أَعرفْتَ مِنْ داءِ الصبابةِ شافيا
أَعرفْتَ مِنْ داءِ الصبابةِ شافيا / هيهاتَ لستَ ترى لدائكَ راقيا
لا ترجُ مِنْ بعدِ انقيادكَ للهوى / بُرءاً وقد لبَّيتَ منه الداعيا
عزَّ الدواءُ فليس تلقى بعدَها / طَبّاً لدائكَ في الغرامِ مُداويا
ما هذه في الحبَّ أوَّلَ وقفةٍ / تركتكَ مستعرَ الأضالِعِ باكيا
قَلِقَ الوِسادِ وقد تعرَّضتِ النوى / حيرانَ تسأَلُ أرسُماً ومغانيا
تتبادُر العبراتُ في عرصاتِها / بدداً لقد أقرحتَ طرفاً داميا
دِمَنٌ طُوينَ على البِلَى وأحالَها / مَرُّ الرياحِ مُراوِحاً ومُغادِيا
جرَّتْ عليها السافياتُ ذيولَها / فَطَمْسَ ما قد كانَ منها باديا
ذهبتْ بشاشَتُها وأوحشَ ربعُها / وتبدَّلَتْ عُفْر الظِباءِ جوازيا
ظعنَ الأحبَّةُ راحلينَ وخلَّفوا / قلباً بنيرانِ التفرُّقِ صاليا
كانتْ بهنَّ حوالياً فأعادَها / ريبُ الزمانِ عواطلاً وخواليا
مِنْ كلَّ مائةِ القَوامِ رشيقةٍ / جَيْداءَ خجَّلتِ الغزالَ العاطيا
ترنو اليَّ بمقلةٍ مُرتاعةٍ / حَذَرَ الرقيبِ فلا عَدِمْتُ الرانيا
يا منزلاً بينَ العُذَيْبِ وحاجرٍ / حُوشيتَ أن ألْفَى لعهدِكَ ناسيا
فسقَى رياضَكَ مِلْعِهادِ سحائبٌ / تَتْرَى عليهِ بَواكراً وسَواريا
وسقَى زمانَكَ مِنْ دموعي صيَّبٌ / أمسى على ما فاتَ منه هاميا
زمناً عَهِدْتُ بهِ الزمانَ قشيبةً / أبرادُهُ والدهرُ غِرّاً لاهيا
جَذِلاً ركضتُ بهِ جوادَ شبيبتي / وسحبتُ مِنْ مَرَحٍ عليهِ رِدائيا
أقسمتُ ما لمعتْ بوارقُ مزنةٍ / اِلاّ عَقَدْتُ بهنَّ طرفاً كاليا
سهرانَ قد رفضَ الرقادَ وباتَ مِنْ / حُرَقِ الصبابةِ للبوارقِ راعيا
أذكَرْنَهُ ومضَ المباسمِ في الدجى / بوميضِها فأَسالَ دمعاً جاريا
ما للفراقِ بينهنَّ يروعُني / فأبيتُ مسجورُ الجوانحِ عانيا
أَأُراعُ منه وما شَحَذْتُ عزيمَتي / اِلاّ وفلَّلتُ السيوفَ مواضيا
مِنْ مرهفاتِ الهندِ غيرِ كليلةٍ / طُبِعَتْ قواضبَ فانثنينَ قواضيا
والعيسُ في أعطانِهنَّ بواركاً / تُدني مناسِمُها المحلَّ النائيا
تجتابُ خرقاً بالرياحِ مُخَرَّقاً / ويبيدُ بيداً سيرُها وفيافيا
تنصاعُ مِنْ خوفِ السياطِ كأنَّما / خالتْ على أعجازهنَّ أفاعيا
تنحو بيَ البلدَ البعيدَ مزارُهُ / وخداً فًتُرْجِعُهُ قريباً دانيا
يا ظبيةَ الوادي نداءَ مولَّهٍ / ناداكِ مِنْ ألمِ التفرُّقِ شاكيا
قد كانَ يكفيني هواكِ فما الذي / جلبَ البعادَ ومَنْ أباحَ جفائيا
أصبحتُ أسألُ عنكِ برقاً لامعاً / يبدو كحاشيةِ الرداءِ يمانيا
لا شيءَ أقتلُ مِنْ تباريحِ الهوى / للمستهامِ إذا رَجَعْنَ أمانيا
خُدَعٌ وعوُدكِ بالوصالِ وقاتلٌ / لبّانُها لو كانَ قلبي واعيا
أَأَرومُ وصلكِ بعدَما زجرَ النُّهَى / عنه طماعِيَتي وكفَّ غراميا
مالي ووصلِ الغانياتِ وقد بدا / منهنَّ ما قد كانَ قِدْماً خافيا
كلاّ رجعتُ عنِ الغَوايةِ والهَوَى / أَنِفاً لقد جذبَ العفافُ زمانيا
ورفضتُ أياماً بهنَّ تصرَّمَتْ / ومآربا قَضَّيتُها ولياليا