القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي الجارم الكل
المجموع : 3
جَمَعَ الشُّجُونَ وبَدَّدَ الأحْلاَمَا
جَمَعَ الشُّجُونَ وبَدَّدَ الأحْلاَمَا / خَطْبٌ أَنَاخَ بكَلْكَلٍ وأَقَامَا
أَخْلَى الكِنَانَةَ مِنْ أَمَرِّ سِهَامِها / عُوداً وَرَاع النِيلَ والأَهْرَاما
وعدَا عَلَى رَوْضِ الشَّبَابِ وظِلِّهِ / فَغَدَا بِه رَوْضُ الشَّبَابِ حُطَاما
غُصْنَان هَزهُمَا الصِّبَا فتَمَايلا / وسَقَاهُما الأَمَلُ الرَّوِيُّ جِمَاما
نَجْمان غالهُما الزَّمانُ فأصْبحَا / بَعْدَ التَّألُّقِ والسُّطُوعِ رُكَاما
نَسْران لو رَضِيَ القَضَاءُ لحلَّقا / دَهْراً على أُفُقِ الدِّيارِ وَحَاما
اِبْكِ الشَّبَاب الغَضَّ في رَيْعَانِه / وأَفِضْ عَليه مِنَ الدُّمُوعِ سِجَامَا
وانْثُرْ أَزَاهِيراً عَلَى الزَّهْرِ الَّذي / كانَتْ لَه كُلُّ القُلوبِ كِماما
وابْعَثْ أَنينَكَ للسَّحابِ شِكَايةً / فإلاَمَ تحْتَبِسْ الأَنِينَ إِلاَما
لَهْفِي عَلَى أَملٍ مَضَى في لَمْحةٍ / لوْ دَامَ في الدُّنْيا السُّرورُ لَدَاما
لمْ نَشْكُرِ الأيَّامَ عند بَريقِهِ / حَتَّى أَخذْنَا نَشْتَكِي الأيَّاما
لم تَلْمَحِ العَيْنُ الطَّمُوحُ شُعَاعَه / حَتَّى رَأَتْ ذَاكَ الشُّعاعَ ظَلامَا
حَجَّاجُ لاقيْتَ اليقينَ مكَافِحاً / بَطَلاً ويا شُهْدِي قَضَيْتَ هُمَامَا
رَكِبَا الهَوَاءَ وكلُّ نفْسٍ لَو دَرَتْ / غَرَضٌ تَنَازَعُهُ المنُونُ سِهَامَا
والمَوْتُ يَلْقَى الأُسْدَ في عِرِّيسِها / ويَغُولُ حَوْلَ كِنَاسِها الآرَاما
الدِّرْعُ تُصْبِحُ حينَ تَبْطِشُ كَفُّه / دِرْعاً ولاَ السَّيْفُ الْحُسَامُ حُسَاما
رَكِبَا جَمُوحَ الْجَوِّ يَلْوِي رَأْسَه / كِبْراً ويَأْنَفُ أَنْ يُنيلَ زِمَامَا
في عَاصِفَاتٍ لم تُزَعْزِعْ مِنْهُما / عزْماً كَحَدِّ السَّيْفِ أَوْ إِقْدَاما
والْجَوُّ أَكْلَفُ والسَّماءُ مَرِيضَةٌ / واللَّيْلُ دَاجٍ والْخُطُوبُ تَرَامَى
والموْتُ يَخْفِقُ في جَنَاحَيْ جَارِحٍ / مَلأَ الفَضَاءَ شَرَاسَةً وعُرَاما
بسَمَا إِلى الْخطْب العَبُوسِ وإنّما / يَلْقَى الكميُّ قَضَاءَه بَسّاما
لَهْفِي عَلَى البَطَلين غالَهُمَا الرَّدَى / لَمْ يَمْلِكا دَفْعاً ولاَ إِحْجَاما
المَوْتُ تَحْتَهما يَصُولُ مُخاتِلاً / والمَوتُ فَوقَهما يَحُومُ زُؤَاما
ثَبَتَا لِحُكْمِ اللّه جَلَّ جَلاَلهُ / والْخطْبُ يَلْقَاه الكِرَامُ كِرَاما
والسَّيْفُ أَكْثَرُ ما يُلاقِي حَتْفَه / يومَ الكَرِيهةِ صَارِماً صَمْصَاما
قد يُنْسىءُ المَوتُ النِّمالَ بِجُحْرِها / ويَغُولُ في آجَامِه الضِّرْغَاما
يا هَوْلَها من لَحْظةٍ لا نَارُها / بَرْدٌ ولاَ كانَ اللَّهيبُ سَلاَما
هَلْ أَخْطَرا فِيها عَلَى بَالَيْهما / النيلَ والآباءَ والأَعْمَاما
والمَوْطِنَ الصَّدْيَانَ يَرْقُبُ عَوْدةً / وَيْلاَه قَدْ عادَا إِليه رِمَاما
أَتَقَاسَما فيها الوَدَاعَ بلَفْظَةٍ / أَمْ لَمْ تدَعْ لَهُمَا المَنُونُ كلاَما
هل فَكَّرا في الأُمِّ تندُب حَظَّها / والزَّوْجِ تُسْكِتُ وَالهِينَ يَتَامَى
إنّ السَّلامَةَ قد تَكُونُ مَذَلَّةً / ويَكُونُ إقْدامُ الجريءِ حِمَاما
والمرءُ يَلْقَى باختيارِ كِلَيْهِما / حَمْداً يُحلِّقُ بِاسْمِه أَوْ ذَاما
والمَجْدُ يَعْتَدُّ الْحَيَاةَ قَصِيرةً / ويَرَى فَناءَ الْخَالِدِين دَوَاما
عَاج الْخَيالُ فلم يَبُلَّ أُوَامَا
عَاج الْخَيالُ فلم يَبُلَّ أُوَامَا / ومَضَى وخَلَّفَ في الضلُوعِ ضِرامَا
مالي ولِلْكَحْلاءِ هِجْتُ عُيُونَها / فَمَلأْنَ قَلْبِي أَنْصُلاً وسِهاما
يا قَلْبُ وَيْحَك ما سَمِعْتَ لناصِحٍ / لَمَّا ارْتَميْتَ ولا اتَّقيْتَ مَلاما
لَعِبَتْ بِكَ الْحَسْناءُ تَدْنُو ساعةً / فَتُثِيرُ ما بِكَ ثُمَّ تَهْجُرُ عَاما
والْحُبُّ ما لَمْ تَكْتَنِفْهُ شَمائِلٌ / غُرَ يَعُودُ مَعَرَّةً وَأَثاما
والْحُبُّ أَحْلاَمُ الشَّبابِ هَنِيئةً / ما أطْيَبَ الأَيَّامَ والأَحْلاَما
والْحُبُّ نازِعَةُ الْكَرِيمِ تَهُزُّهُ / فَيَصُولُ سَيْفاً أَو يَسِيلُ غَماما
والْحُبُّ مَلْهَاةُ الْحَياةِ وَطِبُّهَا / وَلَقَدْ تكُونُ بِهِ الْحَياةُ سَقامَا
والْحُبُّ نِيرَانُ الْمَجُوسِ لَهِيبُهَا / يُحْيِي النفُوسَ ويَقْتُلُ الأَجْساما
والْحُبُّ شِعْرُ النَّفْسِ إنْ هَتَفَتْ بِهِ / سَكَتَ الْوُجُودُ وَأَطَرَقَ استْعظَاما
وَالْحُبُّ مِنْ سِرِّ السَّماءِ فَسمِّهِ / وَحيْاً إِذَا ما شِئْتَ أو إِلْهَامَا
لَوْلاَهُ ما أَضْحَى وَلِيدُ زَبيبَةٍ / يَوْمَ التَّفَاخُرِ سَيِّداً مِقْداما
وَلَمَا رَمَى في الْجَحْلَلَيْنِ بِصَدْرِهِ / لاَ يَتَّقِي رُمْحاً ولا صَمْصَاما
الْحُبُّ أَلْبَسَهُ الْمُرُوءَةَ يافِعاً / وَأَعَدَّهُ لِلْمَكْرُماتِ غُلاما
يا شَدَّ ما فَعَلَ الْغَرَامُ بِمُهْجَةٍ / ذابَتْ أَسىً وَصَبابَةً وَهُيَاما
كَانَتْ صَؤُولاً لا تُنِيلَ خِطامَها / فَغَدتْ أَذَلَّ السَائِماتِ خِطَاما
سَكنَتْ إِلَى حُلْوِ الْغَرَام وَمُرِّهِ / ورَعَتْ عُهُوداً لِلْهَوَى وذِمَاما
وَطَوَتْ أحَادِيثَ الْجَوَى فَطَوَتْ بِها / دَاءً يَدُكُّ الرَاسِيَاتِ عُقَامَا
نَالَ الضَّنَى مِنْها الَّذِي قَدْ نَالَهُ / فَعَلامَ رَوَّعَها الصُدُودُ عَلاما
يا زَهْرَةً نَمَّ النَسِيمُ بِعَرْفِهَا / وَجَرَى بِها ماءُ النَّعِيمِ جِمَاما
يا جنَّةً لَوْ كانَ يَنْفَعُ عِنْدَهَا / نُسْكٌ لَبِتْنَا سُجَّداً وقِيَاما
يا طَلْعَةَ الروْضِ النضِيرِ تَحِيَّةً / ومُجَاجَةَ المِسْكِ الذكيِّ سَلاَما
أرشيدُ لا جُرْحٌ ولا إيلامُ
أرشيدُ لا جُرْحٌ ولا إيلامُ / عاد الزمانُ وصحّتِ الأحلامُ
وتمثّلتْ فيكِ الحياةُ فَتِيّةً / من بعدِ ما عبثَتْ بكِ الأيام
يا زينةً بيْنَ الثغورِ وفتنةً / سحرَ الممالكَ ثغرُكِ البسّام
يا وردةً بين الرمالِ نضيرةً / تُزْهَى بها الأغصانُ والأكمام
يا درّةَ البحرِ التي بوميضها / ضحِكَ الصباحُ وأشرق الإظلام
يا دَوْحةً نَبت القريضُ بأرضِها / فأصولُها وفروعُها إلهام
يا روضةً فتن العيونَ جمالُها / وتحدّثت بأريجِها الأنسامُ
يا همسةَ الأملِ الوسيمِ رُواؤه / لو كان للأملِ الوسيم كلام
يا صحوةَ المجدِ القديمِ تحدَّثي / طال الزمانُ بنا ونحن نيام
يا طلعةً للحسنِ شاع ضياؤها / وانجاب عنها البحرُ وهو لِثامُ
أرشيدُ يا بلدي ويا ملهَى الصبا / بيني وبين مَدَى الصبا أعوام
أيامَ لي في كلِّ سَرْحٍ نَغْمَةٌ / وبكلِّ ركنٍ وقفةٌ ولِمام
أيام لا أمسِي يجُرُّ وراءه / أسفاً ولا يومي عليّ جَهام
ألهو كما تلهو الطيورُ حديثها / شدْوٌ وَرَفُّ جَناحِها أنغام
متنقِّلاتٍ بين أزهارِ الرُّبا / الجوُّ مَتْنٌ والنسيمُ زِمامُ
ومطالبي لم تَعْدُ مدَّةَ ساعدي / بُعْداً فما استعصَى عليّ مرام
لهوُ الطفولة خيرُ أيامِ الفتَى / إنّ الحياةَ وكَدَحَها أوهام
أرشيدُ فيكِ لُبانتي وصَبابتي / والصِّهْرُ والأخوالُ والأعمام
لمستْ حنو الحبِّ فيكِ تمائِمي / ورأيتُ فيكِ الدهرَ وهو غلام
ونشأتُ في ظلِّ النخيل يَهُزُّني / شوقٌ إلى أفيائِها وغرام
أرختْ شعوراً للنسيمِ كأنّما / أظلالُها تحت الغَمامِ غمام
تهفو ويمنعها الحياءُ فتنثني / كالغيدِ روّعَ سِرْبَها اللُّوام
إنا كبِرْنا يا نخيلُ وحبُّنا / بين الجوانحِ شُعْلةٌ وضِرامُ
كم طوَّقَتْ منكِ القُدودَ سواعدي / ولكم شفاني من جَناكِ طعام
ولكم هززتِ فتاكِ حين حملتهِ / كالأمِّ تُلْهي الطفلَ حين ينام
إن يُقْصِني عنكِ الزمانُ وأهْلهُ / فالْحُبُّ عهدٌ بيننا وذِمام
مِيسي كأيامِ الطفولةِ وارْفُلي / فالجوُّ صَفْوٌ والنعيمُ جِمام
غنَّى لك القلمُ الذي أرهفتهِ / أرأيتِ كيف تغرِّدُ الأقلام
هذا وليدُك جاء يُنشد شعرَه / ما كلُّ ما تحوي الخيوطُ نِظام
أصغَى له الوادي وغنّتْ باسمه / بغدادُ واهتزَّت إليهِ الشام
إن قال مال له الوجودُ برأسهِ / ورنَت له الأسماعُ والأفهامُ
ملك العَصي من القريضِ بسحره / طَوْعاً فما استعصَى عليه خِطام
أرشيدُ هل في أن يبوحَ أخو الهوى / حَرَجٌ وهل في أن يَحِنَّ ملام
يا مَرْتعَ الآرامِ رَنحها الصِّبا / كيف المراتعُ فيكِ والآرام
من كلِّ لفَّاء المعاطفِ طَفلْةٍ / جِيدٌ كما يهَوى الهوَى وقَوام
سترت ملاحتَها المُلاءَةُ مثلما / ستر الغمامُ البدرَ وهو تمامُ
يدنو الجمالُ بها فيحجبها التُقَى / كَظباءِ مكةَ صيدُهنّ حرَام
فإذا نظرتَ فخذْ لنفسِك حِذْرها / إنّ العيونَ كما علمتَ سهام
أرشيدُ مجدُكِ في القديمِ صحيفةٌ / بيضاءُ لا لبْسٌ ولا إبهَامُ
ملأتْ مآذِنكِ السماءَ شوامخاً / بين السحابِ كأنّها أعلام
كم شاهدتْ قوماً زهتْ أيامُهم / حيناً وجاءت بعدَهم أقوام
سبحانَ من لا مجدَ إلاّ مجدُه / نَفْنَي وَيبقَى الواحدُ العلاَّم
خذْ من زمانِكَ ما استطعْت فما لما / أخذتْ يداكَ من الزمان دوام
وارضَ الحياةَ نعيمَها أو بؤسَها / نُعْمى الحياةِ وبؤسُها أقسام
أرشيدُ لم نسمَعْ لصدرِك أَنّةً / للنّازلاتِ الدُّهْمِ وهي جِسام
أجملتِ صبراً للحواديثِ فانثنت / إنّ الكرامَ على الخطوبِ كِرام
اليومَ جدّدْتِ الشبابَ فأَقْدِمي / معنى الشبابِ العزمُ والإقدامُ
سعت الوفودُ إلى مصيفِك سبّقاً / يتلو الزحامَ إلى سناه زحام
النيلُ والبحرُ الْخِضَمُّ يحوطُه / والباسقاتُ على الطريق قيام
والتوتُ والصَّفْصافُ يهتفُ طيرُه / فتردِّدُ الكُثْبانُ والآكامُ
والزهرُ في جِيدِ الرياضِ قلائدٌ / والنهرُ في خَصْرِ الرياضِ حِزام
والموجُ كالخيلِ الجوامحِ أُطْلِقت / وانحلّ عنها مِقْوَدٌ ولجام
تجري السفائنُ فوقَه وكأنّها / والريحُ تدفع بالشراعِ حمام
ومناظرٌ يَعْيا القريضُ بوصفِها / ويضِلُّ في ألوانها الرّسام
والناسُ بين ممازحٍ ومداعبٍ / والأنسُ حتمٌ والسرورُ لِزَامُ
من شاء في ظلِّ السعادةِ ضَجْعَةً / فهنا تُشادُ صُرُوحُها وتُقام
أو رام نِسْيانَ الهموم فها هنا / تُنْسَى الهمومُ وتذهَبُ الآلام

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025