المجموع : 8
لولا قوامك يا قضيب البان
لولا قوامك يا قضيب البان / لم يحسن القضبان في الكثبان
ولو أن ريقك لم يذقه ذائق / ما طاب طعم الماء للعطشانِ
فإنه العذول عن الملام وقل له / إن الملام عن السلو نهاني
والحب لا بالرأي ينجو هارب / منه ولا بشجاعة الشجعان
هما بخصر كان لولا لينه / ينقذ تحت معاقد الهميان
وبسحر أجفان سرا فينا ولم / نعلم كسري النوم في الأجفان
إن قال قد لاحت عذاراه على / وجناته وهما لنا غدران
أو كان يوسف أولاً في عصره / لا في ملاحته فهذا الثاني
أو حالف الأحزان يعقوب به / ذنا الكريم بحالف الاحسان
أنهبت من يرجو ندى كفي ما / أنهبت خيلي من ذوي التيجان
وجعلت ملكي دون ملكي جنة / يحيه حسد نوائب الحدثانِ
والعز ليس يحل في أوطانه / حتى يحل المال دار هوان
عملت خيلي حين رضتُ حسامها / أن تهتدي بكواكب الخرصان
وسلكت في حربي ثلثة أنصل / من عزمتي ومهندي ولساني
وتحقق الأعداء إذ واجهتهم / أن ليس حصني غير ظهر حصاني
لو لم يكن لي مفخراً أسمو به / الا ولائي للنبي كفاني
قال النبي لنا الكتاب وعترتي / من أهل بيتي ليس يفترقان
أبدا كأنهما إلى أن يأتيا / حوضي وضم بنانه هاتان
وبحسب حبهم قديماً أنهم / عرف النفاق به من الايمان
وإذا روى قوم فضائل غيرهم / رويت فضائلهم من القرآن
جهلوا فظنوا انهم كسواهم / حتى آتى الفرقان بالفرقانِ
يا أيها الانسان إن تك جاهلاً / فسأل بهم هل أتى على الانسان
ما يستوي من يعبد الأوثان ان / أنصفتهم ومكسر الأوثان
كلا ولا من لا يجيب مسائلاً / عن مشكل ومكلم الثعبان
كم بين مختلفين في حاليهما / في سائر الأوقات والأزمان
هذا يعاذ به من الشيطان إذ / يعتاذ ذا مس من الشيطان
وبيوم خيبر إذ تقهقر أول من / حومة الموت الزؤام وثاني
لم يخف فضل الأرمد العينين / في غمراته عمن له عينان
ما كان في أقرانه منذ الصبا / أحد سواه مبارز الأقران
أيام عمر العامري مجهز / في الصف يقدم أوَّل الفرسان
أفغيره منهم يقول كقوله / إن كان يسمع من له أذنان
اللّه ربي ما عبدت سواه / في عصر الصبا ومحمدَّ رباني
تالله ما أصهاره ونساؤه / يوم الفخار وأهله سيان
أولاهم بالمصطفى في الناس / من هو دونهم والمصطفى اخوان
ما بأهل المختار أهلا خلافه / في دينه بفلانة وفلان
كلا ولا صلى وتلك وغيرها / معه بجنح الليل في الأردان
ما كان إلا المرتضى في المرط / بالاجماع والزهراء والسبطان
أفخرتم بالغار لما حله معه / امرؤ في صفه وأمان
ونسيت من بات فوق فراشه / منعرضاً لشفار كل يمان
ما كانت الشورى التي قد لفقت / أخبارها بالزور والبهتان
إلا كيوم بالسقيفة شيدت / فيه مباني الظلم والعدوان
يتمسكون لهم ببيعة فلتة / وبها نقضتم بيعة الرضوان
ورويتم أن الوصي أجابهم / كرهاً ولم يقدر على العصيان
والطهر فاطمة يشال لبيتها / من أجله قبس برأس سنان
أفمنقذ لهم من النيران من حملوا / إلى ابنته لظى النيران
جهلوا ودين الجاهلية فيهم / باق فظنوها من القربان
وأتى ابن هند بعدهم فأثار / ما أخفوا من الأحقاد والأضغان
وغدا ينازعهم يزيد كأنما / ورث الخلافة من أبي سفيان
واذكر ألال القوم إذ فعلوا بهم / أضعاف ما فعلوا بني مروان
لا حرمة الايمان راعوها ولم / يوفوا بما شرطوا من الايمان
ولو أنهم كانوا نصارى عظموا / قدر الذين لقوا من الرهبان
وبنو النبي المصطفى أعضاؤه / فيكم فعدوها من الصلبان
أو مثل حافر عير عيسى أنهم / جعلوه قبلتهم بكل مكان
يا راكباً قطع القرينا
يا راكباً قطع القرينا / بالعيس إذ تشكو البرينا
متوجهاً لمحلة بالشام / يلتمس القطينا
بلغ رسالة مؤمن / تسعد بها دنيا ودينا
في كربلا ثوى ابن بنت / رسول رب العالمينا
قف بالضريح وناده / يا غاية المتوسلينا
يا عروة الدين المتين / وبحر علم العارفينا
يا قبلة للأولياء / وكعبة للطائفينا
مولاي جسمك ضرجَّته / دماً سيوف القاسطينا
لهفي عليك وحسرتي / تبقى على مر السنينا
يا من مكان جلاله عند / الاله يرى مكينا
يا من أقر بفضله أهل / العداوة مذعنينا
من أهل بيت لم يزالوا / في البرية محسنينا
وبودهم ننجو على متن / الصراط إذا وطينا
أو ما بجدك سيد / الثقلين قاطبة هدينا
من بعد موردنا شريعة / ورده ما أن ضمينا
هل غيره قد كان يدعى / الصادق البر الأمينا
وهو السعادة إن بعدنا / عن منازلها شقينا
ما إن توسلنا به في / الجدب نلقاه سقينا
وإذا ذكرناه على ألمٍ / ألم بنا شفينا
أو كان غير أبيك يدعى / الانزع الهادي البطينا
ما الروضة الغناء أضحت / مثل علم أبيك فينا
أنا فيك قد كحل السهاد / فلم تنم مني الجفونا
ولقد أكاد أذوب من / أسف يأوبني فنونا
وأردد الترجيع في / فكري وأردفه أنينا
ويكاد مني الصخر من / حزني عليكم أن يلينا
إن الذي يرضيه قتلك / حائزاً طرفاً سخينا
يقتادني لك زفرة يمسي / بها قلبي رهينا
يا أهل بيت المصطفى / أصبحتم النور المبينا
واللّه ليس يحبكم مث / لي يسينا لن تمينا
كم ليلة سمع العدى / مني بمدحكم رنينا
فنأوا كما ينأى الغريم / غداة يستقصي ديونا
ولقد جعلت عليَّ من / نفسي بحبكم ضمينا
إن الإِله أعزني بكم / وأقسم لن أهونا
وإذا طما بحر / المخاوف كان ودكم سفينا
وأرى يقيني فيكم / مستنفذي حقاً يقينا
أسخنت من أعدائكم / ومن استمال لهم عيونا
وكسبت من ثقتي بكم / يا سادتي عزاً مصونا
وتواترت نعم الاله / عليَّ أبكاراً وعونا
لما وردت بهديكم / بين الورى الورد المعينا
ويسر قلبي أن وجد / ت على عدوكم معينا
ما كنت في بغض لمن / يشنأكم يوماً ظنينا
وعلى وليكم بمالي / لم أكن ألفي ضنينا
ولقد غذيت ولائكم / مذ كنت مستتراً جنينا
ولقد نظمت لكم / بحور مدامعي عقداً ثمينا
وإذا نصرتكم فإن الله / خير الناصرينا
ما حدت عن حبي لكم / حاشا وكلا لن أخونا
يغمي عليَّ إذا ذكرت / مصابكم حيناً فحينا
ما علم النوح الحمام / سواي والقلب الحنينا
ما كنت أرضى أن أكون / لمن يضاددكم معينا
قد ملت من فرد الوداد / إلى العبيد المخلصينا
أأكون في الحزب الش / مال وأترك الحزب اليمينا
التائبين العابدين / الصائمين القائمينا
العالمين الحافظين / الراكعين الساجدينا
ولقد عرفت حقوقكم / وعرفت قوماً غاصبينا
وجعلت دأبي ثلبهم / حتى أرى ميتاد فينا
يا من إذا نام الورى / باتوا قياماً ساهرينا
إن الذي أعيى طلا / ئع فيكم أعيى القرونا
ألموت يلقى الآخرين / كما يلقى الأولينا
ولقد صبرت لعلني / ألقى جزاء الصابرينا
وشكرت ربي في الولاء / فلي ثواب الشاكرينا
القلب موقوف على الخفقان
القلب موقوف على الخفقان / والدمع لا ينفك من هملان
لمصاب آل محمد نار الجوى / اضطرمت وهل صبر على النيران
بأبي الذي غرته أمة جده / لما استزلتهم يد الشيطان
فرضوا دخول جهنم في قتله / عطشاً وشربهم الحميم الآني
مالوا إليه وأوقدت أضغانهم / والنار دون توقد الأضغان
وتعقبوا منه القليل بكثرة / فتخطفوه تخطف العقبان
هذا وما نكروه بل عرفوا به / ولرب نكر جاء عن عرفان
ذكروا أباه وقبله أسلافهم / ولكم أباد الدخل من أسنان
ورد الردى دون الفرات تحملاً / يا حسرةً للوارد الظمآن
سرج الهدى عادت بأسياف العدى / ألَفَ الهوان طرايد الأقطان
والشمر قد خضبت يداه عند / جز الرأس منه بالنجيع القاني
أضحى يقول لاقتلنك جهرة / ولو أن جدك يا حسين يراني
قد بالغوا في قتلهم وبجدهم / يستمطرون سحائب الغفران
كذب الذي قد عدهم من بعدها / في ملة الاسلام والايمان
وعدو آل محمد وإن ادعى الا / سلام فهو لعابد الأوثان
إني لفي سر الأسى لمصابكم / أو ما عجبت للطليق العاني
وكأنا عيناي لما فاضتا / حزناً عليهم فيهما عينان
ما ضاع بي وتر النبي وآله / وبمنصلي قد قلته ولساني
فإلى وليهم أمد يد الندى / وإلى عدوهم أمد سناني
ولقد بلغت بمنطقي ما لم ينسل / رمح بلهذمة وجد يماني
وإليهم انتهت المدائح فهي إن / جازتهم ضرب من الهذيان
ما للمنازل لا تبن
ما للمنازل لا تبن / حتى ولا أضحت تبين
جف الثرى إذ خف من / عرصاتها ذاك القطين
وأنا الحزين عليهم / أفربعهم أيضاً حزين
أم هذه الأشجان فينا / كالحديث لها شجون
ولان بكت تلك الربى / فمن العيون لها عيونُ
نعم المعين على تتابع / دمعها الماء المعين
لو لم تحن أسى لما اش / تقت من الحزن الحزون
وبكت حمائم لا تكاد هنا / ك تحملها الغصون
ورق مفجعة لها بالنو / ح بعدهم لحون
وتكاد أصلاد الصخور / لفرط رقتها تلين
وترى الرياح لها إذا / مرت بأيكتها أنين
وإذا تهب جنوبها في / عصفها فلها جنون
ما الشأن إلا أن بعد / فراقهم حدثت شئون
كانت أمور فيهم / ما خلتها أبداً تكون
فكأنهم آل النبي وقد / أبادهم اللعين
في يوم عاشوراء لما / خانهم دهر خؤون
وغدت مناهم حين / عزوا أن تصيبهم المنون
لم يقبلوا عهداً لجيش / للنفاق به كمين
ورأوا جميعاً أن اعطاء / اليمين لهم يمين
وتيقنوا أن الحياة / الظن والموت اليقين
لهفي على قتلي أبيح بهم / حمى الدين المصون
ما فيهم إلا صريع / بالصوارم أو طعين
غدر الخؤون بهم هناك / ولم يف الثقة الأمين
وخلت ديارهم كما يخلو / من الأسد العرين
فعف الصفا من بعدهم / وبكا لفقدهم الحزون
والركن صدعه لعظم / مصابهم داء دفين
والقبر منذ الفتك فيهم / ما لساكنه سكون
يا عاذلي رفقاً فإنك / فيهم عندي ظنين
كم ذا تهون من جليل / مصابهم ما لا يهون
فارفض عداهم إن غدوت / بدين جدهم تدين
إن البراء من الأعادي / للولاء لهم قرين
يا بقعة بالطف حشو / ترابها دنيا ودين
أضحت كأصداف يصادف
أضحت كأصداف يصادف / ضمنها الدر الثمين
مني السلام عليك ما / غطت على الشمس الدجون
ولي الحنين إليك مهما / اختص بالابل الحنين
ظبي يحير في الملاحة كلما
ظبي يحير في الملاحة كلما / كررت طرفي في بديع فنونه
أشكو إليه صبابتي فيجيبني / ورد يبرد لوعتي بمعينه
قسماً به وبوردة من خده / وتمام قامته وسحر جفونه
لو أن ركباً في الفلاة تحيروا / لسروا بضوءٍ من هلال جبينهِ
يا دهر حسبك ما فعلت بنا
يا دهر حسبك ما فعلت بنا / أتراك تطلب عندنا إِحنا
كم نتقيك بكل سابغةٍ / وسهام كيدك تخرق الجننا
ما تنفع الدرع الحصينة من / عما قليل يلبس الكفنا
كلا ولا الأيام تقبل عن / أرواحنا رشوا ولا ثنا
لو بالثريا حل معتَصِمٌ / منها لكان له الثرى وطنا
ولقد يهون ما أصابكم / فقد الحسين الطهر والحسنا
وبنيهم إذ طوحت بهم / أيدي زمانهم هنا وهنا
وأرى الأئمة جار دهرهم / في فعلة بهم فكيف أنا
لي أُسوة بهم الغداة إذا / أصبحت في الأحداث مرتهنا
وردت إلينا منك مجد الدين
وردت إلينا منك مجد الدين / بيضاء تخطر في الثياب الجونِ
حررت منها حرة برزت لنا / حسناً كنظم اللؤلؤ المكنون
خرساء صامتة ولكن أخبرت / منها الفصاحة عن لسان حزين
غراء يلقى الشك عند قدومها / فتظل تكشفه بصبح يقين
تشكو صبابتك التي آلت إلى / داء تضرم في الفؤاد دفين
أبدت إلى الكرم اللباب تمسكاً / بندي كفيل بالنجاح ضمين
قد علمت سر القنا أخلاقه / فلذاك منها شدة في لين
إن من لم يتبع صنائع جوده / منا وليس نداه بالمنون
تأتي القوافي وهي أبكار له / قصداً فتخجل للأيادي العون
حتى إذا وفدت علينا لم تجد / باباً لعمرك مغلقاً من دوني
وجوابنا هذا عقيب هلاك من / ورد المنية راغم العرنين
أمست أكاذيب المنى تقتاده / حتى رمته إلى الحضيض الهون
إذ ظن أما مثل من عن ملكه / قد راح عنه بصفقة المغبون
خلي حلائله وقال لنفسه / منجاك من صرف الردى يكفيني
حتى إذا شيطانه قال ابتدر / في سرعة للملك والتمكين
ورأى بأن الحشد صائن عزه / من أن يذال فلم يكن بمصون
ندبت إليه عصابة من قبلها / لم تسر آساد الشرى بعرين
من آل رزيك الذين بجودهم / وببأسهم خلطوا منى بمنون
صحبت من الأصحاب كل سميدع / يجري إلى الهيجا بغير قرين
وإذا بدى ليل الحوادث داجياً / جلته غرة وجهه الميمون
أمل لعمرك زينته لعينه / خدع الغرور وسكرة المفتون
لم يلبثوا حتى بدا متخبطاً / بدمائه كتخبط المجنون
فلجا من الحشد الذي قد غره / عدداً لحصن لم يكن بحصين
وأتوا برأس فارغ لما يكن / من قبل أن يعلو القنا برزين
أسر ابنه وتوزعت أمواله / حتى لقد بلغت بلاد الصين
وأعقيبه فتح الاله بلطفه / باب الظهور على عداة الدين
ما بين مقتول ورامي نفسه / غرقاً ومجروح وبين طعين
واستهلك الاسطول من لم يلقه / بالنفس منه على الظبا بضنين
قرن النساء إلى الرجال فأشبهوا / خلط القساور بالظباء العين
والعدة العظمى من العدد التي / تضفو ملابس سردها الموضون
بصوارم قد اطلعتها للوغى / من دونه في القدر فتح حصون
فلأخذهم في كل قلب موقع / عند الصقال لها أكف قيون
والطود لا ينجي امرءاً من حينه / فلذاك لا ينجيه علو سفين
والشكر لله الكريم فحمده / متواصل مني لما يوليني
فلو أنني رمت السماء بحول رب / العالمين لطلتها بيمني
في كل أرض لي ثناء لم يزل / يعتاد منه نفحة النسرين
ولعلمنا أول الأمير بذا إلى / قلب بكر مرة مشحون
ملنا لنعلمه بذاك لأنه / في ودنا ما زال غير ظنين
وله التوسع في المقال وشأنه / في نظمه والشعر غير شئوني
والأهل قد ساروا إليه ورأينا / طلب افتكاك فؤاده المرهون
لم يبق مجد الدين وجد فاغتنم / فرحاً أتيح لقلبك المحزون
وأسألهم إن شأت عن أخبارهم / وابثتهم من شجوك المحزون
وأفض علينا من فنونك ملبساً / عند النشاط فأنت رب فنون