المجموع : 8
وعِصَابَةٍ قَطَفَتْ رُؤُوسَهُمُ الظُّبى
وعِصَابَةٍ قَطَفَتْ رُؤُوسَهُمُ الظُّبى / قَطْفَ البَنَانِ أزَاهِر البُسْتَانِ
غَدَرُوا ومَا شَعروا بأَنَّ وَرَاءَهم / لِلْحَقِّ أَنْصَاراً عَلَى البُهْتَانِ
فَانْظُرْ إِلى هَامَاتِهِمْ مُسْوَدَّةً / كَالليْلِ غَيْرَ بَوَارِقِ الأَسْنَانِ
لاحَتْ مِنَ السُّورِ المُنِيفِ بِصَفْحَة / بَيْضَاءَ كَالشَّامَاتِ والخِيلانِ
كَرَّتْ سَوافِحُ عَبْرَتِي أَشْجَانِي
كَرَّتْ سَوافِحُ عَبْرَتِي أَشْجَانِي / فنُضُوبُ طَرْفِي لامْتِلاء جَنَانِي
وَمِن العَجائِبِ أن يَدُلَّ علَى الهَوى / مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى السُّلْوَانِ
عَكْسَ الحَقائِق في الهَوى مُتَعَارَفٌ / فَتَرَى الأُسُودَ قَنَائِصَ الغِزْلانِ
ولَقَدْ نَظَرْتُ فَلَمْ أَجِدْ أقْوَى عَلَى / غَصْبِ النُّهَى مِنْ فَاتِرِ الأجْفَانِ
يا مَنْ لَها خُلْفُ المَوَاعِدِ عَادَةٌ / أمِنَ الوَفاءِ سُطاكَ بِالهَيْمَانِ
أَرْدَفْتِ في هَجْرِي كَرِدْفِكِ غِلْظَةً / وشَبِيهُ خِصْرِكَ رِقَّةً جُثْمَانِي
باللَّهِ قُولِي يَا ابْنَةَ الأَقْيال مَا / هَذَا العِقابُ وَمَا أنَا بِالجَانِي
هَلا أَبَحْتِ مِنَ الرِّضَى مَمْنُوعَه / إنَّ الحِسَانَ مظنَّةُ الإحْسَانِ
أمّا هَوَاكِ فَعَنْ سِوَاك مُكَتَّمٌ / والسِّرُّ عِنْدَ الحُرِّ فِي كِتْمَانِ
لا تَحْسَبِي أنِّي جَنَحْتُ لِسَلْوَةٍ / أنَّي وَما بِي جَلَّ عَنْ حُسْبَانِ
هَذا عِنانِي في يدَيْكِ وإنَّما / فازَتْ يَدَايَ بأَنْ مَلَكْتِ عنَانِي
بِأبِي التِي قَرَنَتْ مَحاسِنُ خدِّهَا / باليَاسَمِينِ شَقَائِقَ النُّعْمَانِ
وَتَبَسَّمَتْ عَن وَاِضحاتِ لآلِئٍ / مَغْرُوزَةٍ في فَائِقِ المَرْجانِ
ولَئِنْ رَنَتْ بِلَوَاحِظٍ من نَرْجسٍ / فَلَقَدْ عَطَتْ بأَنَامِلِ السُّوسانِ
ما عابَها إِلا قَسَاوَةُ قَلْبهَا / مَعَ أَنَّهَا لِيناً كغُصْنِ البَانِ
لَوْ أنَّ سُودَ جُفونِها بِيضٌ إذَنْ / زَحَفَتْ بِهَا الفُرْسَانُ لِلْفُرْسانِ
عَمِدَتْ إِلى أَخْذِي ويا عَجَباً لها / أَيُؤَاخَذُ المَفْتُونُ بالفَتَّانِ
لَجَّتْ فَتُعْرِضُ عن يَقينِ صَبابَتي / لِلعاذِلاتِ يَجِئْنَ بالبُهْتَانِ
ولَرُبَّما حَظِيَ الرَّسولُ بِوَصْلِها / ولِقائِها وحَظِيتُ بالحِرْمانِ
أنَا في هَواها مِثلُها في حُسنِها / تاللَّهِ ما لي فِي العلاقَةِ ثانِي
فَإِذا تُعَدِّد عذْرَةٌ عُشَّاقَها / كُنْتُ المُقَدَّمَ في أخيرِ زَمَانِ
لا تَشْمَتُوا بِيَ إنْ ذَلَلْتُ لِعِزِّها / فَهَوى الغَواني أَصْلُ كُلِّ هَوانِ
ولَقَد أتِيهُ عَلى المُلوكِ بأَنَّنِي / لِلْمُرْتَضَى يَحْيَى مِنَ العِبْدانِ
للَّهِ سُوسانٌ تَرَاكَبَ نَوْرُهُ
للَّهِ سُوسانٌ تَرَاكَبَ نَوْرُهُ / فَأَتَى بِما أعْيَا علَى الحُسْبَانِ
يَحْكِي ثُرَيا أُسْرِجَتْ كَاسَاتُها / في جَمْعِهِ وَرِقاً إِلَى عِقْيانِ
لا تَعْجَبوا لِمُؤَلَّقٍ مِنهُ بَدا / كَسَوالِفٍ رُكِّبْنَ في جُثْمانِ
سَعِدَتْ لِمَوْلانا البَسيطَةُ فاقتَدَى / فيها النَّباتُ بِإِلفةِ الحَيَوانِ
زَارَ الْحَيَا بِمَزِارِهِ الْبُسْتَانَا
زَارَ الْحَيَا بِمَزِارِهِ الْبُسْتَانَا / وأَثَارَ منْ أزْهَارِهِ ألْوَانا
فَغَدَا بهِ وبِصِنْوِهِ يَخْتَالُ في / حُلَلِ النَّضَارَةِ مُونِقاً رَيَّانا
وَيَمِيسُ أفْنَاناً فَتُبْصِرُ خُرَّداً / تَثْنِي القُدودَ لَطَافَةً وَلِبَانا
وكَأَنَّمَا الأدْوَاحُ فِيهِ مَفَارِقٌ / بِلِبَاسِهَا قَطْرُ النَّدَى تِيجَانا
وَكَأَنَّمَا رَام الثَّنَاءُ فَلَمْ يُطِقْ / فَشَدَتْ بِهِ أطْيَارُهُ أَلْحَانا
مِنْ كُلِّ مُفْتَنِّ الصَّفِيرِ قَدِ ارْتَقَى / فَنَناً فأَفْحَمَ خَاطِباً سُحْبَانا
هِيَ عَادَةٌ لِلْمُزنِ يَحْفَظُ رَسْمَهَا / حِفْظَ الأَميرِ العَدْل والإِحْسَانا
أَسْرَى إِلى النِّسْرينِ يُرْضِعُهُ النَّدى / وَيُهِبُّ طَرْفَ النَّرْجسِ الوَسْنانا
وَحَبَا العَرَارَ بِصُفْرَةٍ ذَهَبِيَّةٍ / رَاعَتْ فَتَاه بكمِّهَا فَتَّانا
وَدْقٌ تَوَلَّدَ عَنهُ وَقْدٌ في الرُّبَى / لأَزَاهِرٍ طَلَعَتْ بِهَا شُهْبَانا
تِلْكَ الأَهَاضِيبُ اسْتَهَلَّتْ دِيمَةً / فَكَسَى الهِضَابَ النَّوْرُ وَالغِيطَانا
شَرِقَتْ بِعارِضِها المُلِثِّ وأشْرَقَتْ / للَّهِ أَمْوَاهٌ غَدَتْ نِيرَانا
يَا حَبَّذا خَضِل البَهَار مُنَافِحاً / بِأرِيجِهِ الخَيْرِيِّ وَالرّيْحَانا
وَالآسُ يَلْتَثِمُ البَنَفْسَجَ عارِضاً / واليَاسَمِينُ يُغازِلُ السَّوسَانا
والرِّيحُ تُرْكِضُ سُبَّقاً منْ خَيْلِها / في رَوْضَةٍ رَحُبَتْ لَها مَيْدانَا
هَوْجَاءُ تَسْتَشْرِي فَيُلْقِحُ مَدُّها / هَيْجَاءَ تُنْتِجُ حَبْرَةً وأَمانا
حَرْباً عَهِدْتُ أزَاهِراً وَمَزَاهِراً / أوْزَارَها لا صَارِماً وَسِنانا
يَغْدُو الحَليمُ يُجَرِّرُ الأذْيالَ مِنْ / طَرَبٍ هُناكَ ويُسْبِلُ الأرْدانا
وكَأنَّما هابَ الغَدِيرُ هُبُوبَهَا / فَاهْتاجَ مِقْداماً وَكَعَّ جَبَانا
يُبْدِي مُعَنَّاها الثَّباتَ وإنَّما / يُخْفِي جَناناً يَصْحَبُ الرَّجْفَانا
وَاهاً لَهُ لَبِسَ الدِّلاصَ كَأَنَّما / يَخشَى مِنَ القَصَبِ اللِّدانِ طِعانا
واسْتَلّ مِنْ زُرْقِ المَذانِبِ حَوْلَهُ / قُضُباً تَرَقْرَقُ كالظُّبَى لَمَعَانا
سالَتْ تَفُذّ الهَمَّ لَيْسَتْ كالتِي / صَالَتْ تَقُدُّ الهامَ والأَبْدَانا
وَكأَنَّما كانُونُ مِمَّا صَفَّ مِنْ / نُورٍ ونَوْرٍ واصِفٌ نِيسانا
قَد حلَّتِ الحَمَلَ الْغَزَالَةُ عَادَةً / خُرِقَتْ وإنْ لم تَبْرَحِ المِيزانا
فِي دَوْلَة أَتَّتْ وفَتَّتْ مِنْ جَنَى / مَعْرُوفها ما نَاسَبَ العِرْفانا
غَرَّاءُ تُطْلِعُ لِلْبَسالَةِ والنَّدَى / وَجْهَيْنِ ذا جَهْماً وَذا جَذْلانا
لا غَرْوَ أنْ حَسُنَ الوُجودُ فإنَّهُ / لَمَّا أَطاعَ لَها وَخَفَّ ازْدَانا
يا مَصْنَعاً بَهَرَتْ مَحاسِنُهُ النُّهى / فَسَمَا ذَوَائِبَ إذْ رَسَا أَرْكانا
لَمَّا بَنَوْا شُرُفاتِهِ مِنْ فِضَّة / جَعَلُوا أَدِيمَ قِبابِهِ عِقْيانا
سَدِرَ الخَوَرْنَقُ والسَّدِيرُ لِحُسنِهِ / وَأَنَّى لَهُ أَنْ يُنسِيَ الإيوَانا
إِنِّي لأَحْسبُهُ مِنَ الفِرْدَوْسِ مُذْ / أبْصَرْتُهُ لِلْمُتَّقِينَ مَكانا
وَكَأَنَّ سَيِّدَنا الإمَامَ أَتَى بِها / عَمْداً لِيُرغِب في الجِنانِ جَنانا
فَمَقالُهُ أَرْشِدْ بِهِ وَفِعالُهُ / مِمَّا يَزيدُ قُلوبَنا إِيمانا
ولَطالَما اعْتَمَدَ الْمَراضِيَ دائِباً / فاشْتَدَّ في ذاتِ الإلَهِ وَلانا
إِنَّ الإمامَةَ صورَة أَضْحَى لَها / يَحْيَى لِساناً صَادِقاً وَجَنانا
مَلِكٌ بِيُمْناه الخَلاصُ عَلى الوَرَى / أنْ يُخْلِصُوا الإسْرارَ والإعْلانا
آلاؤُهُ كَالرَّوْضِ حَيَّتْهُ الصَّبا / لا يَسْتَطيعُ لِنَشْرِهِ كِتْمانا
وَإِذا يَلوذُ بظِلِّهِ الجَبَّارُ لَمْ / تُحْرِقْهُ شُهْبُ رِماحِهِ شَيْطانا
مَيْمُونَةٌ أَيَّامُهُ مِنْ شَأنِها / أنْ تُذْهِبَ البَغْضَاءَ والشَّنَآنا
عَمَّ الصَّباحُ العالَمِينَ فَأَصْبَحُوا / طُرّاً بِنِعْمَةِ رَبِّهِم إِخْوانا
لَمَّا اسْتَعانَ بِهِ الهُدَى فَأَعانَه / لانَتْ لَهُ أزْمانُهُ أَعْوانا
خَضَعَتْ لَهُ صِيدُ الْمُلوكِ وَشُوسُها / وتَعَوَّضَتْ مِنْ بَأْوِها الإذْعَانا
هَذِي الطُّغاةُ لأَمْرِهِ مُنقَادَةٌ / فَكَأَنَّها لَمْ تَعْرِفِ الطُّغْيَانا
عَرَبٌ وعُجْمٌ يَلْثِمُونَ بِساطَهُ / وكَفَى عَلى تَمْكِينِهِ بُرْهانا
يَهْنِي الإمَامَ المُرْتَضَى سُلْطانُهُ / أَنْ فَاتَ أمْلاكَ الدُّنَى سُلْطانا
الجُودُ يَنْفَعُ في الوُجودِ وَلَنْ تَرَى
الجُودُ يَنْفَعُ في الوُجودِ وَلَنْ تَرَى / مَنْ يَكْفُرُ النّعْمَى سِوَى الإنْسَانِ
فإِذا رَأَيْتَ مِن الأَكارِمِ مُحْسِناً / فَاحرزْ علَيهِ آفَةَ الإِحْسانِ
يا سَيِّداً غَمَرَ الوُجُودَ بِجُودِهِ
يا سَيِّداً غَمَرَ الوُجُودَ بِجُودِهِ / فَقَضاهُ بَعْضَ الحَمْدِ كُلُّ لِسانِ
تُنْمَى إِلى رَجَبٍ عُلاكَ تَفَرُّداً / وَحُلاكَ طِيبَ شَذىً إلى نِيسانِ
أنْتَ الحُسَامُ لِيُنْتَضَى مِنْ غمْدِهِ / فَيَقُطَّ هَامَةَ كَافِرِ الإِحْسَانِ
تاللَّهِ أسْنَاها يَداً مَنْسِيَّةً / يَوْمِي وفِي أَمْسِي أَبَتْ نِسْيانِي
مَا ضَرَّها أنْ لَمْ تَكُنْ جَفْنِيَّةً / لَوْ كُنْتُ في الإِحْسَانِ مِنْ حَسَّانِ
غَلَبَتْ عَلَيَّ لِبُعْدِكُمْ أَشْجانِي
غَلَبَتْ عَلَيَّ لِبُعْدِكُمْ أَشْجانِي / وَجَفا الكَرَى مِنْ بَعْدِكُمْ أَجْفانِي
وَتَضَرَّمَتْ بَيْنَ الجَوَانِحِ لَوْعَةٌ / إِطْفاؤُها أَعْيَا عَلى الطُّوفانِ
هَيْهاتَ يَدْنُو الصّبْرُ مِنِّيَ بَعْدَهَا / وأَنَا البَعيدُ الأَهْلِ والأَوْطَانِ
لَوْ أنَّ ثَهْلاناً تَحَمَّلَ بَعْضَ ما / حُمِّلْتُهُ خَرَّتْ ذُرَى ثَهْلانِ
أَسْرٌ وقَسْرٌ لا قَرَارَ عَلَيْهِما / وَتَغَرُّبٌ عَنْ أسْرَتِي ومَكَانِي
هَذا وَكَمْ أَثْناء هَذا مِنْ أَسىً / فَضَح العَزَاء ومِنْ هَوىً وَهَوانِ
ويَهُونُ ذَلِكَ لِلْفِراقِ وطَعْمِهِ / إنَّ الفِراق هُوَ الحِمامُ الثَّانِي
جدّد لنيّتك القصيّة نيّةً
جدّد لنيّتك القصيّة نيّةً / فكأن بمحتوم الردى قد كانا
وانظر لنفسك راشداً أودع فكم / تربٍ إلى الترب استقلّ وبانا
بالموت ينتَبِهُ الفتى من غفلةٍ / صحبتهُ طول حياته وسنانا
يا بؤسَ للدنيا الدنية ضرّجَت / بدمائه مستبسلاً وجبانا
لو أنّ صرعى ليلها ونهارها / حسبوا لفاتوا العدّ والحسبانا
بين اضطراب واضطرامٍ كلّ من / يرجو مكاناً ساكنا وزمانا
لا تأمنِ الأيّام واخش صروفها / فلرُبّ عزّ صيّرَته هوانا
وعلى خلائقها الخلائق ركبوا / أو ما ترى أوفاهم خوّانا
كم ضامنٍ لك منهم إخلاصهُ / فإذا استحالت يستحيلُ ضمانا
بأبي بصيرٌ بالزمان وأهله / قطعَ الأنام وواصلَ الرحمانا
ما راهن الزهاد إلّا فاتهُم / سبقاً وأحرزَ كيف شاء رهانا
أخلق به والناس يوم العرض / من خوف سكارى أن يفيق أمانا