المجموع : 3
دمعٌ جَرَى فأخجلَ الغماما
دمعٌ جَرَى فأخجلَ الغماما / سَقَّى الديارَ قطرُهُ انسجاما
مدامعٌ تُخبركُمْ عن لوعةٍ / قد قعدَ القلبُ لها وقاما
أذلتُها من بعدِ صوني برهةً / لها فأثبتُّ بها الغراما
وكنتُ مِن قبلِ ولُوعي بالهَوَى / أرى انبجاسَ مائها حراما
يا جيرةً أصبحَ صبحُ عيشتي / مِن بعدِ ما ترحَّلوا ظلاما
عهدي بأوطانِكُمُ آهلةً / تكْنُفُ مِن سكانِها أراما
مِن كلَّ هيفاءَ يُعيرُ قدُّها ال / غصنَ إذا ما خطرتْ قواما
بهنانةٌ ممكورةٌ خَمصانَةٌ / قد جرَّدتْ مِن لحظِها حُساما
كأنَّني كنتُ أرى وِصالَها / زمانَ جادَتْ لي بهِ مناما
والعيشُ لا تصحَبُهُ لذاذةٌ / اِلاّ إذا ما أشبَهَ الأحلاما
ما مزنةٌ أرخَتْ غزيرَ وبلِها / فروَّتِ الوهادَ والآكاما
جرَّتْ على وجهِ الثرى ذيولَها / كأنَّها تُشافِهُ الرَّغاما
عادتْ بهِ الأوشالُ في لصوبِها / مترعةً مِن دمعِها جِماما
مثلَ دموعي يومَ قيلَ ثَوَّروا / عيسَهُمُ وقوَّضوا الخِياما
باللهِ يا ريحَ الجَنُوبِ بلَّغي / عنّي إلى أحبابيَ السلاما
وعَرَّفيهمْ أنَّني في دارِهمْ / أَعلَّمُ النوحَ بها الحماما
منازلٌ أرعى ذِمامَ أهِلها / اِنَّ الكريمَ يحفظُ الذماما
أصبحَ صبري ناقصاً ولوعتي / يزدادُ وَقْدُ حرَّها ضِراما
برقٌ تألَّق مِن تِهامَه
برقٌ تألَّق مِن تِهامَه / صَدَعَ القلوبَ المُستهامَهْ
تصبو اليه إذا بدا / يهتزُّ في ذيلِ الغمامَهْ
يبدو ويخبو تارةً / كالسيفِ أغمدَهُ وشامَه
بَكَرَ العذولُ يلومُ / صَبّاً ليس تثنيه الملامَه
ما للمحبِّ وللملامِ / لقد نضا عنه لِثامَه
مِن أين يسمعُه عزيم / هوًى أطال بهِ غرامَه
يهوَى لُمَى ظبي الصريمِ / فهل يَرى يوماً لمامَه
مازالَ يسألُ أو يرومُ / عن النقا أو ريمِ رامَه
ألهتْهُ حمرَةٌ ريقِهِ / في الحبِّ عن شربِ المُدامَه
عَطِرٌ تأرَّجَ عَرْفُه / كالمِسكِ تَسلُبهُ خِتامَه
ملَكَ الغرامُ عِنانَه / واقتادَ للبلوى زِمامَه
وأذلَّهُ مِن بعدِ عِزّ / كانَ لا يخشى انفصامَه
فأضاعَهُ مَنْ كانَ / يأمُلُ أنَّه يرعى ذِمامَه
والحبُّ ما منعَ البليغ / على بلاغتِهِ كلامَه
يلقى الحبيبَ فما يُطيقُ / إليه أن يشكو اهتِضامَه
ما أومضَ البرقُ اللموعُ / على رُبا نجدٍ فشامَهْ
اِلاّ وذكَّرَهُ مِنَ / المحبوبِ في الليلِ ابتسامَه
ما زارهَ كالبدرِ تجلو / منه غرَّتُه ظلامَه
اِلاّ وحيّاهُ محيّاهُ / بما روّى اُوامَه
يا راكباً يفلي الفلا / مِن فوقٍ أعيسَ كالنعامَه
ذرعَ القفازٌ وقد أطار / الاْينُ في المرمى لُغامَه
كالسهمِ في الخرقِ القصيِّ / يكادُ أن يشأى سَمامَه
مِن فوقهِ كَلِفٌُ يحنُّ / إذا تغرَّدتِ الحمامَه
ما غرَّدتْ إلا وعاودَ / مِن تذكُّرِه هُيامَه
باللهِ أن جئتَ الحِمى / ورأيتَ عن بعدٍ خيامَه
بلِّغْ أُغيلمَةً بهنَّ / إذا مررتَ بها سلامَه
عن مغرمٍ دَنِفٍ بَرَى / تَذكارُ قربهمُ عظامَه
ماهبَّ مِن روضِ الحمى / اِلاّ وأذكرنَي بَشامَه
يسري بريحِ ثُمامهِ / سقَّى حيا جفني ثُمامَه
هل بعد ذا كَلَفٌ بكم وغرامُ
هل بعد ذا كَلَفٌ بكم وغرامُ / جسدٌ يذوبُ وعَبرةٌ وسَقامُ
وحمامةٍ تدعو الهديلَ وطالما / جلبَ الحنينَ حمامةٌ وحمامُ
هتفتْ وكم شاقتكَ فوقَ غصونِها / وُرْقٌ تَجاوَبُ والعيونُ نيامُ
فسهِرتُ مِن دونِ الرفاقِ لنوحِها / ولبارقٍ بالرقمتينِ يُشامُ
أمسى يلوحُ / ولي فؤادٌ خافقٌ
بوميضِه دونَ القلوبِ يُضامُ /
رحلَ الأحبَّةُ عن زرودَ وخلَّفوا / مضنًى تكنَّفَهُ أسًى وهُيامُ
ومتى خلا ربعُ الهوى مِن أهلِه / فكرى الجفونِ على الجفونِ حرامُ
واِذا قضى بالبينِ بعدَ دنوَّهم / عبثُ النوى فعلى الحياةِ سَلامُ
جنفَ العواذلُ في الملامِ وما ارعوى / وجدي وقد عَنَفوا عليه ولاموا
مَنْ مبلغٌ جيراننا بِطُوَيلِعٍ / أنّي سَهِرتُ مِنَ الغرامِ وناموا
قومٌ إذا ذُكِروا طربتُ صبابةً / فكأنَّما دارتْ عليَّ مدامُ
بانوا وقد كانوا عليَّ أعزَّةً / وهمُ واِن بانوا عليَّ كرامُ
أهوى رجوعَ الراحلينَ وطالما / كَذَبَتْ أمانيٌّ وعَزَّ مَرامُ
هيهاتَ أين رجوعُ أيامِ الحمى / ذهبتْ فدمعي اِثرهنَّ سِجامُ
أم كيف تُرجى للأحبَّةِ عودَةٌ / ويَلَمْلَمٌ مِن دونهم وثِمامُ
طلبُ الحبائبِ ضلَّةٌ مِن بعدِما / قعدَ العواذلُ حولهنَّ وقاموا
هُجِرَ المحبُّ تجنباً وأُضيعُ في / شرعِ الهوى عهدٌ له وذمامُ
فكأنَّما أيامُه بالمنحنى / كانتْ لطيبِ العيشِ وهي منامُ
فسقتْ صوادي الربعِ ديمةُ جفنِه / سَحّاً إذا ما ضَنَّ فيه غمامُ
ربعٌ أسائلهُ وفي قلبي له / مِنْ مؤلمِ الشكوى اليه ضِرامُ
عن جيرةٍ ظعنوا وأوحشَ منهمُ / نادي السرورِ في الفؤاد اقاموا
كانتْ ليالي القربِ أعياداً بهمْ / تُزهى وكان الدهرُ وهو غلامُ
واليومَ أخفقتِ المطامعُ بعدما / ساروا وأمسى البينُ وهو لِزامُ
جيرانَنا مَنْ باتَ مشغوفاً بكمْ / ونأيتمُ عنه فكيف ينامُ
ميعادُ شوقي أن تَهُبَّ مِنَ الحمى / نفسُ الصَّبا أو أن تلوحَ خيامُ
ونجائبٍ ترمي الفِجاجَ ضوامرٍ / هنَّ القِسيُّ وركبهُنَّ سهامُ
طلبتْ ربوعَ الظاعنينَ يحثُّها / سَبَبا غرامٍ جِنَّةٌ وعُرامُ
وتجنَّبتْ زَهْرَ الجميمِ إلى الحمى / ومواردَ الوادي وهنَّ حُمامُ
تسننُّ بينَ دَهاسِهِ فكأنَّها / في المَرْتِ تسخرُ بالرَّياحِ نَعامُ
مِن كلَّ جائلةِ الوضينِ كانَّها / مما عراها في الزَمامِ زِمامُ
أو مُصعَبٍ لم يثنِ مارنَ أنفِه / في البيدِ مِن قَلَقِ النشاطِ خِطامُ
يسري ولا لأخِي الغرامِ ولا له / في منزلٍ بعدَ الخليطِ مُقامُ
واِذا تغيَّرَ مَنْ حَفِظْتَ ودادَهُ / وغدتْ حبالُ العهدِ وهي رِمامُ
فدعِ الملامةَ لا تلُمْهُ فقلَّما يجدي / وقد نقضَ العهودَ مَلامُ
ولشرُّ أربابِ المواثقِ حُوَّلٌ / فيها يؤنَّبُ تارةً ويُلامُ
ومتى تفاخرَ بالنظيمِ عصابةٌ / نبغوا فاِنَّي للجميعِ اِمامُ
ختموا بأشعاري وكان ختامهم / مسكاً ويضحي المسك وهو ختام