أبلغ أبا العيناء أنْ لاقيته
أبلغ أبا العيناء أنْ لاقيته / قولاً يكون لدائهِ حسما
نبئت أنك في المغيب تسبني / وإذا التقينا كنت لي سلما
فتروم هجري جاهداً ونقيصتي / سفهاً أراه بادياً حلما
لا تغتنم لحمي فليس بأكلة / واعلم بأنك واجدٌ لحما
إني أُعيذك أن تكون رميّةً / لسهام رامِ إن رمى أصمى
أتكون في القومِ الذين تأخَّروا / عن حظهم أم في الذين تقدّموا
لا تقعدنَّ تلوم نفسك حين لا / يجدي عليك تلوُّمٌ وتندُّمُ
أضحتْ قفاراً سرَّ من راما بها / إلا لمنقطع به متلوّمُ
تبكي بظاهر وحشةٍ وكأنها / إن لم تكن تبكي بعينٍ تَسجُمُ
كانت تظلّم كلَّ أرض مرَّة / منهم فصارت بعدهن تظلم
رحل الإمام فأصبحت وكأنها / عرصات مكة حين يمضي الموسم
وكأنما تلك الشوارعُ بعض ما / أجلت أيادُ من البلاد وجُرهم
كانت معاداًُ للعيون فأصبحت / عظةً ومعتبراً لمن يتوسم
كأنَّ مسجدها المشيدَ بناؤه / ربعٌ أحال ومنزلٌ مترسّم
وإذا مررتَ بسوقها لم تُثنَ عن / سَنَنِ الطريق ولم تجد من يزحم
وترى الذَّراري والنساءَ كأنهم / خلفٌ أقام وغاب عنه القيِّم
فارحل إلى الأرض التي يحتلّها / خير البريّة أنَّ ذاك الأحزم
وانزل مجاوره بأكرم منزل / وتيمّمَ الأرضَ التي يتيمم
أرض تسالم صيفُهما وشتاؤها / وألذَّ برد نسيهما المتنسم
وصفت مشاربها وراق هواؤها / والتذَّ برد نسيمها المتنسم
سهلية جبلية لا تحتوي / حرَّاً ولا قرّاً ولا تستوخم