كَم بِالنُهوضِ إِلى العُلا تَعِداني
كَم بِالنُهوضِ إِلى العُلا تَعِداني / ناما فَما لَكُما بِذاكَ يَدانِ
ما أَنتُما مِن رَهطِ جَسّاسٍ إِذا / ذُكِرَ الفِعالُ وَلا عَشِيرَةِ هاني
لا تَطلُبا البَيعَ الرَبيحَ فَأَنتُما / مِمّن يَقُومُ بِصَفقَةِ الخُسرانِ
قِدماً شَرى المَهوِيُّ لا لِضَرُورَةٍ / عارَ الحَياةِ بِأَوكَسِ الأَثمانِ
فَخُذا عَلى مِنهاجِ شَيخِكُما فَما / بَينَ النَباهَةِ وَالخُمولِ تَدانِ
أَرِجالَ عَبدِ القَيسِ كَم أَدعُوكُمُ / في كُلِّ حِينٍ لِلعُلا وَأَوانِ
فَتراكُمُ مَوتى فَأَسكُتُ أَم تُرى / خُلِقَت رُؤوسُكُمُ بِلا آذانِ
هَلّا اِقتَدَيتُم بِالغَطارِفِ مِن بَني / جُشَمٍ أَو الساداتِ مِن شَيبانِ
كَم ذا تُسامُونَ الهَوانَ وَأَنتُمُ / خُضعُ الرِقابِ تَطامُنَ الخِصيانِ
تَعساً عَبيدَ الظالِمينَ وَلا لَعاً / لَكُم فَلَيسَ هِجانُكُم بِهِجانِ
أَصبَحتُمُ غَرَضاً تَناضَلهُ العِدى / بِمُذَرَّباتِ البَغيِ وَالعُدوانِ
مُتَهَدِّفينَ لِكُلِّ رامٍ بِالأَذى / يَرمِيكُمُ كَتَهَدُّفِ الحِيطانِ
ما مِنكُمُ شَخصٌ يَرُوعُ وَإِنَّهُ / لَيَرى سِهامَ المَوتِ رَأيَ عِيانِ
لِلّهِ دَرُّكُما لَقَد أَحرَزتُما / طَبعَ الجَمادِ وَصُورَةَ الحَيوانِ
ثَكِلَتكُما الأَعداءُ ثُكلاً عاجِلاً / يا غُصَّةَ الإِخوانِ وَالجِيرانِ
القَومُ تَأكُلكُم وَيَأكُلُ بَعضُكُم / بَعضاً كَأَنَّكُمُ مِنَ الحِيتانِ
مَن عَزَّ مِنكُم كانَ أَكبَرُ هَمِّهِ / شَقَّ العَصا وَتَذَكُّرَ الأَضغانِ
وَتَضافَرَ المُتضادِدُونَ وَكُلُّكُم / بادي القَطِيعَةِ ظاهِرُ الخِذلانِ
ما مِنكُمُ إِلّا مُرَدِّدُ زَفرَةٍ / وَمُطِيلُ عَضِّ أَنامِلٍ وَبَنانِ
حِرصاً عَلى جَضمِ الحَرامِ وَدَولَةٍ / تَذَرُ البُيوتَ تَضِجُّ بِالإِرنانِ
إِكرامُكُم لِمُهِينِكُم وَهَوانُكُم / لِمُعِزِّكُم في السِرِّ وَالإِعلانِ
لَم يَغضَبِ البَدَويُّ إِلّا قُلتُمُ / سُدُّوهُ كَي يَرضى بِمالِ فُلانِ
وَالسَدُّ أَخرَبَ مَأرِباً فَتَيَقَّنُوا / بَعدَ اِنفِتاحِ السَدِّ بِالطُوفانِ
تَتَظَلَّمُونَ مِنَ المُلوكِ وَأَنتُمُ / أَصلُ البَلا وَالشومِ مُنذُ زَمانِ
كَم لِلعَشيرَةِ مُذ تَوَلّى ماجِدٌ / مِن سابِقٍ بِعتُم وَمِن بُستانِ
وَاللّهِ ما نَحَسَ البِلادَ سِواكُمُ / لا بِالعِدى اِنتَحَسَت وَلا السُلطانِ
لَكِنَّ جازَ عَلى الطَغامِ بِجَهلِهم / ما تَحلِفُونَ لَهُم مِن الأَيمانِ
شَيَّدتُمُ عِزَّ العِدى وَتَركتُمُ / بُنيانَ عِزِّكُمُ بِلا أَركانِ
كَم تُنهِضُونَ مِنَ العِثارِ معاشِراً / أَبَداً تَكُبُّكُمُ عَلى الأَذقانِ
صَدَّقتُمُ في عِيصِكُم نَفعاً لَكُم / ما قالَهُ العُلماءُ مِن عَدنانِ
نَسَبُوكُمُ فَعَزَوا بُيُوتاً مِنكُمُ / مَشهُورَةً لِسَوادِ خُوزستانِ
نَقَلَت أَوائِلُهُم إِلى البَحرَينِ كَي / يَبنُوا مُشَقَّرَها أَنُو شَروانِ
قَد كُنتُ أُكذِبُ ذاكُمُ وَأَظُنُّهُ / مِن دَاعياتِ البُغضِ وَالشَنآنِ
وَاليَومَ صِرتُ أَشُكُّ فيهِ وَرُبَّما / كانَ الصَحيحَ ومَنزِلَ الفُرقانِ
لَم يُحكَ أَنَّ رَبيعَةً أَغَضت عَلى / ضَيمٍ وَلا رَضيَت بِدارِ هَوانِ
وَرَبيعَةٌ تَحمي الذِمارَ وَلا تَرى / أَكلَ النَزيلِ وَلا صَياعَ العاني
قَومٌ لَهُم يَومُ الكُلابِ وَيَومُ ذِي / قارٍ وَيَومُ أَحِزَّةِ السُلّانِ
قَتَلُوا لَبيداً في جَريرَةِ لَطمَةٍ / خَطأٍ وَكانَ الرَأسَ مِن غَسّانِ
وَدَعَتهُمُ مُضَرٌ فَصالُوا صَولَةً / نَزَعَت رِداءَ المُلكِ مِن صُهبانِ
ما كُنتُ أَحسبُ وَالحَوادِثُ جَمَّةٌ / أَنّا عَبِيدُ الحَيِّ مِن قَحطانِ
حَتّى عَلَتني مِن لَبِيدٍ لَطمَةٌ / خَطَأً لِحامي حَرِّها العَينانِ
إِن تَرضَ تَغلِبُ وَائِلٍ بِفعالِهِ / تَكُن الدَنِيَّةَ مِن بَني عِمرانِ
وَهُمُ عَلى حُكمِ الأَسِنَّةِ أَنزَلُوا / كِسرى وَوَفُّوا ذِمَّةَ النُعمانِ
بِفَوارِسٍ تَدعُو يَزيدَ وَهانِئاً / وَالشَيخَ حَنظَلَةً أَبا مَعدانِ
وَشَبيبُ في مائَتَينِ قامَ فَكادَ يَن / تَزِعُ الخِلافَةَ مِن بَني مَروانِ
وَدُعي أَميرَ المُؤمِنينَ وَسُلِّمَت / كُرهاً إِلَيهِ مَنابِرُ البُلدانِ
إِيِهٍ بَقايا عَبدِ قَيسٍ إِنَّهُ / لا خَيرَ في ماضٍ بِكَفِّ جَبانِ
لا تَسقُطَن مِن هامِكم وَأُنُوفِكُم / هِمَمُ الرِجالِ وَغَيرَةُ الفِتيانِ
وَاِستَيقظُوا فَالسَيلُ قَد بَلَغَ الرُبى / وَعَلَت غَوارِبُهُ عَلى القُريانِ
وَذَرُوا التَحاسُدَ وَالتَنافُسَ بَينَكُم / فَكِلاهُما نَزغٌ مِنَ الشَيطانِ
وَاِستَعمِلُوا الإِنصافَ وَاِعصُوا كاشِحاً / لِفَسادِكُم يَسعى بِكُلِّ لِسانِ
وَتَدارَكُوا إِصلاحَ ما أَفسَدتُمُ / ما دُمتُمُ مِنهُ عَلى الإِمكانِ
فَتَحَدَّثُوا في لَمِّ شَعثِكُمُ فَما الس / ساعي بِفُرقَةِ قَومِهِ بِمُعانِ
فَكَفى لَكُم بِقَديمَةٍ وَمُقَدَّمٍ / وَبِعَبدَلٍ وَالكِندِ مِن حرثانِ
وَبِجَعفَرٍ وَمُسَلِّمٍ وَمُطَرِّفٍ / وَيَزيدَ وَالأَخلافِ وَالبدوانِ
وَسَواقِطٍ أَضعافُهُم قَذَفَت بِهِم / نَجدٌ مِنَ الآكامِ وَالغِيطانِ
لا يَعرِفُونَ اللَّهَ جَلَّ وَلا لَهُم / عِلمٌ بِيَومِ البَعثِ وَالمِيزانِ
قَد بانَ عَجزُكُمُ وَكُلُّكُمُ يَدٌ / عَنهُم فَكَيفَ وَأَنتُمُ حَزبانِ
وَاِقصُوا رِجالاً كُلُّهُم في هُلكِكُم / وَبوارِكُم تَجري بِغَيرِ عِنانِ
وَاِحمُوا دِيارَكُمُ الَّتي عُرِفَت بِكُم / مِن حينِ مَقتَلِ عامِر الضَحيانِ
أَو لا فَإِنَّ الرَّأيَ أُن تَتَرَحَّلُوا / عَنها لِدارِ مَعَرَّةٍ وَهَوانِ
مِن قَبلِ داهِيَةٍ يَقُولُ لَها الفَتى / مِنكُم مَتى يَومي فَما أَشقاني
لا تَحسِبُوا شَرَّ العَدُوِّ تَكُفُّهُ / عَنكُم مُصانَعَةٌ وَحَملُ جِفانِ
وَاللَهِ لا كَفَّ الأَعادي عَنكُمُ / مِن دُونِ سَلبِ مَعاجِزِ النِّسوانِ
لَم يَبقَ مالٌ تَتَّقُونَ بِهِ العِدى / لِرَبيعَةٍ فِيها وَلا قَحطانِ
أَخَذُوا مِنَ الأَحسا الكَثيبَ إِلى مَحا / دِيثِ العُيونِ إِلى نقا حُلوانِ
وَالخَطَّ مِن صَفواءَ حاذُوها فَما / أَبقَوا بِها شِبراً إِلى الظَهرانِ
وَالبَحرَ فَاِستَولُوا عَلى ما فيهِ مِن / صَيدٍ إِلى دُرٍّ إِلى مُرجانِ
وَمَنازِلُ العُظَماءِ مِنكُم أَصبَحَت / دُوراً لَهُم تُكرى بِلا أَثمانِ
وَأَمَضُّ شَيءٍ لِلقُلوبِ قَطائِعٌ / بِالمَروَزانِ لَهُم وَكَرّزكانِ
وَاللَهِ لَو نَهرٌ جَرى بِدمائِكُم / وَشَرِبتُهُ غَيظاً لَما أَرواني
فَاِجلُوا فَما أَنتُم بِأَوَّلِ مَن جَلا / وَاِختارَ أَوطاناً عَلى أَوطانِ
فَالأَزدُ أَجلوا قَبلَكُم عَن مَأرِبٍ / وَهُمُ جِبالُ العِزِّ مِن كَهلانِ
فَبَقُوا مُلُوكاً بِالعِراقِ وَيَثرِبٍ / وَالشامِ وَاِنفَرَدُوا بِمُلكِ عُمانِ
إِنّي لَأَخشى أَن تُلاقُوا مِثلَما / لاقى بَنُو العَيّاشِ وَالعريانِ
كَرِهُوا الجَلاءَ عَنِ الدِيارِ فَأُهلِكُوا / بِالسَيفِ عَن عَرضٍ وَبِالنِّيرانِ
فَصِلُوا حِبالَكُمُ بِحَبلِ مُحمَّدٍ / نَجلِ المُعَظَّمِ عَبدَلِ بنِ سِنانِ
تَجِدُونَ مَيمُونَ النَقِيبَةِ ماجِداً / مُتَساوِيَ الإِسرارِ وَالإِعلانِ
حَمّالَ أَثقالٍ وَرَبَّ صَنائِعٍ / وَمَلاذَ مَكرُوبٍ وَعِصمَةَ جانِ
أَحنى وَأَرأَفَ بِالعَشيرَةِ مِن أَبٍ / بَرٍّ وَأَعطَفَ مِن رَضيعِ لِبانِ
حِلمُ اِبنُ قَيسٍ في سَماحَةِ عَمِّهِ / مَعنٍ وَيُمنُ اِسكَندَرِ اليُونانِ
أَحيا أَباهُ ذا النَدى وَبَنى عَلى / ما كانَ شَيَّدَهُ مِنَ البُنيانِ
وَاِرضُوا رِضاهُ فَإِنَّ ساخِطَ أَمرِهِ / مِنكُم لَأَخسَرُ مِن أَبي غُبشانِ
يا راكِباً نَحوَ الحَساءِ شِملَّةً / تُنمى لِمُوجَدَةِ القَرى مِذعانِ
أَبلِغ هُدِيتَ أبا عَلِيٍّ ذا العُلى / عَنّي السَلامَ وَقُل لَهُ بِبَيانِ
أَتراكَ تَرضى أَن يُحَدِّثَ جاهِلٌ / أَو عالِمٌ مِن نازِحٍ أَو دانِ
فَيَقُولُ كانَ خَراب دارِ رَبيعَةٍ / بَعدَ العَمارِ بَنُو أَبي جَروانِ
يَأبى لَكَ الطَبعُ الكَريمُ وَنَخوَةٌ / عَرَبِيّةٌ شَهِدَت بِها الثَقلانِ
اِعطِف عَلى أَحياءِ قَومِكَ وَاِحتَمِل / ذَنبَ المُسِيءِ وَكافِ بِالإِحسانِ
وَاِعمَل لِما يحيي العَشيرَةَ وَاِطّرِح / قَولَ الوُشاةِ فَكُلُّ شَيءٍ فانِ
وَاِعلَم بِأَنَّ النَسرَ يَسقُطُ رِيشُهُ / حِيناً فَيُقعِدُهُ عَنِ الطَيرانِ
وَالصَعوُ يُنهِضُهُ وُفُورُ جَناحِهِ / حَتّى يَحُوزَ مَواكِنَ الغِربانِ
وَالدَوحَةُ القَنواءُ أَشينُ ما تُرى / مَعضُودَةً وَتزينُ بِالأَغصانِ
وَاِحذَر أُصَيحابَ النَصائِحِ وَاِحتَرِس / مِنهُم فَكُلُّهُمُ أَخُو كيسانِ
لا تَحسَبَنَّ الكَلبَ يَوماً دافِعاً / بِالنَبحِ صَولَةَ ضَيغَمٍ غَضبانِ
فَثَعالِبُ الدَهنا لَوِ اِجتَمَعَت لَما / مَنَعَت طَلاً بِالجَوِّ مِن سِرحانِ
وَلَو اِنَّ أَلفي بُوهَةٍ صالَت عَلى / بازٍ لَما مَنَعَتهُ عَن وَرشانِ
وَاِستَبقِ مُرَّةَ لِلعَدُوِّ فَمُرَّةٌ / في الإِنتِسابِ وَمالِكٌ أَخَوانِ
وَاِرفَع خَسِيسَةَ مَن تَشكّى مِنهُمُ / غَبناً وَكُن لِأَسيرِهِم وَالعاني
فَالرُمحُ لَيسَ يَتِمُّ لَو قَوَّمتَهُ / إِلّا بِزُجٍّ كامِلٍ وَسِنانِ
فَلأَنتَ لَو أَنصَفَت عَينُ زَمانِنا / يابا عَلِيِّ وَعَينُ كُلِّ زَمانِ
وَدَعِ اِحتِجاجَكَ بِالأَميرِ فَإِنَّهُ / ما لا يَجُوزُ عَلى ذَوي الأَذهانِ
وَاِعلَم بِأَنَّ الرُشدَ لَو حاوَلتَهُ / في طاعتي وَالغَيَّ في عِصياني
وَالرَأيُ عِندي ما تَقُولُ وَما تَرى / لا ما رَأى قَلبي وَقالَ لِساني