رَسْمٌ عليَّ لذلك الرَّسم
رَسْمٌ عليَّ لذلك الرَّسم / أَنِّي أُقاسمُهُ ضَنَى الجسمِ
دارٌ على حَرْبِ الزَّمانِ لنا / جَنَحَتْ بها سَلْمَى إلى سَلمي
ما للهوى أَباً يُلازِمُني / فيها فهل كُتِبَ الهوى باسمي
يا صاحِ تعذِلُني على شَعَفٍ / ما زالَ يَعْذرُني له خَصْمي
إنّي رَضَعْتُ لبانَ حُبِّهمُ / ويعزُّ عنه وإنْ جَفَوا فَطْمي
كَلْمٌ فِراقُهُم ولومُكَ لي / في حُبِّهم كَلْمٌ على كَلْمِ
بَخِلوا عليَّ بوَصْلِ طيفهمُ / ما كان بُخْلُ الطَّيفِ في زَعْمي
أَنّى يَطيبُ ويستطيبُ كرىً / قَلْبٌ يَهيمُ وناظرٌ يَهْمي
أَو ما سِوَى هَجْري عِقَابهُمُ / أَم ليس غَيْرَ هواهمُ جُرْمي
أَمّا الغرامُ فأَدمعي أَبداً / يُعرِبْنَ عنه بأَلسنٍ عُجْمِ
والقلبُ مَسْكنُهمْ فكيف رَضُوا / أَنْ يجعلوه مسكنَ الهَمِّ
والسُّقمُ في جسمِ المحبِّ فلمْ / وُصفَتْ عيونُ البيضِ بالسَّقَمِ
أُدْمٌ سَفَكْنَ دمي بأَعينها / يا لَلْرِجالِ من الدُّمى الأُدْمِ
بيْضُ الظُّبَى تَنْبو وترشقنا / بيْضُ الظِّباءِ بأَعينٍ تُدْمي
ما كنتُ أَعلمُ قبلَ رؤيتها / أَنَّ النّواظر أَسْهمٌ تُصْمي
أَقمارُ خَمْرٍ إنْ سَفرنَ لنا / وإن انتقبنَ أَهلّةُ اللّثْمِ
يَضْعُفنَ عن حملِ الإزارِ فلم / يحملنَ أَوزاراً منَ الإثم
لظباءِ كاظمةٍ مقابلتي / غيظي من الرُّقباءِ بالكظم
وأَغنَّ بالكَشْحِ الهضيمِ له / يا كاشحي أًغناكَ عن هَضْمي
أَحمي بجُهْدي في الهَوَى جلدِي / واللّحظُ منه يُبِيحُ ما أَحْمي
مَنْ مُنْصفي مِنْ جَورِ حاجبهِ / ولحاظُهُ عن قوسهِ تَرْمي
وَحَلا ومرَّ وتجنِّياً وجنىً / يا شهدَهُ لِمْ شِيْبَ بالسُّمِّ
الخمرُ رِيْقتُهُ وقد عَذُبَتْ / ما كلُّ خمرٍ مُزَّةُ الطَّعْمِ
وإذا شَفَتْ شَفَةٌ غليلَ صَدٍ / فالظُّلمُ صدُّكهُ عن الظَّلْمِ
أَقَنعْتَ من بَرْقِ الحِمَى سَحَراً / ونسيمهِ بالشّيمِ والشمِّ
ورضيتَ من نُعمٍ وإنْ مَطَلَتْ / بنَعَمْ ونُعمى تلكَ من نعمِ
وَبَلغْتَ من عظمِ الشُّكاة مَدىً / فيه المُى بَلَغَتْ إلى العَظْمِ
فإلامَ تشكو الظُّلْمَ من زَمَنٍ / يتهضّمُ الأَحرارَ بالظُّلمِ
تأْتي نوائبُهُ مُنبِّهةً / وتمرُّ كالمرئيِّ في الحلمِ
لا تَخْفضِ اسمَكَ وارتفعْ حذراً / فعْلاً تصرِّفُهُ يَدُ الحزمِ
سُمْ نَفْسَكَ العلياءَ واسمُ بها / في بغيةِ الدُّنيا عن الوسمِ
حَتى مَتى تَظْما إلى ثمدٍ / أَيقنْتَ أَنَّ ورودَهُ يُظْمي
فَدَعِ التيمُّمَ بالصّعيدِ ففي / كَنَفِ الإمامِ شريعةُ اليمِّ
مَلِكٌ ليالي النائباتِ بهِ / تُجلَى وتخضب أَزمنُ الأَزمِ
وَرأى الوَرَى الوجدانَ من عدمٍ / في عصرهِ والوَجْدَ منْ عُدْمِ
أوصافُهُ بالوحي نعرفُها / فصفاتُهُ جلّتْ عن الوَهْمِ
تَسْمو بلثمِ تُرابِ موكبهِ / فلقد سَمَتْ يَدُهُ عن اللّثمِ
ما كنتَ تبصرُ نَفْعَ موكبهِ / لولا تواضُعُه من العظم
النّجمُ منزلُهُ ومنزلُه / للوحي منزلُ سورة النَّجمِ
مِنْ مَعْشَرٍ آساسُ ملكهمُ / صينْنَتْ قواعدُهُا عن الهَدْمِ
مِن كلِّ سامي الأصلِ سامِقِهِ / زاكي الخليقةِ طاهرِ الجذمِ
شمُ المعاطسِ عزُّهُمْ أَبداً / قمنٌ بذلِّ معاطسِ الشّمِّ
المنهبونَ الوفدَ وفرهمُ / والمشترونَ الشُّكرَ بالشُّكمِ
قَومٌ يرونَ إذا هُمُ اجتمعوا / تفريقَ ما غَنِمُوا من الغنمِ
خَفُّوا إلى فعلِ الجميلِ فما / يستثقلونَ تَحمُّلَ الغُرمِ
حُمْرُ النِّصالِ جَلوا ببيضهمُ / ظلماتِ ظُلْمِ الأَزمُنِ الدُّهمِ
وخطابُهمْ في كل داهيةٍ / يَقْتادُ أَنفَ الخطبِ بالخُطمِ
إرثُ النُّبوَّةِ بل خلافتُها / في يوسفَ المستنجدِ القَرْمِ
كالبدرِ نوراً والهزَبْرِ سطاً / يومَ الهِياجِن وليلةَ التمِّ
لا بالجَهَام ولا الكَهَام إذا / نُوَبُ الزَّمانِ عَرَتْ ولا الجهم
لو للسيوفِ مَضاءُ عَزْمتهِ / ويراعِهِ أَمنتْ مِنَ الثَّلمِ
وإذا المُنى عَقُمْتَ فنائِلُهُ / شافي العقامِ وناتجُ العُقمِ
الدِّينُ مرتبطٌ بدولتهِ / والدَّهرُ تابعُ أَمرهِ الحزمِ
لوليهِ من فَيْضِ نائله / فَيْضُ الوليِّ ونائلُ الوسمي
قسماً نصيبُ من الوفاء به / أَوفى النصيبِ وأَوفرَ القسمِ
للحقِّ ما يرضيكَ مِنْ عَمَلٍ / والحكم ما تُمضيهِ من حُكْمِ
أَمّا الطُّغاةُ فقد وسَمتَهمُ / ووصَمتهمْ بالذُّلِّ والرُّغمِ
بينَ الزِّجاجِ تصدَّعوا شُعَبا / صَدْعَ الزُّجاجِ لوقعةِ الصَّمِ
للوقدِ أَنفُسُهمْ وسمعُهمُ / للوَقْرِ والأَعناقُ للوَقمِ
إغمدْ حُسامَكَ في رقابهمُ / فالَّاءُ مفتقرٌ إلى الحَسْمِ
آزرْتَ ملككَ بالوزيرِ فَمنْ / شَروا كما في العَزْمِ والحزمِ
يحيى الذي أَضحى بسيرتهِ / حيَّ المحامدِ ميِّتَ الذَّمِّ
كبرتْ وجلَّتْ فيكَ همتُهُ / فله بنصحكَ أَكبرُ الهمِّ
هو حاتميُّ الجودِ ليس يرى / إسْداءَ نائلهِ سوى حَتْمِ
فليهننا أَنّا لملككَ في / زمنٍ يردُّ شبيبةَ الهمِّ
وهناكَ أَنَّلتَ بينَ أَظهرِنا / خَلَفُ النَّبيِّ ووارثُ العلمِ
وكما وزَنتَ عِيارَ فضلكَ بال / إِفضالِ زِنْتَ العلمَ بالحِلْمِ
بمكارمٍ لكَ عَرْفُها أَبداً / فينا يَنُمُّ وعُرفها يُنْمي
ما روضةٌ غَنّاءُ حَاليةٌ / وَشْياً تُحلِّيه يَدُ الرَّقمِ
فعرائسُ الأغصانِ قد جُلِيَتْ / في زهرِها بالوشي والوسمِ
وتمايلتْ أَزهارُها سَحَراً / بنسيمهِ المتمارِضِ النَّسمِ
فلكلِّ نَوْرٍ نُورُ ثاقبةٍ / ولكلِّ ناجمةٍ سَنَا نَجْمِ
دُرّانِ من طَلٍّ على زَهَرٍ / يا حُسنَهُ نَثْراً عملى نَظْمِ
إذ كل هاتفةٍ وهاتنةٍ / مَشْغولةٌ بالسَّجعِ والسَّجْمِ
فالوُرقُ في نوح وفي طربٍ / والوَجْدُ في بَوْحٍ وفي كَتْمِ
بأتمَّ حُسْناً من صدائحَ لي / فيكم مُنزَّهة عن الوصمِ
دُريّةُ الإشراقِ مشرفةُ ال / دُرّيّ بل مسكِيّةُ الخَتْمِ
تجري وتفتحُ من سلاستِها / صُمَّ الصّفا ومسامعَ الصُّمِّ
يغني الطروبُ عن الغناءِ بها / وابنُ الكريمِ عن ابنةِ الكَرْمِ
لطُفَتْ وطالتْ فهي جامعةٌ / عظمَ الحِجا ولطافَةَ الحَجمِ
ولكم سحبْتُ الذَّيلَ مبتهجاً / حيثُ الرَّجاءُ مطرَّزُ الكُمِّ
مستنزرٌ جمُّ الثّنهاءِ إذا / قابلتَهُ بعطائِكَ الجمِّ
لم يُخطِ منذ أَصببتُ خِدْمتكم / أَغراضَ أَغراضي بكم سَهْمي
ولرُبَّ مجدٍ قد أَضفتُ إلى / ما نِلْتُ منْ خالٍ ومن عمِّ
فالدَّهرُ يصرفُ صَرْفَهُ بكم / ويكُفُّ كفَّ البسطِ عن غَشْمِ
وَلئِنْ نطقتُ بكم فوصفكُمُ / مُحيي الجمادِ ومُنطِقُ البُكمِ