لَبَّيْكَ عنْ سِرِّيَ وَعَنْ إعلاني
لَبَّيْكَ عنْ سِرِّيَ وَعَنْ إعلاني / ما شئتَ منْ بَوْحٍ ومن كتمانِ
شَوْقٌ إليكَ أطَعْتُهُ وأطاعني / لولا النُّهَى لَعَصَيْتُهُ وَعَصاني
وهوىً رفعتُ به لوائي في الهوى / فاليومَ يا عزِّي ويا سلطاني
حيث المكارمُ تحتَ أظلالِ العُلا / والحُسْنُ في بَحْبُوحةِ الإحسان
والخيلُ لاحقةُ البطونِ كأنها / فَضَلاتُ ما جرَّتْ من الأرسان
في غمرة ملء الفضاء حبالها / قِصَدُ القَنَا وجماجمُ الفرسان
يَخْرُجْنَ من خَلَلِ الغبار كأنها / شررٌ تطايرَ من خلالِ دُخان
والموت ممنوع الحريمِ مُبَاحُهُ / قد حانَ بين البِيضِ والأجفان
وأهابَ بالأرواحِ في أجسْادِها / فأتَتْه بين الذلِّ والإذعان
والدهرُ قد هدَّ القلوبَ فأصبحتْ / مشغولةً حتى عن الخَفَقان
قُلُباً ولكنْ إن بَدا لك مَتْحُها / فإلى الرماح ولا إلى الأْشطانِ
وإنِ القلوبُ حَنَتْ عليها فانْتَصِفْ / منها بأمثالِ القلوب حواني
وَهْيَ الوَغَى لا ما تَخَيَّلَ عاجزٌ / جَمَعَ السلاحَ وَعُدَّةَ الأقْرانِ
وإذا المنايا طار عنها فارسٌ / فالأرضُ حتى يستحيل أماني
وعلا ابن زُهْرٍ والكواكبُ دونها / في كلِّ يَوْمَيْ نائلٍ وَطِعَان
المُشْتَفِي الشّافي الحميُّ الحامي / الآمرُ الناهي البعيدُ الداني
رِدْءُ الكتيبةِ خَلْفَها وأمامَها / كالموتِ تلقاهُ بكلِّ مكان
وفتى إيادٍ شيبِها وشبابِها / في كلِّ حادثةٍ وكلِّ أوان
القادرينَ على الوفاءِ ضَمانَهُمْ / حينَ الليالي لا تَفِي بِضَمان
وَمُكَلّلينَ النارَ هاماتِ الربى / في حيثُ ما شُبَّتْ وفي الغِيْطان
قومٌ إذا عَرَضُوا لحملِ أمانةٍ / أيْقَنْتَ أنَّ الفَضْلَ للإنسان
وإذا فُلانٌ عُدَّ سَيّدَ مَعْشَرٍ / زحفوا له منهمْ بأَلْفِ فُلان
هُمْ ضَمَّنوكَ عَناءَ كلِّ سيادةٍ / واسْتنجحوكَ لِسَعْدِ كلِّ قران
واري الزنادِ بدفْعِ كلِّ مُلِمَّةٍ / مُتَصرّفٌ في صَرْفِ كلّ زمان
ركَّابُ أهوالٍ قريعُ حوادثٍ / طلاّبُ أوتارٍ رفيعُ مَبانِ
ركبَ اصطكاكَ الموج في أمثالِهِ / مِنْ حِمْلِهِ المتدافع الأركان
تسمو به حُبْلى عقيمٌ أمكنتْ / بِصُماتِ بكرٍ في هَدَاةِ عوان
من كلِّ حاملةٍ وقلْ محمولةٍ / لو لم تعُمْ عُدَّتْ من الغربان
طَوْعُ الرياحِ أو الرياحُ تُطِيعها / حكمانِ مُتَّفِقانِ مختلفان
فكلاهما فرَسا رهانٍ برّزا / سَبْقاً وإن لم يجريا لِرِهان
تحنو على سُكّانها لا عن هوىً / وتُضِيْعُ أنفُسَهُمْ لغيرِ هَوان
وكأنهم فيها نشاوى قهوةٍ / قد صُرّعوا منها بجامٍ جان
لتحطَّ مِنْ رَضوى إلى ثَهْلانِه / بأجلَّ من رَضْوى ومن ثهلان
إحدى جيادِكَ لو أزارْتها الوَغَى / متهلّلاً والموتُ ذو ألوان
ولو أنَّ ما حَملتك فيه وضعته / مما يُطَلُّ من النجيع القاني
وأتى وعيدٌ من حماك اعتادني / بَعْدَ الهدوِّ فشفَّني وشفاني
ذِكرٌ يكرُّ هواكَ وبين جوانحي / حتى أراكَ على النَّوى وتَرَاني
خطٌّ نَظَمْتَ الدينَ والدنيا به / لو لم يَعُدْني غيرُهُ لكفاني
لَتُطالِعَنَّكَ من ثَنائي أسْطُرٌ / تُزْهى بِسِحْرِ بلاغةٍ وبيان
ولأتركنَّ عداكَ نَهْبَةَ أسْهُمٍ / مما بَرَى قلبي وراش لساني
شكراً لأنْعُمِكَ التي أعْلَتْ يدي / حتَّى تَذَبْذَبَ دونها الفجران
فاسْلَمْ على أخْذِ الزمانِ وَتركِهِ / قَمَرَ النديّ وفارسَ الميدان
واطلبْ أميرَ المؤمنينَ لعزَّةٍ / قعْساء بينَ الأمنِ والإيمان
وقولَّهُ في عَهْدِ كلّ سياسةٍ / هو أوَّلٌ فيها وأنتَ الثاني
وتسنَّما خُطَطَ الفَخارِ وأنتما / أَخَوَان أو قلباكما أخوان