ما في المنازلِ حاجةٌ نقضيها
ما في المنازلِ حاجةٌ نقضيها / إلا السلامُ وأدمعٌ نُذْريها
وتفجُّعٌ للعين فيها حيثُ لا / عيش أُوازيه بعيشي فيها
أبكي المنازلَ وهي لو تدري بالذي / بعثَ البكاءَ لكنت أستبكيها
بالله يا دمعَ السحائبِ سقّها / ولئن بخلت فأدمعي تسقيها
يا مغرياً نفسي بوصفٍ غريرةٍ / أَغريتَ عاصيةً على مغريها
لا خيرَ في وصف النساء فأعفني / عما تكلفنيه من وصفيها
يا ربَّ قافيةٍ على إِمضائها / لم يحل ممضاها إلى ممضيها
لا تُطعمنَّ النفسَ في إِعطائها / شيئاً فتطلبَ فوق ما تعطيها
حبُّ النبي محمد ووصيّه / مع حبِّ فاطمة وحب بنيها
أهل الكساء الخمسة الغرر التي / يبني العلا بعلاهمُ بانيها
كم نعمةٍ أوليتَ يا مولاهُم / في حبهم فالحمدُ للمواليها
إِنَّ السَّفاه يُقلُّ مدحي فيهمُ / فيحقّ لي ألا أكونَ سفيها
هُمْ صفوةُ الكرم الذي أصفيتهم / ودّي وأصفيتُ الذي يصفيها
أَرجو شفاعتهم فتلك شفاعةٌ / يلتذُّ بردَ رجائها راجيها
صلوا على بنتِ النبيّ محمد / بعد الصلاة على النبي أبيها
وابكوا دماءً لو تشاهدُ سفكها / في كربلاء لما ونت تبكيها
يا هولها بين العمائم واللحى / تجري وأسيافُ العاد تجريها
تلك الدماءُ لو أنها تُفْدى إذاً / كنّا بنا وبغيرنا نفديها
لو أن منها قطرةً توقى إذاً / كانت دماء العالمين تقيها
إن الذين بغوا إِراقتها بغوا / مشئومةَ العقبى على باغيها
قتل ابنِ مَنْ أوصى إليه خيرُ من / أَوصى الوصايا قط أو يوصيها
رفع النبي يمينه بيمينه / ليرى إرتفاع يمينه رائيها
في موضع أضحى عليه منبهاً / فيه وفيه يبدعُ التشبيها
آخاه في خمّ ونوّه باسمه / لم يألُ في خبرٍ به تنويها
هو قال أفضلكم عليٌّ إِنه / أَمضى فسنَّته التي يمضيها
هو لي كهارونٍ لموسى حبذا / تشبيهُ هارونٍ به تشبيها
يوماه يومٌ للندى يرويهمُ / جوداً ويومٌ للقنا يرويها
يسعُ الأنامَ مثوبةً وعقوبةً / كلتاهما يُمضي لما يمضيها
بيدٍ لتشييد المعالي شطرها / ولهدم أَعمار العدى باقيها
ومضاء صبرٍ ما رأى راءٍ له / فيما رآه من الصدور شبيها
لو تاه فيه قومُ موسى مرةً / أخرى لأنسى قوم موسى التيها
عوجا بدار الطفِّ بالدار التي / ورث الهدى أَهلوه عن أهليها
نبكي قبوراً إِن بكينا غيرها / بعضَ البكاء فإنما نعنيها
نفدت حياتي في شجىً وكآبةٍ / لله مكتئبُ الحياة شجيها
بأبي عَفَتْ منكم معالمُ أوجهٍ / أضحى بها وجهُ الفخار وجيها
مالي علمتُ سوى الصلاةِ عليكم / آلَ النبيّ هديةٌ أهديها
وأسىً عليَّ فإن أفأت بمقلتي / يحدو سوابقَ دمعها حاديها
سقياً لها فئةً وددتُ بأنني / معها فسقّاني الردى ساقيها
تلك التي لا أرضَ تحمل مثلها / لا مثلَ حاضرها ولا باديها
قلبي يتيهُ على القلوب بحبها / وكذا لساني ليس يملك تيها
وأنا المدلة بالمراثي كلما / زادت أزيد بقولها تدليها
يرثي نفوساً لو تطيقُ إِبانةً / لرثتْ له من طولِ ما يرثيها