نادى الشَّبابَ فهبَّ من إغفائِهِ
نادى الشَّبابَ فهبَّ من إغفائِهِ / بَطَلٌ يَهُزُّ الجيلَ رَجعُ نِدائهِ
حيٌّ على مَرِّ الدُّهور مُدَجَّجٌ / تتساقطُ الأجيالُ حول لوائهِ
تَفْنَى الوقائعُ وَهْوَ في مَرَحِ الصِّبَى / جَذلانُ مُغتَبِطٌ بِطولِ بَقائهِ
سَيفٌ أضاءَ الحقُّ مِلءَ فِرِنْدِهِ / وتَأَلَّقَ الإيمانُ مِلءَ مَضائهِ
نَظَر الكُماةُ فما رَأَوْا ذَا رَونقٍ / في حُسْنِ رونقهِ وصِدقِ بَلائِهِ
عَضْبٌ حَمَى عِرضَ الكنانةِ حَدُّهُ / وَرَعى ذِمامَ الشَّرقِ في أبنائهِ
وَجَد المُغيرَ يَجولُ في أحشائها / فَأَبَى القَرارَ وَجالَ في أحشائهِ
اللهُ أَوْدَعَهُ حَمِيَّةَ رُسلهِ / وأَمدَّهُ بالنّصرِ من خُلفائهِ
أَوْفَى على الوادي فَكبَّرَ واحْتَفَى / بالمُصطَفى المختارِ من زُعمائِهِ
النّافِثِ العَزَماتِ في أكنافِهِ / والباعِثِ النَّهَضاتِ في أنحائهِ
المُستعانِ على العدوِّ إذا طَغَى / المُستعين بِصبرِهِ وَإبائِهِ
مَن لا يَرى أنّ الجهادَ مُروءةٌ / حتّى يكونَ المرءُ من شُهدائِه
مَن عَلَّمَ المِصريَّ حُبَّ بِلادهِ / وأَقامَ من دَمِهِ مِثالَ وَفائِه
مَن أَنكرَ اليأسَ المُذِلَّ وعَابَهُ / لأَخِي الحياةِ فمدَّ حَبلَ رَجائِه
ما قَالَ حِينَ صبا بلادي يَشتكي / أَلَم الهَوَى ويَضِجُّ من بُرحَائهِ
لكنّها نَجوى المشوقِ وآيةٌ / عُذريّةٌ من حُبّهِ وولائهِ
لم يَلْقَِ قَيْسٌ في هَوى ليلاه ما / لاقَى ولا ابنُ خزامَ في عَفرائِهِ
أدَّى الرّسالةَ والممالكُ هُتَّفٌ / لِجَلالِ مَشهدهِ وَحُسْنِ أدائهِ
نُورٌ من الوحي المُباركِ ساطعٌ / في أُمَّةٍ حَيْرَى وشعبٍ تائهِ
ورسولُ حقٍّ ما اسْتَبدَّ به الهَوى / يوماً ولا أعياهُ مُعضِلُ دائهِ
يَرمِي بحكمتِه النُّفوسَ إذا الْتَوَتْ / ورَمَى الغبيُّ بمكرهِ ودَهائِه
يستنزل الخَصمَ العنيدَ على يدٍ / تَتناولُ المرّيخَ من عَليائهِ
أخذت كُرومَر فَاسْتبِيحَ ولم يَزَلْ / يُسْقَى عُصارةَ بَغْيهِ وعَدائِه
يَبغِي على الشَّعبِ الضّعيفِ بِأرضِه / ويُغالِبُ الدّيانَ فَوقَ سَمائِه
ألقَى السِّلاحَ وَرَاحَ يَنعَقُ ماله / جُندٌ سِوَى هَذَيانهِ وهُرائِه
ذُعِرَتْ لِنكبتِه الجنودُ أعِزَّةً / وتَفزّعَ الأُسطولُ في دأمائهِ
عَدلُ القضاءِ أَدالَ مِن طُغيانهِ / في دنشوايَ ومن أَثيمِ قضائِه
لمّا أتى المُسْتَضْعَفِينَ حَديثهُ / أَلِفَ الحَمامُ السَّجعَ بعد بُكائِه
يا ناصرَ الضُّعفاءِ نِمتَ ولم يَنَمْ / جَلّادُ هذا الشّعبِ عن ضُعفائِه
وَلَّى زَمانُكَ يا صريعَ هُمومهِ / فَاسألهُ هل وَلَّى زَمانُ عَنائِه
الدّهرُ شاغَبَهُ فأوهنَ عَظمَهُ / وطغَى عليهِ فَزادَ في أعبائِه
يشقى بِحمل الدّاءِ لولا حاجةٌ / في نفسِه لَقَضَى على حَوْبائهِ
لمّا ذهبتَ وكُنتَ مَرجعَ أمرهِ / ذَهبَ الطّبيبُ المُرْتَجَى لِشفائِه
خُلفاؤُك الأمناءُ بعدك حُضَّرٌ / والمرءُ مَرجعُه إلى أُمنائِهِ
جَعلوا هَواكَ شريعةً وتجنَّبوا / من مَالَ عنكَ وضلَّ في أهوائهِ
هُمْ عُدَّةُ الوادي ليومِ سلامِه / وعَتادهُ المرجوُّ في هَيْجائِه
نَشطَ الشّبابُ وَقِيلَ يا مصرُ انْهضِي / وبَدَا سَبيلُ الحقِّ بعد خَفَائِه
وإذا الشّبابُ مَضَى يُحاوِلُ مَطلباً / نَفذَ المحالَ وجَالَ في أثنائِه
هذا بناؤُكَ مَالَهُ مِن هادمٍ / وكفَى بِربِّك حافظاً لِبنائِه
حِصنُ القضيّةِ يَنهضُ الوادي على / جَنَباتِهِ ويجولُ في أفيائِهِ
قُلْ لِلأُلىَ نَعِمُوا وبين عُيونهم / شَعبٌ تَردَّى في جَحيم شقائِه
لا تسخروا بالشَّعبِ في أعراسِكم / هو في مآتمِه وفي أَرزائِه
عَرَفَ الرّجالُ بك الحياةَ وَأَبصَرُوا / ماذا يُواري الموتُ تحتَ غِطائهِ
وتَبيَّنُوا أنّ الهوانَ لِقانعٍ / مِن دَهرهِ بِنفاقهِ وريائهِ
ما مَيِّتُ الأحياءِ غيرُ مُنافقٍ / بَالي الضّميرِ مُكفَّنٍ بِردائهِ
دينُ السياسةِ والرّجالُ مراتبٌ / أَنتَ الإمامُ الفردُ مِن فُقَهائِه
ما للممالكِ إن رَمَى عِزريلُها / بالغاصبِ المغتالِ غيرُ جلائِه
وأشدُّ أبناءِ البِلادِ عَداوةً / مَن لا يرى المحتلَّ مِن أعدائهِ
هي في جلالتها حِمَى أبنائِه / ومضاجعُ الماضين من آبائهِ
أفَمَن يَبيعُ بلادَهُ كمجاهدٍ / ينأى بها عن بَيْعهِ وشرائهِ
شعبُ الكنانةِ ليس من أخلاقِه / أن يخذلَ المُوفين من نُصرائهِ
إنّ الأُلى سَمِعوا الحديث مُلفَّقاً / جَهِلوا الصّريحَ المحضَ من أنبائهِ
لسنا حُماةَ النّيلِ إن ظفروا بهِ / حتّى يَسيلَ دَمُ الرجالِ كمائِهِ