القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أَبو الطَّيِّب المُتَنَبّي الكل
المجموع : 3
الرَأيُ قَبلَ شَجاعَةِ الشُجعانِ
الرَأيُ قَبلَ شَجاعَةِ الشُجعانِ / هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ المَحَلُّ الثاني
فَإِذا هُما اِجتَمَعا لِنَفسٍ مِرَّةٍ / بَلَغَت مِنَ العَلياءِ كُلَّ مَكانِ
وَلَرُبَّما طَعَنَ الفَتى أَقرانَهُ / بِالرَأيِ قَبلَ تَطاعُنِ الأَقرانِ
لَولا العُقولُ لَكانَ أَدنى ضَيغَمٍ / أَدنى إِلى شَرَفٍ مِنَ الإِنسانِ
وَلَما تَفاضَلَتِ النُفوسُ وَدَبَّرَت / أَيدي الكُماةِ عَوالِيَ المُرّانِ
لَولا سَمِيُّ سُيوفِهِ وَمَضاؤُهُ / لَمّا سُلِلنَ لَكُنَّ كَالأَجفانِ
خاضَ الحِمامَ بِهِنَّ حَتّى ما دُرى / أَمِنِ اِحتِقارٍ ذاكَ أَم نِسيانِ
وَسَعى فَقَصَّرَ عَن مَداهُ في العُلى / أَهلُ الزَمانِ وَأَهلُ كُلِّ زَمانِ
تَخِذوا المَجالِسَ في البُيوتِ وَعِندَهُ / أَنَّ السُروجَ مَجالِسُ الفِتيانِ
وَتَوَهَّموا اللَعِبَ الوَغى وَالطَعنُ في ال / هَيجاءِ غَيرُ الطَعنِ في المَيدانِ
قادَ الجِيادَ إِلى الطِعانِ وَلَم يَقُد / إِلّا إِلى العاداتِ وَالأَوطانِ
كُلُّ اِبنِ سابِقَةٍ يُغيرُ بِحُسنِهِ / في قَلبِ صاحِبِهِ عَلى الأَحزانِ
إِن خُلِّيَت رُبِطَت بِآدابِ الوَغى / فَدُعاؤُها يُغني عَنِ الأَرسانِ
في جَحفَلٍ سَتَرَ العُيونَ غُبارُهُ / فَكَأَنَّما يُبصِرنَ بِالآذانِ
يَرمي بِها البَلَدَ البَعيدَ مُظَفَّرٌ / كُلُّ البَعيدِ لَهُ قَريبٌ دانِ
فَكَأَنَّ أَرجُلَها بِتُربَةِ مَنبِجٍ / يَطرَحنَ أَيدِيَها بِحِصنِ الرانِ
حَتّى عَبَرنَ بِأَرسَناسَ سَوابِحاً / يَنشُرنَ فيهِ عَمائِمَ الفُرسانِ
يَقمُصنَ في مِثلِ المُدى مِن بارِدٍ / يَذَرُ الفُحولَ وَهُنَّ كَالخِصيانِ
وَالماءُ بَينَ عَجاجَتَينِ مُخَلِّصٌ / تَتَفَرَّقانِ بِهِ وَتَلتَقِيانِ
رَكَضَ الأَميرُ وَكَاللُجَينِ حَبابُهُ / وَثَنى الأَعِنَّةَ وَهوَ كَالعِقيانِ
فَتَلَ الحِبالَ مِنَ الغَدائِرِ فَوقَهُ / وَبَنى السَفينَ لَهُ مِنَ الصُلبانِ
وَحَشاهُ عادِيَةً بِغَيرِ قَوائِمٍ / عُقمَ البُطونِ حَوالِكَ الأَلوانِ
تَأتي بِما سَبَتِ الخُيولُ كَأَنَّها / تَحتَ الحِسانِ مَرابِضُ الغِزلانِ
بَحرٌ تَعَوَّدَ أَن يُذِمَّ لِأَهلِهِ / مِن دَهرِهِ وَطَوارِقِ الحَدَثانِ
فَتَرَكتَهُ وَإِذا أَذَمَّ مِنَ الوَرى / راعاكَ وَاِستَثنى بَني حَمدانِ
المُخفِرينَ بِكُلِّ أَبيَضَ صارِمٍ / ذِمَمَ الدُروعِ عَلى ذَوي التيجانِ
مُتَصَعلِكينَ عَلى كَثافَةِ مُلكِهِم / مُتَواضِعينَ عَلى عَظيمِ الشانِ
يَتَقَيَّلونَ ظِلالَ كُلِّ مُطَهَّمٍ / أَجَلِ الظَليمِ وَرِبقَةِ السَرحانِ
خَضَعَت لِمُنصُلِكَ المَناصِلُ عَنوَةً / وَأَذَلَّ دينُكَ سائِرَ الأَديانِ
وَعَلى الدُروبِ وَفي الرُجوعِ غَضاضَةٌ / وَالسَيرُ مُمتَنِعٌ مِنَ الإِمكانِ
وَالطُرقُ ضَيِّقَةُ المَسالِكِ بِالقَنا / وَالكُفرُ مُجتَمِعٌ عَلى الإيمانِ
نَظَروا إِلى زُبَرِ الحَديدِ كَأَنَّما / يَصعَدنَ بَينَ مَناكِبِ العِقبانِ
وَفَوارِسٍ يُحَيِ الحِمامُ نُفوسَها / فَكَأَنَّها لَيسَت مِنَ الحَيَوانِ
ما زِلتَ تَضرِبُهُم دِراكاً في الذُرى / ضَرباً كَأَنَّ السَيفَ فيهِ اِثنانِ
خَصَّ الجَماجِمَ وَالوُجوهَ كَأَنَّما / جاءَت إِلَيكَ جُسومُهُم بِأَمانِ
فَرَمَوا بِما يَرمونَ عَنهُ وَأَدبَروا / يَطَؤونَ كُلَّ حَنِيَّةٍ مِرنانِ
يَغشاهُمُ مَطَرُ السَحابِ مُفَصَّلاً / بِمُثَقَّفٍ وَمُهَنَّدٍ وَسِنانِ
حُرِموا الَّذي أَمِلوا وَأَدرَكَ مِنهُمُ / آمالَهُ مَن عادَ بِالحِرمانِ
وَإِذا الرِماحُ شَغَلنَ مُهجَةَ ثائِرٍ / شَغَلَتهُ مُهجَتُهُ عَنِ الإِخوانِ
هَيهاتَ عاقَ عَنِ العِوادِ قَواضِبٌ / كَثُرَ القَتيلُ بِها وَقَلَّ العاني
وَمُهَذَّبٌ أَمَرَ المَنايا فيهِمِ / فَأَطَعنَهُ في طاعَةِ الرَحمَنِ
قَد سَوَّدَت شَجَرَ الجِبالِ شُعورُهُم / فَكَأَنَّ فيهِ مُسِفَّةَ الغِربانِ
وَجَرى عَلى الوَرَقِ النَجيعُ القاني / فَكَأَنَّهُ النارَنجُ في الأَغصانِ
إِنَّ السُيوفَ مَعَ الَّذينَ قُلوبُهُم / كَقُلوبِهِنَّ إِذا اِلتَقى الجَمعانِ
تَلقى الحُسامَ عَلى جَراءَةِ حَدِّهِ / مِثلَ الجَبانِ بِكَفِّ كُلِّ جَبانِ
رَفَعَت بِكَ العَرَبُ العِمادَ وَصَيَّرَت / قِمَمَ المُلوكِ مَواقِدَ النيرانِ
أَنسابُ فَخرِهِمِ إِلَيكَ وَإِنَّما / أَنسابُ أَصلِهِمِ إِلى عَدنانِ
يا مَن يُقَتِّلُ مَن أَرادَ بِسَيفِهِ / أَصبَحتُ مِن قَتلاكَ بِالإِحسانِ
فَإِذا رَأَيتُكَ حارَ دونَكَ ناظِري / وَإِذا مَدَحتُكَ حارَ فيكَ لِساني
الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الأَلسُنا
الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الأَلسُنا / وَأَلَذُّ شَكوى عاشِقٍ ما أَعلَنا
لَيتَ الحَبيبَ الهاجِري هَجرَ الكَرى / مِن غَيرِ جُرمٍ واصِلي صِلَةَ الضَنا
بِنّا فَلَو حَلَّيتَنا لَم تَدرِ ما / أَلوانُنا مِمّا اِمتُقِعنَ تَلَوُّنا
وَتَوَقَّدَت أَنفاسُنا حَتّى لَقَد / أَشفَقتُ تَحتَرِقُ العَواذِلُ بَينَنا
أَفدي المُوَدِّعَةَ الَّتي أَتبَعتُها / نَظَراً فُرادى بَينَ زَفراتٍ ثُنا
أَنكَرتُ طارِقَةَ الحَوادِثِ مَرَّةً / ثُمَّ اِعتَرَفتُ بِها فَصارَت دَيدَنا
وَقَطَعتُ في الدُنيا الفَلا وَرَكائِبي / فيها وَوَقتَيَّ الضُحى وَالمَوهِنا
وَوَقَفتُ مِنها حَيثُ أَوقَفَني النَدى / وَبَلَغتُ مِن بَدرِ اِبنِ عَمّارِ المُنا
لِأَبي الحُسَينِ جَدىً يَضيقُ وِعائُهُ / عَنهُ وَلَو كانَ الوِعاءُ الأَزمُنا
وَشَجاعَةٌ أَغناهُ عَنها ذِكرُها / وَنَهى الجَبانَ حَديثُها أَن يَجبُنا
نيطَت حَمائِلُهُ بِعاتِقِ مِحرَبٍ / ما كَرَّ قَطُّ وَهَل يَكُرُّ وَما اِنثَنى
فَكَأَنَّهُ وَالطَعنُ مِن قُدّامِهِ / مُتَخَوِّفٌ مِن خَلفِهِ أَن يُطعَنا
نَفَتِ التَوَهُّمَ عَنهُ حِدَّةُ ذِهنِهِ / فَقَضى عَلى غَيبِ الأُمورُ تَيَقُّنا
يَتَفَزَّعُ الجَبّارُ مِن بَغَتاتِهِ / فَيَظَلُّ في خَلَواتِهِ مُتَكَفِّنا
أَمضى إِرادَتَهُ فَسَوفَ لَهُ قَدٌ / وَاِستَقرَبَ الأَقصى فَثَمَّ لَهُ هُنا
يَجِدُ الحَديدَ عَلى بَضاضَةِ جِلدِهِ / ثَوباً أَخَفَّ مِنَ الحَريرِ وَأَليَنا
وَأَمَرُّ مِن فَقدِ الأَحِبَّةِ عِندَهُ / فَقدُ السُيوفِ الفاقِداتِ الأَجفُنا
لا يَستَكِنُّ الرُعبُ بَينَ ضُلوعِهِ / يَوماً وَلا الإِحسانُ أَن لا يُحسِنا
مُستَنبِطٌ مِن عِلمِهِ ما في غَدٍ / فَكَأَنَّ ما سَيَكونُ فيهِ دُوِّنا
تَتَقاصَرُ الأَفهامُ عَن إِدراكِهِ / مِثلَ الَّذي الأَفلاكُ فيهِ وَالدُنا
مَن لَيسَ مِن قَتلاهُ مِن طُلَقائِهِ / مَن لَيسَ مِمَّن دانَ مِمَّن حُيِّنا
لَمّا قَفَلتَ مِنَ السَواحِلِ نَحوَنا / قَفَلَت إِلَيها وَحشَةٌ مِن عِندِنا
أَرِجَ الطَريقُ فَما مَرَرتَ بِمَوضِعٍ / إِلّا أَقامَ بِهِ الشَذا مُستَوطِنا
لَو تَعقِلُ الشَجَرُ الَّتي قابَلتَها / مَدَّت مُحَيِّيَةً إِلَيكَ الأَغصُنا
سَلَكَت تَماثيلَ القِبابِ الجِنُّ مِن / شَوقٍ بِها فَأَدَرنَ فيكَ الأَعيُنا
طَرِبَت مَراكِبُنا فَخِلنا أَنَّها / لَولا حَياءٌ عاقَها رَقَصَت بِنا
أَقبَلتَ تَبسِمُ وَالجِيادُ عَوابِسٌ / يَخبُبنَ بِالحَلَقِ المُضاعَفِ وَالقَنا
عَقَدَت سَنابِكُها عَلَيها عِثيَراً / لَو تَبتَغي عَنَقاً عَلَيهِ أَمكَنا
وَالأَمرُ أَمرُكَ وَالقُلوبُ خَوافِقٌ / في مَوقِفٍ بَينَ المَنِيَّةِ وَالمُنى
فَعَجِبتُ حَتّى ما عَجِبتُ مِنَ الظُبى / وَرَأَيتُ حَتّى ما رَأَيتُ مِنَ السَنا
إِنّي أَراكَ مِنَ المَكارِمِ عَسكَراً / في عَسكَرٍ وَمِنَ المَعالي مَعدِنا
فَطِنَ الفُؤادُ لِما أَتَيتُ عَلى النَوى / وَلِما تَرَكتُ مَخافَةً أَن تَفطُنا
أَضحى فِراقُكَ لي عَلَيهِ عُقوبَةً / لَيسَ الَّذي قاسَيتُ مِنهُ هَيِّنا
فَاِغفِر فِدىً لَكَ وَاِحبُني مِن بَعدِها / لِتَخُصَّني بِعَطِيَّةٍ مِنها أَنا
وَاِنهَ المُشيرَ عَلَيكَ فيَّ بِضَلَّةٍ / فَالحَرُّ مُمتَحِنٌ بِأَولادِ الزِنا
وَإِذا الفَتى طَرَحَ الكَلامَ مُعَرِّضاً / في مَجلِسٍ أَخَذَ الكَلامَ اللَذعَنا
وَمَكايِدُ السُفَهاءِ واقِعَةٌ بِهِم / وَعَداوَةُ الشُعَراءِ بِئسَ المُقتَنى
لُعِنَت مُقارَنَةُ اللَئيمِ فَإِنَّها / ضَيفٌ يَجِرُّ مِنَ النَدامَةِ ضَيفَنا
غَضَبُ الحَسودِ إِذا لَقيتُكَ راضِياً / رُزءٌ أَخَفُّ عَلَيَّ مِن أَن يوزَنا
أَمسى الَّذي أَمسى بِرَبِّكَ كافِراً / مِن غَيرِنا مَعَنا بِفَضلِكَ مُؤمِنا
خَلَتِ البِلادُ مِنَ الغَزالَةِ لَيلَها / فَأَعاضَهاكَ اللَهُ كَي لا تَحزَنا
يا بَدرُ إِنَّكَ وَالحَديثُ شُجونُ
يا بَدرُ إِنَّكَ وَالحَديثُ شُجونُ / مَن لَم يَكُن لِمِثالِهِ تَكوينُ
لَعَظُمتَ حَتّى لَو تَكونُ أَمانَةً / ما كانَ مُؤتَمَناً بِها جِبرينُ
بَعضُ البَرِيَّةِ فَوقَ بَعضٍ خالِياً / فَإِذا حَضَرتَ فَكُلُّ فَوقٍ دونُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025