المجموع : 43
أَرَأَيْتِ صَوْغَ الدُّرِّ فِي العِقْيَانِ
أَرَأَيْتِ صَوْغَ الدُّرِّ فِي العِقْيَانِ / هَذَا حَبَابُ الْبُنِّ فِي الْفِنْجَانِ
فَلَكٌ تُمَثِّلُ شَمْسُهُ وَنُجُومُهُ / أَفْلاكَنَا فِي السَّيْرِ وَالدَّوَرَانِ
لَيْلَى أَجِيلِي الطَّرْفَ فِيهِ تَنْظُرِي / سِرَّ الْكِيَانِ وَآيَةً الأَزْمَانِ
تَجِدِي سَمَاوَاتٍ وَسِعْنَ عَوَالِماً / فَتَّانَةَ الإِبْدَالِ وَالإِتْقَانِ
مَنْثُورَةَ الأَفْرَادِ مَنْظُومَةً / جَمْعاً بِمَا لا تُدْرِكُ الْعَيْنَانِ
سَيَّارَةً بَيْنَ الجِهَاتِ حَوَائِراً / مُرْتَادَةً فِي البَحْثِ كُلَّ مَكَانِ
كُلٌّ يَصِيرُ إِلَى حَبِيبٍ مُرْتَجًى / حَتَّى يُدَانِيَهُ فَيَلْتَصِقَانِ
فَيَذُوبَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي صِنْوِهِ / وَكَذَاكَ يَحْيَا بِالْهَوَى الصِّنْوَانِ
جِسْمَانِ يَغْتَدِيَانِ جِسْماً وَاحِداً / كَتَوحُّدِ الحَبَبَيْنِ يَقْتَرِنَانِ
رُوحَانِ تَمْتَزِجَانِ حَتَّى تُصْبِحَا / شِبْهَ الصَّبَا وَالطِّيبِ يَمْتَزِجَانِ
تِلْكَ الْحَيَاةُ عَتِيدُهَا وَمَصِيرُهَا / حَتَّى يَكُونَ الحُبُّ آخِرَ فَانِي
إِذْ تُنْثَرُ الشُّهُبُ المُنِيرَةُ مِثْلَمَا / تَنْهَلُّ أَدْمُعُ عَاشِقٍ وَلْهَانِ
وَتَذُوبُ فِي لَهَبِ الشُّمُوسِ هَوَانِئاً / وَبِهَا الشُّمُوسُ تَذُوبُ وَهْيَ هَوَانِي
وَيَكُونُ يَوْمَئِذٍ شِفَاءُ غَلِيلِهَا / وَمَتَاعُهَا وَفَنَاؤُهَا فِي آنِ
قَالَتْ أَذَاكَ مَصِيرُنَا فَأَجَبْتُهَا / أَلسَّعْدُ آخِرُ شِقْوَةِ الإِنْسَانِ
وَهُوَ الْحَيَاةُ نَعِيشُهَا فِي لَحْظَةٍ / مَجْمُوعَةَ الأَفْرَاحِ وَالأَحْزَانِ
عُودِي إِلَى الفِنْجَانِ أَيْنَ شُمُوسُهُ / وَالطَّائِفَاتُ بِهَا مِنَ الأَكْوَانِ
عَاشَتْ عَلَى شَوْقٍ فَلَمَّا أَدْرَكَتْ / أَوْطَارَهَا مِنْ مُلْتَقًى وَقِرَانِ
زَالَتْ وَمَا أَبْقَى الْهَوَى مِنْهَا سِوَى / عِطْرٍ يَضُوعُ هُنَيْهَةً وَدُخَانِ
أَشْفَتْ غَلِيلَ فُؤَادِكَ الظَّمآنِ
أَشْفَتْ غَلِيلَ فُؤَادِكَ الظَّمآنِ / تِلْكَ العُيُونُ تَسِيلُ مِنْ لُبْنَانِ
أَمْ فُرْقَةُ الأَوْطَانِ قَدْ أَوْدَتْ بِهِ / وَأَشَدُّ رُزْءٍ فُرْقَةُ الأَوْطَانِ
مَا زَالَ مِنْ وَجْدٍ عَلَيْهَا خَافِقاً / حَتَّى اسْتَقَرَّ بِهَا مِنَ الخَفَقَانِ
أَمَّا أَنَا فَتَكَادُ أَحْدَاثُ النَّوَى / تَسْتَنْزِفُ الْعَبَرَاتِ مِنْ أَجْفَانِي
لا تَنْقَضِي بِيَ حِجَّةٌ إِلاَّ وَبِي / أَسَفٌ عَلَى خِدْنٍ مِنَ الأَخْدَانِ
وَيُجَدِّدُ الحُزْنَ الْعَتِيدَ عَلَى أَخٍ / حُزْنِي عَلَى المَاضِينَ مِنْ إِخْوَانِي
هَلْ لِي تَأَسٍّ بَعْدَ بَيْنِكَ وَأَلأَسَى / غَلَبَ الْعَزَاءَ وَبَاتَ مِلْءَ جَنَانِي
قَدْ سَاءَ مَنْعَاكَ الَّذِينَ بَقُوا وَإِنْ / سَرَّ الأُولَى سَبَقُوا مِنَ الأَقْرَانِ
جَزِعَ الصَّبُورُ وَقَدْ سَكَنْتِ لِمَا دَهَى / تِلْكَ العَزِيمَةَ فِي فَتَى الْفِتَيَانِ
وَشَبَابِ ذَاكَ الجِسْمِ فِي رَيْعَانِهِ / وَشَبَابَ تِلْكَ النَّفْسِ فِي الرَّيْعَانِ
أَنَّى سَكَتَّ وَكُنْتَ غِرِّيدَ الحِمَى / وَصَدَاكَ فِيهِ مِلْءُ كُلِّ مَكَانِ
سَيَطُولُ لَيْلُ السَّاهِرِينَ وَلَيْلُهُ / شَوْقاً إِلَى إِنْشَادِكَ الرَّنَّانِ
أَلمَوْتُ خَتَّالٌ وَلَيْسَ بِشَافِعٍ / لِلبُلْبُلِ التَّغْرِيدُ فِي الأَفْنَانِ
مَنْ يَا أَخَا الإِتْقَانِ بَعْدَكَ صَائِغٌ / غُرَرَ الْقَرِيضِ بِذَلِكَ الإِتْقَانِ
كُلُّ الَّذِي أَجْرَيْتَ فِيهِ يَرَاعَةً / أَحْسَنْتَ فِيهِ نِهَايَةَ الإِحْسَانِ
بالطَّبْعِ تُفْرِغُ نَاظِماً أَوْ نَاثِراً / أَسْمَى المَعَانِي فِي أَرَقِّ مَبَانِي
تَهْوَى الرُّقِيَّ فَمَا نَمَلُّ مُبَيِّناً / سُبُلَ الهُدَى وَطَرَائِقَ الْعُمْرَانِ
فَإِذَا نَقَدْتَ فَأَنْتَ أَصْدَقُ طَائِرٍ / بَصَراً بِقَاصٍ فِي الأُمُورِ وَدَانِ
كَمْ حِكْمَةٍ رَدَّدْتَهَا فَأَعَدْتَهَا / وَلَهَا رَنِينُ مَثَالِثٍ وَمَثَانِي
وَمَقَامَةٍ فَصَّلْتَهَا وَوَصَلْتَهَا / وَصْلَ الْفَرِيدِ مُفَصَّلاً بِجُمَانِ
بِفَصَاحَةٍ لَيْسَتْ لِتُبْقِيَ حَاجَةً / فِي نَفْسِ مُطَّلِعٍ إِلَى تِبْيَانِ
وَسَلاسَةٍ تُرْوِي الْغَلِيلَ كَأَنَّهَا / قَطْرُ النَّدَى فِي مُهْجَةِ الْحَرَّانِ
وَدُعَابَةٍ فَتَّانَةٍ لأُولِي النُّهَى / كَدُعَابَةِ الأَنْوَارِ وَالأَلْوَانِ
تَكْفِي الرِّوَايَاتُ الَّتِي دَبَّجْتَهَا / أُمَماً تُطَالِعُهَا إِلَى أَزْمَانِ
صُحُفٌ بِلا عَدٍّ لَهَا آثَارُهَا / مَا كَرَّتِ الأَحْقَابُ فِي الأَزْمَانِ
لا تَبْعَدَنَّ فَإِنَّ فِي أَكْبَادِنَا / لَكَ جَانِباً يَنْبُو عَنِ السُّلْوَانِ
ذِكْرَاكَ فِي رَوْضِ الْوَفَاءِ نَضِيرَةٌ / وَثَرَاكَ مُخْضَلٌّ مِنَ التَّحْنانِ
أَهْدَيْتَ وَالمُهْدَى ثَمِينُ
أَهْدَيْتَ وَالمُهْدَى ثَمِينُ / للهِ دَرُّكَ يَا أَمِينُ
مَا أَبْدَعَ الكَلِمَ المُثَقِّ / فَ فِيهِ مِنْ أَدَبٍ فُنُونُ
فِيهِ المُنَمَّقُ وَالمُرَوَّ / قُ وَالمُحَجَّبُ وَالمُبِينُ
فِيهِ القَريبُ بِلا ابْتِذَا / لٍ وَالغَرِيبُ وَمَا يَصُونُ
فِطَنٌ بَدَتْ تَخْتَالُ فِي / فُصْحٍ مَحَاسِنُهَا عُيُونُ
زُفَّتْ وَخَفَّ بِهَا إِلَى / أَلْبَابِنَا اللَّفْظُ الرَّصِينُ
لُبْنَانُ حَدَّثَنَا فَرَنَّ / حَنَا التَّذَكُّرُ وَالحَنِينُ
بِحَدِيثِ فِتْنَتِهِ وَإِنَّ / حَدِيثَ لُبْنَانٍ شُجُونُ
مَاذَا يَقُولُ الوَرْدُ فِي / هِ وَمَا يَقُولُ اليَاسَمِينُ
مَاذَا تَقُولُ ثِمَارُهُ / يَتْلُو الجَنِيَّ بِهَا الجَنِينُ
مَاذَا تَقُولُ سَمَاؤُهُ / وَنَسِيمُهُ المُحْيِي الحَنُونُ
مَاذَا تَقُولُ لِسَامِعِي / أَلْحَانِهَا تِلْكَ الوُكُونُ
مَاذَا يَقُولُ الدَّوْحُ عَا / شَ مُخَلَّداً وَخَلَتْ قُرُونُ
مَاذَا يَقُولُ الأَجْزَعُ الْ / مُهْتَزُّ وَالطَّوْدِ المَكِينُ
مَاذَا يَقُولُ الرِّيفُ تَغْ / مُرُهُ السَّذَاجَةُ وَالسُّكُونُ
وَطَبِيعَةٌ لِجَمَالِهَا / فِي كُلِّ نَاحِيةٍ فُتُونُ
لِلأَلمعِيَّةِ أَيُّ شَّأ / نٍ حَيْثُ تَشْتَبِهُ الشُّؤُونُ
قَدْ تُسْتَشَفُّ سَرَائِرٌ / لَطُفَتْ فَلَمْ تَرَهَا الظُّنُونُ
وَتَمُرُّ فِي جِدِّ الحَوَا / دِثِ وَهْيَ أَمْرَحُ مَا تَكُونُ
فَتَصُوغُ أَبْلَغَ حِكْمَةٍ / وَبِهَا التَّنَدُّرُ وَالمَجُونُ
بَدَوَاتُ فِكْرٍ وَحْيُهُ / هَادٍ وَكَاتِبُهُ أَمِينُ
أَبْدَتْ بَوَاكِيرُ الجِنَانِ
أَبْدَتْ بَوَاكِيرُ الجِنَانِ / زِينَاتِهَا قَبْلَ الأَوَانِ
تُهْدِي تَحِيَّةَ مِصْرَ فِي / أَبْهَى وَأَزْهَى مِهْرَجَانِ
وَتُبِينُ عَنْ وُدٍّ لَهُ / أَضْعَافُهُ طَيَّ الجَنَانِ
شِيَمُ الْكِنَانَةِ فِي السَّمَا / حَةِ قَدْ بَرَزْنَ مِنِ اكْتِنَانِ
وَجَعَلْنَ آيَاتِ الرَّبِي / عِ لَدَيْكَ أَفْصَحَ تَرْجُمَانِ
أَهْلاً بِتَاجِ الدِّينِ وَالدُّ / نْيَا وَعُنْوَانِ الزَّمَانِ
أَهْلاً بِنَادِرَةِ الْبَلا / غَةِ وَالمَعَانِي وَالبَيانِ
أَوْفَى مُلَبٍّ إِنْ دَعَا / حَقٌّ وَأَكْفَى مُسْتَعَانِ
وَالقَوْلِ شَفَّ بِهِ الْقَرِي / بُ عَنِ الْبَعِيدِ مِنَ المَعَانِي
وَالجَمْعُ بَيْنَ هُدَى الْيَرَا / عِ وَبَيْنَ تَهْذِيبِ اللِّسَانِ
هَذَا الأَمِينُ وَغَيْرُ بَعْ / ثِ الشَّرْقِ لَيْسَ لَهُ أَمَانِي
قَدْ حَلَّ مِنْ أَغْلَى مَكَا / نٍ فِي ذُرَى أَعْلَى مَكَانِ
مِنْ مَهْبِطٍ لِلْوَحْيِ أَدْ / نَى مِنْ ثَرَاهُ النَّيِّرَانِ
وَافَى إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي / يَدْرِي عُلاهُ الْخَافِقَانِ
بَلَدِ الْبَقَايَا الخَالِدَا / تِ وَكُلُّ مَا فِي الْكَوْنِ فَانِي
مِمَّا بَنَى فِرْعَونُ مِنْ / قِدَمٍ فَأَعْجَزَ كُلَّ بَانِي
فِي الْيُمْنِ يَا مَوْلايَ مَقْ / دَمُكَ الْعَزِيزُ وَفِي الأَمَانِ
أُحْلُلْ بِحَيْثُ حَلَلْتَ مِنْ / هَذِي الْبِلادِ رَفِيعَ شَانِ
بِالعِيدِ وَالضَّيْفِ المَجِي / دِ جَمِيعُ مَنْ فِي مَصْرَ هَانِي
زَيْنُ الشَّبَابِ المُلْبِسُ الْ / آدَابِ أَنْقَى طَيلَسَانِ
أَهْلاً بِأَنْجَبِ مَنْ نَمَى الْ / بَيْتُ الْعَظِيمُ بِلا امْتِنَانِ
بَيْتُ المَآثِرِ وَالمَفَا / خِرِ وَالتُّقَى فِي كُلِّ آنِ
أَهْلاً بِذِي الطَّوْلِ الَّذِي / فِي الْحِلْمِ لَيْسَ لَهُ مُدَانِي
وَلِيَ الزَّعَامَةَ غَيْرَ وَا / هٍ فِي الْخُطُوبِ وَغَيْرَ وَانِي
مُتَكَامِلَ الْوَصْفَيْنِ تَصْ / رِيفِ الأُمُورِ وَالاِفْتِنَانِ
هَيْهَاتَ يُلْفَى مِثْلُهُ / فِي الشَّرْقِ مِنْ قَاصٍ وَدَانِي
حَدِّثْ عَنِ الآرَاءِ يَنْ / بُو دُونَهَا النَّصْلُ الْيَمَانِي
وَالخُلْقِ أَثْبَتَ مَا تَقُو / مُ عَلَيْهِ فِي الأُسِّ المَبَانِي
أحَنَنْتَ مِنْ شَوْقٍ إِلَى لُبْنَانِ
أحَنَنْتَ مِنْ شَوْقٍ إِلَى لُبْنَانِ / وَارَحْمَتَا لَكَ مِنْ رَمِيمٍ عَانِ
شَوْقٌ تُكابِدُهُ وَيَثْوِي مِنْكَ فِي / مَثْوَى الرُّؤى مِنْ مُهْجَةِ الْوَسْنَانِ
جُسُّوا مِظَنَّةَ حِسِّهِ أَفَنَابِضٌ / فِيهَا فُؤَادُ مُتَيَّمٍ وَلْهَانِ
وَاسْتَطْلِعُوا الرَّسْمَ المُحِيلَ فَهَلْ بِهِ / يَوْمَ المَآبِ لِقُرَّة عَيْنَانِ
أَرُفَاتُ حِيٍّ كَانَ فَرْدَ زَمَانِهِ / بِذَكَائِهِ بَلْ فَرْدَ كُلِّ زَمَانِ
هَلْ يَسْتَطِيعُ إِشَارَةً أَوْ نَبْأةً / أَوْ رَمْزِ طَرْفٍ أَوْ حَرَاكَ بَنَانِ
لا شَيْءَ بَاقٍ مِنْكَ إِلاَّ أَسْطُراً / خَلَدَتْ بِحُسْنِ الصَّوْغِ وَالتَّبْيَانِ
وَجَمِيلُ ذِكْرٍ لَمْ يُفِدْ فِي دَفْعِ مَا / يَتَبَشَّعُ التَّحْوِيلُ فِي الجُثْمَانِ
إِنِّي لأَنْظُرُ كَيْفَ بِتَّ فَلا أَرَى / فِي المَجْدِ مَا يُغْنِي مِنَ الإِنْسَانِ
وَأَرَاكَ قَدْ أَمْسَى فُؤَادُكَ خَالِياً / أَبَداً مِنَ الأَفْرَاحِ وَالأَحْزَانِ
لَكِنْ تَوَهَّمْنَا قَرَارَكَ فِي الحِمَى / أَشْفَى لِغلَّةِ عَوْدِكَ الظَّمْآنِ
لُبْنَانُ يَا جَبَلاً كَأَنَّ نَزِيلَهُ / إِنْ يَرْتَحِلْ عَنْهُ طَرِيدُ جِنَانِ
لَوْ أَنَّ أَطْوَاداً مَعَانٍ جُسِّمَتْ / مَا كَنْتُ غَيْرَ الشَّوْقِ وَالتَّحْنَانِ
تَتَنَفَّلُ الْبَهَجَاتُ فِيكَ زَوَاهِياً / بِأَشِعَّةٍ يَرْفُلْنَ فِي أَلْوَانِ
أَمَّا ظِلالُكَ فَهْيَ أَشْبَاحٌ لِمَا / فِي أَنْفُسِ النَّائِينَ مِنْ أَشْجَانِ
هَذَا ابْنُكَ الْعَلَمُ الأَشَمُّ قَدِ انْطَوَى / فِي بَرْزَخٍ مُتَطَامِنِ الأَرْكَانِ
تِلْكَ الْعَظَائِمُ كُلُّهَا قَدْ أَصْبَحَتْ / شَيْئاً مِنَ الْعَظْمِ المَهِيضِ الْفَانِي
مَاذَا تَقُولٌ ذُرَاكَ وَهْيَ شَوَاهِدٌ / هَذِي الْبَقِيَّةَ مِنْ نَهًى وَبَيَانِ
مَاذَا يَقُولُ السَّفْحُ أَنْكَرَ سَمْعُهُ / هَذَا السُّكُوتَ عَلَى الصَّدَى الرَّنَانِ
بَيْرُوتُ يَا بَلَداً عَزِيزاً طَيِّباً / سَمْحَ السَّرِيرَةِ صَادِقَ الْشُّكْرَانِ
بَيْرُوتُ هَذَا مَنْ بَلَغْتِ مِنَ العُلَى / بِمَكَانِهِ السَّامِي أَعَزَّ مَكَانِ
حَيِّي مَثُوبَتَهُ إِلَيْكِ وَأَكْرِمِي / مَا شِئْتِ زَائِرَكِ الرَّفِيعِ الشَّانِ
وَتَذَكَّرِي أَيَّامَهُ الْغُرَّ الَّتِي / كَانَتْ عُقُودَ بَدَائِعٍ وَمَعَانِ
جَعَلَتْ شُمُوسَكِ فِي الشُّمُوسِ فَرَائِداً / بِالآيَتَيْنِ النُّورِ وَالعِرْفَانِ
كَانَت لَنَا بِالْقُرْبِ مِنْهُ سَلْوَةٌ / فَأَزَالَهَا هَذَا الْفِرَاقُ الثَّانِي
أَيْ نَعْشَهُ فِيكَ الْعَفافُ مُشَيِّعاً / وَالْعِلْمُ مَبْكِياً بِكُلِّ جنَانِ
أَبْلِغْ وَدِيعَتَنَا إِلَى أَحْبابِنَا / وَاحْمِلْ تَحِيَّتَنَا إِلَى الأَوْطَانِ
كُنَّا نَوَدُّ بِكَ المَصِيرَ إِلَى الْحِمَى / وَتَأَسِّيَ الإِخْوَانِ بِالإِخْوَانِ
لَكِنْ عَدَانَا الْبَيْنُ دون عِنَاقِهِمْ / فَتَولَّ وَلْيَتَعَانَقِ الدَّمْعَانِ
إِنْ تُكْرِمُوهُ تُكْرِمُوا أَوْطَانكمْ / فِي أَمْجَدِ البَانِينَ لِلأَوْطَانِ
فِي خَيْرِ مَنْ رَفَعَ الضَّلالَةَ بِالهُدَى / عَنْ قَوْمِهِ وَالجَهْلَ بِالعِرْفَانِ
رَبَّى وَعَلَّمَ مُنْشِئاً وَمُدَرِّساً / وَمُهَيِّئاً وَمُؤَسِّساً فِي آنِ
فَإِذَا البِلادُ بِمُزْهِرَاتِ عُلُومِهَا / وَبِمُثْمِرَاتِ حُلُومِهَا كَجِنَانِ
حَسْبُ المَفَاخِرِ أَنْ يَقُولَ شَهِيدُهَا / هَذِي الغِرَاسُ لِبُطْرسَ البُسْتَانِي
طِفْلانِ كَالأَخَوَيْنِ مُؤْتَلِفَانِ
طِفْلانِ كَالأَخَوَيْنِ مُؤْتَلِفَانِ / شَبَّا وَشَبَّ عَلَى الهَوَى القَلْبَانِ
مُتَمَازِحَيْنِ كَأَنَّمَا نَفْسَاهُمَا / نَفْسٌ لَهَا شَبَحَانِ مُنْفَصِلانِ
يَتَشَاطَرَانِ العَيْشَ إِنْ يَحْسُنْ وَإِنْ / يَخْشُنْ كَمَا تَتَشَاطَرُ العَيْنَانِ
لَبِثَا عَلَى هَذَا الوِصَالِ بُرَيْهَةً / ثُمَّ انْقَضَتْ وَتَفَارَقَ الخِلاَّنِ
كَانَتْ أَلِيفَتَهُ وَكَانَ أَلِيفَهَا / فَسَطَا النَّوَى وَتَشَتَّتَ الإِلفَانِ
جَزِعَا لِهَذا البَيْنِ حَتَّى كَانَ لا / يَلْهُو بِشَيْءٍ ذَانِكَ الفَتَيانِ
سَرْعَانَ مَا أَنْمَى الجَوَى عَقْلَيْهِمَا / وَتَعَلَّمَا التَّفْكِيرَ قَبْلَ أَوَانِ
فَتَرَاسَلا لا يُحْسِنَانِ كِتَابَةً / بِالذِّكْرِ وَهْوَ رَسُولُ كُلِّ جَنَانِ
وَتَشَاكَيَا كُلٌّ إِلَى آلامِهِ / شَكْوَى أَدَلَّ عَلَى وَفَاءِ العَانِي
وَاسْتَرْسَلا كُلٌّ إِلَى آمَالِهِ / بِالقُرْبِ بَعْدَ تَطَاوُحِ الهِجْرَانِ
لَكِنَّهُ طَالَ البِعَادُ وَشُوغِلاَ / عَنْ مُؤْلِمِ التَّذْكَار بِالحِدْثَانِ
فَاسْتَوْدَعَا فِي مَعْلَمَيْنِ لِيَنْمُوا / بِهِمَا عَلَى الآداب وَالعِرْفَانِ
وَلْيَنْسَيَا ذَاكَ القَدِيمَ مِنَ الهَوَى / فِي عِشْرَةِ الأَتْرَابِ وَالأَقْرَانِ
فَتَعَلَّمَا النُّطْقَ الصَّحِيحَ وَعُوِّدَا / خَطَّ الحُرُوفِ كِلاهُمَا فِي آنِ
حَتَّى إِذَا رَسَمَا الكَلامَ جَرَى كَمَا / اتَّفَقَا عَلَى قَلَمَيْهِمَا لَفْظَانِ
خُلْوَانِ مِنْ مَعْنىً وَفِي قَلْبَيْهِمَا / لَهُمَا أَحَبَّ مُنَى الحَيَاةِ مَعَانِي
جَمَعَا البَلاغَةَ كُلَّهَا فِي اسْمَيْنِ قَدْ / كُتِبَا بلا حُسْنٍ وَلا إِتْقَانِ
كَتَبَ الفَتَى سَلْمَى وَخَطَّتْ يُوسُفُ / وَإِلَيْكَ مَا عَنيَا بِبَعْضِ بَيَانِ
قَالَ الفَتَى يَا مَنْ تَحَلَّى لِي اسْمُهَا / فَرَسَمْتُهُ وَيَدَايَ تَرْتَجِفَانِ
صَوَّرْتُهُ وَكَأَنَّ صُورَتَهَا بَدَتْ / فِيهِ أَرَاهَا دُونَهُ وَتَرَانِي
وَعَبَدْتُ أَحْرُفَهُ كَرَمْزٍ حَاجِبٍ / صَنَماً رَآهُ عَابِدُ الأَوْثَانِ
لَكِنْ شَجَانِي الطِّرْسُ قَرَّ بِضَمِّهِ / وَمَشُوقُ صَدْرِي دَائمُ الخَفَقَانِ
وَأَغَارَنِي قَلَمِي يَصِرُّ مُقَبِّلاً / تِلْكَ الحُرُوفَ بِمَلْثَمٍ رَنَّانِ
فَحَطَمْتُ شِقَّيْهِ تَوَهُّمَ أَنَّ مَا / عَاقَبْتُهُ شَفَتَانِ آثِمَتَانِ
سَلْمَى وَمَا أَحْلَى اسْمَهَا وَحُرُوفَهُ / مَوْصُولَةً كَقَلائِدِ العِقْيَانِ
مُتَشَابِكَاتٍ يَرْتَضِعْنَ عَلَى المَدَى / مَاءَ الحَيَاةِ مَعاً وَهُنَّ هَوَانِي
وَلَوَ أَنَّهُنَّ فُصِلْنَ بِتْنَ أَوَاسِفاً / كَاليَتْمِ يَفْطِمُ مُرْضِعَ الوِلدَانِ
يَا ذِي الحُرُوفُ أَأَنْتِ عَالِمَةٌ بِمَا / أَوْلَيْتِهِ مِنْ طَائِلِ الإِحْسَانِ
لَوْ كُنْتُ مِنْكِ لَمَا فَتِئْتُ مَنَعَّماً / أَبَداً بِأَطْيَبِ مُلْتَقًى وَقِرَانِ
وَلمَا غَدَوْتُ عَلَى الفِرَاقِ كَمَا أُرَى / رُوحاً تَهُمُّ بِفُرْقَةِ الجُثْمَانِ
طَالَ النَّوَى يَا مُنْيَتِي سَلْمَى فَهَلْ / زَمَنُ التَّنَائِي آذِنٌ بِتَدَانِي
مَا زِلْتِ مِلْءَ نَوَاظِرِي وَخَوَاطِرِي / لَكِنَّ شَفَتَايَ مُوحَشَتَانِ
يَا لَيْتَنَا طِفْلانِ لَمْ نَبْرَحْ كَمَا / كُنَّا إِلَى مُتَأَخِّرِ الأَزْمَانِ
قَالُوا لِمِثْلِكِ فِي المَدَارِسِ سَلْوَةٌ / كَذَبُوا أَيَسْلُوا كَارِهُ السُّلْوَانِ
بِيَ حُرْقَةٌ أَخْفَيْتُهَا عَنْهُمْ كَمَا / يُخْفِي الرَّمَادُ ذَوَاكِي النِّيرَانِ
سَلْمَى العُلُومُ جَمِيعُهَا فِي لَفْظَةٍ / كَالعِطْرِ قَطْرَتُهُ عَصِيرُ جِنَانِ
سَلْمَى الحَيَاةُ وَمَا النَّعِيمُ مُخَلَّداً / يُشْرَى لَدَى إِقْبَالِهَا بِثَوَانِي
سَأَجِدُّ فِي طَلَبِي فَأَسْتَدْنِي بِهِ / زَمَناً أَصِيرُ وَفِي يَدَيَّ عِنَانِي
فَأَطِيرُ مِنْ شَغَفِي إِلَيْكَ تَشَوُّقاً / وَأَبُلُّ غُلَّةَ قَلْبِي الظَّمْآنِ
قَالَتْ وَقَدْ رَسَمَتْ عَلَى الطِّرْسِ اسْمُهُ / يَا مَنْ وَقَفْتُ لِحُبِّهِ وِجْدَانِي
وَحَلا هَوَانِي فِيهِ لِي وَصَبَابَتِي / حَتَّى كَأَنِّي قَدْ هَوَيْتُ هَوَانِي
لِيَكُنْ فِدًى لَكَ يَا أَلِيفَ طُفُولَتِي / أَنْ بِتُّ فِيكَ أَلِيفَةَ الأَشْجَانِ
وَغَدَوْتُ أَسْتَحْلِي جَمَالَكَ غَائِباً / مِنْ أَحْرُفٍ نَمَّقْتُهَا بِبَنَانِي
نَمَّقْتُهَا وَكَأَنَّنِي صَوَّرْتُهَا / عَنْ صُورَةٍ مَرْسُومَةٍ بِجِنَانِي
سَوَّدْتُهَا وَحُرُوفُهَا فِي مُهْجَتِي / نَارِيَّةٌ كُتِبَتْ بِأَحْمَر قَانِي
يَبْغِي الأَقَارِبُ لِي هَنَاءً آتِياً / بِالعِلْمِ وَهْوَ لِيَ الشَّقَاءُ الثَّانِي
أَيُضَاعُ فِي غَيْرِ الهَوَى عَهْدُ الصِّبَا / وَالعُمْرُ مِنْ بَعْدِ الشَّبِيبَةِ فَانِي
أَلِنَسْتَزِيدَ يَقِينَنَا بِضَلالِنَا / وَبِجَهْلِنَا نَقْضِي أَحَبَّ زَمَانِ
خَلُّوا سَبِيلَ الطَّيْرِ يَمْرَحُ هَانِئاً / فِي جَوِّهِ وَيَرُودُ كُلَّ مَكَانِ
وَليَلحَقَنَّ بِإِلْفِهِ وَلَيَسْعَدَا / حِيناً قُبَيلَ العَهْدِ بِالأَحْزَانِ
هَذَا يَسِيرٌ مِنْ مَعَانٍ جَاوَزَتْ / وُسْعَ امْرِيءٍ وَقَدِ احْتَوَاهَا اسْمَانِ
وَلَرُبَّمَا عَجَزَتْ بَلاغَاتُ الوَرَى / عَمَّا يَخُطُّ هُدًى طِفْلانِ
أَقْبَلْتُمَا بِرِعَايَةِ الرَّحْمَنِ
أَقْبَلْتُمَا بِرِعَايَةِ الرَّحْمَنِ / وَقُلُوبُنَا لَكُمَا بِغَيْرِ رِهَانِ
أَنْقَذْتُمَا مَجْدَ الْحِمَى مِنْ رِيبَةٍ / وَأَرَحْتُمَا الصَّرْعَى مِنَ الأَقْرَانِ
مَاتُوا كَمَا تَرْضَى الْعُلا وَمَرَرْتُمَا / بِالمَوْتِ يَنْظُرُ نِظْرَةَ الخَزْيَانِ
أَيْأَسْتُمَاهُ مِنْ حَبَائِلِ كَيْدِهِ / تَتَعَثَّرَانِ بِهَا وَتَنْفَلِتَانِ
للهِ دَرُّكُمَا وَكُلِّ مُجَاهِدٍ / يَقْفُوكُمَا فِي خِدْمَةِ الأَوْطَانِ
رُدَّا إِلَى قُرْبٍ مَسَافَاتٍ نَأَتْ / بَيْنَ الْهِلالِ وَصِنْوِهِ النُّورَانِي
يَا أَيُّهَا الضَّيْفَانِ جَاءا مِنْ عَلٍ / حُيِّيتُمَا يَا أَيُّهَا الضَّيْفَانِ
الرِّيفُ مُلْتَمِعُ الأَسِرَّةِ بَهْجَةً / وَالنِّيلُ مُبْتَسِمٌ كَمَا تَرَيَانِ
وَافَيْتُمَانَا مِنْ فَرُوقَ بِنَفْحَةٍ / تَشْفِي النُّفُوسَ كَنَفْحَةِ الرَّيْحَانِ
إِنَّا لَنَهْوَاهَا وَنَرْعَى عَهْدَهَا / أَفَنَحْنُ فِي هَذَا الْهَوَى سِيَّانِ
قُولا لَهَا بِاللهِ مَا أَحْسَسْتُمَا / لِقُلُوبِنَا فِي الجَوِّ مِنْ خَفَقَانِ
قُولا لَهَا بِاللهِ مَا لاقَيْتُمَا / مِنْ مَعْشَرٍ فِي حُبِّهَا مُتَفَانِ
أَقْبَلْتَ يَا عِيدَ الْقِرَانِ
أَقْبَلْتَ يَا عِيدَ الْقِرَانِ / وَجَلاَ سَنَاكَ النِّيِّرَانِ
فَالشَّعْبُ يَهْتِفُ لِلْمَلِيكِ / وَلِلْمَلِيكَةِ بِالتَّهَانِي
وَفُؤَادُ مِصْرٍ ضَارِعٌ / لَهُمَا بِتَحْقِيقِ الأَمَانِي
زَيْنُ الشَّبَابِ صَبَاحَةً / وَسَمَاحَةً وَعُلُوَّ شَأْنِ
أَهْدَتْ إِلَيْهِ عِنَايَةُ اللهِ / الْفَرِيدَةَ فِي الْغَوَانِي
فَتَمَثَّلَتْ وَ كَأَنَّهَا / فِي الإِنْسِ مِنْ حُورِ الْجِنَانِ
لَمْ تَغْتَرِبْ وَمَكَانُهَا / فِي قُرْبِهِ أَسْمَى مَكَانِ
فِي الأَرْبَعِ السَّنَوَاتِ مِصْبَ / احَاهُمَا يَتَأَلَّقَانِ
وَيَزِيدُ عَيْشَهُمَا رِضًى / قَلْبَاهُمَا الْمُتَآلِفَانِ
جَلَوَا كَمَالَ الْبَيْتِ فِي / أَبْهَى مِثَالٍ لِلْعِيَانِ
وَأَضَاءَ فِي تلك السَّمَاءِ / عَلَى التَّعَاقُبِ كَوْكَبَانِ
أحْبِبْ بِهَذَا الْعِيدِ وَالزِّ / ينَاتِ فِيهِ وَالأَغَانِي
وَتَنَاقُلِ الأَصْدِقَاءِ / رَنَّاتِ الْمَثَالِثِ وَالمَثَانِي
يَتَقَاسَمُ الأَفْرَاحَ فِيهِ / الشَّرْقُ مِنْ قَاصٍ وَدَانِ
كَيْفَ الْكِنَانَةُ كَيْفَ وَا / دِي نِيلِهَا وَالضِّفَتَانِ
يَا مُدْمِجاً تَاجَيْ مِنَا / فِي تَاجِ فَارُوقِ الزَّمَانِ
وَمُشَرِّفَ الرَّمْزَيْنِ سَيْفِ / مُحَمَّدِ وَالصَّوْلَجَانِ
أَرَأَيْتَ شَعْبَكَ كَيْ / فَ يُبْدِي بِشْرَهُ فِي الْمِهْرَجَانِ
أَرَأَيْتَ مَا مَعْنَى الصَّ / لاحِ إذَا تَصَوَّرَتِ الْمَعَانِي
أَعْظِمْ بِمَا بَلَّغْتَ مِصْرَكَ / فِي الْيَسِيرِ مِنَ الأَوَانِ
فَأَبَانَ كَيْفَ الْعَدْلُ ق / ادَ لَكَ الرِّقَابَ بِلا عِنَانِ
وَأَبَانَ كَيْفَ الْحِلْمُ يَسْ / تَلُّ الْحُقُودَ مِنَ الْجَنَانِ
وَأَبَانَ كَيْفَ مَعَ الثَّقَ / افَةِ يَنْتَقِي سَبَبُ الْهَوَانِ
وَأَبَانَ كَيْفَ مُهَابَةُ السَّ / يْفِ المُجَرَّدِ وَالسِّنَانِ
وَأَبَانَ مَا آتَتْ غِرَاسُكَ / مِنْ أَفَانِينِ المَجَانِي
فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ بَدَتْ / آثَارُ بِرِّكَ وَالحَنَانِ
أَخَذَ السَّوَادُ بِقِسْطِهِ / مِنْهَا فَآبَ عَزِيزَ شَانِ
وَأَفَادَ حَظّاً فِي الْغِذَاءِ / وَفِي الْكِسَاءِ وَفِي الْمَبَانِي
أَعْدَى الْعَدُوِّ لأُمَّةٍ / عَلَيْهِ مِنْ نَارِ الطَّعَانِ
وَالنَّصْرُ نَصْرٌ لِلْكَرَامَةِ / وَالسَّلامَةِ وَالأَمَانِ
آيَاتُ فِعْلٍ بَاهِرٍ / أَعْجَزْنَ آيَاتِ الْبَيَانِ
إِنْ يَنْتَقِلْ أَغْنَاطِيُوسُ الثَّانِي
إِنْ يَنْتَقِلْ أَغْنَاطِيُوسُ الثَّانِي / فَإِلَى الخُلُودِ وَكُلُّ حَيٍّ فَانِي
تَمْضِي الرِّجَالُ وَتَنْمَحِي آثَارُهَا / وَيُقِيمُ ذِكْرُ السَّيِّدِ الرَّحْمَانِي
عَلَمٌ تَفَرَّدَ بِالفَضَائِلِ وَالتُّقَى / وَنَزَاهَةِ الإِسْرَارِ وَالإِعْلانِ
مَنْ لِلْخِطَابَةِ وَالكِتَابَةِ بَعْدَهُ / وَإِجَادَةِ التَّعْبِيرِ وَالتَّبْيَانِ
فَقَدَتْ بِهِ الفُصْحَى فَتىً مَأْثُورُهُ / أَرْبَى عَلَى المَأْثُورْ عَنْ سُحْبَانِ
مَنْ لِلعُلُومِ قَدِيمُهَا وَحَدِيْثُهَا / فِي الدِّيْنِ وَالدُّنْيَا وَمَا يَسَعَانِ
مَنْ لِلتَّآلِيفِ الَّتِي تَرِدُ النُّهَى / مِنْهَا مَعِيْنُ الفَضْلِ وَالعِرْفَانِ
مَنْ لِلمَجَامِعِ تَسْتَقِيمُ أُمُورُهَا / مِنْهُ بِرَأْيٍ ظَاهِرٍ الرَّجَحَانِ
مَنْ لِلرِّيَاسَةِ وَالسِّيَاسَةِ إِنْ دَعَا / دَاعِي الوَفَاءِ لِنَجْدَةِ الأَوْطَانِ
مَنْ لِلأُولَى رِيعُوا فَأَلَفُوا أَمْنَهُمْ / فِي ظلِّ ذَاكَ البِرِّ وَالإِحْسَانِ
مَنْ لِلضِّعَافِ يُقِيلُ عَثْرَتَهُمْ وَقَدْ / ثَقَلَتْ عَلَيْهِمْ وَطْأَةُ الحَدَثَانِ
في ذِمَّةِ المَوْلَى وَفِي رُضْوَانِهِ / أَوْلَى رِجَالِ اللهِ بِالرُّضْوَانِ
أَلمَشْرِقَانِ مشَاطِرَاكُمْ رُزْءهُ / فَعَزَاءَكُمْ يَا مَعْشَرَ السِّرْيَانِ
إِنْ تَفْقَدُوهُ فَفِي السَّمَاءِ شَفِيْعُكُمْ / مُتَبَوِّئاً مِنْهَا أَعَزَّ مَكَانِ
لَقِيَ النَّعِيمَ السَّرْمَدِيَّ جَزَاءَ مَا / عَانَاهُ فِي جِدٍّ وَفِي إِيْمَانِ
أَمْرُ الأَمِيرِ لَمَّا أحب دَعَانِي
أَمْرُ الأَمِيرِ لَمَّا أحب دَعَانِي / سَبَبَانِ لِلإِقْبَالِ وَالإِذْعَانِ
لَكِنْ نَهَى عَنْ أَنْ أُشِيدَ بِمَدْحِهِ / وَمَنِ المُطَاعُ سِوَاهُ إِذْ يَنْهَانِي
إِنْ يَذْكُرِ الخُلُقُ العَظِيمُ فَرَمْزُهُ / عُمَرٌ وَهَلْ فِي عَصْرِنَا عُمَرَانِ
جَمُّ الهُمُومِ وَمِنْ أَجَلِّ هُمُومِهِ / أَنْ تُسْتَدَامَ أَوَاصِرُ الأَوْطَانِ
مَا مِصْرُ مَا السُّودَانُ إِلاَّ جَانِبا / قَلْبٍ سَوَيِّ الخُلْقِ لا قَلْبَانِ
أَوْ توأما رَحَمٍ وَلِيدا حُرَّةٍ / إِنْ حِيلَ بَيْنَهُمَا سَيَلْتَقِيَانِ
أَيُّ اجْتِمَاعٍ كَاجْتِمَاعِ بَنِي أَبٍ / دَالَ الهَوَى فِيهِمْ مِنَ الشَّنْآنِ
بِالشَّرْقِ مَا بِالشَّرْقِ مِنْ عِلَلٍ وَمَا / فِيهَا أَشَدُّ أَذىً مِنَ الخُذْلانِ
يَا صَاحِبَيَّ أَحَاجَةٌ مَقْضِيَّةٌ / لِلصَّاحِبَيْنِ وَلَيْسَ يَتَّفِقَانِ
أَمْ هَلْ تُتِمُّ عَظِيمَةٌ فِي أُمَّةٍ / وَالقَائِمُونَ بِأَمْرِهَا شَطْرَانِ
تَاللهِ ما لِلتَّفْرِقَاتِ وَلا القِلَى / بُذِلَتْ نُفُوسُ رِجَالِنَا الشًّجْعَانِ
بَلْ لِلْحَيَاةِ كَرِيمَةٍ قَدْ حُقِّقَتْ / فِيهَا رَغَائِبُ لِلْحِمَى وَأَمَانِي
أَهْلاً بِجِيرَتِنَا الكِرَامِ وَمَرْحَباً / بِالإِخْوَةِ الأَبْرَارِ لا الضَّيْفَانِ
بِذُؤَابَةِ العَلْيَاءِ فِي أَرْجَائِهِمْ / وَخُلاصَةِ النُّجَبَاءِ وَالأَعْيَانِ
إِلْمَامُكُمْ سَرَّ القُلُوبَ فَأَقْبَلَتْ / تُبْدِي كَمِينَ شُعُورِهَا بِلسَانِي
وَأَكَادُ لا أُوفِي لَكُمْ شكْرَانَهَا / لَوَصَفْتُ آيَاتٍ مِن الشُّكْرَانِ
فَإِذَا تَعَابَى عَنْ أَدَاءِ مُرَادِهَا / قُوْلٌ فَفِي الزِّينَاتِ لُطْفُ بَيَانِ
آيَاتُ إِكْرَامٍ وَإِكْبَارٍ لَكُمْ / جُلِيَتْ بِمُخَتَلَفٍ مِنَ الأَلْوَانِ
فِي مِصْرِ وَالسُّودَانِ شَعْبٌ وَاحِدٌ / أَيُقَالُ عَدْلاً إِنَّهُ شَعْبَانِ
مَا فِيكَ إِلاَّ أُمَّةٌ مِصْرِيَّةٌ / يَا مِصْرُ مِنْ أَهْلٍ وَمِنْ إِخْوَانِ
نِعْمَ الحِمَى لِمَنْ انْتَمَى وَلِمَنْ نَمَى / مِنْ مَبْدَأِ المَدِنِيَّةِ الهَرَمَانِ
أَهْدَى إليَّ صَديقي طَاهرٌ
أَهْدَى إليَّ صَديقي طَاهرٌ / مِنْ أَنْفَسِ المَصْنُوعِ فِي السُّودَانِ
قَدْ قُمِّعَتْ بِالعَاجِ أمَّا عُودُهَا / فَأُصُولُهُ مِنْ أَقٌدَمِ الأَزْمانِ
جَمٌّ مَنَافِعُهَا وَأَعْجَبُ مَا بِهَا / سِحْرٌ مِنَ الإبْدَاعِ وَالإتْقَانِ
مِنْ الآسِ إنِّي وقد زَانَتْ يَدِي / فَإنِّي بِإيفاءِ الجَمِيلِ مُدَانِ
إنْ كَانَ فِي لُبْنَانَ نَالَكَ عَارِضٌ
إنْ كَانَ فِي لُبْنَانَ نَالَكَ عَارِضٌ / فَاسْرِعُ بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ لِلْخَازِنِ
تَجِدِ الشَّفَاءَ عَلَى يَدَيْهِ عَجِلاً / مِنْ غَيْرِ جَعْجَعَةٍ وَغَيْرِ تهَاوُنِ
فَهْوَ الَّذِي فِي كَفِّهِ مِنْ رَبِّهِ / وَضْعُ الدَّوَاءِ لِكُلِّ دَاءِ بَاطِنِ
إِليَاسُ بَاقَتُكَ الصَّغِيرةُ جَنَّةٌ
إِليَاسُ بَاقَتُكَ الصَّغِيرةُ جَنَّةٌ / فِيها صُنُوفُ الوَرْدِ وَالرَّيْحَانِ
هِيَ مِنْ نَدَاكَ يَدٌ تُقَصِّرُ دُونَهَا / مَهْمَا تَطُلْ بَاعِي لَدَى الشُّكْرَانِ
بَاعُوا المخلد بِالحُطَامِ الْفَانِي
بَاعُوا المخلد بِالحُطَامِ الْفَانِي / وَشَرَيْتَ بِالأَغْلَى مِنَ الأَثْمَانِ
تِلْكَ الْحَيَاةُ أَمَانَةٌ أَدَّيْتَهَا / بِتَمَامِهَا للهِ وَالأَوْطَانِ
بِالصَّبْرِ وَالأِيمَنِ أُخْلِصَ بَدْوُّهَا / وَخِتَامُهَا بِالصَّبْرِ والإيمانِ
أَعْرَضْتَ عَنْ لَذَّاتِها مُنْذُ الصِبا / وَالرَّوْضُ تُفْري والقُطُوفُ دَوَانِي
مُتَوَخِّيَاً منْ دُونِها أُمْنِيَّةٌ / لَمْ يُوهِ وَحْدَتَهَا شَتِيتُ أَمَانِي
تَهْوَى الْبِلاَدَ وَلاَ هَوى لَكَ غَيْرُهَا / أَوْ تُفْتَدَى مِنْ ذِلَّةٍ وَهَوَانِ
ظَلِّتْ تُنَازِعُكَ الصُّرُوفُ بِمَا بِهَا / مِنْ مُنَّةٍ وَظَلِلْتَ ثَبْتَ جَنَانِ
مُسْتَنْزِفاً دَمَكَ الزَّكِيَّ وَلَمْ يُرَقْ / بِشَبَاةِ قِرْضَابٍ وَلاَ بِسِنَانِ
فِي صَوْلَةٍ لِلدَّهْرِ تَعْقُبُ صَوْلَةً / مُنْتَابَةً فِي الآنِ بعْدَ الآنِ
حَتَّى قَضَيْتَ شَهِيدَ رَأيِكَ وَانْقَضَى / مَاكُنْتَ تَلْقَى دُونَهُ وَتُعَانِي
وَيحَ الأَبِيِّ تَسُوءهُ أَيَّامُهُ / وَتَسُرُّ كُلَّ مُمَاذِقٍ مِذْعَانِ
مِمَّنْ يُقَدَّمُ فِي الرِّجَالِ وَمَا بِهِ / إِلاَّ الطِّلاَءُ بِكَاذِبِ الأَلوَانِ
مَاذَا دَهَى الْقفسْطَاطَ حينَ تَجَاوَبَتْ / أصْدَاؤُهَا لِنَوَاكَ بِالإرْنَانِ
وَجَلاَ عَنِ الْقَدَرِ المُخَبَّأِ لَيْلَهَا / وَبَدَا الصَّبَاحُ مُقَرَّحَ الأَجْفَانِ
خَطْبٌ أَرَانَا فِي مَجَالاَتِ الفِدَى / وَالصِّدْقِ كَيْفَ مَصَارِعُ الشُّجْعَانِ
غَشِيَتْ ثَبِيراً مِنْ أَسَاهُ غَمَامَةٌ / جَرَّتْ كَلاَكِلَهَا عَلَى لُبْنَانِ
فَالشَّرْقُ في شَرَقٍ مِنَ الدَّمْعِ الذَِّي / أجْرَى الْعُيُونَ وَفَاضَ بِالْغُدْرَانِ
أيْ مُصطَفَى يَبْكِيكَ قَوْمُكَ كُلَّمَا / عَادَتْهُمُو ذِكْرَى فَتَى الفِتْيَانِ
يوْمَ الْوَفَاءُ دَعَا فَكُنْتَ لِوَاءَهُ / وَطَلِعَةِ لطليعة الفُرْسَانِ
هَذَا شَهِيدٌ مِنْ وُلاَتِكَ خَامِسٌ / يَهْوِي بِحَيْثُ هَوَيْتَ فِي المَيْدَانِ
لَكَأَنَّهُمْ وَالمَوْتُ أَسْوَأُ مَغْنَمٍ / يَتَراكَضُونَ إلَيْهِ خَيْلَ رِهَانِ
بَذَلُوا النُّفُوسَ كَمَا بَذَلْتَ وَأَرْخَصُوا / مَا عَزَّ مِنْ جَاهٍ وَمِنْ قُنْيَانِ
فَإذَا ذُكِرْتَ وَأَنْتَ عُنْوَانُ الْفِدَى / فَاسْمُ الرِّفَاقِ تَتِمَّةُ الْعُنْوَانِ
رُزِئْتَ أَمِيناً أُمَّةٌ مَفْؤُودَةٌ / لِفِرِاقِهِ سَكْرَى مِنَ الأَحْزَانِ
خَرَجَتْ تُشَيِّعُهُ وَسَارَ بِرَمْزِهِ / مَنْ فَاتَهُ التَّشْيِيعُ لِلْجُثْمَانِ
تُزْجِي الصِّحَافِيَّ الأمِينَ المُجْتَبَى / عَفَّ الْجُيُوبِ مُطَهَّرَ الأَرْدانِ
طَلْقَ المُحَيَّا فِي الْحِجَابِ كَأَنَّمَا / نَسَجَ الأَشِعَّةَ نَاسِجُ الأَكْفَانِ
يَسْتَقْبِلُ اللهَ الْكَرِيمَ بِجَبْهَةٍ / بَيْضَاءَ خَالِيَةٍ مِنَ الأَدْرَانِ
أَعْزِزْ عَلَى الإخْوَانِ أنَّ مَكَانَهُ / مُتَفَقَّدٌ فِي مُلْتَقَى الإخْوَانِ
مَا كَانَ أسْمَحَهُ وَأَصْرَحَ طَبْعَهُ / وَأَرَفَّهُ لِلْمُسْتَضَامِ الْعَانِي
حَسُنَتْ شَمَائِلُهُ وَصِينَ إبَاؤُهُ / عنْ كُلِّ شائنةِ أَتَمَّ صِيَانِ
وَبِطِيبِ مَحْتِدِهِ زَكَتْ أَخْلاَفُهُ / فَتَضَوَّعَتْ كَالْوَرْدِ فِي نَيْسَانِ
إنَّ الصَّحَافَةَ فِيهِ عَزَّ عَزَاؤُهَا / مَا خَطْبُهَا فِي صَبِّهَا المُتَفَانِي
فِي النَّابِهِ المُوفِي عَلَى أعْلامِهَا / وَالنَّابِغِ السَّبَّاقِ لِلأَفْرَانِ
فَرْدٌ بِهِ جَادَ الزَّمَانُ وَمِثْلُهُ / قِدْماً يَكُونُ مَضِنَّةَ الأَزْمَانِ
هَيْهَاتَ أنْ تُطْوَى صَحَائِفُ زَانَهَا / بِطَراَئِفِ الآدَابِ وَالعِرْفَانِ
تَخِذَ الْحَقِيقَةَ خُلَّةً فَهُنَا عَلَى / عِلاَّتِ هَذَا الْعَيْشِ يَصْطَحِبانِ
وَيَزيدُهُ كَلَفاً بِهَا عُذَّالُهُ / فِيها فَمَا يَثْنِيهِ عَنْهَا ثَانِ
تَشْتَدُّ حُجَّتُهُ وَيَجْفُو حُكْمُهُ / وَلِسَانُهُ أبَداُ أَعَفُّ لِسَانِ
لَمْ يَخْشَ فِي الْحَقِّ المَلاَمَ وَلَمْ يَكُنْ / لِسِوَى الضَّمِيرِ عَلَيْهِ مِنْ سُلْطَانِ
أمَّا يَرَاعَتُهُ فَقُلْ مَا شِئْتَ فِي / لَفْظٍ تَفِيضُ بِدُرِّهِ وَمَعَانِ
لَمْ تَجْرِ فِي عَبَثٍ وَلَمْ تُنْكِرْ بِهَا / لُطْفَ المَكَانِ رَوَائعُ الْقُرْآنِ
لصَريرهَا رَجْعٌ تَسَامَعُهُ النُّهَى / وَلَهُ رَنِينَ مَثَالِثٍ وَمَثَانِ
يُلْقِِي سُرُوراً فِي النُّفُوسِ وَرَوْعَةً / بِالسَّاطِعَيْنِ الحَقِّ وَالبُرْهَانِ
وَعَلَى المَكَارِهِ ظَلَّ أوْفَى مَنْ وَفَى / لِحِمَاهُ فِي الإسْرَارِ وَالإعْلاَنِ
يَسْمُو إلى عُلْيَا الأمُورِ بِفِطْنَةٍ / تَأتِي البَعِيدَ مِنَ الطَّريقِ الدَّانِي
هَلْ بَعْثَةُ الدُّسْتُورِ إلاَّ وَحْيُهُ / مُتَنَزِّلاً كَتَنَزُّلِ الْفُرْقَانِ
وَحْيٌ إلَيةِ ثَابَ أرْبَابُ النُّهَى / فَتَألَّفُوا وَالخِلْفُ فِي خِذْلاَنِ
فِي ذِمَّةِ الرَّحْمَنِ خَيْرُ مُجَاهِدٍ / لَمْ يَلْتَمِسْ إلاَّ رِضَا الرَّحْمَنِ
كَانَ المُحَامِي عَنْ قَضِيَّةِ قَوْمِهِ / بِمضَاءِ لاَ وَكَلٍ وَلاَ مُتَوَانِي
لَمْ تَشْغَلِ الأَيَّامُ عَتْهَا قَلْبَهُ / بِالزِّينَتَيْنِ المَالِ وَالوِلْدَانِ
فَمَضَى وَمَا لِبَنِيهِ إرثَ غَيْرَ مَا / وَرِثُوهُ مِنْ ضَعْفٍ وَمِنْ حِرْمَانِ
أَنْبِتْهُمُ اللَّهُمَّ نَبْتاً صَالِحاً / وَتَوَلَّهُمْ بِالْفَضْلِ وَالإحْسَانِ
وَارْعَ المُحَصَّنَةَ الَّتِي بَرَّتْ بِهِ / بِرَّ الشَّرِيكِ المُسْعِفِ المِعْوَانِ
يَا رَحِلاً فِي مِصْرَ يَخْلُدُ ذِكْرُهُ / مَا دَامَ النَّيلُ وَالْهَرَمانِ
لَجَمِيلِ وَجْهِكَ صُورَةٌ مَطْبُوعَةٌ / بِالطَّابِعِ الأبَدِيِّ فِي الأَذْهَانِ
وَلِصَوْتِكَ الرَّنَّانِ مَا طَالَ المَدَى / فِي كُلِّ جَانِحَةٍ صَدّى تَحْنَانِ
مَا المَيْتُ كُلُّ المَيْتِ إلاَّ خَامِلٌ / يُطْوَى وَمَا لَحْدٌ سِوى النِّسْيَانِ
أَلمَجْدُ لِلآثَارِ خَيْرٌ حَافِظاً / فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْهُ لِلأعْيَانِ
فُزْ بِالنَّعِيمِ جَزَاءَ مَا قَدَّمْتَهُ / وَتَمَلَّهُ فِي زَهِرَاتِ جِنَانِ
وَاعْتَضْ خُلُوداً مِنْ حَيَاةٍ إنَّمَا / يُعْتَدُّ فَانِيهَا لِغَيْرِ الفَانِي
تَمْضِي وَأنْتَ مَضَنَّةُ الأَوْطَانِ
تَمْضِي وَأنْتَ مَضَنَّةُ الأَوْطَانِ / وَدَرِيئَةٌ ذُخِرَتْ لَهذَا الآنِ
هَذَا هُوَ الخَطْبُ الأَجَلُّ وَهَذِهِ / أَدْعَى رَزَايَاهَا إلىَ الأَشْجَانِ
عُذْراً إذَا الأُمُّ الثَّكُولُ تَوَلَّتْ / وَفَقِيدُهَا هو آثَرُ الفِتْيَانِ
كَانَتْ مُقَلَّدَةً قِلاَدَةَ أنْجُمٍ / زُهْرٍ يَزِينُ نِظَامَهَا قَمَرَانِ
فَتَنَاثَرَتْ مِنهَا الكَوَاكِبُ وَانْطَوَى / قَمَرٌ فَكَانَ عَزَاؤُهَا فِي الثَّانِي
حَتَّى إذَا مَا انْقَضَّ جَدَّدَ رُزْؤُهُ / أَرْزَاءَهَا وَقَضَى عَلَى السلوَانِ
عُودَا بنا نَعْرِضْ جُهُوداً كَرَّسَتْ / لِلْمَجْدِ صَرْحاً بَاذِخَ البُنْيَانِ
في عَرضِهَا عِظَةٌ عَلَى تَكْرَارِهَا / تَزْكُو وَإنْ تَكُ مِلءَ كُلِّ جَنَانِ
إنِّي لأَحْضُرُهَا وَقْلْبِي سَامِعٌ / عَتْباً تُرَدِّدُهُ بِغَيْرِ لِسَانِ
تِلْكَ المُنَى نُثِرَتْ لَهُنَّ دِمَاؤُكُمْ / وَمَهِرْنَ بِالأَرْوَاحِ وَالأبدَانِ
أَلمِثْلِ مَا أَفْضَتْ إلَيْهِ حَالُكُمْ / يَا قَوْمُ مِنْ خُلْفٍ وَمِنْ خِذْلاَنِ
مَنْ ذَا يَرُدُّ عَلَى البِلاَدِ وَأَهْلِهَا / عَهْدَ الوِئَامِ وَقُوَّةَ الإيمَانِ
زُعَمَاؤُهَا مُتَكَافِلُونَ وَنَشْئُهَا / أجْنَادُهُمْ بِالطَّوْعِ وَالإذْعَانِ
وَالعَيْشُ تَكْسُوهُ المَفَاخرُ نَضْرَةً / وَالأَرضُ تُسْقَى بِالنَّجِيعِ القَانِي
إنْ أُطْلِقُوا أوْ قُيِّدُوا إنْ أُمِّنُوا / أوْ شُرِّدُوا حَالاَهُمُ سِيَّانِ
وَزَمَاجِرُ الإيعَادِ فِي أسْمَاعِهِمْ / أشْبَاهُ مُطْرِبَةٍ مِنَ الأَلْحَانِ
حَتَّى الإنَاثُ وَلَم يَكُنْ مِنْ شَأْنِهَا / خَوْضُ الغِمَارِ بِجَانِبِ الذُّكْرَانِ
بَرَزَتْ إلىَ السَّاحَاتِ لاَ يَعْتَاقُهَا / خَفَرٌ وَهَلْ خَفَرٌ بِدَارِ هَوانِ
أَلجَانِيَاتِ الوَرْدَ رَامَتْ حَظَّهَا / فِي كُلِّ مَرْمَى مِن رَصَاصِ الجَانِي
يَا حُسْنَهَا وَبَنَاتُهَا مَخْضُوبةٌ / بِجِرَاحِ مَنْ تَأَسُو مِنَ الشُّجْعَانِ
فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ الكَبِيرِ بِمَا جَرَى / فِيهِ هُوَ قَلَّ فِي الأَزْمَانِ
ذَاقَ الطُّغَاةُ مَرَارَةَ الوِرْدِ الَّذِي / شَرَعُوا وَسَاءَتْ شِرعَةُ الطُّغْيَانِ
وَتَبَيَّنُوا خَطَرَ اللِّدَادِ فَلَيَّنُوا / مِنْ جَفْوَةِ الجَبَرُوتِ وَالسُّلْطَانِ
وَمَشَوْا إلى زُعَمَاء مِصْرَ كَمَا مَشَى / أَقْرَانُ مَمْلَكَةٍ إلىَ أقْرَانِ
مَاذَا بَلَوْا مِنْ ظَرْفِ عَدْلِيِّ وَمِن / رَأَيٍ يُدَارُ وَمِنْ ثَبَاتٍ جَنَانِ
يَتَسَاجَلُونَ وَفِي المُسَاجَلّةِ الهُدَى / إذْ تَبْرَاُ النِّيَّاتُ مِنْ أدْرَانِ
وَيَرُوحُ عَدْلِيَّ وَيَغْدُو سَاعِياً / لَيِقاً إلى الغَايَاتِ فِي اطْمِئْنَانِ
لَمْ يَعْدُ أحْكَمَ خُطَّةٍ يَخْتَطُّهَا / فِيمَا يُبَاعِدُ تَارَةً وَيُدَانِي
إنْ يَنْفَصِمْ سَبَبٌ يَصِلهُ وَإنْ يَقَعْ / خَطَلٌ يَذُدْهُ بِمقَاطِعِ البُرْهَانِ
إيمانُهُ الوَضَّاحُ نَجْمٌ ثَابِتٌ / فِي القُطْبِ وَالأَفْلاَكِ فِي الدَّوَرَانِ
يَقَعُ اخْتِلاَطُ الرَّأيِ إلاَّ حَيْثُمَا / يَبْدُو سَنَاهُ لِمُقْلَةِ الحيْرَانِ
مَا زَالَ يَدْفَعُ غَاصِبِي أوْطَانِهِ / حَتَّى أدالَ اللهُ لِلأوْطَانِ
أمَّا سَرِيرَتُهُ وَسِيرَتُهُ فَلَمْ / تَتَخَالَفَا فِي السِّرِّ وَالإعْلاَنِ
لَمْ يَشْهَدِ النُّدْمَانُ عَدْلِيَّا إذَا / رُفِعَ الوَقَارُ بمَجْلِسِ النُّدَمانِ
كَلاَّ وَلَمْ يُرَ فِي مَقَامِ رَصَانَةٍ / مُتَكَلِّماً كَتَكَلُّمِ النَّشْوَانِ
كَلاَّ وَلَمْ تَشْغَلُهُ ذَاتُ خَلاَعَةِ / كَلاَّ وَلَمْ تَفْتِنْهُ بِنْتُ دِنَانِ
أمَّا شَمَائلُهُ فَفي نَفَحَاتِها / عَبَقُ القَرَابَةِ مِنْ أُولِي التِّيجَانِ
وَلَهَا حِلٌى مِمَّا تُلاَحِظُهُ النُّهَى / فِي اللَّوْذَعِيِّ العَاطِلِ المُزْدَانِ
آدَابُهُ آدَابُ إنْسَانٍ إذَا / كَمُلّتْ مَعَانِي النُّبْلِ فِي الإنْسَانِ
يُهْدِي ابْتِسَامَتَهُ عَلَى قَدَرٍ فَمَا / هُوَ بِالسَّخيِّ بِهَا وَلاَ الضَّنَّانِ
إنَّ اْبْتِسَامَاتِ الوُجُوهِ كَثِيرَةٌ / دَرَجَاتُهَا وَلَهَا لِطَافُ مَعَانِ
وَتَبَسُّطُ المُعْطِي بِهَا من نَفْسِهِ / غَيْرُ التَّبَسُّطِ من عَطَاءِ بَنَانِ
أخْلاَفُهُ كَمُلّتْ مُصَفَّاةً فَمَا / شِيبَتْ بِشَائِبَةٍ مِنَ النُّقْصَانِ
يَرْعَى كَرَامَتَهُ وَيَحْذَرُ كُلَّ مَا / يُزْرِي بِجَانِبِهَا الرَّفِيعِ الشَّانِ
وَاللُّطْفُ بَادٍ وَالإبَاءُ مُمَثِّلٌ / فِي شَخْصِهِ المُتَأنِّقِ المُتَوانِي
وَالحِلْمُ فيهِ سَجِيَّةٌ مَلَكِيَّةٌ / فَوقَ القِلَى وَالغلَّ وَالعُدْوَانِ
مَنْ يَغْتَفِرْ لِعَدُوِّهِ وَصَدِيقِهِ / ذَنْباً فَتِلْكَ نِهَايَةُ الإحْسَانِ
فَلْيُجْمِلِ اللهُ العَلِيُّ ثَوَابَهُ / وَيُقِرَّهُ فِي خَالِدَاتِ جِنَانِ
تَمْضِي وَذِكْرُكَ مِلءُ كُلِّ جَنَانِ
تَمْضِي وَذِكْرُكَ مِلءُ كُلِّ جَنَانِ / لِلهِ دَرُّكَ من بَعِيدٍ دَانِ
أصْبَحْتَ فِي خُلْدَيْنِ لاَ فِي وَاحِدِ / وَخَلَعْتَ مِنْ ثَوْبَيْكَ مَا هُوَ قَانِ
أيْ مُصْطَفَى مَا لِلْوفُودِ تَبَدَّلُوا / من طَيِّبَاتِ قِرَاكَ بِالأَحْزَانِ
وَفَدُوا لآخِرِ مَرَّةٍ فَتَزَوَّدُوا / أسَفاً وَأقْوَى مَرْبَعُ الضِّيفَانِ
ذَهَبَ القَضَاءُ بِفَاضِلٍ / أمْثَالُهُ يَأتُونَ فِي مُتَبَاعِدِ الأَزْمانِ
عَطِلَتْ حُلًى غَرَّاءُ من أخْلاَقِهِ / كَانَتْ بِهِ تُزْهَى عَلَى التِّيجَانِ
مَنْ بَعْدَهُ مُشْكِي الفَقِيرِ إذا شَكَا / وَعَلَى الضَّعِيفِ إذَا تَظَلَّمَ حَانِي
مَنْ لِلْيَتَامَى بِالكَريِمِ أبِي النَّدَى / بَاتُوا الغَدَاةَ وَيُتْمُهُمْ يُتْمَانِ
مَنْ لِلأَعِزَّةِ إنْ دَهَتْهُمْ ذِلَّةٌ / بسطَتْ لهم يَدَه يَدُ الرحمنِ
فُجِعُوا بِهَجْعَتِهِ وَلَمْ تَكُ قَبْلَهَا / لِتَطُولَ عن بِرٍّ وعن إحْسَانِ
فِي ذِمَّةِ المُولَى عَزِيزٌ جَاءَهُ / بَرَّ الطَّويَّةِ طَاهِرَ الأَرْدَانِ
صَحِبَ الحَيَاةَ وَمَا لَهُ مِنْ حَاسِدٍ / يَوْماً عَلَى النُّعْمَى وَمَا مِنْ شَانِي
صَفْوَ النُّهَى حُرٍّا عَلَى مَا تَبْتَغِي / فِطَنُ الدُّهَاةِ وَهِمَّةُ الشُّجْعَانِ
أسَلِيلَ آلِ المَنْزِلاَوِيِّ الأُولَى / بَلَغُوا مِنَ العَلْيَاءِ أَرْفَعَ شَانِ
مُتَرَسِّماً آثَارَهُمْ مِنْ عِفَّةٍ / وَنَزَاهَةٍ وَتُقًى وَبَسْطِ بَنَانِ
أعَرَفْتَ صَرْحاً مَر فِي تَشْيِيدِهِ / عُمْرٌ فَلَمَّا تَمَّ بَانَ البَانِي
أبْقَى بَنَاءَيْكَ الَّذِي اسْتَوْطَنْتَهُ / فِي اللهِ عَنْ عُرْفٍ وَعَنْ إيمانِ
بَيْتٌ بَلَغْتَ بِهِ اَكَ مُمَتَّعاً / أبداً بِرَحْمَةِ رَبِّكَ المَنَّانِ
جَاءَتْ صَفِيحَتكُمْ وَلَمْ أر شَكْلَهَا
جَاءَتْ صَفِيحَتكُمْ وَلَمْ أر شَكْلَهَا / لَكِنْ عَلِمْتُ بِحُسْنِهَا الفَتَّانِ
وَعَلِمْتُ مَا أغَرَبْ بِكُلِّ مَحَطَّةٍ / مِنْ أنفُسِ النُّظَّارِ وَالأعْيَانِ
يَا حَبَّذَا لَمَعَانُهَا مُتَنَاثِراً / مِنْ حَوْلِهَا يَدعُو بِألْفِ بَنَانِ
يَا حَبَّذَا ذَلكَ العَبِيرُ وَفَتْحُهُ / لِمَغَالِقِ الشَّهَوَاتِ فِي الشَّبْعَانِ
سَارَ القِطَارُ بِهَا يَتِيهُ تَدَلُّلاً / وَيَيُثُّ لاَعِجَ شَوْقه بِدُخَانِ
حَتَّى أتَى مِصْراً بِهَا فَتَطَوَلَتْ / أَيْدٍ لِتَحْمِلَهَا بِغَيْرِ تَوَانِ
رُفِعَتْ عَلَى الأَعْضَادِ يَغْنَجُ خِصْرُهَا / وَتَمِيلُ هَامَتُهَا مِنَ الرَّجْحَانِ
وَتَضُجُّ أرْكَانْ المَحَطَّةِ كُلِّهَا / وَأُنَاسُهَا بِصِياحِ الاسْتِحْسَانِ
حَتَّى إذَا مَا طَنْطَنَتْ أبْنَاؤُهَا / فِي القُطْرِ مَادَ مِنَ الهَوَى الهَرَمانِ
وَتَهَلْلَ النِّيلُ الوَقُورُ مُصفِّقاً / طَرَباً وَمَاجَ بِذَائِبِ العُقْيانِ
وَتَمَادَتِ الأفْرَاحُ مِنْ مِصْرَ إلى / أعْلَى الصَّعِيد إلى ذُرَى أسْوَانِ
النِّيلُ وَالشَّلاَل وَالآثَارُ مِنْ / أقْصَى الزَّمَانِ إلى أجَدِّ إلى أجَدَّ زَمَانِ
وَالنَّاسُ وَالأَرْبَابُ مِنْ مِنْحُوتِهِمْ / وَمُصَوَّتَاتِ الطَّيْر وَالحيَوَانِ
حَمَدُوا جَمِيعاً مَا صَنَعْتَ وَأنْشَدُوا / يَحيَا سَخَاءُ حَبِيبِنَا نُعْمَانِ
حُبَّا دُعَاةً البِرِّ بالإنْسَانِ
حُبَّا دُعَاةً البِرِّ بالإنْسَانِ / وَكَرَامَةً يَا صَفْوَةَ الإخْوانِ
إنْ يُذْكَرِ الْفَضَلُ العَظِيمُ فَحَسْبُكُمْ / جَمْعُ الْقُوَى وَإزَالَةُ الشَّنَانِ
أيُّ اتِّحَادِ كَاتِّحَادِ أعِزَّةٍ / عَقَدُوا خَنَاصِرَهُمْ عَلَى الإحْسَانِ
لَبَّيْكُمُ إنِّي مُجِيبٌ كُلَّمَا / دَاعِي وِفَاقٍ فِي الْبِلاَدِ دَعَاني
أُدَبَاءَ مِصْرَ وَنَابِهِي خُطَبَائِهَا / وَثِقَاتِ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالعِرْفَانِ
إينَاسُكمْ هَذَا الْحِمَى عِيدٌ لَهُ / فِي أَهْله مَعْنًى كَبِيرُ الشانِ
وَأَكَادُ لاَ أُوفِي لَكُمْ شُكْرَانَهَا / لَوْ صُغْتُ آيَاتٍ مِنَ الشُّكْرَانِ
زُمَرٌ بِهَا اسْتَبَقَ السُّرُورُ وَمَجْمَعٌ / زَاهٍ تَقَرُّ بِحُسنِهِ العَيْنَانِ
مَا فِيكِ إلاَّ أُمْةٌ مِصرِيَّةٌ / يَا مِصرُ وَلْيُبْتَرْ لِسَانُ الشَّانِي
نِعْمَ الحِمَى لِمَنِ انْتَمَى وَلِمَنْ نَمَى / مِنْ مَبْدَأِ المَدَيِنَّةِ الهَرَمَانِ
إنْ يَلْقَ فِيكِ الأَجْنَبِيُّ ضِيَافَةً / لَمْ يَلْقَهَا فِي أسْمَحِ البُلْدَانِ
كَيْفَ الأُولَى أَضَحْوَا بَنِيكِ وَمَالَهُمْ / وَطَنٌ سِوَاكِ وَلاَ مَآبٌ ثَاني
ألبَاذِلُونَ لَكِ النُّفُوسَ رَخِيصَةً / وَنَفَائِسَ الدُّنْيَا بِلاَ أَثْمَانِ
وَعَلَى التَّبَايُنِ فِي المَنَابِتِ كُلُّهُمْ / بَرٌّ بِهَا فِي حُبِّهَا مُتَفَانِ
تَاللهِ مَا لِلتَّفْرِقَاتِ وَلاَ القِلَى / أغْلَى الفِدَاءَ أعِزَّةُ الفِتْيَانِ
بَل لِلحَيَاةِ كَرِيمَةً قَدْ حُقِّقَتْ / فِيهَا رَغَائِبُ لِلعُلَى وَأمَانِي
فَلْتَحْيَا مِصْرٌ حُرَّةً تَسْمُو إلى / غَايَاتِهَا فِي غِبْطَةٍ وَأَمانِ
دَاعِي الْوَلاَءِ إذَا دَعَانِي
دَاعِي الْوَلاَءِ إذَا دَعَانِي / سَمْعاً لَهُ فِي كُلِّ آنِ
وَمَسَرَّةً بِأَشَقِّ مَا / يُرْضِي الْبِلاَدَ وَإنْ شَجَانِي
بَأْبَى الْهَوَانَ دَمِي وَفِي / عِزِّ الْحِمَى أهْوَى هَوَانِي
زَيْدَانُ قَدْ آنَسْتَنِي مِنْ وَحْشَةٍ
زَيْدَانُ قَدْ آنَسْتَنِي مِنْ وَحْشَةٍ / مَا كَانَ أَشْوَقَنِي إِلَى زَيْدَانِ
وَإِلَى السُّوَيْعَاتُ الَّتِي ذُقْنَا بِهَا / طِيبَ الحَيَاةِ وَنَحْنُ فِي لُبْنَانِ
تَشْدُو فَتُطْرِبُ مَجْلِساً لأُولِي النُّهَى / جَمَعَ العُلَى فِي مُلْتَقَى إِخْوَانِ