المجموع : 8
طالَ النَوى حتى تقطَّعتِ المُنى
طالَ النَوى حتى تقطَّعتِ المُنى / وضَنيتُ حتى رقَّ لي قلبُ الضَّنى
والقلبُ ضاقَ بوَجدِهِ عن صبرِهِ / حتى يَرُودُ ولا يُصادِفُ مَسكِنا
دُمْ والْقَنا كالبَدرِ يا شبهاً لهُ / في البُعدِ عنَّا والتَنَقُّلِ والسَّنَى
إني على الحالَينِ لا أنساكَ في / عُمري ولو أوشكْتُ أنسى مَن أنا
ولقد ذكرتُكَ فاضطربتُ مهابةً / وطَرِبتُ فاشتُقَّ النُواحُ من الغِنا
فبكيتُ حتَّى ما بكيتُ لِفاقةٍ / من أدمُعي والدَّمعُ يُدرِكُهُ الفَنا
وَوَدِدْتُ لو أبكي البُكاء لأنَّهُ / يشفي القلوبَ ولو أضرَّ الأعيُنا
ولقدْ رَكِبتُ الشِعرَ حتى مَلَّني / ومَلِلتُهُ فأسأْتُ فيهِ وأحسَنا
وخَلائقُ الرُّوح الأمينِ تقودُني / كَرْهاً وتَظلِمُني بإِنشادِ الثَّنا
صِفَةٌ يضيقُ بها الزَّمانُ وهِمَّةٌ / تَرَكتْ بها الأيامُ داءً مُزمِنا
ما كلُ من قالَ القصائدَ شاعرٌ / هيهاتِ يَطعنُ كلُّ من حَمَلَ القَنا
عَزمَ الشِهابُ على النزولِ بموطِنٍ / يوماً فكانَ البُرجُ يَصلُحُ مَوْطِنا
قد صارَ ساحلُ بحرِنا بحراً بهِ / ها مَجمَعُ البحرينِ أصبحَ عِندَنا
لا تحسُدوا مِصراً لفائِضِ نيلها / أَلنيلُ في مِصرٍ وراحتُهُ هُنا
تحيا البلادُ بهِ فلو هنَّأْتَهُ / يوماً بها قالَتْ لنا ولكَ الهنا
شهمٌ إذا أخنى الزَّمانُ بأهلهِ / عَصَمتْهُ نفسٌ لا يُراوِدها الخَنا
وإذا حَوَى الأموالَ كان كتاجرٍ / يبغي النَّفاقَ مُعجَّلاً ما أمكَنا
شَرَفٌ على كَبِدِ الوَدَاعةِ نازِلٌ / ذَهَبَتْ إليهِ مَذَهباً مُستحسنا
ولَطائِفٌ وُصِف النسيمُ بمِثلها / في ظِلِ بأْسٍ قد أرَدنَ تحَصُّنا
يا رُكنَ دَوْلةِ آلَ قيسصٍ قد صَبَت / قَيسٌ على يمنٍ إليكَ تَيَمُّنا
كانت تنُوخُ لها ذِرَاعاً أيسَراً / قِدَماً وكُنتَ لها الذّرَاعَ الأَيمنا
لاذَتْ بساحتِكَ الوُفودُ وأطبَقَتْ / مثلَ ازدِحامِ الحجِّ في وادي مِنَى
فيكَ الرَّجاءُ ومنكَ كلُّ كرامةٍ / وعليكَ كلُّ مُعَوَّلٍ وبكَ الغِنى
قامَتْ لِهَيبَتِها غُصونُ البانِ
قامَتْ لِهَيبَتِها غُصونُ البانِ / مثل الجنودِ بحَضْرةِ السُّلطانِ
وأتى الهَزازُ يحومُ فَوقَ قَوامِها / إذ ظنَّهُ غُصناً بِرَوضِ جِنانِ
بَدَويَّةٌ في طَرْفِها سهمٌ بلا / وَتَرٍ على رُمحٍ بغيرِ سنانِ
أبدَتْ خُدُوداً كالدِّماءِ فما افترَى / منْ قالَ تلكَ شَقائِقُ النُّعمانِ
يا رَبَّةَ الحُسنِ العزيزِ نراكِ قد / غرَّبتِ عاشقَهُ بكلِّ مكانِ
إنَّ الغريبَ ذليلُ نفسٍ خاملٌ / كالشِّعرِ عندَ سِوَى بني رَسلانِ
قَومٌ تُساقُ إلى تَنوخَ فروعهُمُ / وأُصولُهُم تَرقى إلى قَحطانِ
غِلْمانُهُم مثلُ الشُّيوخِ نباهةً / وشيوخُهُم في البأسِ كالغِلْمانِ
يَجدُ الوُفودُ من الكرامةِ عندَهُم / ما يَذهلونَ بهِ عن الأوطانِ
ويُخاطبونَ بكلِّ فنٍّ أهلَهُ / فكأنَّ واحدَهم بألف لِسانِ
لهم السِّيادةُ في العِراقِ تطرَّقَتْ / منهُ على نُوَبٍ إلى لُبنانِ
في حِيرةِ العَرَبِ القديمةِ وَحشةٌ / منهم كشوقِ مَعرَّةِ النُّعمانِ
دَرَجوا إلى غَربِ البلادِ كما سَعَتْ / سَيَّارةُ الأفلاكِ في الدَّوَرانِ
فإذا بذاكَ الغربِ أحسنُ مَشرِقٍ / يبدو لنا من أُفقِهِ القَمَرانِ
قَمَرانِ حَيدَرُ منهما أزكى أبٍ / لأجلِّ نجلٍ مُلحمِ بنِ فُلانِ
أزكى أبٍ وأجلُّ نجلٍ فيهما / شِيَمُ العُلَى استَبَقَتْ كخَيلِ رِهانِ
نِعْمَ الأميرانِ اللذانِ كِلاهما / ذو الأمرِ بالمعروفِ والإحسانِ
الفاضلانِ العاملانِ الكاملا / نِ القائمانِ بطاعةِ الرحمانِ
لا تحسبوني مادحاً بل راوياً / أروي الوقائعَ عن جَلِيِّ عِيانِ
أروي كما أدري واترُكُ سامعي / يُثني فليسَ يُهِمُّني الأمرانِ
قد قامَ رَبُّ الدَّارِ في أوطانِهِ
قد قامَ رَبُّ الدَّارِ في أوطانِهِ / وجَرَى الجَوادُ هُناكَ في مَيدانِهِ
واخضَرَّ ما قد جَفَّ من نَبْتِ الرُّبَى / فجرَت مياهُ الخِصبِ في عِيدانِهِ
عاد الرَّبيعُ إلى الدِّيارِ بزَهرهِ / كزَمانِهِ بعدَ انقضاءِ زَمانِهِ
وأفادهُ سَعدُ الشِّهابِ نَضارةً / في آبَ لم تَخطُرْ على نَيْسانِهِ
أتَتِ الوِلايةُ أهلَ منَصبِها الذي / لا يستحي أحَدٌ بلثمِ بَنانِهِ
للمجدِ في لُبنانَ بيتٌ شامخٌ / آلُ الشِّهابِ الرأسُ من أركانِهِ
قومٌ لهم شَرَفٌ قديمٌ من مَدَى / زَمَنٍ عَصى التأريخَ حِفظُ أوانِهِ
لو هَمَّ نُسَّابُ الحِجازِ بضبطِهِ / بَلغَ السِّياقُ بهِ إلى عَدنانِهِ
كم قاطفٍ للزَّهرِ من عُرضِ الفَلا / يا مَن قطفتَ الزَّهرَ من بُستانِهِ
مَن كانَ مِن نسلِ البشيرِ فذاكَ لم / تَكُنِ الممالِكُ فوقَ رِفعةِ شانِهِ
ذاكَ الذي ضَبَطَتْ عِنانَ بِلادِهِ / يَدُهُ كما ضَبَطَت عِنانَ حِصانِهِ
قد كان يُطفي الماءُ جمرةَ غيرهِ / والماءُ يُحرِقُهُ لَظَى نِيرانِهِ
وقد اقتبستَ خِصالَهُ وصفاتَهُ / من حيثُ كُنتَ نشأتَ في دِيوانِهِ
والأصلُ يجري في الفُروعِ زكاؤُهُ / فيُولِّدُ الأثمارَ في أغصانهِ
سُرَّت بمَنصبِكَ البِلادُ لأنَّهُ / في طالعٍ بالسَّعدِ عَقْدُ قِرانِهِ
ما زالَ يُهديكَ الهَنا بكتابهِ / مَن ليسَ يُمكنُهُ الهَنا بلِسانِهِ
أهلاً بعائدةٍ أتت تَشفيني
أهلاً بعائدةٍ أتت تَشفيني / فهِيَ الطَّبيبُ لِعلَّتي وشُجُوني
جاءت كنافحةٍ لمِسْكِ تحيَّةٍ / من أرضِ مِصرٍ ليسَ من دارِينِ
أهدَى إليَّ بها لبيبٌ عاقلٌ / فأصابَ أجراً ليسَ بالممنونِ
سلَّى بها قلبي عن السقَّمَ الذي / مِنهُ نَحِلتُ فصِرتُ كالعُرجونَ
لله يا صافِي الفُؤادِ كأنَّهُ / من فِضَّةٍ لا مِن لَوازبِ طِينِ
يزدادُ فيهِ كلَّما طالَ المَدَى / حُبٌّ تحرَّكَ في مَقامِ سُكونِ
لكَ منَّةٌ جارتْ عليَّ بثِقْلِها / كالدَّين أثقَلَ كاهِلَ المَدْيونِ
قصَّرتُ دونَكَ عِندَ جَرْيكَ مُحرِزاً / قصَبَ السِّباقِ من المحبَّة دُوني
بيني وبينكَ شُقَّةٌ قَرُبَت على / قلبي وإن بَعُدَت إِزاءَ عُيوني
وإذا تألَّفتِ القُلوبُ تقرَّبت / مِن دارِ قُطْرِ الشَّامِ دارُ الصِّينِ
يا حُسنَها داراً لكَثرةِ وَفدِها
يا حُسنَها داراً لكَثرةِ وَفدِها / قُسِمتْ لَهم أبياتُها شَطرينِ
فإذا كفَى التأريخُ يوماً غيرَها / يأتي مُؤرِّخُها بتأريخينِ
قد سرَّ يُوسُفَ وفدُ جِبريلَ الذي
قد سرَّ يُوسُفَ وفدُ جِبريلَ الذي / بكَرامةِ البُشرَى أجادَ وأحسنَا
فأفادَنا التَّاريخُ صِدقَ كلامِهِ / جِبريلُ بَشَّرَ بالمَسَرَّةِ والهَنا
هذا الضَّريحُ لجُرجُسِ الصَبَّاغِ قد
هذا الضَّريحُ لجُرجُسِ الصَبَّاغِ قد / أبقى رميمَ الجسمِ فيهِ قاطِنا
ذاكَ الكريمُ الفاضلُ الشَّهمُ الذي / قد كانَ في كلِّ الفضائلِ راهِنا
في يومِ عيد الشَّيخِ سِمعانَ ارتَقى / شيخاً وكان لهُ هُناكَ مُقارِنا
فأشارَ مَعْهُ لمن يؤرّخُ عامَهُ / قد أبصَرَتْ عيني خلاصَ إِلاهِنَا
ذَهَبَ السَّعيدُ عزيزُ مصرٍ طالباً
ذَهَبَ السَّعيدُ عزيزُ مصرٍ طالباً / عرشَ السَّماءِ فسادَ في الحالَينِ
في تُربةٍ كتبَ المؤرّخُ فوقَها / نالَ السَّعيدُ سَعادةَ الدَّارَينِ