المجموع : 4
لا تسألِ الكذابَ عن نياتِهِ
لا تسألِ الكذابَ عن نياتِهِ / مادامَ كذاباً عليكَ لسانهُ
ينبيكَ ما في وجههِ عن قلبهِ / إن الكتابَ لسانهُ عنوانهُ
ما لي أراكَ مغاضباً
ما لي أراكَ مغاضباً / من غيرِ ذنبٍ كانَ مني
فإذا كتبتُ إليكَ مع / تذراً أحلتَ على التجني
ما كانَ ظني يا أخي / أنء سوفَ يخطئُ فيكَ ظَني
ضنتْ وما أنا لو تشاءُ ضنينُ
ضنتْ وما أنا لو تشاءُ ضنينُ / والبخلُ إلا في الحسانِ يشينُ
أهواكِ مانعةً وكلُّ مليحةٍ / ليستْ ممنعةَ الوصالِ تهونُ
حسبُ المتيمِ منكِ وحيَ فؤادهِ / إنَّ القلوبَ على القلوبِ عيونُ
وألذُ ما كانَ الخيالُ زيارةً / إنْ كانَ يخفى مرّةً ويبينُ
قالوا بخلتِ وما بخلتِ وإنما / وصلُ المليحةِ في الجفاءِ ثمينُ
نسختْ معاني البخلِ يسرى أحمدٍ / وأتْ بشرعِ الجودِ منهُ يمينُ
أحيا الأولى كنّا نرى أسماءَهم / وغدا يرينا الجودَ كيفَ يكونُ
وسمتْ بهِ مصرٌ على بغدادِ مذ / كانتْ وكانْ بقصرها هارونُ
ورأى لديهِ المالَ بحراً زاخراً / فغدتْ أناملهُ وهنَّ سفينُ
والقومُ ذو فقرٍ يقلبُ كفهُ / وأخو غنى بنعيمهِ مفتونُ
هذا يرنحهُ الأنينُ وذاكَ في / سكراتهِ يهفو بهِ التلحينُ
قل للذينَ استأثروا بكنوزهم / ما كانَ بعدَ كنوزهِ قارونُ
أنفوا مساعدةَ الضعيفِ وربَّما / خدموا البهائمَ والجنونُ فنونُ
واستحجرتْ راحاتُهم فكأنها / صخرٌ وإن فلقوهُ ليسَ يلينُ
والمجدُ أقتلُ ما يكونُ هزالهُ / أما رأيتَ الكيسَ وهوَ سمينُ
ضلُّوا وأحمدُ بينَهم يدعوهُمُ / أو بعدَ أحمدَ للمكارمِ زَيْنُ
نيلانِ في مصرٍ فذلكَ قد جرى / ماءً وهذا عسجداً ولُجينُ
والنفسُ إن تعزُ الفضائلَ أفلحتْ / كالماءِ يسقاهُ فيحيا الطينُ
يا أحمداً أقرضتَ ربّكَ والسرا / ةَ يئنُّ تحتَ رباهمُ المسكينُ
والدهرُ أطماعٌ وفيهِ حفرةٌ / سيانَ فيها الألفُ والمليونُ
وبنيتَ من كلِّ الضمائرِ منزلاً / هو منكَ ما بقيَ الورى مسكونُ
كالشمسِ من فوق السماءِ محلها / وشعاعُها تحتَ الثرى مخزونُ
ورفعتَ صوتكَ بالمكارمِ جهرةً / تدعو الأنامَ وللسراةِ طنينُ
والشرقُ إن خربتْ نفوسُ رجالهِ / فلربَّ كنزٌ تحتها مدفونُ
قد كنتُ أبخلُ بالقريضِ وإنني / ليعزُّ عندي اللؤلؤُ المكنونُ
فأريتني ديوانَ مجدكَ شامخاً / فحلا لأشعاري بهِ التدوينُ
شعرٌ أفاضَ عليهِ نوركَ مسحةً / فكأنَّهُ صُوَرٌ بها تلوينُ
ما إن يقاسُ بهِ سواهُ وليسَ في / سلكِ الزبرجدِ ينظمُ الزيتونُ
كثرتْ ظنونُ المادحينَ فقولهمْ / ظنٌّ وهذا المدحُ فيكَ يقينُ
بأبي الذي كتبت يداه تحيتي
بأبي الذي كتبت يداه تحيتي / وكسا الكلامَ بنعسةِ الأجفانِ
وأرى محاسنهُ على ألفاظهِ / ودموع عينيهِ على العنوانِ
وكأنما كانَ اللسانُ يراعَهُ / ومدادُه من مهجةِ الولهانِ
فكتابهُ عندي وكتْبي عندهُ / غنجُ الحبيبِ وآهةُ الثكلانِ