القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 30
يا شاعراً أمسَى يَحُوكُ مديحَهُ
يا شاعراً أمسَى يَحُوكُ مديحَهُ / في شَرِّ جيل شرِّ أهل زمانِ
ما تستحق ثوابَ من كابرْتَه / ورميتَه بالإفكِ والعدوان
قومٌ تذكِّرُهم فضائلَ غَيرِهم / فيرون ما فيهم من النُّقصان
فإذا مدحتَهم فتحتَ عليهِمُ / باباً من الحسرات والأحزان
ظلَمَ امرؤٌ أهدَى المديح إليهمُ / ثم استتاب مثوبةَ الإحسان
أيُمينُهُمْ أسفاً ويطلب رِفْدَهُمْ / لقد اغتدى في الظُّلْم والعُدُوان
ذهبَ الذين تَهزُّهُمْ مُدَّاحُهُمْ
ذهبَ الذين تَهزُّهُمْ مُدَّاحُهُمْ / هَزَّ الكُماةِ عواليَ المُرّان
كانوا إذا امتُدِحوا رأوْا ما فيهمُ / فالأرْيحِيَّةُ منهمُ بمكان
والمدح يَقْرعُ قلبَ من هُوَ أهلُه / قرْعَ المَواعظِ قلب ذي إيمان
فدعِ اللِّئام فما ثوابُ مديحهِمْ / إلا ثوابُ عبادةِ الأوثان
كم قائل لي منهمُ ومدحْتُه / بمدائح مثل الرِّياضِ حِسان
أحسنتَ ويحك ليس فيَّ وإنما / أستحسن الحسناتِ في ميزاني
كنَّا نُهَنِّي بالخلا
كنَّا نُهَنِّي بالخلا / فة قبلكَ المُتَنَعِّمينا
حتى إذا صارت إلي / ك هَدَيْتَ هَدْيَ الراشدينا
فمنعْتَ نفسَكَ دَرَّها / ومَرَيْتها للحالبينا
ولمَا غُبِنْتَ متاعَها / بل بعتها بيعاً ثمينا
فاصبرْ لها لا زالَ عَوْ / نك مَنْ رَضِيتَ به مُعينا
هِيَ مِحْنَةٌ للمتَّقي / ن وفِتنةٌ لِلْمُتْرفينا
لكنهُمْ حُرِموا وما عُصِمُوا
لكنهُمْ حُرِموا وما عُصِمُوا / فقلوبُهُمْ مرضَى من الحَزَن
وكأنّ أهلَ العقل إذْ خُلِقُوا / وُقِفَتْ قلوبهمُ على المحنِ
وهمُ أحسُّ على بَلِيَّتِهمْ / من غيرِهم بمضاضةِ الغبن
أقصِرْ فلوْ سوَّدْتَ كل حمامةٍ
أقصِرْ فلوْ سوَّدْتَ كل حمامةٍ / بيضاءَ ما عُدَّتْ من الغِرْبان
مثلُ السراب سخافةً لكنَّهُ
مثلُ السراب سخافةً لكنَّهُ / تجري الرياح وما يَريمُ مكانَهُ
بالٍ يُخلِّي للرياح سبيلها / عفواً فيسبِقُ وهيُه طيرانَهُ
والَى عليه مصيبتين أفاضتا
والَى عليه مصيبتين أفاضتا / عبراتِه واستذكَتا أحزانَهُ
بأخ شقيقٍ بعد أُمٍّ برةٍ / بالأمس قطَّع منهما أقرانَهُ
وأجلُّ رُزءيه أخوه فإنه / قد كان مُنصَلَهُ وكان سنانَهُ
فليُحيِه الملك الهُمام فلم يَفُت / مَحياهُ قدرتَهُ ولا سلطانَهُ
وحياتُه لي أن أقوم مقَامَه / وأسُدُّ من دار الأمير مكانَهُ
كيلا أرى أحداً يُقاتُ برزقه / غيري ويُوطَنُ بَعده أوطانَهُ
ومتى خلفتُ أخي هناك فإنما / أنا روحُه إن لم أكن جثمانَهُ
فهل الأمير بذاك مُسعِفُ عبدِهِ / متطولاً ومُكمِّلاً إحسانَهُ
أم لا فعبدُك باسطٌ لك عذرَه / إمَّا أبيتَ ولائمٌ حرمانَهُ
أنَّى يلومُك طائعاً من لا يرى / ما دمتَ حياً أن يلومَ زمانَهُ
وأظن أنك لا محالَة مُسعِفي / ظناً سيتْبَعُ شكُّه استيقانَهُ
لِترُبَّ ما قد كنت توليه أخي / عندي وتعمرَ جانبي عمرانَهُ
لستَ الذي يُولي الوليَّ صنعيةً / حَتىُ إذا حَين الوليِّ أحانَهُ
كنتَ الذي يرثُ الصنيعةَ بعدَهُ / لكنْ يورّثُها ولو جيرانَهُ
كيما تتُم لك الصنعيةُ عنده / حَياً ومَيْتاً لابساً أكفانَهُ
ولكي تباينَ كلَّ مُنعم نعمةٍ / سلب الزمانُ وليَّهُ فأعانَهُ
وكم امرئٍ سلبتْ يداهُ وليَّهُ / مع دهره الخوَّانِ لمَّا خانَهُ
وأخي كبعض الغَرس كنتَ تَرُبّه / حتى تخوَّن يُبسه عيدانَهُ
وأحقُّ مصروفٍ إليه شِرْبُهُ / مَنْ واشَجَتْ أغصانُهُ أغصانَهُ
فإليَّ فاثنِ عنانَ سَيْبك بعدَهُ / فأحَقُّ من تَثْني إليه عِنانَهُ
ما ضرَّ من عيناه تانِك ويحَهُ
ما ضرَّ من عيناه تانِك ويحَهُ / ألا يكون لوجهه عينان
ناهيك بالشيطان من فزَّاعة / وابن استِها فزَّاعةِ الشيطان
يا رحمتا لمُنادميه تجشَّموا / ألمَ العيون للذَّةِ الآذان
سالفتاه عِوضٌ
سالفتاه عِوضٌ / من كل شيء حَسنِ
عوَّضني من حسنه / حسناً فماذا ضرني
ما قال أنْ قد عقني / بالصدِّ إلا بَرَّني
أم هل يطيبُ لمقلةٍ وَسنٌ
أم هل يطيبُ لمقلةٍ وَسنٌ / فيقرُّ فيها ذلك الوسنُ
أم هل يُبَتُّ لذاهبٍ قَرَنٌ / يوماً فيُوصَل ذلك القَرَنُ
كم مِنَّةٍ للدهر كدَّرها / لم تصفُ منه ولا له المِننُ
ما زال يكسونا ويسلبنا / حتى نظلَّ وشُكرنا إحَنُ
فمتى أراك بصرفِهِ زِيَناً / فهِيَ الزخارفُ منه لا الزِّينُ
يكفيك أن لا وجدَ مُدَّخَرٌ / أبداً وألا دمع يُختزَنُ
أبُنَيّ إنك والعزاءَ معاً / بالأمس لُفَّ عليكما كفنُ
فإذا تناولتُ العزاء أبى / نَيْلِيه أن قد ضمَّه الجُننُ
أبُنيّ إن أحزنْ عليك فلي / في أن فقدتُك ساعةً حزنُ
وإن افتقدت الحُزن مفتقِداً / لُبِّي لفقدِك للحَرِي القَمِنُ
بل لا إخال شجاك تَعْدَمُه / روحٌ ألمَّ بها ولا بَدنُ
تاللَّه لا تنفك لي شجناً / يمضي الزمان وأنت لي شجنُ
والآن حين ظعنت عن وطني / سمج المقام وطاب لي الظَّعنُ
ما أصبحت دنيايَ لي وطناً / بل حيث دارُك عنديَ الوطنُ
ما في النهار وقد فقدتك مِنْ / أنْسٍ ولا في الليل لي سَكنُ
يا حسرتا فارقتني فَنناً / غضاً ولم يُثمر ليَ الفننُ
ولقد تُسلّي القلبَ ذُكرتُه / أنِّي بأن ألقاك مرتَهَنُ
أولادنا أنتم لنا فِتنٌ / وتفارقون فأنتمُ مِحنُ
لهفي على سبق المنية بي / لو بيع لم يوجد له ثمنُ
يا عاذلي في مثل نائبتي / تُلْفَى دموعُ العين تُمْتَهنُ
فدعِ الملام فإنني رجل / عَدلٌ على العبرات مؤتمَنُ
أنفقتُ دمعي في مَواضعه / لا الوَكسُ يلحقُني ولا الغَبنُ
أبكانيَ ابني إذ فُجعت به / لم تُبكِني الأطلال والدِّمنُ
وعكَفْتُ بالقبر المحيط به / فاعذِرْ فلا صنمٌ ولا وثنُ
لَترى غداةَ الغِبِّ مِن حرمانِه
لَترى غداةَ الغِبِّ مِن حرمانِه / خطأً ومَن حرمانُه حرمانُ
ومن اغتدى وكأنه من حسنه
ومن اغتدى وكأنه من حسنه / في كل عضو منه حُورٌ عِين
وإذا تنفَّس نائماً أو لاثماً / فكأنما يتنفس النِّسرين
أعليك في رمي القلوب وكَلْمها / نَذرٌ وفي منع الشفاء يمينُ
ظبيٌ كأن كناسه مما ترى / فيه دماءَ العاشقين عَرينُ
إني أعوذ بعدلك ابنَ محمدٍ / منه وأنت على الظَّلوم مُعين
يا من غدا والمشتري جَدٌّ له / والشمس رأيٌ والهلال جَبين
والحلمُ سمتٌ والعفاف طويَّةٌ / والبِر خِدنٌ والوفاء قرين
ومن استفاض بعدله وبفضله / حتى استوى الجبار والمسكين
ومن استجنَّ من الحوادث جارُه / فكأنه بعد الوِلاد جنين
مَشْتاه في كنفيك يا ابن محمد / مشتىً دفيء والمصيفُ كَنين
طاب الزمان له ورقَّ غليظُه / فكأن كلَّ شهوره تشرين
أقسمتُ ما وعد الرجاء بحاصل / إلا وجودُك بالوفاء ضمين
تبدو ووجهك ضاحكٌ مستبشر / عند السؤال وللبخيل أنين
عنوانُ معروفٍ يكون وراءه / بَدءٌ وعَوْد من جداك ثخين
فالبشرُ بالبدء الهنِيِّ مبشِّرٌ / والبدء بالعَود السنِيِّ رهين
لا زلتَ أفضلَ من يطيع إلهَه / ويطيعُه التعميرُ والتمكين
أشكو إليك معاشراً ولعوا بنا / لهمُ كمينٌ في الصدور دفين
جَدّوا بنا كالمازحين عَداوةً / والجدُّ في بعض المِزاح مُبين
فإذا ادّخرت لنا نصيبَ كرامةٍ / خَانوا وهانَ عليهمُ التخوين
غلبتْ على ألبابهم شهواتُهم / فأرتهمُ ما لا يزَينُ يزين
من كل أَفوه قد أُمِدَّ بمعدةٍ / حَرَّى يذوبُ لحرِّها الهِرْصين
والنابُ منه على الأمانة خنجر / والظّفر من أظفاره سكين
بطلُ الوقاحة لا الحياءِ كأنْ به / عن أن يخونَ أمانةً تهوين
يأبى مسالمةَ الأمانة مثله / أنى يسالمُ بطَّةً شاهين
إنا نُكاد ولا نَكيد عدوَّنا / ثقةً بكيد اللَّه وهو متين
إني أعيذك أن يراك مليكنا / ترضَى خيانتَهم وأنت أمين
فكِّر وقل لهُمُ مقالةَ صادقٍ / يحتجُّ عند مقاله ويُبين
يا من يُهَوِّن أن يخون أمانةً / أقسمتُ أن سَيُهينك التهوين
لا يصغرنَّ لديك قدرُ خطيئة / إن المحاسبَ سجنُه السّجين
ولعل ذا جهل يقول بجهله / إن المُعاتِبَ في الطفيف مَهين
وجوابُه نقدٌ لدينا حاضرٌ / وافٍ إذا نقص الجوابَ وَزين
قولا له إن كان يعقِلُ إننا / قومٌ بحُبّ المُنعمين ندين
من لا يَشحُّ على قليل نصيبِه / من برِّ سيده فذاك ظنين
إن المحبَّ بمن أحب وبالذي / يُسدَي إليه وإن أقلَّ ضنين
وأرى الكرامة حليةً ما أُخليت / مِن غَيْرةٍ فيها لها تحصين
تَلقى الفتى الغيران ينفِث دونها / قِطَع الحريق كأنه التنين
والغيرةُ الشيءُ الذي لم يُلْغه / إلا خَصِيُّ السوء والعِنّين
أو قلتُ قولاً لست أجهل أنه / فيه لصدرِ مُرجِّم تخشين
ولما أصبتُ به سوى مُتَعَرِّضٍ / وأخو العداء بما يَدينُ مَدين
فليرضَ بالتهجين أو فلينصرف / عما يكون جزاءَه التهجين
لا يحسن الظنَّ اللئيمُ بنفسه / فالغثُّ غثٌّ والسمين سمين
يا من عَطاياه لديه رخيصة / وثناءُ مادِحه لديه ثمين
وإذا اعتصمتُ بجوده فكأنما / غدتِ العواصم لي وقنَّسرين
فإذا التقى داعٍ له ومؤمّلٌ / سُمع الدعاءُ وشُفِّعَ التأمين
ستَبرُّني وتسرُّني وتثيبني / وأقول فيك ويُحفَظ التدوين
إنما يبكي شجيٌّ شَجَنَهْ / لا كما يبكي خليٌّ دِمنَهْ
أيها المأمون من نسيانه / أكذا أُنسى ولو غبت سنه
لا تكن مولىً هواه في الأذى / لم يزل بالعبد حتى فتنه
ثم خلّاه وأهدى قلبه / للتباريح وأنْضى بدنه
هل يُعافي العبدَ من محذورِهِ / أنَّ أخلاقك أضحت جُنَنَه
لم أكن قطُّ أرى أني أَرى / سَكناً مثلك ينسى سكنه
أيها المُهدي لقلبي ظِنناً / لا تدعْ قلبي يناجي ظننه
مع أن الغدر شيءٌ لم أَخلْ / أنَّ أخلاقك مَسَّتْ دَرَنه
بل أرى العبدَ الذي استَعبدته / ثم سلَّطتَ عليه حَزَنَه
هو عبدٌ تشتهي تَضميرَهُ / بالمجافاةِ وتَقلى سِمَنَه
شعفاً بالقدِّ يا من قدُّه / أضحت الأغصانُ تحكي غُصنه
أبقِ منه لا تدعه خائفاً / كلما هَزَّ نسيمٌ فَنَنَه
بل أَرى أنك لي مُمتحنٌ / فارحمِ العبد وخفِّف مِحنه
لن يُطيق الهجرَ عبدٌ نفسُهُ / بهوَى سيدِه مُمتَحَنَه
هَب لأسبوعٍ رسولاً واحداً / إن في ذاك لقلبي أَمَنَه
نكتُ العجوزَ فظل يشتم سادراً
نكتُ العجوزَ فظل يشتم سادراً / وقرُونه يصرعنَه ألوانا
للَّه درُّ النَّغل من مُتوهِّمٍ / أن اللسان يقاوم الجُرذانا
دع ذا فإنّ قرونه لو أصبحت / لك معقلاً لم ترهب الحَدثانا
يا خائفَ الطوفان إنَّ لنا أخاً / يعلو قَصيرُ قرونه الطوفانا
فمتى هجاك فدارِه لقرونه / ليكونَ مما قد خشيتَ أمانا
ولئن عدلتُ عن الغِواية همتي
ولئن عدلتُ عن الغِواية همتي / وغدوت معترفاً لمن يلحاني
لبما أروح وللشبيبة حَبْرةٌ / أَرْنَى العيونِ بفاحم فتَّان
وبمُشْرِقٍ صافي الأديم كأنما / فيه ائتلاقٌ من صفيح يمان
وبما أَمُدُّ يدي إلى ثمر الصِّبى / فأنوشُ منها فَوْتَ كف الجاني
بعضَ الأسى إن الأسى لك جمّةٌ / كلٌّ سيدرك جريَه العصران
أضحى محمدٌ المحمَّدُ كاسمه / في الصالحاتِ مُشَارَ كُلِّ بنانِ
في أيِّها جَارَى تقدَّم شأوُه / فحَوى الرهانَ أمام كُلِّ عِنان
عَلَمُ السراة حَيا العُفاةِ نَدى الثرى / وثُقَى العُرا في نائبِ الحدَثَان
تعشو الرجال إلى نواجم رأيه / والخطب أعجمُ داثرُ البرهان
وتؤمُّ مقحمةُ السنين فناءه / فتُنيخ منه بواسعِ الأعطانِ
يغلو بأعلاق المحامد سومُها / ويرى الرغائبَ أوكَسَ الأثمان
لم يخل يوماً من نجِيِّ تقيّةٍ / تدعو إلى المعروف والإحسان
لا تُفْرطُ الجدوى أنامل كفّهِ / حتى يهشَّ إلى فَعَالٍ ثاني
يبْغي بذلك قربةً أو صيتَةً / وأَثيرُ همَّتِه رضا الرحمن
وإذا بدا ملأ العيون جلالةً / فتَظلُّ وهي كليلةُ اللحظان
وإذا هفا أهل الحلوم رسا به / حلمٌ يشولُ بَيَذْبُلٍ وأبان
عَذُبَت مَمَادحُه بأفواهِ الورى / فثناؤه يُثْنى بكُلِّ مكان
ولَهُ من العباس مَجْدُ ولاية / عن كُلِّ أَزْهَرَ من بنيه هَجانِ
يا وارث الصبَّاح ربوةَ مجدِه / أصبحت نعم مؤثِّل البنيان
كم فَعلة لك في الأنام سَنيَّةٍ / ولدى الإله ثقيلةُ الميزان
إني لشاكرك الذي أوليتَني / ساع لذلك غيرَ سعي الواني
عجزت يداي عن الجزاء فألقتا / عبء الشكور على ثناء لساني
ولأسْمُكنّ خلال كُلِّ قبيلة / نشراً لذكرك طيّب النَّسَمانِ
كجليب رَيَّا الروضِ بات يُشيعه / نفح الصِّبا في ليلة مِدْجان
بمنَخَّلاتٍ من عقائل منطقي / سَلِسٍ مساربهُنَّ في الآذانِ
لازال جَدّك يا محمد صاعداً / وهوتْ جدودُ عِداك للأذقان
أمنَ امرؤٌ من رُزءِ شيء فاته
أمنَ امرؤٌ من رُزءِ شيء فاته / والمُدركوه مراقبو الحدثان
وكفى عزاءً لامرئٍ عن فائتٍ / أن لا يخافَ عليه صرفَ زمان
لو جئتهنَّ إذا خَلَوْنَ لغيَّةٍ
لو جئتهنَّ إذا خَلَوْنَ لغيَّةٍ / لسمعتَ أجراساً هناك فنونا
قرعَ الأيور فروجَهنَّ تشوبُه / أنفاسُهنَّ زوافراً وأنينا
زفراتُ أكيارٍ ووقعُ مطارقٍ / فكأن بيتك كورُ حدادينا
مُجنٌ يُنبهنَّ الغواةَ على الزنا / ويصحن ليلاً يا نيام التينا
للَّه نسوةُ خالدٍ لقد اعتلتْ / كلَّ القِحاب خلاعةً ومجونا
كم قائل لي منهمُ ومدحتُهُ
كم قائل لي منهمُ ومدحتُهُ / بمدائح مثل الرياض حِسانِ
أحسنتَ ويحكَ ليس فيَّ وإنما / أستحسنُ الحسنات في ميزاني
يا شاعراً أمسى يحوك مديحَه / في شرِّ جيل شرِّ أهلِ زمانِ
ما تستحق ثوابَ من كابرتَهُ / ورميته بالإفك والبُهتان
قومٌ تذكِّرهم فضائلَ غيرهم / فيروْن ما فيهم من النقصان
فإذا مدحتَهُم فتحت عليهمُ / باباً من الحسراتِ والأحزان
ظلمَ امرؤٌ أهدى المديح لمثلِهم / ثم استثابَ مثوبةَ الإحسانِ
أيفيدهم أسفاً ويطلب رِفدَهُم / لقد اعتدى وألظَّ في العدوان
قد أحسنوا وتجشموا كُلّ الأذى / إذْ أهْدفوه مسامعَ الآذان
ذهب الذين يهزُّهُم مُدَّاحُهُم / هَزَّ الكُماة عواليَ المُرَّان
كانوا إذا مُدِحوا رأوا ما فيهمُ / فالأريحيَّةُ منهمُ بمكان
والمدحُ يقرعُ قلب من هُو أهلُهُ / قرعَ المَواعِظ قلبَ ذي إيمان
فدع اللئامَ فما ثوابُ مديحهم / إلا ثوابُ عبادةِ الأوثان
واعتدَّني لما رخص
واعتدَّني لما رخص / تُ عليه من سَقَطِ المعاني
سأصون مالك عن يدي / وأصون عرضَك عن لساني
آليتُ لا أهجو طِوا / لَ الدهر إلا من هجاني
لا بل سأطَّرحُ الهجا / ءَ وإن رماني من رماني
أمنَ الخلائقُ كلهم / فليأخذوا منّي أماني
حِلمي أعزُّ عليَّ مِنْ / غَضَبي إذا غضبي عَراني
أَوْلَى لجهلي بعدَما / مَكَّنتُ حِلمي مِنْ عناني
ضَمن التنزُّه كفَّ غر / بي والوفاء أخو ضماني
فلأَصبرنَّ وأكظِمَنْ / نَ وإن لظى غيظي كواني
لكنني سأحبُّ نَفْ / سي إذ قلاني من قلاني
وأريدها كُلَّ الإرا / دة إذ أباني مَنْ أباني
وأرى مَكاني إذ تعا / مَه من تعامه عن مكاني
حتى يراني الله كَيْ / ف صيانتي قَدْري وشاني
ويعولُني فعِيالتي / حَقٌّ عليه كما براني
ولتغْذُوَنّي بالكرا / مةِ إنه قدْماً غَذاني
وإن انتهى خَبري إلى / من كنتُ أَخدُمُه كفاني
ما كان غارسُ دوحتي / يرضى ضَياعي لو رآني
وعليك ألفُ تحيةٍ / منّي نهاني مَنْ نهاني
وسأستعينُ على الفرا / قِ الصبر إنْ شوقٌ دعاني
وسأستريحُ إلى اللقا / ء النَّزْر إن قلبي حَداني
حتَّى تبيَّن أنني / حُرٌّ وإن حرٌّ جفاني
واسْتَنْطِقِ العُودَ الفصي
واسْتَنْطِقِ العُودَ الفصي / حَ عن المثالِثِ والمَثَاني
ببيان بِدْعةَ إنَّها / في الحذق من بِدَعِ الزَّمانِ
تحكي بحُسْنِ غنائها / تصديقَ جودِكَ للأماني
وجمالَ وجهِكَ إنَّه / مِنْ كُلِّ مَحْذورٍ أماني
يا واحدَ الكرمِ الذي / ما إنْ له في الحسْنِ ثاني
ما لي جُفِيتُ وما شَغلْ / تُ بِغيْرِ شكركُمُ لساني
وجُعِلْتُ مِنْ سَقَطِ الحَمي / رِ وكنْتُ من خَيْلِ الرِّهانِ
مع أنّني مَكَّنْتُ كفْ / فَكَ خاضِعاً لك من عناني
أعزِزْ عليَّ بأنْ أُرى / خِلْواً لديك مِنَ المعَاني
سيان عندي يومَ ذاك أكِدْتني
سيان عندي يومَ ذاك أكِدْتني / أم بُلْتَ حيثُ تناطحَ البحرانِ
وأظنُّ ظنَّاً كاليقين وثاقةً / أني وأنك ثَمَّ مُصطحبان
نَبْغي جميعاً نجوةً نَنْجو بها / مما يُطيفُ بنا من الطوفان
وأقول حين تموتُ كلُّ حَزازة / نَسِيَ الغريق شَكِيَّةَ العطشانِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025