجو / د وذاك مغزاه العدم
هذا ينيل متى يشا / نعما وذلك للنقم
طوع البنان يسير ان / ي شئت في النهج الأمم
ما ان يخونك قط ان / خان الحسام أو انثلم
وإذا بدا منه الخطا / يمحى خطاه ويصطلم
والسيف ان أخطا المضا / رب نال صاحبه الألم
ان تمتدح ذا فرقة / يوماً فمن أخرى يذم
هو كعبة الدنيا ورك / ن حياتها والملتزم
لا تنتهي ايامها / إلا إذا جف القلم
لبنان يا جبل السرور
لبنان يا جبل السرور / ولبُانتي زمن الحرور
أنت المليك على الجبا / ل الشامخات مدى العصور
والأرز تاجك اتحفت / ك به يد الرب القدير
يلقى بك المصطاف ان / واع المسرة والحبور
ويرى الكواكب قربه / تهديه ايناس السمير
بنسيمك العطر العلي / ل شفاء علات الصدور
وبمائك العذب البرا / د حياة أموات الهجير
يُذكي العقول هواؤك الصا / في وزند العزم يوري
فلكم ولدت نوابغاً / في الكون نادرة النظير
واشاوساً عزت فلم / تك تستكين لأي نير
ولكم فخرت بكاتب / حر المبادئ والضمير
وبشاعر متفنن / جر الذيول على جرير
ولك الجنان الفيح عا / لية المشارف والقصور
تختال بين رياضها / أسراب ولدان وحور
شكلن ما بين الريا / ض رياض حسن مستنير
سبحان من خلق الحسا / ن وقال للأبصار حيري
لبنان يا عرش الجمال / ل ومعرض اللطف الغزير
أولعت منك وحقّ لي / بمصيف حصرون الشهير
أني التفت رأيت ما / يهنا به طرف البصير
من جدول أو منهل / يمتاز بالعذب المنير
أو روضة مدت لنا / استبرق النبت الخضير
أغنى بساط اللَه فيها ال / ضيف عن بسط الحرير
وبيوتها اشبهن ابرا / ج النجوم بلا نكير
ولأهلها طبع الودا / عة من غني أو فقير
واهم ما يصبو له / قلب الفتى انس العشير
ولقد أناف على المجر / ة حسن واديها الكبير
في عمقه وجلاله / وجمال منظره الوفير
يجد المشاهد روعة / كالغاب لكن في سرور
وكأن في نسماته / راحا تُدار بلا مدير
تشفى الجسوم من الضنا / تجلو النفوس من الكدور
ولقد حكت بزعون حص / رونا بجنات ودور
اختان حيرتا بفر / ط الحسن فكر المستخير
فهما مصيف واحد / كلتاهما صوغ الشذور
قد قامتا من ذلك الوا / دي على أعلى شفير
كحمامتين اطلتا / من رفرف الجو المنير
ضحكت لأدمعي المُذاله
ضحكت لأدمعي المُذاله / وتساءلت بي ما جرى له
أوليس ذا من كنت اش / هد منه أنواع البساله
كان الصبور على الزما / ن فقد تغير لا محاله
ما لي أراه نحيل جس / م كاد ان يحكي خياله
يبكي بدمع ما أرى / غيث السما يحكي انهماله
ويئن كالولهان فا / رق شادنا يهوى جماله
أفعاشق والعمر قد / رشف الهوى حتى الثماله
والشيب البسه الوقا / ر فهل ترى يشكو اشتعاله
ويود من عصر الصبا / عودا وقد علم ارتحاله
أم بان عن أوطانه / قسراً وغُول الدهر غاله
أم ما به فلقد تحيّر / فيه فكري لا اباله
فأجبتها هذا الذي تدري / ن يا أخت الغزاله
هو ما تغيرّ إنما الأي / ام قد غيرن حاله
واحلنه للدمع يط / فيء ناره بئس الحواله
ولقد صدقت فما البكا / عند المصاب من النباله
لكن تمر على الفتى / نوب تنازعه احتماله
يبكي العزيز إذا تحك / م فيه أرباب النذاله
يبكي أجل يبكي وير / ضى دون ذلته وباله
نفي وحبس دون ما / ذنب أروم له أقاله
ظلم لعمرك ما رأت / عيني ولم أسمع مثاله
ما ان يُطيق له الفتى / صبراً ولو ملك اعتزاله
الظلم وان وليس من / أمل يلوح بالعداله
فليفعل الأوغاد ما / شاءوا ودهري ما بدا له
فلعل للأقدار اغرا / ضاً بتسليط الحُثاله
ولكم لريب الدهر من / عبر يريد لهن آله
الصبر أولى لو يق / ود إلى الهدى أهل الضلاله
لا سيما من ظلمهم / كالليل إذ وإلى انسداله
قد طبق الأرضين فه / ي تسائل المولى زواله
كم أعدموا من سيدٍ / فقد العلاء به هلاله
ولكم همام بعدواً / وغضنفر خربوا دحاله
ولكم أخي شرف أها / نوه ولم يرعوا جلاله
أخذوا بلحيته لخد / متهم او اجتذوا قذاله
الحرث والنسل اشتكى / منهم ولاقى ما أهاله
جاروا علينا واستباحوا / موطناً جاسوا خلاله
واستهتروا بالشرع بل / عمدا لقد راموا اهتباله
ما الشرع إلا منهل / صاف لقد حرموا انتهاله
قالوا الجهاد وما دروا / معنى الجهاد ولا مآله
ما حاربوا واللَه الا الدي / ن واعتمدوا نزاله
شرب الفؤاد سلاف حبك فانتشى
شرب الفؤاد سلاف حبك فانتشى / أفهل لوصلك من سبيل يا رشا
شهرت لواحظك المراض صوارما / أمسى بها الولهان مكلوم الحشا
شيبت يا تياه فودى بالجفا / وتركت ربع الصبر قفرا موحشا
شكت العيون بك السهاد فما ترى / بمسهد شوك القتاد استفرشا
شمت العواذل إذ رأوا مضناك من / تشويش فرعك يا غزال مشوشا
شنوا الاغارة بالملام وما رأوا / قرى وقد لاح الغداة مشربشا
شاكي السلاح نضى لنا من لحظه / عضبا وهز مثقفا لما مشى
شهدت مطالعه المنيرة إنه / من آل بدر فهو يفعل ما يشا
شام البوارق ناظري من ثغره / فجرى وأفعمه الضيا حتى عشا
شبه اليراع جرى بمدحة أحمد / ورأى سنا تلك الخلال فأدهشا
شيخ الوجود ابن الرفاعي الذي / أحيا قلوب السالكين وأنعشا
شفت الصدور طريقه من كل ما / ألقى الوساوس في النفوس وشوشا
شاهدت شمس الهدى منها لم تغب / عن أعين الألباب صبحا أو عشا
شاعت مآثر فضله كالمسك ما / كتمت شذاه حواسد إلا فشا
شهب ألا لا أوحش الرحمن من / أنوارها فلك العلى لا أوحشا
شيدت بها في الدين أركان الهدى / وغدا قليب الرشد موصول الرشا
شلت يد الآمال دون مقامه / فالوهم لو مد الأنامل أرعشا
شدهت بسر علاه أبصار النهى / وجلت خوارقه العجاب المدهشا
شالت نعامة كل من ناوى له / عبدا كذا من بالأسود تحرشا
شدوا الرحال إلى ذراه فإن في / جناتها كرم المكارم عرشا
شيق الفؤاد لو ردها فتى به / أشفى فؤاد ألم يزل متعطشا
شيخ العواجز كن لنا عوناعلى / زمن لقد جرح الفؤاد وخدشا
شابت نواصي العزم دون لقائه / مما أعد من الخطوب وجيشا
شقت نوائبه دروع تصبري / والهم أقفل في الفؤاد فأفرشا
شأن الكرام وأنت من ساداتهم / أن لا يضيعوا من بحبهم نشا
شغفت بمدح علاك ألسنة الورى / فبمثله صحف الثنا لن تنقشا
شرفت شعري في معانيك التي / جلت العقول وزحزحت عنها الغشا
شعشعت أقداح الثنا حتى لقد / أوشكت استهوي الكواكب لو أشا
شنفت آذان العلى بجمانة / ولست ثوب الفخر فيه مزركشا
ثقل الملام وطالت الأبحاث
ثقل الملام وطالت الأبحاث / فإلام ذا الإلحاح والإلثاث
ثمل الفؤاد من الغرام فما عسى / يجدي العواذل أصلحوا أو عاثوا
ثبتت جراثيم الهوى بسرائري / فكأن عشقي للظبا ميراث
ثارت لواعج حبهم في خاطري / وغدا لقلبي في الغرام لباث
ثأري لدى حدق الحسان مضيع / فلكم هنالك ساحر نفاث
ثخنت جراحي من ظباها واقتنى / جفني السهاد فما يلم حثاث
ثوب الضنا قد جددته يد الهوى / وثياب صبري يا أميم رثاث
ثنت النهى أنوار عزتك التي / حكمت بأن النيرات ثلاث
ثملت بمرآها العيون وكم بها / صبت الشيوخ وهامت الأحداث
ثجت بحار الدمع من جفني دما / لما لواك العاذل النباث
ثكلتك أمك يا زمان إلى متى / للعهد أنت مضيع نكاث
ثمرات عمري في همومك قد ذوت / أفهل لقلبي من عناك غياث
ثاورت منك ليوث خطب شرعت / منها النيوب ومدت الأخباث
ثب يا فؤادي نحو واسط إنها / أرض بأنواع المنامئناث
ثمر الندى يجنى وأزهار الهدى / تجلى بها لا الآس والجثجاث
ثم الفتوة والمروة والنخا / فالوفد يغنى واللهيف يغاث
ثم الشدائد تنتسى فكأنما / مرت بأحلام الكرى أضغاث
ثم الرفاعي ابن طه من له / كل الفضائل عن أبيه تراث
ثقفت شمائله به فكأنما / أخلاقه أخلاقه الادماث
ثاني العنان لكل فخر شامخ / وركابه نحو العلاء دلاث
ثبتت خوارقه الرجاح تواترا / وتقاصرت عن شأوه الاغواث
ثغر التواضع فيه أضحى باسما / عن رفعة هو ليثها الالهاث
ثلت مضارب حد من ناوى له / عبدا وهل يقوى البزاة بغاث
ثلت عروش الكاشحين وزلزلوا / حتى كأن قصورهم أجداث
ثق يا فؤاد به ولازم حبه / تظفر ويقبل حظك اللثلاث
ثابر على إنشاء أبيات الثنا / فصفاته لك عدة وأثاث
ثلجت بمدحك يا رفاعي العلى / منا الصدور ولمت الأشعاث
ثجاج سرك في بنيك لقد سرى / فيهم لدى جدب السنين نغاث
ثمن المديح بهم إذا مدحوا غلا / وإذا دعوا للنائبات أغاثوا
لِلّه ما فعل الأسى بفؤادي
لِلّه ما فعل الأسى بفؤادي / من بعد فقدك يا سراج النادي
جادت عليك مدامعي واحق ما / تجري الدموع لفرقة الاجواد
أنت الذي ملأ الزمان فضائلاً / وفواضلاً ومكارماً وايادي
أنت الذي الف التواضع شيمة / ان التواضع حلية الأسياد
ابكي خلائقك التي كانت لنا / مرآة كل فضيلة ورشاد
ابكي المعاني الغر منك واندب ال / همم التي جلت عن الأنداد
ابكي المفاخر والمآثر والحجى / والرأي منبلجاً بنور سداد
من للسماحة بعد فقدك والندى / من للعفاة الشعث والقصاد
من للوفود إذا تكاثف جمعها / من للضيوف وسائر الوراد
كانت لهم بذرى حماك ملاجئ / يجدون فيها بهجة الأعياد
ويرون في الطاف ذاتك ما به / يحلو ترنم حاضر أو بادي
هيهات بعدك ان يطيق تصبراً / قلبي ويرقا دمعي المتمادي
اطوي الليالي بعد فقدك نائحاً / واصابح الأيام بالتعداد
لِمَ لا أنوح على كريم كان في / أعماله يبيض وجه بلادي
ولكم له عندي حقوق مودة / ومحبة وقفت عليه ودادي
أُنشي رثاه ومن مدادي ادمعي / ودم الفؤاد لها من الامداد
ويكاد يلتهب اليراع بأنملي / مما يحس من الزفير البادي
آل المقدم ان احمدكم مضى / عطر الثناء مطهر الأبراد
وسرى إلى دار البقا ومن التقى / مُلئت حقيبته بأوفر زاد
صحب الحية منزهاً عن كل ما / يزري بفضل نزاهة العباد
يرعى حقوق الدين والدنيا بلا / بطر كما امر النبي الهادي
فتمسكوا بخلاله وتعقبوا / آثاره يا عترة الأمجاد
وابنوا كما قد كان يبني للعلى / وخذوا تقى الرحمن خيرَ عتاد

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025