القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ هانِئ الأَندَلُسِي الكل
المجموع : 6
هل من أعِقّةِ عالِجٍ يَبْرِينُ
هل من أعِقّةِ عالِجٍ يَبْرِينُ / أمْ منهما بَقَرُ الحُدوجِ العِينُ
ولِمَنْ لَيالٍ ما ذَمَمْنا عَهدَها / مُذ كُنّ إلاّ أنهُنّ شُجون
المُشرِقاتُ كأنّهُنّ كَواكِبٌ / والنّاعِماتُ كأنّهُنّ غُصُون
بِيضٌ وما ضَحِكَ الصّباحُ وإنّها / بالمِسكِ من طُرَرِ الحِسان لَجون
أدْمى لها المَرجانُ صَفحةَ خدّهِ / وبكَى عليها اللؤلؤ المَكنون
أعْدى الحَمامَ تأوُّهي من بعدها / فكأنّهُ فيما سَجَعْنَ رَنين
بانوا سِراعاً للهَوادجِ زَفْرَةٌ / ممّا رأينَ وللمَطِيّ حَنين
فكأنّما صَبَغوا الضُّحى بقِبابِهِمْ / أو عصْفَرَتْ فيها الخدودَ جُفون
ماذا على حُلَلِ الشّقِيقِ لو انّهَا / عن لابِسِيها في الخدودِ تَبين
لأعَطِّشَنّ الرّوْضَ بعدهُمُ ولا / يُرْوِيهِ لي دَمْعٌ عليه هَتُون
أأُعِيرُ لَحظَ العَينِ بهجةَ منْظَرٍ / وأخُونُهُم إنّي إذاً لَخَؤون
لا الجَوُّ جَوٌّ مُشرِقٌ ولو اكتسَى / زهراً ولا الماءُ المَعينُ مَعين
لا يَبْعَدنّ إذِ العَبيرُ له ثَرى / والبانُ أيْكٌ والشُّموسُ قَطين
أيّامَ فيهِ العَبقرِيُّ مُفَوَّفٌ / والسّابِرِيُّ مُضاعَفٌ مَوضون
والزّاعِبِيّةُ شُرَّعٌ والمَشْرَفي / يَةُ لُمَّعٌ والمُقرَباتُ صُفون
والعَهْدُ من لَمْياءَ إذ لا قومُهَا / خُزْرٌ ولا الحَرْبُ الزَّبونُ زَبون
عَهْدي بذاكَ الجَوّ وهو أسِنّةٌ / وكِناسِ ذاكَ الخِشْفِ وهو عَرين
هل يُدْنِينّي منه أجْرَدُ سابحٌ / مَرِحٌ وجائلةُ النُّسوعِ أمُون
ومُهَنّدٌ فيهِ الفِرنْدُ كأنّهُ / ذِمْرٌ لَهُ خَلفَ الغِرار كَمين
عَضْبُ المضارب مُقفِرٌ من أعينٍ / لكنّهُ من أنْفُسٍ مَسْكُون
قد كان رَشْحُ حَديدِهِ أجْلى وما / صاغَتْ مضاربَهُ الرّقاقَ قُيون
وكأنّما يَلْقَى الضريبَةَ دونَهُ / بأسُ المُعِزِّ أو اسمه المخزون
هذا معدٌّ والخلائق كلها / هذا المعز متوَّجاً والدّين
هذا ضميرُ النّشأةِ الأولى الّتي / بَدَأ الإلهُ وغَيبُها المكنون
من أجل هذا قُدّرَ المقدورُ في / أمّ الكِتابِ وكُوّنَ التكوين
وبذا تلقّى آدمٌ منْ رَبّهِ / عَفْواً وفاءَ ليُونُسَ اليَقطين
يا أرضُ كيفَ حملتِ ثِنْيَ نجادهِ / والنصرُ أعظَمُ منكِ والتّمكين
حاشا لما حُمِّلتِ تَحمِل مثلَهُ / أرضٌ ولكِنّ السماءَ تُعين
لو يَلتَقي الطّوفانُ قبلُ وَجوُدُه / لم يُنْجِ نُوحاً فُلْكُهُ المشْحون
لو أنّ هذا الدهرَ يبطُشُ بَطشَهُ / لم يَعقُبِ الحركاتِ منْهُ سُكُون
الرّوضُ ما قدْ قِيلَ في أيّامِهِ / لا أنّهُ وَردٌ ولا نِسْرين
والمسكُ ما لَثَمَ الثرى من ذكرهِ / لا أنّ كلّ قرارةٍ دارين
مَلِكٌ كما حُدِّثتَ عنه رأفَةٌ / فالخمرُ مَاءٌ والشراسَةُ لِين
شِيَمٌ لوَ انّ اليّمّ أُعطِيَ رِفْقَها / لم يَلْتَقِم ذا النُّونِ فيهِ النُّون
تاللّهِ لا ظُلَلُ الغَمام مَعاقِلٌ / تأبَى عليهِ ولا النجومُ حُصونُ
ووراء حقّ ابن الرّسولِ ضَراغِمٌ / أُسْدٌ وشهْباءُ السّلاح مَنونُ
الطّالبانِ المشْرَفِيّةُ والقَنَا / والمُدرِكانِ النّصْرُ والتّمكين
وصواهلٌ لا الهَضْبُ يومَ مَغارها / هَضْبٌ ولا البِيدُ الحُزون حُزون
حيثُ الحَمامُ وما لهُنّ قَوادِمٌ / وعلى الرُّيود وما لهُنّ وُكون
ولهنّ من ورَق اللجيَنِ تَوَجُّسٌ / ولهنّ من مُقَلِ الظّباء شُفون
فكأنّها تحتَ النُّضارِ كواكِبٌ / وكأنّها تحْتَ الحَديدِ دُجون
عُرِفَتْ بساعَةِ سَبْقِها لا أنّها / عَلِقَتْ بها يومَ الرِّهانِ عُيون
وأجَلُّ عِلمِ البرْق فيها أنّها / مَرّتْ بجانِحَتَيْهِ وهي ظُنونُ
في الغيْثِ شبِهٌ من نَداكَ كأنّما / مسَحَتْ على الأنواءِ منك يَمين
أمّا الغِنى فهو الّذي أولَيْتَنَا / فكأنّ جودَكَ بالخُلودِ رَهين
تَطَأُ الجِيادُ بِنا البُدورَ كأنّها / تحتَ السّنابكِ مَرمَرٌ مَسنون
فالفَيْءُ لا مُتَنَقِّلٌ والحوضُ لا / مُتَكَدِّرٌ والمَنُّ لا مَمنون
انْظُرْ إلى الدنْيا بإشفاقٍ فَقَدْ / أرخَصْتَ هذا العِلْقَ وهو ثَمين
لو يستطيعُ البَحْرُ لاستَعدَى على / جَدْوَى يَدَيكَ وإنّهُ لَقَمِين
أمْدِده أو فاصْفَحْ له عَنْ نَيْلِهِ / فلقد تَخَوّفَ أن يُقالَ ضَنين
وَأْذَنْ له يُغْرِقْ أُمَيّةَ مُعْلِناً / ما كلُّ مأذونٍ له مأذون
واعْذِرْ أُمَيّةَ أن تَغَصّ بريقها / فالمُهْلُ ما سُقِيَتْهُ والغِسلين
ألقَتْ بأيدي الذُّلّ مُلقى عَمرِها / بالثّوْبِ إذ فَغَرَتْ له صَفِّين
قد قادَ أمرَهُمُ وقُلّدَ ثَغرَهُمْ / منهم مَهينٌ لا يكادُ يُبين
لتُحكِّمنّكَ أو تزايلُ مِعْصَماً / كَفُّ ويشخُبُ بالدماء وتَين
أوَلم تَشُنّ بها وقائعَكَ الّتي / جفَلَتْ وراءَ الهندِ منها الصّين
هل غير أُخرى صَيلَمٌ إنّ الذي / وقّاكَ تلك بأُختِها لَضَمين
بل لو سرَيْتَ إلى الخليجِ بعَزْمَةٍ / سَرتِ الكواكبُ فيه وهي سَفين
لو لم تكُنْ حزْماً أناتُكَ لم يكنْ / للنّار في حجَرِ الزّنادِ كُمون
قد جاءَ أمْرُ اللّهِ واقترَب المَدَى / من كُلّ مُطَّلَعٍ وحانَ الحين
وَرَمَى إلى البَلَدِ الأمينِ بطَرْفِهِ / ملِكٌ على سِرّ الإلهِ أمِين
لم يَدْرِ ما رَجْمُ الظّنونِ وإنّما / دُفِعَ القضاء إليْهِ وهو يقين
كذبتْ رِجالٌ ما ادعتْ من حقّكم / ومن المَقال كأهْلِهِ مأفون
أبَني لؤيٍّ أينَ فَضْلُ قديمِكم / بل أينَ حِلْمٌ كالجِبالِ رَصين
نازَعْتُمُ حَقّ الوصيّ ودونَهُ / حَرَمٌ وحِجْرٌ مانِعٌ وحَجون
ناضَلتُموهُ على الخِلافةِ بالّتي / رُدّتْ وفيكمُ حَدُّهَا المسنونُ
حرّفتُموها عن أبي السبطَينِ عنْ / زَمَعٍ وليس من الهِجانِ هَجين
لو تَتّقُونَ اللّهَ لم يَطمَحْ لها / طَرْفٌ ولم يَشْمَخْ لها عِرْنين
لكنّكُم كنتم كأهْلِ العِجلِ لم / يُحْفَظْ لموسى فيهمُ هَرُون
لو تَسألونَ القَبرَ يومَ فَرِحْتُمُ / لأجابَ أنّ محمّداً محزون
ماذا تُريدُ من الكِتابِ نَواصِبٌ / ولهُ ظُهورٌ دونها وبُطون
هي بغْيَةٌ أضْلَلْتُموها فارْجِعوا / في آلِ ياسِينٍ ثَوَتْ ياسِين
رُدّوا عليهِم حُكمَهُم فعليهمُ / نَزَلَ البيَانُ وفيهمُ التّبيين
البيتُ بيْتُ اللّهِ وهو مُعَظَّمٌ / والنّورُ نورُ اللّهِ وهو مُبين
والسِّترُ سترُ الغيْبِ وهو مُحجَّبٌ / والسِّرُّ سرُّ الوَحي وهو مَصون
النّورُ أنتَ وكلُّ نُورٍ ظُلْمَةٌ / والفَوْقُ أنْتَ وكلُّ فَوقٍ دون
لو كان رأيُكَ شايِعاً في أُمّةٍ / عَلِموا بما سيَكونُ قبلَ يكونُ
أو كان بشُرك في شعاع الشمس لم / يُكسَفْ لها عند الشُروقِ جَبِين
أو كان سُخطُك عدوةً في السمّ لم / يَحْمِلْهُ دونَ لَهاتِهِ التَّنّين
لم تَسكُنِ الدّنيا فُواقَ بَكِيّةٍ / إلاّ وأنْتَ لخوفِها تأمين
اللّهُ يقبَلُ نُسكَنا عنّا بما / يُرْضِيكَ من هَدْيٍ وأنت معُين
فَرْضانِ من صوْمٍ وشُكرِ خليفةٍ / هذا بهذا عندنا مَقْرونُ
فارْزُق عبادَك منكَ فضْلَ شفاعةٍ / واقرُبْ بهمْ زُلْفَى فأنتَ مَكين
لك حَمدُنا لا أنّه لك مَفْخَرٌ / ما قَدْرُكَ المنثور والموزون
قد قالَ فيكَ اللّهُ ما أنا قائِلٌ / فكأنّ كُلّ قَصِيدَةٍ تَضْمين
اللّهُ يعلَمُ أنّ رأيَكَ في الوَرى / مأمونُ حَزْمٍ عندَهُ وأمين
ولأنتَ أفضَلُ من تُشيرُ بجاهِهِ / تحتَ المِظَلّةِ بالسلام يمين
مُتَهَلِّلٌ والبَدْرُ فوْقَ جَبِينهِ
مُتَهَلِّلٌ والبَدْرُ فوْقَ جَبِينهِ / يَلقاكَ بِشْرُ سَماحِهِ من دُونِهِ
والدّينُ والدّنْيا جَميعاً والنّدَى / والبأسُ طَوْعُ شمالِهِ ويمِينِهِ
كالمَشرَفيّ العَضْبِ شاعَ فِرِنْدُهُ / وجَلَتْ مضارِبَهُ أكُفُّ قُيونهِ
جَذْلانُ فالآدابُ في حَركاتِهِ / والحِلمُ في إطراقِهِ وسُكونهِ
بادي الرّضا وحَذارِ منه مُعاوِداً / غَضَباً يُريكَ الموتَ بين جُفونِه
ومُصَمِّمٌ لو يَنتحي بلِوائِهِ / رَيْبَ المَنونِ لكان رَيبَ مَنونه
لِينٌ تُساسُ بهِ الخُطوبُ وشِدّةٌ / والنّصْلُ شدّةُ بأسه في لِينه
ومُقارِبٌ فيما يرُومُ مُباعِدٌ / أعيا لبيبَ القَومِ جَمُّ فُنونهِ
يَجلو لهُ الغيبَ المستَّرَ هاجِسٌ / ثَقِفُ النّباهَةِ ظَنُّهُ كَيقينه
حُلْوُ الشمائلِ ما اكتَفَينَ بَراعَةً / بالحُسْنِ حتى زِدْنَ في تحسينِه
فإذا اشْرَأبّ إلى القَصِيدِ فدَرُّهُ / مكنونُ دُرٍّ ليس من مكنونهِ
غْيثُ العُفاةِ تَلُوذُ منه وفُودُهمْ / بأخي السّماحِ وخِلّهِ وخَدينِه
لو يستطيع هَدى الرّكابَ لقَصْدها / وأنارَ ليلَ الرَّكبِ ضوءُ جبينه
لا يَنُدبُ الآمالَ آمِلُهُ ولم / تَحْلَكْ لِنائبةٍ وجوهُ ظنونه
عَزّ النّدَى بك والرّجاءُ وأهلُهُ / وأهَنتَ وَفرَكَ فاستَعاذَ لِهُونه
لِتَدُمْ خُلوداً وليَدُمْ لكَ جَعفرٌ / في عِزّ سُؤدَدِهِ وفي تمكينهِ
لا يَبْعَدَنْ بادي الصّبابةِ مُغْرَمٌ / حَنّتْ كواكبُ ليلهِ لحَنينه
يَرعاكَ والأرضُ الأريضَةُ دونَهُ / من بِيدِهِ وسُهولِهِ وحُزونه
بَهِجٌ بتأييدِ الإلهِ ونَصرِهِ / صَبٌّ إليكَ مُوَلَّعٌ بشجونه
مَلِكٌ أعَزُّ يُلاثُ ثِنْيُ نجادِهِ / بجَديرِهِ في يَعْرُبٍ وقَمينهِ
بهِزَبْرِ هذا الناس وابنِ هِزَبرِهم / وأمينِ هذا الملك وابنِ أمينهِ
تلقاهُ بالإقدام مُدّرِعاً فمنْ / مسرودِ ماذِيٍّ ومن مَوضونِه
سائِلْ وُلاةَ النَّكثِ كيف قُفولُهُ / عنهم وكيفَ إيابُ أُسْدِ عَرينه
يَسري له لجِبٌ كأنّ زُهَاءهُ / آذِيُّ بحْرٍ يَرتَمي بسفِينِهِ
أنحَى لهمْ خَطّيَّةُ فتَهافَتَتْ / مُهَجاتُهُمْ تَستَنُّ من مَسنونه
وابتَزّ مالَهُمُ ومُلكَهُمُ وقدْ / لحظتْهُ خُزْراً كالِئاتُ عُيونهِ
يا رُبّ بِكْرٍ من ليالي حَرْبِهِ / فيهم يُعَدُّ مِثالُها من عُونه
غَزْوٌ رَمَى صُمَّ الجِبالِ بعزمِهِ / حتى ألانَ متونَها بمُتونِهِ
يا أيّها المُوفي بغُرّةِ ماجِدٍ / تَسري بِغبِّ السّعدِ غبَّ دُجونه
أوْسَعْتَ عبدَك من أيادٍ شُكرُهَا / حظّانِ من دنيا الشَّكور ودينه
في حين لم يَعدِلْ نَداكَ ندَى يدٍ / لكِنْ صَبيرُ المُزْنِ جاء لحِينه
من وَبْلِهِ وسَكْوبهِ ومُلِثّهِ / وسَفُوحِهِ ودَلوحِهِ وهَتونه
لم يَشْفِ جَهْدُ القولِ منْهُ وإنّني / رَهْنٌ بهِ وكفيلُهُ كرهِينِهِ
حُزْتَ الكمالَ ففيكَ معنىً مُشكلٌ / يَنْبو بيانُ القوْلِ عن تَبيينه
أقسَمتُ بالبيتِ العتيقِ وما حوَتْ / بَطحاؤهُ من حِجرِهِ وحَجونِه
ما ذاكَ إلاّ أنَّ كونَكَ ناشِئاً / سَببٌ لهذا الخلقِ في تكوينِهِ
الشمسُ عنْهُ كليلَةٌ أجفانُها
الشمسُ عنْهُ كليلَةٌ أجفانُها / عَبرَى يَضِيقُ بسرّها كِتمانُها
لو تستطيعُ ضِياءَهُ لَدَنَتْ لهُ / يَعْشو إلى لَمَعانِهِ لَمَعانُها
وأُريكَها تَخْبو على بُرَحائِها / لم تَخْفَ مُذْعِنَةً ولا إذعانُها
إيوانُ مَلْكٍ لو رأتْهُ فارسٌ / ذُعِرَتْ وخَرّ لسَمكِهِ إيوانها
واستعظَمَتْ ما لم يُخلِّدْ مثلَهُ / سابورُهَا قِدْماً ولا ساسانُها
سجَدَتْ إلى النيرانِ أعصُرَها ولو / بَصُرَتْ به سَجَدَتْ له نيرانُها
بل لو تُجادلُها بهِ ألبابُها / في اللّه قامَ لحُسنِهِ بُرهانُها
أوَما ترى الدّنْيا وجامعَ حُسنْهِا / صُغرى لديه وهي يعظُمُ شانها
لولا الذي فُتِنَتْ به لاستعْبَرَتْ / ثكلى تَفُضُّ ضُلوعَها أشجانها
خَضِلُ البشاشةِ مُرْتَوٍ من مائها / فكأنّهُ متَهَلِّلٌ جَذْلانُها
يَنْدى فتنْشأُ في تَنَقُّلِ فَيْئِهِ / غُرُّ السحائبِ مُسبِلاً هَطَلانها
وكأنّ قُدسَ ويذبُلاً رَفَدا ذُرَى / أعلامِهِ حتى رَسَتْ أركانُها
تَغدو القصورُ البِيضُ في جَنَباتِهِ / صُوْراً إليه يَكِلُّ عنه عِيانُها
والقُبةُ البَيضاءُ طائِرَةٌ بهِ / تَهوي بمُنخَرقِ الصَّبا أعنانُها
ضُرِبَتْ بأرْوِقَةٍ تُرَفرِفُ فوقَها / فهوى بفُتْخِ قوادم خَفقَانها
عَلياءُ مُوفِيَةٌ على عَليائِهِ / في حيْثُ أسلَمَ مُقلَةً إنسانُها
بُطْنانُها وَشيُ البُرودِ وعَصْبُها / فكأنّما قوهِيُّها ظُهرْانها
نِيطَتْ أكاليلٌ بها مَنظومَةٌ / فغَدا يُضاحِكُ دُرَّها مَرجانُها
وتَعرّضَتْ طُرَرُ السُّتورِ كأنّها / عذَباتُ أوشِحَةٍ يروقُ جُمانها
وكأنّ أفوافَ الرّياضِ نُثِرْنَ في / صَفَحَاتِها فَتَفَوّفَتْ ألوانُها
فأدِرْ جُفونَكَ واكتحِلْ بمناظِرٍ / غَشّى فِرندَ لُجَيْنِها عِقْيانها
لِترى فنونَ السحْرِ أمثِلةً وما / يُدري الجَهولَ لَعَلّها أعيانُها
مُستَشرِفاتٍ من خُدورِ أوانِسٍ / مصفوفَةٍ قد فُصّلتُ تِيجانها
مُتَقابِلاتٍ في مَراتِبِها جَنَتْ / حرْباً على البِيضِ الحِسانِ حسانها
فاخلَعْ حميداً بينها عُذْرَ الصِّبا / ولُيبْدِ سِرَّ ضمائِرٍ إعلانُها
وحَباكَها كِلفُ الضُّلوع بحسنها / رَيّانُ جانحةٍ بها مَلآنها
تُسْلي المُحِبَّ عن الحبيبِ وتجتَني / ثمرَ النفوس مُحَرَّماً سُلْوانُها
رَدّتْ على الشّعراء ما حاكَتْ لها / غُرُّ القوافي بِكرُهَا وعَوانُها
وأتَتْ تُجَرِّرُ في ذيولِ قصائدٍ / يكفيكَ عن سِحْرِ البَيان بيانها
أعْيَتْ لَبيباً وهي مَوقِعُ طَرْفِهِ / فقَضَى عليه بجهلِهِ عرفانُها
إبراهِمِيّةُ سُودَدٍ تُعزَى إلى / نَجْرِ الكِرامِ جِنانُها ومَعانُها
فكأنّهُ سيفُ بنُ ذي يَزَنٍ بها / وكأنّها صَنعاءُ أو غُمدانها
سُحِبَتْ بها أردانُه فتَضَوّعَتْ / عَبَقاً بصائِكِ مِسكِهِ أردانُها
وكأنّما لَبِسَتْ شَبيبَتَهُ وقَدْ / غادى النّدَى متهَلِّلاً رَيعانها
وكأنّما الفِرْدَوسُ دارُ قرارِهِ / وكأنّ شافعَ جودِهِ رِضْوانها
أبدَتْ لَمرآكَ الجَليلِ جَلالَةً / يعلو لمكرمةٍ بذاك مَهانها
وهَفَتْ جوانبُها ولولا ما رَسا / من عبء مجْدكَ ما استقَرّ مكانها
ولَنِعْمَ مَغنى اللهوِ تَرأمُ ظِلَّه / آرامُ وَجْرَةَ رُحْنَ أو أُدْمانها
ونخالُها صَفراء عارَضَتِ الدُّجى / وسَرَتْ فنادَمَ كوكباً نَدمانُها
قدُمتْ تُزايلُ أعصُراً كَرّتْ على / حَوبائِها لمّا انقَضَى جُثمانها
وأتتْ على عهدِ التّبابعِ مُدّةً / غَضّاً على مَرّ الزّمانِ زمانها
يَمَنِيّةُ الأرْبابِ نجرانيّةُ ال / أنسابِ حيثُ سَمَتْ بها نَجرانُها
أو كِسْرَويّةُ مَحتدٍ وأرومةٍ / شَمطاءُ يُدعَى باسمِها دِهقانُها
أو قَرقَفٍ ممّا تنشّى الرّومَ لا / نَشَواتُها ذُمّتْ ولا نَشوانُها
كان اقتناها الجاثلِيقُ يُكِنُّهَا / ويَصُونُ دُرّةَ غائصٍ صَوّانها
في مَعشرٍ من قومه عَثَرَتْ بهم / نُوَبُ الزّمانِ فغالَهم حِدثانها
كرُمَتْ ثَرىً متأرِّجاً وتوسّطتْ / أرضَ البَطارقِ مُشرِفاً أفدانها
لم يُضرِموا ناراً لهَيبتِها ولمْ / يَسطَعْ بأكنافِ الفَضاء دُجانها
فكأنّ هيكَلَها تَقَدّمَ رايَةً / وكأنّ صَفّ الدّارعينَ دِنانُها
غَنِيَتْ تطوفُ بها ولائدُهمْ كما / طافَتْ برَبّاتِ الحِجالِ قِيانها
قد أُوتِيَتْ من عِلمِهمْ فكأنّها / أحبارُ تلك الكُتبِ أو رُهبانها
جازتْهُمُ تَرْمَدُّ في غُلَوائِها / فتُخُرّموا وخَلا لها مَيدانُها
فكَلَتْكَ ناجودٌ تديرُ كؤوسَها / هِيفٌ تُجاذبُ قُضْبَها كُثبانها
من قاصراتِ الطَّرْفِ كلّ خريدةٍ / لم يأتِ دونَ وِصالها هِجرانُها
لم تَدْرِ ما حَرُّ الوَداعِ ولا شجَتْ / صَبّاً بمُنْعَرَجِ اللوى أظعانها
قد ضُرّجَتْ بدم الحياء فأقبلتْ / متظلّماً من وَردها سُوسانها
تشكو الصِّفادَ لبُهْرِها فكأنّما / رَسَفَانُ عانٍ دَلُّها رَسَفانها
سامتْهُ بعضَ الظلم وهي غريرةٌ / لا ظُلمُها يُخْشَى ولا عُدوانها
فأتَتْهُ بين قَراطِقٍ ومَناطِقٍ / يُثْنى على سِيَرائِها خَفْتانها
وإذا ارتمَتْهُ بما تَريشُ ومُكّنَتْ / فأصابَ أسْودَ قلْبِهِ إمكانُها
لم تَدْرِ ما أصْمَى المليكَ أنَزْعُها / بسديدِ ذاك الرّمْي أو حُسبانها
في أريَحِيّاتٍ كرَيْعانِ الصِّبَا / حَركاتُها وعلى النُّهى إسْكانها
ولئن تَلَقّيْتَ الشّبابَ وعَصْرَهُ / بالمُلْهِياتِ فَعَصْرُها وأوانها
ولئن أبَتْ لك خفْضَ ذاكَ ولِينَهُ / نفسٌ كهَضْبِ عَمايَتينِ جَنانها
فلقبلَما أسْلتْكَ عن بِيض الدُّمى / بِيضٌ تُكسَّرُ في الوغى أجفانها
وضرائبٌ تُنبي الحُسامَ مَضارِباً / أردَتْ شَراسَتُها فخِيفَ لِيانُها
وأُبُوّةٌ هجَرَتْ مَقاصِرَ مُلكِها / فكأنّمَا أسْيافُها أوطانُها
قَوْمٌ هُمُ أيّامُهُمْ إقدامُها / وجِلادُها وضِرابُها وطِعانُها
وإذا تَمَطّرَتِ الجِيادُ سَوابِقاً / فبهم تَكَنُّفُها وهم فُرسانها
وإذا تَحَدّوْا بَلْدَةً فبِزَأرِهِم / صَعَقاتُها وببَأسِهِمْ رَجَفانُها
آلُ الوَغى تَبدو على قَسَماتهمْ / أقْمارُهَا وتحفُّهُمْ شُهبانُها
يَصْلَونَ حرَّ جحيمها إن عرّدَتْ / أبطالُها وتَزَاورَتْ أقرانها
جُرْثومَةٌ منها الجِبالُ الشُّمُّ لم / يُغْضَضْ متالِعُها ولا ثَهلانُها
رُدّتْ إليك فأنتَ يعرُبُها الذي / تُعْزَى إليه وجعْفَرٌ قَحطانها
فافخَرْ بتيجانِ المُلوكِ ومُلكِها / فلأنتَ غيرُ مُدافَعٍ خُلصانُها
ألِفَ النّدَى دَأباً عليه كأنّهُ / رَتْكُ المَطِيِّ إليهِ أو وَخَدانها
غَفّارُ مُوبِقَةِ الجَرائم صافحٌ / وسَجِيّةٌ من ماجِدٍ غُفرانها
شيم إذا ما القول حن تبرعت / كرماً فأسجح عطفها وحنانها
إنّي وإن قصّرْتُ عن شكريه لم / يَغْمَطْ لَدَيّ صنيعَةً كُفرانها
كنتُ الوليدَ فلم يُنازِعْهُ بنو / خاقانَ مكرمةً ولا خاقانها
مِنَنٌ كباكِرَةِ الغَمامِ كفيلةٌ / بالنُّجْحِ موقوفٌ عليه ضَمانها
يا وَيْلَتَا منّي عليّ أمُخْرِسي / إحسانُها أو مُغرِقي طُوفانها
ما لي بها إلاّ احتراقُ جوانحي / يُدني إليك ودادَها حَرَّانها
دامَتْ لنا تلك العُلى متَفَيّئاً / أظْلالُهَا مُتَهَدّلاً أفنانها
واسلَمْ لغَضّ شبيبَةٍ ولدولَةٍ / عَزّتْ وعَزّ مؤيَّداً سلطانها
كُفّي فأيَسرُ من مَرَدِّ عِنَاني
كُفّي فأيَسرُ من مَرَدِّ عِنَاني / وَقْعُ الأسِنّةِ في كُلَى الفُرْسانِ
ليسَ ادّخارُ البَدْرَةِ النّجلاءِ من / شِيَمي ولا مَنعُ اللُّهَى من شاني
هلْ للفتى في العَيشِ مِن مَندوحَةٍ / إلاّ اصطِفاءُ مَوَدّةِ الإخْوانِ
وإذا الجوادُ جرَى على عاداتِهِ / فَذَرِ الجوادَ وغايَةَ المَيدانِ
لا أرهَبُ الإعدامَ بَعدَ تَيَقُّني / أنّ الغِنى شَجَنٌ منَ الأشجانِ
مَلأتْ يَدي دَلْوي إلى أوذامِها / وأعَرْتُ للعافي قُوَى أشطاني
ولقد سمعتُ اللّهَ يندُبُ خَلْقَهُ / جَهْراً إلى الإفضالِ والإحسانِ
وإذا نَجا من فتنَةٍ الدّنيا امرُؤٌ / فكأنّما يَنجو من الطُّوفَانِ
يَأبَى ليَ الغدرَ الوَفاءُ بذِمّتي / والذَّمَّ آبَاهُ كما يأبَاني
إنّي لآنَفُ أنْ يَميلَ بي الهَوَى / أوْ أن يَراني اللّهُ حَيثُ نَهاني
حِزْبُ الإمامِ منَ الوَرَى حِزْبي إذا / عُدّوا وخُلصانُ الهدَى خُلصاني
لا تَبعَدَنَّ عِصابَةٌ شيعِيّةٌ / ظَفِرُوا ببغيَتِهمْ منَ الرّحمَنِ
قوْمٌ إذا ماجَ البرِيّةُ والتَقَى / خَصْمانِ في المعَبودِ يختَصِمَانِ
تركوا سُيُوفَ الهندِ في أغمادِها / وتَقَلّدُوا سَيفاً منَ القرآنِ
عقَدوا الحُبَى بصُدورِ مجْلسهمْ كمنْ / عَرَفَ المُعِزَّ حَقيقَةَ العِرفْانِ
قد شرّفَ اللّهُ الوَرَى بزَمانِهِ / حتى الكَواكبُ والوَرَى سِيّانِ
وكَفَى بمنْ ميراثُهُ الدّنيا ومَن / خُلِقَتْ لهُ وعَبيدُهُ الثَّقَلانِ
وكَفَى بشيعَتِهِ الزّكيّةِ شِيعَةً / وكَفَى بهم في البرّ من صِنْوانِ
عُصِمتْ جَوارِحهم من العدوَى كما / وُقيَتْ جَوانحُهُمْ منَ الأضغان
قد أُيّدوا بالقُدْسِ إلاّ أنّهُمْ / قد أُونِسوا بالرَّوحِ والرَّيحانِ
للّهِ دَرُّهُمُ بحيثُ لَقيتُهُم / إنّ الكِرامَ كَريمَةُ الأوْطانِ
يَغشَوْنَ ناديَ أفْلَحٍ فكأنّما / يَغشَوْنَ رَبَّ التّاجِ من عَدنانِ
حَيَّوا جَلالَةَ قَدرِهِ فكأنّما / حَيَّوا أمينَ اللّهِ في الإيوانِ
يَرِدونَ جَمّةَ عِلْمِهِ ونَوالِهِ / فكأنّهمْ حَيثُ التَقَى البَحرانِ
حُفّتْ بِهِ شُفعاؤهمْ واستَمطَرُوا / مِنْ جانِبَيهِ سَحائبَ الغُفرانِ
ورأوْهُ من حيثُ التَقَتْ أبصارُهمْ / مُتَصَوَّراً في صورةِ البُرْهانِ
تَنْبُو عقولُ الخَلْقِ عن إدراكِهِ / وتكِلُّ عنهُ صَحائحُ الأذهانِ
تَستَكْبِرُ الأملاكُ قبلَ لِقائِهِ / وتَخِرُّ حينَ تَراهُ للأذْقانِ
أبلِغْ أميرَ المؤمنينَ على النّوَى / قَوْلاً يُريهِ نَصيحتي ومكاني
إنّ السّيوفَ بذي الفَقارِ تشَرّفَتْ / ولَقَلَّ سَيفٌ مثلُ أفلَحَ ثانِ
قد كنتُ أحسبُني تَقَصّيتُ الوَرَى / وبَلَوْتُ شِيعَةَ أهلِ كلّ زَمانِ
فإذا مُوالاةُ البَرِيّةِ كُلّها / جُمِعَتْ لهُ في السّرّ والإعلانِ
وإذا الذينَ أعُدُّهمْ شِيَعاً إذا / قِيسُوا إليهِ كعُبَّدِ الأوْثانِ
نُضِحَتْ حرارَةُ قَلبِهِ بمَوَدّةٍ / ضَرَبتْ علَيهِ سُرادِقَ الإيمانِ
وحَنا جَوانحَ صَدرِهِ مَملوءةً / عِلماً بما يأتي منَ الحِدْثان
يَتَبَرّكُ الرّوحُ الزّكيُّ بقُرْبِهِ / نُسْكاً ويُرْوي مُهجَةَ الهَيمانِ
أمُعِزَّ أنصارِ المُعزّ من الوَرَى / والمُنزِلُ النُّصّابَ دارَ هَوانِ
بكَ دانَ مُلْكُ المشرقينِ وأهلُهُ / وأنابَ بَعدَ النّكثِ والخُلعانِ
إنّا وَجَدْنا فَتْحَ مصرٍ آخِراً / لكَ ذِكرُهُ في سالِفِ الأزْمانِ
فبعزْمكَ انهَدّتْ قُوَى أركانِها / وبقُرْبكَ امتدّتْ إلى الإذْعانِ
وَطّأتَ بالغاراتِ مَركَبَ عِزّها / والجيشَ حتى ذَلّ للرُّكْبانِ
فإلَيكَ ينُسَبُ حيثُ كنتَ وإنّما / فخرُ الصُّلِيِّ لقادِحِ النّيرانِ
عَصَفتْ على الأعرابِ منكَ زَعازعٌ / سَفَكَتْ دَمَ الأقرانِ بالأقرانِ
ما قَرّ أعيُنُ آلِ قُرّةَ مُذ سُقُوا / بكَ ما سُقُوهُ منَ الحَميمِ الآني
وقَبيلَةً قَتّلْتَها وقَبيلَةً / أثكَلْتَها بالبَرْك في الأعطانِ
أخْلى البُحيرَةَ منهُمُ والبِيدَ مَا / خَسَفَ الصّعيدَ بشِدّةِ الرَّجفَانِ
فشغَلْتَ أهلَ الخَيمِ عن تَطنيبِها / وأسَمتَهُم شَرْداً معَ الظُّلمانِ
وَسَمتْ إلى الواحاتِ خَيلُكَ ضُمَّراً / حتى انتَهَتْ قُدُماً إلى أُسْوانِ
قد ظاهَرُوا لِبَدَ الدّرُوعِ عليهِمُ / وتأجّمُوا أجَماً منَ الخِرْصانِ
وغَدَوْا حَوالَيْ مُتْرَفٍ لا يَنثَني / عَلَماهُ عَن إنْسٍ وَلا عن جانِ
فكَأنّ دينَكَ يوْمَ أرْدى كُفرَهُ / أجَلٌ بَطَشتَ لهُ بعمرٍ فانِ
وكأنّ أسرابَ الجِيادِ ضُحىً وقَد / خَفّتْ إليهِ كَواسِرُ العِقبانِ
عطَفَتْ علَيهِ صدورَها وكأنّما / عَطَفَتْ على كِسرَى أنُوشروانِ
وكأنّما البَرّاضُ صَبّحَ أهلَهُ / وكأنّهنّ هَجائنُ النّعمانِ
ظَلّتْ سيوفُكَ وهيَ تأخُذُ روحَه / كالنّارِ تَلفَحُهُ بغيرِ دُخانِ
حكَمَتْ بسَعدِ المُشتري لك ساعةٌ / حكَمَتْ لهُ بالنَّحسِ من كيوانِ
فأتَى جُيوشَكَ إذْ أتَتْهُ كأنّهُ / رَكضْاً إلَيها طالبٌ لرِهانِ
فعَجِبتُ كيفَ تخالَفَ القَدَرانِ في / عُقْباهُما وتَشابَهَ الأمَلانِ
رُعْتَ الأوابِدَ في الفَدافِدِ فجأةً / بعَجارِفِ الرَّدَيانِ والوَخَدانِ
وتَعَوّذَ الشّيطانُ منكَ وكَيدُهُ / لمّا ذَعَرْتَ جزيرَةَ الشّيْطانِ
سارَتْ جِيادُكَ في الفَلا سَيرَ القَطا / يحمِلْنَ ظُلْماناً على ظُلْمانِ
ضَمّنْتَ صَهْوَةَ كلّ طِرْفٍ مثلَهُ / وحَمَلتَ سِرْحاناً على سِرْحانِ
في مَهْمَهٍ ما جابَهَ الرُّكْبانُ مُذْ / طُرِدَتْ منَ الدّنيا بَنو مَرْوانِ
لوْ سارَ فيهِ الشَّنْفَرَى فِتراً لَمَا / حَمَلَتْهُ في وَعْسائِهِ قَدَمانِ
يَجْتَبْنَ كلّ مُلَمَّعٍ بالآلِ ما / للجِنّ بالتّعريسِ فيهِ يَدانِ
خُضْنَ الظّلامَ إلَيهِ ثمّ اجْتَبْنَهُ / ومَرَقنَ من سِجفَيْهِ كالحُسبانِ
فأتَيْنَهُ من حيثُ يأمَنُ غِرّةً / مَنْ لامرىءٍ من دَهرِه بأمانِ
كَم غُلْنَ من مُستَكبِرٍ في قَوْمِه / متَمَنِّعٍ بالعِزّ والسُّلطانِ
أو في دروُعِ البأسِ من مُستَلْئِمٍ / أو في ثِيابِ الخَزّ من نَشوانِ
باتَتْ تُحَيّيهِ سُقاةُ مُدامَةٍ / فغَدَتْ تُحَيّيهِ سُقاةُ طِعانِ
يَهوي السِّنانُ إليهِ وهوَ يظنُّهُ / كأسَ الصَّبوحِ على يَدِ النَّدمانِ
ولكمْ سَلَبْتَ بها عزيزاً تاجَهُ / وتركتَ فيها من عَبيطٍ قانِ
ومُجَدَّلاً فوْقَ الثَّرَى ونَجيعُهُ / والرّوحُ من وَدَجَيهِ مُختَلطانِ
وكمِ استبَحنَ وكم أبحنكَ من حمىً / وحُقوفِ رَملٍ في مَعاطِفِ بانِ
وكَواعِبٍ مَحفُوفَةٍ بعَصائِبٍ / قد كُلِّلَتْ بالدُّرّ والمَرْجانِ
والمِسكُ يَعبَقُ في البُرُودِ كأنّها / زَهُر الرّبيعِ مُفَوَّفُ الألوانِ
لم يَبْقَ إلاّ السّدُّ تَخرِقُ رَدْمَهُ / فلقَدْ أطاعَكَ في الوَرَى العَصرانِ
وبلَغتَ قُطرَ الأرْضِ بالعزْمِ الذي / لم تُؤتَهُ الأفلاكُ في الدّوَرَانِ
وجَمَعتَ شَملَ المُتَّقينَ على الهدى / وتألّفَتْ بكَ أنفُسُ الحيوانِ
فزَكَتْ بكَ الأعمالُ حَقَّ زكاتِها / ونجَتْ بكَ الأرْواحُ في الأبدانِ
لوْ يَقِرنُ اللّهُ البِلادَ بمِثْلِها / ضاقَتْ بعَزمِكَ والصَّبيرِ الدّاني
تُندي بآلافِ الألوفِ إلى مَدىً / يَعيا على الحُسّابِ والحُسْبانِ
يا سَيفَ عِتْرَةِ هاشِمٍ وسِنانَها / وشِهابَها في حالِكِ الأدجانِ
لوْ سِرْتُ أطلبُ هل أرَى لك مشبهاً / لطَلَبتُ شيئاً ليسَ في الإمكانِ
كلُّ الدُّعاةِ إلى الهُدَى كالسّطرِ في / بَطنِ الكتابِ وأنتَ كالعنوانِ
أنتَ الحَقيقَةُ أُيّدَتْ بحَقيقَةٍ / وسِواكَ عَينُ الإفْكِ والبُهتانِ
إنّي لأستَحيي منَ العَليا إذا / قابَلْتُ ما أوْلَيتَني بعِيانِ
أعْجَلتَ في يوْمي رَجائي في غَدٍ / فكأنّني في جنّةِ الرِّضْوانِ
ولبِسْتُ ما ألبَستَني من نِعمَةٍ / فبِها شكَرْتُكَ لا بطولِ لِساني
إنّي مدَحتُك إذ مدَحتُك مُخلِصاً / حتى إذا ما ضاقَ ذَرْعُ بَياني
كادَتْ تَسيلُ معَ المَدائحِ مُهجتي / لوْلا ارتِباطُ النّفسِ بالجُثمانِ
أرسلتَ عُجماً ما تبين
أرسلتَ عُجماً ما تبين / فتشيعت فيها الظنون
ليسَ المديحُ لمن قصد / نَ ولا المكان به مكين
هذا يُقال لأحمدٍ / إن حصحص الحقُّ المبين
فهو الذي لم تجتمع / إلا له دُنيا ودين
حمراءُ صرفاً ألبسوها أحمرا
حمراءُ صرفاً ألبسوها أحمرا / قد أنصفوه فخلتهُ ملآنا
فحسبتهم جاروا عليَّ ولم يكن / جاروا ولكني خُلِقت جبانا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025