القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ناصِحُ الدين الأَرَّجاني الكل
المجموع : 6
وَرْدُ الخُدودِ ودُونَهُ شَوْكُ القَنا
وَرْدُ الخُدودِ ودُونَهُ شَوْكُ القَنا / فَمنِ المُحَدِّثُ نَفْسَهُ أن يُجْتَنَى
لا تَمدُدِ الأيدي إليه فطالما / شَنُّوا الحُروبَ لأنْ مدَدْنا الأعيُنا
وَرْدٌ تخَيَّر من مَخافةِ نَهْبِه / باللّحظِ في وَرَقِ البَراقعِ مَكْمَنا
يُلْقي الكِمامَ معَ الظّلامِ إذا دَجا / ويَعودُ فيه مع الصَّباح إذا دنا
ولطالَما وُجدَ الخِلافُ وإلْفهُ / دِيناً لعَمْرُك للحسانِ ودَيدَنا
قُلْ للَّتي ظلَمتْ وكانتْ فتنةً / لو أنها عَدلتْ لكانتْ أفْتَنا
لمّا سألتُ الثّغرَ منها لُؤلؤاً / قالتْ أما يَكْفيكَ جَفْنُكَ مَعْدِنا
أيُرادُ صَوْنُكِ بالتَّبرقُعِ ضَلّةً / وأرى السُّفورَ لمثْلِ حُسنِك أصْوَنا
كالشّمسِ يَمْتنعُ اجْتلاؤك وَجْهَها / فإنِ اكتسَتْ برَقيقِ غَيْمٍ أمْكَنا
غدَتِ البخيلةُ في حمىً من بُخْلها / فسلُوا حُماةَ الحيِّ عمَّ تَصُدُّنا
وأَبتْ طُروقَ خيالِها فإلى متى / جَرُّ الرّماحِ من الفوارسِ نَحْوَنا
هل عنْدَ حَيِّ العامريّةِ قُدرةٌ / أنْ يَفْعلوا فوقَ الَّذي فعلَتْ بنا
ما هُمْ بأعظمَ فَتكة لو بارزوا / من طَرْفِ ذاتِ الخالِ إذ برْزتْ لنا
إن كان قَتْلي قَصْدَهمْ فلْيَرفَعوا / كِللَ الظّعائنِ ولْيُخلُّوا بَيْننا
ماذا كفَونا من لقاءِ فَواتنٍ / لولا مُراقَبةُ العيونِ أتَيْننا
يا صاحِ مِلْ بالعيسِ شَطْرَ ديارِهم / فطلُولُها أضحَتْ تُشاطرُنا الضَّنى
عُجْ بالمَطيِّ على المنازل عَوْجةً / فلعلَّها تُشفي جوىً ولعلَّنا
ساعِدْ أخاك إذا دعاكَ لخُطّةٍ / وإذا أردتَ مُساعِداً لكَ فادْعُنا
فالجاهلانِ اثْنانِ من بَيْنِ الورَى / فافْطُنْ أُخَيَّ وإنْ هما لم يَفْطُنا
مَن قالَ ما بالنّاسِ عنّي من غنىً / من جَهْلهِ أو قال بي عنهم غِنى
كم رُعْتُ حيَّكِ ثائراً أو زائراً / لمّا عَناني من غرامي ما عنى
عيشٌ كما شاء الصِّبا قضّيْتُه / أصبو وأُصبي كُلَّ أَحْورَ أَعْيَنا
إنّي لأذكرُ في اللّيالي ليلةً / والإلْفُ فيها زارني مُتوسِّنا
بعثَ الخيالَ وجاءني في إثْره / أَرأيتَ ضَيْفاً قطُّ يتْبعُ ضَيْفَنا
الطَّيفُ يرحَلُ وهْو ينْزِلُ مُقلةً / فيها التوهُّمُ قد أُحيلَ تيقُّنا
فاليومَ أَرضَى زُورَ زَوْرٍ طارق / يَسْري لخَطْبِ نوَى الخليطِ مُهوَّنا
أَفدي خُطاه إذا سَرَى بمكانه / منّي ليُمسيَ للزّيارةِ مُدْمِنا
ما إنْ جفَوْتُ الطَّيفَ إلاّ ليلةً / والحيُّ قد نزلوا بأعلَى المُنْحنى
لمّا ألمَّ وقد شَغَلْتُ بمدحةٍ / لعزيزِ دينِ اللهِ فكْريَ مُوْهِنا
في ليلةٍ حسدَتْ مصابيحُ الدُّجَى / كَلِمي وقد كانتْ بها هيَ أَزْينا
قَلمي بها حتّى الصّباحِ وشَمْعتي / بِتْنا ثلاثتُنا ومَدْحُك شُغْلُنا
حتّى هَزَمْنا للظّلامِ جُنودَهُ / لمّا تَشاهَرْنا عليه الألْسُنا
أَفْناهما قَطّي وأَفنَيْتُ الدُّجَى / سَهَراً فأَصبَحْنا وأَسْعدُهم أَنا
وإلى العزيزِ أَمَلْتُ نِضْوي زائراً / لكنّني اسْتَبْضَعْتُ دُرّاً مُثْمَنا
فغَدا يُنيلُ الرِّفدَ مُوفيَ كيْلِه / من قبلِ شَكْوانا لِما قد مَسَّنا
مَلِكٌ أَغرُّ إذا انْتَدى يومَ النَّدى / أَلْفيتَهُ فرداً مواهبُه ثُنا
خَضِلُ الأناملِ بالحِباء إذا احتَبى / كالطّودِ يَحتضِنُ الغَمامَ المُدجِنا
أَمِنَتْ إساءتَه عِداهُ لأنّهُ / مُذْ كان لم يُحسِنْ سوى أنْ يُحسِنا
لمّا رأى السُّلطانُ خالصَ نُصحِهِ / أَضحى بغُرّةِ وجههِ مُتَيمّنا
فغدا وفي يُمناهُ آيةُ مُلكهِ / يُفْني المُسِرَّ عِنادَه والمُعْلِنا
فمتى تَفرْعنَ في الممالكِ مارِقٌ / أَوْمَى إلى قلمٍ له فتَثَعْبنا
وجلا اليدَ البيضاءَ في كَلماته / فتَلقَّف المُتمرِّدَ المُتفَرْعنا
يا مَن إذا أَرخَى عِنانَ جَوادِه / أَضحى وثانيه النَّجاحُ إذا ثَنى
ويعودُ بالجُرْدِ السَّلاهبِ مُسْهلاً / في أَيِّ أَرضٍ سارَ فيها مُحْزِنا
لمّا أَعَرتَ السّمعَ نَبْأةَ صارخٍ / نفَتِ الكرَى عن ناظرَيْكَ تَحنُّنا
أَتْبعتَ حَجَّتَك الحميدةَ غَزْوةً / فقضَيْتَ أَيضاً فَرْضَها المُتَعيِّنا
وجَررْتَ أَذيالَ الكتائبِ مُوغِلاً / في الأرضِ خلْفَ بني الخَبائثِ مُثْخِنا
حتّى غدَتْ تلك المَجاهلُ منهمُ / وكأنما هُنّ المَناحِرُ مِن مِنى
سَقتِ الصّوارمُ أَرضَهمْ من بعدِ ما / قلّبْنَ أَظهُرَها السَّنابِكُ أَبْطُنا
وأَرْيتَهمْ إعجازَ يومِ حَفيظةٍ / لم يُبقِ صِدْقُ الضَّرْبِ فيه مَطْعَنا
زرَعَ الطِّعانَ فسَنْبلَتْ في ساعةٍ / من هامِهمْ وشُعورِهمْ سُمُرُ القَنا
فغدا هُناكَ ببأْسِ أَحمدَ مُؤمِناً / مَن لم يُعَدَّ بدينِ أَحمدَ مُؤمِنا
هل عُصبةُ الإشراكِ تَعلَمُ أَنّها / ما صادَفَتْ من حَدِّ سيفِكَ مأْمَنا
لكنّما رجَع الجيوشُ وغُودِروا / إذ كان خَطْبُهمُ عليكمْ أَهْوَنا
مثْلَ القنيصِ ازْورَّ عنه فارسٌ / والسَّهمُ فيه جنَى عليه ما جنَى
يَرجو البقاءَ وما بقاءُ مُصَرَّعٍ / تَخِذَ السِّنانُ القلْبَ منه مَسْكَنا
إن تَرجِعوا عنهمْ فلا يَترقَّبوا / إلاّ الفَناءَ مُباكِراً لهمُ الفِنا
والسُّحبُ بعدَ عُبورِهنَّ يَرى الوَرى / في إثْرِها أثَرَ السُّيولِ مُبيَّنا
فَلْيَهنأ الإسلامَ أَنَّ عِمادَه / مُذْ جَدَّ في طَلَقِ المكارمِ ما ونَى
صَلِيَتْ شُواظَ الحربِ أَعداءُ الهُدَى / مُذْ سار في فَلَكِ المعالي مُمْعِنا
وكأنّه الشَّمسُ المنيرةُ طالعَتْ / خِططَ البلادِ من القَصيّ إلى الدُّنا
فأباتَ أرضاً نُورُها مَسكونةً / وأبتْ لأُخرى نارُها أن تَسكُنا
للهِ مَقْدَمُ ماجدٍ أضحَى به / عنّا لنازلةِ النَّوائبِ مَظْعَنا
عَوْدٌ إلينا عادَ أحمدُ كاسْمِه / فغدا بإقبالٍ يُضاعَفُ مُؤْذِنا
كانتْ شَرارةَ فتْنةٍ مَشْبوبةٍ / فلقد تَرامَتْ أشْمُلاً أوْ أيمُنا
قُلْ للَّذين تَشعَّبوا شُعَباً لأنْ / ظَنّوا خِلافَكُم مَراماً هَيِّنا
ما إنْ يُنازِعُ ضَيْغَماً في غِيلِه / إلاّ امْرؤٌ ملَّ الحياةَ وحُيِّنا
ومَنِ ابتنَى وسْطَ العرينِ قبابَهُ / فأحسَّ ريحَ اللَّيثِ قَوَّض ما ابْتَنى
في كلِّ غابٍ غابَ عنه سَليلُه / مَرْعىً ولكنْ لا قَرارَ إذا انْثَنى
سيُريحُ عازِبَ كُلّ أمرٍ سائسٌ / يُرضي الرَّعيّةَ عادلاً أو مُحْسنا
يا مَوئلاً يُولي الأنامَ صنائعاً / أمسَتْ منَ الشُّهُبِ الطَّوالعِ أبْيَنا
ما إنْ دعاكَ لِصيتِه ولمُلْكِهِ / إلاّ أجَبْتَ مُحسِّناً ومُحصِّنا
كُلٌّ إذا استَرعَوْهُ يَسْمَنُ مُهزِلاً / في ذا الزَّمانِ وأنت تَهزِلُ مُسْمِنا
دَسْتُ الوِزارةِ لم يَزَلْ مَنْ حَلَّهُ / ولَئنْ تَجلّى ملءُ عَيْنَيْ مَنْ رَنا
كالبدرِ في ليلٍ ورأيُكَ شمسُه / والبدرُ مُقْتَبسٌ من الشَّمسِ السَّنا
سِيّانِ عندكَ كان رَبْعاً آهِلاً / للحيِّ أو رَسْماً عفا وتَدمَّنا
ما إنْ خذَلْتَ على اختلاف شعارِه / مُتعلِّياً ناداك أو مُتعَثْمِنا
واليومَ أجدَرُ حينَ أصبحَ عُطْلُه / مُتزيِّناً لمّا غدا مُتَزيَّنا
لا زلتَ ثَبْتاً في المواقفِ كُلّما / لَعِبَ الزّمانُ بأهلِه وتَلوَّنا
أما الرجاء فلم يزل متغربا / حتى إذا وافى ذُراك استوطنا
ألقَى إلى ابْنِ أبيه منكَ رِحالَه / فلِذاكَ أنتَ بهِ شديدُ المُعْتنَى
أَنتَ الرَّجاءُ لكلِّ مَن يطأُ الثَّرى / فإليكَ كان أَشار حينَ به اكْتنَى
لك في العُلا هِمَمّ تَزيدُ على مَدَى / زَمَنٍ فعشْتَ لنَشْرِهنَّ الأزْمُنا
وكأنّها والدّهرَ نَهْجٌ ضَيِّقٌ / أَصبحتَ تَسلُكُ فيه جَيْشاً أَرْعَنا
وكتابُ عصرِكَ مُذْ أَتَى أَبناءه / واللهُ ضَمَّنه عُلاكَ وعَنْوَنا
قرأوا إلى ذا اليومِ عُنْواناً له / وقلوبُنا تَتَطلَّعُ المُتضمَّنا
يا ماجداً عَبِقَ الزّمانُ بذِكرهِ / والذِّكرُ في الأيّامِ نعْم المُقْتَنى
يَزْدادُ عندَك حُسْنُ ما نُثْنِي به / كمَزيدِ ما توُليهِ حُسْناً عِنْدَنا
وأَعُدُّ مدْحَ ملوكِ عَصْريَ هُجْنةً / وأَعُدُّ تَرْكَ مديح مثْلِك أَهْجَنا
فبلَغْتَ قاصيةَ المَدى وملكْتَ نا / صيةَ العُلا وحَويْتَ عاصِيةَ المُنى
وبَقِيتَ من غيرِ انْقطاع ماضياً / وبلا تَغَيُّرِ آخِرٍ مُتمكِّنا
قِفْ يا خيالُ وإنْ تَساوَيْنا ضنَىً
قِفْ يا خيالُ وإنْ تَساوَيْنا ضنَىً / أنا منك أولَى بالزّيارة مَوْهِنا
نافستَ طَيفي والمَهامهُ دُونَنا / في أنْ يزورَ العامريّةَ أيُّنا
فسرَيتُ أعتجِرُ الظّلامَ إلى الحِمَى / ولقد عناني من أُميمةَ ما عنَى
وعَقلتُ ناجيتي بفضْلِ زِمامِها / لمّا رأيتُ خيامَهمْ بالمنحنى
وتطلَّعتْ فأضاء غُرّةُ وجهِها / باللّيلِ أيْسرَ مَنْهجي والأيمَنا
لمّا طرقْتُ الحيَّ قالتْ خِيفةً / لا أنتَ إن عَلِمَ الغَيورُ ولا أنا
فدنَوْتُ طَوْعَ مَقالِها مُتخفِّياً / ورأيتُ خطْبَ القومِ عندي أهْوَنا
ومعي وليس معي سِواهُ صاحبٌ / عَضْبٌ أذودُ به الخميسَ الأرْعنا
حتّى رَفعْتُ عن المليحةِ سِجْفَها / يا صحبي فلَوَ انَّ عينَكَ بَيْننا
سَترْتُ مُحيّاها مخافَةَ فِتْنَتي / بنِقابِها عنّي فكانَتْ أفتَنا
وتَجرَّدتْ أطرافُها من زِينةٍ / عَمْداً فكان لها التَجرُّدُ أزْيَنا
وتكاملَتْ حُسْناً فلو قرَنَتْ لنا / بالحُسْنِ إحساناً لكانتْ أحْسَنا
قَسَماً بما زار الحجيجُ وما سعَوا / زُمَراً وما نَحَروا على شَطَّيْ مِنى
ما اعتادَ قلبي ذكْرُ من سكَن الحِمى / إلاّ استطارَ وملَّ صَدْريَ مسكَنا
أمّا الشّبابُ فقد تعاهَدْنا على / ألاّ نَزالَ معاً فكان الأخْوَنا
وتَلَوُّنُ الأيّام علَّم مفرِقي / فِعْلَ الأحبّةِ في الهَوى فتَلوَّنا
يا طالِبَ الثّأْرِ المُنيمِ وسَيْفُه / في الغِمْدِ لا تَحْسَبْ مَرامَك هَيِّنا
أتُراكَ تَملآُ من غرارٍ أجفُناً / حتّى تُفرّغَ من غِرارٍ أجْفُنا
أوَما رأيتَ السَّيفَ وهْو مُسلَّطٌ / ما زال يَحكمُ بالمنايا والمُنى
لمّا ادَّعَى الأقلامُ فَضْلاً عندَه / غَضِبَ الحديدُ فشَقَّ منها الألْسُنا
حتّى إذا زادَتْ بذاك فصاحةُ ال / أقلامِ حارَ النَّصْلُ لمّا أنْ رَنا
وأراد أنْ يُضْحي لساناً كُلُّه / حتّى يُقِرَّ بفَضْلهِ فتلَسَّنا
ولقلّما غَرِيَ الحسودُ بفاضلٍ / مُتَنقِّصاً إلاّ وزيدَ تَمكُّنا
إن كان جاذَبني المُقامَ مَعاشرٌ / فلقد تَخِذْتُ ليَ التَّغرُّبَ مَوْطِنا
ولقد نَزلتُ من الملوكِ بماجدٍ / فَقْرُ الرِّجالِ إليه مِفْتاحُ الغنى
مَلِكٌ إذا ألقَى اللّثامَ لوَفدِه / حُيّوا به حسَناً ورَجَّوا مُحْسِنا
لا يَألَفُ الرّاجونَ غيرَ فِنائهِ / أبداً ففيهِ الظِّلُّ يُشْمَلُ والجَنى
خَضِلُ اليدَيْنِ إذا انتدى ألفيْتَه / كالطَّود يَحتضنُ الغمامَ المُدْجنا
فإذا بدا في لَبّةِ الخيلِ اكْتَسى / وجهُ النّهارِ له نِقاباً أدْكَنا
وإذا تفَرْعنَ من عِداهُ مارِقٌ / أومَى إلى قلمٍ له فتَثَعْبَنا
وجلا اليدَ البيضاءَ في تَوْقيعِه / فتلقَّفَ المُتمرِّدَ المُتفَرْعنا
للهِ دَرُّ بني جَهيرٍ إنّهمْ / جَهَروا بدِينِ المَجْدِ حتّى أُعلِنا
المُرتَقينَ من العلاء مَراقياً / منها السَّماكُ بحيثُ منه أَكُفُّنا
أَعليُّ يا ابْنَ مُحمّدِ بْنَ مُحمّدٍ / نَسَباً منَ الشّمسِ المُنيرة أَبْينا
أَعيا الثُّريّا وهْيَ كَفُّ سمائها / من دَوْحِ مجدِكَ أَن تَناولَ أَغصُنا
وإذا الطّريفُ المجدِ زانَ زمانَه / فعُلاك تالدُه يَزينُ الأزمُنا
لكَ من أَوائلِ وائلٍ جُرثومةٌ / من فَرْعها ثَمرُ المكارمِ يُجْتَنى
تَحْمي الخلافةَ بالوِزارةِ مثْلَما / قد كان يَحْمي العِزَّ قومُك بالقَنا
ومُجيرُ دينِ اللهِ يا ابْنَ أَكارم / ما زال حفْظُ الجارِ منهمْ دَيْدَنا
أَظهرْتَ للمُستَظْهرِ النُّصْحَ الّذي / ما مسَّ عزْمَك دونَ غايتهِ ونَى
وأَبوك قبلَك من أَبيه قبلَه / قد حَلَّ حيث حَللْتَ تَبني ما بنَى
فسقىَ ثَراهُ كجُودِ كفِّكَ يا ابْنَهُ / غيْثٌ ودُمْتَ كذِكْرِه أَبداً لنا
فلأنتَ أَكرمُ مَن تأزَّرَ وارْتَدى / خُلُقاً وأَكملُ مَن تَسمّى واكتنَى
دانٍ من الجاني إذا عافٍ عفا / لكنّه عافٍ إذا الجاني جنَى
طَلْقٌ إذا اكتحلَتْ به عينُ امْرئٍ / برَقتْ أَسرِّةُ وجهِه فتَيمَّنا
ما أرسلَتْ يدُه عِنانَ مُطهّمٍ / إلاّ ويأتيهِ النّجاحُ إذا ثَنَى
للهِ مَقْدَمُه الّذي في يَوْمه / نَذَرَ المَسرَّةَ لا أَجَدَّتْ مَظْعَنا
وطُلوعُه في مَوكبٍ ودَّتْ له / كُلُّ الجَوارحِ لو تَحَوَّلَ أَعيُنا
لمّا بدا والشّوقُ يُدْني مَن نأى / مِن وجههِ والعزُّ يُنْئي مَن دنا
والأرضُ تُلطَمُ من هُنا بسَنابِكٍ / من خَيْلهِ مَرَحاً وتُلثَمُ من هُنا
والتِّبْرُ مِن أَدْنَى دَوامِ نِثارهِ / قد صارَ منه الجَرُّ يُحْسَبُ مَعدِنا
ناط الإمامُ بسَعْيهِ وبرأيِه / أَمراً بقاصيةِ السّعادةِ مُؤْذِنا
وجرَى به فلَكُ الجيادِ فما مضَى / منّا وإن بَعُدَ المدَى حتّى انْثَنى
كالشّمسِ دار على البسيطةِ دَوْرةً / علياءَ فامتلأتْ بهِ الدُّنْيا سَنا
فلْتشكُرَنَّ الدّولتانِ صَنيعةً / إن كان شُكْرُ صنيعِ مثْلكَ مُمْكنا
أَبدأْتَ قُربَهُما بقُرْبيَ فاغْتدَى / سَبَبُ العَلاء به وأَبدَوْا أمْتَنا
ونظَمْتَ شملَهما فدُمتَ ودامَتا / في العِزِّ ما سجَع الحمامُ ولَحَّنا
أمّا الرّجاءُ فلم يَزلْ مُتغرِّباً / حتّى إذا وافَى ذُراك اسْتَوطَنا
ورأيتُ مُبتاعَ المحامدِ راغباً / فجلَبْتُ من دُرِّ القَريضِ المُثْمَنا
فلئنْ أتاك المدْحُ منّيَ رائقاً / فلأنَّ فكْرِيَ من عُلاك تَلقّنا
أمْلَتْ على قلبي بدائعَ وَصْفها / شيَمٌ تُفَصِّحُ في المديح الألْكَنا
والشِّعْرُ يعلَمُ أنّ أحسنَ نَظْمِه / وأجلَّهُ ما قيلَ فيك ودُوّنا
لي حالةٌ عَجُفَتْ فإنْ تُعْنَوْا بها / فجديرةٌ هيَ أنْ تعودَ فَتسْمنَا
ولعلَّ أيّامَ الإقامةِ عندكمْ / آثارُها للنّاسِ تَظْهَرُ عندَنا
فالبدْرُ تحت شُعاعِ طلْعةِ شَمْسه / يَضْنَى إلى ألاّ يبِينَ منَ الضَّنى
ولها إليه على تَجاوُزِ بُرْجِها / في كلِّ يومٍ فَضْلُ نُورٍ يُقْتنَى
فاسلَمْ لنا يا مجدَ دولةِ هاشمٍ / في دولةٍ قَعْساءَ عاليةِ البُنَى
سُرَّتْ بك الدُّنيا وحاش لقَلْبِها / معَ نُورِ وَجْهِك طالعاً أنْ يَحْزَنا
ماذا يُهيَّجُ غُدْوةٌ شَجَني
ماذا يُهيَّجُ غُدْوةٌ شَجَني / من صَوْتِ هاتفةٍ على فَننِ
لم يَبْقَ لي دَمْعٌ فتُجْرِيَه / لم أَنسَ أَحبابي فَتُذْكِرَني
وأنا الفِداءُ لمُقْلتَيْ رشَأٍ / سَلَب الفؤادَ غداةَ ودَّعني
ما ضَمَّني يومَ الرَّحيلِ هَوىً / بلْ كان يُدْنيني لِيُبْعِدَني
تاللهِ لم تَرَ عاشقاً كمَداً / إن كنتَ يومَ البَيْنِ لم تَرَني
والقلبُ يَسْبِقُني وأَتبَعُه / والدَّمْعُ أسرِقُه فيَفْضَحُني
وعلى ركابِهمُ بُدورُ دُجىً / هَيَّجْنَ يومَ تَحمَّلوا حَزَني
بالعيسِ سِرْنَ ولو بكَيْتُ كما / أَمرَ الفراقُ لَسِرْنَ بالسُّفُن
قامَتْ تُودِّعُنا وقد سفَرَتْ / فبدا لنا قَمَرٌ على غُصُن
وجْهٌ إذا هُوَ صَدَّ عن كَلَفٍ / قَرَنَ القَبيحَ بهِ إلى الحَسَن
وعزيزةٌ لدَلالِها نُكَتٌ / تَخْفَى على المُتَأمِّلِ الفَطِن
تَخْشَى سُلوِّي كلّما بَعُدَتْ / فتُقيمُ لي طَيْفاً يُشوِّقُني
وتَغارُ منه إذا أنسْتُ به / فتَهيجُ لي ذِكْراً يُؤَرِّقني
يا صاحبيَّ دعا مَلامَكُما / فسِوى مَلامِكما يُلائمُني
لا تُعْلِماني لا عَدِمْتُكُما / بالدّهرِ إنّ الدّهْرَ عَلَّمني
مارسْتُ أيّامي مُمارسَةً / من لَيّنٍ فيها ومِن خَشِن
وذكرتُ فيها غيرَ واحدةٍ / والنّائباتُ عجيبةُ المِنَن
مَنْ لم يُعرِّفْني الخطابَ ولم / يَكْشِفْهُ لي فالخَطْبُ عَرَّفني
نشَز الجبالُ على مُعانَدتي / ولطالَما كانتْ تأَلَّفُني
وعجيبةٌ يا أصفهانُ إذا / نَظَروا وأنتِ رئيسةُ المُدُن
أنْ تُصْبِحي عَيْنَ البلادِ وما / لي فيكِ إنسانٌ يُلاحظُني
ويُعلِّلُني بصدودهِمْ نَفَرٌ / قد كان وَصْلُهمُ يُعَلِّلُني
ولقد يَهونُ عليَّ هَجْرُهمُ / لو أنّ لي قلباً يُطاوِعُني
دَعْني وذاك فلستُ مُنتهِياً / يا صاحِ إلاّ أنْ يُبَدِّلَنى
دَأْبي ودَأْبُ الدَّهْرِ أَنّيَ مَنْ / قاربْتُه في الوُدِّ باعَدَني
وإذا يَعِزُّ الشَّيْءُ أَطلُبُه / وإذا تركْتُ الشّيْءَ يَطلُبني
ومُصادِقي رَجُلانِ إنْ عُرِفا / من غُرّةِ الإنْصاف والزَّمَن
إمّا صديقٌ لستُ أُنصِفُه / أنا أو صَديقٌ ليس يُنْصِفُني
والدّهرُ أعجِزُ أنْ أُغَيِّرَهُ / وكذاكَ يَعجِزُ أنْ يُغَيِّرَني
يا شامتاً بي حينَ غَيَّر منْ / حالي زَمانٌ مُطْلَقُ الرَّسَن
لا تَقْضِ من أحداثهِ عَجبَاً / طَبْعُ الزّمانِ على العِنادِ بُنِي
ما عِيبَ بي زَمَنٌ تَنَقّصَني / يا حاسدِي بل عِيبَ لي زَمَني
يا خائضاً في الأمرِ وهْو يُحبُّ أن
يا خائضاً في الأمرِ وهْو يُحبُّ أن / تَغدو له عُقْباهُ نَصْبَ العَينِ
اقْرِنْ برأيكَ رأْيَ غيرِك واسْتشرْ / فالحقُّ لا يَخفَى على رَأيَيْن
فالمرءُ مِرآةٌ تُريهِ وجْهَه / ويَرى قَفاهُ بجَمْعِ مرآتَيْن
يا قلبُ تَخلَّ من هُموم وشُجونْ / بادر فُرَصَ الزّمانِ من قَبْلِ يَخونْ
لا تأْسَ فإنَّ حَمْلكَ الهمَّ جُنون / ما قُدّر أن يكونَ لابدَّ يكون
أهواكُمُ وخيالُكمْ يَهْواني
أهواكُمُ وخيالُكمْ يَهْواني / فلقد شَجاهُ فراقُكم وشَجاني
أُضحي أخا سفَرٍ فما ألقاكُمُ / وأبيتُ ذاَ سهَرٍ فما يَلْقاني
ما زلْتُ أحكي في النُّحولِ مِثالَه / حتّى تَناهَى السُّقْمُ بي فَحكاني
فتركْتُ طَيفَكُمُ وقد أفناهُ هِجْ / راني كما هِجرانُكمْ أفناني
ما كان يَدْري ما الحَنينُ مَطيُّنا / حتّى مرَرنَ بأبرَقِ الحَنّان
لمّا أمَلْتُ زمامَ نِضْويَ نَحوَهُ / لأُجيلَ طَرفيَ في رُسومِ مَغان
جَعلَتْ تُناحِلُني الرُّسومُ لَوائحاً / والدّهرُ أبلاها كما أبلاني
ما كان آهِلَها عَشِيّةَ زُرتُها / إلا مَكانُ مَطِيّتي ومكاني
فلو استَمعْتَ إليّ في عَرَصاتِهّا / لعجِبْتَ كيف تَخاطَب الطّلَلان
وسألْتُها أينَ الَّذينَ عَهِدْتُهمْ / ليُجيبَ أو ليُبِينَ بعْضَ بَيان
فثَنى الصَّدى قَوْلي إليَّ بحَرِّها / وبمِثْلِ ما ناجَيْتُه ناجاني
صَدقَ الصّدى أنا والدّيارُ جَهالةً / بالحيِّ مُذْ شَطَّ النَّوى سِيّان
إنّ الذينَ عُهودُهمْ كعُيونِهمْ / عندَ اللّقاء ضعيفةُ الأركان
جَعلوا وما عدَلوا غداةَ تَحكَّموا / دَمْعي الطّليقَ لهمْ وقَلبي العاني
قلبٌ أدار عليهِ طَرْفُكَ كأْسَه / كم جارَ من ساقٍ على نَدْمان
وأنا الفِداءُ لشادنٍ لاحَظْتُه / فسبَى الفؤادَ بناظرٍ فَتّان
قد قلتُ حينَ نظَرتُ فَرْطَ تَعجُّبٍ / وعليه لمّا أن بدا قُرطان
لِمْ نَكَّسوا القُرطينِ لمّا عاقَبوا / في جيدِه والسّاحرُ العَيْنان
بجِوارِ جائرتَيْنِ قد عَلِقا معاً / فهُما بما جنَتاهُ مُرتَهِنان
ما كان أوّلَ سَطوةٍ من ظالمٍ / أخذَ البَريءُ بها فلَجَّ الجاني
والدّهرُ قد يَجْلو عَجائبَ صَرْفِه / حتّى أكونَ مُكذّبِاً لعِياني
ياجَيُّ جئْتُكِ زائراّ وأنا امرؤٌ / ناء عنِ الأوطارِ والأوطان
فقَرَيْتني هَمّاً جُعِلْتُ له قِرًى / إنّ الغريبَ لأُكْلَةُ الأحزان
ضَيفاً إذا اختارَ النُّزولَ بساحتي / كانتْ ملاءُ جِفانِه أجفاني
وإذا سَرَى لم تَهْدِه مَشبوبَةٌ / باللّيلِ إلاّ ما يُجِنُّ جِناني
عافَ السَّديفَ وقد ألمَّ بسُدْفةٍ / فأرادني وأذابَني وغَذاني
وكذا الأكارمُ لو قَرَوْا بلُحومِهمْ / لم يَحْسِبوا مَنناً على الضّيِفان
هل في معاهدِ أصفهانَ وحُسنها / مُتعلَّلٌ لنزيعِ خُوزِسْتان
فَتَق الرّبيعُ بها الكَمائمَ كلَّها / فتَبسّمتْ للنّاسِ عن ألوان
إلاّ فؤادي فالهمومُ تَضُمُّه / عن أن يُطالِعَ منه بِيضَ أمان
أمّا الرّياضُ فقد بدَتْ كمجَالسٍ / مَنْضودةٍ والوُرْقُ فُصْحُ قِيان
والرِّيحُ مثْلُ الرّاحِ بُوكرَ شُرْبُها / والغُصْنُ فيه تَميُّلُ النَّشْوان
وإذا الحَمامُ غدا وراحَ مُكَرِّراً / في الأيك ما يَختارُ من ألحان
فتَرى بنا ما بالغُصونِ إذا شَدَتْ / من شِدّةِ البُرَحاء والأشْجان
تتَشبَّهُ الأغصانُ بالأعطافِ إنْ / غَنّيْنَ والأعطافُ بالأغصان
ما للنّسيمِ ونَى وليس هُبوبُه / في سُحْرةٍ عن أن يَشوقَ بِوان
أعطَى القَنا أيدي الرِّياضِ تَهُزُّها / وكسا الدُّروعَ مَناكبَ الغُدْران
وكأنّه يومَ الهِياجِ مُحَرِّشٌ / يَسعَى لكي يَتصادم الزَّحْفان
وكأنّما بَعثَ البِحارُ إلى الرُبَا / بِيَدِ السَّحابِ وَدائعَ المَرْجان
وحكَى أقاحيها سقيطَ دراهمٍ / وحكَى دنانيراً جنَى الحَوْذان
وشقائقُ النُّعمان تَحكي بَيْنَها / بكمالِ بَهْجتِها خُدودَ حِسان
هيَ للخدودِ النّاعماتِ نَسيبةٌ / شَبَهاً فلِمْ نُسِبَتْ إلى النُّعْمان
وكأنّ كُلَّ شَقيقةٍ مكْحولةٍ / شَرِقَتْ مَحاجِرُها بأحمرَ قان
عَينٌ لإنسانٍ وقد مُلئتْ دَماً / منه فما يَبدو سوى الإنْسان
يَبكى بها شاني الأميرِ مُحمَّدٍ / كَسَداً فتَترُكُه قَريحَ الشّان
والفَضلُ إن يكُ رَوضةً فشَقيقُها / تَحديقُ عَيْنِ الحاسدِ اللَّهفان
لأبي عليٍّ في العلاء ثَنِيّةٌ / لا يَستطيعُ طُلوعَها القَمَران
طلَع الأميرُ مُحمَّدُ بْنُ مُحّمدٍ / شَمْساً لأُفْقِ العَدْلِ والإحْسان
شَرَفٌ لدينِ اللهِ سَمّاهُ الهُدى / وحُلَى الأسامي للرِّجالِ مَعان
لمّا نَمتْه منَ الملوكِ عِصابَةٌ / للدّينِ كانوا أشْرفَ الأعوان
أبناءُ أوّلِ مَعشرٍ لسيوفهم / في الدّهرِ ذَلَّ الكُفْرُ للإيمان
لاثُوا العمائمَ سُؤْدَداً وتَعوَّدوا / بالبِيضِ ضَرْبَ مَعاقدِ التِّيجان
وبِهمْ نَبيُّ اللهِ باهَى عِزّةً / مَن كان مِن عَدْنانَ أو قَحْطان
في يومِ ذي قارٍ غداةَ سُيوفُهمْ / نيرانُ أهْلِ عبادةِ النِّيران
كانتْ كذلك جاهليّةُ مُلكِهمْ / والدَّهرُ إن نظرَ الفتى يَوْمان
وحمَوْا حِمَى الإسلامِ لمّا أنْ بدَتْ / للخُرَّميّةِ ضَربةٌ بجِران
وسعَى أبو دُلَفٍ إلى عَلْياءَ لم / يَدْلِفْ إليها بامْرئٍ قَدَمان
في عُصبةٍ مُضَرِيَّةٍ لكنّهمْ / قد أصحَبوا الأيمانَ كلَّ يَمان
وكتيبةٍ تَطِسُ الحصَى مَلْمومةٍ / تُعْشى إياةَ الشّمسِ بالومَضان
في حيثُ ليس يَهيجُ أطْرابَ الرَّدى / إلا حَنينُ عطائفِ الشِّربان
والخيلُ كالعِقْبانِ تَقْتحمُ الوغَى / فالقْومُ تحتَ قَوادمِ العقْبان
والطّعْنُ يَحْفِر في الكُلَى قُلُباً لها / سُمُرُ القَناَ بَدَلٌ منَ الأشطان
وعلى مُتونِ الخيلِ أحْلاسٌ لها / من كُلُّ مِطْعامِ النَّدى مِطْعان
كُلُّ ابنِ مُنْجِبةٍ بصَدْرِ جَوادِه / في الرَّوْعِ يَغْشَى حَدَّ كُلِ سِنان
ما كان يُرضِعُه لَبانَ حِصانه / لو كان لم يَرضَعْ لِبانَ حَصان
بك يا جمالَ المُلْكِ أضْحَى يَزْدهي / رَأْيُ الوزيرِ ورايةُ السُّلْطان
بأغرَّ يغدو حِلْيةً لزمانِه / وجُدودُه كانوا حُلَى الأزمان
ومُقابَلُ الأطرافِ مُشْتَهِرُ العُلا / والبَيتُ للزُّوَارِ ذو أركان
أمّا العُمومةُ فهْيَ قد فَرعَت به / عَلياءَ يَقْصُرُ دونَها النَّسران
وإذا التفَتَّ إلى الخُؤولة لم تَخَلْ / أحداً يُقارِبُ مَجدَه ويُدانى
عُلْيا بني إسحاقَ فيه إذا انْتَمى / قد سانَدتْ عُلْيا بني شَيْبان
وإذا سألتَ عنِ المكارمِ والعُلا / فلأولٍ من قاسِمَيْهِ وثان
وهما اللّذانِ من سالفَيْ عصرَيهما / رفَعا منارَ المجدِ والدّيوان
فالمجدُ أعشارٌ إذا قَسّمْتَه / والقاسمانِ له هما السَّهْمان
هل كان في الوزراء إلاّ قاسمٌ / ولقد يُزادُ الحَقُّ فَضْلَ بيان
مَن كان خُصَّ بلَثْمِ خَمْسٍ منهمُ / مع ضَربِ خَمسٍ عندَ كُلِّ أذان
أو كالنظامِ وهل جَوادٌ مثْلُه / في الدَّهرِ عمَّ الأرضَ فضْلَ بنان
يُعطي العطايا الباقياتِ وقد مضَى / وعَطاهُ كُلَّ مِن سِواهُ فان
فهما كبيراكَ اللّذانِ كأنّما / كانا بمجدِكَ للورَى يَعِدان
ويكون مثُلك أنت واسطةً إذا / ما كان مثْلَ أولئكَ الطَّرَفان
أمَناطَ آمال تَعُدُّك عُدّةً / للحُرِّ عند طَوارقِ الحَدَثان
وكأنّ نُورَ جَبينِه لعُيونِنا / كَرماً مَخيلةُ عارضٍ هَتّان
نُطْقٌ تظَلُّ الغُرُّ من كَلماتِه / وكأنّها الأقراطُ في الآذان
كَلِفٌ بدُرِّ القولِ مِن مُدَّاحه / يَشْريهِ بالغالي منَ الأثمان
فَضْلاً وإفْضالاً وما جمَع الفَتى / للفَخْرِ مثْلَ العُرْفِ والعِرْفان
وكأنّ أطرافَ اليراعِ تَهزُّها / للخَطْبِ أطرافُ القنا المُتَداني
تتأرَّجُ البَيداءُ من أخبارِهِ / وتضوعُ ساعة مُلْتقَى الرُّكْبان
مِن كُلِّ مَشْبوبِ العزيمة نَحْوَه / مُوفٍ على شَدَنيّةٍ مِذْعان
وَجْناءَ حَرْفٍ ما يزالُ يَمُدُّها / أو يُبدِلَ التّحْريكَ بالإسكان
مُتواضِعٌ للزّائِرينَ ومَجْدُه / مِن رِفعةٍ مُوفٍ على كِيوان
نفَسْي فِداؤك يا مُحمّدٌ من فتىً / راجيه لا يُرمَى بهِ الرَّجَوان
وإذا دَعَوْتُ إلى المُهمِّ أجابنَي / فكَفاهُ لا وانٍ ولا مُتَوان
أولَيتُه وُدّاً وأولاني يَداً / والمجدُ أجمَعُ بَعْضُ ما أَولاني
وأزَرتُه مِدَحي وحاشَ لهِمَّتي / مِنْ أن أُحِلَّ الفضلَ دارَ هَوان
ولئنْ غدَتْ أيّامُ إلْمامي بهِ / مِمّا قَلَلْنَ كقَبسَةِ العَجْلان
فأنا الّذي أُثني على عَلْيائهِ / كثناء حَسّانٍ على غَسّان
إن لم تكُنْ قَدَمي تؤُمُّ فِناءهُ / فلقد جرَى قَلَمي ونابَ لِساني
صَيَّرْتَ خُوزِستانَ حَرْباً قائماً
صَيَّرْتَ خُوزِستانَ حَرْباً قائماً / ونفَيْتَ عنها العَدْلَ والإحْسانا
وتَركْتَ جُملةَ أَهلها وبلادِها / فطلَبْنَ منكَ ومن يدَيْكَ أَمانا
أَبقاَك مَجْدُ المُلْكِ يَحْسَبُ أَنّك / تَكْفي الأمورَ وتَنصَحُ السُّلطانا
ويكونُ مثْلُكَ معْ حقارةِ قَدرِه / سَنتَيْنِ يَرفعُ دَخْلَ خُوزِسْتانا
وتُصيبُ كُلَّ ذخيرةٍ ووديعةٍ / ويَمُرُّ ذلك كلُّه مَجّانا
كَلاّ فَمجْدُ المُلْكِ أبعدُ هِمّةً / وأَتَمُّ تَدبيراً وأَعظَمُ شانا
ليُقطِّعَنَّ قفاكَ سَوْطُ عَذابِه / وتُقاسيَنَّ عقابَه ألوانا
ولتأْخُذَنَّ كما أَخذْتَ سَويّةً / لا إثْمَ في هذا ولا عُدْوانا
ذهَباً وفَرْشاً فاخراً وجواهراً / وسَوابقاً مِلْءَ العُيونِ حِسانا
ترُضي بها السُّلطَانَ والخاتونَ والْ / أُمراءَ والأجنادَ والأعوانا
عَشَراتُ آلافٍ تُقيمُكَ صاغراً / من حَبْسَةٍ ونَقولُ زِنْها الآنا
حتّى تكونَ وأَنت أَحقَرُ كائنٍ / كأبيكَ كلْباً سَفْلةً وَزّانا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025