المجموع : 5
ناحَت مُطَوَّفَةٌ فَحُنَّ حَزينُ
ناحَت مُطَوَّفَةٌ فَحُنَّ حَزينُ / وَشَجاهُ تَرجيعٌ لَها وَحَنينُ
جَرَتِ الدُموعُ مِنَ العُيونِ تَفَجُّعاً / لِحَنينِها فَكَأَنَّهُنَّ عُيونُ
طارَحتُها ثُكلاً بِفَقدِ وَحيدِها / وَالثُكلُ مِن فَقدِ الوَحيدِ يَكونُ
طارَحتُها وَالشَجوُ يَمشي بَينَنا / ما إِن تَبينُ وَإِنَّني لَأَبينُ
بي لاعِجٌ مِن حُبِّ رَملَةِ عالِجٍ / حَيثُ الخِيامُ بِها وَحَيثُ العينُ
مِن كُلِّ فاتِكَةِ الأَلحاظِ مَريضَةٍ / أَجفانُها لِظُبى اللَحاظِ جُفونُ
ما زِلتُ أَجرَعُ دَمعَتي مِن غُلَّتي / أُخفي الهَوى عَن عاذِلي وَأَصونُ
حَتّى إِذا صاحَ الغُرابُ بِبَينِهِم / فَضَحَ الفِراقُ صَبابَةَ المَحزونِ
وَصَلوا السَرى قَطَعوا البُرى فَلِعيسِهِم / تَحتَ المَحامِلِ رَنَّةٌ وَأَنينُ
عايَنتُ أَسبابَ المَنِيَّةِ عِندَما / أَرخوا أَزِمَّتَها وَشُدَّ وَضينُ
إِنَّ الفِراقَ مَعَ الغَرامِ لَقاتِلي / صَعبُ الغَرامِ مَعَ اللِقاءِ يَهونُ
ما لي عَذولٌ في هَواها إِنَّها / مَعشوقَةٌ حَسناءُ حَيثُ تَكونُ
لله دَرُّ عصابةٍ سارت بهم
لله دَرُّ عصابةٍ سارت بهم / نجبُ الفناءِ لحضرة الرحمانِ
قطعوا زمانهم وبذكرِ إلههم / وتحققوا بسرائرِ القرآنِ
ورثوا النبي الهاشميّ المصطفى / من أشرف الأعراب من عدنانِ
ركبوا بُراق الحبِّ في حرم المنى / وسروا لقدسِ النورِ والبرهان
وقفوا على ظهرِ الصَّفا فأتاهمُ / لبن الهدى من منزل الفرقان
قرعوا سماءَ جسومهم فتفَّتحت / أبوابُها فبدت لهم عينان
عين تبسَّم ثغرها لما رأتْ / أبناءها في جنةِ الرضوان
وشمالها عين تحدَّرَ دمعُها / لما رأتهم في لظى النيرانِ
قرعوا سماءَ الروحِ لما آنسوا / جِسماً تُرابياً بلا أركان
فبدا لهم لا هوت عيسى المجتبى / رُوحاً بلا جسمٍ ولا جثمانِ
كملَ الجمالُ بيوسف فتطلعوا / لمقام إدريس العليّ الشان
ورثوا الخلافة إذ رأوا هارون قد / أربتْ منازله على كيوان
نالوا الخلافة عندما نالوا منى / موسى كليم الراحمِ الرحمانِ
سجدَ الملائكةُ الكرام إليهم / دون اعتقاد وجودِ رَبٍ ثاني
طمحتْ بهم هماتهم فتحللوا / في حضرة الزُلفى قِرى الضيفانِ
كملت صفاتهم العلية وارتقوا / عن سدرة الإيمان والإحسان
للذاتِ كان مصيرهم فحباهمُ / بشهوده عيناً بلا أكوان
وصلوا إليه وعاينوا ما أضمروا / من غيبِ سرِّ السرّ كالإعلان
سبحانه وتقدَّست أسماؤه / وعن الزيادةِ جلّ والنقصان
إن القبولَ للاقتدارِ مُعين
إن القبولَ للاقتدارِ مُعين / فيعانُ في حكم النهى ويُعين
فالأمر ما بيني وبين مقسمي / فهو المعين وإنني المعين
الحقُّ حقٌّ فالوجودُ وجودُه / وأنا الأمينُ وما لديّ أمين
دفعُ اليتيمِ مُحرَّمٌ في شرعِنا / والشرعُ جانبه إليه يلينُ
ذكرى إلهي ليس عن نسيانِ
ذكرى إلهي ليس عن نسيانِ / لكن عبادة مُنعمٍ محسانٍ
إني على نفسي مننتُ بذكره / وكذاك فعلُ مُحقق إنسان
إن الرجالَ لهم شبابُ زمانة / كالشمسِ في حملٍ وفي نيسان
الله قوّاهم على تكليفه / إياهمُ في دولة الميزان
بعناية النبي الكريمِ المصطفى / خيرِ الخلائقِ من بني عدنان
لما سمعتُ به سلكت سبيله / وكفرتُ بالطاغوتِ والطُّغيان
عقداً وإيماناً فإنَّ وجودَه / في عينها بشهادةِ الإحسان
وبذا قضى أن لا تكون عبادةُ / الإله في مُحكم القرآنِ
فورثته قولاً وعلماً والذي / كلفت من عمل ومن إيمان
حفظَ المهيمنُ دينه بقواعدَ / خمسٍ لما فيه من السُّلطان
لما تعدَّى حفظه أعيانَها
لما تعدَّى حفظه أعيانَها / حفظاً إلهياً إلى الجيرانِ
فبنيت إسلامي عليها محكماً / أركانه فيحل من بنياني
الله كرَّمنا بدولة أحمد / كرماً يعم شرائعَ الإحسانِ
شهدتْ بذلك نيتي وطويتي / وإن امترى في ذلك الثَّقَلان
لما سرى سرّ الوجودِ بجودِه / في عالم الأرواح والأبدان
شهدتْ حقائقه بأنَّ وجودَه / قد عمنا في الحكم والأعيان
لما التفت بناظري لم أطلع / إلا إليه فإنه بعياني
لو كان ثَم سواه كنت مُقسماً / بين الإله وعالمِ الأكوان
فانظر لما تحوي عليه قصيدتي / من كل علم قام عن برهان
لو أن رسطاليس أو أفلاطناً / في عصرنا لأقرَّ بالحرمان
من عدَّل الميزان يعرف قولنا / ويقرُّ بالنقصانِ والخسران
لا تُخسِرُوا الميزانَ إنَّ عقولكم / دون الذي أعنيه في الرجحان
اقرأ كتاب الله فاتحةَ الهدى / فجميع ما يحويه في العنوان
إنَّ الإله الحقّ أعلم كونها / عين الصلاة وإنها قسمان
لما قرأتُ كتابه في خلوةٍ / معصومة من خاطرِ الشيطانِ
عاينتُ فيه مَعالماً بدلائل / لا يَمتري في صدقها اثنان
لوأنّ عبدَ الفكر يشهدُ قوانا / لم ينتطح في سرِّنا عَنزان
لكنهم لما تعبد فكرُهم / ألبابَهم بعدوا عن الفُرقان
إن تتق الله الذي يجعل لك / الفرقان بين الحقِّ والبُهتان
لو وفقوا ما لفقوا أقوالَ من / لعبوا بهم كتلاعبِ الوِلدان
والكلُّ في التحقيقِِ أمرٌ واحدٌ / في أصله بالنص والبرهان
نطقتْ بذلك ألسنٌ معلومة / بإصابةِ التحقيق في التبيان
لو أنهم شهدوا الذي أشهدته / ما قام في ألبابهم حكمان
لعبتْ بهم أهواؤهم فهمُ لها / عند اللبيبِ كسائرِ الحيوان
إنَّ النجاةَ لمن يقلِّد ربّه / فيما أتاه به وهم صنفان
صنفٌ يراه شهودُ عينٍ دائماً / أو في حجابٍ عنه وهو الثاني