زُوروا أُمامَة طالَ ذا هِجرانا
زُوروا أُمامَة طالَ ذا هِجرانا / وحقيقةٌ هي أن تُزارَ أَوانا
كيفَ المزارُ ودونَها متمنّعٌ / صَعبٌ يَرِنُّ حِمامُه إرنانا
شَمسٌ يفوزُ بنو الحصينش بِجَنبِها / وتُضيءُ دورُهم لها أحيانا
تَبضَع المجاسِدَ عن صفائحَ فِضةٍ / ذُلقٍ ترى صفحاتِهِنَّ حسانا
وترى النَّعيمَ على مفارِقٍ فاحِمٍ / رَجلٍ تَعُلُّ اصولَه الأدهانا
فكأنما اشتملَ الضجيعُ بريطَةٍ / لا بَل تزيدُ وثارةً ولَيانا
وترى لها بشَراً يعودُ خَلوقُه / بعد الحميمِ خدلّجاً رَيَانا
وكأنَّ طَعمَ مُدامَةٍ عانِيَّةٍ / شَمِلَ الرياقَ وخالَطَ الأسنانا
أَبَت الخروجَ من العراق وليتَها / رَفَعَت لنا بقُطيقطٍ أَظعانا
فَتَحِلُّ حيثُ تقر أعينُنا بها / ونرى أُمامَةَ تارةً وَتَرانا
رَمتِ المقاتلَ من فؤادِك بَعدَما / كانت جنوبُ تُدِينكَ الأديانا
وأرى الغوانيَ إنما هي جِنَّةٌ / شِبهُ الرَياح
وإذا دَعَونَك عَمَّهُنَّ فلا تُجب / فهناك لا تجدُ الصَّفاءَ مكانا
نَسَبٌ يَزيدُك عِندَهُنّ حقارَةً / وعلى ذَوَاتش شبابِهنَّ هَوانا
وإذا حَلَفنَ فَهُنَّ أكثرُ واعدٍ / خُلفاً واكثرُ حالِفٍ أَيمانا
وإذا رَأَينَ من الشَّباب لُدونةً / فعسى حِبالُك أن تكونَ مِتانا
بَل ليتها سُئِلَت جَنوبُ فلم تَقُل / كَذِباً عليَّ ولم تُعَمِّ بَيانا
أخبرتِني وَلقد علمت شَمائلي / أذَرُ الخَنا وأُكارِمُ الأخدانا
وتكون فيَّ على العَدوِّ شكاسَةٌ / وألينُ حينَ أرى أَخاً ليَ لانا
ورقيقةِ الحُجُراتِ باديةِ القَذى / كدَمِ الغزالِ صَبِحتُها نَدمانا
وإذا تُعانِيني الهمومُ قريتُها / سُرُحَ اليَدينِ تُخالسُ الخَطَرانا
حَرجاً كانَّ من الكُحيل صَبابةً / نضَحت مغابنها بها نَضَحانا
تَصِلُ المَخِيلَةَ بالذراعةِ بعدما / جعل الجنادِبُ تَركبُ العِيدانا
وجرى السَّراب على الإكام كانَّه / نسجُ الولائِدِ بينها الكَتّانا
وكأنّ نمرُقتي فويقَ مولَّعٍ / يَرعى الدَّكادِكَ من جَنوبِ قَطانا
بعوازِبِ القَفَراتِ بين شقيقةٍ / وكثيبِها يتنظّرُ الحَدَثانا
لَهَقٌ سَقَته من المحرم ليلةً / هَتَلَت عليه بديمةٍ هَتَلانا
فثنى اكارِعَه وباتَ تجُمُّه / رِهَمٌ تسيلُ تِلاعُه إمعانا
أَرِقاً تضاحكُهُ البروقُ براجفِ / كسنى الحريقِ ولامعٍ لَمَعانا
فغدا صبيحَةَ صَوبها متوجّساً / شَئزَ القيام يُقَضِّبُ الأغصانا
بحضيضِ رابِيةٍ يَهزُّ مُذلّقاً / صَلباً يكونُ له الطِلالُ دِهانا
فترى الحُبابَ كأنما عبثت به / تقفيَّتانِ تُنَظّمانِ جُمانا
فَليَيَنما هو غافِلٌ إذ راعَهُ / يَحمون أرسَلَهُم بنو ذَكوانا
مَعَهُم ضوارٍ مِن سَلوقَ كأنها / حُصنٌ تجول تُجرِّرُ الأَرسانا
فطلبنَهُ شَأواً تخالُ غبارَهُ / وغبارَهُنَّ إذا التَهَبنَ دُخانا
وَهلاً مخافَتُهنَّ ثُمَّتَ رَدَّه / ذِكرُ القتالِ وحينَ آخَرُ حانا
فسما وقامَ يذودُهُنَّ بِمُرهَفٍ / صَلبِ القناةِ كأنّ فيها سِنانا
فإذا خَنَسنَ مضى على مُضوائِهِ / وإذا لَحِقنَ به أصَابَ طِعانا
حَرِجاً وكَرَّكرورَ صاحبِ نَجدَةٍ / خَزِيَ الحرائرَ أن يكونَ جبانا
ويكون حَدُّ سِنانه لأشدِّها / قَرَماً وأكثرِها له غَشيانا
فَحَسَرنَ غيرَ مخدّشاتِ أديمه / وغداً يروحُ ترَوُّحاً عَجلانا
أبَني زُهيرِ لامرىءٍ ذي عِزّةٍ / يتنفسُ الصُعَداءَ حينَ يرانا
وحَسَبتِنا نَزَعُ الكتيبةَ غُدوَةً / فيغيّفون ونرجِعُ السَّرَعانا
وَنحِلُّ كُلَّ حِمىً نُخبَّرُ أنَّهُ / مَنَح البروقَ وما يُحَلُّ حِمانا
وإذا تَسَعسَعَت الحروبُ فمالكٌ / منها المطاعِنُ والأشدُّ سنانا
ونُطيع آمِرَنا ونجعلُ أمرَنا / لذوي جَلادتِنا وحَزمِ قِوانا
وَكَلت فقلت لها النَّجاءَ تناولي / بي حاجَتي وتنكَّبي هَمدانا
وعليكِ اسماءَ بنَ خارجةَ الذي / عَلِمَ الفِعالَ وعَلَّمَ الفِتيانا
فستعلمينَ أصادِقٌ روّادُهُ / عنه وأيُّ فتىً فتى غَطَفانا
قَرماً إذا ابتدرَ الرجالُ عظيمةً / بَدَرَت إليه يمينُهُ الأَيمانا
فاخترتَ أسماءَ الجوادَ فلم تَخِب / يَدُ راغِبٍ عَلِقَت أبا حَسَّانا
نِعمَ الفتى عَمِلَت اليه مَطيّتي / لا نَشتكي جَهدَ السِفارِ كِلانا
إنَّ الأبوَّةَ والدانِ تراهما / مُتقابلَينِ قَسَامياً وهِجانا
فأبٌ يكونُ إِلى القيامة مَجدُهُ / وأبٌ يكونُ على بَنيهِ ضمانا
وَترى الرِفقاَ يوجِّهونَ رِكَابهم / نحو العريضِ مَنادِحاً وخُوانا
يَلِجونَ من ابوابِ دَارَةِ ماجدٍ / لَيست تَهِرُّ كلابُه الضيفانا
وتراه يَفخَرُ أَن تَحِلَّ بيوتُه / بمحلة الزمنِ القصير عينانا
غَطَفان سيِّدُهم أبوك وخيرُهم / ولدوك حين تذكروا الإحسانا