المجموع : 20
سَنَّ النَسيمُ تَعانُقَ الأَغصانِ
سَنَّ النَسيمُ تَعانُقَ الأَغصانِ / أَفَلا يَسُنُّ تَعانُقَ الخُلّانِ
هَذا وَبَينَهُمُ حَديثٌ ساكِتٌ / ناجى خَواطِرَهُم بِغَيرِ لِسانِ
فَهِمَت قُلوبُهُمُ فَلَمّا لَم يُجِب / عَنها اللِسانُ أَجابَتِ العَينانِ
وَالقَلبُ يُدرِكُ وَهوَ لَيسَ بِسامِعٍ / لَفظَ الدُموعِ بِأَلسُنِ الأَجفانِ
يا راحِلاً مِن عَينِهِ قَد أَصبَحَت / في الناسِ مُقفِرَةً بِلا إِنسانِ
فَإِذا جَرَت مِنها الدُموعُ فَإِنَّما / تَجري لِسُقيا ذِكرِكَ العَطشانِ
فَلَرُبَّما يَسقي غَليلَكَ ماؤُها / ما دُمتَ تَنزِلُ مِنهُ في نيرانِ
وَعِجِبتُ مِن مُتَوَسِّلٍ مُتَوَصِّلٍ / بِجَهَنَّمَ مِنهُ إِلى بُستانِ
أَمّا الخَواطِرُ فَالمُهاجِرَةُ الَّتي / تُبِعَت مِنَ الأَجفانِ بِالإِحسانِ
اِقرَا الدَموعَ فَإِنَّها عُنواني
اِقرَا الدَموعَ فَإِنَّها عُنواني / وَأَنا كِتابُ كَتائِبِ الأَشجانِ
مِثلُ الكِتابِ ضَنىً وَمِثلُ يَراعِهِ / بَل خَطِّهِ بَل شَكلِهِ المُتَفاني
لَم يَبقَ مِنّي في العُيونِ بَقِيَّةٌ / وَاللَهُ يُبقي لي الَّذي أَفاناني
لَو لَم أَكُن كَالخَطِّ مِن سُقمٍ لَما / رَجَعَ اللَواحِظَ فِيَّ مَن يَقراني
مُتَبَيِّناً بَيتي كَحَرفِ مُشكِلٍ / أَعيا بِما أَعطى يَدَ البُنيانِ
هَيهاتَ تثنيني النَواظِرُ بَعدَ ما / أَمَرَ الحَبيبُ صُدودَهُ فَمَحاني
في كُلِّ يَومٍ لِلغَرامِ زِيادَةٌ / تُبدي عَلَيَّ زِيادَةَ النُقصانِ
مُذ قُلتَ إِنّي كَالكِتابِ لِيَثْنِني / ما قُلتُ ذاكَ طَوى الهَوى وَطَواني
مَنْ لا أَراهُ مِنْ تَوَقُّدِ نورِهِ / وَمِنَ السَقامِ فَلا يَكادُ يَراني
فَلَوَ اَنّني نِلتُ المُنى بِعِناقِهِ / ما بانَ مِنّا لِلعُيونِ اِثنانِ
ما صَحَّ عَن إِسنادِ سُقمِ قُلوبِنا / إِلّا الَّذي يُروى عَنِ الأَجفانِ
وَحَديثُ سُقمي في هَواهُم سائِرٌ / في أَرضِهِم بِطَريقِهِ عَن عانِ
وَلَقَد بَكَيتُهُمُ بِغَيرِ مَدامِعٍ / وَلَقَد شَكَوتُهُمُ بِغَيرِ لِسانِ
وَالهَمُّ أَلطَفُ ما اِستَدَلَّ فَإِنَّهُ / لَم يَخفَ عَنهُ مَعَ الخَفاءِ مَكاني
وَكَتَمتُ حُبَّهُمُ وَكَتمي حُبَّهُم / لا بَل كَتَمتُ الحُبَّ عَن كِتماني
مَن أَودَعَ الأَسرارَ عِندَ جَنانِهِ / فَأَنا الَّذي كاتَمتُها لِجَناني
فَالسِرُّ مَحمولٌ وَلَيسَ بِحامِلٍ / أَو لا فَمَوجودٌ وَلا بِمَكانِ
قَلبي كَمِثلِ الزِندِ إِن تَترُكْهُ ما / يُبدي الَّذي يَخفى مِنَ النيرانِ
وَالعَينُ مِثلُ العَينِ إِن تُترَكُ فَما / تَسمو زلالَتُها إِلى الظَمآنِ
ما حيلَةُ الإِنسانِ في أَحبابِهِ / غَدَروا بِهِ ما حيلَةُ الإِنسانِ
يَرجو ثِمارَهُمُ وَما فيها رَأى / ثَمَراً يَراهُ في غُصونِ البانِ
أَجرى عَلى الأَعطافِ حَدَّ عِيانِهِ / وَالحَدُّ لا يَجري عَلى السَكرانِ
وَلَقَد أَرى التَثقيفَ أَولى بِالقَنا / يُتَكَلَّفُ التَثقيفُ بِالأَغصانِ
اللَهُ جارُهُم فَفيهِم مِثلُ ما / في أَدمُعي فيهِم مِنَ الأَلوانِ
وَأُريدُ جَمعَ الشَملِ مِنّي في الهَوى / بِهِمُ وَلَكِن ما يُريدُ زَماني
إِنَّ الَّذي مِنهُ الصُدودُ أَماتَني / هُوَ بِالوِصالِ إِذا اِشتَهى أَحياني
وَلَأَبلُغَنَّ مُرادَهُ في مُهجَتي / أَو لا فَإِنّا اليَومَ مُختَلِفانِ
إِنسانُ عَيني بِالحَقيقَةِ دارُهُ / فَأَراهُ مَحمولاً عَلى أَجفاني
وَإِذا أَتَت مِنهُ الإِساءَةُ دائِماً / فَلَأَحمِلَنَّ لَها عَلى إِحساني
وَإِذا تَشاغَلَ بِالقَطيعَةِ في الهَوى / وَعَصَيتُهُ في حُكمِهِ وَعَصاني
فَهُناكَ قُل لِلعاذِلينَ أَنا الَّذي / لَم أَهوَهُ وَهوَ الَّذي يَهواني
اِرمِ الفُؤادَ بِكُلِّ سَهمٍ تُمضِهِ / لي أَضلُعٌ مِثلُ القِسِيِّ حَوانِ
بَيني وَبَينَكَ يا زَمانُ وَقائِعٌ / لا يَلتَقي أَبَداً بِها الجَمعانِ
لا يَلحَني اللاحي فَإِنَّ أَحِبَّتي / أَفعالُها لا قَولُهُ يَلحاني
بَينٌ عَلى قُربٍ كَما المَلوانِ / أَخَوانِ لَم يَجمَعهُما دارانِ
وَبِنَفسِيَ القَمَرُ الَّذي ما عَنهُ لي / عِوَضٌ فَلا يَتَعَرَّضِ القَمَرانِ
غَضبانُ قَد أَغضَبتُ فيهِ لَوائِمي / لَم أَخلُ في الحالَينِ مِن غَضبانِ
وَأَخذتُ عَنهُ لا عَلَيهِ وَمَذهَبي / أَن يُقبَلَ القَولانِ وَالوَجهانِ
وَلَهُ إِذا عَرِفَ الهَوى وَجهانِ / وَلَهُ إِذا وَعَدَ الرِضا قولانِ
إِن كُنتَ تُغضِبُ إِن رَضيتُ بِكَ الهَوى / فَاغضَب عَلى الحُسنِ الَّذي أَرضاني
لَبَّيتُهُ لَمّا دَعاني بادِياً / وَكَأَنَّهُ ما كانَ قَطُّ دَعاني
فَاِنصُر أَخاكَ بِأَن تُوافِقَ رَأيَهُ / فيما يَراهُ فَذانِكَ الرَأيانِ
ما نَصرُ مَن يَدعوكَ يَومَ كَريهَةٍ / بِمُجَرَّدِ التَجريدِ وَالإِثخانِ
وَيَهيجُني الإِلفانِ إِن طارا وَإِن / وقعا على فننٍ من الأفنانِ
إذ يَسجَعانِ فيُخرجانِ منَ الهوى / هَذي فِعالُ سَواجِعُ الكُهّانِ
أَفَلا وَعى نَسَبي إِلَيهِ فَإِنَّهُ / نَسَبٌ بِهِ اِستَوجَبتُ أَن يُرعاني
أَنا بِالَّذي تُجري جُفوني نَهرُهُ / وَبِما أَراني الحُسنَ فَهوَ جِناني
أَولا يَكونُ كَما الرِياضُ وَنَهرُها / أَبَداً بِرَغمِ الجَدبِ مُعتَنِقانِ
لي عِندَكُم دَينٌ وَلَكِن هَل لَهُ
لي عِندَكُم دَينٌ وَلَكِن هَل لَهُ / مِن طالِبٍ وَفُؤاديَ المَوهونُ
فَكَأَنَّني أَلِفٌ وَلامٌ في الهَوى / وَكَأَنَّ مَوعِدَ وَصلِكُم تَنوينُ
إِن كُنتَ تَلحاني فَلَستُ بِحاني
إِن كُنتَ تَلحاني فَلَستُ بِحاني / وَمِنَ المَروءَةِ أَن تُعِينَ العَانِي
يا حاضِراً يُلقي إِلَيَّ حَديثَهُ / أَمسِك فَلَستُ بِحاضِرٍ تَلقاني
أَسمَعتَ حُكماً مَن لَهُ قَلبٌ وَما / أَسمَعتَ قَولاً مَن لَهُ أُذُنانِ
مَن لَم يَكُن سُلطانُهُ مِن حُجَّةٍ / فَنَقادُها صَعبٌ بِلا سُلطانِ
ظَعَنَت ذَخائِرُ أَدمُعي وَتَفَرَّقَت / مِن قَبلِ يَومِ تَفَرُّقِ الأَظعانِ
فَاليَومَ إِن لَم أَرضَ مِنهُ مُسخِطي / بِفِراقِهِم فَالدَمعُ ما يَرضاني
وَبِحَقِّهِ إِن لَم أَبُلَّ غَليلَهُ / مِن بَعدِ ما أَسعَرتُهُ نيراني
يا دَهرُ ما أَطلَعتَ لي يَومَ النَوى / إِلّا مُعَقِّبَ لَيلَةِ الهِجرانِ
وَوَجَدتُ قَلبي إِذ سَمِعتُ عِتابَهُ / يَصلى لَظاهُ وَما وَجَدتُ لِساني
وَلَقَد أَطاعَتهُ جَميعُ جَوارِحي / حَتّى اللِسانُ أَطاعَهُ وَعَصاني
فَاليَومَ قُل ما لا عَلَيكَ بَيانُهُ / فَعَلَيَّ حينَ عَصَيتَ صارَ بَياني
أَفدي بِنَفسي وَجهِكَ الراضي عَلى / عَيني وَحِدَّةِ لَفظِكَ الغَضبانِ
إِن تُنكِر النارَ الَّتي في مُهجَتي / فَلَتَعرِفَنَّ الماءَ في أَجفاني
وَنَهَضتُ مِعثاراً بِدَمعِيَ وَالخُطا / مَقصودها وَمُعَثِّري ذَمَلاني
لِلناسِ أَغصانٌ وَقَد يَجنونَها / وَعَلِقتُ غُصناً دونَها وَجَناني
وَيَدُ النَسيمِ كَريمَةٌ عِندي بِما / شَرَعَ التَعانُقَ بَينَ غُصنِ البانِ
وَعَلى الأَحِبَّةِ مَن عِداهُم رِقيَةٌ / وَعَلى الحَمائِمِ رِقيَةُ الأَغصانِ
وَالريحُ تَحتَ الطَيرِ تَجري خَيلُها / وَالطَيرُ تُمسِكُ غُصنَهُ بِعَنانِ
وَيَهُزُّني كَالغُصنِ خَمرُ غِنائِهِ / فَأَقولُ هَل غَنّاهُ أَو غَنّاني
الشُكرُ وَالإِحسانُ في دينِ العُلا
الشُكرُ وَالإِحسانُ في دينِ العُلا / مِثلانِ لَكِن يَسبِقُ الإِحسانُ
رَضِيَ الإِلَهُ بِهِ لِأَفضَلِ نِعمَةٍ / ثَمَناً فَهانَت بَعدَهُ الأَثمانُ
وَالشُكرُ جارٌ وَالجَميلُ مُجاوِرٌ / وَالحَزمُ أَن تَتَواصَلَ الجيرانُ
ضَيفٌ وَيُقنِعُهُ الحَديثُ لَهُ قِرىً / وَعَلى الحَديثِ تَجَمَّعُ الضِيفانُ
عِندي لَهُ وَطَنٌ وَبَعدَ نُزولِهِ / لا كانَ أَن تَنبو بِنا الأَوطانُ
إِن زِدتَني وَجَحَدتُ ما أَولَيتَني / يَوماً فَإِنَّ زِيادَتي نُقصانُ
مَلَأَ اليَدَينِ بِجودِهِ وَشَكَرتُهُ / فَلَتُملَأَنَّ بِشُكرِهِ الأَزمانُ
أَيقَظتَ مِن سِنَةِ الإِياسِ مَطامِعي / فَلِذا يُشَكِّكُ شُكرِيَ اليَقظانُ
وَلَتُنجِدَنِّي في ثَنائِكَ أَلسُنٌ / إِن كانَ يُنجِدُ مَن يَقولُ لِسانُ
لِلشِعرِ ميزانٌ فَكَيفَ بِشُكرِهِ / جوداً يَفيضُ وَما لَهُ ميزانُ
وَالشُكرُ لِلنَعماءِ إيمانٌ كَما / شَهِدَ الكِتابُ وَكُفرُها كُفرانُ
مِنَنٌ يُذَكِّرُ ناظِري قَلبي بِها / أَبَداً فَيُنسى عِندَها النِسيانُ
ظَهَرَت عَلى كُلٍّ بِها وَتَظاهَرَت / أَعلامُ فَصلٍ ما بِها كِتمانُ
أَسرَرتَها عَن أَن تَبوحَ بِسِرِّها / وَعَلى الثَناءِ بِسِرِّها الإِعلانُ
نِعَمٌ شَواهِدُها عَلَيَّ كَثيرَةٌ
نِعَمٌ شَواهِدُها عَلَيَّ كَثيرَةٌ / فَلِسانُها يُطريكَ فيهِ لِساني
وَاللَهِ لا أَنسى حَديثَ قَديمَها / إِن عُيِّرَ الإِنسانُ بِالنِسيانِ
قُل لِلحَبيبِ إِذا تَلَوتَ لَنا اِسمَهُ
قُل لِلحَبيبِ إِذا تَلَوتَ لَنا اِسمَهُ / أَفَلا تَلَوتَ بِهِ أَبا السِبطَينِ
الناسُ كَنّوهُ بِسبطٍ واحِدٍ / وَاللَهُ كَنّاهُ أَبا الفَتحَينِ
ما الفَتحُ مِثلُ السَدِّ يَفدي بالِغَ ال / فَتحَينِ مِنهُ بالِغُ السَدَّينِ
قَصَرَت مَهابَتُهُ العيونَ فَكُلُّ ذي / عَينٍ يَوَدُّ فِداهُ بِالعَينَينِ
لِمَ لا تُفَدّى بِالعُيونِ يَدٌ إِذا / أَعَطت فَكُلُّ يَدٍ تَروحُ بِعَينِ
أَملَى عَلَيَّ مَديحَكَ الإِحسانُ
أَملَى عَلَيَّ مَديحَكَ الإِحسانُ / وَيَدُ الكَريمِ لَهُ يَدٌ وَلِسانُ
لَولا كِرامُ الناس أَنَّهُمُ هُمُ / ما كانَ يوجَدُ فَوقَها إِنسانُ
وَالمانِعونَ اِستُودِعوا نِعماً لَهُم / وَلِغَيرِهِم فَبِمَنعِهِم قَد خانوا
في كُلِّ خَلقٍ قَد تَصَرَّفَ فَضلُهُ / وَالخَلقُ في التَصريفِ فَهوَ عِيانُ
سُدتَ الخَلائِقَ في البَسيطَةِ كُلِّها / فَلَكَ الخَلائِقُ كُلُّها غِلمانُ
لا كُنتُما خِلَّينِ قَد لَزِماني
لا كُنتُما خِلَّينِ قَد لَزِماني / بِاللَومِ وَهوَ حَقيقَةٌ لِزَماني
نادى حُسامُكَ كُلَّ خالِعِ ربقَةٍ / فَأَجابَ مِنهُ مُنادِيَ الإيمانِ
لَم يَسكُنِ الأَجفانَ إِلّا بَعدَ ما / أَمسى كَرانا ساكِنَ الأَجفانِ
وَتُريكَ فَتكَتُهُ بَديهَةَ شاطِرٍ / وَتُري أَشِعَّتُهُ فُؤادَ جَبانِ
ما زالَتِ الأَلفاظُ مُنتَظِراتِهِ / حَتّى يُثيرَ بِها بَديعَ مَعانِ
وَكَذَلِكَ الكَرَمانِ إِن لَم يُلقِيا / بِيَدٍ فَما تَلقاهُما بِلِسانِ
وُسِمَت بِفَضلِ زَمانِكَ الأَزمانُ
وُسِمَت بِفَضلِ زَمانِكَ الأَزمانُ / وَسَما بيُمنِ جَلالِكَ الإيمانُ
وَتَيَقَّظَت لَكَ في السِياسَةِ عَزمَةٌ / تَدَعُ الحُسامَ وَجَفنُه وَسنانُ
يا ساهِراً لِلَيلِ في عِشقِ العلا / صَدَقَ الغَرامُ العاشِقُ اليَقظانُ
أَسَدِيُّ أَفكارٍ إِذا لَيلُ الأَسى / أَرخى دُجاهُ فَرَأيُهُ السِرحانُ
هَذا وَكَم لَكَ في الوَغى مِن عَزمَةٍ / بِكَّرنَ مِن ثِقَةٍ بِها العِقبانُ
تَغدو خِماصاً مِثلَ ما قَد مَثَّلوا / في حَربِهِ وَتَروحُ وَهيَ بِطانُ
وَعَلِمتُ أَنَّ حَديثَ كِسرى بَعدَهُ / زورٌ فَلِم يَتَشامَخُ الإيوانُ
لَو عاشَ شاهِنشاهُ أَيقَنَ أَنَّهُ / مَلِكُ الدُسوتِ وَأَنَّهُ الفِرزانُ
تِلكَ التَواقيعُ الَّتي هِيَ جَنَّةٌ / أَقلامُهُ في دَوحِها أَغصانُ
سارَت بِعَدلِكَ فَالطُروسُ كَأَنَّها / طُرُقٌ لَها وَحُروفُها رُكبانُ
أَمُنَصِّلَ الرُمحِ الطَويلِ بِكَوكَبٍ / مَن ذا يُطاعِنُ وَالسِماكُ سِنانُ
وَالشَمعُ فَوقَ البَحرِ تَحسَبُ أَنَّهُ / مِن لُجِّهِ قَد أُطلِعَ المَرجانُ
وَالماءُ دِرعٌ وَالشُموعُ أَسِنَّةٌ / وَلَها إذا خَفَقَ النَسيمُ طِعانُ
يا مالِكي أَنبَتَّ ريشِي بِالنَدى / لَكِنَّني ما قَصدِيَ الطَيَرانُ
ضاقَت مَعاذِرُهُم إِلى ضيفانِهِم / لَكِن رَحُبنَ مَنازِلٌ وَجِفانُ
يَغدونَ عِندَهُمُ بِأَعلى أَعيُنٍ / وَدَّت تَكونُ جِفانَها الأَجفانُ
أَنا مِنكَ بَينَ مَراتِعٍ
أَنا مِنكَ بَينَ مَراتِعٍ / وَمِنَ الرِجالِ عَلى دِمَنْ
ما كانَ تَعدوكَ المُنى / لَو قيلَ لي يَوماً ثَمَنْ
كَم أَسكَرَتني بِنتُ صَد / رٍ مِنكَ فيها بِنتُ دَنْ
مَنضورَةً في حُسنِها / وَالنَضرُ يُعرَفُ في اليَمَنْ
أَجرى عَلى يَدِيَ العَطا
أَجرى عَلى يَدِيَ العَطا / جَريَ الثَناءِ عَلى لِساني
إِلزَم عِنانَكَ يا زَما / نُ عَنِ الأَذى هَذا زَماني
وَاِرتَع مَكانَكَ لَو سَعَي / تَ لَما وَصَلتَ إِلى مَكاني
أَنا عَبدُ مَولانا العَزي / زِ فَغُضَّ عَنّي ما تَراني
وَإِذا دُعيتُ بِعَبدِهِ / لَبَّيتُ دَعوَةَ مَن دَعاني
مِن وَجهِهِ لي قِبلَةٌ / وَمَديحُ دَولَتِهِ قُراني
يا ذاكِراً أَهلَ النَدى مِن قَبلِهِ
يا ذاكِراً أَهلَ النَدى مِن قَبلِهِ / عِندي الحَديثُ وَعِندَكَ البُرهانُ
شَتّانَ ما قَولٌ لِعَينِكَ هَذِهِ / يَدُهُ وَقَولُكُم لِسَمعي كانوا
الأَرضُ واسِعَةٌ نَعَم لَكِنَّهُم
الأَرضُ واسِعَةٌ نَعَم لَكِنَّهُم / مَلَكوا عَلَينا نَبتَها وَالمَعدِنا
وَالدَهرُ يَمضي حُكمُهُ في أَهلِهِ / فَالدَهرُ قاضيهِم وَلَكِن خَصمُنا
إِن لَم أَكُن في الفَضلِ مَغبوناً فَلا / وَأَبى الفَضيلَةِ ساءَني أُغبَنا
شَهِدَت قُلوبُ الناسِ عِندَ عُيونِهِم / أَنَّ الَّذي مِن فَوقِنا مِن دونِنا
قَد يَشهَدُ الإِحسانُ أَنِّيَ مُحسِنٌ / في الناسِ قَد جَرَتِ المَوَدَّةُ بَينَنا
وَصَحِبتُهُ عُمري بِوَصفٍ واحِدٍ / أَرعى المُسيءَ وَإِن دُعيتُ المُحسِنا
إِن قالَ خانَنِيَ الزَمانُ وَما اِقتَنى / لِزَمانِهِ إِلّا لَعَمرُكَ مُقَتَنى
إِن قلَ خانَنِيَ الزَمانُ فَنَفسُهُ / قَد كانَ مِنهُ لَها أَعَقَّ وَأَخوَنا
سَلَفٌ يَعيشُ بِذِكرِنا فَكَأَنَّهُ / مِن بَعدُ لَو سَكَنَ التُرابَ نَبا بِنا
وَلِئامُ كُلِّ الناسِ أَحمَدُ سَعيِهِم / تَشييدُهُم ما كانَ أَوَّلُهُم بَنى
وَلَقَد سَكَتُّ عَلى الزَمانِ وَما جَرى / يَوماً وَلا يَجري عِتابٌ بَينَنا
يَمضي وَما ذَمَّمتُ لَيلاً كافِرا / مِنهُ وَلَم أَحمَد نَهاراً مُؤمِنا
وَلَقَد خَلَوتُ بِعَبرَةٍ مُتَفَرِّداً
وَلَقَد خَلَوتُ بِعَبرَةٍ مُتَفَرِّداً / وَخَلَت بِقَلبي عِندَها أَحزاني
وَعَرَفتُ مِن بَينِ القُبورِ مَكانَهُ / مِثلَ الهُمومِ وَقَد عَرَفنَ مَكاني
حُزنٌ غَدَت أَعمارُهُ نوحِيَّةٌ / وَالدَمعُ كَالطَوقانِ لا الغُدرانِ
وَأَنا اِبنُ نوحٍ قَبرُهُ الجَبَلُ الَّذي / ما كانَ عاصِمَهُ مِنَ الطوفانِ
أَتُراكَ في دارِ البَقا اِستَبطَأتَني / فَاِنظُر كَأَنَّكَ بي فَسَوفَ تَراني
هَذي الحَياةُ أَماتَني دَهري بِها / فضوَدِدتُ لَو بِإِماتَتي أَحياني
وَيَقولُ قَلبي فيكَ كُلَّ قَصيدَةٍ / لِلحُزنِ تُخرِسُ ما يَقولُ لِساني
وَإِذا اِستَغاثَ القَلبُ فيكَ بِمُفصِحٍ / لَبَّتهُ تَلبِيَةَ الصَدى أَجفاني
بَخِلَ اللِسانُ بِلَفظَةٍ وَبِخاطِري / ما شاءَتِ الأَسماعُ فيكَ مَعانِ
يا دَهرَ لَونٍ في الإِساءَةِ واحِدٍ / أَينَ التَلَوُّنُ يا أَبا الأَلوانِ
عَزّى المُعَزّي غَيرَهُ عَن غَيرِهِ / وَسَلا وَأَخفى سَلوَةَ الغَيرانِ
فَاِقصِد فَقَد وَضَعَ الطَريقُ لِقاصِدٍ / بِعَزائِكَ الأَرواحَ في الأَبدانِ
أَمسَوا سُطوراً في الثَرى مَطوِيَّةً / وَقُبورُهُم مِن فَوقُ كَالعُنوانِ
أَخجَلتُمُ ثِقَتي وَلَو كُنتُم عِدىً / ما أُخجِلَت لَكِنَّكُم إِخواني
عَرَفَ الَّذي عَرَفَ الزَمانَ وَأَهلَهُ / وَهُما إِذا ما حُصِّلا زَمَنانِ
فَبَقيتُ مَفقوداً بِغَيرِ مُصاحِبٍ / وَيَظَلُّ مَوجوداً بِغَيرِ زَمانِ
لي مِنهُ طَيفٌ لَو هَجَعتُ وَذِكرُهُ / مِنهُ عَلى اليَقَظاتِ طَيفٌ ثانِ
لَم أَنسَ عَهدَكُمُ عَلى بُعدِ المَدى / وَيُقَلِّلُ النِسيانُ بِالإِنسانِ
وَتَقولُ عَيني كَيفَ أَنسى ذِكرَ مَن / ما زالَ أَسكَنَ فِيَّ مِن إِنساني
أَنتَ الطَليقُ مِنَ الحَياةِ وَها أَنا / في سِجنِها أَمسَيتُ عَينَ العاني
أَهلُ المَصائِبِ بَعدَكُم أَهلي كَما / أَنَّ القُبورَ لِأَجلِكُم أَوطاني
ما عادَ دَهري مَرَّةً بِإِساءَةٍ / وَمَتى بَداني قَطُّ بِالإِحسانِ
كُنتُم حِجاباً حالَ فيما بَينَنا / وَعَدِمتُكُم فَرَأَيتُهُ وَرَآني
وَلَقيتُ ما لَم يَكفِهِ صَبري وَلَم / يَثبُت لِرَوعَةِ ما جَناهُ جَناني
أَخَوَيٍّ لَم يَعرِف ضَنايَ سِواكُما / ما أَنتُم أَخَوانِ بَل أَبَوانِ
وَوَقَفتُ في يَومَيكُما أَفَلا عَلى / يَومِ ذَخِرتُكُما لَهُ تَقِفانِ
أَنكَرتُ بَعدَكُما الوُجوهُ فَكُلُّ مَن / قَد كانَ ذا وَجهٍ لَهُ وَجهانِ
فَكَأَنَّ باسِمَها الَّذي يَشكو إِلى / قَلبي وَمُقبِلَها الَّذي وَلّاني
وَسَمِعتُ ما قالَ المُسَلّي وَهوَ لي / يُغري وَقامَ بِزَعمِهِ يَنهاني
عَينُ الكَثيبِ وَسَمعُهُ في قَلبِهِ / لا ما اِدَّعَت عَيناهُ وَالأُذُنانِ
وَإِلَيكَ عَنهُ يا عَذولُ فَرُبَّما / يُغشي الزَفيرُ لِنارِهِ بِدُخانِ
لَم أَنسَ فَالَكَ وَالبَلاءُ مُوَكَّلٌ / بِالنُطقِ قِدماً أَو فَبِالإِنسانِ
إِذ قُلتُ هاتيكَ النِيابُ ذَخِرتَها / خِلَعَ الطَبيبِ فَقُلتُ أَو أَكفاني
وَالدَمعُ في أَجفانِهِ مُتَرَقرِقٌ / وَيَرِقُّ لي مِن ذِكرِهِ الجَفنانِ
وَرَأَيتُ مِنهُ ما رَأى في نَفسِهِ / عِندَ النَوى فَبَكَيتُهُ وَبَكاني
رَجُلٌ تَوَكَّلَ لي وَكَحَّلَني
رَجُلٌ تَوَكَّلَ لي وَكَحَّلَني / فَدُهيتُ في عَيني وَفي عَيني
وَخَشيتُ تَنقُلُ نَقطَ كُحلَتِهِ / عَيَنَّ مِن عَينٍ غِلى غَينِ
وَإِذا السَعادَةُ لا حَظَتكَ عُيونُها
وَإِذا السَعادَةُ لا حَظَتكَ عُيونُها / نَم فَالمَخاوِفُ كُلُّهُنَّ أَمانُ
وَاِصعَد بِها العَنقاءَ فَهيَ حِبالَهُ / وَاِقتَد بِها الجَوزاءَ فَهيَ عِنانُ
ما كانَ يَرِفُني زَمانِيَ قَبلَ ما
ما كانَ يَرِفُني زَمانِيَ قَبلَ ما / عَرَّفتَ ما بَينَ الزَمانِ وَبَيني
فَإِذا وَيَومي في السَعادَةِ واحِدٌ / وَالناسُ في الأَيّامِ في يَومَينِ
مَملوكُ مَولانا وَممَلوكُ اِبنِهِ
مَملوكُ مَولانا وَممَلوكُ اِبنِهِ / وَأَخيهِ وَاِبنُ أَخيهِ وَالجيرانِ
طَيَّ الكِتابِ إِلَيهِ مِنهُ إِجابَةً / لِسَلامِ مَولانا اِبنِهِ عُثمانِ
وَاللَهُ قَد ذَكَرَ السَلامَ وَأَنَّهُ / يَجزي بِأَحسَنَ مِنهُ في القُرآنِ
بِتَحِيَّةٍ قَد جِئتُ فيها أَوَّلا / وَمَن اِقتَفاها كانَ بَعدي الثاني
تُهدي لِذي النورَينِ ما بَقِيَ الضُحا / تَسري رَكائِبُها إِلى عُثمانِ
وَرَسولي السُلطانُ في إِبلاغِها / وَالناسُ رُسلُهُمُ إِلى السُلطانِ
وَإِذا مَحاسِنُ أَوجُهٍ بَلِيَت
وَإِذا مَحاسِنُ أَوجُهٍ بَلِيَت / فَعَفا الثَرى عَن وَجهِهِ الحَسَنِ