كافور قد جنّ الزّمان
كافور قد جنّ الزّمان / و إليك آل الصولجان
خجل السّرير من الدّعيّ / و كاد يبكي الأرجوان
أين الأهلّة و الكواكب / و الشوامخ و الرّعان
الهاشميّون انطووا / و أميّة كانوا فبانوا
كافور جمّع حول عرشك / كلّ من حقدوا و هانوا
مجد البغيّ تعاف بهرجه / المخدّرة الرزان
حرّك دماك فإن أردت / قسوا و إن آثرت لانوا
الخاضعون لما تشاء / و ما دروه و ما استبانوا
النّاعمون على اليهود / على رعيّتك الخشان
للعفّ تخوين بدولتهم / و للصّ ائتمان
أشبعت بالخطب الجياع / فكل هادرة خوان
حفل السماط و من / فرائدك الموائد و الجفان
خطب الرئيس هي الكرامة / و العلى و هي الضمان
هي للجياع الطيبات / و للعراة الطيلسان
هي للعفاة النازحين / لبانة و هوى و حان
خطب مصبّغة و تعرف من / مباذلها القيان
من كلّ عاهرة و تحلف / أنّها الخود الحصان
إلحن و كرّر ما تشاء / فإنّها الخطب الحسان
و إذا رطنت فإنّها / عرباء خالصة هجان
كافور قد عنت الوجوه / فكيف لا يعنو البيان ؟
الفكر من صرعى هواك / و من ضحاياك الحنان
يغني الشام عن الكرامة / و النعيم المهرجان
حشدت لطلعتك الجموع / فهوّن الخبر العيان
هتفوا فبين شفاههم / و قلوبهم حرب عوان
غرثى و يتخم من لحوم / الأبرياء الخيزران
عضّت ظهورهم السياط / فكلّ سوط أفعوان
الرّاكعون السّاجدون عنوا / لك و المناهل و الجنان
القاطفون كرومهم / و لك السلافة و الدنان
الحاضنون شقاءهم / و لك المتارف و اللّيان
الظامئون و يومهم / شرس الهواجر إضحيان
المالكون قبورهم لمّا / عصفت بهم فحانوا
لك عذرة العرس الحزين / فما تعز و لا تصان
و لك الظلال فبعض / جودك أن يفيّئهم مكان
و دماؤهم لك و البنون / فما الأباطح و الرّعان
و لك العبادة لا لغيرك / و التشهّد و الأذان
كافور أنت خلقتهم كونوا / هتفت بهم فكانوا
كافور من بعض الإماء / زبيدة و الخيزران
مروان عبد من عبيد / لا يزان و لا .. يشان
للسّوط جبهته إذا / استعلى و للقيد البنان
يا مكرم الغرباء و العرب / محتقر ... مهان
تاريخ قومي في يديك / يدان حسبك ما يدان
زوّرته وسطا على / الأقداس أرعن ألعبان
ما عفّ في الموتى هواه / و لا الضمير و لا اللّسان
يا عبقري الظّلم فيه / لك ابتداع و افتنان
نحن العبيد فلا تحرّكنا / الضغينة و اللعان
لا الفقر يلهب في جوانحنا / الإباء و لا الهوان
فاسجن و عذّب و استبح / حرماتنا و لك الأمان
همدت حميّتنا على / الجلىّ و مات العنفوان
من رقّ فتحك حازنا / سيف و أحرزنا سنان
و الذلّ أطياب العبيد / فما البخور و ما اللّبان
و الظلم من طبع الجبان / و كلّ طاغية جبان
يا أيّها الصنم المدلّ فما / مناه و ما المدان
إن الّهوك فربّما فضح / الألوهة ثعلبان
بأبي السّهول جمالها كرم / و نعمتها اختزان
المذهبات كما تموّج / في الضّياء الزعفران
عهدي بها أخت الرّبيع / و للمهور بها إران
تلك المروج شذا / وأفياء وساجعة وبان
و سنابل للطّير ينقذها / فينفرط الجمان
و ثغاء ماشية و يصهل / في مراعيها حصان
لا خصبها غبّ و لا سقيا / غمامتها دهان
زهراء تجذب كلّ أرض / و هي مخصبة عوان
وشي الغمام فما الطنافس / و الحرير و أصفهان
سلمت جباتك قطننا عاف / و حنطتنا و الهيلمان
سلمت جباتك لا الخماص / من الشياه و لا السمان
أغلى من الفرسِ الجوادِ / و لا شمات به العنان
لا الزرع يضحك في المروج / و لا يضوع الأقحوان
خرس البلابل و الجداول / دلّه الشكوى حزان
الضارعات إلى السماء / و لا تجاب و لا تعان
كالأمهات الثّاكلات / فعزّ شم واحتضان
وأد الهجير بناتهنّ / فكل روض صحصحان
بين السماء و بينها / ثدي الأمومة واللبان
نسيت أمومتها السماء / فما يلمّ بها حنان
أممزّقّ الأرحام لا يبنى / على الحقد الكيان
غرّب و شرّق في هواك / و خن فمثلهم يخان
واغز الكواكب بالغرور / فأنت منصور معان
بالخطبة العصماء تقتحم / المعاقل والقنان
و الشتم من آلات نصرك / لا الضراب و لا الطّعان
و لك الفتوح المعلمات / و من بشائرها عمان
كافور طاغية و في / بعض المشاهد بهلوان
من أنت في الحلبات / تقحمها إذا احتدم الرّهان
فضح الهجين بشوطه / لؤم المنابت و الحران
من أنت ؟ لا المجد الأصيل / و لا شمائله اللّدان
لا العبقرية فيك مشرقة / و لا الخلق الحسان
لا الفكر مؤتنف العطور / و لا البيان و لا الجنان
لا السرّ عندك أريحي / المكرمات و لا العلان
من أنت ؟ إن ذكر العظام / ورنّح الدّنيا افتنان
من أنت ؟ .. لولا صوبة / الطّغيان أنت إذن فلان
كافور عرشك للفناء / و ربّما آن الأوان
الخالدان و لا أعد / الشمس شعري و الزّمان