المجموع : 30
يا شاعراً أمسَى يَحُوكُ مديحَهُ
يا شاعراً أمسَى يَحُوكُ مديحَهُ / في شَرِّ جيل شرِّ أهل زمانِ
ما تستحق ثوابَ من كابرْتَه / ورميتَه بالإفكِ والعدوان
قومٌ تذكِّرُهم فضائلَ غَيرِهم / فيرون ما فيهم من النُّقصان
فإذا مدحتَهم فتحتَ عليهِمُ / باباً من الحسرات والأحزان
ظلَمَ امرؤٌ أهدَى المديح إليهمُ / ثم استتاب مثوبةَ الإحسان
أيُمينُهُمْ أسفاً ويطلب رِفْدَهُمْ / لقد اغتدى في الظُّلْم والعُدُوان
ذهبَ الذين تَهزُّهُمْ مُدَّاحُهُمْ
ذهبَ الذين تَهزُّهُمْ مُدَّاحُهُمْ / هَزَّ الكُماةِ عواليَ المُرّان
كانوا إذا امتُدِحوا رأوْا ما فيهمُ / فالأرْيحِيَّةُ منهمُ بمكان
والمدح يَقْرعُ قلبَ من هُوَ أهلُه / قرْعَ المَواعظِ قلب ذي إيمان
فدعِ اللِّئام فما ثوابُ مديحهِمْ / إلا ثوابُ عبادةِ الأوثان
كم قائل لي منهمُ ومدحْتُه / بمدائح مثل الرِّياضِ حِسان
أحسنتَ ويحك ليس فيَّ وإنما / أستحسن الحسناتِ في ميزاني
كنَّا نُهَنِّي بالخلا
كنَّا نُهَنِّي بالخلا / فة قبلكَ المُتَنَعِّمينا
حتى إذا صارت إلي / ك هَدَيْتَ هَدْيَ الراشدينا
فمنعْتَ نفسَكَ دَرَّها / ومَرَيْتها للحالبينا
ولمَا غُبِنْتَ متاعَها / بل بعتها بيعاً ثمينا
فاصبرْ لها لا زالَ عَوْ / نك مَنْ رَضِيتَ به مُعينا
هِيَ مِحْنَةٌ للمتَّقي / ن وفِتنةٌ لِلْمُتْرفينا
لكنهُمْ حُرِموا وما عُصِمُوا
لكنهُمْ حُرِموا وما عُصِمُوا / فقلوبُهُمْ مرضَى من الحَزَن
وكأنّ أهلَ العقل إذْ خُلِقُوا / وُقِفَتْ قلوبهمُ على المحنِ
وهمُ أحسُّ على بَلِيَّتِهمْ / من غيرِهم بمضاضةِ الغبن
أقصِرْ فلوْ سوَّدْتَ كل حمامةٍ
أقصِرْ فلوْ سوَّدْتَ كل حمامةٍ / بيضاءَ ما عُدَّتْ من الغِرْبان
مثلُ السراب سخافةً لكنَّهُ
مثلُ السراب سخافةً لكنَّهُ / تجري الرياح وما يَريمُ مكانَهُ
بالٍ يُخلِّي للرياح سبيلها / عفواً فيسبِقُ وهيُه طيرانَهُ
والَى عليه مصيبتين أفاضتا
والَى عليه مصيبتين أفاضتا / عبراتِه واستذكَتا أحزانَهُ
بأخ شقيقٍ بعد أُمٍّ برةٍ / بالأمس قطَّع منهما أقرانَهُ
وأجلُّ رُزءيه أخوه فإنه / قد كان مُنصَلَهُ وكان سنانَهُ
فليُحيِه الملك الهُمام فلم يَفُت / مَحياهُ قدرتَهُ ولا سلطانَهُ
وحياتُه لي أن أقوم مقَامَه / وأسُدُّ من دار الأمير مكانَهُ
كيلا أرى أحداً يُقاتُ برزقه / غيري ويُوطَنُ بَعده أوطانَهُ
ومتى خلفتُ أخي هناك فإنما / أنا روحُه إن لم أكن جثمانَهُ
فهل الأمير بذاك مُسعِفُ عبدِهِ / متطولاً ومُكمِّلاً إحسانَهُ
أم لا فعبدُك باسطٌ لك عذرَه / إمَّا أبيتَ ولائمٌ حرمانَهُ
أنَّى يلومُك طائعاً من لا يرى / ما دمتَ حياً أن يلومَ زمانَهُ
وأظن أنك لا محالَة مُسعِفي / ظناً سيتْبَعُ شكُّه استيقانَهُ
لِترُبَّ ما قد كنت توليه أخي / عندي وتعمرَ جانبي عمرانَهُ
لستَ الذي يُولي الوليَّ صنعيةً / حَتىُ إذا حَين الوليِّ أحانَهُ
كنتَ الذي يرثُ الصنيعةَ بعدَهُ / لكنْ يورّثُها ولو جيرانَهُ
كيما تتُم لك الصنعيةُ عنده / حَياً ومَيْتاً لابساً أكفانَهُ
ولكي تباينَ كلَّ مُنعم نعمةٍ / سلب الزمانُ وليَّهُ فأعانَهُ
وكم امرئٍ سلبتْ يداهُ وليَّهُ / مع دهره الخوَّانِ لمَّا خانَهُ
وأخي كبعض الغَرس كنتَ تَرُبّه / حتى تخوَّن يُبسه عيدانَهُ
وأحقُّ مصروفٍ إليه شِرْبُهُ / مَنْ واشَجَتْ أغصانُهُ أغصانَهُ
فإليَّ فاثنِ عنانَ سَيْبك بعدَهُ / فأحَقُّ من تَثْني إليه عِنانَهُ
ما ضرَّ من عيناه تانِك ويحَهُ
ما ضرَّ من عيناه تانِك ويحَهُ / ألا يكون لوجهه عينان
ناهيك بالشيطان من فزَّاعة / وابن استِها فزَّاعةِ الشيطان
يا رحمتا لمُنادميه تجشَّموا / ألمَ العيون للذَّةِ الآذان
سالفتاه عِوضٌ
سالفتاه عِوضٌ / من كل شيء حَسنِ
عوَّضني من حسنه / حسناً فماذا ضرني
ما قال أنْ قد عقني / بالصدِّ إلا بَرَّني
أم هل يطيبُ لمقلةٍ وَسنٌ
أم هل يطيبُ لمقلةٍ وَسنٌ / فيقرُّ فيها ذلك الوسنُ
أم هل يُبَتُّ لذاهبٍ قَرَنٌ / يوماً فيُوصَل ذلك القَرَنُ
كم مِنَّةٍ للدهر كدَّرها / لم تصفُ منه ولا له المِننُ
ما زال يكسونا ويسلبنا / حتى نظلَّ وشُكرنا إحَنُ
فمتى أراك بصرفِهِ زِيَناً / فهِيَ الزخارفُ منه لا الزِّينُ
يكفيك أن لا وجدَ مُدَّخَرٌ / أبداً وألا دمع يُختزَنُ
أبُنَيّ إنك والعزاءَ معاً / بالأمس لُفَّ عليكما كفنُ
فإذا تناولتُ العزاء أبى / نَيْلِيه أن قد ضمَّه الجُننُ
أبُنيّ إن أحزنْ عليك فلي / في أن فقدتُك ساعةً حزنُ
وإن افتقدت الحُزن مفتقِداً / لُبِّي لفقدِك للحَرِي القَمِنُ
بل لا إخال شجاك تَعْدَمُه / روحٌ ألمَّ بها ولا بَدنُ
تاللَّه لا تنفك لي شجناً / يمضي الزمان وأنت لي شجنُ
والآن حين ظعنت عن وطني / سمج المقام وطاب لي الظَّعنُ
ما أصبحت دنيايَ لي وطناً / بل حيث دارُك عنديَ الوطنُ
ما في النهار وقد فقدتك مِنْ / أنْسٍ ولا في الليل لي سَكنُ
يا حسرتا فارقتني فَنناً / غضاً ولم يُثمر ليَ الفننُ
ولقد تُسلّي القلبَ ذُكرتُه / أنِّي بأن ألقاك مرتَهَنُ
أولادنا أنتم لنا فِتنٌ / وتفارقون فأنتمُ مِحنُ
لهفي على سبق المنية بي / لو بيع لم يوجد له ثمنُ
يا عاذلي في مثل نائبتي / تُلْفَى دموعُ العين تُمْتَهنُ
فدعِ الملام فإنني رجل / عَدلٌ على العبرات مؤتمَنُ
أنفقتُ دمعي في مَواضعه / لا الوَكسُ يلحقُني ولا الغَبنُ
أبكانيَ ابني إذ فُجعت به / لم تُبكِني الأطلال والدِّمنُ
وعكَفْتُ بالقبر المحيط به / فاعذِرْ فلا صنمٌ ولا وثنُ
لَترى غداةَ الغِبِّ مِن حرمانِه
لَترى غداةَ الغِبِّ مِن حرمانِه / خطأً ومَن حرمانُه حرمانُ
ومن اغتدى وكأنه من حسنه
ومن اغتدى وكأنه من حسنه / في كل عضو منه حُورٌ عِين
وإذا تنفَّس نائماً أو لاثماً / فكأنما يتنفس النِّسرين
أعليك في رمي القلوب وكَلْمها / نَذرٌ وفي منع الشفاء يمينُ
ظبيٌ كأن كناسه مما ترى / فيه دماءَ العاشقين عَرينُ
إني أعوذ بعدلك ابنَ محمدٍ / منه وأنت على الظَّلوم مُعين
يا من غدا والمشتري جَدٌّ له / والشمس رأيٌ والهلال جَبين
والحلمُ سمتٌ والعفاف طويَّةٌ / والبِر خِدنٌ والوفاء قرين
ومن استفاض بعدله وبفضله / حتى استوى الجبار والمسكين
ومن استجنَّ من الحوادث جارُه / فكأنه بعد الوِلاد جنين
مَشْتاه في كنفيك يا ابن محمد / مشتىً دفيء والمصيفُ كَنين
طاب الزمان له ورقَّ غليظُه / فكأن كلَّ شهوره تشرين
أقسمتُ ما وعد الرجاء بحاصل / إلا وجودُك بالوفاء ضمين
تبدو ووجهك ضاحكٌ مستبشر / عند السؤال وللبخيل أنين
عنوانُ معروفٍ يكون وراءه / بَدءٌ وعَوْد من جداك ثخين
فالبشرُ بالبدء الهنِيِّ مبشِّرٌ / والبدء بالعَود السنِيِّ رهين
لا زلتَ أفضلَ من يطيع إلهَه / ويطيعُه التعميرُ والتمكين
أشكو إليك معاشراً ولعوا بنا / لهمُ كمينٌ في الصدور دفين
جَدّوا بنا كالمازحين عَداوةً / والجدُّ في بعض المِزاح مُبين
فإذا ادّخرت لنا نصيبَ كرامةٍ / خَانوا وهانَ عليهمُ التخوين
غلبتْ على ألبابهم شهواتُهم / فأرتهمُ ما لا يزَينُ يزين
من كل أَفوه قد أُمِدَّ بمعدةٍ / حَرَّى يذوبُ لحرِّها الهِرْصين
والنابُ منه على الأمانة خنجر / والظّفر من أظفاره سكين
بطلُ الوقاحة لا الحياءِ كأنْ به / عن أن يخونَ أمانةً تهوين
يأبى مسالمةَ الأمانة مثله / أنى يسالمُ بطَّةً شاهين
إنا نُكاد ولا نَكيد عدوَّنا / ثقةً بكيد اللَّه وهو متين
إني أعيذك أن يراك مليكنا / ترضَى خيانتَهم وأنت أمين
فكِّر وقل لهُمُ مقالةَ صادقٍ / يحتجُّ عند مقاله ويُبين
يا من يُهَوِّن أن يخون أمانةً / أقسمتُ أن سَيُهينك التهوين
لا يصغرنَّ لديك قدرُ خطيئة / إن المحاسبَ سجنُه السّجين
ولعل ذا جهل يقول بجهله / إن المُعاتِبَ في الطفيف مَهين
وجوابُه نقدٌ لدينا حاضرٌ / وافٍ إذا نقص الجوابَ وَزين
قولا له إن كان يعقِلُ إننا / قومٌ بحُبّ المُنعمين ندين
من لا يَشحُّ على قليل نصيبِه / من برِّ سيده فذاك ظنين
إن المحبَّ بمن أحب وبالذي / يُسدَي إليه وإن أقلَّ ضنين
وأرى الكرامة حليةً ما أُخليت / مِن غَيْرةٍ فيها لها تحصين
تَلقى الفتى الغيران ينفِث دونها / قِطَع الحريق كأنه التنين
والغيرةُ الشيءُ الذي لم يُلْغه / إلا خَصِيُّ السوء والعِنّين
أو قلتُ قولاً لست أجهل أنه / فيه لصدرِ مُرجِّم تخشين
ولما أصبتُ به سوى مُتَعَرِّضٍ / وأخو العداء بما يَدينُ مَدين
فليرضَ بالتهجين أو فلينصرف / عما يكون جزاءَه التهجين
لا يحسن الظنَّ اللئيمُ بنفسه / فالغثُّ غثٌّ والسمين سمين
يا من عَطاياه لديه رخيصة / وثناءُ مادِحه لديه ثمين
وإذا اعتصمتُ بجوده فكأنما / غدتِ العواصم لي وقنَّسرين
فإذا التقى داعٍ له ومؤمّلٌ / سُمع الدعاءُ وشُفِّعَ التأمين
ستَبرُّني وتسرُّني وتثيبني / وأقول فيك ويُحفَظ التدوين
إنما يبكي شجيٌّ شَجَنَهْ / لا كما يبكي خليٌّ دِمنَهْ
أيها المأمون من نسيانه / أكذا أُنسى ولو غبت سنه
لا تكن مولىً هواه في الأذى / لم يزل بالعبد حتى فتنه
ثم خلّاه وأهدى قلبه / للتباريح وأنْضى بدنه
هل يُعافي العبدَ من محذورِهِ / أنَّ أخلاقك أضحت جُنَنَه
لم أكن قطُّ أرى أني أَرى / سَكناً مثلك ينسى سكنه
أيها المُهدي لقلبي ظِنناً / لا تدعْ قلبي يناجي ظننه
مع أن الغدر شيءٌ لم أَخلْ / أنَّ أخلاقك مَسَّتْ دَرَنه
بل أرى العبدَ الذي استَعبدته / ثم سلَّطتَ عليه حَزَنَه
هو عبدٌ تشتهي تَضميرَهُ / بالمجافاةِ وتَقلى سِمَنَه
شعفاً بالقدِّ يا من قدُّه / أضحت الأغصانُ تحكي غُصنه
أبقِ منه لا تدعه خائفاً / كلما هَزَّ نسيمٌ فَنَنَه
بل أَرى أنك لي مُمتحنٌ / فارحمِ العبد وخفِّف مِحنه
لن يُطيق الهجرَ عبدٌ نفسُهُ / بهوَى سيدِه مُمتَحَنَه
هَب لأسبوعٍ رسولاً واحداً / إن في ذاك لقلبي أَمَنَه
نكتُ العجوزَ فظل يشتم سادراً
نكتُ العجوزَ فظل يشتم سادراً / وقرُونه يصرعنَه ألوانا
للَّه درُّ النَّغل من مُتوهِّمٍ / أن اللسان يقاوم الجُرذانا
دع ذا فإنّ قرونه لو أصبحت / لك معقلاً لم ترهب الحَدثانا
يا خائفَ الطوفان إنَّ لنا أخاً / يعلو قَصيرُ قرونه الطوفانا
فمتى هجاك فدارِه لقرونه / ليكونَ مما قد خشيتَ أمانا
ولئن عدلتُ عن الغِواية همتي
ولئن عدلتُ عن الغِواية همتي / وغدوت معترفاً لمن يلحاني
لبما أروح وللشبيبة حَبْرةٌ / أَرْنَى العيونِ بفاحم فتَّان
وبمُشْرِقٍ صافي الأديم كأنما / فيه ائتلاقٌ من صفيح يمان
وبما أَمُدُّ يدي إلى ثمر الصِّبى / فأنوشُ منها فَوْتَ كف الجاني
بعضَ الأسى إن الأسى لك جمّةٌ / كلٌّ سيدرك جريَه العصران
أضحى محمدٌ المحمَّدُ كاسمه / في الصالحاتِ مُشَارَ كُلِّ بنانِ
في أيِّها جَارَى تقدَّم شأوُه / فحَوى الرهانَ أمام كُلِّ عِنان
عَلَمُ السراة حَيا العُفاةِ نَدى الثرى / وثُقَى العُرا في نائبِ الحدَثَان
تعشو الرجال إلى نواجم رأيه / والخطب أعجمُ داثرُ البرهان
وتؤمُّ مقحمةُ السنين فناءه / فتُنيخ منه بواسعِ الأعطانِ
يغلو بأعلاق المحامد سومُها / ويرى الرغائبَ أوكَسَ الأثمان
لم يخل يوماً من نجِيِّ تقيّةٍ / تدعو إلى المعروف والإحسان
لا تُفْرطُ الجدوى أنامل كفّهِ / حتى يهشَّ إلى فَعَالٍ ثاني
يبْغي بذلك قربةً أو صيتَةً / وأَثيرُ همَّتِه رضا الرحمن
وإذا بدا ملأ العيون جلالةً / فتَظلُّ وهي كليلةُ اللحظان
وإذا هفا أهل الحلوم رسا به / حلمٌ يشولُ بَيَذْبُلٍ وأبان
عَذُبَت مَمَادحُه بأفواهِ الورى / فثناؤه يُثْنى بكُلِّ مكان
ولَهُ من العباس مَجْدُ ولاية / عن كُلِّ أَزْهَرَ من بنيه هَجانِ
يا وارث الصبَّاح ربوةَ مجدِه / أصبحت نعم مؤثِّل البنيان
كم فَعلة لك في الأنام سَنيَّةٍ / ولدى الإله ثقيلةُ الميزان
إني لشاكرك الذي أوليتَني / ساع لذلك غيرَ سعي الواني
عجزت يداي عن الجزاء فألقتا / عبء الشكور على ثناء لساني
ولأسْمُكنّ خلال كُلِّ قبيلة / نشراً لذكرك طيّب النَّسَمانِ
كجليب رَيَّا الروضِ بات يُشيعه / نفح الصِّبا في ليلة مِدْجان
بمنَخَّلاتٍ من عقائل منطقي / سَلِسٍ مساربهُنَّ في الآذانِ
لازال جَدّك يا محمد صاعداً / وهوتْ جدودُ عِداك للأذقان
أمنَ امرؤٌ من رُزءِ شيء فاته
أمنَ امرؤٌ من رُزءِ شيء فاته / والمُدركوه مراقبو الحدثان
وكفى عزاءً لامرئٍ عن فائتٍ / أن لا يخافَ عليه صرفَ زمان
لو جئتهنَّ إذا خَلَوْنَ لغيَّةٍ
لو جئتهنَّ إذا خَلَوْنَ لغيَّةٍ / لسمعتَ أجراساً هناك فنونا
قرعَ الأيور فروجَهنَّ تشوبُه / أنفاسُهنَّ زوافراً وأنينا
زفراتُ أكيارٍ ووقعُ مطارقٍ / فكأن بيتك كورُ حدادينا
مُجنٌ يُنبهنَّ الغواةَ على الزنا / ويصحن ليلاً يا نيام التينا
للَّه نسوةُ خالدٍ لقد اعتلتْ / كلَّ القِحاب خلاعةً ومجونا
كم قائل لي منهمُ ومدحتُهُ
كم قائل لي منهمُ ومدحتُهُ / بمدائح مثل الرياض حِسانِ
أحسنتَ ويحكَ ليس فيَّ وإنما / أستحسنُ الحسنات في ميزاني
يا شاعراً أمسى يحوك مديحَه / في شرِّ جيل شرِّ أهلِ زمانِ
ما تستحق ثوابَ من كابرتَهُ / ورميته بالإفك والبُهتان
قومٌ تذكِّرهم فضائلَ غيرهم / فيروْن ما فيهم من النقصان
فإذا مدحتَهُم فتحت عليهمُ / باباً من الحسراتِ والأحزان
ظلمَ امرؤٌ أهدى المديح لمثلِهم / ثم استثابَ مثوبةَ الإحسانِ
أيفيدهم أسفاً ويطلب رِفدَهُم / لقد اعتدى وألظَّ في العدوان
قد أحسنوا وتجشموا كُلّ الأذى / إذْ أهْدفوه مسامعَ الآذان
ذهب الذين يهزُّهُم مُدَّاحُهُم / هَزَّ الكُماة عواليَ المُرَّان
كانوا إذا مُدِحوا رأوا ما فيهمُ / فالأريحيَّةُ منهمُ بمكان
والمدحُ يقرعُ قلب من هُو أهلُهُ / قرعَ المَواعِظ قلبَ ذي إيمان
فدع اللئامَ فما ثوابُ مديحهم / إلا ثوابُ عبادةِ الأوثان
واعتدَّني لما رخص
واعتدَّني لما رخص / تُ عليه من سَقَطِ المعاني
سأصون مالك عن يدي / وأصون عرضَك عن لساني
آليتُ لا أهجو طِوا / لَ الدهر إلا من هجاني
لا بل سأطَّرحُ الهجا / ءَ وإن رماني من رماني
أمنَ الخلائقُ كلهم / فليأخذوا منّي أماني
حِلمي أعزُّ عليَّ مِنْ / غَضَبي إذا غضبي عَراني
أَوْلَى لجهلي بعدَما / مَكَّنتُ حِلمي مِنْ عناني
ضَمن التنزُّه كفَّ غر / بي والوفاء أخو ضماني
فلأَصبرنَّ وأكظِمَنْ / نَ وإن لظى غيظي كواني
لكنني سأحبُّ نَفْ / سي إذ قلاني من قلاني
وأريدها كُلَّ الإرا / دة إذ أباني مَنْ أباني
وأرى مَكاني إذ تعا / مَه من تعامه عن مكاني
حتى يراني الله كَيْ / ف صيانتي قَدْري وشاني
ويعولُني فعِيالتي / حَقٌّ عليه كما براني
ولتغْذُوَنّي بالكرا / مةِ إنه قدْماً غَذاني
وإن انتهى خَبري إلى / من كنتُ أَخدُمُه كفاني
ما كان غارسُ دوحتي / يرضى ضَياعي لو رآني
وعليك ألفُ تحيةٍ / منّي نهاني مَنْ نهاني
وسأستعينُ على الفرا / قِ الصبر إنْ شوقٌ دعاني
وسأستريحُ إلى اللقا / ء النَّزْر إن قلبي حَداني
حتَّى تبيَّن أنني / حُرٌّ وإن حرٌّ جفاني
واسْتَنْطِقِ العُودَ الفصي
واسْتَنْطِقِ العُودَ الفصي / حَ عن المثالِثِ والمَثَاني
ببيان بِدْعةَ إنَّها / في الحذق من بِدَعِ الزَّمانِ
تحكي بحُسْنِ غنائها / تصديقَ جودِكَ للأماني
وجمالَ وجهِكَ إنَّه / مِنْ كُلِّ مَحْذورٍ أماني
يا واحدَ الكرمِ الذي / ما إنْ له في الحسْنِ ثاني
ما لي جُفِيتُ وما شَغلْ / تُ بِغيْرِ شكركُمُ لساني
وجُعِلْتُ مِنْ سَقَطِ الحَمي / رِ وكنْتُ من خَيْلِ الرِّهانِ
مع أنّني مَكَّنْتُ كفْ / فَكَ خاضِعاً لك من عناني
أعزِزْ عليَّ بأنْ أُرى / خِلْواً لديك مِنَ المعَاني
سيان عندي يومَ ذاك أكِدْتني
سيان عندي يومَ ذاك أكِدْتني / أم بُلْتَ حيثُ تناطحَ البحرانِ
وأظنُّ ظنَّاً كاليقين وثاقةً / أني وأنك ثَمَّ مُصطحبان
نَبْغي جميعاً نجوةً نَنْجو بها / مما يُطيفُ بنا من الطوفان
وأقول حين تموتُ كلُّ حَزازة / نَسِيَ الغريق شَكِيَّةَ العطشانِ