هاتِيكَ دارُهُمُ فقِفْ بمَغَانِها
هاتِيكَ دارُهُمُ فقِفْ بمَغَانِها / تَجِدِ الدُّمُوعَ تَجِدُّ في هَمَلانِها
عُجْنَا الرِّكابَ بها فَهَيَّجَ وَجْدَنَا / دِمَنٌ ذَعَرْنَ السِّرْبَ مِن إِدْمَانِهَا
دارٌ عَهِدْتُ بها الصّبا لِيَ دَوْحةً / أَتفيَّأُ الفَرَحاتِ مِن أَفْنَانِهَا
أَرْعى على بَقَرِ الأَنِيسِ بجَوِّها / وأُحكِّمُ الصَّبَواتِ في غِزْلانِهَا
وإِذا تَهَادَتْ بالشُّمُوسِ نَوَاعِماً / فيها الغُصُونُ جَنَيْتُ مِن رُمّانِهَا
قَضَتِ النَّوَى بذِيادِ رُجَّحِ عينِهِمْ / ظُلْماً وكانَ الدَّهْرُ مِن أَعْوَانِهَا
زَجَرُوا اغْتِراباً مِن نَعِيبِ غُرابِهِمْ / وقَضَوا ببَيْنٍ مِن مُغرِّدِ بانِهَا
فبَدا لهم وَجْهُ الفِرَاقِ مُوَقَّحاً / آتٍ على خَبَرِ النَّوَى بعِيانِهَا
يَقْذِفْنَ دُرَّ الدَّمْعِ في يَوْمِ النَّوَى / عن جُمّةٍ لَعِبَ الأَسَى بجُمانِهَا
وَدَّعْتُهُمْ وزِنَادُ قَدْحٍ في الحَشَا / دُونَ الضُّلوعِ يَشُبُّ مِن نِيرانِهَا
وأَسَلْتُهَا ذَوْبَ الجُفُونِ كَأَنَّهَا / أَيْدِي بَنِي المَنصْور في سَيَلانِهَا
يا صاحِبَيَّ إِذا وَنَى حادِيكُمَا / فَتَنَشَّقَا النَّفَحَاتِ مِن ظَيَّانِهَا
وخُذَا لِمُرْتَبَع الحِسانِ فرُبَّمَا / شَفَعَ الشَّبَابُ فصْرتُ مِن أَخدانِهَا
عَاوَدتُ ذِكْرَ العَيْشِ فيه وما انْقَضَى / مِن صَبْوتِي وطَوَيْتُ مِن أَزْمانِهَا
فَبَكَيْتُ مِن زَمَنٍ قَطَعْتُ مَراحِلاً / وشَبيبَةٍ أَخْلَقْتُ مِن رَيْعَانِهَا
ورَعَيْتُ مِن وَجْهِ السَّمَاءِ خَمِيلةً / خَضْرَاءَ لاحَ البَدْرُ مِن غُدْرانِهَا
وكأَنَّ نَثْرَ النَّجْمِ ضَأْنٌ وسْطَهَا / وكأَنَّمَا الجَوْزاءُ راعِي ضانِهَا
وكأَنَّما فيه الثُّريّا جوْهرٌ / نَثَرتْ فَرَائِدهُ يدا دبرانِهَا
وكأَنَّما الشِّعْرى عقِيلةُ معْشَرٍ / نَزَلَتْ بأَعْلى النَّسْرِ مِن وِلدانِهَا
وكأَنَّما طُرُقُ الْمَجَرَّةِ منْهَجٌ / للعامِريَّة ضاءَ من فينانِهَا
المُعْجِلِين عِداتَهُمْ بِرماحِهِمْ / والجاعِلِين الْهَام مِن تِيجانِهَا
أَسْرى لهم بالخَيْلِ حتَّى خَيَّلُوا / أَنَّ الجِبال رمتْهُمُ برِعانِهَا
ورَمى العِدى بكَتَائِبٍ مِلءَ الفَضا / أَغْمدْنَ نَصْل الصُّبْحِ في رهَجانِهَا
مِن كُلِّ سلْهَبةٍ تَطِيرُ بأَرْبعٍ / يُنْسِيك مُؤْخَرُهَا الْتِماح لَبانِهَا
نَشَأُوا بزاهِرَِة المُلُوكِ ومائِهَا / وكأَنَّهُمْ نَشَأُوا على غَسَّانِهَا
وأَرتْهُمُ العُرْبُ الكِرامُ مِصاعَها / فَتَعلَّمُوا مِن ضَرْبِهَا وطِعانِهَا
أَنا طَوْدُهَا الرّاسِي إِذا ما زَلْزَلَتْ / أَيْدِي الحوادِثِ مِن فُؤادِ جبانِهَا
وعليَّ للصَّبْرِ الجمِيلِ مُفاضةٌ / زَغْفٌ أَفُلُّ بها شَباةَ سِنانِهَا
وكأَنَّنِي لمّا كَرُمْتُ وقد شَكَتْ / أَرْضِي الحوادِث غِبْتُ مِن حدثانِهَا
والنَّفْسُ نَفْسٌ مِن شُهَيْدٍ سِنْخُها / سِنْخٌ غَذَتْ منه العُلا بلِبانِهَا
ما احْولَّ نَحْوِي لَحْظُ مُقْلَةِ ساخِطٍ / إِلا وضَعْتُ السَّهْم في إِنْسانِهَا
ولَوْ انَّهُ نَطَح النُّجُوم بقَرْنِهِ / كُنْتُ الزَّعِيمَ له بنَحْسِ قِرانِهَا
وقَضَتْ بعِزِّ النَّفْسِ مِنِّي دوْحةٌ / مِن عامِرٍ أَصْبحْتُ مِن أَغْصانِهَا
يا ابْن الأَبالِجِ مِن معافِرَ والَّذِي / أَرْبى يزِيدُ على عُلا بُنْيانِهَا
أَعْلَى كِتَابُك في مُهِمِّي حُرْمتِي / وجلا جوابُك مِن دُجى حِرْمانِهَا
فَلَيطْلُعنَّ إِلَيْك مِن زَهرِ الحِجا / أَبْكَارُ شُكْرٍ لُحْن في إِبّانِهَا
حُرُّ القَوافِي ماجِدٌ في أَهْلِهَا / الشِّعْرُ عبْدٌ في بنِي عُبْدانِهَا
مدح المُلُوكَ وكان أَيْضا منهُمُ / ولقد يُرى والشِّعْرُ مِن ذُؤبانِهَا
أَمْسى الفَرزْدقُ كُفْؤَها في حوْكه / وَجرى القَضَاءُ لها على صَلَتَانِهَا