المجموع : 2
يا عَبلُ أَينَ مِنَ المَنِيَةِ مَهرَبي
يا عَبلُ أَينَ مِنَ المَنِيَةِ مَهرَبي / إِن كانَ رَبّي في السَماءِ قَضاها
وَكَتيبَةٍ لَبَّستُها بِكَتيبَةٍ / شَهباءَ باسِلَةٍ يُخافُ رَداها
خَرساءَ ظاهِرَةِ الأَداةِ كَأَنَّها / نارٌ يُشَبُّ وُقودُها بِلَظاها
فيها الكُماةُ بَنو الكُماةِ كَأَنَّهُم / وَالخَيلُ تَعثُرُ في الوَغى بِقَناها
شُهُبٌ بِأَيدي القابِسينَ إِذا بَدَت / بِأَكُفِّهِم بَهَرَ الظَلامَ سَناها
صُبرٌ أَعَدّوا كُلَّ أَجرَدَ سابِحٍ / وَنَجيبَةٍ ذَبَلَت وَخَفَّ حَشاها
يَعدونَ بِالمُستَلئِمينَ عَوابِساً / قوداً تَشَكّى أَينَها وَوَجاها
يَحمِلنَ فِتياناً مَداعِسَ بِالقَنا / وُقُراً إِذا ما الحَربُ خَفَّ لِواها
مِن كُلِّ أَروَعَ ماجِدٍ ذي صَولَةٍ / مَرِسٍ إِذا لَحِقَت خُصىً بِكُلاها
وَصَحابَةٍ شُمَّ الأُنوفِ بَعَثتُهُم / لَيلاً وَقَد مالَ الكَرى بِطُلاها
وَسَرَيتُ في وَعثِ الظَلامِ أَقودُهُم / حَتّى رَأَيتُ الشَمسَ زالَ ضُحاها
وَلَقيتُ في قُبُلِ الهَجيرِ كَتيبَةً / فَطَعَنتُ أَوَّلَ فارِسٍ أَولاها
وَضَرَبتُ قَرنَي كَبشِها فَتَجَدَّلا / وَحَمَلتُ مُهري وَسطَها فَمَضاها
حَتّى رَأَيتُ الخَيلَ بَعدَ سَوادِها / حُمرَ الجُلودِ خُضِبنَ مِن جَرحاها
يَعثُرنَ في نَقعِ النَجيعِ جَوافِلاً / وَيَطَأنَ مِن حَميِ الوَغى صَرعاها
فَرَجَعتُ مَحموداً بِرَأسِ عَظيمِها / وَتَرَكتُها جَزَراً لِمَن ناواها
ما اِستَمتُ أُنثى نَفسَها في مَوطِنِ / حَتّى أُوَفّي مَهرَها مَولاها
وَلَما رَزَأتُ أَخاً حِفاظَ سِلعَةً / إِلّا لَهُ عِندي بِها مِثلاها
أَغشى فَتاةَ الحَيِّ عِندَ حَليلِها / وَإِذا غَزا في الجَيشِ لا أَغشاها
وَأَغَضُّ طَرفي ما بَدَت لي جارَتي / حَتّى يُواري جارَتي مَأواها
إِنّي اِمرُؤٌ سَمحُ الخَليقَةِ ماجِدٌ / لا أُتبِعُ النَفسَ اللَجوجَ هَواها
وَلَئِن سَأَلتَ بِذاكَ عَبلَةَ خَبَّرَت / أَن لا أُريدُ مِنَ النِساءِ سِواها
وَأُجيبُها إِمّا دَعَت لِعَظيمَةٍ / وَأُغيثُها وَأَعِفُّ عَمّا ساها
قِف بِالدِيارِ وَصِح إِلى بَيداها
قِف بِالدِيارِ وَصِح إِلى بَيداها / فَعَسى الدِيارُ تُجيبُ مَن ناداها
دارٌ يَفوحُ المِسكُ مِن عَرَصاتِها / وَالعودُ وَالنَدُّ الذَكِيُّ جَناها
دارٌ لِعَبلَةَ شَطَّ عَنكَ مَزارُها / وَنَأَت لَعَمري ما أَراكَ تَراها
ما بالُ عَينِكَ لا تَمُلُّ مِنَ البُكا / رَمَدٌ بِعَينِكَ أَم جَفاكَ كَراها
يا صاحِبي قِف بِالمَطايا ساعَةً / في دارِ عَبلَةَ سائِلاً مَغناها
أَم كَيفَ تَسأَلُ دِمنَةً عادِيَّةً / سَفَتِ الجُنوبِ دِمانَها وَثَراها
يا عَبلَ قَد هامَ الفُؤادُ بِذِكرِكُم / وَأَرى دُيوني ما يَحُلُّ قَضاها
يا عَبلَ إِن تَبكي عَلَيَّ بِحُرقَةٍ / فَلَطالَما بَكَتِ الرِجالُ نِساها
يا عَبلَ إِنّي في الكَريهَةِ ضَيغَمٌ / شَرِسٌ إِذا ما الطَعنُ شَقَّ جِباها
وَدَنَت كِباشٌ مِن كِباشٍ تَصطَلي / نارَ الكَريهَةِ أَو تَخوضُ لَظاها
وَدَنا الشُجاعُ مِنَ الشُجاعِ وَأُشرِعَت / سُمرُ الرِماحِ عَلى اِختِلافِ قَناها
فَهُناكَ أَطعَنُ في الوَغى فُرسانَها / طَعناً يَشُقُّ قُلوبَها وَكُلاها
وَسَلي الفَوارِسَ يُخبِروكِ بِهِمَّتي / وَمَواقِفي في الحَربِ حينَ أَطاها
وَأَزيدُها مِن نارِ حَربي شُعلَةً / وَأُثيرُها حَتّى تَدورَ رَحاها
وَأَكُرُّ فيهِم في لَهيبِ شُعاعِها / وَأَكونُ أَوَّلَ واقِدٍ بِصَلاها
وَأَكونُ أَوَّلَ ضارِبٍ بِمُهَنَّدٍ / يَفري الجَماجِمَ لا يُريدُ سِواها
وَأَكونُ أَوَّلَ فارِسٍ يَغشى الوَغى / فَأَقودُ أَوَّلَ فارِسٍ يَغشاها
وَالخَيلُ تَعلَمُ وَالفَوارِسُ أَنَّني / شَيخُ الحُروبِ وَكَهلُها وَفَتاها
يا عَبلَ كَم مِن فارِسٍ خَلَّيتَهُ / في وَسطِ رابِيَةٍ يَعُدُّ حَصاها
يا عَبلَ كَم مِن حُرَّةٍ خَلَّيتُها / تَبكي وَتَنعى بَعلَها وَأَخاها
يا عَبلَ كَم مِن مُهرَةٍ غادَرتُها / مِن بَعدِ صاحِبِها تَجُرُّ خُطاها
يا عَبلَ لَو أَنّي لَقيتُ كَتيبَةً / سَبعينَ أَلفاً ما رَهِبتُ لِقاها
وَأَنا المَنِيَّةُ وَاِبنُ كُلِّ مَنِيَّةٍ / وَسَوادُ جِلدي ثَوبُها وَرِداها