المجموع : 7
صبراً ففي الصّبر الجمي
صبراً ففي الصّبر الجمي / لِ يهون فينا ما يهونُ
لا تجزعنَّ لكائنٍ / ماضٍ وخذْ ما لا يكونُ
ودعِ الحنينَ فإنّه / ما ردَّ مُفتَقَداً حنينُ
وَاِترُكْ لَنا قَرْعَ الجَبِي / نِ فما جنى شيئاً جبينُ
وَإِذا اِلتفتّ إلى الّذي / خلّتْ لنا منك المَنونُ
وإلى أبيك فإنّهُ / جبلٌ لنا أبداً حصينُ
فالغُرْمُ غُنْمٌ واصلٌ / وخشونةُ الأيّامِ لِينُ
مضتِ الشّمالُ وبُقِّيَتْ / رِفْقاً بنا منك اليمينُ
وذوى لنا غُصنٌ وبا / قٍ منك للدّنيا غُصونُ
فَلئِنْ ظمئنا بالفقي / دِ فعندنا العَذْبُ المَعينُ
ولَئِنْ مضى ليثٌ لنا / فاللّيثُ باقٍ والعرينُ
قَرّتْ عيونٌ إنْ بَقِي / تَ لنا وإنْ ذَرَفَتْ عيونُ
أنتمْ لنا دارُ المُقا / مِ وأنتُمُ الحبلُ المتينُ
ولنا كما شئنا بِعَق / وَةِ داركُمْ دُنيا ودينُ
أنتمْ هداةٌ في الظّلا / مِ وأنتمُ الحقُّ المبينُ
أنتمْ سيوفٌ في الحوا / دِثِ لا تلمُّ بها القُيونُ
وَإذا اِنتُديتمْ فالنّدي / ي لكُم هو البلدُ الأمينُ
والمَوْقفانِ وزَمْزَمٌ / والحِجْرُ والحَجَرُ المَصونُ
من ذا ترى عَفَتِ النّوا / ئبُ عنه والزّمنُ الخَؤونُ
داءُ المنيّةِ معضلٌ / ماتتْ بحسرتِهِ القُرونُ
لم ينجُ منه لا جوا / دٌ في الرّجالِ ولا ضَنينُ
ومحبّةُ الدّنيا وه / ذي مِنْ جنايتها جنونُ
يا أيّها الذُّخرُ النَّفي / سُ سلمتَ والكنزُ الثمينُ
واِبنَ الّذي شابتْ ولم / تَرَ مثلَ دولتِهِ القرونُ
ساسَ الأقاصي والأدا / ني واحداً لا يستعينُ
بدّلْ بحزنك غيرَه / فلربّما نَدِم الحزينُ
واِترُكْ مُراعاة اليقي / نِ فربّما ضرّ اليقينُ
فالعيشُ ليس تُطِيبُهُ / إلّا أمانٍ أو ظُنونُ
صَلّى الإلهُ على الّذي / قُرِحَتْ لمصرعِهِ الجُفونُ
حلَّ التُّرابَ وما له / إِلّاكَ شِبهٌ أو قَرينُ
وسقى جوانبَ قبرِهِ / وَطْفاءُ هَيْدَبُها هَتونُ
تَهمِي عليه فإنْ رَقَتْ / خَلَفَتْ بعبرتها الشُّؤونُ
وحَلَلْتِ من قلبي وأنتِ بخيلةٌ
وحَلَلْتِ من قلبي وأنتِ بخيلةٌ / ما لا يحلُّ به الجَوادُ المحسنُ
وسكنتِ ممّن كلُّ جاريةٍ له / شوقاً إليكِ وصَبْوَةً لا تسكنُ
وَأَسَرتِني وأنا الطّليقُ وطالما / أسَرَ الهوى وقَتَلْتِ مَنْ لا يُفتَنُ
وأردتِ كتمانَ الهوى فكتَمْتُهُ / والدّمعُ يُبدي ما أُسرُّ وأُعلِنُ
وحَبَسْتِ في الشّكوى لساناً واحداً / لو لم تكنْ لِي بالشّكايةِ ألْسُنُ
لا تَستَعِنْ أبداً بمنْ
لا تَستَعِنْ أبداً بمنْ / يحتاج منك إلى معونَهْ
وَاِفزعْ إِلى نصرِ الّذي / نَصَر الأنامَ بلا مَؤُونَهْ
وإذا وفى لك بالمرا / دِ فلا تكنْ أبداً خؤونَهْ
فجهاتُ مَن لبس التُّقى / محروسةٌ فيه مَصونَهْ
يا منْ قُرِنتُ به على
يا منْ قُرِنتُ به على / رغمي فصرتُ له قرينا
وشريتُه لمّا غُرِرْ / تُ فلم يكن عِلْقاً ثَمينا
وظننتُ أنّي غابنٌ / فيه فكنتُ به غبينا
لمّا خبرتُك لم أجدْ / شيئاً أكون به ضَنينا
وإذا جعلتك قُرّةً / للعين أسخَنْتَ العيونا
حتّامَ ذمّي عندكمْ أزماني
حتّامَ ذمّي عندكمْ أزماني / وبحبّكمْ طرق الزّمانُ جَناني
تاللَّه ما أنصفتُمُ في حبّكمْ / فَرداً وأنتمْ والغرامُ اِثنانِ
لو أنّ هذا الحبَّ يظهر شخصُهُ / لدخلتُ في أحشائه بسِنانِ
لَكنّه يرمي القلوبَ ويتّقِي / بسوادِها من أسهمِ الشُّجعانِ
يا ليتَ شعري كيف يثأر عاشقٌ / وعدوُّه في موطنِ الأخدانِ
يا من يغير على المحبّ بقلبهِ / ألّا اِنفردتَ له من الأعوانِ
لَو كانَ ذاك لما اِنفردتَ بطائلٍ / ولعُدْتَ تسحب بُردةَ الحِرْمانِ
وَأَنا الّذي راع اللّيالي بأسُهُ / فشعارُها من أسترِ الألوانِ
يَلقى الرّدى بعزيمةٍ هو عندها / وَالعيشُ إلّا في الذُّرا سِيّانِ
سَلْ عنِّيَ الأبطالَ إذْ عمّمتُهم / بقواضبي بدلاً من التّيجانِ
تُخبِرْكَ عن نَصْلِ الفَراشِ رؤوسُهمْ / وَنُحورُهم تُنبيك عن خُرصاني
لا تَأمنُ الأعداءُ منِّي نَجدَةً / ظَفَري بهمْ يلقاهُمُ بأماني
يا عاذلِي في بذلِ نفسي للوغى / أنتَ الكفيلُ بعيشِ كلِّ جبانِ
إنّ الرّدى دَيْنٌ عليك قضاؤه / فاِسمحْ به في أشرفِ الأوطانِ
مَن فات أسبابَ الرّدى يوم الوغى / لَحِقَتْهُ في أمْنٍ يدُ الحَدَثانِ
لو كان هذا الدّهرُ يُنصف ساعياً / لوَطِئْتُ منه مطالعَ الدَّبَرانِ
لا تأمُلَنْ زمناً يؤلّف وِردُهُ / بين الأسودِ الشُّوسِ والسِّرْحانِ
يُعطِي بَنيهِ العيشَ لا عن صَبْوَةٍ / ويشلُّهُم عنه بلا شَنَآنِ
فمتى رأيت مجرّراً أذيالَه / ناديته يا صاحبَ الأكفانِ
عندي له صبرٌ يردّدُ رِيقه / في صدره وقذاه في الأجفانِ
ولَطالما جرّعته كأسَ الأسى / وجَدَحْتُها بأسنّةِ المُرّانِ
كن يا زماني كيف شئتَ فلن ترى / شخصَ المذلّةِ لائذاً بلُباني
ما كلُّ مَن تلقى يبيعك عقلَه / ولَبَيْعُهُ من أكبر الخُسْرانِ
ألقيتُ عن قلبي السُّرورَ لفارغٍ / من همّتي بغرورِه ملآنِ
ما عاقني سِرْبُ السُّرورِ وإنّما / كِبَرُ النّفوسِ شبيبةُ الأحزانِ
ومُبَرّأٍ من كلّ ما شمل الورى / ألقيتُ من ثِقَتي إليه عِناني
لمّا كساني حُلَّةً من وُدِّهِ / أُنْسِيتُ سَلْبَ حَبائبي رَيْعاني
ما زلتُ أفحصُ في الورى عن مثلهِ / حتّى ظفرتُ بمن أقول كفاني
طمحتْ إليه عينُ كلِّ رئاسةٍ / لولاه ما نظرتْ إلى إنسانِ
لو شاء ما فاتَتْه أبعدُ رُتْبَةٍ / يسعى إليها الخلقُ بالأجفانِ
لكنّه نظر الممالك دونه / فَزَهى على السُّلطانِ مِن سلطانِ
سبق الكرامَ السّالفين إلى العُلا / والسَّبْقُ للإحسانِ لا الأزمانِ
يا مَن علا بي ظهرَ وَرْدٍ سابقٍ / لمّا رأى ذمّي إليه حِصاني
إيّاك أنْ تُفْشِي سَريرةَ وُدِّنا / فيصدّني عن قربك المَلَوانِ
ويمدّ صَرْفُ الدّهرِ نَحِوى طَرْفَه / وَهو الّذي لَولاك ليس يراني
هَذا الّذي ذكراه آنسَ ناظري / وهواه أوحشني من الأشجانِ
أُهدِي إليه من كلامي أيِّماً / لكنْ لها من مدحِهِ بَعْلانِ
تتجاذبُ الخُطّابُ دون جنائها / ويُرَدُّ عنها أجملُ الفِتْيانِ
فَتَوَدُّ كلُّ جوارحي في مدحهِ / أنْ كنّ من شوقٍ إليه لساني
يا مالكاً رِقِّي بلا ثَمَنٍ
يا مالكاً رِقِّي بلا ثَمَنٍ / غير الملاحةِ منه والحسنِ
إنَّ الّذي نمَّ الوشاةُ به / لم يصدقوا فيه ولم يكُنِ
وهَجَرتني فطردت معتمداً / عن مُقْلَتَيَّ لَذاذَةَ الوَسَنِ
فقبيح ظلمِك فيه يعذُلني / ومليحُ ظُلمٍ منك يعذرني
ولِمنْ ألومُ وإنّما بصري / هذي جنايتُهُ على بَدَني
هي محنةٌ لولا الغرورُ بها / حازتْ ضِراراً سائرَ المِحَنِ
وَلو اِنّ لِي قلباً يطاوعني / ليئِسْتُ ممّنُ ليس يرحمني
فقطعتُ من إنصافِهِ أَمَلِي / ونفضتُ من إسعافِهِ دَرَنِي
يا يومُ أيُّ شَجىً بِمثلك ذاقه
يا يومُ أيُّ شَجىً بِمثلك ذاقه / عُصَبُ الرّسولِ وصفوةُ الرّحمنِ
جرّعتَهم غُصصَ الرّدى حتّى اِرتوَوا / ولَذعْتَهمْ بلواذِعِ النّيرانِ
وطَرَحتَهمْ بَدَداً بأجوازِ الفَلا / للذّئبِ آونةً وللعِقبانِ
عافوا القرارَ وليس غير قرارهمْ / أوْ بردِهمْ موتاً بحدّ طعانِ
مُنِعوا الفُراتَ وصُرّعوا مِن حولِهِ / من تائقٍ للوِرْدِ أوْ ظمآنِ
أوَ ما رأيتَ قِراعَهم ودفاعَهم / قِدْماً وقد أُعْرُوا من الأعوانِ
متزاحمين على الرّدى في موقفٍ / حُشِيَ الظُّبا وأُسِنَّةَ المُرّانِ
ما إِنْ بهِ إلّا الشّجاعُ وطائرٌ / عنه حِذارَ الموتِ كلُّ جَبانِ
يومٌ أذلَّ جماجماً من هاشمٍ / وسرى إلى عدنانَ أوْ قحطانِ
أرْعى جميمَ الحقِّ في أوطانهمْ / رَعْيَ الهشيمِ سوائِمَ العُدوانِ
وأنارَ ناراً لا تبوخُ وربّما / قد كان للنّيرانِ لونُ دُخانِ
وهوَ الّذي لم يُبقِ من دينٍ لنا / بالغدرِ قائمةً من البُنيانِ
يا صاحبيَّ على المصيبةِ فيهمُ / ومشارِكِيَّ اليومَ في أحزاني
قوما خُذا نارَ الصَّلا من أضلُعِي / إن شئتما والماءَ من أجفاني
وتَعلّما أنّ الّذي كتّمْتُه / حَذَرَ العِدا يأْبى على الكتمانِ
فلو اِنّني شاهدتُهمْ بين العِدا / والكُفْرُ مُعْلَوْلٍ على الإيمانِ
لخَضَبْتُ سيفي من نجيع عدوّهمْ / ومحوتُ من دمهمْ حُجول حصاني
وشفيتُ بالطّعنِ المبرِّحِ بالقنا / داءَ الحقودِ ووعْكَةَ الأضغانِ
ولَبعْتُهُمْ نفسي على ضَنٍّ بها / يومَ الطُّفُوفِ بأرْخصِ الأثمانِ