المجموع : 8
صادَ الفُؤادَ بِرَملِ رامَةَ ريمُ
صادَ الفُؤادَ بِرَملِ رامَةَ ريمُ / فَالقَلبُ عِندَ الريمِ لَيسَ يَريمُ
مُتَدَلِّلٌ صَلَفاً عَلى مُتَذَلِّلٍ / كَلَفاً يَهُمُّ بِسَلوَةٍ فَيَهيمُ
فَالمَوتُ إِن يَنظُر وَإِن يَنفُر مَعاً / وَقعُ السِهامِ وَنَزعُهُنَّ أَليمُ
حَبُّ الغَمامِ يُغيرُهُ مُتَبَسِّماً / وَالدُرُّ في التَقصارِ وَهوَ نَظيمُ
أَنا في هَواهُ لا أَبينُ لِناظِرٍ / جِسمي مِنَ الطَرفِ السَقيم سَقيمُ
لَو ذُقتُ بَردَ رُضابِهِ لَشُفيتُ مِن / سَقَمي لِأَنَّ رُضابَهُ تَسنيمُ
ما ذُقتُ بَردَ العَيشِ بَعدَ فِراقِهِ / فَالماءُ سُمٌّ وَالنَّسيمُ سَمومُ
وَحَياةِ مالِكِنا المُعظَّمِ إِنَّها / قَسمٌ لَنا لَو تَعلَمونَ عَظيمُ
إِنّي عَلى نارِ الغَضى بِفِراقِهِ / لا النارُ عَنها صينَ إِبراهيمُ
مَلِكٌ تَطيرُ العُربُ مِنهُ مَخافَةً / وَالعُجمُ عَن أَوطانِها وَالرومُ
وَلِبيضِهِ في الهامِ تَكسيرٌ وَلِل / سُمرِ الذَّوابِلِ فيهمُ تَحطيمُ
فَكَأَنَّهُ الأَسَدُ الغضَنفَرُ هازِماً / وَالقَومُ كُلٌّ مِنهُمُ مَهزومُ
يَطوي البِلادَ بِشُهبِهِ وَبِنُجبِهِ / فَيَنالُ ما يَختارُهُ وَيَرومُ
لَو كانَ في تِلكَ المَناسِكِ أَنفُسٌ / لَسَعى إِلَيهِ زَمزَمٌ وَحَطيمُ
مَلِكٌ تَفَرَّعَ في العُلومِ مَناظِراً / فَعَلا وَلَم تَعزُب عَلَيهِ عُلومُ
فَالنَحوُ فيهِ سيبَوَيهِ جَليسُهُ / وَأَبو عَلِيِّ الفارِسِيُّ نَديمُ
وَالتاجُ تاجُ الدينِ زَيدٌ إِن تُنا / ظِرهُ أَتى مِنهُ لَهُ التسليمُ
وَالشِعرُ فيهِ أَبو نُواسٍ عَبدُهُ / في جدِّهِ إِذ هَزلُهُ مَذمومُ
وَبِحَجِّهِ حازَ الكَمالَ بِأَسرِهِ / فَلَهُ جَديدُ سَعادَةٍ وَقَديمُ
وَالفِقهُ عَنهُ تَقاعَسَت أَربابُهُ / إِذ كانَ فيهِ لِشَأوِهِ التَقديمُ
وَلِمَذهَبِ النُعمانِ فيهِ سَعادَةٌ / طَلَعَت بِها في الخافِقَينِ نُجومُ
لَو ساعَدَ المَملوكَ سَعدٌ سارَ في / كَنَفِ الرِّكابِ وَإِنَّهُ لَكَريمُ
لَكِنَّهُ لَمّا تَأَخَّرَ فاتَهُ / مِنهُ نَعيمٌ وَاِحتَوَتهُ جَحيمُ
لَم يَنقَعِ الظَّمَأَ الَّذي بِفُؤادِهِ / حَجُّ المَقامِ بَلِ الأُوامُ مُقيمُ
أَنا إِذ بَعُدتُ كَصاحِبِ الحوتِ الَّذي / نادى الإِلَهَ وَإِنَّهُ لَكَظيمُ
إِن لَم تُوافِ إِلَيهِ رَحمَةُ رَبِّهِ / نُبِذَ العَراءَ فَبانَ وَهوَ ذَميمُ
يا أَيُّها المَلِكُ المُطاعُ وَجُندُهُ / لِلبيضِ فَوقَ رَؤوسِهِم تَسويمُ
كَم في بُسَيطَةَ قَد بَسَطتَ مَكارِماً / أَحيَت عِظامَ الجودِ وَهيَ رَميمُ
فَالشَوكُ وَردٌ وَالحَصا دُرٌّ وَذا / كَ الماءُ راحٌ وَالعِضاهُ كُرومُ
لي مُذ خَلَت مِنكَ الدِيارُ فَلا خَلَت / بِدِمَشقَ شَوقٌ مُقعِدٌ وَمُقيمُ
فَأُقابِلُ البابَ العَزيزَ مُقَبِّلاً / عَتَباتِهِ وَبِهِ الدُموعُ سُجومُ
الشَّمسُ أَنتَ فَلا دَنَت لِأُفولِها / إِن غِبتَ عَنّا فَالأَغَرُّ بَهيمُ
لا فارَقَ المَلِكُ المُعَظَّمُ مُلكَهُ / أَبَداً وَدانَ لِشأوِهِ التَعظيمُ
خُذ مِن يَمينِ البَدرِ شَمساً أُطلِعَت
خُذ مِن يَمينِ البَدرِ شَمساً أُطلِعَت / بِسَماءِ كَأسٍ وَالحَبابُ نُجومُ
تِلكَ المَصابيحُ الَّتي هِيَ زينَةٌ / وَعَلى شَياطينِ الهُمومِ رُجومُ
مِن كَفِّ ريمِ الرومِ فَهوَ إِذا رَنا / فَكَأَنَّهُ صَيدَ الأُسودِ يَرومُ
فَلوِ اِدَّعَت سِحرَ اللَواحِظِ بابِلٌ / وَرُضابَهُ غَلَبَت عَلَيهِ الرومُ
غِبتُم فَلَم يَغِبِ الغَرامُ
غِبتُم فَلَم يَغِبِ الغَرامُ / فَالنَومُ بَعدَكُمُ حَرامُ
يا ساكِني نَجدٍ عَلَي / كُم مِن مُحِبِّكُمُ السَلامُ
مَن ماتَ بَعدَ فِراقِ مِث / لِكُمُ اِشتِياقاً ما يُلامُ
لِمَ لَم تَرِقُّوا لِلَّذي / مِنكُم يُلاقي المُستَهامُ
لِلَّهِ أَيّامي بِكا / ظِمَةٍ وَما حَوَتِ الخِيامُ
إِن غِبتُمُ عَنّي فَلَم / يَغِبِ التَأَسُّفُ وَالسَقامُ
فَكَأَنَّني مِن بَعدِكُم / طِفلٌ أَضَرَّ بِهِ الفِطامُ
أَفدي أُناساً أَسهَروا / عَينَيَّ بَعدَهُمُ وَناموا
أَرتاحُ وَجداً كُلَّما / غَنَّت عَلى البانِ الحَمامُ
أَسلَمتِني لأَذى الصُدودِ وَنِمتِ عَن
أَسلَمتِني لأَذى الصُدودِ وَنِمتِ عَن / سَهَري وَلَيلي فيكِ لَيلُ سَليمِ
نَدَمي نَديمي وَالفِراقُ مُرافِقي / وَالسُقمُ قِسمي وَالغَرامُ غَريمي
وَإِذا شَدا الشادي فَأَطرَبَ شَدوُهُ / عِندي فَوَجدي مُقعِدي وَمُقيمي
تُمسينَ مِن أَلَمِ الفِراقِ سَليمَةً / يا هَذِهِ وَأَبِيتُ غَيرَ سَليمِ
ضُرِبَت لِزَينَبَ بِالغُوَيرِ خِيامُ
ضُرِبَت لِزَينَبَ بِالغُوَيرِ خِيامُ / فَعَلى الغُوَيرِ وَساكِنيهِ سَلامُ
تِلكَ المَرابِعُ تصرَعُ الآسادَ بِال / لَحَظاتِ في عَرَصاتِها الأَيّامُ
كَم عُروَةٍ فُصِمَت لِعُروَةَ عِندها / حَتّى بَكى أَسَفاً عَلَيهِ حَزامُ
أَظُبى جُفونٍ أَم جُفونُ ظِبائِها / تَرنو فَكُلُّ لِحاظِهِنَّ حُسامُ
تِلكَ الحَواجِبُ أَم قِسِيٌّ أُرسِلَت / عَنهُنَّ مِن أَلحاظِهِنَّ سِهامُ
مِن كُلِّ واضِحَةِ الثَنايا طَرفُها / يُبدي السَقامَ وَلَيسَ فيهِ سَقامُ
لَمَياءُ في فيها لِراشِفِ ثَغرِها / حَبُّ الغَمامِ مُنَظَّماً وَمُدامُ
أَصبو إِلى أَثلاتِ نَجدٍ كُلَّما / وَمضُ البَريقِ عَلى الغُوَيرِ يُشامُ
وَيَشوقُني ضالُ العُذَيبِ وَظِلُّهُ ال / ضافي وَرَندٌ بِالحِمى وَبشامُ
كَيفَ السَبيلُ وَقَد قَضى قاضي الهَوى / فيهِ بِقَتلي وَالغَريمُ غَرامُ
وَلَّت لُيَيلاتٌ وَأَيّامٌ مَضَت / نِعمَ اللَيالي كُنَّ وَالأَيّامُ
مَع كُلِّ واضِحَةِ اللِّثامِ لَها فَمي / بِاللَثمِ في ضَمِّ العِناقِ لِثامُ
زارَ الحَبيبُ ولاتَ حينَ زِيارَةٍ / إِذ لَم يَرُعهُ عَنِ اللِّمامِ مَلامُ
في لَيلَةٍ مُتَرَجِّلاً مِن حاجِرٍ / عَسفاً وَقَد رَكِبَ الظَلامَ ظلامُ
يَخطو أَفاحيصَ القَطا وَيَدوسُ أُد / حِيَّ النَعامِ وَهُنَّ مِن قُدّامُ
واهاً لَهُ أَنّى اِهتَدى لَمّا سَرى / مِن حاجِرٍ نَحوي وَداري الشامُ
وافى إِلَيَّ مُخاطِباً في النَومِ مَن / لَم يَبدُ لي يَقظانَ مِنهُ كَلامُ
ما أَنسَ لا أَنسَ الحَبيبَ وَقَولَهُ / أَزِفَ الرَحيلُ غَداً وَعَزَّ مَقامُ
زَمّوا مَطاياهُم فَكُلُّ نَجيبَةٍ / في رَأسِها بِيَدِ الفِراقِ زِمامُ
قالوا غَداً يَومُ النَوى فَأَجَبتُهُم / لا بَل يُحَمُّ لَدى الفِراقِ حِمامُ
وَسَفَرنَ لي عَن أَوجُهٍ وَغَدائِرٍ / فَتَعانَقَ الإِصباحُ وَالإِظلامُ
هُنَّ الحَبائِبُ راشِقاتُ قُلوبِنا / مِن لَحظِ أَعداءٍ لَهُنَّ سِهامُ
لَولا اِتِّقاءُ اللَهِ قادَتنا لِدي / نِ الجاهِلِيَّةِ هَذِهِ الأَصنامُ
ذَهَبَ الأَعاريبُ الَّذينَ لَدَيهِمُ / يُحمى الذِمارُ وَلا يَضيعُ ذِمامُ
وَبَقيتُ في سُفَهاءَ كَالأَنعامِ في / عَهدٍ وَهُم عِندَ اللِقاءِ نَعامُ
لَأُقَوِّضَن عَنهُم خِيامي قاصِداً / دارَ النَعيمِ بِظِلِّها الإِنعامُ
هِيَ بَعلَبَكُّ سَمَت بِمَجدِ الدينِ بَه / رَم شاهَ دانَ لِشَأوِهِ بَهرامُ
فَجُنودُهُ الأُسدُ الضَواري ما لَها / إِلّا القَنا يَومَ الوَغى آجامُ
وَجُيوشُهُ كَالرُمحِ وَهوَ سِنانُهُ / عَن قَلبِ جَيشٍ ما لَهُ إِحجامُ
وَلِقَوسِهِ رُسُلُ المَنونِ إِلى العِدا / تُصمي النُفوسَ فَتَسقُطُ الأَجسامُ
وَالسَيفُ في يُمناهُ بَرقٌ لامِعٌ / يُجري دِماءً وَالعَجاجُ غَمامُ
تَبكي عُيونُ الشِركِ مِنهُ لِفَتكِهِ / بِالمُشرِكينَ وَيَضحَكُ الإِسلامُ
وَعَلَيهِ دِرعٌ فاضَةٌ مِن نَسجِ دا / وودَ النَبِيِّ لِسَردِها إِحكامُ
وَحِصانُهُ بَحرٌ يَموجُ بِسَرجِهِ / بَحرٌ وَيَزأَرُ فَوقَهُ ضِرغامُ
ما رامَ أَمراً في المَعالي راقِياً / إِلّا وَأَصبَحَ فيهِ لَيسَ يُرامُ
لَم تَحلُ مِن أَعدائِهِ مِن خَوفِهِ / قُرباً وَبُعداً يَقظَةٌ وَمَنامُ
كَاللَيثِ مُنتَفِضاً لِوَثبَتِهِ عَلى / شَثنِ البَراثِنِ دَأبُهُ الإِقدامُ
يا ذا الأَيادي البيضِ وَالمِنَنِ الَّتي / تَحيا بِها الفُقَراءُ وَالأَيتامُ
لِلَهِ رَبِّكَ صَلِّ وَاِنحَر مُخلِصاً / فَلِشانِئيكَ الذُلُّ وَالإِرغامُ
وَبِكَفِّكَ القَلَمُ الَّذي دانَت لَهُ / شَرقاً وَغَرباً في العُلا الأَقلامُ
فَاِعجَب لِمَشقوقِ اللِسانِ بِنَقشِهِ ال / إِغرابُ وَالإِعرابُ وَالإِعجامُ
فَكَأَنَّما الأَرزاقُ وَالآجالُ قَس / سَمَها بِهِ بِيَمينِهِ القَسّامُ
إِن دَقَّ خَطاً جَلَّ خَطباً فَهوَ في / يُمنى يَدَيكَ الأَرقَمُ الرَقّامُ
رَفَعَت لَكَ الهِمَمُ العَوالي في الوَغى / عَلَماً تَنَكَّسُ دونَهُ الأَعلامُ
فَالنَصرُ وَالتَأييدُ مَعقودانِ في / عَذَباتِهِ وَالنَقضُ وَالإِبرامُ
لَكَ مَنصِبٌ لَم يَشأَهُ في دَهرِنا / إِلا الَّذي هُوَ لِلزَّمانِ إِمامُ
فَلكَ البَقاءُ مَدى الزَمانِ وَلِلَّذي / خُلِّفتَ عَنهُ تَحِيَّةٌ وَسَلامُ
شَجَراتُ عيصِكَ في بَني أَيّوبَ يا / نِعَةٌ يَزينُ ثِمارَها الأَكمامُ
فَاِبجَح فَما لَكَ في المُلوكِ مُساجِلٌ / إِذ يُذكَرُ الآباءُ وَالأَعمامُ
أَنتَ الَّذي في كُلِّ مَنبِتِ شَعرَةٍ / مِنهُ هِزَبرٌ عاصِمٌ وَعِصامُ
هَذا مقامٌ فيهِ كُلُّ مُفَوَّهٍ / غَيري لَدَيكَ مُفَهَّهٌ تَمتامُ
لَكَ دَولَةٌ دُوَلُ المُلوكِ بِأَسرِها / في كُلِّ مَكرُمَةٍ لَها خُدامُ
أَعضاؤُها مُتَناسِباتٌ في العُلا / مِثلُ الفَرائِدِ زانَهُنَّ نِظامُ
أَبقى مُعِزُّ الدينِ عِزّاً أَقعَساً / لِلدينِ مِنكَ بِهِ العَدُوُّ يُضامُ
وَلَكَ القُصورُ المُنشَآتُ فَكُلُّها / في بَحرِ ما تُستَحسَنُ الأَعلامُ
دورٌ حَوَت بِركاتُها بَرَكاتِها / فَالسَلسَبيلُ بِها لَدَيكَ رُخامُ
وَلَكَ البَنونَ الأَكرَمونَ مَغارِساً / لا غَروَ أَن تَلِدَ الكِرامَ كِرامُ
لا فارَقوا حُلَلَ السُعودِ مَلابِساً / ما أُلبِسَت أَطواقَهُنَّ حَمامُ
فَهُمُ الأَهِلَّةُ نامِياتٌ أَو تَرى / مِنهُم بُدورَ المُلكِ وَهيَ تَمامُ
فَاِسلَم وَدُم ما صاحَبَت أَلِفاً بِالاس / مِ السابِقِ المَعهودِ يَوماً لامُ
وَتَهَنَّ بِالأَعيادِ ما اِستَغنَت عَنِ ال / أَلِفاتِ في تَعريبِها الأَعلامُ
رَمَوا الجِمارَ وَفي فُؤادي مِنهُمُ
رَمَوا الجِمارَ وَفي فُؤادي مِنهُمُ / أَفديهُمُ جَمر الغَضا يَتَضَرَّمُ
لَمّا أَتَوا عَرَفات اِشتَمَلوا عَلى / إِنكارِنا سَلِموا فَهَلّا سَلَّموا
وَعَلى الصَفا لَم يَصفُ وُدُّهُم وَلي / قَلبٌ هُناكَ مُتَيَّهٌ وَمُتَيَّمُ
بَلَغوا المُنى بِالعَيشِ إِذ بَلَغَت مِنىً / حَتّى إِذا زُمَّت بِزَمزَمَ زَمزَموا
جَهَروا بِتَلبِيَةٍ الإِلَهِ فَصادَفَ ال / دُرَّ النَّثيرَ اللؤلُؤُ المُتَنَظِّمُ
وَثَنَوا إِلى الحَجَرِ الأَحَمِّ مَباسِماً / عَنها البروقُ لَوامِعاً تَتَبَسَّمُ
وَسَفَرنَ عِندَ طَوافِنا عَن أَوجُهٍ / شَمسُ الضُحى حَسَداً لَها تَتَلَثَّمُ
هُم يَمَّموا البَيتَ العَتيقَ لِقَتلِنا / بِئسَ الفِعالُ وَنِعمَ بَيتاً يَمَّموا
لَمّا رَنَونَ بِأَعيُنٍ بِسِهامِها / تَجري عَلى الوَجناتِ مِنهُنَّ الدَّمُ
هَذا لَنا مِنهُم وَنَتبَعُ عيسَهُم / إِن أَيمَنوا أَو أَنجَدوا أَو أَتهَموا
أَيَجوزُ حَجُّهُمُ وَما مِن لَحظَةٍ / إِلّا بِها مِنهُنَّ يُقتَلُ مُسلِمُ
بَيني وَبَينَ القَومِ نَجمُ الدينِ أَع / مَلُ مَن تَصَدَّرَ بِالعُلومِ وَأَعلَمُ
بَحرٌ وَلَكِن بِالمَكارِمِ مُفعَمٌ / حَبرٌ لَدَيهِ كُلُّ حَبرٍ مُفحَمُ
تَسقي الأَقاليمَ الحَيا أَقلامُهُ / وَبِهِنَّ أَظفارُ الخُطوبِ تُقَلّمُ
عَزَماتُهُ شُهبٌ ثَواقِبُ في العُلا / مِنها شَياطينُ الأَعادي تُرجَمُ
تَأبى المَدائِحُ أَن تُصاغَ لِغَيرِهِ / كِبراً وَتَنجَحُ حينَ فيهِ تُنَظَّمُ
وَتُرى الخُصومُ لَدَيهِ شاءً راعَها / بِزَئيرِهِ في الحَفلِ مِنهُ ضَيغَمُ
جاشَ المَديحُ فَلَم أَجِد أَهلاً لَهُ / أَحَداً سِواهُ فَلَم تَلُمني اللُّوَّمُ
عُدِمَ النَّظيرُ لَهُ وَلَو وُجِدَ الغِنى / في دَهرِنا ما كانَ يوجَدُ مُعدِمُ
لَو مُلِّكَ الدُّنيا لَجادَ بِها عَلى / مَن يَعتَفيهِ مُبادِراً لا يَندَمُ
لَمّا رَأى الدُنيا الدَنِيَّةَ أَهلُها / مَعبودُهُم دينارُهُم وَالدِّرهَمُ
هَجَرَ الغِنى وَبَنى لَهُ خَيرَ البُنا / غَنِمَت مَساعيهِ فَنِعمَ المَغنَمُ
مَن كانَ هَذا فِعلُهُ في دَهرِهِ / فَلَهُ الإِلَهُ بِكُلِّ خَيرٍ يَحتِمُ
يَقِظٌ عَلى كَسبِ المَحامِدِ مُقدِمٌ / وَعَنِ الدَنايا وَالمَطامِعِ مُحجِمُ
وَإِلى الطِرازِ الأَوَّلِ اِرتَفَعَت بِهِ / شِيَمٌ لَها الدينُ الرِداءُ المُعلَمُ
ثَبتٌ إِذا طاشَت حُلومُ أولي النُهى / أَرسى بِحِضنَي يَذبُلٍ بَل أَعظَمُ
وَيَدوسُ فَرقَ الفَرقَدَينِ بِهِمَّةٍ / مِن تَحتِ أَخمَصِها السُها وَالمِرزَمُ
ما الرَّوضُ مَمطوراً يُضاحِكُ نَورُهُ / شَمسَ الضُحى فَيَفوحُ وَهوَ مُنَمنَمُ
يَوماً بِأَطيَبَ مِن ثِيابِكَ في الوَرى / كَلّا وَلا مِسكٌ أَريجٌ يَفغَمُ
أَهدَيتُ مَخشَلَباً إِلى مَن لَفظُهُ / دُرٌّ وَسائِطُ حُسنِها تَتَوَسَّمُ
لَئِنِ اِهتَدى بِالنَجمِ أَقوامٌ فَقَد / أَمسَت بِنَجمِ الدينِ تُهدى الأَنجُمُ
بَغدادُ حاسِدَةٌ حماةَ بِهِ وَدِج / لَتُها لِعاصيها تُطيعُ وَتَخدِمُ
وَهوَ اِبنُ حَبرٍ لَيسَ يُنكِرُ فَضلَهُ / وَعُلاهُ في الإِسلامِ يَوماً مُسلِمُ
عَن شَأوِهِ كُلُّ اِمرِئٍ مُتَأَخِّرٌ / وَبِهِ تَقَدَّمَ كُلُّ مَن يَتَقَدَّمُ
وَلأَنتَ نَجمُ الدينِ سَعدٌ ناشِرٌ / فيهِ أَبا سَعدٍ وَفيهِ يُتَرجَمُ
لَكَ يا شَبيهَ أَبيهِ هِمَّتُهُ وَمَن / يُشبِه أَباهُ فَإِنَّهُ لا يَظلِمُ
لَكَ هِمَّةٌ عَلياءُ عُصرونِيَّةٌ / فَالشُهبُ شُهبٌ تَحتَها تَتَحَمحَمُ
لِلشافِعِيِّ بِكُم فَخارٌ بَعدَهُ / أَنوارُهُ مَشهورَةٌ لا تُكتَمُ
وَإِلى أَبي البَرَكاتِ نُسرِجُ خَيلَنا / بِرَجاءِ نائِلِهِ الجَزيلِ وَنُلجِمُ
لا زالَ طولَ الدَّهرِ يُنعِشُ خامِلاً / وَيُفيدُ عِلمَ الخَيرِ مَن لا يَعلَمُ
يا بَدرَ تمٍّ لَيسَ لي
يا بَدرَ تمٍّ لَيسَ لي / مِنهُ سِوى رَعي النُجومِ
أَجفانُكَ السَّكرى مُعَر / بِدَةٌ كَثيراتُ الخُصومِ
ما سُكرُها إِلّا بِما / في فيكَ مِن بِنتِ الكُرومِ
لَو ذُقتُ خَمرَ لَماكَ لَم / أَكُ شاكِياً طولَ الهُمومِ
نَقَلَ القُلوبَ هَواكَ عَن / حُكمِ الخُصوصِ إِلى العُمومِ
أَنا لا أُصيخُ إِلى مَقالِ اللُوَّمِ
أَنا لا أُصيخُ إِلى مَقالِ اللُوَّمِ / إِذ يَعذِلوني في مَحَبَّةِ هَيثَمِ
مَلَكَ الجَمالَ بِأَسرِهِ في أَسرِهِ / لَم يَنصَرِف رائيهِ غَيرَ مُتَيَّمِ
هُوَ مُسلِمٌ لَكنَّهُ لَم يَرتَدِع / في الحُبِّ عَن قَتلِ المُحِبِّ المُسلِمِ
فَلِقَدِّهِ وَلِلحظِهِ أَصبو إِلى ال / رُمحِ المُثَقَّفِ طاعِناً بِاللَهذَمِ
وَلِفَتكِ ناظِرِهِ بِناظِرِهِ أَرى / أَني أُقَبِّلُ كُلَّ سَيفٍ مِخذَمِ
وَيَشوقُني وَقعُ السِهامِ وَنَزعُها / إِذ يُرسِلُ اللَحَظاتِ مِثلَ الأَسهُمِ
وَهوَ الَّذي أَضحَت لَهُ عَدَدٌ بِها / يَسطو عَلى الزَّرَدِ الحَبيكِ المُحكَمِ