المجموع : 5
يا طولَ غلَّة نفسِي المبلاهِ
يا طولَ غلَّة نفسِي المبلاهِ / بظباء بين أَجارعٍ وجِلاهِ
منْ كُلِّ رَيَّا لا تجودُ بشَرْبةٍ / وجنابُها مُتدفِّقٌ بمياه
تُضْحِي وتُمْسِي لا يُغِبُّ مُحِبُّها / مَلْهَى كرىً أو مأثم استنباه
يَحْظَى العميدُ بها ويَسْعد راقداً / ويظَلُّ عند النُّبْهِ في إذلاه
وأبَى هوايَ لقد غدا مُسْتَفرِهاً / أعداءَ عَقْلي أيَّما استفراه
سُقِيَ الزمانُ إذ الحسانُ يَصِلْنني / ويُنلنني طوعاً بلا إكراه
وإذ المشيبُ شبيبةٌ منضورةٌ / وإذ المواعظُ كلُّهُنَّ مَلاه
لا والذي لو شاء بَدَّلَ صَبْوَتي / بلهىً وطولَ صبابتي بتناه
ما قيل إن مع السمَّاك فضيلةٌ / إلا تناولها عُبَيْدُ اللَّهِ
ملك حلا مَخْبورُه ورواؤه / فحلا على الأسماعِ والأفواه
عَذْبُ اللسان ولن تراه كليلَه / عضبُ اللسان وليس بالعضَّاه
ناهيك من صَمْتٍ بلا عيٍّ به / وكفاك مِنْ لسَنٍ بغير سَفاه
مُتَيَقِّظٌ أبداً لفعلِ كريمةٍ / وعلى الطِّلابِ لشكرِها مُتساهي
يَهَبُ الرغيب بِشُكْرِهِ فعُفاتُه / مُتفاكهون وتلكَ حالُ فُكاه
لكنه مع ذَلكم مُسْتَنزِهٌ / رَوْضَ المحامِدِ أيَّما استنزاه
مُتَظَلِّلٌ من طَوْله بحدائقٍ / مُتَمَرِّسٌ من حده بعِضاه
وكأَنَّ حُبْوته تُلاث بشامخ / يَنْحطُّ عنه الصخرُ في دَهْداه
ملكتْ سكينتُهُ عليه أمرَه / فكأنه ساهٍ وليس بساهي
وعفا وعامَل بالأَناةِ عَدُوَّه / فكأنه لاهٍ وليس بلاهي
مِمِّنْ يراه الحَقُّ غِبْطَةَ دولةٍ / وسعودَ مَمْلكةٍ وفضلَ إله
فإذا الزمانُ غدا وراح معبِّساً / فزمانه متضاحِكٌ متباه
ما زال يُؤْنِسهُ جميلُ فَعاله / قِدْماً ويُوحشه مِنَ الأشباه
تتعاورُ العَرَبُ الكرامُ وفارِسٌ / ذِكراه بالبَخْباخ والبَهْبَاه
شفعَ السماحُ إليه في سُؤَّاله / فَمرى جداهُ لهم عريضُ الجاه
يَمِّمْهُ إنك منه بين مُثَوِّب / بالمُعْطشينَ ومِذْودٍ نَدَّاهِ
يَشْفِي الصَّدَى ويَذُودُ كلَّ مُلِمَّةٍ / عنا بحزمِ مُفَكِّرٍ بدَّاه
قل للأَمير حلَتْ ليالي عُمْرِه / في غيرِ منقطع ولا متناهي
يا من أمرَّ على الحُلوقِ مذاقُه / وحلا وطاب لألسُنٍ وشفاه
لِيَفُزْ من الأمراء شاهنشاههمُ / بِفَتىً من الوزراء شاهنشاه
أضحَى وما ضاهاه خادمُ سيِّدٍ / وكذاك مالك في الملوك مُضاهي
انظرْ فإنكَ ناظرٌ بجلِيَّةٍ / هل في وزيرك عن وزيرك ناهي
هل مُلِّكَ الأعداء عند قيامه / إلا تذلُّلَ آنُفٍ وجباه
سَجَدُوا ولو عَنَدُوا مكانَ سجودهمْ / لرَماهُمُ مِنْ كيدهِ بدواهي
إن الوزيرَ إذا تَأَمَّلَ ناظرٌ / لَعَتادُ مُحتاطٍ وتاجُ مُباه
نَمْ كيف شِئْتَ فما البناءُ بخاشع / كلّا ولا أسُّ البناء بواهي
ظفِرتْ يداك من الوزير بقيِّم / تأتي نصيحتُه بلا استكراه
أمَّا ظِهارتُه فسلطانيَّةٌ / وله بطانةُ مُخْبِتٍ أوَّاه
فاسدُدْ يديكَ بخادم من شأْنه / عكْس الرياء إذا تَصنَّع داه
نامتْ على الإنباه أعيُنُ معْشرٍ / ورعاكَ مُنتبهاً بلا إنباه
يا صاحبيَّ علا الوزيرُ وأعصفت / صعقاته بالنَّبْحِ والوَهواه
قومٌ على سننِ الطريق وآذِناً / في الصادرين وواردي الأمواه
صانَ الوزارة أحمدٌ عن معشرٍ / خُلِقُوا لِكاسبِ القُوت بالأستاه
كانوا إذا قسطوا فأقسطُ واعظٍ / ظلُّوا هنالك منه في فَهفاه
صانتْه صائنةٌ تُكافئُ سَعْيَهُ / وزَهَتْهُ من شرفِ الفَعال زَواهي
وجزَتْ جوازي الخيرِ صاحبَ أمرِه / فهُوَ النَّجاةُ أمام كلِّ تجاه
لا كابن بلبلٍ الدعيِّ وعُصبةٍ / عَدِمُوا خِلالَ الخيرِ غيرَ هَواه
يا سائلي بابنِ اللَّبون وقد ثوى / في النارِ تَطْهاه هُناكَ طواهي
كانَ المُحيَّنُ ذئبَ رَدْهةِ دَهْرِه / ورجالُ دولتهِ ذئاب رِداهِ
ثم اعتدَى فإذا هُوْ ضَيْغَمُ غابةٍ / وزهاه من فَرْطِ الجهالة زاهي
فعتا ويَهْيَهَ في الكلامِ تَعارُباً / حتى كنيناه أبا اليهْياه
مُتصامِماً متكامهاً عن ربه / فرماهُ بالإصمام والإكماه
غابَ المُوَفَّقُ فاستراب بغيبهِ / وأتى فصادف منه مِرْجلَ طاهي
ومعانِدُ التقوى مُعِدُّ مغالةٍ / لخلافةٍ ووقاحةٍ لوَجاه
قال المُوَفَّقُ إذْ تبين غَوْلَه / قسماً لقد ساهيت غير مساهي
وغدا أبو العباس يطلب ثأره / فرمَى الزمانُ مُداهياً بدواهي
كُفءُ المُخاتِل والمبارز قَسْورٌ / لا ينثني للزجر والجَهْجاهِ
رَكِب الأميرُ قَرَا المحجَّةِ فاهتدى / وطغَى الدَّعيُّ فتاه في أَتْواهِ
لا يَعجَبَن أحَدٌ لخيْبةِ وجهِهِ / هل كان عَبْداً مُقْرناً بخُذاه
وجهٌ كما للصالحين وما عنى / للصالحين فشاهَ كلَّ مَشاه
ولقد نهتْه لو أُعينَ بنهيةٍ / وحِجَىً نواهٍ بعدهُنَّ نواه
تجِهُ الصنيعةِ والصنيعةُ حرةٌ / فثنتْ أعِنتها عن التُّجَّاه
وأتتْ فتىً ما سارَ سيرةَ تائهٍ / في حِفْظِ نعمتهِ ولا تَيَّاه
إنْ تائهٌ جَبَهَ الوجوهَ ببشرِهِ / ولُهَى يديهِ فليس بالجَبَّاه
وترشَّفَتْهُ ولم تكن مكروهةً / نكهاتُ مِسكٍ عند ذي استنكاهِ
كَلأَتْهُ نيَّتُهُ التي منْ سُوسها / صِدْق الكَلاءة والقلوبُ سواهي
ورعاهُ معروفٌ يُخامِرُ نَفسَهُ / ويفيضُ عنها والنفوسُ لواهي
عينُ المحبِّ إلى الحبيبِ سريعةٌ
عينُ المحبِّ إلى الحبيبِ سريعةٌ / والعينُ تألفُ شخصَ من يَهْواها
لا تجزعَنَّ من الصدود فإنما / غرض المفَدِّي أن يرى تَيّاها
حُكماً بأن النفسَ تبغي شكلَها / والشكلُ إلفٌ لا يُحِبُّ سِواها
قد ذقتُ أنواعَ الطعوم فلم أجدْ
قد ذقتُ أنواعَ الطعوم فلم أجدْ / فيهنَّ طعماً مثل طعم العافيهْ
فاقصدْ وحاذر ان تُمرِّرَ حُلوَهُ / مما تُصيبُ وأن تُكدِّرَ صافيه
لا تَشفينَّ غليلَ صدرك بالتي / تُدوِي فليست للغليلِ بشافيه
ومتى شَرِهْتَ فإن أيسرَ لذَّةٍ / لك إن نظرتَ مع السلامةِ كافيه
فإذا جَرتْ ريحٌ فطاب نسيمُها / فاعدِلْ مخافة يوم ريح سافيه
أحسِنْ فرُبَّ يد لديك حقيرةٍ / مَهِدَتْ لحينك والمضاجعُ جافيه
واعلم بأن يداً تقدَّم نفعُها / أجدى عليكَ من اليدِ المتلافيه
وافْزعْ إلى شُورى الرجالِ فإنها / لفساد رأيك حين يفسدُ نافيه
لا ترضينَّ برأي نفسِك وحدها / فلرُبَّ خافيةِ عليك وخافيه
لو يعلمُ ابنُ أبي سُميَّه
لو يعلمُ ابنُ أبي سُميَّه / كم من شجاع يتقيهِ
لزها وتاه بقُبْحه / تِيهاً يحاقِرُ كلَّ تيهِ
كم حاجةٍ باكرتُها / بالسعدِ والوجهِ الوجيهِ
فرجعتُ حين رأيته / باليأسِ مما أرتَجيهِ
اللَّه يعلمُ أنّني / من كل شيءٍ أجْتَويهِ
كلُّ الأنامِ تخافه / خوفَ الأصاغِر من بنيهِ
تُغْضي الجفونُ إذا بدا / من هَوْل منظرِه الكريهِ
قد قُلتُ إذ قَذِيتْ به / عَيْني وأعينُ مُبصريهِ
يا ليتَ لي بصحيحتي / عوراءةً مما يليهِ
إن كنتَ تَمقتُ من أساءَ لأنَّه
إن كنتَ تَمقتُ من أساءَ لأنَّه / مِمّنْ أساءَ وإن سَلمتَ عليهِ
فلقد ظلمتَ بمَقْتِ ثالثِ صاحب / ما زال مجتهداً يُسيءُ إليهِ
أنَّى ينهنهُ ناقمٌ عن ظالمٍ / ولهُ الأيادي السيئات لديه