هلْ بَعدَ موقِفِنا عَلى يَبْرينِ
هلْ بَعدَ موقِفِنا عَلى يَبْرينِ / أَحيا بِطَرفٍ بالدموعِ ضَنينِ
وادٍ إذا عاينتُ بَينَ طُلولِهِ / أَجْريتُ عَيني للحِسانِ العِينِ
فَتخالُ موسى في انْبْجاسِ مَحاجِري / مُستَسْقِياً للقومِ ماءَ جُفوني
طَلَلٌ نَظرتُ نُؤِيَّهُ مَحجوبةً / نَظَرَ الأهلةِ في السحابِ الجُونِ
تَحني على سُفْعِ الخُدودِ كَأَنَّها / سُودُ الإِماءِ حُمِلْنَ فَوقَ سَفينِ
لم تَخْبُ نارُ قَطينِهِ حتّى ذَكَتْ / نارُ الفِراقِ بقلبيَ المَحزونِ
الدَّهرُ أَقْرَضَهُ العِمارةَ بُرهةً / ثُمَّ انتحاهُ بِخِلْسَةِ المديونِ
وابْتاعَ جِدَّتَهُ الزَّمانُ بمُخْلِقٍ / ورَمى حِماهُ بصفقَةِ المَغْبونِ
قالَ الحُداةُ وقدْ حَبَسْتُ مَطِيَّهم / مِن بعدِ ما أَطلقْتُ ماءَ شُؤوني
ماذا وُقوفُكَ في مَلاعِبِ خُرَّدٍ / جَدَّ العَفاءُ برَبْعِها المَسكونِ
وَقَفوا مَعي حتى إِذا ما استَيْأَسوا / خَلَصوا نَجياً بعدما تَركوني
فكأَنَّ يوسُفَ في الدِّيارِ مُحَكَّمٌ / وكأَنّني بِصُواعِهِ اتَّهموني
وَيْلاهُ مِن قومٍ أَساءوا صُحْبَتي / مِن بعدِ إِحْساني لِكُلِّ قَرينِ
قَدْ كِدْتُ لَوْلا الحِلْمُ مِنْ جَزَعي لِما / أَلْقاهُ أَصْفِقُ بالشِّمالِ يَميني
لكِنَّما وَالدَّهرُ يَعلَمُ أَنّني / أَلْقى حَوادِثَهُ بِحلمِ رَزينِ
قَلبي يُقِلُّ مِنَ الهُموم جِبَالَها / وَتَسيخُ عَنْ حَمْلِ الرِّداءِ مُتوني
وَأَنا الذي لَمْ أَجْزَعَنْ لرَزِيَّةٍ / لَوْلا رَزاياكُمْ بَني ياسينِ
تلكَ الرَّازايا الباعثاتُ لمُهْجَتي / ما ليسَ يَبْعَثُهُ لَظى سِجّينِ
كيْفَ العَزاءُ لَها وَكُلَّ عَشِيَّةٍ / دَمَكمْ بِحُمْرَتِها السَّماءُ تُريني
وَالبَرقُ يُذْكِرُني وَميضَ صَوارمٍ / أَرْدَتْكُمُ في كَفِّ كلِّ لَعينِ
وَالرَّعدُ يُعرِبُ عَنْ حَنينِ نِسائِكُمْ / في كُلِّ لحَنٍ للشُّجونِ مُبينِ
يَندُبْنَ قَوْماً ما هَتَفْنَ بِذِكْرِهِم / إلّا تَضَعْضَعَ كُلُّ لَيْثِ عَرينِ
السالبينَ النَّفْسَ أَوَّلَ ضَرْبَةٍ / والمُلْبِسينَ المَوتَ كُلَّ طَعينِ
لو كل طعنةٍ فارِسٍ بِأَكُفِّهِمْ / لمْ يُخْلَقِ المِسْبارُ للمَطْعونِ
لا عَيْبَ فِيهم غَيرَ قَبْضِهِمُ اللِّوا / عِندَ اشْتِباكِ السُّمرِ قَبْضَ ضَنينِ
سلكوا بحاراً من دماء أمية / بظهور خيل لا بطون سفين
ما ساهموا الموت الزؤام ولا اشتكوا / نصباً بيوم بالردى مقرون
حتى إذا التقمتهم حوت القضا / وهي الأماني دون خير أمين
نبذتهم الهيجاء فوق تلاعها / كالنون ينبذ بالعرى ذا النون
فتخال كلاً ثم يونس فوقه / شجر القنا بدلاً من اليقطين
خذ في ثنائهم الجميل مقرضاً / فالقوم قد جلوا عن التأبين
هم أفضل الشهداء والقتلى الألى / مدحوا بوحي في الكتاب مبين
ليْتَ المَواكِبَ وَالوَصِيُّ زَعيمُها / وَقَفوا كَمَوْقِفِهِم عَلى صِفّينِ
بالطَّفِّ كَيْ يَرَوُا الأُلى فَوقَ القَنا / رَفَعَتْ مَصاحِفَها اتِّقاءَ مَنونِ
جَعَلَتْ رُؤوسَ بَني النَّبِيِّ مَكانَها / وَشَفَتْ قَديمَ لَواعِجٍ وَضُغونِ
وتَتَبَّعَتْ أَشْقى ثَمودَ وَتُبَّعٍ / وَبَنَتْ عَلى تَأْسيسِ كُلِّ لَعينِ
الواثبينَ لظلم آل محمد / ومحمد ملقى بلا تكفين
والقائلين لفاطم آذيتنا / في طول نوح دائم وحنين
والقاطعين أراكة كيما تقيل / بظل أوراق لها وغصون
ومجمعي حطب على البيت الذي / لم يجتمع لولاه شمل الدين
والقائدين أمامهم بنجاده / والطهر تدعو خلفه برنين
خلو ابن عمي أو لأكشف للدُّعا / رأسي وأشكو للإله شُجوني
ما كان ناقة صالح وفصليها / بالفضل عند اللهِ إلا دوني
ورنت إلى القبر الشريف بمقلةٍ / عبرى وقلب مكمد محزون
قالت وأظفار المصاب بقلبها / غوثاه قلَّ عَلى العُداةِ مُعيني
أبتاه هذا السامري وصحبه / تبعاً ومال الناس عن هارونِ
أي الرزايا أتقي بتجلدٍ / هو في النوائب مذ حَيِيتُ قَريني
فَقْدي أَبي أم غَصبُ بَعْلي حقَّه / أم كسرُ ضِلْعي أم سقوطُ جَنيني
أم أخذهم إرثي وفاضلَ نِحْلَتي / أم جهلهم حقي وقد عَرَفوني
قهروا يتيميك الحسينَ وصِنْوَه / وسألتهم حقي وقد نهروني
باعوا بضائع مكرهم وبزعمهم / ربحوا وما بالقوم غير غبين
ولربما فرح الفتى في نيله / إرباً خلعن عليه ثوب حزين
وإذا أضل اللَه قوماً أبصروا / طرق الهداية ضلة في الدين