القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : حافِظ إِبراهِيم الكل
المجموع : 8
أَثنى الحَجيجُ عَلَيكَ وَالحَرَمانِ
أَثنى الحَجيجُ عَلَيكَ وَالحَرَمانِ / وَأَجَلَّ عيدَ جُلوسِكَ الثَقَلانِ
أَرضَيتَ رَبَّكَ إِذ جَعَلتَ طَريقَهُ / أَمناً وَفُزتَ بِنِعمَةِ الرِضوانِ
وَجَمَعتَ بِالدُستورِ حَولَكَ أُمَّةً / شَتّى المَذاهِبِ جَمَّةَ الأَضغانِ
فَغَدَوتَ تَسكُنُ في القُلوبِ وَتَرتَعي / حَبّاتِها وَتَحُلُّ في الوِجدانِ
راعَيتَهُم حَتّى عَلِمتَ بِأَنَّهُم / بَلَغوا أَشُدَّهُمُ عَلى الأَزمانِ
فَجَعَلتَ أَمرَ الناسِ شورى بَينَهُم / وَأَقَمتَ شَرعَ الواحِدِ الدَيّانِ
لَو أَنَّهُم وَزَنوا الجُيوشَ بِمَشهَدٍ / رَجَحَت بِجَيشِكَ كِفَّةُ الميزانِ
لَو شاءَ زَلزَلَها عَلى أَعدائِهِ / أَو شاءَ أَذهَلَها عَنِ الدَوَرانِ
يَمشونَ في حَلَقِ الحَديدِ إِلى العِدا / وَكَأَنَّهُم سَدٌّ مِنَ الإِنسانِ
وَكَأَنَّ مَقدَمَهُم إِذا لَمَعَ الضُحى / سَيلٌ مِنَ الهِندِيِّ وَالمُرّانِ
يَتَواقَعونَ عَلى الرَدى وَصُفوفُهُم / رَغمَ الوُثوبِ كَثابِتِ البُنيانِ
فَإِذا المَدافِعُ في النِزالِ تَجاوَبَت / بِزَئيرِها وَتَلاحَمَ الجَيشانِ
وَإِذا القَنابِلُ دَمدَمَت وَتَفَجَّرَت / تَحتَ الغُبارِ تَفَجُّرَ البُركانِ
وَإِذا البَنادِقُ أَرسَلَت نيرانَها / طُلُقاً وَأَسبابُ الهَلاكِ دَواني
أَبصَرتَ جِنّاً في مَسالِخِ فِتيَةٍ / وَشَهِدتَ أَفئِدَةً مِنَ الصُوّانِ
مُرهُم يَخوضوا الزاخِراتِ وَيَنسِفوا / شُمَّ الجِبالِ بِقُوَّةِ الإيمانِ
ثَلِجَت صُدورُهُمُ وَقَرَّ قَرارُهُم / لَمّا حَلَفتَ بِأَوثَقِ الأَيمانِ
تَاللَهِ ما شَكّوا بِصِدقِكَ دونَها / هُم يَعرِفونَ شَمائِلَ السُلطانِ
لَكِنَّهُم دَرَجوا عَلى سَنَنٍ بِهِ / لِوِقايَةِ الدُستورِ خَيرُ ضَمانِ
ياأَيُّها الشَعبُ الكَريمُ تَماسَكوا / وَخُذوا أُمورَكُمُ بِغَيرِ تَواني
ما لي أُذَكِّرُكُم وَتِلكَ رُبوعُكُم / مَرعى النُهى وَمَنابِتُ الشُجعانِ
أَدرَكتُمُ الدُستورَ غَيرَ مُلَوَّثٍ / بِدَمٍ وَلا مُتَلَطِّخاً بِهَوانِ
وَفَعَلتُمُ فِعلَ الرِجالِ وَكُنتُمُ / يَومَ الفَخارِ كَأُمَّةِ اليابانِ
فَتَفَيَّئوا ظِلَّ الهِلالِ فَإِنَّهُ / جَمُّ المَبَرَّةِ واسِعُ الإِحسانِ
يَرعى لِموسى وَالمَسيحِ وَأَحمَدٍ / حَقَّ الوَلاءِ وَحُرمَةَ الأَديانِ
فَخُذوا المَواثِقَ وَالعُهودَ عَلى هُدى ال / تَوراةِ وَالإِنجيلِ وَالفُرقانِ
وَتَذَوَّقوا مَعنى الحَياةِ فَإِنَّها / في مِصرَ أَلفاظٌ بِغَيرِ مَعاني
وَدَعوا التَقاطُعَ في المَذاهِبِ بَينَكُم / إِنَّ التَقاطُعَ آيَةُ الخِذلانِ
وَتَسابَقوا لِلباقِياتِ وَأَظهِروا / لِلعالَمينَ دَفائِنَ الأَذهانِ
وَلّى زَمانُ المُعتَدينَ كَما اِنطَوَت / حِيَلُ الشُيوخِ وَإِمرَةُ الخِصيانِ
لا الشَكُّ يَذهَبُ بِاليَقينِ وَلا الرُؤى / تُجدي المُسيءَ وَلا رُقى الشَيطانِ
وُضِعَ الكِتابُ وَسيقَ جَمعُهُمُ إِلى / يَومِ الحِسابِ وَمَوقِفِ الإِذعانِ
وَتَوَسَّموهُم في القُيودِ فَقائِلٌ / هَذا فُلانٌ قَد وَشى بِفُلانِ
وَمُلَبِّبٌ لِغَريمِهِ وَمُطالِبٌ / بِدَمٍ أُريقَ بِمَسبَحِ الحيتانِ
قَد جاءَ يَومُهُمُ هُنا وَأَمامَهُم / بَعدَ النُشورِ هُناكَ يَومٌ ثاني
سُبحانَ مَن دانَ القَضاءُ بِأَمرِهِ / لِيَدِ الضَعيفِ مِنَ القَوِيِّ الجاني
يا يَومَ عادَ النازِحونَ لِأَرضِهِم / يَتَسابَقونَ لِرُؤيَةِ الأَوطانِ
لِلَّهِ كَم أَطفَأتَ مِن نارٍ ذَكَت / دَهراً وَكَم هَدَّأتَ مِن أَشجانِ
هَذا يَطيرُ إِلى فَروقَ وَمَن بِها / شَوقاً وَذاكَ إِلى رُبى لُبنانِ
خَلَعوا الشَبابَ عَلى البَشيرِ وَأَخلَقوا / بِاللَثمِ عَهدَ خَليفَةِ الرَحمَنِ
وَتَعانَقوا بَعدَ النَوى كَخَمائِلٍ / يَحلو بِهِنَّ تَعانُقُ الأَغصانِ
فَتَرى النِساءَ مَعَ الرِجالِ سَوافِراً / لا يَتَّقينَ عَوادِيَ الأَجفانِ
عَجَباً لَهُنَّ وَقَد خُلِقنَ أَوانِساً / يَبرُزنَ في فَرَحٍ وَفي أَحزانِ
أَهلاً بِحاسِرَةِ اللِثامِ وَمَن إِذا / سَفَرَت عَنّا لِجَمالِها القَمَرانِ
خَطَرَت فَعَطَّرَتِ المَشارِقَ عِندَما / هَبَّت نَسائِمُها مِنَ البَلقانِ
يا لَيتَها خَطَرَت بِمِصرَ وَأَشرَقَت / في يَومِ أَسعُدِها عَلى طَهرانِ
أَضناهُما شَوقٌ قَدِ اِبيَضَّت لَهُ / كَبِداهُما وَتَصَدَّعَ القَلبانِ
عَرَفَ الوَرى ميقاتَها فَتَرَقَّبوا / تَمّوزَ مِثلَ تَرَقُّبِ الظَمآنِ
شَهرٌ بِهِ بُعِثَ الرَجاءُ وَأُنشِرَت / أُمَمٌ وَبُدِّلَ خَوفُها بِأَمانِ
فَلَهُ عَلى الدُنيا الجَديدَةِ نِعمَةٌ / يَشدو بِذِكرِ صَنيعِها الفَتَيانِ
وَعَلى فَرَنسيسِ الحَضارَةِ مِنَّةٌ / تُتلى أَناشيدٌ لَها وَأَغاني
تَمّوزُ أَنتَ أَبو الشُهورِ جَلالَةً / تَمّوزٌ أَنتَ مُنى الأَسيرِ العاني
هَلّا جَعَلتَ لَنا نَصيباً عَلَّنا / نَجري مَعَ الأَحياءِ في مَيدانِ
أَيَعودُ مِنكَ الآمِلونَ بِما رَجَوا / وَنَعودُ نَحنُ بِذَلِكَ الحِرمانِ
تَمّوزُ إِنَّ بِنا إِلَيكَ لَحاجَةً / فَمَتى الأَوانُ وَأَنتَ خَيرُ أَوانِ
مِنّي عَلى دارِ السَلامِ تَحِيَّةٌ / وَعَلى الخَليفَةِ مِن بَني عُثمانِ
وَعَلى رِجالِ الجَيشِ مِن ماشٍ بِهِ / أَو راكِبٍ أَو نازِحٍ أَو داني
وَعَلى الأُلى سَكَنوا إِلى الحُسنى سِوى / ذاكَ الَّذي يَدعو إِلى العِصيانِ
والي الحِجازِ الخارِجِيِّ وَما بِهِ / إِلّا اِقتِناصُ الأَصفَرِ الرَنّانِ
ما لِلشَريفِ المُنتَمي حَسَباً إِلى / خَيرِ البَرِيَّةِ مِن بَني عَدنانِ
أَمسى يُمالِئُهُ وَيَنصُرُ غَيَّهُ / وَضَلالَهُ بِحُثالَةِ العُربانِ
تَاللَهِ لَو جَنَّدتُما رَملَ النَقا / وَنَزَلتُما بِمَواطِنِ العِقبانِ
وَغَرَستُما أَرضَ الحِجازِ أَسِنَّةً / وَأَسَلتُما بَحراً مِنَ النيرانِ
وَأَقَمتُما فيها المَعاقِلَ مَنعَةً / مِن أَرضِ نَجدٍ إِلى خَليجِ عُمانِ
لَدَهاكُما وَرَماكُما وَذَراكُما / ماحي الحُصونِ وَماسِحُ البُلدانِ
إِن تَأتِيا طَوعاً وَإِلّا فَأتِيا / كَرهاً بِلا حَولٍ وَلا سُلطانِ
وَإِلَيكَ يا فَرعَ الخَلائِفِ مِدحَةً / عَزَّت شَوارِدُها عَلى حَسّانِ
مِن شاعِرٍ تَثِبُ النُهى لِقَريضِهِ / وَثبَ النُفوسِ لِرَنَّةِ العيدانِ
يُهدي المَديحَ إِلى المَليكِ سَبائِكاً / تَعنو لَهُنَّ سَبائِكُ العِقيانِ
إِنَّ المُلوكَ إِذا اِستَوَت أَلبَستُها / بِالمَدحِ تيجاناً عَلى تيجانِ
وَرَدَ الكِنانَةَ عَبقَرِيُّ زَمانِهِ
وَرَدَ الكِنانَةَ عَبقَرِيُّ زَمانِهِ / فَتَنَظَّري يا مِصرُ سِحرَ بَيانِهِ
وَأَتى الحُسانُ فَهَنِّئوا مُلكَ النُهى / بِقِيامِ دَولَتِهِ وَعَودِ حُسانِهِ
النيلُ قَد أَلقى إِلَيهِ بِسَمعِهِ / وَالماءُ أَمسَكَ فيهِ عَن جَرَيانِهِ
وَالزَهرُ مُصغٍ وَالخَمائِلُ خُشَّعٌ / وَالطَيرُ مُستَمِعٌ عَلى أَفنانِهِ
وَالقُطرُ في شَوقٍ لِأَندَلُسِيَّةٍ / شَوقِيَّةٍ تَشفيهِ مِن أَشجانِهِ
يُصغي لِأَحمَدَ إِن شَدا مُتَرَنِّماً / إِصغاءَ أُمَّةِ أَحمَدٍ لِأَذانِهِ
فَاِصدَح وَغَنِّ النيلَ وَاِهزُز عِطفَهُ / يَكفيهِ ما عاناهُ مِن أَحزانِهِ
وَاِذكُر لَنا الحَمراءَ كَيفَ رَأَيتَها / وَالقَصرَ ماذا كانَ مِن بُنيانِهِ
ماذا تَحَطَّمَ مِن ذُراهُ وَما الَّذي / أَبقَت صُروفُ الدَهرِ مِن أَركانِهِ
واهاً عَلَيهِ وَأَهلِهِ وَبُناتِهِ / أَيّامَ كانَ النَجمُ مِن سُكّانِهِ
إِذ مُلكُ أَندَلُسٍ عَريضٌ جاهُهُ / وَشَبابُهُ المَبكِيُّ في رَيعانِهِ
الفَتحُ وَالعُمرانُ آيَةُ عَهدِهِ / وَكَتائِبُ الأَقدارِ مِن أَعوانِهِ
لَبِسَت بِهِ الدُنيا لِباسَ حَضارَةٍ / قَد كانَ يَخلَعُهُ عَلى جيرانِهِ
زالَت بَشاشَتُهُ وَزالَ وَأَقفَرَت / مِن أُنسِهِ الدُنيا وَمِن إِنسانِهِ
وَطَوى الثَرى سِرَّ الزَوالِ فَيا تُرى / هَل ضاقَ صَدرُ الأَرضِ عَن كِتمانِهِ
فَتَكَلَّمَت تِلكَ الطُلولُ وَأَفصَحَت / لَمّا وَقَفتَ مُسائِلاً عَن شانِهِ
وَلَعَلَّ نَكبَتَهُ هُناكَ تَفَرُّقٌ / وَتَعَدُّدٌ قَد كانَ في تيجانِهِ
عِبَرٌ رَأَيناها عَلى أَيّامِنا / قَد هَوَّنَت ما نابَهُ في آنِهِ
وَحَوادِثٌ في الكَونِ إِثرَ حَوادِثٍ / جاءَت مُشَمَّرَةً لِهَدِّ كِيانِهِ
سُبحانَ جَبّارِ السَمَواتِ العُلا / وَمُقَلِّبِ الأَكوانِ في أَكوانِهِ
أَهلاً بِشَمسِ المَشرِقَينِ وَمَرحَباً / بِالأَبلَجِ المَرجُوِّ مِن إِخوانِهِ
أَشكو إِلَيكَ مِنَ الزَمانِ وَزُمرَةٍ / جَرَحَت فُؤادَ الشِعرِ في أَعيانِهِ
كَم خارِجٍ عَن أُفقِهِ حَصَبَ الوَرى / بِقَريضِهِ وَالعُجبُ مِلءُ جَنانِهِ
يَختالُ بَينَ الناسِ مُتَّئِدَ الخُطا / ريحُ الغُرورِ تَهُبُّ مِن أَردانِهِ
كَم صَكَّ مَسمَعَنا بِجَندَلِ لَفظِهِ / وَأَطالَ مِحنَتَنا بِطولِ لِسانِهِ
مازالَ يُعلِنُ بَينَنا عَن نَفسِهِ / حَتّى اِستَغاثَ الصُمُّ مِن إِعلانِهِ
نَصَحَ الهُداةُ لَهُم فَزادَ غُرورُهُم / وَاِشتَدَّ ذاكَ السَيلُ في طُغيانِهِ
أَوَ لَم تَرَ الفُرقانَ وَهوَ مُفَصَّلٌ / لَم يَلفِتِ البوذِيَّ عَن أَوثانِهِ
قُل لِلَّذي قَد قامَ يَشأو أَحمَداً / خَلِّ القَريضَ فَلَستَ مِن فُرسانِهِ
الشِعرُ في أَوزانِهِ لَو قِستَهُ / لَظَلَمتَهُ بِالدُرِّ في ميزانِهِ
هَذا اِمرُؤٌ قَد جاءَ قَبلَ أَوانِهِ / اِن لَم يَكُن قَد جاءَ بَعدَ أَوانِهِ
إِن قالَ شِعراً أَو تَسَنَّمَ مِنبَراً / فَتَعَوُّذاً بِاللَهِ مِن شَيطانِهِ
تَخِذَ الخَيالَ لَهُ بُراقاً فَاِعتَلى / فَوقَ السُها يَستَنُّ في طَيَرانِهِ
ما كانَ يَأمَنُ عَثرَةً لَو لَم يَكُن / روحُ الحَقيقَةِ مُمسِكاً بِعِنانِهِ
فَأَتى بِما لَم يَأتِهِ مُتَقَدِّمٌ / أَو تَطمَعُ الأَذهانُ في إِتيانِهِ
هَل لِلخَيالِ وَلِلحَقيقَةِ مَنهَلٌ / لَم يَبغِهِ الرُوّادُ في ديوانِهِ
إِنّا لَنَلهو إِذ نَجِدُّ وَإِنَّهُ / لَيَجِدُّ إِذ يَلهو بِنَظمِ جُمانِهِ
أَقلامُهُ لَو شاءَ شَكَّ قَصيرُها / هامَ الثُرَيّا وَالسُها بِسِنانِهِ
يُملي عَلَيها عَقلُهُ وَجَنانُهُ / ما لَيسَ يُنكِرُهُ هَوى وِجدانِهِ
بَسلٌ عَلى شُعَرائِنا أَن يَنطِقوا / قَبلَ المُثولِ لَدَيهِ وَاِستِئذانِهِ
عافَ القَديمَ وَقَد كَسَتهُ يَدُ البِلى / خَلَقَ الأَديمِ فَهانَ في خُلقانِهِ
وَأَبى الجَديدَ وَقَد تَأَنَّقَ أَهلُهُ / في الرَقشِ حَتّى غَرَّ في أَلوانِهِ
فَجَديدُهُ بَعَثَ القَديمَ مِنَ البِلى / وَأَعادَ سُؤدُدَهُ إِلى إِبّانِهِ
وَرَمى جَديدَهُمُ فَخَرَّ بِناؤُهُ / بِرُواءِ زُخرُفِهِ وَبَرقِ دِهانِهِ
شُعَراءُ نَفحِ الطيبِ أَنشَرَ ذِكرُهُم / في أَرضِ أَندَلُسٍ أَديبُ زَمانِهِ
وَدَّ اِبنُ هانِئَ وَاِبنُ عَمّارٍ بِها / لَو يَظفَرانِ مَعاً بِلَثمِ بَنانِهِ
وَلَوِ اِستَطاعا فَوقَ ذاكَ لَأَقبَلا / رَغمَ البِلى وَالقَبرِ يَستَبِقانِهِ
يا كَرمَةَ المَطَرِيَّةِ اِبتَهِجي بِهِ / وَاِستَقبِلي الظَمآنَ مِن أَخدانِهِ
مُدّي الظِلالَ عَلى الوُفودِ وَجَدِّدي / عَهداً طَواهُ الدَهرُ في بُستانِهِ
كَم مَجلِسٍ لِلَّهوِ فيهِ شَهِدتُهُ / فَسَكِرتُ مِن ديوانِهِ وَدِنانِهِ
غَنّى مُغَنّيهِ فَهاجَ غِناؤُهُ / شَجوَ الحَمامِ عَلى ذُوائِبِ بانِهِ
فَتَرَنَّحَت أَشجارُهُ وَتَمايَلَت / أَعوادُها طَرَباً عَلى عيدانِهِ
فَكَأَنَّ مَجلِسَنا هُناكَ قَصيدَةٌ / مِن نَظمِهِ طَلَعَت عَلى عُبدانِهِ
فَالحَمدُ لِلَّهِ الَّذي قَد رَدَّهُ / مِن بَعدِ غُربَتِهِ إِلى أَوطانِهِ
فَتَنَظَّروا آياتِهِ وَتَسَمَّعوا / قَد قامَ بُلبُلُكُم عَلى أَغصانِهِ
يا كاسِيَ الخُلُقِ الرَضِيِّ وَصاحِبَ ال
يا كاسِيَ الخُلُقِ الرَضِيِّ وَصاحِبَ ال / أَدَبِ السَرِيِّ وَيا فَتى الفِتيانِ
إِن رَشَّحوكَ فَأَنتَ مِن بَيتٍ رَمى / بِسِهامِهِ عَن حَوزَةِ الأَوطانِ
زَكّاكَ إِقدامٌ وَرَأيٌ شاهِدٌ / وَنَقِيُّ إيمانٍ وَحُسنُ بَيانِ
لَو كُنتَ بَينَ الناخِبينَ لَأَدرَكوا / ما فيكَ يا حِفنِيُّ مِن رِضوانِ
يا ساكِنَ البَيتِ الزُجا
يا ساكِنَ البَيتِ الزُجا / جِ هَبِلتَ لا تَرمِ الحُصونا
أَرَأَيتَ قَبلَكَ عارِياً / يَبغي نِزالَ الدارِعينا
يا مَن خَلَقتَ الدَمعَ لُط
يا مَن خَلَقتَ الدَمعَ لُط / فاً مِنكَ بِالباكي الحَزين
بارِك لِعَبدِكَ في الدُمو / عِ فَإِنَّها نِعمَ المُعين
لِلَّهِ آثارٌ هُناكَ كَريمَةٌ
لِلَّهِ آثارٌ هُناكَ كَريمَةٌ / حَسَدَت رَوائِعَ حُسنِها بِرلينُ
طاحَت بِها تِلكَ المَدافِعُ تارَةً / لَمّا أَمَرتَ وَتارَةً زِبلينُ
ماذا رَأَيتُ مِنَ النَبالَةِ وَالعُلا / في عُدمِهِنَّ وَكُلُّهُنَّ عُيونُ
لَو أَنَّ في بِرلينَ عِندَكَ مِثلَها / لَعَرَفتَ كَيفَ تُجِلُّها وَتَصونُ
إِن كُنتَ أَنتَ هَدَمتَ رِمسَ فَإِنَّهُ / أَودى بِمَجدِكَ رُكنُها المَوهونُ
لَم يُغنِ عَنها مَعبَدٌ خَرَّبتَهُ / ظُلماً وَلَم يُمسِك عِنانَكَ دينُ
لا تَحسَبَنَّ الفَخرَ ما أَحرَزتَهُ / الفَخرُ بِالذِكرِ الجَميلِ رَهينُ
هَل شِدتَ في بِرلينَ غَيرَ مُعَسكَرٍ / قامَت عَلَيهِ مَعاقِلٌ وَحُصونُ
وَجَمَعتَ شَعبَكَ كُلَّهُ في قَبضَةٍ / إِن لَم تَكُن لانَت فَسَوفَ تَلينُ
نَظَمَت تِجارَتُكَ المَدائِنَ وَالقُرى / فَالنيلُ ناءَ بِها وَناءَ السينُ
فَبِكُلِّ أَرضٍ مِن رِجالِكَ عُصبَةٌ / وَبِكُلِّ بَحرٍ مِن لَدُنكَ سَفينُ
تَسري وَنَسرُكَ أَينَ لُحنَ يُظِلُّها / لا اللَيثُ يُزعِجُها وَلا التِنّينُ
فَالأَمرُ أَمرُكَ وَالمُهَنَّدُ مُغمَدٌ / وَالنَهيُ نَهيُكَ وَالسُرى مَأمونُ
قَد كانَ في بِرلينَ شَعبُكَ وادِعاً / يَستَعمِرُ الأَسواقَ وَهيَ سُكونُ
فُتِحَت لَهُ أَبوابُها فَسَبيلُها / وَقفٌ عَلَيهِ وَرِزقُهُ مَضمونُ
فَعَلامَ أَرهَقتَ الوَرى وَأَثَرتَها / شَعواءَ فيها لِلهَلاكِ فُنونُ
تَاللَهِ لَو نُصِرَت جُيوشُكَ لِاِنطَوى / أَجَلُ السَلامِ وَأَقفَرَ المَسكونُ
سَبعونَ مِليوناً إِذا وَزَّعتَها / بَينَ الحَواضِرِ نالَنا مِليونُ
وَيلٌ لِمَن يَستَعمِرونَ بِلادَهُ / القَحطُ أَيسَرُ خَطبِهِ وَالهونُ
أَكثَرتَ مِن ذِكرِ الإِلَهِ تَوَرُّعاً / وَزَعَمتَ أَنَّكَ مُرسَلٌ وَأَمينُ
عَجَباً أَتَذكُرُهُ وَتَملَأُ كَونَهُ / وَيلاً لِيَنعَمَ شَعبُكَ المَغبونُ
وَكَذَلِكَ القَصّابُ يَذكُرُ رَبَّهُ / وَالنَصلُ في عُنُقِ الذَبيحِ دَفينُ
خَرَجَ الغَواني يَحتَجِج
خَرَجَ الغَواني يَحتَجِج / نَ وَرُحتُ أَرقُبُ جَمعَهُنَّه
فَإِذا بِهِنَّ تَخِذنَ مِن / سودِ الثِيابِ شِعارَهُنَّه
فَطَلَعنَ مِثلَ كَواكِبٍ / يَسطَعنَ في وَسَطِ الدُجُنَّه
وَأَخَذنَ يَجتَزنَ الطَري / قَ وَدارُ سَعدٍ قَصدُهُنَّه
يَمشينَ في كَنَفِ الوَقا / رِ وَقَد أَبَنَّ شُعورَهُنَّه
وَإِذا بِجَيشٍ مُقبِلٍ / وَالخَيلُ مُطلَقَةُ الأَعِنَّه
وَإِذا الجُنودُ سُيوفُها / قَد صُوِّبَت لِنُحورِهِنَّه
وَإِذا المَدافِعُ وَالبَنا / دِقُ وَالصَوارِمُ وَالأَسِنَّه
وَالخَيلُ وَالفُرسانُ قَد / ضَرَبَت نِطاقاً حَولَهُنَّه
وَالوَردُ وَالرَيحانُ في / ذاكَ النَهارِ سِلاحُهُنَّه
فَتَطاحَنَ الجَيشانِ سا / عاتٍ تَشيبُ لَها الأَجِنَّه
فَتَضَعضَعَ النِسوانُ وَال / نِسوانُ لَيسَ لَهُنَّ مُنَّه
ثُمَّ اِنهَزَمنَ مُشَتَّتا / تِ الشَملِ نَحوَ قُصورِهِنَّه
فَليَهنَأَ الجَيشُ الفَخو / رُ بِنَصرِهِ وَبِكَسرِهِنَّه
فَكَأَنَّما الأَلمانُ قَد / لَبِسوا البَراقِعَ بَينَهُنَّه
وَأَتَوا بِهِندِنبُرجَ مُخ / تَفِياً بِمِصرَ يَقودُهُنَّه
فَلِذاكَ خافوا بَأسَهُن / نَ وَأَشفَقوا مِن كَيدِهِنَّه
لا تَذكُروا الأَخلاقَ بَعدَ حِيادِكُم
لا تَذكُروا الأَخلاقَ بَعدَ حِيادِكُم / فَمُصابُكُم وَمُصابُنا سِيّانِ
حارَبتُمُ أَخلاقَكُم لِتُحارِبوا / أَخلاقَنا فَتَأَلَّمَ الشَعبانِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025