القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعْتوق المُوسَوِيّ الكل
المجموع : 4
هذا العَقيقُ وتلكَ شُمُّ رِعانِهِ
هذا العَقيقُ وتلكَ شُمُّ رِعانِهِ / فاِمزُجْ لُجينَ الدّمعِ منْ عِقْيانِهِ
واِنزِل فثَمَّ مُعرَّسٌ أبداً ترى / فيهِ قُلوب العِشقِ مِن رُكْبانِهِ
وَاِشمُمْ عَبيرَ تُرابِهِ واِلْثِمْ حَصىً / في سَفحِهِ اِنتثَرتْ عُقودُ جُمانِهِ
واِعدِل بنا نحوَ المُحصَّبِ مِنْ مِنىً / واِحْذَرْ رُماةَ الغُنجِ مِن غِزلانِهِ
وتوَقَّ فيه الطّعنَ إمّا مِن قَنا / فُرسانِهِ أو مِن قُدودِ حِسانِهِ
أكرِمْ بهِ من مَربَعٍ منْ وَردِهِ ال / وَجَناتُ والقاماتُ من أغصانِهِ
مَغنىً إذا غنّى حَمامُ أرَاكِهِ / رَقَصَتْ به طَرباً معاطِفُ بانهِ
فلكٌ تنزّلَ فهوَ يُحسَبُ بُقعةً / أوَ مَا ترى الأقمارَ منْ سُكّانِهِ
خَضَبَ النّجيعُ غَزالَهُ وهِزَبْرَهُ / هذا بِوَجنَتهِ وذا بِبَبانِهِ
فلَئنْ جَهلْتَ الحَتْفَ أين مقرُّهُ / سَلني فإنّي عارفٌ بمكانهِ
هو في الجفونِ السّودِ من فَتياتهِ / أو في الجفونِ البيضِ منْ فِتيانهِ
مَنْ لي برُؤيةِ أوجُهٍ في أوجِه / حجبَ البِعادُ شُموسَها بعَنانهِ
بيضٌ إذا لعبتْ صَباً بذُيولِها / حملَ النّسيمُ المِسْكَ في أرْدانهِ
عمدَتْ إلى قَبسِ الضُحى فتبرْقَعتْ / فيه وقنّعَها الدّجى بدُخانهِ
من كلِّ نيّرةٍ بتاجِ شَقيقِها / قمرٌ تحفُّ به نجومُ لِدانهِ
وَهبتْ لهُ الجوزاءُ شُهبَ نِطاقِها / حَلْياً وسوّرَها الهِلالُ بحانهِ
هذي بأنْصُل جَفْنِها تسطو على / مُهَجِ الأُسودِ وذاكَ منْ مُرّانهِ
يفترُّ ثَغرُ البرقِ تحتَ لِثامِها / ويَسيرُ منها الغَيْثُ في قُمصانهِ
كمَنَ النُحولُ بخَصْرِها وبسيْفِه / والموتُ من وَسْنانِها وسِنانِهِ
في الخِدرِ منها العِيسُ تحملُ جُؤذراً / ويُقلُّ منه الليثُ سَرْجَ حِصانهِ
قَسَماً بسَلْعٍ وهْيَ حِلفةُ وامِقٍ / أقصاهُ صَرْفُ البَيْنِ عنْ جيرانِهِ
ما اِشْتاقَ سمْعي ذِكرَ منزلِ طَيْبةٍ / إلّا وهِمْتُ بِساكِني ودْيانهِ
بلدٌ إذا شاهَدْتَه أيْقَنتَ أن / نَ اللّهَ ثمّن فيهِ سبعَ جِنانهِ
ثغرٌ حمَتْهُ صِفاحُ أجفانِ المَهى / وتكلّفَتْهُ رِماحُ أُسْدِ طِعانهِ
تُمسي فراشُ قُلوبِ أرْبابِ الهَوى / تُلْقي بأنفُسِها على نيرانهِ
لوْلا رِواياتُ الهَوى عن أهلِه / لمْ يَروِ طَرفي الدّمعَ عن إنسانهِ
لا تُنكِروا بحَديثهِمْ ثَملي إذا / فضّ المُحدّثُ عن سُلافةِ حانهِ
همْ أقرَضوا سَمعي الجُمانَ وطالبوا / فيهِ مَسيلَ الدّمعِ منْ مُرجانهِ
فإلامَ يَفجعُني الزّمانُ بفَقْدِهمْ / ولقد رأى جَلَدي على حِدْثانهِ
عَتبي على هذا الزّمان مُطوَّلٌ / يُفضي إلى الإطْنابِ شرحُ بَيانهِ
هَيهاتِ أنْ ألقاهُ وهْوَ مُسالِمي / إنّ الأديبَ الحُرَّ حَرْبُ زَمانهِ
يا قَلبُ لا تَشْكُ الصّبابةَ بَعْدَما / أوْقعتَ نَفسَكَ في الهوى وهَوانهِ
تَهوى وتَطمَعُ أن تفِرَّ من الهَوى / كيف الفِرارُ وأنت رهنُ ضَمانهِ
يا للرِّفاقِ ومَن لمُهجةِ مُدْنَفٍ / نِيرانُها نزَعَتْ شوى سلوانهِ
لم ألْقَ قبلَ العِشْقِ ناراً أحرَقَتْ / بَشَراً وحُبُّ المُصْطفى بجَنانهِ
خيْرِ النّبِيّينَ الّذي نَطَقَتْ بهِ الت / توراةُ والإنجيلُ قبلَ أوانِهِ
كهفُ الوَرى غيثُ الصّريخِ مَعاذُهُ / وكَفيلُ نجدَتِهِ وحِصْنُ أمانهِ
المُنْطِقُ الصّخْرَ الأصمَّ بكفّهِ / والمُخْرسُ البُلَغاءَ في تِبيانهِ
لُطفُ الإلهِ وسرُّ حكمَتهِ الّذي / قد ضاقَ صدْرُ الغيْثِ عنْ كِتْمانهِ
قِرْنٌ بهِ التّوحيدُ أصبحَ ضاحِكاً / والشِّركُ مُنتحباً على أوْثانهِ
نسخَتْ شرائعُ دينهِ الصُّحفَ الأُلى / في مُحكَمِ الآياتِ منْ فُرقانهِ
تُمسي الصّوارمُ في النّجيعِ إذا سَطا / وخُدودُها مخضوبةٌ بدِهانهِ
ما زال يَرقُبُ شخصُهُ الآفاقَ في / طَرْفٍ تحامى النّومُ عنْ أجفانهِ
وجِلاً يظنّ النومَ لَمْعَ سُيوفهِ / ويرى نُجومَ الليلِ منْ خِرْصانهِ
قلبُ الكَميّ إذا رآهُ وقدْ نَضا / سيفاً كقُرطِ الخوْدِ في حُلْقانهِ
ولَرُبَّ مُعترَكٍ زَها روضُ الظُّبى / فيهِ وسُمْرُ القُضْبِ منْ قُضْبانهِ
خضَبَ النّجيعُ قَتيرَ سَردِ حَديدهِ / فشَقيقُهُ يَزهو على غُدْرانهِ
تبكي الجِراحُ النُجلُ فيه والرّدى / مُتبسّمٌ والبيضُ منْ أسنانهِ
فتَكَتْ عوامِلُهُ وهُنّ ثَعالبٌ / بجوارحِ الآسادِ منْ فُرسانهِ
جِبريلُ منْ أعوانهِ مِيكالُ مِنْ / أخدانهِ عِزريلُ منْ أعوانهِ
نُورٌ بَدا فأبانَ عنْ فلَقِ الهُدى / وجَلا الضّلالةَ في سَنى بُرهانهِ
شهِدَتْ حَواميمُ الكِتابِ بفضْلهِ / وكفى بهِ فخراً على أقرانهِ
سلْ عنهُ ياسينا وطهَ والضُحى / إنْ كُنتَ لم تَعلَمْ حَقيقةَ شانهِ
وسَلِ المَشاعرَ والحَطيمَ وزَمزَماً / عن فخرِ هاشمِهِ وعن عِمرانهِ
يَسمو الذّراعُ بأخْمَصَيْه ويهبِطُ ال / إكليلُ يَستجدي على تِيجانهِ
لو تَستجيرُ الشمسُ فيه منَ الدُجى / لَغدا الدُجى والفجرُ منْ أكفانهِ
أوْ شاءَ منعَ البدرِ في أفلاكهِ / عن سيرِهِ لم يَسْرِ في حُسبانهِ
أو رامَ منْ أفُقِ المجرّةِ مَسْلكاً / لجَرَتْ بحَلْبَتهِ خُيولُ رِهانهِ
لا تَنفُذُ الأقدارُ في الأقطارِ في / شيءٍ بغَيرِ الإذْن من سُلطانِهِ
اللّهُ سخّرَها لهُ فجَموحُها / سَلِسُ القِيادِ لديهِ طوْعُ عِنانهِ
فهو الّذي لولاهُ نوحٌ ما نَجا / في فُلكِهِ المَشحونِ منْ طُوفانهِ
كَلّا ولا مُوسى الكَليمُ سَقى الرّدى / فِرعَونَهُ وسَما على هامانهِ
إنْ قِيلَ عرشٌ فهوَ حاملُ ساقهِ / أو قيلَ لوحٌ فهْوَ في عُنوانهِ
رَوْحُ النّعيمِ ورُوحُ طُوباهُ الّذي / تُجنى ثِمارُ الجودِ منْ أفنانهِ
يا سَيّدَ الكَونينِ بل يا أرْجَحَ الث / ثقلينِ عندَ اللَّه في أوزانهِ
والمُخْجِلَ القَمرَ المُنيرَ بتِمّهِ / في حُسنهِ والغيثَ من إحسانهِ
والفارسَ الشّهْمَ الّذي غَبراتُهُ / من ندّهِ والسُمرُ من رَيْحانهِ
عُذراً فإنّ المدْحَ فيكَ مُقَصِّرٌ / والعبدُ مُعتَرفٌ بعجزِ لِسانهِ
ما قَدرُهُ ما شِعرهُ بمَديحِ مَنْ / يُثني عليهِ اللّهُ في قُرآنهِ
لَولاكَ ما قطعَتْ بيَ العِيسُ الفَلا / وطَوَيْتُ فَدْفَدَهُ إلى غِيطانهِ
أمّلْتُ فيكَ وزُرتُ قبرَكَ مادحاً / لأفوزَ عندَ اللَّهِ في رِضوانهِ
عبدٌ أتاكَ يقودُهُ حُسنُ الرّجا / حاشا نَداكَ يعودُ في حِرمانهِ
فاِقبَلْ إنابَتَهُ إليكَ فإنّهُ / بكَ يستقيلُ اللَّهَ في عِصيانهِ
فاِشفَعْ لهُ ولآلهِ يومَ الجَزا / ولوالِدَيْهِ وصالحي إخوانهِ
صلّى الإلهُ عليكَ يا مَوْلى الوَرى / ما حنّ مُغتَرِبٌ إلى أوطانهِ
ما الرّاحُ إلّا رَوْحُ كلِّ حَزينِ
ما الرّاحُ إلّا رَوْحُ كلِّ حَزينِ / فأزِلْ بخَمْرَتِها خُمارَ البينِ
واِستَجْلِها مثلَ العَروس توقّدَتْ / بعُقودِها وتخلْخَلَتْ بِبُرينِ
واِقْطِفْ بثغرِك وَرْدَ وَجنَتِها على / خدِّ الشقيقِ ومَبسمِ النِسرينِ
واِلثِم عَقيقةَ مِرشَفَيْها راشِفاً / منها ثَنايا اللؤلُؤِ المَكنونِ
روحٌ إذا في فيكَ غابَتْ شمسُها / بزَغَتْ منَ الخدّينِ والعَينينِ
قبَسٌ يُغالِطُنا الدُجى رأدَ الضُحى / فيها ويَصدقُ كاذِبُ الفَجْرَينِ
ما زفّها السّاقي بطائرِ فضّةٍ / إلّا وحلّقَ واقِعَ النّسْرَيْنِ
حاكَتْ زُجاجةُ كأسِها القنديلَ إذ / مِشكاتُها اِتّقدَتْ بلا زَيتونِ
تبدو فيبدو الأفْقُ خدَّ عشيقةٍ / واللّيل لمّة عاشقٍ مَفتونِ
مبنيّةٌ بفَمِ النّزيفِ مَذاقُها / كرُضابِ لَيلى في فم المجنونِ
بِكرٌ إذا ما الماءُ أذهبَ بَرْدَها / صاغَ الحُبابُ لها سِوارَ لُجينِ
لو كان في حوضِ الغمام محلُّها / لجرى العقيقُ من السحابِ الجونِ
أو لو أُريقَتْ فوقَ يَذبُلَ جرعةٌ / منها لأصبحَ معدِنَ الراهونِ
ومُضارِعٍ للبَدرِ ماضٍ لحظُه / متستّرٌ فيه ضَميرُ فُنونِ
رشأٌ غدَتْ حركاتُ كَسرِ جُفونِه / تَبني على فتحِ السُهادِ جُفوني
روحي له وقْفٌ وألْفُ يَمينِه الْ / مَمْدود مَقصورٌ عليه حَنيني
مهموزُ صُدغٍ كم صحيحِ جوىً غدا / بلَفيفِه يَشكو اِعتِلال العينِ
متفقّهٌ بوِصالِه متوقّفٌ / ويرى القطيعةَ من أصولِ الدينِ
رُؤياهُ مِفتاحُ الجمال وخَصرُهُ / تلخيصُ شرحِ مطوّلِ التّحسينِ
حيّا بزَورَتِه خُلاصةَ صُحبةٍ / وبَدا فأبرزَ مَشرِقَ الشمسينِ
واِفتَرَّ مُحتسياً لها فأبانَ عن / بَرقَينِ مُبتسمين عن سِمطينِ
وشَدا وطافَ بها فأحيا ميّتَ الْ / عُشاقِ في راحَين بل روحَينِ
مَنْ لي بوصلِ مَهاةِ خِدرٍ فارَقَتْ / عيني وظبيٍ أفْلَتَتْهُ يَميني
للّهِ أيّامُ الوِصالِ وحبّذا / ساعاتُ لهوٍ في رُبى يَبرينِ
مَغنىً بحبِّ الساكنين يَسوغُ لي / نظْمُ النسيبِ ونثرُ دُرّ شُؤوني
لا زال يبتسمُ الأقاحُ به ولا / برِحَ الشقيقُ مضرَّجَ الخدّينِ
أحوى كأنّ مياههُ ريقُ الدُمى / وهَواهُ أنفاسُ الحِسانِ العِينِ
ضاهى عُيونَ الغانياتِ بنَرْجِسٍ / وسَما على قاماتِها بغُصونِ
فلكَمْ رشَفْتُ على زُمُرُّدِ رَوضِهِ / زمَنَ الشّبابِ عقيقةَ الزّرجونِ
وأمِنْتُ بأسَ النّائِباتِ كأنّما / برَكاتُ أمسى كافلِي وضَميني
سامي الحقيقة لا يحسُّ نزيلُه / بحوادثِ التّقديرِ والتّكوينِ
بَشَرٌ يريكَ البحرَ تحت رِدائِه / والبدرَ فوقَ سريرهِ المَوضونِ
غيثٌ بنوّارِ الشقيق إذا سَما / تزهو رياضُ المُقتِر المَديونِ
قاضٍ بأحكام الشريعة عالِمٌ / بقواعدِ الإرشادِ والتبيينِ
عدلٌ تحكّم في البلاد فقامَ في / مَفروضِ دينِ اللَّه والمَسنونِ
بلغَ الكمالَ وما تجاوزَ عُمرُه / عشراً وحاز المُلْكَ بالعِشرينِ
خطبَ المعالي بالرِّماحِ فزُوّجَتْ / بكرُ العُلا منه بلَيثِ عرينِ
تلْقى العِدا والوفْدُ منه إذا بدا / تِيهَ العزيزِ وذلّةَ المِسكينِ
سمْحٌ لمن طلبَ الإفادة باسطٌ / ببنانِه وبيانهِ كنزَيْنِ
ما مدَّ راحتَهُ وجادَ بعِلمِه / إلّا اِلتقَطنا لُؤلُؤَ البَحرينِ
لو بالبلاغةِ للنبوّةِ يدّعي / لَغدا وما قُرآنُه بعِضينِ
من مَعشرٍ لهمُ على كلِّ الوَرى / شرَفُ النجومِ على حصى الأرضينِ
سامٍ لمُنصُلِه وشِسْعَيْ نَعلِه / فخرُ الهِلال ورِفعةُ الشّرطينِ
همسَتْ بأصوات الطُغاة فكاد أنْ / لا يستهلَّ بهم لِسانُ جَنينِ
وتيقّنتْ بالثُّكلِ بيضُهمُ فلو / قدرَتْ لما سمَحَتْ لهم ببَنينِ
غضّتْ جلالتُه العيونَ وربّما / نظرتْ إليه فحِرْنَ في أمرَينِ
قبَسٌ جرى بيَدَيْهِ جدولُ صارمٍ / وغَمامةٌ حملَتْ شِهابَ رُدَيْني
عفُّ المآزِر كم ذُكورُ نِصالِه / فيه اِستباحتْ من فُروجِ حُصونِ
قَيلٌ يُصان لديه جوهرُ عِرضِه / والجوهرُ العِرضيُّ غيرُ مَصونِ
لو أنّ كعباً جاءَ يطلبُ ثأرَهُ / لكَبا بسابقةٍ عِثارَ حَرونِ
يُمسي الفقيرُ إذا أتاه كأنّما / غَصَبَ الغِنى من راحتَيْ قارونِ
مَولىً يلوذُ المُذنِبونَ بعَفوِه / ويفُكُّ قيدَ المُجْرمِ المَسجونِ
يا حاديَ العَشرِ العُقولِ وثاني الد / دهرِ المَهولِ وثالث القمَرَينِ
والثابتَ المِغوارَ والقِرْنَ الّذي / لا تستقرّ سُيوفُه بجُفونِ
فلقد أنارَ اللَّه فيكَ نهارَنا / وجَلا الظلامَ بوجهِك المَيمونِ
وكَسا بك الدنيا الجمالَ وزيّن ال / أيّامَ من علياكَ في عِقدَيْنِ
وأبانَ رُشدَ عِبادِه بك فاِهتدَوا / بعد الضّلالِ بأوضحِ النّجدَينِ
فتهنَّ بالعيدِ المُبارك واِغتَنِمْ / أجرَ الصيام وبهجةَ الفِطرَينِ
واِلبَس جَلابيبَ العُلا وتدرّعِ الن / نصْرَ العزيزَ وحلّةَ التّمكينِ
واِستجلِ من فكري عَروساً ما لَها / كُفُؤٌ سواكَ بسائِرِ الثَّقَلَيْنِ
وأبيكَ يا مَنْ حُكِّمَتْ بيَمينه / بيضُ العَطايا في رِقابِ العينِ
لولا حيا كفّيكَ ما حيّا الحَيا / رَوضي ولا ساحَتْ بطاحُ مَعيني
كلّا ولا نِلتُ النّعيمَ ولا نجَتْ / روحي العزيزةُ من عذابِ الهُونِ
بلغَتْ مدى الأقصى لديكَ مطالبي / وأصابتِ الغرَضَ البَعيدَ ظُنوني
لي في معانيكَ اِعتقادُ وِلاً فلَو / كُشِفَ الغِطا ما اِزدادَ فيك يَقيني
ضربوا القِبابَ وطنّبوها بالقَنا
ضربوا القِبابَ وطنّبوها بالقَنا / فمَحَوا بأنجُمِها مصابيحَ المُنا
وبَنوا الحِجالَ على الشّموسِ فوكّلوا / شُهْبَ السُّهاءِ برَجْمِ زوّارِ البِنا
وجلَوْا بتيجانِ التّرائِبِ أوجُهاً / لو قابلَتْ جيشَ الدُّجنّةِ لاِنْثَنا
وجرَوْا إلى الغايات فوقَ سوابِقٍ / لو خاضَ عِثيَرَها النهارُ لأوهَنا
للّهِ قومٌ في حبائِلِ حُسنِهم / قنصوا الكَرى لجفونِهم من عِندنا
غُرٌّ رَبارِبُهُم وأُسْدُ عرينِهم / سلّوا المَنونَ وأغمدوها الأجفُنا
إن زارَهُم خصْمٌ عليه نضوا الظُّبا / أو مُدنفٌ سلّوا عليهِ الأعيُنا
لم تلقَهُم إلّا وفاجاكَ الرّدى / من جَفنِ غُصْنٍ هُزَّ أو ريمٍ رَنا
تُثْنى الظُّبا تحتَ السّوابِغِ منهُمُ / سُمرَ الرِّماحِ وفي الغلائِلِ أغصُنا
من كلِّ محتجِبٍ تبرّجَ في العُلا / أو كُلِّ سافِرةٍ يحجِّبُها السّنا
نُهدى بلَمعِ نُصولِهم لوصولِهم / ونرى ضِياءَ وجوهِهم فتصُدَّنا
قسَماً بقُضْبِ قُدودِهم لخُدودِهم / كالوردِ إلّا أنّها لا تُجتَنى
كم مات خارجَ حيّهم من مُدنَفٍ / والروحُ منه لها وجودٌ في الفَنا
أسكنْتُهُم بأضالِعي فبُيوتُهم / بطُوَيلعٍ وشُموسُهُم بالمُنْحَنا
يا صاحِ إن جِئتَ الحجازَ فمِلْ بِنا / نحو الصّفا فهَوايَ أجمعُهُ هُنا
فتّشْ عَبيرَ ثَراهُ إن شِئتَ الثّرى / فالدُّرُّ حيثُ به نثَرْنا عتْبَنا
واِنشُدْ به قلبي فإنّ مُقامَه / حيثُ المَقامُ به الحجونُ إلى مِنى
وسلِ المضاجِعَ إن شكَكْتَ فإنّها / منّا لَتَعْلَمُ عفّةً وتديُّنا
يا أهلَ مكّةَ ليت مَنْ فلَقَ النّوى / قسمَ المحبّةَ بالسّويّةِ بينَنا
أطلقْتُمُ الأجسامَ منّا للشّقا / ولديكُمُ الأرواحُ في أسرِ العَنا
أجفانُكُمْ غَصَبَتْ سَوادَ قُلوبِنا / وخُصورُكم عنهُ تعوِّضُنا الضّنا
عن رِيّ غُلَّتِنا منعتُم زمزَماً / ورمَيتُمُ جَمَراتِ وجدِكمُ بِنا
ظبياتُكُم أظمأنَنا وأُسودُكم / بجداوِلِ الفولاذِ تمنعُ وِرْدَنا
ما بالُ فجرِ وصالِكُم لا ينجلي / وقُرونُكم سلبتْ ليالي بُعدِنا
أبِزَعْمِكُم أنّا يغيّرُنا النّوى / فوَحقِّكُم ما زالَ عنكمُ عهدُنا
أنخونُكُم بالعَهدِ وهْو أمانةٌ / قبضَتْ خَواطِرُنا عليهِ أرهُنا
أُخفي مودَّتَكُم فيظهَرُ سرُّها / والرّاحُ لا تَخفى إذا لَطُفَ الإنا
بِكُمُ اتّحدْتُ هَوىً ولو حيَّيْتُكُمْ / قلتُ السلامُ عليّ إذ أنتمْ أنا
للّه أيّامٌ على الخَيْفِ اِنقضَتْ / يا حبّذا لو أنّها رجعَتْ لنا
أيّامُ لهْوٍ طالما بوُجوهِها / وضَحَتْ لنا غُرَرُ المحبّةِ والهَنا
وسَقى الحيا غدَواتِ لذّاتٍ غدَتْ / فيها غُصونُ الأُنسِ طيّبةَ الجَنا
وظِلالَ آصالٍ كأنّ نسيمَها / لأبي الحسينِ يهُبُّ في أرَجِ الثَنا
ملِكٌ جلالتُه كَفَتْهُ وشأنُه / عن زينةِ الألقابِ أو حَلْيِ الكنى
سمْحٌ إِذا أثنى النّباتُ على الحيا / قصدَ المَجازَ بلفظِهِ ولهُ عَنا
قِرْنٌ لديه قِرى الجُيوشِ إذا به / نزلوا فُرادى الظّعنِ أو حِزبٍ ثُنا
للفخرِ جَرْحاهُ تلَذُّ بضَرْبه / والبُرُّ يُرضي الجُرْبَ في ألَم الهَنا
تُمسي بأفواهِ الجِراحِ حرابُه / تُثْني عليه تظنُّهُنَّ الألسُنا
سجدَتْ لعزْمتِه النِصالُ أمَا تَرى / فيهنّ من أثَرِ السُجودِ الإنحِنا
وهوَتْ عواليه الطِعانَ فأوشَكَتْ / قبلَ الصّدورِ زجاجُها أن تطعَنا
بيتُ القصيد من المُلوكِ وإّما / يأبى عُلاه بوزنِهم أن يُوزَنا
يَصبو إلى نُجُبِ الوفودِ بسَمْعِه / طَرَباً كما يَصبو التّريفُ إلى الغِنا
متسرِّعٌ نحو الصّريخِ إذا دعا / مترفِّقٌ فيه عن الجاني وَنا
فالوُرْقُ تُشفِقُ منه يُغرِقُها النّدى / فلِذاكَ نلجأُ في الغُصونِ لتأمَنا
والنارُ من فزَعِ الخُمودِ بصوبِه / فزِعَتْ إلى جوفِ الصخورِ لتكْمُنا
والمُزْنُ من حسدٍ لجودِ يَمينه / تَبكي أسىً وتظنُّها لن تَهتِنا
بطلٌ تكادُ الصّاعِقاتُ بأرضِه / حذَراً لصوتِ الرّعدِ أن لا تُعلِنا
لو أكرَمَ البحرُ السّحابَ كوَفدِه / للدُّرِّ عنّا كادَ أن لا يخْزُنا
أو يَقتَفيهِ البدرُ في سعي العُلا / لم يرضَ في شرفِ الثُريّا مَسكنا
أو بِعْنَ أنفُسَها الأهلّةُ صفقةً / منه بنعلِ حذائِه لن تُغبَنا
حُرِسَتْ عُلاهُ بالظُّبا ففُروجُها / تحكي البُروجَ تحصُّناً وتزيُّنا
لا يُنكِرَنّ الأفْقُ غبطَتَهُ لها / أوَ ليسَ قد لَبسَ السّوادَ تحزُّنا
تقفُ المنيّةُ في الزّحامِ لديه لا / تسعى إلى المهجاتِ حتّى يأذَنا
نفذَتْ إرادَتُه وألقَتْ نحوَهُ الد / دُنيا مقاليدَ العُلا فتمكّنا
فإذا اِقتضى إحداثَ أمرٍ رأيُه / لو كان ممتنِعَ الوجودِ لأمكَنا
يا مَنْ بطَلعَتِهِ يَلوحُ لنا الهُدى / وبيُمنِ رؤيتِه نَزيدُ تيمُّنا
ما الروحُ منذُ رحلْتَ إلّا مُهجةٌ / بكَ تُيِّمَتْ فخُفوقُها لن يَسْكُنا
أضناهُ طولُ نَواكَ حتّى أنّه / دلّ النحولُ على هَواهُ وبرهَنا
أخفى الهُدى لمّا اِرتحَلْتَ منارُه / فحلَلْتَ فيه فلاحَ نوراً بيّنا
قد كنتَ فيه وكان صُبحاً مشرِقاً / حتّى اِرتحلْتَ فعاد ليلاً أدكَنا
سلبَ البلا مُذ غِبْتَ ملبَسَ أرضِه / فكسَتْهُ أوبَتُكَ الحريرَ ملوَّنا
فارَقْتَه فأباحَ بعدَك للعِدى / منهُ الفُروجَ وجِئتَه فتحصّنا
أمسى لبُعدِكَ للصّبابةِ مَحزَناً / والآن أصبحَ للمسرّةِ مَعْدِنا
لا أوحشَ الرحمنُ منكَ رُبوعَهُ / أبداً ولا برحَتْ لمجدِكَ موطِنا
مولاي لا برِحَ العِدى لكَ خُضَّعاً / رَهَباً ودانَ لك الزّمانُ فأذْعنا
هبْ أنّهم سألوكَ فاِحسِنْ فيهم / لِرِضا الإلهِ فإنّه بكَ أحسَنا
لا تعجبنّ إذا اِمتُحِنْتَ بكَيدِهم / فالحُرُّ ممتَحَنٌ بأولادِ الزِّنا
فاِغضُضْ بحِلمِكَ ناظراً متيقّظاً / واِجْمَعْ لرأيكِ خاطِراً متفطِّنا
واِغفِرْ خطيئَةَ مَنْ إذا عُذْراً بَغى / وهْو الفَصيحُ غَدا جباناً ألْكَنا
إنّي لأعْلَمُ أنّ عنكَ تخلُّفي / ذَنْبٌ ولكنّي أقولُ مُضمِّنا
أضحى فراقُك لي علَيْهِ عُقوبةً / ليس الّذي قاسَيْتُ منه هيّنا
لا زالَ فيكَ المجدُ مبتهِجاً ولا / فَجعَتْ بفُرقَتِكَ العُلا نُوَبُ الدُّنا
ضحكَتْ فبانَ لنا عُقودُ جُمانِ
ضحكَتْ فبانَ لنا عُقودُ جُمانِ / فجلَتْ لنا فلقَ الصّباحِ الثّاني
وتزحْزَحَتْ ظُلَمُ البراقِعِ عن سَنى / وجَناتِها فتثلّثَ القَمَرانِ
وتحدّثَتْ فسمِعْتُ لفظاً نُطْقُه / سحرٌ ومعناهُ سُلافةُ حانِ
ورنَتْ فجرّحَتِ القُلوبَ بمُقلةً / طرْفُ السِّنانِ وطرفُها سِيّانِ
وترنّمَتْ فشدَتْ حمائِمُ حَليِها / وكذاكَ دأبُ حَمائِمِ الأغصانِ
لم تلْقَ غُصْناً قبلَها من فِضّةٍ / يهتزُّ في ورَقٍ من العِقْيانِ
عربيّةٌ سعدُ العشيرةِ أصلُها / والفَرْعُ منها من بَني السّودانِ
خودٌ تُصوَّبُ عندَ رؤيةِ خدِّها / آراءُ مَنْ عكَفوا على النّيرانِ
يبدو محيّاها فلولا نُطْقُها / لحَسِبْتُها وثَناً من الأوثانِ
لم تصلِبِ القُرْطَ البريَّ لغايةٍ / إلّا لتنصُرَ دولةَ الصُّلبانِ
وكذاك لم تضْعُفْ جُفونُ عُيونِها / إلّا لتَقوى فِتنةُ الشيطانِ
خلخالُها يُخفي الأنينَ وقرطُها / قلِقٌ كقَلْبِ الصّبِّ في الخَفقانِ
تهوى الأهلّةُ أن تُصاغَ أساوِراً / لتحِلَّ منها في محلِّ الجاني
بخِمارِها غسَقٌ وتحت لِثامِها / شفَقٌ وفي أكمامِها الفَجرانِ
سُبحانَ مَنْ بالخدِّ صوّر خالَها / فأزانَ عينَ الشّمسِ بالإنسانِ
أمرَ الهَوى قلبي يَهيمُ بحبُّها / فأطاعَهُ ونَهَيْتُه فعَصاني
هيَ في غَديرِ الشّهْدِ تخزِنُ لؤلؤاً / وأُجاجُ دَمْعي مخرَجُ المرجانِ
كثُرَتْ عليَّ العاذِلونَ بها فلَو / عدّدْتُهم ساوَوْا ذُنوبَ زَماني
يا قلبُ دعْ قولَ الوُشاةِ فإنّهُم / لو أنصَفوكَ لكُنتَ أعذرَ جانِ
أصحابُ موسى بعدَه في عِجْلِهم / فُتِنوا وأنتَ بأملَحِ الغِزلانِ
عذُبَ العَذابُ بها لديّ فصحّتي / سُقْمي وعِزّي في الهَوى بهَواني
للّهِ نُعمانُ الأراكِ فطالَما / نعِمَتْ به روحي على نُعْمانِ
وسَقى الحَيا بمنىً كِرامَ عشيرةٍ / كفَلوا صيانتَها بكُلِّ أمانِ
أهلُ الحميّةِ لا تزالُ بُدورُهم / تحمي الشّموسَ بأنْجُمِ الخِرصانِ
أُسْدٌ تخوضُ السّابِغات رماحُهُم / خوضَ الأفاعي راكِدَ الغُدْرانِ
تَروى بهم رُبْدٌ كأنّ سِهامَهم / وهَبَتْ لهنّ قوادِمَ العِقْبانِ
كم من مطوّقةٍ بهم تَشدو على / رَطْبِ الغُصونِ ويابِسِ العِيدانِ
لانَتْ معاطِفُهم وطابَ أريجُهم / فكأنّهم قُضُبٌ من الرّيْحانِ
من كلِّ واضحةٍ كأنّ جَبينَها / قبَسٌ تقنّع في خِمارِ دُخانِ
ويْلاهُ كم أشقى بهِم وإلى متى / فيهِم يخلَّدُ بالجَحيمِ جَناني
ولقد تصفَّحْتُ الزّمانَ وأهلَهُ / ونقَدْتُ أهلَ الحُسْنِ والإحسانِ
فقَصَرْتُ تَشبيبي على ظَبَياتِهم / وحصَرْتُ مَدْحي في عليِّ الشّانِ
فهُمُ دَعوني للنّسيبِ فصُغْتُه / وأبو الحُسَيْنِ إلى المَديحِ دَعاني
ملِكٌ عليّ إذا همَمْتُ بمَدْحِه / تُملي شمائِلُه بَديعَ مَعاني
جارَيْتُ أهلَ النّظْمِ تحتَ ثَنائِه / فتَلَوْا وحلْبَتُهُم خُيولُ رِهانِ
مضمونُ ما نثرَتْ عليّ بنانُه / ولِسانُه أبرَزْتُه ببَيانِ
ناجَيْتُه فتشرّفَتْ بكلامِه / أُذُنُ الكَليمِ وحُلَّ عَقْدُ لِساني
سَمْحٌ إذا ما شِئْتَ وصفَ نَوالِه / حدِّثْ ولا حرَجٌ عن الطّوفانِ
بالبحرِ كَنِّ وبالغَمامِ عن اِسمِه / والبدرِ والضِّرغامِ لا بفلانِ
صرعَتْ ثعالبُه الأسودَ فأصبحَتْ / محشوّةً بحواصلِ الغِربانِ
بطلٌ يُريكَ إذا تحلّل دِرعُه / أسدَ العرين بحلّةِ الثّعبانِ
رشفُ النّجيعِ من الأسنّة عندَه / رشَفاتُ حُمرِ بوارِقِ الأسنانِ
يرتاحُ من وقْعِ السّيوفِ على الطُلا / حتّى كأنّ صليلَهُنّ أغاني
ويرى كُعوبَ السُّمرِ سُمرَ كَواعبٍ / وذُكور بيضِ الهِند بيضَ غَواني
لم يستطِعْ وتَراً يلَذُّ له سوى / أوتارِ كلِّ حَنيّةٍ مِرنانِ
قِرْنٌ يقارنُ حظَّهُ بحُسامِه / فيعودُ سعداً ذابحَ الأقرانِ
صاحٍ تدبُّ الأريحيّةُ للنّدى / فيهِ دَبيبَ السُّكْرِ بالنّشوانِ
ذو راحةٍ هي للعِدى جرّاحةٌ / أعيَتْ وأيّةُ راحةٍ للعاني
أقوَتْ بُيوتُ المالِ منذُ تعمّرتْ / فيها رُبوعٌ للنّدى ومَغانِ
للدّهرِ أفلاكٌ تدورُ بكفِّه / والنّاسُ تحسَبُها خُطوطَ بَنانِ
دارَتْ فعندَك ليلُها ونهارُها / نقْعٌ ولمْعُ مهنّدٍ وسِنانِ
أطواقُ فضلٍ كالخواتمِ أصبحتْ / بيَدَيْهِ وهْي طوارقُ الحِدْثانِ
بالنّحسِ تقضي والسعادةِ فالورى / منهنّ بين تخوّفٍ وأمانِ
في سِلمِها تهَبُ البُدورَ وفي الوغى / بالشُّهْبِ تقذفُ ماردَ الفُرسانِ
قد أضحكَ الدُنيا سُروراً مثلَ ما / أبكى السّيوفَ وأعيُنَ الغِزلانِ
حُرٌّ تولّد من سُلالةِ مطلَبٍ / خلَف الأيمّةِ من بني عَدنانِ
من هاشمٍ أهلِ المَفاخرِ والتُقى / والأمرِ بالمعروفِ والإيمانِ
بيتِ النبوّةِ والرسالةِ والهُدى / والوحيِ والتّنزيل والفُرقانِ
قَومٌ تقوّمَ فيهم أودُ العُلا / وَالدّينُ أصبحَ آبدَ الأركانِ
قد حالَفوا سهرَ العيون وخالَفوا / أمرَ الهَوى في طاعةِ الرّحمنِ
من كلّ مَنْ كالبَدرِ كلّفَ وجهَهُ / أثرَ السّجودِ فزادَ في اللّمعانِ
أشباحُ نورٍ في الزّمانِ وجودُهم / روحٌ لهذا العالَمِ الجِسماني
أقرانُ حربٍ كلّما اِقترَنوا لدى ال / هَيجاءِ تحسَبُهم لُيوثَ قِرانِ
لبِسوا سوابغَهُم لأجل سلامةِ ال / أعراضِ لا لسلامةِ الأبْدانِ
وتحمّلوا طعنَ الرِّماحِ لأنّهم / لا يحملون مطاعِنَ الشّنآنِ
بوركْتَ من ولدٍ جرَيْتَ بإثرِهم / فبلَغْتَ غايتَهُم بكلِّ مَكانِ
جدّدْتَ آثارَ المآثرِ منهمُ / ووَرِثْتَ ما حفِظوا منَ القُرآنِ
مولايَ لا برحَتْ تُهنّيكَ العُلا / بخِتانِ غُرٍّ أكرمِ الفتيانِ
نُطَفٌ مطهّرةُ الذواتِ أزَدْتَهم / نوراً على نورٍ بطُهر خِتانِ
خُلَفاءُ مجدٍ من بَنيكَ كأنّهم / للأرضِ قد هبَطوا من الرُّضوانِ
أقمارُ تِمٍّ لا يُوَقّى نقصها / إلّا بلَيلِ عجاجَةِ المَيدانِ
وفِراخُ فتح قبلَ ينبُتُ ريشُها / همّتْ بصيدِ جوارحِ الشُجعانِ
مثل اللآلي لم تزلْ محمولةً / فوقَ التّراقي أو على التّيجانِ
بلغوا وما بلغوا الكلامَ فأدرَكوا / رُشْدَ الكُهولِ بغرّةِ الصِّبيانِ
ما جاوَزوا قدرَ السِّهامِ بطولِهم / فتطوّلوا وسمَوْا على المُرّانِ
شررٌ توارَتْ في زِنادِك إذ وَرَتْ / أمسَتْ شُموسَ مسرّةٍ وتَهانِ
قبَساتُ أنوارٍ تعودُ إلى اللِّقا / شُعَلاً تُذيبُ مواضِعَ الأضغانِ
ستردُّ عنكَ المشرفيّةَ والقَنا / ولدَيْكَ تشهَدُ كلَّ يومِ طِعانِ
وستضْحَكُ البيضُ الظُّبا بأكفّهم / ضحك البُروقِ بعارضٍ هتّانِ
وتَميلُ من خَمر النّجيعِ رماحُهم / مثلَ السُّكارى في سُلافِ دِنانِ
فاِسْلَمْ ودُمْ معهم بأسبغِ نعمةٍ / وألذِّ عيشٍ في أتمِّ تَدانِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025