المجموع : 14
العمر أكثره سدى وأقله
العمر أكثره سدى وأقله / صفو يتاح كأنه عمرانِ
كم لحظة قصرت ومدت ظلها / بعد الذهاب كدوحة البستان
وتمر في الذكرى خيال شبابها / فكأن يقظتها شباب ثانِ
مَن ذلك الطيف الرقيقِ بجانبي / كفّاه في كفيّ هاجعتان
لكأننا والأرض تُطوى تحتنا / نجمان في الظلماء منفردان
لكأننا والريح دون مسارنا / خطان في الأقدار منطلقان
إني التفت إلى مكانك بعدما / خليته فبكيت سوء مكاني
هل كان ذاك القرب إلا لوعة / ونداء مسغبةٍ إلى حرمان
حمى مقدرة على الإنسان / تبقى بقاء الأرض في الدوران
وكأنما هذي الحياة بناسها / وضجيجها ضرب من الهذيان
قدر أراد شقاءنا
قدر أراد شقاءنا / لا أنتِ شئت ولا أنا
عزَّ التلاقي والحظو / ظ السود حالت بيننا
قد كدت أكفر بالهوى / لو لم أكن بك مؤمنا
ضحكت لعينيَّ المصابيح التي
ضحكت لعينيَّ المصابيح التي / تعلو رؤوس الليل كالتيجان
ورأيت أنوار المدينة بعدما / طال المسير وكلت القدمان
وحسبت إن طاب القرار لمتعب / في ظل تحنان وركن أمان
فإذا المدينة كالضباب تبخرت / وتكشفت لي عن كذوب أماني
قدر جرى لم يجر في الحسبان / لا أنت ظالمة ولا أنا جاني
يا صفوة الأحباب والخلان
يا صفوة الأحباب والخلان / عفواً إذا استعصى عليَّ بياني
الشعرُ ليس بمسعفٍ في ساعةٍ / هي فوق آي الحمد والشكران
وأنا الذي قضّى الحياة معبراً / ومرجعاً لخوالج الوجدانِ
أقف العشية بالرفاق مقصراً / حيران قد عقد الجميل لساني
يا أيها الشعر الذي نطقت به / روحي وفاض كما يشاء جناني
يا سلوتي في الدهر يا قيثارتي / ما لي أراك حبيسة الألحان
أين البيان وأين ما علمتني / أيام تنطلقين دون عنان
نجواك في الزمن العصيب مخدر / نامت عليه يواقظ الأشجان
والناس تسأل والهواجس جمة / طب وشعر كيف يتفقان
الشعر مرحمة النفوس وسره / هبة السماء ومنحة الديان
والطب مرحمة الجسوم ونبعه / من ذلك الفيض العلي الشان
ومن الغمام ومن معين خلفه / يجدان إلهاما ويستقيان
يا أيها الحب المطهر للقلوب وغاسل الأرجاس والأدران /
ما أعظم النجوى الرفيعة كلما / يشدو بها روحان يحترقان
أنفا من الدنيا وفي جسديهما / ذل السجين وقسوة السجان
فتطلعا نحو السماء وحلقا / صعدا إلى الآفاق يرتقيان
وتعانقا خلف الغمام وأترعا / كأسيهما من نشوة وحنان
اكتب لوجه الفن لا تعدل به / عرض الحياة ولا الحطام الفاني
واستلهم الأم الطبيعة وحدها / كم في الطبيعة من سري معاني
الشعر مملكة وأنت أميرها / ما حاجة الشعراء للتيجان
هومير أمَّره الزمان بنفسه / وقضت له الأجيال بالسلطان
اهبط على الأزهار وامسح جفنها / واسكب نداك لظامئ صديان
في كل أيك نفحة وبكل روض طاقة من عاطر الريحان /
قالت لميكي سِر بنا
قالت لميكي سِر بنا / نمشي لحاجتنا الهُوَينَى
فأطاع مسروراً كعا / دته ولم يسأَل لأَينا
فيم السؤال وكل شَي / ءٍ طيّبٌ من أجلها
وبنفسه حبٌّ قُصارا / هُ الحياةُ بظلها
ماذا تغيّر عزّة / أو ذلّة في حبها
سارت وكلُّ متاعه / في أن يسير بقربها
يستاف نعلَيهَا ويأ / بى في الوجود مُنافسا
فإذا تخيَّل دانياً / من تربِها أو لامسا
يختال مِلءَ نُباحه / زَهواً ويخطر حارسا
عجباً له ولزهوه / ما يصنع الواهي الصغير
ما يصنع الناب الضعي / ف وما يُخيف ولا يُجير
لكن ميكي لا يبا / لي أن يموت فداءها
في وثبه هيهات يس / أل ما يكون وراءها
الأمر كلُّ الأمر أن / يغدو يدافع دونها
والنفس تُنكر في الضحي / يَة عقلها وجنونها
من ذلك الظلُّ الملا / زِم في الحياة وفي الطريق
المخلصُ الوافي إذا / عَزَّ المنادم والرفيق
من قلبُه صافٍ ودي / دنهُ الولاءُ المطلق
فكأنما فيه الولا / ء سجيَّةٌ تتدفق
وإذا أُسِيءَ فإن أس / مى الحبّ أن يُبدي رضاءه
والصفح عند ذوي القلو / بِ البيض من قبل الإِساءه
مهما نظرت له نظر / تُ إلى مَعِينٍ من حنان
يُفضي إليك بسرّه الذ / ذَنبُ الصغير ومقلتان
لا بأس إن هند جفت / وقست أليست ربَّتَه
أقصَتهُ ثم تلفَّتت / ترجو إلَيها أوبته
زجَرته أو نهرته أو / كفَّت على جُرمٍ يده
فهي التي لم تَنسَهُ / والأكل ملءُ المائده
وهو الذي في بعدها / لم يَألُهَا طولَ ارتقاب
يقظان ينتظر المآب / وَثَوَى يُرَاقب خَلفَ باب
هند التي اتَّخذته من / دون الخلائق إلفَها
بحثت عن الإِلف الصغي / ر فلم تجده خلفها
ميكي وما ميكي ومص / رعُه على الدنيا جديد
نفسٌ تذوب وصرخةٌ / تدوي هنالك من بعيد
وتلفَّتَت هندٌ لمو / ضعه تغالب وَجدهَا
لا شيءَ قد سارت برف / قته وترجعُ وحدها
خرجت به جذلانَ يض / حك مثلما ضحك الصباح
فكأنما خرجت به / ليُلاقيَ القَدَر المُتاح
سارت به صبحاً وعا / دت بالمواجع والدموع
يغدو الحزينُ على الأسى / وأشقُّ شَطرَيه الرجوع
ما حيلتي يا هند وجهك لاح لي
ما حيلتي يا هند وجهك لاح لي / بأنوثةٍ جبَّارة الطغيان
يا هند أين رجولتي وعزيمتي / في قرب وجه ساحرٍ فتَّان
وأنا حزينٌ ظامئٌ قد جدَّ لي / ورِدٌ وراء مَعِينه شفتان
أمسي يعذبني ويضنيني
أمسي يعذبني ويضنيني / شوقٌ طغى طغيان مجنون
أين الشفاء ولم يعد بيدي / إلا أضاليل تُداويني
أبغي الهدوء ولا هدوء وفي / صدري عبابٌ غير مأمون
يهتاج أن لَجَّ الحنين به / ويئن فيه أنينَ مطعون
ويظل يضرب في أضالعه / وكأنها قضبان مسجون
ويحَ الحنين وما يجرعني / من مُرِّه ويبيت يسقيني
ربيته طفلاً بذلت له / ما شاء من خفضٍ ومن لينِ
فاليوم لمّا اشتدّ ساعده / وربا كنوار البساتينِ
لَم يرض غير شبيبتي ودمي / زاداً يعيش به ويفنيني
كم ليلةٍ ليلاء لازمني / لا يرتضي خلاً له دوني
ألفي له همساً يخاطبني / وأرى له ظلاً يماشيني
متنفساً لهباً يهبُّ على / وجهي كأنفاس البراكينِ
ويضمنا الليل العظيم وما / كالليل مأوى للمساكينِ
هل أنتِ سامعةٌ أنيني
هل أنتِ سامعةٌ أنيني / يا غايةَ القلب الحزين
يا قِبلة الحب الخفي / وكعبة الأمل الدفين
إني ذكرتك باكياً / والأفق مُغبر الجبينِ
والشمس تبدو وهي تغ / رب شبه دامعة العيون
أمسيت أرقبها على / صخر وموج البحر دوني
والبحر مجنون العبا / ب يهيج ثائره جنوني
ورضاكِ أنتِ وقايتي / فإذا غضبتِ فمَنَ يقيني
نفدي النزيل ونكرمن
نفدي النزيل ونكرمن / إن لم نكرمه فمن
يا ضيف مصر أقم مقا / م الأهل وانزل في وطن
إنا اشتركنا في الأما / ني والتقينا في المحن
فمن الشآم إلى العرا / قِ إلى الحجاز إلى اليمن
والصرخة الكبرى كمو / جِ البحر تدوي في الأذن
تتباين الأصوات في / ها لا تبالي بالثمن
نبغي الحياة وما الحيا / ة سوى مماشاة الزمن
الدهر دفاق فكي / فَ نعبّ من ماءٍ أسن
العصر عصر السابقي / نَ إلى الشواهق والفتن
لا عصر مفتتنين بال / أحلام غرقى في الوثن
ومقيّدين إلى الثرى / بين التخاذل والوهن
يا أيها الشرق الذي / يدعو رويدك واطمئن
إنا إليك وللشبا / بِ رسالة لا تمتهن
قمنا لها كل بنا / حية رسول مؤتمن
ما في طلائعنا الضعي / ف ولا الذليل المستكن
ما في طبائعنا الخصا / م ولا الحفيظة والضغن
إنا جنود النور من / علم ومن أدب وفن
القاتلون الجهل مث / ل البوم عشش في الدمن
إنا لأعداء الجمو / د وواضعوه في الكفن
يا أيها الضيف العزي / ز نعمت بالعيش الحسن
يا مؤنس المصري في / حلب وما ننسى المنن
صدر الشآم حنا عَلي / ك ومصر لو تدري أحنّ
بردى لنا وصباه وال / جنّات والطير المرن
والأرز والطود المعص / صَب بالجلال المطمئن
والنيل نهركم وما / زان الخميلة والفنن
والقوم أهل والقرى / وطن عطوف والمدن
يا صفوة الأحباب والخلانِ
يا صفوة الأحباب والخلانِ / عفواً إذا استعصى عليّ بياني
الشعر ليس بمسعفٍ في ساعة / هي فوق آي الحمد والشكران
وأنا الذي قضّى الحياة معبراً / ومرجعاً لخوالج الوجدان
أقفُ العشيةَ بالرفاق مقصراً / حيران قد عقد الجميل لساني
يا أيها الشعر الذي نطقت به / روحي وفاض كما يشاء جناني
يا سلوتي في الدهر يا قيثارتي / ما لي أراك حبيسة الألحان
أين البيان وأين ما علمتني / أيام تنطلقين دون عنان
نجواك في الزمن العصيب مخدِّر / نامت عليه يواقظ الأشجان
والناس تسأل والهواجس جمة / طبٌ وشعر كيف يتفقان
الشعرُ مرحمة النفوس وسِرّه / هِبة السماء ومِنحة الدَّيان
والطبُ مرحمة الجسوم ونبعُهُ / من ذلك الفيض العليّ الشان
ومن الغمام ومن معين خلفه / يجدان إلهاماً ويستقيان
يا أيها الحبُّ المطهر للقلو / بِ وغاسل الأرجاس والأدران
ما أعظم النجوى الرفيعة كلما / يشدو بها روحان يحترقان
أنفا من الدنيا وفي جسديهما / ذُلّ السجين وقسوة السجان
فتطلعا نحو السماء وحلقا / صُعُداً إلى الآفاق يرتقيان
وتعانقا خلف الغمام وأترعا / كأسيهما من نشوة وحنان
اكتب لوجه الفَنِّ لا تعدل به / عَرَض الحياة ولا الحطام الفاني
واستلهم الأمَّ الطبيعةَ وحدَها / كم في الطبيعة من سَرِيِّ مَعان
الشعرُ مملكة وأنتَ أميرُها / ما حاجة الشعراء للتيجان
هومير أمّرهُ الزمانُ لنفسه / وقضت له الأجيال بالسلطان
اهبط على الأزهار وامسح جفنها / واسكب نداك لظامئ صَديان
في كل أيك نفحة وبكل رو / ضٍ طاقة من عاطر الريحان
انظر وجوه القوم غر
انظر وجوه القوم غر / رَتها بزينتها المدينه
مسكينة بلهاء لا / تدري الزمان ولا فنونه
يا من يغرِّبها إذا / أرست لصاحبها السفينه
الأفق مضطرب الحوا / شي والسماء بها حزينه
لا تحسن الدنيا إذا / ما المرء جن بها جنونه
وطغت منافعه علَي / ه وصرن دنياه ودينه
العيش حيث الحب حَي / ثُ العطف صاف والسكينه
قد هنأوك بمجدك الإسباني
قد هنأوك بمجدك الإسباني / فمتى تكون مصارع الثيران
أمنحت أوسمة ومجدك أول / ماذا يهمك من وسام ثان
إني أهنيك الغداة لأنني / أهواك من قلبي ومن وجداني
إن المقطم والزمان كليهما / الخالدان وكل شيء فان
لا الروحُ غاربةٌ ولا أنا فاني
لا الروحُ غاربةٌ ولا أنا فاني / إني ضمنتُ بكِ الشبابَ الثاني
اليوم أهزأُ بالردى فليَرمِني / ما شاءَ إني اليومَ غيرُ جبانِ
فارقت عالَمَنَا وعفتُ همومَه / وخلتُ عالَمَ حسنِكِ الفتانِ
فنسيتُ آبادَ الحياةِ وطولَها / وعرفتُ أنَّ الخلدَ بضعُ ثوانِ
يا مرحباً بالورد في إبَّانِه
يا مرحباً بالورد في إبَّانِه / وبموكبِ الآمالِ في بستانِه
يا محسناً للعينِ في إقباله / ما تنتهي العينانِ من إحسانِه
قل لي أهذا الطَلُّ دمعٌ حائرٌ / يروي الربيعَ النَضرَ من أشجانِه
عجباً له والحسنُ ملء عيونِه / يبكي عليكَ وأنتَ في أحضانِه
إنّي رأيتُكَ بعدما وَلَّى الصِبَا / فبكى الشبابُ على ربيعِ زمانِه
ورأيتُ عرسَك في مجالي أُنسِه / والطيرُ صدَّاحٌ على أفنانِه
فَتلفتت روحي تُرَجّى قطرةً / من كأسِه أو وقفةً في جانِه