بِي مِن رَسِيسِ الحُبِّ ما تَرَيانِ
بِي مِن رَسِيسِ الحُبِّ ما تَرَيانِ / فَذَرا مَلامِي أَيُّها الرَجُلانِ
يَكفِيكُما دُونَ المَلامَةِ في الهَوى / تَسهِيدُ عَيني وَاختِفاقُ جَناني
عُوجا المَطِيَّ وَساعِداني بِالبُكا / في الرَبعِ أَو فَتَرَوَّحا وَدَعاني
وَصِفا غَرامي لِلبَخيلَةِ وَاعلَما / أَنَّ الَّذي بِي فَوقَ ما تَصِفانِ
فَلَعَلَّ هِنداً أَن تَرِقَّ لِبائِسٍ / يَرضى بِزُورِ مَواعِدٍ وَأَماني
يا دِمَنَةً ضَنِيَت وَجِسمي مِثلُها / مُضنىً بِشَحطٍ النَأيِ مُنذُ زَمانِ
أَنا مِثلُ رَبعِكِ لا أَبُوحُ بِما حَوى / قَلبي وَلا أَشكُو مُلِمَّ زَماني
وَبِجانِبِ العَلَمِ المُطِلِّ عَلى الحِمى / ظَبيانِ مُقتَرِبانِ مُبتَعِدانِ
يُؤؤِيهِما قَلبي وَفِيهِ صَبابَتي / لَولا البُكاءُ لَخِفتُ يَحتَرِقانِ
يا صاحبَيَّ قِفا عَليَّ فَما أَرى / شَملي وَشَملَ الحَيِّ يَجتَمِعانِ
بانُوا بِخَرعَبَةٍ تَمِيلُ مِنَ الصِبا / وَالدَلِّ مَيلَ نَواعِمِ الأَغصانِ
مَخلُوقَةٌ خَلقَ الذَوابِلِ نِسبةً / في اللَونِ وَالتَثقيفِ وَالعَسَلانِ
تَرنُو بِطَرفٍ كُلُّ مَنبِتِ شَعرَةٍ / مِن هُدبِهِ مَحسُوبَةٌ بِسِنانِ
وَكَأَنَّ حاجِبَها حَنِيَّةُ ثائِرٍ / بِأَخِيهِ فَوَّقَ سَهمَهُ وَرَماني
حَسُنَت فَهَلّا أَحسَنَت بِوصالَها / فَالحُسنُ مُنتَسِبٌ إِلى الإِحسانِ
وَلَقَد خَفِيتُ عَنِ العُيونِ وَزارَني / طَيفُ الكَرى فَعَجِبتُ كَيفَ رَآني
لَولا الزَفِيرُ يَدُلُّهُ لَمّا سَرى / ما كانَ يَدري الطَيفُ أَينَ مَكاني
مَن لَم يُساعِدهُ الشَبيبَةُ وَالغِنى / أَمسى الغَواني عَنهُ جِدَّ غَواني
وَحَلِيلَةٍ بَكَرَت تَلُومُ وَتَشتَكي / حَيفَ السِنين وَقِلَّةَ الإِمكانِ
ناهَبتُها سَمعي وَقُلتُ لَها اقصِري / لَومي فَمالي بِالمَلامِ يَدانِ
إِن كُنتِ فاقِدَةَ الغِنى فَتَذَكَّري / نَفَحاتِ مَبسُوطِ اليَدَينِ هِجانِ
إِنَّ البِلادَ يُغِبُّها صَوبُ الحَيا / وَيَجُودُها بِمُثَجَّجٍ هَتّانِ
ما اِشتَدَ بِي زَمَنِي وَلا ضاقَت يَدي / إِلّا وَوَسَّعَها أَبُو العُلوانِ
مَلِكٌ إِذا شِمنا بَوارِقَ كَفِّهِ / أَمسَينَ غَيرَ كَواذِبِ اللَمَعانِ
تَندى أَنامِلُهُ وَيُشرِقُ وَجهُهُ / حَيثُ الوُجُوهُ نَواقِصُ الأَلوانِ
وَلَرُبَّ مَرتٍ قَد رَمَيتُ فِجاجَهُ / تَحتَ الدُجى بِحَنِيَّةٍ مِرنانِ
تَنزُو بِراكِبِها إِذا مَتَعَ الضُحى / مَرَحاً كَما يَنُزو فُؤادُ جَبانِ
وَتَهُرُّ بازِلَها إِذا طالَ السُرى / وَوَنَت صَريرَ مَثالِثٍ وَمَثاني
وَكَأَنَّ مَوضِعَ ما يَخُطُّ زِمامُها / فَوقَ التُرابِ مَراغَةُ الثُعبانِ
وَتَسيلُ ذِفراها وَقَلتُ حَجاجِها / عَرَقاً كَلَونِ عُصارَةِ الرُمّانِ
كَلَّت فَقُلتُ لَها كَلالُكِ مُعقِبٌ / تَرفِيهَ ظَهرِكِ غابِرَ الأَزمانِ
مَلِكُ العَواصِمِ عاصِمٌ لَكِ أَن تُري / مَخزُومَةَ بِنسائعٍ وَبِطانِ
أَو تَفرَعي رُوسَ الإِكامِ وَتَقطَعي / تَحتَ الظَلامِ أَباطِحَ الغِيطانِ
فَتَيَمَّمي حَلَباً فَإِنّي آمِنٌ / أَبَداً عَلَيكَ طَوارِقَ الحَدَثانِ
في ظِلٍّ أَروَعَ مِن سُلالَةِ صالِحٍ / حَلّالِ رُوسِ شَواهِقٍ وَرِعانِ
ضَرّابِ أَعناقِ المُلوكِ وَمُنتَهى / فِعلِ الجَميلِ وَفارِسِ الفُرسانِ
لا حامِلٌ حِقداً وَلا مُتَسَربِلٌ / كِبراً وَلا مُتَعَثِّرٌ بِلِسانِ
مُستَوطِنٌ وَطَني عُلاً وَنَباهَةٍ / شُرُفاتِ حِصنٍ أَو سَراةِ حِصانِ
هَذا مُعَدٌّ مُنذُ حَلَّ بَرَبعِهِ / لِقرى الضُيوفِ وَذاكَ لِلأَقرانِ
مِن مَعشَرٍ بِيضِ الوُجُوهِ كَأَنَّهُم / وَسطَ النَدِيِّ مَصابِحُ الرُهبانِ
شادُوا العُلى بِسِنانِ كُلِّ مُثَقَّفٍ / قاني الشَبا وَغِرارِ كُلِّ يَماني
وَثَنَوا أَنابِيبَ الرِماحِ كَأَنَّما / يَقطُرنَ مِن عَلَقِ سُلافَ دِنانِ
وَكَأَنَّ مُعوَجَّ الأَسِنَّةِ بَعدَما / طَعَنُوا بِهِنّ مَخالِبُ العِقبانِ
وَكَأَنَّما قِطَعُ الرِماحِ تَدُوسُها / أَيدِي الجِيادِ سَبائِكُ العِقيانِ
قَومٌ إِذا لَبِسُوا التَرِيكَ لِحادِثٍ / غَطُّوا بِهِنَّ مَواقِعَ التِيجانِ
وَإِذا هُمُو دَسُّوا الوَعيدَ لِمُجرِمٍ / وَخَزُوا بِمثلِ أَسِنَّةِ المُرّانِ
جَعَلُوا نُفُوسَهُمُ لِبُنيانِ العُلى / ثَمَناً لَقَد صَبَرُوا عَلى الأَثمانِ
وَوَفَوا بِما وَعَدُوا العُفاةَ كَأَنَّما / قامُوا لِسائِلِهِم بِعَقدِ ضَمانِ
يا مَن بَنى لِبَني أَبِيهِ مَراتِباً / لَم يَبنِهِنَّ مِنَ البَرِيَّةِ باني
ما العِيدُ لَولا حُسنُ وَجهِكَ طالِعاً / فِيهِ وَلَولا سُنَّةُ الرَحمَنِ
جَمَّلتَهُ لَمّا بَرَزتَ مُعَيِّداً / فِيهِ كَأَنَّكَ فِيهِ عيدٌ ثاني
فَاسعَد بِهِ لا زِلتَ حِلفَ سَعادَةٍ / وَعُلُوِّ مَرتَبَةٍ وَرِفعَةِ شانِ
وافخَر فَإِنَّكَ في أَوانٍ أَهلُهُ / قَد فاخَرُوا بِكَ أَهلَ كُلِّ زَمانِ