عِيدٌ ووعدٌ صادقٌ لَكَ بالمُنى
عِيدٌ ووعدٌ صادقٌ لَكَ بالمُنى / ولمن شِنِئْتَ وعيدُ صدقٍ بالقَنا
ومُبَشِّرُ الأَيامِ أن تبقى لَهَا / ومبشّرُ الإِسلامِ أن تبقى لَنَا
ولمن مُناهُ أَنء تعيشَ مؤيِّداً / ومؤَيَّداً ومؤمِّناً ومؤمَّنا
ومعظَّماً ومكرَّماً ومحكَّماً / ومسلَّماً ومغنَّماً وممكَّنا
ولعِزِّ مُلْكٍ أنت أكرمُ من نَمى / ولضَنِّ دهرٍ أَنت أَنْفَسُ مَا اقْتَنى
ممَّا نَمى قحطانُ أَكرَمِ نبعَةٍ / مهتزَّةِ الأَغصانِ دانيةِ الجَنى
غنَّاءَ تشدُو من خلائِقِها بِهَا / طيْرٌ تَغَنَّى لِلخَلائِقِ بالغِنى
ولربَّما كانت فروعُ غصونِها / قُضباً مِنَ الهِنْديِّ أَوْ لَدْنَ القنا
أهوى إِلَى الأَعداءِ من عَلَقِ الهوى / وأَدَبُّ فِي مُهَجِ الضَّلالِ من الضنى
لفتىً لَهُ فِي كِسْفِ كل عَجاجَةٍ / قُبَبٌ عَلَى عَمَدِ الخوافِق تبتنى
واختالَ فِي لبسِ الوغى حَتَّى غَدا / منه السناءُ يميس فِي حُلَلِ السَّنا
أَعْدى إِلَى الأَعداءِ من سَهْمٍ رَمَى / عن ملكِهِ وأَحَنُّ من قوسٍ حَنى
حَذِرٌ عَلَى الإِسلامِ أَيْسَرَ مَا اتَّقَى / هَدَرٌ لَهُ فِي الشِّرْكِ أَعظمُ مَا جَنى
بمناقِبٍ نُظِمَتْ جواهِرَ للوَرى / مَا أَجْمَلَ الدنيا بِهِنَّ وأَزينا
ومقادِمٍ فِي يومِ كلِّ كرِيهةٍ / مَا أَقربَ الدنيا لَهُنَّ وأمكنا
حَفِظَ الحياةَ فكانَ أَوْلى باسْمِها / وسَما إِلَى الظَّفَرِ المُعَلَّى فاكتنى
واجتابَ أَثْوابَ النُّهى حَتَّى غَدَتْ / شِيَمُ المكارِمِ كُلُهُنَّ لَهُ كُنى
وسعى إِلَى نيلِ المنى فكأنما / كانت مساعيهِ أَمانِيَ للمُنى
ودَنَتْ لَهُ الآمالُ حَتَّى خيَّلَتْ / أَنَّ النجومَ لَهُ ثمارٌ تُجْتَنى
وتَوالَتِ الأَعيادُ من نعمائِهِ / مَا ينقضي عيد لَنَا إِلّا انثنى
فكأَنَّ هَذَا العيدَ عادَ مُشَكِّكاً / أَنَّا عنِ الأَعيادِ غَيْرَكَ فِي غِنى
أَو غارَ من أَعيادِنا بِكَ فالْتَوَى / بمداهُ حَتَّى كادَ يلحَقُهُ الوَنى
فلَيهْنِ عيدَكَ يَا مُظَفَّرُ شيمةٌ / من عطفِكَ الْتَأَمَتْ بِهِ حَتَّى دنا
وليهنِنا هَذَا وتِلْكَ وبعدَها / ورضاكَ فِي الأَيامِ أَهنأُ مَا هَنا
واسعَدْ بعيدٍ طالما أَعْدَيْتَهُ / عَوْداً بإِحسانٍ فعادَ فأَحسنا
أهدى إِلَيْكَ سلامَ مَكَّةَ فالصَّفَا / فمعالِمِ الحَرَمِ الأَقاصِي فالدُّنا
فمواقِفِ الحجَّاجِ من عَرَفاتِها / فالمَنْحَرِ المشهودِ من شِعْبَيْ مِنى
ومناسِكٍ شاقَتْ مساعِيكَ الَّتِي / أَحْذَيْتَها منها المِثالَ الأَبْيَنا
فَغَدَا نداكَ يُهِلُّ فِي شَرَفِ العلا / لَهِجاً يُلَبِّي ليتَنا ولعلَّنا
وخَلَفْتَ سعْيَ المروتَيْنِ مُعاقِباً / بَيْنَ الندى والبأْسُ سعياً مَا وَنى
ورميتَ بالجَمَراتِ من بَدْرِ اللُّهى / ونَحَرْتَ بُدْنَ العُرْفِ كُوماً بُدَّنا
وغدوتَ تُهدِي للمصلَّى جحفلاً / لسيوفه خَضَعَ الصليبُ وأَذعنا
تهوِي عليها للبنودِ سحائبٌ / بخفوقِها سكنَ الشقاقُ وأَسْكَنا
جُنُحاً إِلَى أَرضِ العداةِ تغيُّظاً / وجوانِحاً للمسلمينَ تَحَنُّنا
فأَرَيْتَ هَذَا العيدَ عِزَّةَ مالكٍ / متذلِّلاً لإِلهِهِ مُتَدَيِّنا
ورآكَ فِي هَدْيِ الصَّلاةِ مُكَبِّراً / ومهلِّلاً وبحمدِ ربِّكَ مُعلِنَا
فرآك وسْطَ الخيل أحسن مَا رأى / حسناً ووسطَ الخيرِ منه أَحْسَنا
ورأَى جبينَكَ للرِّياسَةِ فِتَنْةً / ورأَى يمينَكَ بالمحامِدِ أَفْتَنا
ثُمَّ انصرفْتَ عن الصلاةِ مشيَّعاً / ومقدَّراً فيكَ الهدى ومُكَوَّنا
والأرضُ تُشْرِقُ دارِعاً ومُغَفَّراً / والسُّبْلُ تَشْرَقُ داعِياً ومُؤَمِّنا
فثنيتَ أَجيادَ الجيادِ مُعَرِّجاً / وثَنَيْتَ سَمْعَكَ نحوَ أَلسِنَةِ الثَّنا
في مشهدٍ أَنْدى نَدِيٍّ بالنَّدى / وأَحقَّ بالمِنَنِ الجزيلةِ لِلْمُنى
والعِيدُ يُقْسِمُ مَا رأى أَهْدى الهُدى / والمُلْكَ جامِعَ شمْلِهِ إِلّا هُنا
فلئِنْ رأَى فِي الدهرِ جَوْهَرَ سؤْدُدٍ / من بعدِها فقدِ اسْتَبانَ المَعْدِنا
وليَعْمُرَنَّ بذكرِ مجدِكَ أَعصُراً / ويُبَشِّرَنَّ بطولِ عمرِكَ أزمنا
يا مُدْنِيَ الأملِ البعيدِ وإِنْ نَأَى / ومُبَعِّدَ الخطبِ الجليلِ وإِن دَنا
ومُسَلِّيَ الغرباءِ عن أَوْطانِهِمْ / حَتَّى تَبَوَّأَ كلَّ قلبٍ موطِنا
ومنِ احْتَذَى من كلِّ بانٍ للعُلا / مَثَلاً وَلَمْ يُغْفِلْ عِمارَةَ مَا بَنى
حسبي رسولُ اللهِ فيكم أُسْوَةً / إِذ عاد من مُضَرِيِّكُمْ فَتَيَمَّنا
قَلِقَتْ بِهِ أَوْطانُهُ من ظاعِنٍ / لَمْ يُلْفِ فِي عدنانَ عنكمْ مَظْعَنا
فاختارَكُمْ ربُّ السماءِ لحِرْزِهِ / ولِعِزِّهِ ولِحِزْبِهِ أن يُفْتَنا
ولرَحْلِهِ ولأَهلِهِ أَحْبِبْ بِهِ / سكناً لكُمْ وبكمْ إِلَيْهِ مَسْكَنا
فوفيتمُ ورعيتمُ وسعيتمُ / وحميتمُ الإِسلامَ حَتَّى استَيْقَنا
وبذلتمُ عنه نفوساً حُرَّةً / لإِبائِها دانَ الضلالُ ودُيِّنا
وسللْتُمُ منها سيوفاً بَرَّةً / بمضائِها بانَ اليقينُ وبَيَّنا
فبها ضَرَبْتُمْ كلَّ موهوبٍ عَتا / وبها فَكَكْتُمْ كلَّ مَرْهَونٍ عَنا
وبها شَفَيْتُمْ قَرْحَ دهرٍ عَضَّنا / وبها جَلَوْتُمْ خطبَ ضَرٍّ مَسَّنا
وبها بلغْتُكَ يَا مُظَفَّرُ مُسْهِلاً / فِي كلِّ لامعةِ السرابِ ومُحزِنا
وبها وَصَلْتُ ظلامَ ليلٍ هادياً / بسناكَ لي وصباحَ هَمٍّ مُدْجِنا
ظُلَمٌ كَأَنَّ نجومَها وبدورها / بعثَتْ علينا للحوادِثِ أَعْيُنا
وطوارِقٌ كانت أَضاليلُ الفلا / والبحرِ فِي الظلماءِ منها أَهونا
حَتَّى بلغتُ بك المُنى إِلّا الحَصى / إِذ لَمْ تُقَيَّضْ لي بشكرِكَ أَلْسُنا
ولسبعةٍ مع مثلِهِمْ أَنا كَلُّهُمْ / فِي النَّائِباتِ وَلَيْسَ كُلُّهُمُ أَنا
فاسلَمْ لهمْ وليَهْنِهِمْ منكَ الرِّضا / ولْيَهْنِكَ الأَملُ البعيدُ ويَهْنِنا
ولتَفْدِ نفسَكَ يَا مُظَفَّرُ أَنفُسٌ / مِنَّا متى تَغْلِقْ بِرَهْنٍ تفدِنا
بنَدىً إِذَا غَصَّ الغمامُ يَعُمُّنا / ويدٍ إِذَا شعِثَ الزمانُ تلُمُّنا
فالله يعصِمُها ويعصِمُنا بِهَا / ويقِي البلادَ بِهَا ويفديها بِنا