القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَفّار الأَخْرس الكل
المجموع : 4
ما زلت أوَّلَ مُغْرَمٍ مفتونِ
ما زلت أوَّلَ مُغْرَمٍ مفتونِ / فتكت به حَدَقُ الظباء العينِ
وَجَنَتْ عليه بما جنته لواحظ / تركته منها في العذاب الهون
ماذا يقيك من الموائس بالقنا / إنْ طاعنتك قدودها بغصون
وسطت عليك جفونها بصوارمٍ / ما أُغْمِدَتْ أمثالها بجفون
إنَّ العيون البابليَّة طالما / جاءت بسحرٍ للعقول مُبين
لانت معاطف من تحب وإن قسا / قلباً فلم يكُ وَصْلُه بمدين
هَوِّنْ عليك فإنَّ أرباب الهوى / لا زال تشكو قسوة من لين
ويلي من اللحظات ما لقتيلها / قَوَدٌ وليس أمينها بأمين
والمسعدون من الغرام بمعزل / عني فهل من مسعدٍ ومعين
ظعن الذين أحبّهم فتناهبت / مهج القلوب حواجب بعيون
وتركْنَ أرباب الرجال كأنما / شربت زعاف السم بالزرجون
ما إنْ أطلْتُ إلى الديار تلفّتي / إلاَّ أطلْتُ تلفّتي وحنيني
ولقد وقفت على المنازل وقفة / فقضيت للأطلال فرض ديون
وجرت بذياك الوقوف مدامعي / ومَرَتْ لهاتيك الديار شؤوني
فسقى مصاب المزن كلّ عشية / عهداً يصوب عليه كل هتون
يا سعد قد نفرت أوانس ربرب / بنوىً يشطّ به المزار شطوني
فاسعد أخاك على مساعدة الجوى / إنْ كانَ دينك في الصبابة ديني
كانت منازلنا منازل صبوة / وديار وجد علاقة وفتون
تتلاعب الآرام في عرصاتها / فيجدّ بي تلفي وفرط شجوني
جمعت فكانت ثَمَّ مجتمع الهوى / ظبي الكتاس بها وليث عرين
أيام كنت أُديرها ياقوتة / حمراء بين الورد والنسرين
والروض متفق المحاسن زهره / بعد اختلاف الشكل والتلوين
وتَفَنُّنُ الورقاء في أفنانها / ينبيك أنَّ الورق ذات فنون
والكأس تبسم في أكُفِّ سقاتها / عن در مبتسم الحباب ثمين
ضمنت لشاربها السرور فحبذا / ذاك الضمان لذلك المضمون
ومهفهفٍ ينشقّ في غسق الدجى / من ليل طرته صباح جبين
وأنا الطعين بسمهريّ قوامه / يا للرجال لصبّه المطعون
قد بعته روحي ولا عوضٌ لها / ورجعت عنه بصفقة المغبون
علم الضنين بوصله في صدّه / أنِّي ببذل الروح غير ضنين
قارعت أيامي لعمرك جاهداً / حتَّى انتضيت لها حسام الدِّين
جرّدته عضباً يلوح يمانياً / جادت بصقيله يمين القين
فإذا ركنت إلى نجيب لم يكن / إلاَّ إلى ذاك الجناب ركوني
أعلى مقامي في عليّ مقامه / فرأيت منزلة الكواكب دوني
وظفرت منه بما به كانَ الغنى / عن غيره في العزّ والتّمكين
وصددتُ عن قوم كأنَّ نوالهم / مالُ اليتيم وثروةُ المسكين
فتكاثرت نعم عليَّ بفضله / من فضله وأقلّها يكفيني
السيّد السند الَّذي صدقت به / فيما تحدّث عن علاه ظنوني
يمحو ظلام الشك صبحُ يقينه / والشكُّ ينفيه ثبوت يقين
متيقظ الأفكار يدرك رأيه / ما لم يكن بالظنّ والتخمين
من أُسْرَةٍ رغموا الأُنوف وأصبحوا / من أنف هذا المجد كالعرنين
قوم يصان من الخطوب نزيلهم / ونوالهم بالبر غير مصون
اللابسون من الفخار ملابساً / ومن الوقار سكينة بسكون
إنّ الَّذي نجبت به أمُّ العُلى / ظفرت به في الأكرمين يميني
ما زلت في وُدّي له متمسّكاً / أبداً بحبل من عُلاه متين
أنْفَكُّ أقسمُ ما حييت أليَّةً / بالله بل بالتين والزيتون
لولاه ما فارقت من فارقته / وهجرت ثمة صاحبي وخديني
ووجدت من شغفي إليه زيارتي / ضرباً من المفروض والمسنون
وحثثت يومئذٍ ركائبي الَّتي / لفّت سهول فدافد بحزون
كم من يد بيضاء أنهلني بها / ما أنهلّ من وبل السحاب الجون
ورأيت من أخلاقه بوجوده / ما أبدع الخلاق بالتكوين
ولكم تجلّى بالمسرّة فانجلى / صدأ الهموم لقلبي المحزون
حيث السعادة والرئاسة والعلى / تبدو بطلعة وجهه الميمون
يا من جعلت لما يقول مسامعي / أصداف ذاك اللؤلؤ المكنون
إنِّي أهشُّ إذا ذُكِرتُ فأجتلي / راحاً تَسُرُّ فؤاد كل حزين
وإذا صحوت ففي حديثك نشوتي / وإذا مَرِضتُ فأنت من يشفيني
بفكاهة تشفي الصدور وبهجة / قَرَّت بها في الأنجبين عيوني
أطلقتُ ألسنة الثناء عليك في / ما أبدعته بأحسن التنظيم
إنْ دوَّنوا فيك المديح فإنَّما / مدح الكرام أحقُّ بالتدوين
فاسلم ودم أبداً بأرغد عيشة / تبقى المدى في الحين بعد الحين
هُنِّيت بالفرمان والنيشانِ
هُنِّيت بالفرمان والنيشانِ / من جانب المَلِك العظيم الشانِ
ملكٌ إذا عُدَّ الملوك وَجَدْتَها / من دونه بالعزِّ والسلطان
متفردٌ في العالمين وواحدٌ / بين الأنام فما له من ثان
وتقول إنْ أبْصَرْته في موكبٍ / أسَدُ الأُسودِ بحومَةِ الميدان
خَلَبَ القلوبَ جمالهُ وجلالُهُ / فجلالهُ وجمالهُ سيَّان
نَعِمَتْ بدولته البلاد وأشرقَتْ / إشراقَ دين الله في الأَديان
وأمَدَّها من سيرةٍ نبويَّةٍ / في حكمةٍ بالأَمنِ والإِيمانِ
ولقد أعزَّ الدِّين دينَ محمَّد / عبد العزيز بملكه الخاقاني
ولقد تلافى الله فيه عبادَه / فالناس منه بحوزةٍ وأمان
فبالله يعلم والبريَّة كلُّها / أنَّ المليك خليفةُ الرحمن
كالشمس في كبد السماء وضوؤها / يغشى بكلِّ النفع كلَّ مكان
قد كانَ سِرُّ اللطف فيه مكتَّماً / حتَّى استبان وضاقَ بالكتمان
ولقد أراد الله في تأييده / أن يرجعَ الطاغين بالخذلان
وإذا نظرت إلى طويَّة ذاته / نظراً إلى المعروف والإِحسان
أيقَنْتَ أنَّ وجوده لوجودنا / كالماء يَنْقَعُ غلَّةَ الظَّمآن
ملك إذا زخرَتْ بحار نواله / يُخشى على الدُّنيا من الطوفان
فاقَتْ بنو عثمان في سلطانها / بالدِّين والدُّنيا بني ساسان
فَتَحوا البلادَ ودَوَّخوها عنْوَةً / وجَرَتْ مدائحهم بكلِّ لسان
فهم العباد الصَّالحون وذكرهم / قد جاءَ بعد الذكر في القرآن
هذا أمير المؤمنين وهذه / آثاره من حازمٍ يقظان
جعل العراق بنامق في جنَّة / محفوفةً بالرَّوح والرَّيحان
فردٌ من الأَفراد بين رجاله / لم يختصم بكماله اثنان
تعم المشيرُ عليه في آرائه / الصادق العرفات في الثوران
ما حلَّ في بَلَدٍ وآب لمنزلٍ / إلاَّ وآمنها من الحدثان
لا تعجبنَّ لنامق في فتكه / ليثُ الحروب وفارس الفرسان
تروي صوارمُه الفخار عن الوغى / لا عن فلانٍ حديثها وفلان
يَفْتَضُّها بالمشرفيَّة والقنا / بكراً من الهيجاء غيرَ عوان
ولربَّما أغْنَتْهُ شدَّة بأسه / عن كلِّ هنديٍّ وكلّ يماني
أعيانُ من رفع الوزارة شأنها / ألفَتْهُ عينَ أولئك الأَعيان
يا أيُّها الرُّكن الأشدّ لدولة / بنيت قواعدها على أَركان
دارَتْ بشانيها رَحى تدميرها / فكأَنَّها الأَفلاك بالدوران
أحكَمْتَها بالصِّدقِ منك مبانياً / في غاية الإِحكام والإِتقان
فحظيتَ من ملك الزَّمان بما به / فخرٌ على الأَمثال والأَقران
ولقد بلغتَ من العناية مبلغاً / يسمو برتبتها على كيوان
سُسْتَ العراقَ سياسة ملكيَّة / ما ساسها ذو التَّاج نوشروان
وَسَّعْتَ كلّ الضيق من أحوالها / حتَّى من الطرقات والبنيان
قرَّبتَ أرباب الصَّلاح بأسرهم / ومَحوْتَ أهل البغي والعصيان
وكذا الهماوند الذين تنمَّروا / وتمرَّدوا بالظلم والعدوان
دمَّرْتَهُمْ لمَّا عَلِمْتَ فسادَهم / وضِرارهم بالأَهل والأَوطان
خَلَعوا من السلطان طاعتَه الَّتي / في غيرها نَزْعٌ من الشيطان
لله درُّك من حكيمٍ عارفٍ / إنَّ الحسام دواء داء الجاني
جَرَّدْتَ من هِمَمِ الرَّئيس مهنَّداً / ما أغْمَدَته القين في الأَجفان
وعَلِمْتَ ما في بأسه من شدَّةٍ / معْ أنَّه في لُطفه روحاني
لبَّاك حينَ دعوتَه لقتالهم / لا بالبطيء لها ولا المتواني
فمضى بأعناق العصاة غرارهُ / والسَّيف لم يقطعْ بكفِّ جبان
فكسا بما أمضى بهم بيض الظبا / بدمٍ من الأَوداج أحمرَ قاني
وسَرَتْ به من طيب ذاتك نفحةً / عطريَّة الأَنفاس والأَردان
هُنِّيت بالولد الجميل ونَيلِهِ / رُتَبَ العُلى من حضرة السلطان
أضحى أميرَ لوائه في عسكرٍ / لا زال منصوراً مدى الأَزمان
وبما حباك الله في تأييده / والفخرُ في نيشانك العثماني
لاحتْ أشِعَّته عليك لجوهر / كالنجم لا بل كالشمس في اللَّمعان
هذا محلُّ الافتخار فدم به / بالعزِّ والتمكين والإِمكان
فرن المؤيّد جوهراً في جوهرٍ / فرأت به بغداد سعْدَ قران
فرحٌ على فرحٍ يدوم سروره / تجلو القلوب به من الأَحزان
وَرَدَ السُّرورُ وطافَ بحانِها
وَرَدَ السُّرورُ وطافَ بحانِها / مَن كانَ صاحبَها ومن أَخدانِها
جُلِيَتْ فكان من الحَباب نِثارها / وقلائد العِقيان نظم جمانها
والصُّبحُ قد سَفَرتْ محاسِنُه لنا / وشجون وُرقِ الدَّوح من أشجانها
تُملي على فَنَنِ الغصون فنونَها / ورقاءُ قد صَدَحَتْ على أَفنانها
وتجيد أوتار القيان لحونها / فاشرب على النغمات من ألحانها
وانظر إلى الأَزهار كيف يروقها / إشراقُ بهجتها وطيبُ زمانها
وعلى اتّفاق الحُسنَ من أشكالها / وَقَعَ الخلافُ فكان من ألوانها
يَهَبُ النَّسيمُ عبيرَها من روضةٍ / لا زال طفل الطّلّ في أحضانها
يا حبَّذا زَمنٌ على عهد الصبا / ومواسم اللذَّات في إبّانها
حيث الهوى وطرٌ وأبيات الحمى / أَقمارُ مطْلَعِها وجُوهُ حِسانها
ويُديرُ بدرٍ التِّمِّ في غَسَق الدُّجى / كأساً حصى الياقوت من تيجانها
لله أوقاتُ السُّرور وساعة / تجري كميتُ الرَّاح في ميدانها
ضَمِنَتْ لنا الأَفراحَ كأسُ مدامةٍ / وَفَت المسرَّة برهة بضمانها
ويروقها ذاك الحَبابُ فَعَقْدُهُ / من نَظْم لؤْلؤِها ومن مرجانها
مِسْكِيَّةُ النفحات يسْطعُ طيبها / ما افتضَّ ربّ الحان ختم دنانها
في مجلسٍ دارت به أقداحُها / فكأَنَّها الأَفلاكُ في دورانها
يا طالب اللّذّات حسبُكَ لذَّة / ما سال في الأَقداح من ذوبانها
باكِرْ صَبوحَك ما استَطَعْتَ وعُجْ إلى / كأسِ الطلا واحرصْ على ندمانها
وإذا سََرحتَ إلى الرِّياض فنَلْ إذَنْ / من رَوحها أرَجاً ومن رَيْحانها
ومُوَرَّدِ الوَجَنات جنَّةُ وَجْهِهِ / تَصلى بأحشائي لظى نيرانها
ومهفهفٍ ذي طلعةٍ قَمَرِيَّةٍ / أَجْني ثمارَ الحُسن من بستانها
ما زالَ تَفْعَلُ بالعقول لحاظه / ما تفعلُ الصَّهباءُ في نشوانها
يَسقي فأَشربُ من لمَاه وكأسُه / ما يُنعِشُ الأَرواح في جثمانها
يشفي مريض القلب من أَلم الجوى / ولذا تَقَرُّ النَّفسُ من هيمانها
ويبلُّ غلَّةَ وامقٍ مستغرم / بالرّيّ من صادي الحشا ظمآنها
تَسْتَحْسِنُ الأَبصار ما بُليت به / وبَلِيَّةُ العشَّاق باستحسانها
إنَّ النقيب القادريّ لعوذتي / من حادث الدُّنيا ومن عدوانها
شهمٌ تذلّ المال عزَّةُ نفسه / ومنزّل الأَموال دار هوانها
السّيّد السَّنَدُ الرَّفيعُ مكانه / حيث النجوم وحيث سعد قرانها
الطاهر البَرّ الرَّؤوف بأُمَّةٍ / اللهُ وفَّقها إلى إيمانها
كم حُجَّةٍ قد أَنبأَتك بفضله / قام الدليل بها على برهانها
الباسطُ الأَيدي لكلِّ مؤمِّل / وجداول الإِحسان فيض بنانها
تزِنُ الرِّجال عوارفُ ومعارفٌ / يتميّز الرّجحان في ميزانها
قل للمُفاخرِ سادةً قرشيَّةً / ما أَنتَ يوم الفخر من فرسانها
فهُمُ الجبال الرَّاسيات وإنَّهم / بين الجبال الشّمّ شم رعانها
بَنَت المباني في العُلى آباؤه / من قبله فبَنى على بنيانها
ما زلتُ أُبصرُ منك كلّ أبيَّةٍ / ما كانَ غيرك آخذاً بعنانها
حتَّى إذا بلَغَتْ سماوات العُلى / رَفَقَتْكَ حينئذٍ على كيوانها
نفسٌ لعمرك في النفوس زكيَّةً / الله فضَّلها على أَقرانها
ما فوق أيديه لذي شرفٍ يدٌ / لا في سماحتها ولا إحسانها
كم من يدٍ لكَ في الجميل ونِعمةٍ / تَسْتَغْرِقُ العافين في طوفانها
فالسَّعْدُ والإِقبالُ من خُدَّامها / والعالم العلويُّ من أَعوانها
ذاتٌ مطهَّرة ومجدٌ باذخٌ / في سِرِّها لطف وفي إعلانها
لله فيه سريرةٌ نبويّةٌ / عَرَفَتْ جميعُ الخلق رفعة شانها
نشرت صحائف فضله بين الورى / فقرأت سطر المجد من عنوانها
إنِّي لأَشكُرُ من جميلك نِعمةً / وأَعوذُ بالرَّحمن من كفرانها
أُلْبِسْتُها منك الجميل صنايعاً / سطعت بطيب الشُّكر من أردانها
ها أنتَ في الأَشْرافِ واحد عصرها / ونجيبُ عنصرها رضيعُ لبانها
إلاَّ تَنَلْ قومٌ عُلاك فإنَّهم / طالوا وما بلغوا رفيع مكانها
أَوْ عُدَّت الأَعيان من نُقبائها / ما كنتَ إلاَّ العَينَ من أَعيانها
إنَّ القوافي في مديحك لم تزلْ / تُثني عليك بلفظها ولسانها
نَزَلوا بحيثُ السّفْحُ من نُعمانِ
نَزَلوا بحيثُ السّفْحُ من نُعمانِ / حيثُ الهوى وملاعبُ الغزلانِ
هامَ الفؤاد بهم وزادَ صبابةً / يا شدَّ ما يلقى من الهَيَمان
يا لَيتهم عَلموا على بعدِ النوى / ماذا أُلاقي بَعدهم وأُعاني
كيفَ السلوُّ ولي فؤادٌ مُغرمٌ / في مَعزلٍ مني عن السُّلوان
أصْبو إلى وادي العقيق وأدفعي / لشبيهةُ وأبيك بالعِقيان
وبمهجتي نارٌ تشبُّ من الجوى / إنّ الجوى لمهيُّجُ النيران
لا تُكثرا عذلي فإنَّ مسامعي / صُمَّت عن اللاّحي إذا يلحاني
يا صاحبيّ ترَفَّقا إنِّي أرى / فيما أُعاني غيرَ ما تَريان
هذا الفُؤاد وهذه أعلاقُه / ضاق الغرام به عن الكتمان
فعلَ ادِّكاري بي لأيام مضَتْ / ما تفعل الصهباءُ بالنشوان
أيامَ كنتُ لَهوْتُ في زمن الصبا / وطرِبْتُ بين مثالثٍ ومثاني
أيامَ نادمْتُ البدور طوالعاً / والشمسُ تُشرق من بروج دنان
راحٌ إذا علَّ النديمُ بكاسها / ما للهموم عليه من سلطان
بَرَزتْ لنا منها السُّقاة بقَرفٍ / قد كلِّلت بالدُّر والمرجان
ويُديرها أحوى أغنَّ إذا رنا / سَحرَ العقول بناظرٍ وسْنان
ومُهفهفِ الأعطافِ خِلْتُ قوامَه / من خَوْط بانٍ يا له من بان
في روضةٍ تزهو بمنهلّ الحيا / بتنوُّعِ الأشكال والألوان
وتأرَّجَتْ فيها بأنفاس الصِّبا / زهر الرُّبا بالرَّوْح والرَّيحان
تتَرنَّم الأوتار في نَغماتها / من غير ألفاظٍ أتَتْ لمعاني
فكأنَّما تلك القِيانُ حمائمٌ / تُملي عليك غرائب الألحان
زمن الشبيبة مُذْ فَقدْتُك لم أجِدْ / للَّهو عندي والهوى بمكان
فارقتُ مذ فارقتُ عَصْرك أوجهاً / طَلعَتْ علينا كالبدور حسان
تسطو على العشاق من لحظاتها / بصوارمٍ مشحوذة وسِنان
وصَحَوتُ من شكر الشباب وغيّةِ / وأرَحْتُ من قد لامني ولحاني
وعَرَفتُ إذ حلَّ المشيبُ بعارضي / أنَّ الهوى سَببٌ لكلّ هوان
كانَ النسيبُ شقيقَ روحي والهوى / في مهجتي وقراره بجنابي
فهجرتُه هجرَ الخليلِ خَليلَه / من بعد ما قد حَلَّني وجَفاني
وأخَذتُ أُنشِدُ في الثناء قصائدي / بالسيّد السَنَد العظيم الشان
قَلَّدْتُه غُرُر الثناء قلائداً / ما لم تكنْ لقلائد العقيان
أشفي الصُّدور بمدحِه ومديحُهُ / كالماء يَنْقعُ غُلَّة الظمآن
إنَّ المناقبَ والمعاليَ كلَّها / بِعَليّ هذا العالم الإنساني
وإذا تَعرَّضْنا لجودِ يمينه / عَرَضتْ لنا بالعارض الهتَّان
شَمِلتْ مكارمُه العُفاة فلم تجد / إلاَّ غريقاً منه بالإحسان
مُتفرِّدٌ بالمجد واحدُ عصرِه / ما في الرِّجال لمجدِه من ثان
إنْ عُدَّتِ الأعيان من ساداتها / أبصَرتْ عينَ أولئك الأعيان
هذا النقيب الهاشميُّ ويا له / إنسانُ عين العزِّ من إنسان
هذا عليُّ القَدْرِ وابنُ علائِه / المنتمي شَرفاً إلى عَدنان
كم شنَّفَتْ أذناً مناقبُه الَّتي / تُلِيَت محاسنُها بكلّ لسان
وإذا شَهِدتْ جمالَه وجلالَه / أبصَرتْ ما لا تسمع الأذُنان
لو يدَّعي فيه الفخارُ مُفاخرٌ / ما احتاج يومئذٍ إلى برهان
حازوا الرئاسة والسيادة والعلى / أبناء عبد القادر الكيلاني
شيخُ الطريقة والحقيقة مقتدى / لقمان عمَّا جاءَ عن لقمان
كُشِفَتِ له الأسرار وهي غوامضٌ / دَقَّتْ على الأفكار والأذهان
غَوثُ الصَّريخ المستجير ببابه / لا مُعرضٌ عنهُ ولا متواني
مُذْ فاز حيًّا في كرامة ربّه / ومن الكرامة فاز بالرضوان
ومن المواهب لا يزال مريدهُ / يعطي مزيد الأمن والإيمان
من زارَ مرقده الشريفَ أمدَّه / بالرُّوح من إمداده الروحاني
لا يستطيع الملحدون بزَعمِهم / إنكارَ ما شَهِدتْ به الثقلان
وإذا الفتى شَمِلَتْه منه عناية / أغْنت عن الأنصار والأعوان
هو قطب دائرة يدور مدارها / أبد الزمان ومنتهى الدَوَران
بعوارفٍ ومعارفٍ ولطائفٍ / تُجلى القلوب بها من الأدران
مولاي أنتَ وأَنْتَ غاية مطلبي / وإليك منتجعي وعنك بياني
قد حُزت من شهر الصيام ثوابَه / وغَنِمتَ فيه الأجر من رمضان
فليَهْنَك العيدُ السَّعيدُ بعَوْده / واسلم ودُم فينا أبا سلمان

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025