القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 6
لو أسكر الإنسان باطل أمره
لو أسكر الإنسان باطل أمره / لم تلق غير معربِد سكران
لو قاس كلّ فتى سواه بنفسه / فيما أراد لما تعادى اثنان
لو أنصف الخصمان ما اصطاد الرُشا / أهل القضاء بما ادّعى الخصمان
لو أخلص الإنسان في إحسانه / لم يرجُ أن يجزي على الإحسان
لو لم يشكّ بربّه متفلسفٌ / في الدين لم يحتجّ بالبرهان
لو أن عقل المرء يغلبِ حبّه / للنفسي لن يلجأ إلى الأديان
لولا جمود في الشرائع مهلك / لتغيّرت بتغّير الأزمان
لو كان قصد الدين غير سعادة الدّ / نيا لكان الكفر كالإيمان
لو أخلص الرجل التقيّ بدنيه / ما كان ذا طمع بحور جنان
لا خير في تقوى امرئ لو لم يَخف / نار الجحيم للجّ في العصيان
لو كان أمر الحجٌ معقولاً لما / كان استلام القوم للأركان
لو حكّم العقلَ الحجيج بحجّهم / أبَوُ الطواف بتلكم الجدران
لو أخلص الغزّى بنُصرة دينهم / ما حلّ سبي حرائر النسوان
كذبت قريش لو تقادم عهدها / في المجد ما خدعت أبا غبشان
لو كان للشيطان معنى غير ما الْ / إنسان ما آمنت بالشيطان
لو يجعل الناس التعاون دأبهم / لتمتّعوا بسعادة العمران
لو أنّ أخلاق الرجال تهذّبت / لتكّشفت حُجُب عن النِسوان
ومحبّة الأوطان لولاها لما / عَرف الأنام عداوة الأوطان
لو كان خير في المجرّة لم يكن / في الأرض شرٌ دائم الغَلَيان
لو تَمَّ في فلك الثريّا سعدها / لم تُمنَ بالعَيوق والدَّبَران
لو لم يكن فزعاً سهيل لم يبت / في أفقه متتابع الخفقان
همّم الرجال مَقِيُسة بزمانها
همّم الرجال مَقِيُسة بزمانها / وسعادة الأوطان في عُمرانها
وأساس عمران البلاد تَعاوُن / مُتواصل الأسباب من سُكّانها
وتعاون الأقوام ليس بحاصل / إلاّ بنَشْر العلم في أوطانها
والعلم ليس بنافع إلاّ إذا / أجرت به الأعمال خَيْل رهانها
أن التجارب للشيوخ وإنما / أمَل البلاد يكون في شُبانها
هذي لدى العرب الكرام مبادئٌ / نزلت بها الآيات في قرآنها
والعُرب أكبر أمة مشهورة / بفُتوحها وعلومها وبيانها
كم قد أقامت للعلوم مدارساً / يَعيا ذوو الإحصاء عن حسُبانها
وبَنَت بأقطار البلاد مَصانعاً / تتحيّر الأفكار في بُنيانها
فالمجد مَأثور بكل صراحة / عن قَيْسها أبداً وعن قحطانها
طُبِعت على حبّ العَلاء فسعيُها / للمكْرُمات يُعَدّ من دَيْدانها
نهضت بماضي الدهر نهضتها التي / خَضَعت لها الأفلاك في دَورانها
حَسُنت عواقب أمرها حتى لقد / بَهَرت بني الدنيا جلالة شانها
فهم الأُلى فتحوا البلاد ونشّروا / رايات مَعدَلة على قُطّانها
وهم الألى خضعت لهم أمم الورى / من تركها طُرّاً إلى أسبابها
والروم قد نزلت لهم عن مُلكها / والفُرس عمّا شيد من إيوانها
يا أمةً عاش البرية أعصُراً / في عدلها رغداً وفي إحسانها
ثم انقضت تلك العصور فجاءها / زمن به انقادت إلى عُبدانها
فَنَضَت ملابس عزَها وتثاقلت / في الذُلّ راسفةً بقَيد هوانها
قل للحجابيّين كيف ترونكم
قل للحجابيّين كيف ترونكم / من بعد سفر للسفور مبين
كشفت به ما كان من حجب العمى / عنكم نظيَرة بنت زين الدين
سفر أقام على السفور أدلّةً / تركت ذبابكم بغير طنين
يا لاجئين إلى العناد خصومةً / ما كان ِحصن عنادكم بحصين
هل من نظير بينكم لنظيرة / أو من فقيه مثلها وفطين
هدمت نظيرة ما بَنَت عاداتكم / من كل سجن للنساء مُهين
أفتمكُثون على العناد وقد بدا / من بعد ليل الشك صبح يقين
نحن السفوريّين أعلم بالذي / شرع النبيّ محمد من دين
أيكون ما شرع النبي محمد / شيئاً يخالف شرعة التمدين
أن أعتزالكم النساء ترفُّعاً / أمر يناقض حكمة التكوين
حتى رجال الصين تحترم النسا / أفنحن ننقص عن رجال الصين
كلاّ ولكن عادة همجيَّة / جعلتكم حرباً لكل حَسِين
اليوم قرّي يا مواطن أعينا
اليوم قرّي يا مواطن أعينا / وتطرّبي بالحمد منك الألسنا
فلقد وفاك الجيش حقك سابغاً / إذ قام فيك على البلاد مهيمنا
وسعى يَحُوطك بالصوارم طائعاً / لزعيمه العالي الرشيد ومذعنا
جيش قد اقتحم المخاطر واثقاً / بالله والنصر المؤزَّر مؤمنا
متوشحاً عزّ الشهامة جاعلاً / كزعيمه حبّ المواطن دّيْدنا
سر يا زعيم الشعب غير مُنازَع / بالجيش للعزّ المجلّل بالسنا
وأعد لنا عهد الرشيد وحاكه / بالاسم والهمم الرفيعة والكُنى
إنا لمن قوم أبت أحسابهم / إلا ذُرا العزّ المؤثّل مسكنا
غرسوا الفَخار على مسيل دمائهم / وتفيّئوا الشرف الشهيّ المجتنى
أنذِلّ للمستعمرين وعندنا / جيش إذا خاض المعارك ما انثنى
وَفَوُا المواطن حقها وتسنّموا / أعلى المفاجر بالصوارم والقنا
قد أخلصوا لله حبّ بلادهم / فتسربلوا أبهى البرود من الثنا
ويل لمن خانوا البلاد وما أبت / للأجنبيّ نفوسهم أن تركنا
كفروا بأنعمها وهم أبناؤها / فلذاك باؤا بالفضيحة في الدنى
نشؤوا بها مثل العقارب دأبها / نفث السموم فمن هناك ومن هنا
وإذا شممت بناشِقَيْك طباعهم / أعطتك طينتهم شميماً مُنتِنا
لعنت قرائنهم وكل من احتمى / بالأجنبي فحقّه أن يلعنا
طاروا بأجنحة الأجانب واغتدَوْا / يتربّصون بنا التخاذُل والونى
وغدَوْا لهم عَوناً علينا ظاهراً / يتحيّنون لنا الشقا تحيٌّنا
تركوا مواطنهم تنوء بعبئهم / وتقوّلوا بالمَيْن عنها والخنى
وسعَوْا لمنفعة الأجانب سعيةً / شنعاء كادت أن تُعدّ تجنٌّنا
فليُرجِفوا بعد النزوح فما هم / إلا الذباب قد استطار مطنطِنا
وليخسؤوا إن البلاد جميعها / تقفو الزعيم وترتضيه ميهمنا
تبّاً لمن قد خان عرش مليكه / وبني أبيه ونفسه والموطنا
ومكائد السفهاء واقعة بهم / وعداوة الشعراء بئس المقتنى
يرزت تميس كخطرة النشوان
يرزت تميس كخطرة النشوان / هيفاء مخجلةً غصون البان
ومشت فخفّ بها الصبا فتمايلت / مرحاً فأجهد خصرها الردفان
جال الوشاح على معاطفها / التي قعدت وقام بصدرها النهدان
تستعبد الحرّ الأبيّ بمقلة / دبّ الفتور بجفنها الوسنان
وإذا بدت تهفو القلوب صبابةً / فيها وتركع دونها العينان
أخذ الدلال مواثقاً من عينها / أن لا تزال مريضة الأجفان
تمشي فتنشر في الفضاء محاسناً / بسط الزمان لها يدي ولهان
ويلوح للنظر القريب بوجها / عقل الحليم وعصمة الصبيان
لم أنس في قلبي صعود غرامها / إذ نحن نصعد في ربا لبنان
حيث الرياض يهزّ عطف غصونها / شدو الطيور بأطرب الألحان
لبنان تفعل بالحياة جنانه / فعل الزلال بغلة الظمآن
وتردّ غصن العيش بعد ذبوله / غضاً يميد بفرعه الفينان
فكأن لبناناً عروس إذ غدا / يزهو بنشر غدائر الأغصان
وكأنما البحر الخضمّ سجنجل / يبدي خيال جمالها الفتّان
جبل سمت منه الفروع وأصله / تحت البسيطة راسخ الأركان
تهفو الغصون به النهار وفي الدجى / تهفو عليه ذوائب النيران
وترى النجوم على ذراه كأنها / من فوقه دررٌ على تيجان
للّه لبنان الذي هضباته / ضحكت مغازلةً مع الوديان
يجري النسيم الغضّ بين رياضه / مرخى الذيول معطّر الأردان
جلت الطبيعة في رباه بدائعاً / تكسو الكهول غضاضة الشبان
يا صاحبيّ أتذكران فإنني / لم أنس بعد كما سوى النسيان
إذ كان يغبطنا الزمان ونحن في / وادي الفريكة منبت الريحانى
في ليلة حسد الضياء ظلامها / وعنا لفضل نجومها القمران
متجاولين من الحديث بساحة / ركض البيان بها بغير عنان
والليل يسمع ما نقول ولم يكن / غير الكواكب فيه من آذان
فكأنّ جولتنا بصدر ظلامه / سرٌّ يجول بخاطر الكتمان
ما كنت احسب أن أحلّ ببقعة / لللحسن منبتة وللاحسان
حتى نزلت من الشوير بجنّة / فيها الحياة كثيرة الألوان
فهصرت أغصان الأمان ولم يكن / غير السرور بهنّ قطف دان
ولقيت شاعرها الذي ارتفعت له / كفّ القريض مشيرةً ببنان
حتى إذا تمّ اللقاء قصدت من / ربوات بكفيّا ظلال جنان
يا يوم بكفيّا وبيت شبابها / أفديك من يوم بكل زمان
وسقى زمانك يا ديار بحنّسٍ / صوب المسرة دائم التهتان
فلقد رأيت ضياء مجدك مشرقاً / في وجه كل حلاحل ديان
أفيذكر اللبكى يوم بحنس / حيث اجتمعنا في حمى كنعان
أم ليس يعلم أنني أحببته / حُباً أذبت بناره سلواني
لبست ربا لبنان ثوباً أخضرا / وزهت بحيث الحسن أحم قان
نثر الربيع بهنّ زهراً مؤنقاً / يزري بنظم قلائد العقيان
فبرزن من وشي الطبيعة بالحلى / فكأنهنّ بحسنهنّ غوان
وكأنّ صنّيناً أطلّ مراقباً / يرنو لهنّ بمقلة الغيران
تلك الربا أما الجمال فواحدٌ / فيها وأما أهلها فاثنان
رجل يسير إلى النجاح وآخر / يسعى وغايته إلى الخسران
متخاذلين بها وهم أعوانها / ومن البلاء تخاذل الأعوان
ضعفت مباني كل أمرٍ عندهم / ما بين هادمها وبين الباني
وتفرقوا دنياً كأن لم يكفهم / في النائبات تفرّق الأديان
وسعوا فرادى للنجاح وفاتهم / أن التضامن رائد العمران
يا أهل ذا الجبل المنيع مكانه / تفدى مواطنكم بكلّ مكان
أما محاسنها فهنّ بمنزل / تنحطّ عنه بدائع الأكوان
ومن الفخامة هنّ في غلوائها / ومن الشبيبة هن في ريعان
فتبوّءوا جنّاتهنّ أنيقةً / وابنوا بهنّ كأكرم البنيان
ماذا يثبطكم بها أن تنهضوا / نحو الفخار كنهضة اليابان
إني لأرجو أن أراكم للعلا / متهجّين تهيّج البركان
وأودّ لو تمشون مشية واحد / متكاتفين تكاتف الأخوان
لا تقرنوا بتشتت آراءكم / فالبدر يمحق عند كل قران
أمها جري لبنان طال غيابكم / أين الحنين إلى ربا لبنان
هذي مواطنكم تريد وصالكم / وتئنّ شاكيةً من الهجران
أفترحمون أنينها أم أنتم / لا ترحمون أنين ذي أشجان
إني أرى هجر الرجال بلادهم / شيئاً يضيع كرامة البلدان
واضاعة الوطن العزيز جناية / ضلّ الزمان بها عن الغفران
من كان ذا جدةٍ فأحر بمثله / أن لا يضنّ بها على الأوطان
لو كنت أعبد فانياً في ذي الدنى
لو كنت أعبد فانياً في ذي الدنى / لعبدت من دون الإله المحسنا
وجعلت قلبي مسجداً لتعبّدي / سرّاً وفهت له بشكري معلناً
كي لا أكون مرائياً بعبادتي / ولكي أكون بشكره متفنّنا
في مجتنى غرس الخليقة لم أجد / غرساً سوى الإحسان حلو المجتنى
هو في الخليقة ذو عجائب سرّها / أعيا اللبيب وأعجز المتفطنا
بيناه يغدو للنفوس مقيّداً / بالحب يطلق بالثناء الألسنا
يستعبد الأحراروهو صنيعهم / ويردّ بغض المبغضين تحنّنا
كم بلّ نائرةً فأطفأ نارها / من بين مشتبك الصوارم والقنا
ما لاح كوكبه بموهن غمّةٍ / إلاّ أعاد ضحاً سناه الموهنا
ما إن تظلّل موطن بظلاله / إلاّ أعزّ اللّه ذاك الموطنا
نفحاته تمحو معايب أهله / من حيث تعمي عن رؤاها الأعينا
لم أدر والآثار منه كثيرة / في الغرب لم نزرت وقلّت عندنا
أفنحن نجهله وقد علم الورى / في الشرق نشأته ربيباً بيننا
أو ما أمرنا في عظات كتابنا / بالعدل والإحسان ان نتديّنا
ويسرّني أني أشاهد موطني / قد نال من بركاته بعض المنى
وإذا استريب بما أقول فشاهدي / هذا البناء ومن حماه ومن بنى
قد شيد للأيتام مأوىً واقياً / يهتمّ بالأيتام فيه ويعتني
ليكون فيه شفاؤهم من جهلهم / ومن الظما ومن الطوى ومن الضنى
جاد ابن دانيل الركيم لذا البنا / بالمال مشترياً به كل الثنا
فاستوجب الحمد الذي كلماته / مستغرِقات بالثناء الأزمنا
فَلْنكْنِه بأبي اليتامى بعد ذا / إذ لا يخاطب مثله بسوى الكنى
رجل علمنا اليوم من إحسانه / أن ليس للإحسان دين في الدنى
لا يحسن الإحسان إلاّ هكذا / قد صار طبعاً في النفوس وديدنا
والمال أن جادت به يد محسن / حسن وإلاّ فهو بئس المقتنى
سعد امرؤ بذل الفواضل للورى / عفواً نفسه أن يحسنا
والجهد مني ها هنا هو أنني / أدعو إلى الإحسان من حضروا هنا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025