المجموع : 8
أدِمِ المروءةَ والوفاءَ ولا يكنْ
أدِمِ المروءةَ والوفاءَ ولا يكنْ / حبل الديانة منك غيرَ متينِ
والعزّ أبقى ما تراه لمكرم / إكرامُهُ لمروءَةٍ أو دينِ
ومُديمةٍ لَمْعَ البروقِ كأنّما
ومُديمةٍ لَمْعَ البروقِ كأنّما / هَزّتْ من البيضِ الصفاحِ متونا
وسرتْ بها الرّيحُ الشمالُ فكم يدٍ / كانت لها عند الرّياض يمينا
صرَختْ بصَوْتِ الرّعد صرْخة حامل / ملأتْ بها الليلَ البهيمَ أنينا
حتى إذا ضاقتْ بمضمر حملها / ألْقَتْ بحجرِ الأرضِ منه جنينا
قطراً تَنَاثَرَ حَبُّهُ فلوَ اَنّهُ / دُرٌّ تنظّمه لكان ثمينا
وكأنّما عُمْي الرياضِ بدمعه / كُسِيَتْ من الزّهْرِ الأنيقِ عيونا
عَذّبْتني بالعُنْصُرَيْنِ
عَذّبْتني بالعُنْصُرَيْنِ / بلظى حشاي وماءِ عيني
ألْبَسْتِي سَقَماً أرا / كِ لَبِسْتِهِ في الناظرينِ
جسمي هو الطّيْفُ الّذي / يُدْنِيهِ منكِ طِلابُ ديني
ولقد خَفِيتُ من الضّنا / وأمِنْتُ لَحْظَ الكاشحينِ
ولئن سلمتُ من الرّدى / فلأنّهُ لم يدر أيْني
لم أسْلُ عنْهُ وقد سَلا عنّي
لم أسْلُ عنْهُ وقد سَلا عنّي / فالذّنْبُ منه وضِدّهُ منّي
قمرٌ ملاحاتُ الورى جُمِعَتْ / في خَلْقِهِ فَنّاً إلى فَنِّ
قد كان يبلغُ من مواصلتي / ظنّي وفوقَ نهايةِ الظنِّ
ويضيفُ ريقَتَهُ بقبلتِهِ / كَإضافةِ السلوى إلى المنِّ
فاليومَ ينفرُ من ملاحظتي / كَنِفارِ إنْسيٍّ من الجنِّ
يا صورةَ الحُسْنِ الَّتي طَلَعَتْ
يا صورةَ الحُسْنِ الَّتي طَلَعَتْ / بالشمسِ في خُوطٍ من البانِ
ما بالُ بلقيسيّ حُسْنِكِ لا / يَحْنو على وَجْدي السُّلَيماني
لمّا وجدتُ هَواكِ خامَرَني / أيقنتُ أنّ هواك روحاني
لا تنكري داءً نحلتُ به / فبِسُقْم طرْفِك سُقْم جثماني
يا كيْفَ أكْتُمُ حبّ فاتكةٍ / يبديه إسراري وإعلاني
إنْسيّةٌ ذكرى محبّتها / جنيّةٌ بالشّوقِ تَغْشاني
ولقد يخامرُني بها شَغَفٌ / لا يُفْتَدَى منه بسلواني
يا من يجازيني بسيّئةٍ / أكذا يكون جزاءُ إحساني
وأبي هواكِ وما حلفتُ به / إلّا وكانَ الصّدقُ من شاني
لا طابَ لي طِيبُ الحياة ولا / خَطَرَ الكرى بضميرِ أجفاني
حتى أرى والوَصْلُ يجمعنا / إنسانَ عينك نُصْبَ إنساني
أعليتَ بين النجم والدّبرانِ
أعليتَ بين النجم والدّبرانِ / قصراً بناهُ من السعادة بانِ
فَضَحَ الخوَرنَقَ والسديرَ بحسنه / وسما بقمّتِهِ على الإيوانِ
فإذا نَظَرْتَ إلى مَرَاتبِ مُلكه / وبدتْ إليك شواهدُ البرهانِ
أوْجَبْتَ للمنصور سابقةَ العُلى / وعَدلْتَ عن كسرَى أنوشروانِ
قصرٌ يقصِّرُ وهو غير مقصِّر / عن وصفه في الحسن والإحسانِ
وكأنّهُ من دُرّةٍ شَفّافَةٍ / تُعْشي العيونَ بشدّة اللمعانِ
لا يَرْتقي الرّاقي إلى شرفاتِهِ / إلا بمعراج من اللحظانِ
عرّجْ بأرض الناصرّية كي تَرَى / شَرَفَ المكان وقدْرَةَ الإمكانِ
في جنّةٍ غَنّاءَ فِرْدَوْسِيّةً / محفوفةٍ بالرَّوحِ والرّيحانِ
وتوقّدتْ بالجمر من نارنجها / فكأنّما خُلِقَتْ من النّيرانِ
وكأنّهنّ كراتُ تبرٍ أحمرٍ / جُعِلَتْ صوالجها من القضبانِ
إن فاخر الأترجُّ قال له ازدجر / حتى تحوزَ طبائع الإيمانِ
لي نفحةُ المحبوب حين يَشمني / طيباً ولونُ الصّبّ حين يَراني
منّي المصبَّغ حين يبسط كفّه / فبنانُ كلّ خريدة كبناني
والماءُ منه سبائكٌ فضيّةٌ / ذابتْ على دَرَجاتِ شاذروانِ
وكأنّما سيفٌ هناك مُشَطَّبٌ / ألقَتْهُ يوم الحرب كفّ جبانِ
كم شاخصٍ فيه يطيلُ تَعَجّباً / من دوحَةٍ نَبَتتْ من العقيانِ
عَجَباً لها تسقي الرياض ينابعاً / نَبَعَتْ من الثّمَرَاتِ والأغصانِ
خصّتْ بطائرَةٍ على فَنَنٍ لها / حَسُنَتْ فَأُفْرِدَ حُسْنُها من ثانِ
قُسّ الطيورِ الخاشعاتِ بلاغةً / وفصاحةً من منطقٍ وبيانِ
فإذا أُتيحَ لها الكلامُ تَكَلّمَتْ / بخريرِ ماءٍ دائمِ الهملانِ
وكأنّ صانِعَها استبدّ بصنعةٍ / فخرَ الجمادُ بها على الحيوانِ
أوْفتْ على حوْضٍ لها فكأنّها / منها إلى العَجَبِ العُجابِ رواني
فكأنّها ظَنّتْ حلاوةَ مائها / شهداً فذاقتْهُ بكلّ لسانِ
وزرافةٍ في الجوفِ من أنبوبها / ماءٌ يريكَ الجري في الطيرانِ
مركوزة كالرمح حيثُ ترى له / من طعنه الحلق انعطاف سنانِ
وكأنّها ترْمي السماء ببندق / مستنبطٍ من لؤلؤ وجمانِ
لو عاد ذاك الماءُ نفطاً أحرقت / في الجوّ منه قميصَ كلّ عنانِ
في بركةٍ قامتْ على حافاتها / أُسْدٌ تذلُّ لعزّة السلطانِ
نزَعتْ إلى ظلم النفوس نفوسها / فلذلك انتزعتْ من الأبدانِ
وكأنّ بَرْدَ الماءِ منها مُطفئٌ / ناراً مُضَرَّمَةً من العدوانِ
وكأنّما الحيّات من أفواهها / يَطرَحنَ أَنفُسَهن في الغدرانِ
وكأنّما الحيتان إذ لم تخشها / أخذت من المنصور عقد أمانِ
كم مجلسٍ يجري السرور مسابقاً / منه خيولَ اللهو في ميدانِ
يجلو دماهُ على الخدود ملاحةً / فكأنّهُ المحراب من غمدانِ
فسماؤه في سمكها علويَّةٌ / وقبابه فَلَكِيّةُ البنيانِ
للّه شمسٌ كانَ أولها السّها
للّه شمسٌ كانَ أولها السّها / كَحَلَ الظلامُ بنورها أجفاني
جادَ الزّنادُ بِعُشْوَةٍ فتَخيّرت / قَصَرَ الجفيفةِ بعد طول زمانِ
شعواءُ باتتْ تَرْمَحُ الريح التي / أمْسَتْ تجاذبها شليل دخانِ
وكأنّما في الجوّ منها رايةٌ / حمراءُ تخفق أو فؤاد جبانِ
أقبلتها من وجه أدهم غُرَّةً / فأرتْك كيف تَقَابَلَ القمرانِ
في ظلّ منسدل الدجى جارتْ به / عيني التي هُدِيَتْ بأذن حصاني
للّه واصفةٌ مُعَرَّسَ سادةٍ / وهناً لعينك باضطراب لسانِ
نزلوا بأوطان الوحوش وما نبا / بهمُ زمانُهُمُ عن الأوطانِ
خطّافة الحركات ذات مساعر / حملت جفونَ مراجلٍ وجفانِ
كالبحر أعلاها اللهيبُ وقعرها / جمرٌ كمثل سبائك العقيانِ
تَشوي اللطاةَ على سواحل لجها / للطارقين شواءة اللحمانِ
من كلّ منسكب السماحة يلتظي / في كفّه اليمنى شواظُ يماني
وإذا ابن آوى مدّ ذات رُنُوِّهِ / كَحَلَتْهُ بابن حَنِيّةٍ مرنانِ
متوسّدين بها عبابَ دروعهم / إنّ الدروع وسائدُ الشُجعانِ
يتنازعونَ حديثَ كلّ كريهةٍ / بِكْرٍ تَصَالوا حرّها وعوانِ
صرعوا الأوابدَ في الفدافد بالقنا / وخواضب الظلمان في الغيطانِ
من كلّ وحشيّ يُسابقُ ظِلَّهُ / حتى أتاه مسابقُ اللحظانِ
صِيدٌ إذا شهدوا النديّ همى الندى / فيه ونيط الحسن بالإحسانِ
من كلّ صَبٍّ بالحروبِ حياتُهُ / مشغُوفَةٌ بمنيّةِ الأقرانِ
في متن كلّ أقبّ تحسبُ أنّه / برقٌ يصرِّفه بوَحْي عنانِ
وإذا تَضَرّمَتِ الكريهة واتقى / لفحاتِها الفرسان بالفرسانِ
وثنى الجريحُ عنانه فكأنّما / خُلِعَتْ عليه معاطف النشوانِ
وعلى الجماجم في الأكف صوارمٌ / ففراشها بالضرب ذو طيرانِ
قدّوا الدروعَ بقضبهم فكأنّما / صَبّوا بها خُلُجاً على غدرانِ
وَأرَوْكَ أنّ من المياه مَناصِلاً / طُبِعَتْ مضاربها من النيرانِ
أخذتْ سفاقسُ منك عهدَ أمانِ
أخذتْ سفاقسُ منك عهدَ أمانِ / وَرَدَدتَ أهليها إلى الأوطانِ
أطلقتَ بالكرم الصريح سراحَهُمْ / فرعوا بقاعَ العزّ بعد هوانِ
وعطفتَ عطفةَ قادمٍ أسيافُهُ / غُمِدَتْ على الجانين في الغفرانِ
كم من مُسيءٍ تحتَ حكمك منهمُ / قَلّدْتَهُ مِنَناً من الإحسانِ
ومروَّعٍ وقع الردى في رُوعِهِ / أطفأت جَمْرَةَ جَوْفهِ بأمان
كان الزّمانُ عدوّهم فثنيْتَهُ / وهو الصّديقُ لهم بلا عُدوانِ
أمسى وأصبح طيبُ ذكركَ فيهمُ / بأريجِهِ يَتَأرّج الملوانِ
ولقد يكون من الضلوع حديثُهُم / في مُعْضِلاتِ تَوَقّعِ الحدثانِ
يا يَوْمَ رَدّهِمُ إلى أوطانِهِمْ / لرددتَ أرواحاً إلى أبدانِ
نزَلتْ بك الأفراحُ في عَرَصَاتهمْ / وبها يكونُ تَرَحّلُ الأحزانِ
فِلَذُ القلوب إلى القلوب تَراجعتْ / في مُلْتَقَى الآباءِ بالولدانِ
والأمّهاتُ على البناتِ عَواطِفٌ / والمشفقاتُ على اللّداتِ حوانِ
سُرَّ القرابةُ بالقرابةِ منهمُ / وتَأنّسَ الجيرانُ بالجيرانِ
وَتَزَاوَرَ الأحبابُ بعد قطيعةٍ / دخلتْ بذكر الودّ في النّسيانِ
في كلّ بيتٍ نعمةٌ وَمَسَرّةٌ / شربوا سُلافتها بلا كيزانِ
ودُعاؤهم لك في السماء مُحَلّقٌ / حتى لضاقَ بعرضه الأفقانِ
كحجيج مكة في ارْتفاع عجيجهم / وطوافهمْ بالبيتِ ذي الأركانِ
صَيّرْتَ في الدّنْيا حديثك فيهمُ / مثلاً يمرّ بأهل كلّ زمانِ
فخرٌ يقيمُ إلى القيامة ذكرُهُ / مثلَ الشنوفِ تُناطُ بالآذانِ
لك يا ابن يحيى في علائك مُرْتَقى / لم تَرْقَهُ من أكبرٍ قدمانِ
إن كنتَ في الأيمان أشرعتَ القنا / فبها أقمْتَ شرائعَ الإيمانِ
أو كان فضْلُك ليس يُجحدَ حقُّه / فعليه مُتّفِقٌ ذوو الأديانِ
أو كنْتَ مرهوبَ الأناةِ فكامنٌ / فيها وثوبُ الضيغم الغضبانِ
لا يأمنِ الأعداءُ وقعَ صوارمٍ / نامتْ مناياهُنّ في الأجفانِ
فلها انتباهٌ في يديكَ وإنّها / لقطوف هامات الجُناةِ جَوانِ
كم للعدى في الروع من خَرَسٍ إذا / نطقَ الرّدى لهمُ من الخُرصْانِ
لله دَرّكَ من هُمامٍ حازمٍ / يَرْضى ويغضَبُ في رضى الرحمانِ
للَّه منك جميلُ صنعٍ سائحٌ / في الأرضِ منْه حديثُ كل لسانِ
سرّحْتَ مالكِ من يمينِ سميحةٍ / والمال في اليمنى السميحة عانِ
إنِّي امرؤ أبني القريض ولا أرى / زَمَناً يحاولُ هدْمَ ما أنا باني
صَنعٌ بتحبيرِ الثناءِ وَحَوْكِهِ / فكأنّما صنعاءُ تحت لساني
وأفيدُ نوّارَ البديع تضوّعاً / مُتَنَسمّاً بدقائقِ الأذهانِ
والشعرُ يسري في النفوس ولا كما / يَسْري معَ الصّهباءِ والألحانِ
ولقد شأوتُ الريح فيه مُسَابقاً / من بعد ما أمسكتُ فضْل عِناني
وطعنتُ في سنّ الكبير وما نبا / عن طَعنِ شاكلة البديع سناني
ولوَ انّني أصْفَيْتُ منه لولّدتْ / علياك في فكري ضروبَ معاني
فافخرْ فإنّكَ من مُلوكٍ لم يَزَلْ / لهمُ قديمُ مَفَاخرِ الأزمانِ
ولقد عكفتَ على مواصلَةِ النّدى / فكأنّهُ حُبٌّ بلا سلوانِ
وغمرْتَ بالطَّوْلِ الزّمانَ فقلْ لَنا / أهُوَ الهواءُ يعمّ كلّ مكانِ
نُفْني مدائِحَنا عَلَيكَ لأنَّها / سُقيَتْ ظماءً منك ماءَ بنانِ
والرّوْضُ إن رَوّى الغمامُ بقاعَهُ / أثْنى عليه تَنَفّس الريحانِ
سنحتْ في السرْبِ من حورِ الجنانْ / ظبيةٌ تبسم عن سِمْطَيْ جُمان
وكأنّ العَيْنَ منها تجتلي / بَرَداً للبرق فيه لَمَعَان
بنتُ سبعٍ وثمانٍ وَجَدَتْ / عُمُري ضَرْبَكَ سبعاً في ثمان
في شبابٍ بهجٍ وفّى لها / وثنى ريعانَهُ عنّي فخان
يستبي النّاسكَ منها ناظرٌ / ساحرُ الطرْفِ عليلُ اللّحظان
وأثيثٌ ذو عقاصٍ غَيّمَتْ / فيه للمندل أنفاسُ دخان
يا لها من جنّةٍ رمّانُها / ما دَرَتْ ما لمسُهُ راحةُ جان
يا عليلَ القلب كم ذا تشتهي / سَوْسَنَ النحرِ وَعُنّابَ البنان
وأوانُ الهجرِ لا يُجْنى به / ثَمَرٌ كان لها الوَصْلُ أوان
إذ شبَابي غَضّةٌ أوراقُه / وحديثي تُحَفٌ بين الحسان
وقطوفُ اللهوِ من قاطفها / دانياتٌ ببنيّاتِ الدّنان
كلّ عذراءَ عجوز قد علا / رأسَها في الدنّ شيبُ القُمُّحان
وكأنّ الكفّ من حُمرَتِها / غُمِسَتْ أنْملها في الأرجُوَان
صرْفُها يقسو فيبدي غضباً / فإذا أرضَيْتَهُ بالمزْجِ لان
رَبّةَ القُرْطِ الذي أحسبه / راشَ للقلب جَنَاحَ الخفقان
إن يكُنْ سحركِ قد خُصّ بهِ / لحظُ طرفٍ منك أو لفظُ لسان
فعليٌّ بأسُهُ خُصّ بِهِ / حدُّ سيفٍ منه أو حدُّ سنان
منعم تهوى القوافي مَدْحَهُ / أو مَا ناظِمُ مَعناها مُعان
معرقٌ في المجد من آبائه / أُسُدِ الرّوع وأملاكِ الزمان
جلّ مِنْ شبلٍ أبوه قَسْوَرٌ / بَطَلُ الحرْبِ بكفّيْهِ جبان
إن تلا يحيى عليٌّ في العلى / فبما دانَ من الإِحسان دان
كلّ يومٍ في المعاني قدرُهُ / بسماءِ الملك يَنْمي للعيان
وهلالٌ أوّلُ البدرِ الّذي / يَرْتدي بالنور منه الأفقان
كم طريدٍ مُستقِرٍّ عندهُ / من حَرُورِ الخوْفِ في ظلّ أمان
وفقيرٍ مُعْسِرٍ قد صانَهُ / من مهين الفقر بالمال المهان
كان في غير حماه غرضاً / لِسِهامٍ فُوّقَتْ بالحدثان
في جَفافِ العُدْمِ حتى غرَفَتْ / من يديه في الغنى منه يدان
يشتري بالحمدِ فَقْراً كيفَ لا / يُشْتَرى باقٍ معَ الدّهْرِ بفان
جادَ حتى قيلَ هلْ أموالهُ / عند أهل القصد في صَوْن اختزان
وإذا الهيجاءُ شَبّتْ نارُهَا / بالرّقاقِ البيضِ والسُّمرِ اللدان
وأثارتْ شُزَّبُ الجُرْدِ بها / عِثْيَراً يَسودّ منه الخافقان
فكأنّ الليلَ مما أظلمتْ / جُنّ أو ألقى على الأرض جِران
صادَ بالبأس عليٌّ صِيدَها / وَثَنى منها عن النصر عِنان
بيمينٍ صَيّرَتْ خاتمها / تاجَ عَضْبٍ يقطفُ الهامَ يمان
وكأنّ الليْثَ من صَعْدَتِهِ / بفؤادِ الذِّمْرِ يعني أفعوان
يسْرقُ المهجةَ من عامِلِهِ / في أضاةِ الدرع للنار لسان
لست أدري أدَمٌ في رمحه / مِنْ جَنَانِ الدهرِ أم وردِ الجنان
يا ابن يحيى أنتَ ذو الطَّوْل الذي / أوّلٌ نائله والبحر ثان
فابقَ للمعروفِ في العزِّ وَدُمْ / من علوّ القدر في أعلى مكان
وعلى وجهك للبشرِ سنا / وعلى قَصْدِكَ للنّجْمِ ضَمان