القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ أبي حَصِينة الكل
المجموع : 6
قَد كُنتَ لَستَ بِناطِقٍ فَتَكَلَّمِ
قَد كُنتَ لَستَ بِناطِقٍ فَتَكَلَّمِ / إِنَّ الكَلامَ عَلَيكَ غَيرُ مَحرَّمِ
لَم يَبقَ شَيءٌ غَيرُ شُكرِ صَنائِعٍ / عَظُمَت وَجَلَّت لِلأَجَلِّ الأَعظَمِ
وَإِذا الفَتى ظَفِرَت يَداهُ بِنِعمَةٍ / فَدَوامُها بِدَوامِ شُكرِ المُنعِمِ
مَلِكٌ بَنى عِزّي وَأَسبَغَ نِعمَتي / وَأَجَلَّ مَنزِلَتي وَأَزهَفَ أَسهُمي
وَاِختَصَّني بِصَنايعٍ مَشهورَةٍ / شُكِرَت لَهُ في المَحلِ شُكرَ المُرزِمِ
خُتِمَ الكِرامُ بِهِ وَتَمَّمَ فَضلُهُ / نُقصانَ كُلِّ فَضيلَةٍ لَم تتمِمِ
وَتَمَهَّدَت سُبُلُ البِلادِ وَفُوجِئَت / مِنهُ الأَعادي بِالنآدِ الصَيلَمِ
وَتَجَمَّلَت حَلَبٌ وَأَصبَحَ أَهلُها / في مِثلِ باكِرَةِ الرَبيعِ المُرهمِ
وَتَهَدَّلَت تِلكَ الغُصونُ وَأَشرَقَت / بِأَغَرَّ مِثلِ البَدرِ غَيرَ مُذَمَّمِ
خَضَعَت لَهُ صِيدُ المُلوكِ وَأَذعَنَت / بِالخَوفِ مِن وَلَدِ الهِزَبرِ الضَيغَمِ
وَتَهَيَّبَت مَلِكاً يَعِزُّ نَزيلُهُ / في ظِلِّهِ المَمدودِ عِزَّ الأَعصَمِ
ماضي الجَنانِ إِذا تَقَلَّدَ مِخذَماً / أَلقى النِجادَ عَلى نَظيرِ المِخذَمِ
جَلدٌ عَلى نُوبَ الزَمانِ كَأَنَّما / رِيحٌ تَهُبُّ عَلى هِضابِ يَلَملَمِ
يَلقى العَرَمرَمَ وَحدَهُ فَكَأَنَّما / يَلتَفُّ مِنهُ عَرَمرَمٌ بِعَرَمرَمِ
سَمحُ اليَدَينِ يُلامُ في سَرَفِ النَدى / فَيَزيدُهُ سَرَفاً مَلامُ اللَوَمِ
أَفنى الكُنوزَ فَلَيسَ يَبرَحُ مُعدِماً / مِمّا تَسُدُّ يَداهُ خَلَّةَ مُعدِمِ
كَرَماً مَحا ذِكرَ الكِرامِ وَوَصفَهُم / حَتّى كَأَنَّ كَريمَهُم لَم يُكرِمِ
يا مَن بِهِ حَسُنَ الزَمانُ وَأَهلُهُ / حُسنَ الظَلامِ بِنِّيراتِ الأَنجُمِ
فَرَطَ الكِرامُ وَجِئتَ أَنتَ مُؤَخَّراً / فَأَخَذتَ شَأوَ الفارِطِ المُتَقَدِّمِ
بِمَكارِمٍ دَرَسَت مَكارِمَ حاتَمٍ / وَمَحَت حَديثَ رَبيعَةَ بنِ مُكَدَّمِ
فَمُقَدَّمٌ في الفَضلِ مِثلُ مُؤَخَّرٍ / وَمُؤَخَّرٌ في الفَضلِ مِثلُ مُقَدَّمِ
يابانياً بِالمَشرَفِيَّةِ وَالقَنا / بَيتاً مِنَ العَلياءِ غَيرَ مُهَدَّمِ
كَثَّرتَ حُسّادي لَدَيكَ فَزِدُهُمُ / حَسَداً وَأَولَيتَ الجَميلَ فَتَمِّمِ
وَاعذُر بِفَضلِكَ غائِباً عَن خِدمَةٍ / فَأَنا المُحِبُّ خَدَمتُ أَو لَم أَخدِمِ
أُثني عَلَيكَ مُحَدِّثاً في مَجلِسٍ / أَو خاطِباً بِقَصيدَةٍ في مَوسِمِ
فَيَظَلُّ شُكري مُنجِداً مَع مُنجِدِ / في الخافِقَينِ وَمُتهِماً مَع مُتهِمِ
كَالرَوضَةِ الغَنّاءِ باتَ نَسيمُها / مُتَضَوِّعاً غِبَّ الرَبابَ المُحشِمِ
وَعِصابَةٍ قَطَعوا إِلَيكَ مِنَ الفَلا / غُبرَ المَعالِمِ مَعلَماً عَن مَعلَمِ
بِنَجائِبٍ جَدَلَ الوَجيفُ مُتونَها / في البيدِ مِن نَسلِ الجَديلِ وَشَدقَمِ
جَنَبوا الجِيادَ إِلى المَطيِّ فَسَطَّروا / في البيدِ سَطراً مِن حُروفِ المُعجَمِ
فَتَرى بِها عَيناً بِوَطأَةِ حافِرٍ / وَتَرى بِها هاءً بِوَطأَةِ مَنسِمِ
أَمِنُوا بِطَلعَتِكَ الضَلالَ وَأَمَّمُوا / فَوقَ الأَسِرَّةِ مِنكَ خَيرَ مُؤَمَّمِ
وَمَضَوا وَقَد أَصدَرتَهُم عَن مَورِدٍ / جَمِّ الوُرودِ وَبَحرِ جُودٍ مُفعَمِ
قَد غَرَّمُوكَ وَغَنَّمُوكَ مَحامِداً / تَبقى فَفُزتَ بِمَغنَمٍ عَن مَغرَمِ
يا مَن إِذا وَقَفَ المُلوكُ بِبابِهِ / سَجَدوا وَخَرَّ مُتَوَّج لِمُعَمَّمِ
العِيدُ أَنتَ وَأَنتَ أَدوَمُ بَهجَةً / مِنهُ فَبُورِكَ مِنكُما في الأَدوَمِ
وَالعيدُ يُعدِمُ حُجَّةً وَبِواجِبٍ / أَن يُحمَدَ العِيدُ الَّذي لَم يُعدَمِ
فَاِسعَد بِهِ واسلَم لِحِفظِ مَعاقِلٍ / لَولا بَقاؤُكَ سالِماً لَم تَسلَمِ
طَرَقَت أُمامَةُ وَالعُيُونُ نِيامُ
طَرَقَت أُمامَةُ وَالعُيُونُ نِيامُ / كَلِفاً يُعَنَّفُ في الهَوى وَيُلامُ
لا حَمدَ إِلّا لِلرُقادِ فَإِنَّها / بَخِلَت وَما بَخِلَت بِها الأَحلامُ
زارَتكَ زُوراً في الظَلامِ فَلَيتَها / زارَتكَ صادِقَةَ المَزارِ أُمامُ
كَذبَت وَكِذبُ الغانِياتِ فَضِيلَةٌ / ووِصالُهُنَّ وَصِدقُهُنَّ حَرامُ
في لَيلَةٍ بَسَطَ القَوادِمَ نَسرُها / وَانباعَ تَحتَ ظَلامِها الضِرغامُ
طَيفٌ أَلَمَّ بِنا فَهاجَ صَبابَةً / بَينَ الجَوانِحِ ذَلِكَ الإِلمامُ
أَهلاً بِذَلِكُمُ الخَيال يَضُمُّهُ / بَعدَ الإِكامِ تَنائِفٌ وَإِكامُ
أَسرى وَمَنزِلُهُ العِراقُ وَمَنزِلي / حَلَبٌ بِحَيثُ الفَضلُ وَالإِنعامُ
في ظِلِّ وَضّاحِ الجَبينِ كَأَنَّه / قَمَرٌ عَلى طَرَفِ السَريرِ يمامُ
طالَت بِهِ مُضَرٌ وَعَزَّ بِسَيفِهِ / أَهلُ العَمُودِ وَأُيِّدَ الإِسلامُ
مِن صَفوَةِ العُربِ الَّذي فَخَرَت بِهِ ال / أَجدادُ وَالأَخوالُ وَالأَعمامُ
سَبَقَ المُلوكَ إِلى الثَناءِ فَلَم يَدَع / حَمداً وَلا عُلىً تُستَامُ
أَعطى وَأَلهَمَ بِالمَكارِمِ نَفسَهُ / إِنَّ المَكارِمَ لِلفَتى إِلهامُ
لَم أَنسَهُ عَزمَ المَسيرَ وَحَولَهُ / جَيشٌ يَسُدُّ الخافِقينِ لُهامُ
حَجَبَ الغَزالَةَ نُورُهُ وَتَشابَهَت / فيهِ البُروقُ وَوَجهُهُ البَسّامُ
مَلأَ الفِجاجَ بِهِ وَسارَ أَمامَهُ / مَلِكٌ عَلَيهِ مَهابَةٌ وَوَسامُ
فَغَمَ الفَلا طِيباً وَأَصبَحَ رِمثَها / وَكَأَنَّما هُوَ عَبهَرٌ وَبَشامُ
حَتّى إِذا نَزَلَ الرُصافَةَ شُيِّدَت / فيها قِبابٌ حَولَهُ وَخِيامُ
وَدَنا مِنَ البَيتِ الكَريمِ وَحَولَهُ / عَركٌ لِفُرسانِ الوَغى وَزِحام
وَالنُورُ قَد حَسَرَ الظَلامَ كَأَنَّما / عُدِمَ الظَلامُ فَما يُحَسُّ ظَلامُ
حَتّى لَهَمَّ بِأَن يَقُوم مُسَلِّما / مِن قَبرِهِ شوقا إِلَيكَ هِشام
فَاسلَم عَلى الأَيّامِ إِنَّكَ واحِدٌ / حَسُنَت بِحُسنِ حَديثِكَ الأَيّامُ
لا فارَقَت يَدُكَ العَطاءَ وَلا اِنقَضى / مِن خَيلِكَ الإِسراجُ وَالإِلجامُ
عُج بِالدِيارِ دَوارِسَ الأَعلامِ
عُج بِالدِيارِ دَوارِسَ الأَعلامِ / قَفراً وَحيِّ رُسومَها بِسَلامِ
مَن في الرُصافَةِ وَالأَحَصِّ وَسِربِهِ / وَالدَيرِ وَالزَرقاءِ وَالحَمامِ
وَمَلاعِبٍ بَينَ المَعانِ وَماسِحٍ / لَعِبَت بِهِنَّ حَوادِثُ الأَيّامِ
وَخَلَت مِنَ النَفَرِ الكِرامِ وَعُوِّضَت / مِن أَهلِها بِنَوافِرِ الآرامِ
سَقياً لَها مِن دِمنَةٍ وَلِأَهلِها / مِن مَعشَرٍ غُرِّ الوُجوهِ كِرامِ
حَلُّوا بِها زَمَناً فَأَغنَوا أَرضَها / بِنَداهُمُ عَن صَوبِ كُلِّ غَمامِ
وَتَنافَسُوا في المَكرُماتِ وَشَيَّدُوا / أَبياتَ عِزٍّ لِلفَخُورِ سَوامي
أَولادُ مِرداسٍ وَأَيَّةُ أُسرَةٍ / رامُوا مِنَ العَلياءِ كُلَّ مَرامِ
شمُّ الأُنوفِ كَريمَةٌ أَحسابُهُم / لا يَلبَسُونَ مَلابِسَ الآثامِ
يَتَعَطَّفُونَ عَلى المُجاوِرِ بَينَهَم / وَيَرَونَ كَسبَ الحَمدِ غَيرَ حَرامِ
يَتَوارَثُونَ مَكارِماً أَزَلِيَّةً / لَهُمُ عَن الأَخوالِ وَالأَعمامِ
صاحَبتُهُم فَصَحِبتُ أَكبَرَ مَعشَرٍ / وَسَأَلتُهُم فَسَأَلتُ غَيرَ لِئامِ
مِن كُلِّ فَيّاضِ اليَدَينِ كَأَنَّما / جادَت يَداهُ مَجادَ غَيثٍ هامِ
وَتَنائِفٍ كَاليَمِّ يَترُكُ نَصُنا / فِيهِنَّ أَخفافَ المَطِيِّ دَوامي
قَفرٍ كَأَنَّ الرَكبَ مِن سِنَةِ الكَرى / فِيها نَشاوى مِن كُؤُوسِ مُدامِ
يَتَأَمَّمُونَ مُعِزَّ دَولَةِ عامِرٍ / كَهفَ الطَريدِ وَطارِدَ الإِعدامِ
مَلِكاً رَأَيتُ يَمينَهُ وَجَبِينَهُ / فَرَأَيتُ بَحرَ نَدى وَبَدرَ تَمامِ
فاقَ الأَنامَ وَزَادَ جُودُ يَمينِهِ / عَن حاتِمِ الطائِيِّ وَابنِ أُمامِ
سَلهُ وَحاذِر مِن أَنامِلِ كَفِّهِ / غَرَقاً فَإِنَّ نَداهُ بَحرٌ طامي
يا بنَ الكِرامِ الصِيدِ غَيرَ مُدافَعٍ / فِيهِم عَنِ الإِجلالِ وَالإِعظامِ
كُنتُم لِقَومٍ نِعمَةً كَفَرُوكُمُ / فِيها فَقامُوا في أَذَلِّ مَقامِ
كَفَرَوا وَلَو شَكَروا لَدَامَت فِيهِمُ / لَكِنَّهُم ما مُتِّعُوا بِدَوامِ
وَبِفَضلِهِم رَكِبُوا الجِيادَ وَثَمَّرُوا / أَموالَ ماشِيَةٍ لَهُم وَسَوامُ
وَتَمَلَّكُوا الشامَ الأَغَرَّ وَصالِحٌ / أَجرى لَهُم يَنبُوعَ ذاكَ الشامِ
حَتّى إِذا دارَ الزَمانُ عَلَيكُمُ / وَأَراكُمُ اليَقَظاتِ كَالأَحلامِ
قَلَّ الصَديقُ لَكُمُ وَضاعَ جَميلَكُمُ / في الأَبعَدِينَ وَفي ذَوي الأَرحامِ
وَصَبَرتُمُ فَقَدِرتُمُ وَسُعِدتُمُ / فَرَدَدتُمُ الأَرواحَ في الأَجسامِ
وَمُلوكُ طَيٍّ زُحزِحُوا عَن مُلكِهِم / في البَدوِ وَاستَنَدُوا إِلى بَهرامِ
وَهُمُ المُلوكُ بَنُوُ المُلوكِ رَمَتهُمُ / عَن قَوسِها الدُنيا بِغَيرِ سِهامِ
ثَمَّ اِنثَنَوا فَبَنَوا بُيُوتَ مَكارِمِ / صَحُّوا بِها في المَجدِ بَعدَ سَقامِ
وَمُحَمَّدٌ حَمِدَ المُقامَ بِيَثرِبٍ / جاراً وَخَلّى كَعبَةَ الإِسلامِ
زَمَناً وَعادَ إِلى قُرَيشٍ عَودَةً / عَزت بِقُدرَةِ خالِقٍ عَلّامِ
وَأَبُو عَلّيٍ عُطِّلَت أَفراسُهُ / زَمَناً مِنَ الإِسراجِ وَالإِلجامِ
في ظَهرِ شاهِقَةٍ تَساوى عِندَهُ / في قَعرِها الإِصباحُ بِالأَضلامِ
حَتّى أَتاهُ النَصرُ يَخفِق سَعدُهُ / مِن تَحتِ ظِلِّ ذَوائِبِ الأَعلامِ
وَحَوى بِلادَ الشامِ غَصباً وَاِنثَنى / يَقتادُ كُلَّ مُعانِدٍ بِزِمامِ
لا تَيَأسَنَّ فَلَيسَ كُلُّ غَمامَةٍ / نَشَأَت مُمَتَّعَةً بِطُولِ دَوامِ
يا آلَ مِرداسٍ لَقَد أَعلَيتُمُ / ذِكرِي بِذِكرِكُم الرَفيعِ السامي
نَوَّلتُمُوني نائِلاً ما نالَهُ / لا البُحتُرِيُّ وَلا أَبُو تَمّامِ
فَلألبِسَنَّكُمُ بُرُودَ محاسِنٍ / أَبهى وَأَسنى مِن بُرُود رئام
وَلَأَشكُرَنَّكُمُ عَلى ما نِلتُهُ / مِن فَضلِكُم حَتّى يُحَمَّ حِمامي
لا تَكنِزُوا إِلّا كَلاماً صُغتُهُ / لَكُمُ فَلَيسَ الكَنزُ غَيرَ كَلامِي
يَبقى بَقاءَ النَيِّرَينِ مُخَلَّداً / لَكُمُ عَلى الأَحقابِ وَالأَعوامِ
لا زِلتُمُ غُرَرَ الزَمانِ وَبَهجَةَ / الدُنيا وَزَينَ مَجالِسِ الأَقوامِ
مالي وَلِلفُصَحاءِ لا تَتَكَلَّمُ
مالي وَلِلفُصَحاءِ لا تَتَكَلَّمُ / كَثُرَ الجُمانُ فَمالُه لا يُنظَمُ
قَد أَنطَقَتنا المُرهَفاتُ وَأَظهَرَت / ما كانَ يُخزَنُ في الصُدُورِ وَيُكتَمُ
أَينَ الَّذينَ تَفَوَّهَت شُعَراؤُهُم / بِالمَينِ وَافتَخَرُوا بِما لَم يَعلَمُوا
زَعَمُوا بِأَنا طَعمَةٌ لِسُيُوفِهِم / في كُلِّ أَرضٍ أَنجَدُوا أَو أَتهَمُوا
إِن يَصدُقُوا فَسُيُوفُ مَن تَرَكتُهُمُ / صَرعى تَهُزُّهُمُ النُسُورُ الحُوَّمُ
بِخَرابِ حِمصٍ وَالجِبابُ خَبِيثَةٌ / مِنهُم كَأَنَّ مِياهَهُنَّ العَندَمُ
لا يَنجَحَنَّ الدِزبِريُّ بِما جَرى / قِدِماً فَقَد وَضَحَ الطَريقُ الأَقوَمُ
هَل فَخرُهُ إِلّا بِمَوتِ سَمادِعٍ / أَنِفُوا وَقَد عَرَفُوا الرَدى أَن يُحجِمُوا
لَم يَلقَهُم في مَعرَكٍ وَلَو التَقَوا / لَعَرَفت أَيُّهُمُ أَشَدُّ وَأَكرَمُ
ماتُوا بِغَيرِ حُسامِهِ وَحُسامُهُ / ما سالَ فَوقَ شِفارِهِ مِنهُم دَمُ
بَل كانَ يَنظُرُ مِن بَعيدٍ وَالظُبى / تَفري الجَماجِمَ وَالقَنا يَتَحَطَّمُ
لا يَفخَرُ الرَجُلُ الَّذي نَظَرَ الوَغا / بَل يَفخَرُ البَطَلُ الَّذي يَتَقَحَّمُ
شَتّانَ بَينَ الدِزبرِيِّ وَبَينَ مَن / نَصَحَ الإِمامَ نَصيحَةً لا تَسقَمُ
هَذا يَعُقُّ وَقَد أَطاعَ وَذا عَصى / مِن بَعدِ أَن أَضحى يُعَزُّ وَيُكرَمُ
عَمرِي لَقَد صَدَقَ الَّذي هُوَ قائِلٌ / فِينا وَفيهِ مَقالَةً لا تُخرَمُ
أَفعالُ مَن تَلِدُ الكِرامُ كَريمَةٌ / وَفَعالُ مَن تَلِدُ الأَعاجِمُ أَعجَمُ
عَدَّدتُمُ أَيّامَكُم وَعَلَيكُم / فيها النَقِيصَةُ لا عَلَينا فاعلَمُوا
يَومَ الأُبَيَّضِ كانَ جُلُّ نِهابَكُم / ما كانَ يُسقاهُ الرِجالُ وَيُطعَمُ
وَنِهابُنا مِنكُم مَعاقِلُ حَظّكُم / مِنها المُثَقَّف وَالحُسامُ المِخذَمُ
أَمّا العَواصِمُ وَالثُغورُ فَلَم تَزَل / تُحمى بِنا دُونَ المُلوكِ وَتُعصَمُ
لَولا صَوارِمُنا لَكانَت تُبَّلٌ / دَهَمَتكُمُ بِأَشَدِّ خَطب يدهمُ
وَلَسَحَّ مِنها عارِضٌ يَطمُو بِهِ / مِمّا وَراءَ السَدِّ بَحرٌ خِضرِمُ
لَكِن تَجَشَّمنا العَظيمَ بِأَنفَسٍ / عَظُمَت فَسُدَّ بِها المُلِمُّ الأَعظَمُ
عَنكُم وَعَن أَهلِ البِلادِ وَأَنتُمُ / أَدرى بِما دَفَعَ الإِلهُ وَأعلَمُ
فَعَلامَ تُصبَحُ كُلَّ يَومٍ أَرضُنا / تُغزى وَتُصبِحُ بِالعَداوَةِ تُلزَمُ
أَفَما عَلِمتُم أَن دُونَ حَرِيمِنا / قُضُباً تُشامُ وَمُقرَباتٍ تُلجَمُ
وَفَوارِساً سُودَ الجُلُودِ لِطُولِ ما / يَصدا عَلَيها السابِريُّ المُحكَمُ
بِأَكُفِّهِم بِيضٌ تَطِنُّ شِفارُها / حَتّى كَأَنَّ شِفارَها تَتَكَلَّمُ
يَومَ المَشاهِدِ وَالقَنا مُتَضايِقٌ / ما بَينَهُ وَالرِيحُ خُرقٌ تَنسِمُ
وَحُماتُكُم أَسرى تُقادُ وَمِنهُمُ / شَرقٌ بِما شَرِقَ السِنانُ اللَهذَمُ
قَد كانَ في العامِ المُقُدَّمِ عِبرَةٌ / لَكمُ وَعلِمٌ لِامرِئٍ يَتَعَلَّمُ
لَم تَنزِلُوا حِمصاً وَلَم تَتَأَمَّلُوا / قِمَماً تُداسُ بِها وَدُوراً تُهدَمُ
وَعَظَتكُم تِلكَ المَصارِعُ حَولَها / لَو أَنَّ مَن سَمِعَ المَواعِظَ يَفهَمُ
وَعَلى كَفَر طابَ بِمَصرَعِ جَعفَرٍ / حِرتُم فَكَيفَ جَسَرتُمُ أَن تُقدِمُوا
لا يَنفَعُ الرَجُلَ الَّذي هُوَ حازِمٌ / يَوماً إِذا نَزَلَ القَضاءُ المُبرَمُ
هَجَم الخَصِيُّ بِكُم عَرِينَ ضَراغِمٍ / خَطَرُ الهُجُومِ عَلى الَّذي يَتَهَجَّمُ
وَكَأَنَّما كُنتُم وَكانَ فَرِيسَةً / فَرَّت فَأَدرَكَها الهِزَبرُ الضَيغَمُ
مَرَةٌ مُخَدَّرَةً تَسِيرُ وَحَولَها / لَجِبٌ يَسُدُّ الخافِقَينِ عَرَمرَمُ
حَكَمَت عُقُولُ ذَوي العُقولِ بِأَنَّهُم / لا يَسلَمُونَ وَأَنَّها لا تَسلَمُ
يا رِفقُ رِفقاً رُبَّ فَحلٍ غَرَّةُ / ذا المَشرَبُ الأَهنى وَهَذا المَطعَمُ
حَلَبٌ هِيَ الدُنيا تُحَبُّ وَطَعمُها / طَعمانِ حُلوٌ في المَذاقِ وَعَلقَمُ
قَد رامَها صَيدُ المُلوكِ وَعاوَدُوا / عَنها وَما غَنِمُوا وَلَكِن غُنِّموا
شُرِيت بِنَصرٍ وَالحُلا حِلِ صالِحٍ / فِيمَن يُباعُ لِسائِمٍ يَتَسَوَّمُ
ما أَنتَ أَهلاً أَن تَكونَ لِسَنبَرٍ / كُفؤاً وَلا مَلِكُ الزُنُوجِ الأَعظُمُ
لَكِن إِذا حَضَرَ الفِداءُ فَإِنَّما / تُفدى بِما يُفدى الغَرابُ الأَسحَمُ
رُمتَ الصُعُودَ فَقَد صَعِدتَ مُعَمَّماً / بالسَيفِ أَحسَنَ عِمَّةٍ تَتَعَمَّمُ
وَجَلَستَ ما بَينَ المُلوكِ مُكَرَّماً / تُرعى كَما يُرعى الصَديقُ وَتُخدَمُ
وَثَوَيتَ لا خَيراً حَويتَ وَلا نَوى / ما قَد نَوَيتَ لَنا الإِمامُ الأَكرَمُ
يابانياً بِالمَشرَفِيَّةِ وَالقَنا / بَيتاً مِنَ العَلياءِ لا يَتَهَدَّمُ
إِن فُزتَ بِالشرَفِ الَّذي لا آخِرٌ / في الدَهرِ فازَ بِهِ وَلا مُتَقَدِّمُ
فَلِأَجلِ أَنَّكَ ما حَيِيتَ وَإِنَّما / يُخشى عَلَيكَ مَدى الزَمانِ وَيُحكَمُ
خُلُقاً كَأَندِيَةِ الغَمامِ وَهِمَّةً / مِثلَ الحُسامِ وَعَزمَةً لا تَكهَمُ
لا زِلتَ مُخضَرَّ الجَنابِ مُؤَيّداً / بِالنَصرِ ترزُقُ مَن تَشاءُ وَتَحرِمُ
يَهنِي إِمامَ الفَضلِ فَضلُ إِمامِهِ
يَهنِي إِمامَ الفَضلِ فَضلُ إِمامِهِ / وَسِجِلُّهُ بِعِراقِهِ وَبِشامِهِ
إِنَّ الَّذي قَد فاضَ مِن غُفرانِهِ / أَضعافُ ما قَد فاضَ مِن إِنعامِهِ
خَيرٌ لَهُ مِن رِفدِهِ وَعَطائِهِ / إِخلاصُ نِيَّتِهِ وَعَقدُ ذِمامِهِ
لا شَيءَ أَنفَعُ مِن تَعَطُّفِ قَلبِهِ / وَرُجُوعِهِ عَن عَتبِهِ وَمَلامِهِ
يا فَخرَ مُلكِ بَني الفَواطِمِ وَالَّذي / أَولاهُمُ في المَهدِ قَبلَ فِطامِهِ
لا يَبعُدَنَّ مُرسَلٌ أَرسَلتَهُ / فَأَتى يَقُودُ لَكَ الغِنى بِزِمامِهِ
ما كانَ مِن طَلَبَ النجاحَ تَبَجُّجاً / في قَولِهِ وَفَعالِهِ وَمَرامِهِ
إِنَّ الَّذي يَرمي السِهامَ نَوافِذاً / يَرمي وَلَيسَ تُصِيبُ كُلُّ سِهامِهِ
مُستَوجِبٌ ساعٍ يَزيدُكَ سَعيُهُ / نَفعاً إِذا ما زِدتَ في إكرامِهِ
وَمِنَ الرِجالِ ذَوِي المَحَبَّةِ ساهِرٌ / يُلهِيهِ مَدحُكَ عَن لَذيذِ مَنامِهِ
لَو ماتَ وَانكَشَفَ الثَرى عَن رَمسِهِ / لَوَجَدتَ حُبَّكَ في رَميمِ عِظامِهِ
أَولَيتَهُ الحَسَنَ الجَميلَ فَشُكرُهُ / لَكَ واجِبٌ كَصَلاتِهِ وَصِيامِهِ
يُثني بِفَضلِكَ ما اِستَطاعَ وَمالَهُ / شَيءٌ يُساعِدُهُ سِوى أَقلامِهِ
سِر حَيثُ شِئتَ مِنَ البِلادِ تَجد بِها / لَكَ عِقدَ حَمدٍ مِن غَريبِ نِظامِهِ
أَذكى نَسيماً في الفَلا مِن رَندِهِ / وَعَرارِهِ وَبَهارِهِ وَبَشامِهِ
إِنَّ البِلادَ إِذا أَرادَ مُلُوكُها / عِطراً يَدُومُ تَعَطَّرُوا بِكَلامِهِ
وَعَلى سَريرِ المُلكِ أَروَعُ ماجِدٌ / تُغَضي لَهُ الأَبصارُ مِن إِعظامِهِ
أَلشُّهبُ ما زادَت عَلى أَوصافِهِ / وَالأُسدُ ما قَدِرَت عَلى إِقدامِهِ
لَو أَنَّ هَمّاماً رَآهُ لَصَدَّهُ / عَن بِشرِهِ وَوَليدِهِ وَهِشامِهِ
أَو كانَ في زَمَن ابنِ أَوسٍ ما سَما / بِفَعالِ حاتِمِهِ وَلا ابنِ أُمامِهِ
كَرَماً مَحا ذِكرَ الكِرامِ فَلَم يَدَع / في كُلِّ عَصرٍ قِيمَةً لِكِرامِهِ
أَوفى عَلى لُقمانِهِ وَعَلا عَلى / نُعمانِهِ وَسَطا عَلى بِسطامِهِ
وَهُمُ المُلوكُ الضارِبُونَ مِنَ العُلى / بِأَكُفِّهِم في غَرزِهِ وَسَنامِهِ
أُنظُر إِلَيهِ تَرَ الضِياءَ مُشَعشِعاً / في دَستِهِ مِن حُسنِهِ وَوَسامِهِ
لَبِسَ العِمامَةَ لا يُشَكُّ بِأَنَّها / تاجٌ عَلى كِسراهُ أَو بِهرامِهِ
زَحَمَ السَماءَ بِها فَوَدَّ هِلالُها / لَو كانَ مَوضِعَ طَوقِهِ وَلِثامِهِ
طَوقٌ عَلى عُنُقِ السِماكِ يُقِلُّهُ / جَبَلٌ يَرى الأَجبالَ مِن آطامِهِ
هُوَ هالَةٌ كَالبَدرِ بَدرِ عَشِيرَةٍ / أَمِنُوا غَياهِبَ ظُلمِهِ وَظَلامِهِ
صاغُوهُ مِن سامِ النُضارِ لِماجِدٍ / كَفّاهُ حَربٌ مُنذُ كانَ لِسامِهِ
وَالدُرُّ مُشتَبِكٌ عَلَيهِ كَأَنَّهُ / حَبَبٌ طَفا مِن فَوقِ كاسِ مُدامِهِ
كَم في الرِقابِ مِنَ الصَنائِعِ مِثلُهُ / لِأَغَرَّ يَبني عزَّهُ بِحُسامِهِ
وَتَقَلَّدَ الصَمصامَ أَروَعُ سَعدُهُ / يُغنِيهِ في الهَيجاءِ عَن صَمصامِهِ
وَهَفَت عَلَيهِ عَلامَةٌ مَعقُودَةٌ / بِالعِزِّ وَالتَأييدِ مِن عَلّامِهِ
كَالرَوضَةِ الغَنّاءِ إِن نُشِرَت وَإِن / طُوِيَت فَمِثلُ النَورِ في أَكمامِهِ
بَيضاءُ مِن صافي اللُجَينِ كَأَنَّها / عِرضُ الأَميرِ مُنَزَّهاً عَن ذامِهِ
وَتَهادَتِ النُجُبُ الضِخامُ تَهادِياً / بِفِنائِهِ مِن خَلفِهِ وَأَمامِهِ
وَرَأَيتُ سَبعَةَ أَنجُمٍ في وَسطِها / بَدرٌ يَفُوقُ البَدرَ عِندَ تَمامِهِ
لَمَعَ الطَميمُ عَلَيهِمُ فَكَأَنَّهُ / خَمرٌ يُحَسَّرُ عَنهُ ثَوبُ قَتامِهِ
مُتَوَقِّداً لَولا سَحابُ أَكُفِّهِم / يُطفيهِ لالتَهَبُوا بِلَفحِ ضِرامِهِ
سَجَدُوا لأَعلامِ الإِمامِ وَإِنَّما / سَجَدُوا لِما كَتَبُوا عَلى أَعلامِهِ
يَومٌ أَغَرُّ وَنِعمَةٌ مَشكُورَةٌ / عَضَّ الحَسُودُ بِها عَلى إِبهامِهِ
لا يَعدَمُوهُ بَنُو أَبِيهِ فَإِنَّهُم / في نِعمَةٍ وَدَوامُها بَدَوامِهِ
لَولا الفَخارُ بِما أَتاهُ لَخِلتُها / تُحَفاً تَقِلُّ لِعَبدِهِ وَغُلامِهِ
لَكِنَّها تُحَفُ الإِمامِ وَبَعضُها / كافٍ وَلَو لَم يَأتِ غَيرُ سَلامِهِ
أَليَومَ عَزَّ المُسلِمونَ وَنَكَّبَت / أَعداءُ هَذا الغِيلِ عَن ضِرغامِهِ
وَأَظَنُّ مَلكَ الرُومِ لَيسَ يَرى لَهُ / حِصناً يُحَصِّنُهُ سِوى إِسلامِهِ
يا مَن يَجُودُ عَلى الوُفُودِ بِمالِهِ / جُودَ السَحابِ عَلى الرُبى بِرهامِهِ
تَمِّم جَميلَكَ بِاستاعِ غَرائِبي / إِنَّ الجَميلَ جَمالُهُ بِتَمامِهِ
وَانهَ الحَوادِثَ أَن تُلِمَّ بِساحَتي / فَالنَبتُ لا يَسقِيهِ مِثلُ غَمامِهِ
يا سامِعَ الأَصواتِ بقِّ عَدُوَّهُ / في هَذهِ الدُنيا بَقاءَ سَوامِهِ
وَأَمِت بِلُطفِكَ ضِدَّهُ وَحَسُودَهُ / يا رَبِّ مَوتَ البُخلِ في أَيّامِه
وَاحرُسهُ لَلإِسلامِ في يَقظاتِهِ / وَمَنامِهِ وَمَسيرِهِ وَمَقامِهِ
مُتَمَتِّعاً طُولَ الحَياةِ بِيَومِهِ / وَبَأمسِهِ وَبِشَهرِهِ وَبِعامِهِ
ظَهَرَ الهُدى وَتَجَمَّلَ الإِسلامُ
ظَهَرَ الهُدى وَتَجَمَّلَ الإِسلامُ / وَابنُ الرَسولِ خَلِيفَةٌ وَإِمامُ
مُستَنصِرٌ بِاللَهِ لَيسَ يَفُوتُهُ / طَلَبٌ وَلا يَعتاصُ عَنهُ مَرامُ
حاطَ البِلادَ وَباتَ تَسهَرُ عَينُهُ / وَعُيونُ سُكّانِ البِلادِ نِيامُ
قَصرُ الإِمامِ أَبِي تَمِيمٍ كَعبَةٌ / وَيَمِينُهُ رُكنٌ لَها وَمَقامُ
لَولا بَنُو الزَهراءِ ما عُرِفَ التُقى / فِينا وَلا تَبِعَ الهُدى الأَقوامُ
يا آلَ أَحمَدَ ثُبِّتَت أَقدامُكُم / وَتَزَلزَلَت بِعِداكُم الأَقدامُ
لَستُم وَغَيرُكُم سَواءً أَنتُمُ / لِلدِّينِ أَرواحٌ وَهُم أَجسامُ
يا آلَ طَهَ حُبُّكُم وَوَلاؤُكُم / فَرضٌ وَإِن عَذَلَ الوُشاةُ وَلامُوا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025