المجموع : 30
طُفْ بالمصارعِ وَاسْتَمِعْ نَجواها
طُفْ بالمصارعِ وَاسْتَمِعْ نَجواها / وَالْثِمْ بأفياءِ الجِنانِ ثَراها
ضَاعَ الشَّذَى القُدسِيُّ في جَنَباتها / فَانْشَقْ وَصِفْ لِلمُؤمنين شذاها
حِلَلٌ يَروعُ جَلالُها ومنازلٌ / مِن نُورِ ربِّ العالَمِينَ سَناها
ضَمّتْ حُماةَ الحقِّ ما عَرَف امْرُؤٌ / عِزّاً لهم من دُونِهِ أو جاها
الطّالِعينَ بهِ على أعدائهِ / مَوْتاً إذا نشروا الجُنودَ طَواها
الخائِضينَ من الخُطوبِ غِمَارها / المُصْطَلِينَ مِنَ الحُروبِ لَظاها
الباذِلَين لَدَى الفِدَاءِ نُفوسَهُمْ / يَبغونَ عِند إلهِهمْ مَحياها
ما آثروا في الأرضِ إلا دِينَهُ / دِيناً ولا عَبدوا سِواهُ إلها
سَلكوا السَّبيلَ مُسدَّدين تُضيئهُ / آيُ المُفصَّل يَتبعونَ هُداها
قَومٌ هُم اتّخذوا الشَّهادةَ بُغيةً / لا يبتغونَ لَدَى الجِهادِ سِوَاها
هُمْ في حِمَى الإيمانِ أوّلُ صخرةٍ / فَسَلِ الصخورَ أما عرفن قُواها
حَملتْ جِبالَ الحقِّ في دنيا الهُدَى / بيضاً شواهقَ ما تُنالُ ذُراها
تُؤْتِي الممالكَ والشُّعوبَ حيَاتَها / وتُقيمُ من أمجادِها وعُلاها
ذَهبتْ تُرفرِفُ في مَسابحِ عزِّها / ومَضَتْ يَفوتُ مدَى النُّسورِ مَداها
تَجرِي الرياحُ الهُوجُ طَوْعَ قَضائِها / وتَخافُها فَتحيدُ عن مَجراها
طافَ الغمامُ مُهلِّلاً بظلالِها / فَسقتْهُ مِن بَركاتِها وسقَاها
شُهداءَ بدرٍ أنتمُ المثلُ الذي / بَلغَ المدى بعد المدى فتناهَى
عَلَّمتُمُ الناسَ الكفاحَ فأقبلوا / مِلْءَ الحوادثِ يَدفعونَ أذاها
أمّا الفِداءُ فقد قَضيتُمْ حَقَّهُ / وجَعلتموهُ شَريعةً نَرضاها
مَن رامَ تفسيرَ الحياةِ لقومِهِ / فَدمُ الشّهيدِ يُبينُ عن مَعناها
لولا الدِّماءُ تُراقُ لم نرَ أمّةً / بلغَتْ من المجدِ العَريضِ مُناها
أدنى الرجالِ من المهالك مَن إذا / عَرضتْ منايا الخالدينَ أباها
وأَجْلُّ من رفعَ الممالكَ مظهراً / بانٍ من المُهَجِ السِّماحِ بناها
كم أُمّةٍ لم تُوقَ عادِيةَ الرَّدى / لولا الذي اقْتَحَمَ الرَّدى فوقاها
تَسمو الشُّعوبُ بكلِّ حرٍّ ماجدٍ / وجَبتْ عليه حقوقُها فقضاها
ما أكرمَ الأبطالَ يَومَ تَفيَّأوا / ظُلَل المنايا يبتغون جَناها
راحوا من الدّمِ في مَطارِفَ أشرقتْ / حُمْرُ الجراح بها فكنَّ حِلاها
لو أنّهم نُشِرُوا رَأيتَ كُلومَهم / تَدْمَى كأنّكَ في القتالِ تراها
ليسوا وإن وَرَدُوا المنيَّةَ لِلأُلى / غَمَر البِلَى وُرّادَهَم أشباها
هُمْ عِندَ ربِّك يُرزَقون فَحيِّهم / وَصِفِ الحياةَ لأنْفُسٍ تَهواها
اللهُ باركَها بِبَدْرٍ وقعةً / كلُّ الفُتوحِ الغُرِّ مِن جَدْواها
مَنعتْ ذِمارَ الحقِّ حِينَ أثارَها / وحَمتْ لِواءَ اللهِ حين دَعاها
بَخِلَ الزمانُ فكنت من شُعرائها / لو شاءَ رَبِّي كنتُ من قَتلاها
كم دولةٍ للشّركِ زُلزِلَ عَرْشها / بدماءِ بَدْرٍ واسْتُبِيحَ حماها
في دولةٍ للمسلمين تشوقُهم / أيّامُها وتهَزُّهم ذِكراها
يا ويحَ لِلأممِ الضِّعافِ اتَنْقَضِي / دُنيا الشُّعوبِ وما انْقَضتْ بلواها
أُممٌ هَوالِكُ ما لَمستُ جِراحَها / إلا بكتْ وبكيتُ من جَرّاها
لم أدرِ إذ ذهبَ الزَّمانُ بريحِها / ماذا من القَدَرِ المُتَاحِ دَهاها
إنّ الذي خَلَقَ السّهامَ لِمثلِها / جَمعَ المصائبَ كُلَّها فَرماها
هذا إمامُ الدينِ في أعلامهِ
هذا إمامُ الدينِ في أعلامهِ / والدّينُ مُعتصِمٌ ببأسِ إمامهِ
يَحمِي حَقيقَتَهُ بِقوَّةِ بطشهِ / ويصونُ بَيْضَتَهُ بحدِّ حُسَامِهِ
شيخُ الجهادِ يَودُّ كلُّ مجاهدٍ / لو كان يُدْعى في الوَغَى بِغُلاَمِهِ
عالي اللّواءِ يُقيمُهُ بِحُدُودِهِ / ويُبَيِّنُ المأثورَ من أحكامهِ
المُصلحونَ على الزّمانِ سُيُوفُهُ / وجنودُه في حربِهِ وسلامهِ
عَرِفُوا الجِهَادَ به ومنه تَعَلَّمُوا / ما صَحَّ من دُستُورِهِ ونظامِهِ
غَضِبَتْ قُرَيْشٌ أن جَفَا أصنامَها / ووَفَى بعهدِ إلههِ وذِمَامِه
يغزو فوارِسَهم ويَقتُلُ جمعَهم / حتّى يَدينَ مَرامُهم لمرامِهِ
ويرى المحجَّةَ كلُّ غاوٍ مِنهمُ / فَيكفَّ عن طُغيانِهِ وعُرامِهِ
ويثوبَ جاهلُهُم إلى دينِ الهُدَى / والنّورِ من دينِ العَمى وظلامِهِ
دلَفوا إليه وظَنَّ أكذبُهُم مُنىً / أنْ قد سَقَتْهُ يداه كأسَ حِمامِهِ
أَكذاكَ ينخدِعُ الغبيُّ وهكذا / يَتَخَبَّطُ المفتونُ في أوهامِهِ
مَهْلاً أبيُّ لقد ركبتَ عظيمةً / وأردتَ صرحاً لستَ من هُدَّامِهِ
صَرْحٌ بناه اللَّهُ أوَّلَ ما بنى / وأطالَ من عِرْنِينِهِ وَسَنامِهِ
لا يبلُغُ الباني ذُراه ولا يُرى / في الدّاعِمِينَ بِناؤُه كدِعامِهِ
مَهلاً أبيُّ فإن جَهلتَ مكانَه / فانْهضْ إليه إن استطعتَ وَسَامِهِ
أقدِمْ فخذها يا أبيُّ سُقِيتَها / فانظرْ إلى السّاقِي ورَوعةِ جامِهِ
خَدشٌ كوقعِ الظُّفْرِ أو هُوَ دونه / لِمَ تشتكِي وتَضِجُّ من آلامِهِ
أأُبيُّ أين العودُ والعَلَفُ الذي / أعددتَهُ وجعلته لطعامِهِ
إذهبْ لكَ الويلاتُ من مُتَمَرِّدٍ / عادَى الإِلهَ ولجَّ في آثامه
لكَ من قتيلِ الكبشِ أشأمُ صاحبٍ / يُلْقِي إلى غُولِ الرَّدى بزمامِهِ
أخذ النبيَّ بضربةٍ كانت له / حَتْفَاً يُمَزِّقُ لحمَهُ بعظامِهِ
ولمَن تقدَّمَ فوقَ صهوةِ عاثرٍ / أشقَى وأخيبُ آخد بلجامهِ
هو في الحفيرةِ دُونَ حِصنِ مُحمدٍ / جَثَمَ الحِمامُ عليه قبل قيامهِ
ألقى القضاءُ عليه من أَثقاله / مترامياً ينصبُّ في أجرامِهِ
أرداه بابنِ الصِّمَّةِ البطلِ الذي / أعيا الرَّدى المحتالَ فضُّ صِمامِهِ
يغشاهُ سيفُ العامريِّ فينثني / ودَمُ الجريحِ يَبُلُّ حرَّ أُوامِهِ
سَلمتْ يداك أبا دُجانةَ من فتىً / وَسْمُ المنيَّةِ من حِلَى صَمْصَامِهِ
أحسنتَ ذبحَ المشركينَ فأشبهوا / ما يذبحُ الجزَّارُ من أنعامهِ
يا ويلهم إذ يقذفون نبيَّهم / بحجارةٍ تهوِي هُوِيَّ سهامِهِ
كسروا عَوَارضَهُ وشجُّوا وجهَهُ / من كلِّ غاوٍ جَدَّ في إجرامِهِ
يجري الدَّمُ المدرار من مُتهلّلٍ / طلقِ المحيَّا في الوغَى بَسَّامِهِ
لا يعجبِ الكفارُ من مَسفوحِهِ / فلقد جَرَى من قبلُ في إلهامِهِ
ما ظَنُّهم باللَّهِ يُؤثِرُ عَبْدَهُ / بالبالغِ الموفورِ من إنعامهِ
لن يستطيعِ سِوَى الضلالةِ مذهباً / مَن ليس بالمصروفِ عن أصنامِهِ
لم يخذلُوهُ ولم تَفُتْهُ كرامةٌ / هم عند نُصرتِهِ وفي إكرامِهِ
صَبْرُ المشمِّرِ للجهادِ على الأذَى / خُلُقٌ يتمُّ المجدُ عِندَ تمامِهِ
هذا مَقَامُ محمدٍ في قومِهِ / هل لامرئٍ في الدهرِ مِثلُ مَقامِهِ
القادةُ الهادونَ من أتباعِهِ / والسّادةُ البانونَ من خُدَّامهِ
اللَّهُ أرسله طبيباً شافياً / للعالَمِ الوَحشيِّ من أسقامِهِ
الأمرُ بانَ فأين يلتمسُ الهدى / مَن ضلَّ بينَ حَلالِهِ وحرامِهِ
ركبُ النبيِّ إلى المدينةِ عائدٌ / يَمشِي به جبريلُ في أعلامهِ
يتوسّطُ الجرحَى تَسيلُ دماؤُهم / فوقَ الحصَى من خَلفِهِ وأمامِهِ
ويَمُدُّ فوق المؤمناتِ جَناحَهُ / يقضِي لهنَّ الحقَّ من إعظامِهِ
أَدَّيْنَ مَسنونَ الجهادِ وذُقْنَ في / وَهَجِ الجِلادِ الحقِّ حَرَّ ضرامهِ
شَمتَ اليهودُ وأرجفَ النفَرُ الأُلَى / طَبعَ النِّفاقُ قلوبَهم بختامهِ
قالوا أُصيبَ مُحمدٌ في نفسِهِ / ورجالِهِ وأُصيبَ في أحلامِهِ
ما تلك مَنزلةُ النبيِّ فإنما / يُؤتَى النبيُّ النَّصرَ عِندَ صِدَامِهِ
جَلّتْ مَطالبهُ فراحَ يُريدُهُ / مُلكاً يَدومُ جَلالُهُ بدوامهِ
لو أنّ قتلى الحربِ كانوا عندنا / ما هدَّ هالكُهُم ذَوِي أرحامِهِ
هاجوا مِن الفاروقِ غَضْبةَ واثِقٍ / باللَّهِ لا يُصغِي إلى لُوَّامهِ
فدعا أَيُتْرَكُ رأسُ كلِّ مُنافقٍ / في القومِ يُؤذينا بسوءِ كلامِهِ
قال النَّبيُّ وكيف تَقتلُ مُسْلِماً / أفما تخافُ اللَّهَ في إسلامِهِ
صلَّى عليكَ اللَّهُ من مُتحرِّجٍ / جَمِّ الأناةِ يعفُّ عن ظَلَّامِهِ
سمحِ الشَّريعةِ والخلالِ مُسَدَّدٍ / في نَقضِهِ للأمرِ أو إبرامِهِ
اذهبْ حُيَيُّ مُذمماً مشؤوما
اذهبْ حُيَيُّ مُذمماً مشؤوما / أَحَشَدْتَ إلا جمعَكَ المهزوما
إن تغضبوا لبني النضيرِ فإنّه / خَطبٌ يراه بنو أبيكَ عظيما
القوّةُ انصدعت فكيف بكم إذا / ترك الهداةُ بناءكم مهدوما
سرتم تحكّون الجراحَ ولا أرى / مثل الجراحِ إذا امتلأنَ سُموما
رحِّبْ أبا سُفيانَ إنّ لمثلهم / من مثلك الترحيبَ والتسليما
جمع الهوى بعد التفرُّقِ بينكم / بئس الهوى يُصلِي النفوس جحيما
تُذكي سيوفُ اللَّهِ من أضغانكم / ناراً تُصيب من القلوب هشيما
ضُمُّوا القبائلَ واجمعوا أحزانكم / سترون بأس محمدٍ مضموما
قال ابنُ حربٍ لليهودِ مقالةً / لم تلقَ إلا فاسقاً وأثيما
إن كان حقَّاً ما زعمتم فاعبدوا / ما نحن نَعبدُ وانبذوا التحريما
خَرُّوا لآلهة ابن حربٍ سُجَّداً / لا ينكرونَ صنيعه المذموما
كُفرٌ على كُفرٍ رمُوا بركامه / والكفرُ أقبحُ ما يُرى مركوما
سُئِلُوا عن العلمِ القديمِ فزوَّروا / وأذى المزَوِّرِ أن يكونَ عليما
قالوا شَهِدنا دينُكم خيرٌ لكم / من دينِ صاحِبكم وأصدقُ سيما
خَفَّ الرجالُ إلى البَنيَّةِ إنهم / كانوا أخفَّ من اليهودِ حلوما
عقدوا لهم حِلفاً على أستارها / واللَّهُ يعقد أمره المحتوما
هل ألصقوا الأكبادَ من سفه بها / أم ألصقوا إحَناً بها وكلوما
غطفانُ هُبِّي للكريهةِ واغنمي / من تمرِ خيبرَ حظَّكِ المقسوما
كذب اليهودُ وخاب ظنُّكِ إنهم / لم يبلغوا أن يرزقوا المحروما
لن يُطعموكِ سوى سيوفِ محمدٍ / وستعلمين ذُعافَها المطعوما
ما أكذَبَ الأحزابَ يوم تعاهدوا / أن لا يبالوا الصادقَ المعصوما
جعلوا أبا سفيانَ صاحبَ أمرهم / كن يا ابن حربٍ قائداً وزعيما
كن كيف شِئتَ فلن ترى لك ناصراً / ما دمت للَّهِ العليِّ خصيما
جمعوا الجنودَ وجاء ركبُ خزاعةٍ / يُبدي الخفيَّ ويُظِهرُ المكتوما
حمل الحديثَ إلى الرسولِ فزاده / بأساً وزاد المسلمينَ عزيما
نزلوا على الشورى بأمر نبيّهم / يبغي لأُمَّتهِ السبيلَ قويما
قال انظروا أَنُقِيمُ أم نمضي معاً / نلقى العدوَّ إذا أراد هجوما
فأجابه سلمانُ نحفرُ خندقاً / كصنيعِ فارِسَ في الحروبِ قديما
حملوا المساحِيَ والمكاتِلَ ما بهم / أن يحملوها أنفُساً وجُسوما
هي عندهم للَّهِ أو هم عندها / خُدّامُهُ سبحانه مخدوما
دلفت قرومُ محمدٍ في شأنها / تلقى بِيَثْرِبَ من ذويه قروما
يسعى ويعمل بين عَيْنَي رَبِّهِ / طلقَ الجلالةِ بالهدى موسوما
دَأبَ الإمامُ فما ترى من رَائثٍ / إنّ الإمامَ يُصَرِّفُ المأموما
حَمَلَ التُّرابَ فَظَلَّ يُثقِلُ ظَهرَهُ / ويُقَلقِلُ الأحشاءَ والحيزوما
وإذا رأيتَ خليفتيه رأيتَه / للَّهِ في ثوبيهما ملموما
ومضت بعمَّارٍ وزيدٍ هِمَّةٌ / لم تُبْقِ من هِمَمِ الجهادِ مروما
سلمانُ أحسنتَ الصَّنيعَ ونِلتَهُ / نَسباً مضى فقضى لك التقديما
لمّا تنافَسَ فيك أعلامُ الهدى / حكم النَّبيُّ فأنصف المظلوما
سلمانُ منّا آلَ بيتِ محمدٍ / ولقد نُسبتَ فما نسبتَ زنيما
الدين يجمعُ ليس منّا من يرى / في أهله عَرَباً ويعرفُ روما
والأكرمُ الأتقى تبارك ربُّنا / إنّا نطيعُ كتابه المرقوما
اللَّهُ مولاكم وأنتم شعبُهُ / لا تذكروا شعباً ولا إقليما
سلمانُ دعها كُدْيَةً تُوهِي القُوَى / وتردُّ كلَّ مُحدَّدٍ مثلوما
اضربْ رسولَ اللهِ كم من صخرةٍ / لم تألُها صدعاً ولا تحطيما
من ليس يبلغُ من جبابرةِ القوى / ما أنت بالغه فليس ملوما
بَشِّرْ جُنودَكَ بالفتوحِ ثلاثةً / تدع العزيزَ من العروشِ مَضيما
وصِفِ المدائنَ والقصورَ لمعشرٍ / مَثّلتها صُوراً لهم ورسوما
أبصرتَها في نُورِ ربّك ما رأت / عيناك آفاقاً لها وتخوما
ما زلت تُحدثُ كلَّ أمرٍ مُعجِزٍ / لولا النُّبوَّةُ لم يكن مفهوما
جَهِلَ العجائِبَ مَعشرٌ لم يعرفوا / منهنَّ إلا السِّحرَ والتنويما
للَّهِ أسرارٌ تُرِيكَ جلاله / إن شاء فَضَّ كتابها المختوما
والعلمُ إن ضلَّ السَّبيلَ ولم يلد / ما يُرشِدُ الجهلاءَ كان عقيما
بلوى ذوي الأسقامِ أكثرها أذىً / بَلْوَى أخي عقلٍ تراه سقيما
بلغ الطَّوى بالقومِ غايةَ جُهدهِ / وكأنّما طُعمُوا الصفايا الكوما
جيشٌ يصومُ على الدؤُوبِ ولم يكن / لولا أمانةُ ربِّهِ ليصوما
مِن كلِّ مبتهلٍ يضجُّ مُكبِّراً / في الحربِ يدعو الواحد القيّوما
كانت فتاتُكَ يا ابنَ سعدٍ إذ أتت / غَوْثَاً وخيراً للغُزاةِ عميما
جاءت ببعض التَّمرِ تُطعِمُ والداً / بَرّاً وخالاً في الرجالِ كريما
ألقى عليه اللَّهُ من بركاتِهِ / فكفى برحمتِهِ وكان رحيما
أخذ النبيُّ قَليلَهُ فدعا الطوى / داعي الرحيلِ وما يزالُ مقيما
جمع الجنودَ وقال هذا رزقُكم / فكلوا هنيئاً واشكروه نعيما
فرحوا بنعمةِ ربِّهم وتبدّلوا / حالاً تزيد الكافرين وجوما
هذا الذي صنع الشُّوَيهَةَ قادمٌ / أحببْ بذلك مشهداً وقدوما
حيَّا النبيَّ وقال جِئْتُكَ داعياً / ولقد أراني في الرجالِ عديما
مالي رعاك اللَّهُ غير شُوَيهةٍ / لو زادها ربِّي بذلتُ جسيما
أعددْتُها لك يا محمدُ مطعماً / يَشفيكَ من سَغَبٍ أراه أليما
يكفيك من ألم الطوى وعذابِهِ / حَجَرٌ يظلُّ على الحشا محزوما
سار الرسولُ بجندِهِ ومشى الذي / صَنَعَ الشويهَةَ حائراً مهموما
يا ربِّ صاعٌ واحدٌ وشويهةٌ / دَبِّرْ وداوِ فقد دَعوتُ حكيما
وُضِعَ الطعامُ فَظَلَّ يُشْرِقُ وجهُهُ / بِشْراً وكان من الحياءِ كظيما
وضع النبيُّ يديه فيه فزادهُ / ربٌّ يَزيد رسولَهُ تكريما
تلك الموائدُ لو يُقَالُ لها انظمى / شَمْلَ الشُّعوبِ رأيتَهُ منظوما
كَرَمٌ صميمٌ راح يُورِثُ جابراً / شرفاً يفوت الوارثين صميما
والأشهليّةُ إذ يجيءُ رسولُها / يمشي بِجَفْنَتِها أغَرَّ وسيما
اللَّهُ علّمها مَناقِبَ دينهِ / فشفى الخبالَ وأحسن التعليما
لولا مَرَاشِدُهُ تُقَوِّمُ خَلْقَهُ / لم يعرفوا الإصلاحَ والتقويما
نهض الحماةُ به ولو لم يهتدوا / لم يبرحوا في القاعدين جُثوما
مِنكَ الحنينُ ومنه ما هو أَعظَمُ
مِنكَ الحنينُ ومنه ما هو أَعظَمُ / لو يَستطيعُ أتاكَ لا يتلوَّمُ
البيتُ أنتَ به أحق وإن أبَى / من أهلِ مَكةَ جاهلٌ لا يعلمُ
ما أصدقَ الرُؤيا وأقربَ حِينَها / فاصبِرْ على ثقةٍ وربُّكَ أكرم
إن يَخْلُ منها اليومُ فالغدُ بعده / بالخيرِ والرضوانِ منها مُفعَمُ
سِرْ يا رسولَ اللَّهِ جُندُكَ باسلٌ / وقُواكَ مُحْصَدَةٌ ورَأْيُكَ مُحكم
آثرتَ رَبَّكَ وحده لا تَشتكِي / فيهِ من الأهوالِ ما تَتجشم
وَمضيتَ مُعتمِراً بِصحبِكَ مُحرماً / والهَدْيُ حالٍ بالقلائدِ مُعْلَمُ
والمؤمناتُ الصَّالحاتُ كأَنَّما / فيهن سَارَةُ والرضيَّةُ مَريَم
من كلِّ أُمٍّ بَرَّةٍ لم يُلهِهَا / بَعْلٌ ولم يَغْلِبْ نوازعها ابْنَمُ
يا طِيْبَ ما لَبَّيتَ رَبَّكَ إنّه / لَلحقُّ يُزلِفُهُ فُؤادُكَ والفم
أين الشَّريكُ لمن تَصرَّفَ وحده / في مُلكِهِ أَمَّنْ سِواهُ المُنعِم
لَبَّيْكَ رَبِّي إن قَضيتَ لنا الهدى / فَكِتابُكَ الهادي وأنتَ المُلْهِم
تلكم قُريشٌ أقبلتْ في غَضبةٍ / مَشبوبةٍ وحميَّةٍ تَتضرّم
قالت أيدخلُها علينا عَنْوَةً / السَّيفُ أولَى أن يُحكَّمَ والدَّم
وَرَوى ابنُ سُفيانَ الحديثَ فلو دَرى / لُغةَ السُّيوفِ لَخَالها تَتَكلّم
أَصغتْ إليه فلم يَقِرَّ بغمدِه / منها على طولِ التحلّمِ مِخْذَم
يَجِدُ التقاةُ المحرمونَ ولا كما / يَجِدُ التقيُّ من السُّيوفِ المُحْرِمُ
أبدتْ تَباريحَ الهُمُومِ شديدةً / وأَشدُّ منها ما تُجِنُّ وتَكْتُمُ
وَدَّتْ لَو اَنَّ اللَّهَ قالَ لها اضرِبي / فَمضتْ تُظلِّلها النسورُ الحُوَّمُ
قال النبيُّ أَنَتَّقيها خُطَّةً / هي ما علمتم أم نَجِدُّ وَنُقدِمُ
فأجابه الصِّدِّيقُ بل نمضي إلى / ما كنتَ تنوِي بالخروجِ وتعزم
وَرَمَى بها المقدادُ خُطبةَ مُؤمنٍ / يَرمي الخطوبَ بنفسِهِ لا يُحجِم
ومضوا يرون المشركين بذي طوى / والخيلُ شتَّى والخميسُ عَرَمْرم
أَبِلالُ أَذِّنْ للصّلاةِ فإنّها / أسنى وأشرفُ ما يُحبُّ المسلم
نَهَضَ النبيُّ يُقيمها في صحبهِ / للَّهِ تُبْدأُ بالخشوعِ وَتُختَم
وأعدَّ طائفةً تقومُ فتتَّقي / كيدَ العدوِّ إذا يَكرُّ ويهجم
حتى إذا سَجَدَ الرفاقُ تخلَّفوا / عنهم فَضُوعِفَ أجرُهم والمغنم
جيشُ الهدى واليُمنِ عند جلالِهِ / بِيَمينِ قائدِهِ يُصَفُّ وَيُنظَمُ
جَعَلَ ابنَ بِشرٍ في الجهادِ لخالدٍ / يَلقاهُ إن جَمعَ الفوارسَ مَأزِمُ
سلكوا الطريقَ الوعرَ يَسطعُ نُوره / وأضلَّ غيرَهم الطريقُ المُظلِمُ
يمضي الدليلُ بهم ويذهبُ مُوقِناً / ثَبْتاً فما يرتابُ أو يتوهّم
بُوركتَ ناجِيةَ بن جندبَ من فتىً / جَلْدٍ على الضراءِ لا يتبرّم
وَجَب الثناءُ لأسلميٍّ ماجدٍ / شَرفتْ به نَسباً وعزّتْ أَسلَمُ
تلك الحُدَيبِيةُ المحبَّبُ ذِكْرُها / للحقِّ فيها منزلٌ وَمُخيَّم
نَزَلَ الهداةُ بأرضِها فكأنَّما / طلعت لأهل الأرضِ فيها الأنجمُ
يا مَبركَ القُصوَى أتلك رسالةٌ / جاءتكَ أم هي من كَلالٍ ترْزمُ
أَبتِ المُضِيَّ ولم يكن ليعوقها / لو شاءَ ربُّكَ مَبركٌ أو مجثَمُ
لو شاءَ أرسلَها فزلزلَ مكّةً / خَطبٌ يَضِجُّ له الحطيمُ وزمزم
أبديلُ أقبِلْ في رِجالِكَ والتمسْ / عِلم اليقينِ لمن يَظنُّ وَيَزعُم
قال النبيُّ أتيتُ غير مُحاربٍ / وانظرْ فإنّ الحربَ لا تتَلثم
الهَدْيُ حولك والسُّيوفُ كما ترى / مَقروبةٌ وكأنّما هِيَ نُوَّم
ما جئتُ إلا لِلْبَنِيَّةِ زائراً / أَقضِي لربِّي حقَّها وأُعَظّمُ
ارجَعْ إلى القومِ الغضابِ وقل لهم / ردُّوا النّفوسَ إلى التي هي أقوم
إن تمنعوا البيتَ العتيقَ يَكُنْ لكم / يَومٌ من الحِدثانِ أَربدُ أقتم
البيتُ بيتُ اللَّهِ جلَّ جَلالُه / ولَنحنُ أولى بالمناسكِ مِنهمُ
نَصَحَ ابنُ ورقاءَ الرجالَ فيا له / من ذي مُناصَحةٍ يُسَبُّ وَيُشتم
قالوا أَنذعِنُ صاغِرينَ وأقسموا / أن ينبذوا المثلى فبئس المَقْسم
وتتابعتْ رُسُلٌ فمنهم غادِرٌ / يَبغي الفسادَ وحَاذِرٌ يتأثّم
ومُقَسَّمُ الأخلاقِ يُحسِنُ مَرّةً / وَيُسِيءُ أخرى في الحوارِ فَيعرم
أهوى عَلى يدهِ المغيرةُ ضارباً / لولا الأَناةُ لطار منه المِعْصَمُ
ما انفكَّ يضربُه بِمقبضِ سَيْفِهِ / والسَّيفُ يُغضِي والمنيّةُ تَحلم
أسرفتَ عُروَةُ فاقتصِدْ واقبضْ يَداً / رِيعَ السِّماكُ لها وَغِيظَ المرزمُ
كيف ارتقيتَ إلى محلٍّ ماله / راقٍ ولو أنّ الكواكبَ سُلّم
أبِلحْيَةِ المختارِ تُمسك إنّها / لَتُصانُ في حَرَمِ الجلالِ وَتُعصَم
أحسنتَ قولَكَ في الذين ذَممتَهم / وأَبَى الذين طَغَوْا فأنتَ مُذمَّم
عَابوكَ إذ قُلتَ الصَّوابَ جَهالةً / أَيُعابُ مَن يأبى النِّفاقَ ويُوصَمُ
صَدَقَ الحُلَيْسُ فأوجعوه ملامةً / والقومُ لِليَقِظِ المُسَدَّدِ لُوَّم
بَعثَ الهُداةُ الهَدْيَ ثُمَّتَ أقبلوا / يلقونه فعناه هَمٌّ مؤلم
جاءوه شُعْثاً يرفعون لربّهم / صوتاً يُردِّدُه الأصمُّ الأبكم
فَهَفَتْ جَوانِحُه وقال على أسىً / سُبحانَ ربِّي ما لنا نَتجرَّم
سُبحانه أنصدُّهم عن بيتِهِ / إنّا إذاً قومٌ نَجورُ ونظلم
مولى الأحابيشِ الذينَ تألّهوا / لا يتبعون سبيلَ أقوامٍ عَمُوا
نبذتْ قريشٌ رأيَهُ واستكبرتْ / والغَيُّ أنكدُ ما علمتُ وأشأمُ
اذهب خراشُ إلى قريشٍ ناصحاً / فلعلّها تبغي الصَّوابَ فتفهم
عقروا بَعيرَكَ ناقِمِيْنَ وأوشكوا / أن يقتلوك فليتهم لم يَنقِموا
لولا الأحابيشُ استُحِلَّ بظلمهم / منه دَمٌ ما يُستحَلُّ مُحرَّم
ذَهَبَ ابنُ عفّانٍ إليهم يَبتغِي / أن يؤثروا الرأيَ الذي هو أحزم
فأبوا وقالوا لا فكاكَ لكم وما / نحن الألى نأبى الهوانَ فَنُرْغَمُ
هُمْ أمسكوه ثلاثةً في صحبه / ورموا بها مَلمومةً تتقحَّم
أفلا رَعَوْا رُسُلَ النبيِّ وَصِهْرَهُ / إن العقولَ على المراسِ لتعقم
دَبَّ ابنُ حصنٍ في الظلامِ فراعه / يقظانُ مثل الصلِّ ليس يُهوِّم
حمل ابنُ مُسلمةٍ فغادرَ صحبَه / ومضَى فلا رَجَعَ الجبانُ الأيهم
جاؤوا المعسكرَ أربعينَ يقودُهم / أَسْرَى عليهم للمذلّةِ ميسَمُ
وأتى الرّماةُ فجال في أحشائهم / سَهمٌ تظلُّ به السهامُ تُحطَّم
مَنعَ الأسَى وشَفى كُلومَ قتيلهِم / شكوى قلوبٍ من قريشٍ تُكْلَم
أشقَى الأَذى والغَدرُ جَدَّ رجالِهم / وَجَرَى لهم بالأسرِ طَيْرٌ أسحم
سقطوا فحسبُ القومِ ما يجدونه / وكفى شهيدَ الحقِّ ما يَتَسنَّمُ
بَعَثَتْ قُريشٌ أطلِقوا أصحابنَا / وخذوا الرهائنَ والأُسارَى مِنكمُ
صُدموا بقارعةٍ تَفاقَم صَدعُها / لولا سفاهةُ رأيهم لم يُصدَموا
لولا الضّراعةُ من سُهَيْلٍ هَدَّهُمْ / بأسٌ تُهَدُّ به الجنودُ وَتُهدَمُ
بئس المآبُ لعصبةٍ تأبى الهُدَى / بِيضاً مَعالمُه ونعمَ المقدم
يا تاركَ الطغيانِ يَعبسُ جَدُّه / أقبلْ فَجدُّكَ مُقْبِلٌ يتبسَّم
من حقِّ ذي النُّوريْنِ أن يَدَعَ الدُّجَى / خَزْيانَ يُلْطَمُ وَجهُه المُتجهِّمُ
أإليكَ مَدَّ ذوو العَمَى أظفارَهم / فانظرْ إلى الأظفارِ كيف تُقلَّم
هي بَيْعَةُ الرضوانِ لم تتركْ لهم / ليلاً يُنامُ ولا صَبَاحاً ينعمُ
سُهْدٌ يَشُقُّ على العُيونِ مُبرّحٌ / وأسىً يعَضُّ على القلوبِ مُسمَّم
فكأنما في كلِّ عينٍ مِبرَدٌ / وكأنّما في كلِّ قلبٍ أَرقَم
المسلمون يُبايعونَ نبيَّهم / يَستمسكونَ بعُروةٍ ما تُفصَم
لا يحسبون دمَ المُجَاهدِ مَغرماً / هو عندهم إنْ لم يُرِقْهُ المغرم
إن ضمَّهم عند الشَهادةِ مَورِدٌ / لَذَّ المذاقُ لهم وطابَ المطعم
اللَّهُ مولاهم ونصرُ رسولِهِ / حَقٌّ عليهم في الكتابِ مُحتَّم
نهضوا خَفافاً لو رأيتَ جُموعَهم / لَعَلِمتَ أيَّ النّاسِ إيماناً هُمُ
ما مِنهمُ إلا على يَدِهِ يَدٌ / للَّهِ ينظرُ نورها المتوسّم
لُثِمَتْ بإيمانِ القلوبِ وإنّها / لَتُرَى على مَرِّ الزَّمانِ فتُلثَم
نعم العطاءُ لمعشرٍ ما بينهم / نَكِدٌ يُرَدُّ ولا شَقِيٌّ يُحرمُ
ما جلَّ مُدَّخرٌ فَخِيمٌ شأنُهُ / إلا الذي ادَّخروا أَجَلُّ وأفخم
هذا سُهَيْلٌ جاءَ يحملُ سُؤْلَهم / وَيَعيبُ ما صَنَعَ الرُّماةُ وَيندم
ويقولُ دَعْهَا يا مُحَمَّدُ خُطّةً / يُرمَى بها الشّرفُ الرفيعُ فيُثلَمُ
إنّا نخافُ العارَ فَلْيَكُ بيننا / صُلْحٌ نَدِيْنُ بهِ وعهدٌ مُبْرَمُ
الحربُ تُوضَع بيننا أوزارُها / وَتَعودُ إن جَمعَ الحجيجَ الموسمُ
لكَ من سلاحِكَ ما تَقَلَّدَ مُنجِدٌ / يَبغِي السلامَةَ أو تَزوَّدَ مُتهِم
واجعل سُيوفَكَ في الغُمودِ ولا تَضِقْ / بالشرِّ يُدرَأُ والمضَّرةِ تُحسَم
حدُّ المُقامِ ثلاثةٌ فإذا انقضتْ / فَدعوا منازِلَنا وَيثربَ يَمِّموا
من جاءَ منكم لا يُرَدُّ ومن يَجيءْ / مِنّا فمردودٌ إلينا مُسْلَم
هذا الذي نَرضى فهل من كاتبٍ / يَشفِي الصُّدورَ بما يَخُطُّ ويَرقُم
رَضِيَ النبيُّ يُريدُ رَحمةَ رَبِّهِ / هُوَ عبدُه وهو الأبرُّ الأرحَمُ
صَاحَ الرجالُ وَرَاحَ فاروقُ الهدى / يَهتاجُ في بُرْدَيْهِ فَحلٌ مُقْرِمُ
ويقول للصدِّيقِ مَن هو يا أبا / بكرٍ وَأَيَّةَ مِلّةٍ نَترسَّمُ
أهُوَ الرسولُ ونحنُ نتبعُ دِينَهُ / فَلِمَ الهوانُ وما لنا نَسْتَسْلِمُ
اللينُ من خُلُقِ الضَّعيفِ وَدَأْبهِ / وَمِنَ العجائِبِ أن يَلينَ الضَّيغمُ
مَهْلاً هداكَ اللَّهُ وَالْزَمْ غَرْزَهُ / إن كنتَ تطلبُ خيرَ غَرزٍ يُلزَم
إهنأ أبا بكرٍ قَضيتَ بحُجَّةٍ / صَدَع اليقينُ بها وأنتَ مُتَرْجِم
وأبو عُبيدَةَ إذ يَعوذُ بربّهِ / يَخشى بَوادرَ صَدْعُها لا يُلأم
يَرقى من الفاروقِ نَفْساً صعبةً / تأبى عَوارِمُها إذا ما تُعْجَم
قالَ النبيُّ كفاكَ يا عُمَرُ اتَّئِدْ / فالحقُّ في سُلطانِهِ لا يُهزَمُ
أَرْضَى وتأبى أنتَ إنّ وراءَنا / لو كنتَ تعلمُ ما نُحِبُّ ونرأم
إني رسولُ اللَّهِ ليس بِخاذِلي / واللَّهُ يَقْدِرُ ما يشاءُ وَيَقْسِمُ
الأمرُ غَيْبٌ ما لمثلِكَ مطمعٌ / في علمِهِ والغيبُ بابٌ مُبْهَم
اكتُبْ عَليُّ فلن ترى من جامحٍ / إلا يُزَمُّ على الزّمانِ وَيُخطَم
وَأبَى سُهَيْلٌ أن يكونَ كتابُه / سَمْحاً عليه من النبوّةِ رَوْشَمُ
قالَ امْحُ باسمِ اللَّهِ وامْحُ رَسُولَهُ / أَتُريدُها صاباً بِسُمٍّ تُؤدَم
الدّينُ مختلفٌ وليس لنا سِوَى / ما كان أورثَنا الزمانُ الأقدم
فأبَى عليٌّ ما أرادَ وهاجَهُ / حَرَدُ الأبيِّ فَغيظُه ما يُكظَم
قال النبيُّ افعلْ وسوفَ بمثلها / تُسْقَى فَتُغْضِي الطَّرْفَ وَهْيَ العلقم
نظر ابنُ عمروٍ نظرةً فرأى ابْنَهُ / يَبغِي الخُطَى عَجْلَى ويَأبَى الأدهم
قال ارجعوه فذاك أوّلُ عهدكم / فلئن أبيتم لَهْوَ عَهدٌ أَجْذَمُ
وانقضَّ يضربُهُ فيا لكَ مُسلِماً / في اللَّهِ يُضربُ من أبيهِ ويُلْطَمُ
رقَّتْ قلوبُ المسلِميْنَ لخطبه / فجوانحٌ تَهفو وَدَمعٌ يَسجُم
أَخَذَ النَبيُّ بثوبِهِ فأعادَهُ / يَبْنِي لِأُمَّتِهِ البِنَاءَ وَيَدْعَمُ
قال انقلبْ وكَفَى بربِّكَ حافظاً / إنَّ التوكُّلَ للسلامَةِ تَوْأَمُ
فمضى يقولُ ألا ذِمَامٌ لامرئٍ / يَبْغِي الفِرارَ بدينهِ يَستَعْصِمُ
عُدْ في قُيُودِكَ واصطَبِرْ إنّ الأذى / لأضرُّ ما انتجعَ الرجالُ وأوخمُ
كم للأُلَى اتَّبعُوا الهُدَى مِن مَغنَمٍ / في حُرمَةٍ تُلغَى وحقٍّ يُهْضَمُ
خيرٌ على خيرٍ يَضُمُّ رُكَامَهُ / شرٌّ على شَرٍّ يُضَمُّ وَيُرْكَمُ
يَتَرَنَّمُ الباكي وإن بَلَغَ الأَسى / مِنه ويبكِي النَّاعِمُ المُتَرَنِّمُ
أخذوا الصحيفةَ فَهْيَ في أوهَامِهم / كالكنزِ يأخذُهُ الفقيرُ المُعْدِمُ
طاروا بها فَرَحاً وبين سُطُورِها / دهياءُ بارزَةُ النَّواجذِ صَيْلَمُ
نصرٌ مَضَى لمظفَّرينَ أعزَّةٍ / لم يَمْضِ منهم مَخْذَمٌ أو لَهذَم
ليس التَّصَرُّفُ للقواضِبِ إنّها / بالرأيِ تَحكمُ في الرقابِ وتُحكم
للبغيِ حِينٌ ثم يُقصَمُ صُلبُهُ / والعَدْلُ صُلْبٌ قائمٌ ما يُقْصَم
ولقد يُقامُ العرسُ من سَفَهِ الألى / فَرِحُوا وأولى أن يقامَ المأتمُ
من مَكْرُماتِ الحقِّ أنّ وَلِيَّهُ / بأشدِّ ما يُرمَى يُعانُ ويُخدَمُ
وأحقُّ مَن حَمَلَ اللّواءَ مجاهدٌ / ماضٍ على هَوْلِ الخُطُوبِ مُصَمِّمُ
وَفِّ المطالبَ حَقَّها واصبِرْ تَفُزْ / ما خابَ إلا من يَملُّ وَيَسأمُ
هذا نِظامٌ للشعوبِ ومَنهجٌ / حقٌّ يراه فَصِيحُها والأعجم
نزل الكتابُ بِهِ فأيقَنَ مُهتَدٍ / وَارْتابَ ضِلِّيلٌ ولَجَّ مُرَجِّمُ
طِبُّ الهُدى الشّافِي وأعجبُ ما أرى / طِبٌّ تَصِحُّ به النُّفوسُ وتَسْقُمُ
قُم وَدَّعِ الأوثانَ والأصناما
قُم وَدَّعِ الأوثانَ والأصناما / أفما تَرى بُرهانَ رَبِّكَ قاما
يا خالدُ اعمدْ للتي هي عِصمةٌ / لِذَوِي البصائرِ وانبذِ الأوهاما
اللَّهُ ربُّ العالمينَ ودينُهُ / دِينُ السّلامِ لمن أراد سلاما
اقرأ كِتابَ أخيكَ مالك مصرفٌ / عمّا يُريدُ ولن ترى الإحجاما
أقْبِلْ رَعاكَ اللهُ إنّك لن ترى / كسبيلِ رَبِّكَ مَطلباً ومَراما
سَألَ النبيُّ بأيِّ حالٍ خالدٌ / أفما يَزالُ يُجانِبُ الإسلاما
إنّي رأيتُ لخالدٍ من عقلِهِ / فيما يُمارسُ مُرشداً وإماما
ما مِثلهُ يرتابُ في دينِ الهُدى / فَيرى الضّياءَ المستفيضَ ظلاما
إنّا لنَعرفُهُ رشيداً حازماً / ونراه شَهماً في الرجالِ هُماما
لو أنّه جَعلَ المضرَّة والأذى / للمشرِكينَ لما استحقَّ مَلاما
ولكان عِنديَ يا وليدُ مُقَدَّماً / يَلْقَى لَدَيَّ البرَّ والإكراما
أقبِلْ أخي وتَلافَ أمرَكَ لا تكن / مِمَّنْ إذا وَضَحَ السّبيلُ تَعامَى
كم مَوطنٍ جَلَلٍ لو اَنّك لم تَغِبْ / عنه لكنتَ إذاً أجلَّ مَقاما
يَكفيكَ ما ضيَّعت ليس بحازمٍ / من لا يزالُ يُضيِّعُ الأياما
نشط الهمامُ وراحَ يُدرِكُ نفسَه / يبغِي لها عِندَ النبيِّ ذِماما
ألقَى إلى الوادي الخصيبِ بِرَحْلِهِ / فأصابَ فيه مَرْتعاً ومَساما
أيُقيمُ بالوادي الجديبِ فلا يرى / إلا سَراباً كاذباً وجَهاما
لاقى بعكرمةٍ وبابنِ أُميَّةٍ / شَرّاً يَعُبُّ عُبَابَهُ وعُراما
قالَ ائْتِيَا نَبغِي النجاةَ فأعرضا / وتَنازعا قولاً يشبُّ ضِراما
وأجابها عثمانُ دعوةَ ناصحٍ / يأبى الهوى ويُجانِبُ الآثاما
مَضَيا على سَنَنِ الطريقِ فصادفا / عَمْراً فقالا ما لنا وإلى ما
يا عَمْرو دِينَ اللَّهِ لسنا كالأُلَى / جعلوا الحلالَ من الأمورِ حَراما
قال اهتديتُ ولن أكونَ كمن يُرى / طُولَ الحياةِ لنفسهِ ظَلّاما
وَمَشَوْا فما بَلَغَ الرسولَ حَدِيثُهُم / حتّى بدا متهلّلاً بَسّاما
سرَّته مَكَّةُ إذ رَمَتْ أفلاذَها / كَبِداً تُكِنُّ الحُبَّ والإعظاما
بعثَتْ إليهِ من الجبالِ ثلاثةً / رَضوَى يُصاحِبُ يَذْبُلاً وشِماما
خَفَّ الوليدُ يقولُ لا تتمهّلوا / إنّ الحديثَ إلى النبيِّ تَرامى
حُثُّوا المَطِيَّ فإنّه مُتَرقِّبٌ / وأرى جوانحكم تَرِفُّ أُواما
وَفَدوا كِراماً يؤمنون بربّهم / ورسولِهِ بيضَ الوجوهِ وِساما
نَفَضُوا الهوانَ عن الجباهِ فأصبحوا / شُمَّ المعاطسِ يرفعونَ الهاما
أفيعبدونَ مع الغُواةِ حِجارةً / أم يَعبدونَ الواحدَ العلاَّما
كُشِفَ اللِثامُ عن اليقينِ ولن تَرى / كالجهلِ سِتراً والغرورِ لِثاما
لو طَاوعَ النَّاسُ الطبيبَ لما اشتكى / مَن يَحملُ الأدواءَ والآلاما
اعرفْ لربّكَ حقَّهُ فَلِحكمةٍ / خَلَقَ العُقولَ وأنشأَ الأحلاما
أرأيتَ كالإسلامِ دِيناً قَيّماً / سَاسَ الأُمورَ ودبَّرَ الأحكاما
اللهُ أحكمَ أمرَهُ وأقامَهُ / للعالمينَ شريعةً ونِظاما
نادَى النبيُّ به فأفزعَ صوتُه / أُمماً بآفاقِ البلادِ نِياما
ودَعَا إليه وسَيْفُه بِيَمينِهِ / يمضِي حياةً مَرَّةً وحِماما
تَمضِي أباطيلُ الحياةِ ولن ترى / لِسوَى الحقائقِ في الزّمانِ دَواما
صُعقتْ نُفوسُ المشركينَ وهالهم / هَمٌّ إذا انجلتِ الهمومُ أقاما
قالوا فقدناهم ثلاثةَ قادةٍ / ما مِثلُهمُ بأساً ولا إقداما
ما أعظمَ البلوى ويا لكِ نَكبةً / ملَكتْ علينا النقضَ والإبراما
نزل البلاءُ بنا فكانَ مُضاعفاً / وجَرَى العذابُ معاً فكانَ غَراما
إني إخالُ البَيْتَ يُشرقُ جَوُّهُ / وإخالُ مَكّةَ ترفَعُ الأعلاما
يا ابن الوليدِ لك الأعِنَّةُ كلّها / فَالْقَ المقانِبَ وادفعِ الأقواما
سترى المشاهِدَ تَرجُفُ الدنيا لها / وترى الحصونَ تَميدُ والآطاما
بَشِّرْ حُماةَ الشِّركِ منك بوقعةٍ / تُوهِي القُوَى وتُزلزِلُ الأقداما
خَفُّوا يُلاقونَ النبيَّ بيثربٍ
خَفُّوا يُلاقونَ النبيَّ بيثربٍ / من بعدِ ما كَرِهوا الخُروجَ فأحْجَموا
فَنَأى وأعرضَ لا يُريدُ لِقاءَهم / وتَكشَّفوا فَمُبَغَّضٌ ومُذَمَّمُ
وَتقطَّعتْ أسبابُهم فكأنّهم / سَرْحٌ يُبدَّدُ أو بِناءٌ يُهدَمُ
سُودُ الوجوهِ تَرى العُيونُ قَتامها / فَتظلُّ تُطْعَنُ باِللِّحاظِ وَتُرْجَمُ
يَتلفَّتونَ إذا مَشَوْا وإخالُهم / لو يَقدِرونَ مِنَ الحياءِ تَلثَّموا
يَتقلَّبُ الآباءُ في حَسَرَاتِهم / وكأنّما الأبناءُ ليسوا مِنْهُمُ
هَجْرٌ وإعراضٌ وَطُولُ قَطيعةٍ / فالعيشُ سُمٌّ نَاقِعٌ أو عَلْقَمُ
هُمْ أجْرَمُوا فَهُوَ الجزاءُ وَهكذا / يُجْفَى ويُجْتَنَبُ المُسِيءُ المجرِمُ
وَيْحَ الثلاثةِ إنّهم مما لَقُوا / لأَشدُّ خَطباً في الرجالِ وأعظمُ
وَدُّوا لَو اَنَّ الأرضَ زالتْ فَانْطَوَتْ / ثُمَّ انْطَوَوْا فكأنّهم لم يأثَموا
ضاقتْ جَوانِبُها فلا مُتأخَّرٌ / فيها لأنفُسِهم ولا مُتقَدَّمُ
كلٌّ له في العالَمين جَزاؤُه / ومِنَ الجماعةِ حَاكِمٌ لا يَظْلِمُ
يَقْضُونَ إنْ عَقَلوا قَضاءً صالحاً / هُوَ للنّفوسِ مُهذِّبٌ ومُقَوِّمُ
فإذا هُمو جَهِلُوا فليس لدائِهم / طِبٌّ وليس لمثلِهم أن يَحْكُموا
سُبحانَ ربِّكَ ذي الجلالةِ إنّه / لم يُوجبِ الشُّورى لِمَنْ لا يَفْهَمُ
الرَّأيُ رأيُ ذَوِي المعارِفِ والنُّهَى / ومِنَ الرجالِ بَهائِمٌ لا تَعْلَمُ
أَقْبِلْ رِفاعَةُ لا مُعَرَّجُ لامْرِئٍ
أَقْبِلْ رِفاعَةُ لا مُعَرَّجُ لامْرِئٍ / يَبغِي الذي تَبغِي ولا مُتَلَوَّمُ
جِئتَ الرسولَ المجتبَى من ربِّهِ / وقدِمتَ تتبعُه فنِعمَ المَقدِمُ
أكرمتَ نفسك فانطلقت تُريدُه / دِيناً هو الشّرفُ الأجلُّ الأعظمُ
يَبني الحياةَ على أساسٍ ثابتٍ / من قُوةِ اللَّهِ التي لا تُهْدَمُ
إن شئتَ أن ترقى بنفسِكَ صاعِداً / فعليكَ بالإيمانِ فهو السُّلَّمُ
وَهْوَ الجناحُ فإن ظَفِرتَ به فَطِرْ / واطْوِ الجِواءَ فأنتَ أنتَ القَشْعَمُ
لا تنهضُ الهِمَمُ الكِبارُ بغيرِه / سبباً ولا تَسمُو النُّفوسُ الحُوَّمُ
سَعِدَ الغُلامُ كما سَعِدَت وربّما / خَدَمَ السّعيدُ فكان مِمّن يُخْدَمُ
عَزَّت بسيّدِهِ العوالمُ أرضُها / وسماؤُها وَهوَ الأعزُّ الأكرمُ
أَفْضَى إليكَ بأمرِ قومِكَ فَاضْطَلِعْ / وَاعْزِمْ رِفاعةُ إنّ مثلَكَ يعزِمُ
وَخُذِ الكتابَ مُباركاً ما مثلُه / كتبتْ يَدٌ فيما يُخَطُّ وَيُرقَمُ
إقرأه مُتَّئِداً عليهم وَادْعُهم / أن يتبَعوكَ إلى التي هِيَ أقْوَمُ
وَلِمَنْ عَصاكَ مدىً فإنْ بلغوا المدَى / فاللّهُ يَقْضِي ما يشاءُ ويَحكمُ
أوَ ما كفى شهرٌ يجرُّ وراءَهُ / شَهراً لِمن يبغِي المحَجَّةَ مِنهُمُ
للّهِ قَومُكَ يا ابنَ زيدٍ إنّهم / سمعوا الكِتابَ فشايعوكَ وأسلموا
نُورٌ على نورٍ ونُعْمى زادها / من فضلِهِ الأوفى الكريمُ المنعِمُ
عَلِمَتْ خزاعةُ بعد جهلٍ فَاهْتَدَتْ / وإلى الحقائقِ يَهتدي مَن يعلمُ
إن يذكروا فَضْلَ الرجالِ وأيُّهم / أرْبَى فأنتَ السابقُ المتقدّمُ
يَا ابْنَيْ خُوَيْلِدَ أيَّ شَرٍّ هِجْتُما
يَا ابْنَيْ خُوَيْلِدَ أيَّ شَرٍّ هِجْتُما / إن كانَ مَن يَبغِي المُحالَ فأنتما
أَفَتَدْعُوانِ إلى قتالِ مُحمّدٍ / هَلّا إلى غيرِ القتالِ دَعَوْتُما
ما كان قيسٌ في النصيحةِ جاهلاً / بل كان أعلمَ بالصّوابِ وأَحْزَما
ينهاكما أن تفعلا ويَخافُها / مشبوبةً تَجرِي جَوانِبُها دما
بَعَثَ النبيُّ الجيشَ تَحتَ لوائِهِ / بطلٌ إذا نَكَصَ الفوارسُ أقدما
هو ذاك عبدُ اللهِ في أصحابِهِ / يَمشِي إلى قَطَنٍ قَضاءً مُبْرَمَا
فتأهَّبا يا ابْنَيْ خُويلدَ وَاجْمَعَا / للحربِ جَمْعَكما ولا تَتَندَّما
سر يا دليلَ الجيشِ في بَرَكاتِهِ / وَاسْلُكْ إلى فيْدَ الطريقَ الأقوما
هِيَ مُنتواهُ فليس يَبغِي غيرهَا / لِشَبَا القواضِبِ مُنتوىً ومُيمَّما
يا دائباً يَصِلُ الدياجِرَ بالضُّحَى / سِرْ في سَبيلِكَ إن أردتَ المغنما
إنّ الأُلَى جعلوكَ رائدَهم أَبَوْا / إلا السَّخاءَ فما أبرَّ وأكرما
دَرجوا على دينِ الفِداءِ فما بهم / عِندَ الحفيظةِ ما يُعابُ ويُحْتَمَى
أين الرجال ألا فتى ذو نجدة / يرمي بمهجته العجاج الأقتما
أين الرجالُ أَفَارَقُوا أوطانَهم / أم أصبحوا مِلءَ المضاجِعِ نُوَّما
يا ابْنَيْ خُوَيْلِدَ جَرِّدا سَيْفَيْكُما / حَذَرَ العِدَى وَتَقدَّما لا تُحجِما
يا ابني خُويلدَ أين ما أعددتُما / للحربِ تَسْتَلِبُ الكَمِيَّ المُعلَما
أعددتما الجُبنَ المُذِلَّ لتسلما / فهلكتما وكذاك يَهلَكُ ذو العَمَى
أسلمتما النَّهبَ السليبَ وإنّه / لأجلُّ منزلةً وأعظمُ مِنْكُما
رَجَعَ الغُزَاةُ به كراماً ما لقوا / كَيْداً يُرَدُّ ولا أصابوا مُجرما
اللَّهُ طهَّرهم وصانَ سُيوفَهُم / سُبحانَهُ أَسْدَى الجميلَ وأنعما
هم حِزبُهُ لا حِزْبَ إلا دونهم / وَلَو اَنَّهُ اتَّخَذَ الكواكبَ سُلَّما
سر يا أُسامةُ ما لجيشكَ هَازِمُ
سر يا أُسامةُ ما لجيشكَ هَازِمُ / أنت الأميرُ وإن تعتَّب وَاهِمُ
قالوا غلامٌ للكتائبِ قائدٌ / وفتىً على الصَّيدِ الخضارمِ حَاكمُ
غَضِبَ النبيُّ وقال إنّي بالذي / جَهِلَ الغِضابُ السّاخطونَ لعالِمُ
إن يجهلوهُ فقد عَرفتُ مَكانَهُ / والعدلُ عِندي لا محالةَ قائِمُ
ولئن رموه بما يسوءُ فقد رموا / مِن قبلُ والدَه ولَجَّ النّاقِمُ
نقموا الإمارَةَ فيهما وهُما لها / أهلٌ فكلٌّ أحوذِيٌّ حازِمُ
الخيرُ فيه وفي أبيهِ فآمِنوا / يا قومُ وَانْطلِقوا لما أنا عازِمُ
ساروا وظَلَّ مع النبيِّ خَليلُه / والخطبُ بينهما مُقِيمٌ جاثِمُ
يَنتابُ مَضجَعَهُ وينظرُ ما الذي / صنعَ القضاءُ فَهَمُّه مُتراكِمُ
مَرضُ النبيِّ طَغَى عليه فَقلبُه / يَغشاهُ مَوجٌ للأسى مُتلاطِمُ
ودَرَى أسامةُ فانثنَى في جيشهِ / والحزنُ طامٍ والدُّموعُ سَواجِمُ
مات الرّسولُ المجتبى ماتَ الذي / أحيا نُفُوسَ الناسِ وَهْيَ رَمائِمُ
مات الرسولُ فكلُّ أُفقٍ عابسٌ / أسفاً عليه وكلُّ جَوٍّ قَاتِمُ
مات الذي شَرَعَ الحياةَ كريمةً / والنّاسُ شرٌّ والحياةُ مآثِمُ
مات الذي كانت عجائبُ طِبّهِ / تَشفِي العُقولَ وداؤُها مُتفاقِمُ
طَاشتْ لمصرعِهِ عُقولٌ رُجَّحٌ / وَوَهَتْ قُوىً مشدودةٌ وعَزائِمُ
دنيا الممالكِ بعد عصرِ مُحمّدٍ / حُزْنٌ يُجدَّدُ والعصورُ مَآتِمُ
صلّى عليكَ اللَّهُ إنّ قضاءَهْ / حَتْمٌ وإنْ زَعَمَ المزاعِمَ حَالِمُ
عادَ ابنُ زيدٍ بالكتائبِ ما لوَى / من عزمِهِ الحَدَثُ الجليلُ العَارِمُ
يَمشِي الخليفةُ لائذاً بركابِهِ / وكأنَّما هو سائِقٌ أو خادِمُ
وأبى الأميرُ فقال دُونَكَ مَركبي / لا تَمْشِ إنّي إن فعلتَ لَغانِمُ
ولئن أبيتَ لأنزلَنَّ كَرامةً / لكَ فاقْضِ أمرَكَ لا نَبَا لَكَ صَارِمُ
قال الخليفةُ ما أراكَ بِمُنْصِفي / دَعْنِي فللإسلامِ حَقٌّ لازِمُ
أنا من جُنودِكَ لو ملكت رأيتني / تحت اللّواءِ فهالكٌ أو سالمُ
قُضِيَ الوَداعُ وعادَ مَشكورَ الخُطَى / يَرعاهُ للإسلامِ رَبٌّ راحِمُ
سِرْ يا أُسامةُ فالقواضِبُ لم تَمُتْ / هِيَ ما ترى وَهْوَ الجهادُ الدّائِمُ
وإذا البواتِرُ واللهاذِمُ أعوزَتْ / فالمسلمونَ بواترٌ ولهاذِمُ
يا لاثِمَ القمرِ المنيرِ مُودّعاً / هل كان قبلكَ للكواكبِ لاثمُ
هِيَ يا أخا الشّوقِ المبرِّحِ قُبْلَةً / ما ذَاقَ لذَّتَها مَشُوقٌ هائِمُ
ولقد تكونُ وفي حلاوتها أسىً / مُرٌّ مَذاقتُه ووجْدٌ جاحِمُ
زلْزِلْ جُنودَ الرُّومِ وَاهْدِمْ مُلكَهُمْ / في عزّهِ العالي فنِعمَ الهادِمُ
قتلوا أباك فلا تَدَعْهُمْ وَاعْتَصِمْ / منهم بربّك إنّه لكَ عاصِمُ
ولقد هَزمتَ جُموعَهم فتفرَّقوا / وشَفاكَ منهم جَيْشُكَ المُتلاحِمُ
وأجَلْتَ خيلكَ في عِراصِ دِيارِهم / وفعلتَ فِعلكَ والأُنوفُ رَواغِمُ
قتلٌ وأسرٌ هَدَّ من عَزَماتِهم / وأذلَّهم وكذاكَ يُجزَى الظّالِمُ
ولَئِنْ أزلتَ دِيارَهُم ونَخيلَهم / من بَعدِ ما ظلموا فما لكَ لائِمُ
عُدْ يا ابنَ زيدٍ باللّواءِ مُظفَّراً / وَانْعَمْ فَبالُ مُحمّدٍ بكَ ناعِمُ
هذا أبو بكرٍ مَشَى في صحبِهِ / يلقاكَ مُبتهِجاً ورَكبُكَ قادِمُ
هُمْ هنَّؤوكَ وأنت أهلٌ للذي / صنعوا وحَسْبُكَ أن يُفيقَ النّائمُ
اشْكُرْ صَنيعَ اللَّهِ يا شيخَ الوغَى / إنّ الذي عابَ الغُلامَ لنادِمُ
حِبَّ الرسولِ لكَ البِشارةُ إنّه / شَرَفٌ له فوقَ النُّجومِ دَعائِمُ
ماذا يقولُ ذَوُو الحفيظةِ بعد ما / شكَرْت أُميّةُ ما صَنَعْتَ وهاشِمُ
عفواً فَتِلكَ حَمِيَّةٌ عَربِيَّةٌ / أعيا الأوائلَ عَهدُها المُتقادِمُ
للمرءِ من نُورِ الحقائقِ ما يَرى / لا ما تُرِيهِ وساوِسٌ ومَزاعِمُ
والنّاسُ عِندَ فِعالِهم إنْ يفعلوا / خَيراً فأحرارُ النّفوسِ أعاظِمُ
لا حُكْمَ للأنسابِ أو للسنِّ في / ما قالَ فِيهمِ مادحٌ أو واصِمُ
أَنّا بَنو عُثمانَ أَعلامُ الوَرى
أَنّا بَنو عُثمانَ أَعلامُ الوَرى / وَالأَرضُ تَشرُفُ فَوقَها الأُعلامُ
إِنّا السَنامُ إِذا الأَنامُ تَفاخَرَت / وَالناسُ فيهم مَنسِمٌ وَسَنامُ
إِنّا يسوسُ أُمورَنا وَيُقيمُها / ملكٌ بِأَمرِ إِلههِ قَوّامُ
رَحبُ الذراعِ كَفى الَّذي نُعنى بِهِ / رَأيٌ لَهُ في المُشكلاتِ حُسامُ
عَبدُ الحَميد أَتاحَ في أَيّامِهِ / لِلملكِ ما ذهبت بِهِ الأَيّامُ
لَولا حَزامتُه وَشدّةُ بَأسِهِ / وَمَضاؤُهُ لَتضعضعَ الإِسلامُ
ما زالَ يَحمِي حَوضَهُ مُذ جاءَهُ / وَكَذاك يَحمي غيلَهُ الضِّرغامُ
مَلِكٌ يَقومُ اللَيلَ يَنظر في غَدٍ / ماذا يُسدِّدُ وَالمُلوكُ نِيامُ
مَنَعَ الخِلافةَ أَن تُنالَ صرُوحُها / حَتّى تَحامَت سُوحَها الأَوهامُ
جَدعاً لِأَنفِ معاشرٍ منّتهمو / بِالمُلكِ ما مَنَّتهمُ الأَحلامُ
وَلَقد دَرى اليُونانُ أَنّا مَعشرٌ / في الرَوعِ ضرّابو الكُماةِ كِرامُ
بيضُ الوُجوه إِذا الكَريهةُ كشّرت / وَسما لَها تَحت الحَديدِ ضِرامُ
نَسطو وَنَبطش قادرين أَعزّةً / تَشكو السُيوفُ ضِرابَنا وَالهامُ
نَهفو وَتثبت رُجّحاً أَحلامُنا / وَتَظلُّ تَهفو منهمُ الأَحلامُ
وَارحمتا للرُومِ أَبقَينا بِهم / جُرحاً مَدى الأَيّامِ لا يَلتامُ
إِنّا لَنمنعُ أَن يُضامَ حَريمُنا / وَنُزلزلُ الأَرضين حينَ يُضامُ
دُم يا أَميرَ المُؤمنين فَما لِمَن / عاداكَ بَينَ العالمين دَوامُ
لا زلتَ يا رُكنَ الخلافَةِ شامِخاً / تَعنو لَك الأَعرابُ وَالأَعجامُ
في كُلِّ يَومٍ شِرعَةٌ وَنِظامُ
في كُلِّ يَومٍ شِرعَةٌ وَنِظامُ / ما هَكَذا الأَحكامُ وَالحُكّامُ
عِشرونَ عاماً وَالدِيارُ مَريضَةٌ / تَنتابُها الأَدواءُ وَالأَسقامُ
إِنَّ الأُساةَ لَتَعرِفُ الداءَ الَّذي / تَرَكَ المَريضَ تُذيبُهُ الآلامُ
وَلَرُبَّما غَشَّ الطَبيبُ عَليلَهُ / لِيَعودَ مِنهُ الداءُ وَهوَ عُقامُ
كَيفَ الشِفاءُ لِمِصرَ مِن أَدوائِها / أَم كَيفَ يُرجى عِزُّها وَيُرامُ
وَالمُصلِحونَ كَما عَلِمتَ وَأَهلُها / عَنها عَلى زَجرِ المُهيبِ نِيامُ
و إذا النفوس تعدَّدت أهواؤها / شقِيَت بها الكتّابُ والأقلامُ
يا دَولَةً رفعَت عَلى أَوطانِنا / عَلَماً تُنَكَّسُ تَحتَهُ الأَعلامُ
أَينَ المَواثيقُ الَّتي أَبرَمتِها / إِن كانَ مِنكِ لِمَوثِقٍ إِبرامُ
لَم تَحفِلي بِعُهودِنا فَنَقَضتِها / يا هَذِهِ نَقضُ العُهودِ حَرامُ
عِشرونَ عاماً ما كَفَتكِ وَهَكَذا / تَأتي وَتَذهَبُ بَعدَها الأَعوامُ
طالَ المُقامُ وَأَنتِ أَنتِ وَلَم يَكُن / لِيَطولَ لَولا الجَهلُ منكِ مُقامُ
دَومي فَما لِلجاهِلينَ دَوامُ / وَكَذا يَكونُ الجِدُّ وَالإِقدامُ
الأَرضُ أَرضُكِ وَالسَماءُ حَليفَةٌ / لَكِ وَاللَيالي وَالوَرى خُدّامُ
يا أُمَّةً خاطَ الكَرى أَجفانَها / هُبّي فَقَد أَودَت بِكِ الأَحلامُ
هُبّي فَما يَحمي المَحارِمَ راقِدٌ / وَالمَرءُ يُظلَمُ غافِلاً وَيُضامُ
هُبّي فَما يُغني رُقادُكِ وَالعِدى / حَولَ الحِمى مُستَيقِظونَ قِيامُ
عَجَباً لِهَذا النّيل كَيفَ نَعَقُّهُ / وَيَدومُ مِنهُ البِرُّ وَالإِكرامُ
لَو كانَ يَجزينا بِسوءِ صَنيعِنا / أَودى بِهاتيكَ النُفوسِ أُوامُ
لَكِنَّها رَحِمُ الجُدودِ وَلَم تَزَل / تُرعى لَدى أَمثالِهِ الأَرحامُ
شَيئانِ يَذهَبُ بِالشُعوبِ كِلاهُما / نَومٌ عَنِ الأَوطانِ وَاِستِسلامُ
إِلّا يَحِن لِلراقِدينَ قِيامُ / فَعَلَيهِمُ وَعَلى الدِيارِ سَلامُ
أَيَكُفُّ شَكوَكَ أَن يَكونَ أَماما
أَيَكُفُّ شَكوَكَ أَن يَكونَ أَماما / حَنِقٌ يَشُبُّ مِنَ الوَعيدِ ضِراما
مِن أَينَ لِلحُرِّ المُهَذَّبِ شيمَةٌ / تَرضى الهَوانَ وَتَقبَلُ الإِرغاما
إِنَّ المُصابَ هُوَ المُصيبُ فَخَلِّهِ / وَخَلائِقاً جُعِلَت عَلَيهِ سِهاما
لا يُعجِبَنَّكَ ما تَرى مِن أَمرِنا / إِنّا خُلِقنا فاضِلينَ كِراما
لا نَستَكينُ لَدى الطِلابِ وَلا نَرى / عَنَتَ الزَمانِ إِذا اِستَمَرَّ غَراما
نَلقى جَبابِرَةَ الخُطوبِ أَعِزَّةً / وَنَهُمُّ بِالنُوَبِ العِظامِ عِظاما
نَعتَدُّ شَكوى الحادِثاتِ مَسَبَّةً / وَنَرى الضَراعَةَ لِلمُلوكِ حَراما
نَأبى تَعَسُّفَهُم ونُنكِرُ ظُلمَهُم / وَنُعِدُّهُم لِشُعوبِهِم خُدّاما
ما شاءَ رَبُّكَ أَن يَكونَ طُغاتُهُم / في الناسِ آلِهَةً وَلا أَصناما
تُغضي العُيونُ إِذا رَأَت تيجانَهُم / وَعُروشَهُم وَالجُندَ وَالأَعلاما
مَهلاً بَني الغَبراءِ قَد وَضَعَ الهُدى / فَخُذوا الحَقائِقَ وَاِنبُذوا الأَوهاما
وَسَلوا المُلوكَ إِذا بَدا حُجّابُهُم / وَجِلينَ مِن حَولِ السُتورِ قِياما
هَل يَدفَعونَ المَوتَ ساعَةَ يَنتَحي / أَم يَملِكونَ عَلى العُروشِ دَواما
المُلكُ أَجمَعُ وَالجَلالُ لِواحِدٍ / صَمَدٍ تَبارَكَ وَحدَهُ وَتَسامى
إِنّا لَعَمرُكَ ما نُطيعُ لِغَيرِهِ / حُكماً وَلا نُعطي سِواهُ زِماما
نَعصي المُلوكَ إِذا عَنَوا عَن أَمرِهِ / وَنُهينُ في مَرضاتِهِ الحُكّاما
وَنُجِلُّ شيعَتَهُ وَنُكرِمُ حِزبَهُ / وَنَصونُ بَعدَ نَبِيِّهِ الإِسلاما
وَنُحِبُّهُ وَنَكونُ عِندَ قَضائِهِ / في الأَقرَبينَ مَحَبَّةً وَخِصاما
نَأتَمُّ بِالنورِ المُبينِ وَحَسبُنا / بِالبَيِّناتِ مِنَ الكِتابِ إِماما
مَلَأَ الزَمانَ هُدىً وَأَشرَقَ حِكمَةً / لِلعالَمينَ وَرَحمَةً وَسَلاما
نَزَلَ الأَمينُ بِهِ فَكانَ حَكيمُهُ / لِلَّهِ عَهداً بَيناً وَذِماما
مَجدٌ لِأَحمَدَ ما يُنالُ وَسُؤدُدٌ / يُعيي الزَمانَ وَيُعجِزُ الأَقواما
وَبِناءُ عِزٍّ ما يَخافُ مَكينُهُ / صَدعاً وَلا يَتهَيَّبُ الهُدّاما
اللَهُ أَمَّنَ رُكنَهُ وَأَحَلَّهُ / رُكناً يَهُدُّ الدَهرَ وَالأَيّاما
هَدَمَ العُروشَ الشامِخاتِ وَرَدَّها / بَعدَ المَهابَةِ وَالجَلالِ رِغاما
بَلَغَت مَكانَ النَيِّراتِ فَأَصبَحَت / وَكَأَنَّها لَم تَبلُغِ الأَقداما
ديسَت بِأَقدامِ الغُزاةِ وَرُبَّما / داسَ الأُلى كانوا عَلَيها الهاما
جَيشٌ مَشى جِبريلُ حَولَ لِوائِهِ / وَمَشى النَبِيُّ مُغامِراً مِقداما
يُزجي مِنَ الأَبطالِ كلَّ مُوَحِّدٍ / صَلّى لِرَبِّ العالَمينَ وَصاما
شَرَعَ اليَقينَ لَدى الطِعانِ مُثَقَّفاً / وَاِستَلَّهُ عِندَ الضِرابِ حُساما
جَنّاتُ عَدنٍ في ظِلالِ سُيوفِهِم / يَرضونَها نُزُلاً لَهُم وَمُقاما
يَتَسابَقونَ إِلى مَنازِلِها العُلى / يَتَفَيَّأونَ الخَيرَ وَالإِنعاما
تَتَأَجَّجُ النيرانُ خَلفَ صُفوفِهِم / وَيَرونَ جَناتِ النَعيمِ أَماما
لا يَملِكونَ إِذا الكُماةُ تَدافَعَت / في غَمرَةٍ خَوَراً وَلا اِستِسلاما
يَرجونَ رِضوانَ الإِلَهِ لِأَنفُسٍ / يَحمِلنَ أَعباءَ الجِهادِ جِساما
رَفَعوا بِحَدِّ السَيفِ دينَ هِدايَةٍ / لَولا جَليلُ صَنيعِهِم ما قاما
في كُلِّ مُعتَرِكٍ يَضُجُّ بِهِ الرَدى / وَيَظَلُّ في أَنحائِهِ يَتَرامى
سالَت بِهِ غُزرُ الدِماءِ جَداوِلاً / وَتَجَمَّعَ الشُهَداءُ فيهِ رُكاما
لا تَثبُتُ الأَسوارُ حينَ تُقيمُها / إِلّا إِذا كانَت دَماً وَعِظاما
وَالناسُ لَولا ما يَجيءُ كِبارُهُم / لَم يُدرِكوا بَينَ الشُعوبِ مَراما
صُبّوا المِدادَ وَحَطِّموا الأَقلاما
صُبّوا المِدادَ وَحَطِّموا الأَقلاما / وَاطووا الصَحائِفَ وَاِنزَعوا الأَفهاما
وَخُذوا عَلى الوِجدانِ كُلَّ ثَنِيَّةٍ / وَاِقضوا الحَياةَ مُزَمّلينَ نِياما
غُضّوا العُيونَ وَطَأطِئوا هاماتِكُم / وَاِرضوا مُقامَ المُستَميتِ مُقاما
وَدَعوا الحَفيظَةَ وَاِغدُروا بِعُهودِهِ / شَعباً يَرى حِفظَ العُهودِ حَراما
يا مِصرُ ماذا تَطلُبينَ أَما كَفى / أَن تُصبِحي لِلعادِياتِ طَعاما
موتي فَما مَوتُ العَليلِ بِضائِرٍ / وَكَفى بِآلامِ الحَياةِ حِماما
مَن ذا يَرُدُّ عَلَيكِ عَهدَكِ صالِحاً / وَيُعيدُ صَوتَكِ عالِياً يَتَرامى
قُمنا بِنَصرِكِ وَالخِناقُ مُضَيَّقٌ / وَالنَفسُ مُرهَقَةٌ أَذىً وَعُراما
أَيّامَ لا صَلَفٌ وَلا جَبرِيَّةٌ / إِلّا لِأَغلَبَ يَصرَعُ الضِرغاما
الحَربُ دائِرَةٌ وَجَيشكِ قائِمٌ / يَنضي السُيوفَ وَيَرفَعُ الأَعلاما
كَيفَ القَرارُ عَلى الإِساءَةِ وَالأَذى / أَم كَيفَ نَكتُمُ في القُلوبِ ضِراما
هَل أَصلَتَ الصَمصامُ عَمرواً في الوَغى / أَم كانَ عَمروٌ يُصلِتُ الصَمصاما
أَنَخونُ مِصرَ وَما تَحَوَّلَ نيلُها / سُمّاً وَما اِنقَلَبَ الضِياءُ ظَلاما
نَبغي لَها الشَرَفَ الأَشَمَّ مُؤَيَّداً / بِالعِلمِ يوئِسُ صَرحُهُ الهُدّاما
وَنُعِزُّ رايَتَها وَنَمنَعُ حَوضَها / وَنَزيدُ صادِقَ حُبِّها اِستَحكاما
أَيَسوسُ رَيبُ الدَهرِ مِنّا أُمَّةً / تَبغي حَياةَ المَجدِ أَم أَنعاما
يا أُمَّةً أَودَت بِها الأَحلامُ
يا أُمَّةً أَودَت بِها الأَحلامُ / وَهَوَت بِباذِخِ مَجدِها الأَوهامُ
تَهفو إِلى نَزَواتِ كُلِّ مُضَلِّلٍ / حَجَبَ الهُدى عَن ناظِرَيهِ ظَلامُ
يَرمي بِها أَجوازَ كُلِّ مَضَلَّةٍ / غَبراءَ يُحمَدُ عِندَها الإِحجامُ
هَذا السَبيلُ إِلى الحَياةِ وَهَذِهِ / سُنَنُ الهُدى لَو ترشدُ الأَفهامُ
يا قَومِ هَل نَسَفَ الجِبالَ تَوَهُّمٌ / وَأَخافَ آسادَ العَرينِ كَلامُ
يا قَومِ هَل أَحيا الشُعوبَ تَعَلُّلٌ / وَحَمى البِلادَ تَفَرُّقٌ وَخِصامُ
يا قَومِ هَل تَشأى السَوابِقَ ظُلَّعٌ / وَيَفوتُ شَأوَ المُدلِجينَ نِيامُ
يا قَومِ هَل تَهدي الأَكُفَّ سَواعِدٌ / تَهفو المَناكِبُ فَوقَها وَالهامُ
إيهٍ بَني مِصرٍ أَما وَعَظتكُمُ / ما تَصنَعُ الأَحداثُ وَالأَيّامُ
إيهٍ فَقَد طَمَتِ الخُطوبُ وَهالَنا / مِنها رُكامٌ يَعتَليهِ رُكامُ
إيهٍ فَقَد أَشقى النُفوسَ جِماحُها / وَأَضَلَّها التَمويهُ وَالإيهامُ
خُلُقٌ يَهُبُّ الشَرُّ مِنهُ وَتَرتَمي / فِتَنٌ تَروعُ الآمِنينَ جِسامُ
سوسوا أُمورَكُمُ سِياسَةَ حازِمٍ / فَلَعَلَّ مُعوَجَّ الأُمورِ يُقامُ
أَسَفي عَلى المُتَباغِضينَ وَقَد رَأَوا / أَنَّ الفَلاحَ تَوَدُّدٌ وَوِئامُ
شَرَعوا العَداوَةَ بَينَهُم لَم يوصِهِم / دينُ المَسيحِ بِها وَلا الإِسلامُ
عَوَتِ الثَعالِبُ أَمسَ حَولَ عِرينِهِم / وَاليَومَ يَزَأَرُ حَولَهُ الضِرغامُ
جَثموا بِمُستَنِّ الهَوانِ وَما دَرَوا / أَنَّ الحَياةَ تَدافُعٌ وَزِحامُ
كَذَبَ الوُشاةُ وَأَخطَأَ اللُوّامُ
كَذَبَ الوُشاةُ وَأَخطَأَ اللُوّامُ / أَنتُم أولو عَهدٍ وَنَحنُ كِرامُ
حُبٌّ تُجِدُّ الحادِثاتُ عُهودَهُ / وَتزيدُ في حُرُماتِهِ الأَيّامُ
وَصَلَ المُقَوقَسُ بِالنَبِيِّ حِبالَهُ / فَإِذا الحِبالُ كَأَنَّها أَرحامُ
وَجَرى عَلَيهِ خَليفَةٌ فَخَليفَةٌ / وَإِمامُ عَدلٍ بَعدَهُ فَإِمامُ
لا نَنشُدُ العَهدَ المُؤَكَّدَ بَينَنا / النيلُ عَهدٌ دائِمٌ وَذِمامُ
مُدّوا القُلوبَ مُصافِحينَ بِمَوقِفٍ / عَكَفَ الصَليبُ عَلَيهِ وَالإِسلامُ
عيسى وَأَحمَدُ وَالأَئِمَّةُ كُلُّهُم / بَينَ الحَوارِيّينَ فيهِ قِيامُ
أَعلى البِناءِ لَكُلِّ شَعبٍ ناهِضٍ / ما كانَ مِنهُ عَلى الإِخاءِ يُقامُ
الدينُ لِلَهِ العَلِيِّ وَإِنَّما / دينُ الحَياةِ تَوَدُّدٌ وَوِئامُ
إِن كانَ لِلواشي المُفَرِّقِ مَأرِبٌ / فَلَنا كَذَلِكَ مَأرِبٌ وَمَرامُ
أَنَظَلُّ صَرعى وَالشُعوبُ حَثيثَةٌ / وَنَعيشُ فَوضى وَالحَياةُ نِظامُ
إِنّا لِمِصرَ عَلى تَقَلُّبِ أَمرِها / أَبناؤُها الموفونَ وَالخُدّامُ
نَرعى حِماها وَالخُطوبُ مُغيرَةٌ / وَنَصونُها وَالحادِثاتُ جِسامُ
وَنَقُدُّ مِن مُهجاتِنا عَلَماً لَها / تُطوى وَتُنشَرُ تَحتَهُ الأَعلامُ
إِن تَرفَعِ الهِمَمُ الشُعوبَ فَإِنَّنا / شَعبٌ تدينُ لَهُ الصِعابُ هُمامُ
يا مِصرُ هُبّي في المَمالِكِ وَاِعمَلي / ذَهَبُ الكَرى وَتَوَلَّتِ الأَحلامُ
بَلَغَ الدُنى فَأَلَمَّ غَيرَ مُسَلِّمِ
بَلَغَ الدُنى فَأَلَمَّ غَيرَ مُسَلِّمِ / عيدٌ تَطَلَّعَ مِن جَوانِبِ مَأتَمِ
لا مَرحَباً بِالعيدِ أَقبَلَ رَكبُهُ / يَطفو وَيَرسُبُ في عُبابٍ مِن دَمِ
لَم تَبدُ آمالُ الشُعوبِ بِعَيلَمٍ / إِلّا اِختَفَت آجالُها في عَيلَمِ
بَحرٌ مِنَ المَوتِ الزُؤامِ يَمُدُّهُ / بَحرٌ يَموجُ مِنَ القَضاءِ المُبرَمِ
نَظَرَ الزَمانُ فَرُوِّعَت أَحداثُهُ / لِتَفَجُّعِ الغَرقى وَشَجوِ العُوَّمِ
وَاِزوَرَّ يَلتَمِسُ النَجاةَ فَعاقَهُ / قَدَرٌ أَحاطَ بِهِ وَلَمّا يَعلَمِ
باحَت بِمَكتومِ البَلاءِ وَقائِعٌ / مَوَّهنَ عَنهُ بِظاهِرٍ لَم يُكتَمِ
تِلكَ البَدائِعُ كُلَّ يَومٍ آيَةٌ / تَرمي بَني الدُنيا بِخَطبٍ مُظلِمِ
تَتَخَبَّطُ الأَكوانُ فيهِ وَتَرتَمي / حَيرى الشُموسِ حِيالَهُ وَالأَنجُمِ
يَصطَكُّ بِالمَرّيخِ وَجهُ عُطارِدٍ / وَتَشُجُّ هامَتَهُ يَمينُ المِرزَمِ
يا عيدُ جَدَّدتَ الهُمومَ بِطَلعَةٍ / أَبلَت بَشاشَةَ عَهدِكَ المُتَقَدِّمِ
ماذا حَمَلتَ مِنَ الكُروبِ لِأُمَّةٍ / رَزَحَت بِأَعباءِ الخُطوبِ الجُثَّمِ
سَئِمت مُصابرَةَ الحَوادِثِ أَربَعاً / سوداً طَلَعنَ بِكُلِّ أَنحَسَ أَشأَمِ
أَلقَت حَشاشَتَها وَمُهجَةَ نَفسِها / في مِخلَبَي أَسَدٍ وَنابَي أَرقَمِ
وَيحَ الَّتي فَزِعَت إِلَيَّ تَهيجُني / ماذا تُريدُ إِلى الكَمِيِّ الأَجذَمِ
ما الدَهرُ طَوع يَدي وَلا حَدثانُهُ / مِنّي بِمَنزِلَةِ الذَليلِ المُرغَمِ
يَرمي بِأَيّامٍ كَأَنَّ شِدادَها / في كُلِّ جانِحَةٍ نَوافِذُ أَسهُمِ
هَتَكَتُ مِنَ العَزَماتِ كُلَّ مُسَرَّدٍ / وَفَرَت مِنَ المُهجاتِ كُلَّ مُلَملَمِ
حَلَّ الوَفاءُ الحَقُّ عَقدَ ذِمامِهِ
حَلَّ الوَفاءُ الحَقُّ عَقدَ ذِمامِهِ / وَقَضى الوَلاءُ الصدقُ حَقَّ مَلامِهِ
لي في الهَوى عُذرُ الأَمينِ وَلَيسَ لي / غَدرُ الخؤونِ وَلا أَثيمُ غَرامِهِ
القَلبُ نِبراسٌ فَإِن أَطفَأتَهُ / أَضلَلتَهُ وَضَلَلتَ بَينَ ظَلامِهِ
بَيتُ الحَقيقَةِ إِن تَجَلّى باطِلٌ / فيهِ تَجَلّى اللَهُ في هُدّامِهِ
مالي أُصادي الشِعرَ أَكتُمُ أَهلَهُ / ما يُرمضُ الأَحرارَ مِن آثامِهِ
رَكِبَ الهَوى وَاِستَنَّ سُنَّةَ جاهِلٍ / في جاهِلِيَّتِهِ وَفي إِسلامِهِ
رَضِعَ الأَذى طِفلاً عَلَيهِ تَمائِمٌ / وَجَرى عَلَيهِ فَتىً وَحينَ تَمامِهِ
جازَ الخِيامَ إِلى القُصورِ حَضارَةً / وَالشَرُّ بَينَ قُصورِهِ وَخِيامِهِ
إِن سادَ ظُلمٌ فَهوَ مِن أَعوانِهِ / أَو عَزَّ جَهلٌ فَهوَ مِن خُدّامِهِ
الفَتكُ بِالضُعَفاءِ أَكبَرُ هَمِّهِ / وَالغَدرُ بِالخُلَطاءِ جُلَّ مَرامِهِ
سَفَكَ الدِماءَ وَلَجَّ في غلوائِهِ / صَلِفاً يُدِلُّ بِشَرِّهِ وَعُرامِهِ
وَلَعُ الغَوِيِّ بِكَأسِهِ وَمُدامِهِ / وَغَرامُهُ بِفَتاتِهِ وَغُلامِهِ
وَمَخيلَةُ المُغتَرِّ يَزعُمُ أَنَّهُ / ثَلَّ العُروشَ بِبَأسِهِ وَحُسامِهِ
يَأتي المُلوكَ مُحارِباً وَمُسالِماً / وَالمالُ باعِثُ حَربِهِ وَسَلامِهِ
هَذا الَّذي جَعَلَ القَريضَ مَعابَةً / مَهما تَأَنَّقَ في بَديعِ نِظامِهِ
أَلِفَ الحَضيضَ فَما تَكادُ تُقيمُهُ / أَيدي أَئِمَّتِهِ وَلا أَعلامِهِ
لَولا الأُلى جَعَلوا المُلوكَ رُواتَهُ / هَوَتِ الكَواكِبُ عَن رَفيعِ مَقامِهِ
يَتَصايَحونَ بِهِ عَلى أَبوابِهِم / يَرجونَ كُلَّ مُخافِتٍ بِسَلامِهِ
سامٍ يُزِلُّ الثَبتَ كَرُّ لِحاظِهِ / وَيَخِرُّ بِالجَبّارِ رَجعُ كَلامِهِ
نَظَروا إِلَيهِ وَفي العُيونِ غَشاوَةٌ / فَاِستَصغَروا السَجَداتِ في إِعظامِهِ
وَالمَرءُ إِن نَبَذَ الحَقائِقَ خَلفَهُ / جَهِلَ الصَوابَ وَضلَّ في أَوهامِهِ
أَودى بِدينِ الحَقِّ دينُ غوايَةٍ / كانَت مُلوكُ الشَرقِ مِن أَصنامِهِ
الشَرقُ يَعلَمُ أَنَّ مُعضِلَ دائِهِ / مِن صُنعِ سادِتِهِ وَمِن حُكّامِهِ
نَشَروا لِواءَ الجَهلِ بَينَ شُعوبِهِ / وَقَضوا بِغَيرِ الحَقِّ في أَقوامِهِ
أَخَذوا السَبيلَ إِلى المَناكِرِ فَاحتَذَوا / وَالمَرءُ مُتَّبِعٌ سَبيلَ إِمامِهِ
لا يَعرِفونَ الرَأيَ إِلّا واحِداً / في نَقضِ ما زَعَموا وَفي إِبرامِهِ
هَدَموا مِنَ الإِسلامِ رُكناً عالِياً / نَهَضَ النَبِيُّ وَآلُهُ بِمُقامِهِ
لا يأمَنُ الشَعبُ المُرَوَّعُ كَيدَهُم / إِلّا بِطاعَتِهِ وَبِاِستِسلامِهِ
كَرِهوا لَهُ الإِقدامَ خيفَةَ بَطشِهِ / وَالخَيرُ كُلُّ الخَيرِ في إِقدامِهِ
تيجانُهُم مَخضوبَةٌ بِدِمائِهِ / وَعُروشُهُم مَبنِيَّةٌ بِعِظامِهِ
زَعَموا بَقاءَ المُلكِ في اِستِعبادِهِ / وَرَأَوا دَوامَ الأَمرِ في إِرغامِهِ
انظُر إِلى الدُنيا الجَديدَةِ وَاِعتَبِر / بِعَميمِ عَدلِ اللَهِ في أَحكامِهِ
قَلبَ العُروشَ بِأَهلِها فَتَساقَطوا / مِن كُلِّ أَمنَعَ صاعِدٍ بِدَعامِهِ
أَهوى بِها المَلِكُ الجَليلُ فَأَيقَنوا / بَعدَ الجُحودِ بِعِزِّهِ وَدَوامِهِ
لَم يَدرِ قَيصَرُ إِذ تَحَوَّلَ مُلكُهُ / وَمَضى الكَبيرُ الفَخمُ مِن أَيّامِهِ
أَأُحيطَ بِالمُلكِ الكبيرِ كَما يَرى / أَم ما تَراهُ العينُ مِن أَحلامِهِ
اللَهُ جَدَّدَ لِلشُعوبِ حَياتَها / مِن فَضلِهِ الأَوفى وَمِن إِنعامِهِ
أَتَرى الكِنانَةَ كَيفَ تَبعَثُ بِالدَمِ
أَتَرى الكِنانَةَ كَيفَ تَبعَثُ بِالدَمِ / اللَهَ لِلشُهَداءِ إِن لَم تَرحَمِ
أَدنى المَراتِبِ في الصَبابَةِ عِندَها / تَلَفُ المُحِبِّ وَطولُ وَجدِ المُغرَمِ
تُزجي تَحِيَّتَها فَيَكذِبُ دونَها / أَمَلُ المَلولِ وَمَطمَعُ المُتَبَرِّمِ
ضَلَّ اِمرُؤٌ قَتَلَتهُ مِصرُ فَلَم يَصُن / عَهدَ الوَلِيِّ لَها وَحَقَّ المُنعِمِ
مَعشوقَةٌ يَجري مَعَ الدَمِ حُبُّها / في قَلبِ نَصرانِيِّها وَالمُسلِمِ
المُستَبِدُّ بِنا يُريدُ فَنَرتَضي / وَيَسومُنا خَوضَ الحُتوفِ فَنَرتَمي
الآخِذُ الشُهَداءَ أَخذَ مُناجِزٍ / وَالمُستَبيحُ دَمَ الشَهيدِ الأَعظَمِ
بَعثَتهُ مِصرُ مُجاهِداً وَرَمَت بِهِ / فَرَمَت بِجَيشٍ لِلفُتوحِ عَرَمرَمِ
خاضَ الغِمارَ يَهُدُّ كُلَّ كَتيبَةٍ / وَيَهُزُّ راياتِ الكَمِيِّ المُعلَمِ
مُتَجَرِّداً لِلَهِ يَطلُبُ حَقَّهُ / وَيُقيمُ جانِبَ شَعبِهِ المُتَهَدِّمِ
فَإِذا القَياصِرُ بِالأَرائكِ تَتَّقي / وَإِذا الأَرائِكُ بِالقَياصِرِ تَحتَمي
كُلٌّ لَهُ فَزَعٌ وَكُلٌّ جازِعٌ / يَبغي القَرارَ وَلا قَرارَ لِمُجرِمِ
الظُلمُ أَجمَعُ وَالإِساءَةُ كُلُّها / بَغيُ القَوِيِّ عَلى الضَعيفِ المُرغَمِ
وَمِنَ البَلِيَّةِ أَن يُقالَ لِأُمَّةٍ / تَبغي الحَياةَ حَذارِ أَن تَتَقَدَّمي
أَعدى الذِئابِ عَلى المَمالِكِ مَن يَرى / أَنَّ الشُعوبَ فَريسَةُ المُتَهَجِّمِ
وَيَرى الشَرائِعَ في عَظيمِ جَلالِها / سَيفَ المُغيرِ وَمِخلَبَ المُتَحَكِّمِ
قُل لِلحَضارَةِ بَعدَ حُكمِ دُعاتِها / بَرِئَت دُعاتُكِ مِنكِ إِن لَم تَظلِمي
زولي فَإِن رُمتِ البَقاءَ لِحاجَةٍ / تَبغينَ بَعدُ قَضاءَها فَتَلَثَّمي
هَل تَملِكينَ مِنَ الحَياةِ عُلالَةً / أَم تَأخُذينَ مِنَ الحِفاظِ بِمَيسِمِ
كوني كَعَهدِكِ بَينَ قَومِكِ إِنَّهُم / تَرَكوكِ غَرقى في الحَديدِ وَفي الدَمِ
مَضَتِ الحَضارَةُ في جَلالِ حُماتِها / وَمَضوا بِأُبَّهَةِ الزَمانِ الأَقدَمِ
الرافِعينَ مِنَ المَمالِكِ شَأوَها / البالِغينَ بِها مَكانَ الأَنجُمِ
المُتَّقينَ اللَهَ في ضُعَفائِها / المانِعينَ حِمى الذَليلِ المُسلِمِ
الجامِعينَ عَلى الهِدايَةِ أَهلَها / الصادِعينَ غَياهِبَ الزَمَنِ العَمي
المُمطِرينَ الأَرضَ عَدلاً كُلَّها / المُنبِتينَ بِها كِبارَ الأَنعُمِ
في دَولَةٍ لِلَهِ عالِيَةِ الذُرى / دُعِمَت بِآياتِ الكِتابِ المُحكَمِ
سَطَعَ الزَمانُ بِها وَحُمَّ قَضاؤُها / فَرَمى المَمالِكَ بِالزَمانِ المُظلِمِ
يَضرِبنَ في سُبُلِ الغِوايَةِ وَالعَمى / لا يَهتَدينَ إِلى السَبيلِ الأَقوَمِ
شَعبٌ عَلى شَعبٍ يَجورُ وَأُمَّةٌ / تُلقي عَلى أُخرى مَخالِبَ ضَيغَمِ
يَشكو الجَريحُ إِلى الجَريحِ وَجُهدُهُ / بَثُّ الأَسى وَتَوَجُّعُ المُتَأَلِّمِ
فَالأَرضُ تَسبَحُ في زَلازِلَ رُجَّفٍ / وَالجَوُّ يَغرَقُ في صَواعِقَ رُجَّمِ
مَهلاً دُعاةَ العَدلِ في الأُمَمِ الَّتي / صاحَ الغُزاةُ بِشِلوِها المُتَقَسَّمِ
نُكِبَت بِكُم وَأَصابَها مِن ظُلمِكُم / بَطشُ العَسوفِ وَغَضبَةُ المُتَهَضِّمِ
هِجتُم عَلَيها الحادِثاتِ مُلِحَّةً / تَلوي بِأَعرافِ الجِمالِ الجُشَّمِ
رُدّوا الأَسِنَّةَ عَن حُشاشَةِ أُمَّةٍ / غَضبى الفُتوحِ إِلى الأَسِنَّةِ تَنتَمي
زَأَرَت فَرَوَّعَتِ الشُعوبُ وَإِنَّما / ذَكَرَت مَفاخِرَ عَهدِها المُتَصَرِّمِ
بَعَثَت إلى أمم السلام رسولَها / فأثارها كالمارجِ المتضرِّمِ
حَرباً عَلى المُتَمَرِّدينَ شَديدَةً / تَرمي بِأَسرابِ المَنايا الحُوَّمِ
جَوّالَةَ الغَمَراتِ ذائِبَةَ القُوى / تَأتي وَتَذهَبُ بِالقَضاءِ المُبرَمِ
هَزَّت يَمينُ مُحَمَّدٍ بِلِوائِها / رُكنَ السماحِ وَطَوَّحتَ بِالمِرزَمِ
حَتّى إِذا هَمَّ الأَمينُ بِنَفسِهِ / دَفَعَ اللِواءَ إِلَيهِ غَيرَ مُذَمَّمِ
يا سَيِّدَ الشُهَداءِ بَعدَ رَفيقِهِ / أَرضَيتَ رَبَّكَ في جِهادِكَ فَاِغنَمِ
لَيسَ الَّذي بَدَأَ الجِهادَ فَلَم يَمُت / إِلّا كَبادِئِ حِجَّةٍ لَم تُختَمِ
وَأَجَلُّ ما رُزِقَ الرِجالُ هَمامَةٌ / تَنفي عُرامَ المَطلَبِ المُتَجَهِّمِ
تَتَجَشَّمُ الصَعبَ المَخوفَ وَعِندَها / أَنَّ المَنِيَّةَ مَركَبُ المُتجَشِّمِ
مَأوى المَمالِكِ وَالشُعوبِ وَمالَهُم / وَصَفوَكَ ظُلماً بِالغَريبِ المُعدِمِ
لَكَ مِن يَقينِكَ ثَروَةٌ إِن قُدِّرَت / قيسَت كُنوزُ العالَمينَ بِدَرهَمِ
إيمانُ ذي الإيمانِ أَعظَمُ ثَروَةٍ / وَيَقينُ ذي الوِجدانِ أَفضَلُ مَنجَمِ
ضَجَّ النُعاةُ فَضَجَّ كُلُّ مُوَحِّدٍ / وَاِرتَجَّ ما بَينَ الحَطيمِ وَزَمزَمِ
وَتَلَفَّتَت مِصرٌ لِتَنظُرَ ما جَنَت / بَرلينُ مِن حَدَثٍ عَميمِ المَأتَمِ
صَدَعَت بِبَرقٍ كَالصَواعِقِ هائِلٍ / وَرَمَت بِطَيرٍ في المَشارِقِ أَشأَمِ
وَاِستَأثَرَت بِكَ وَهيَ تَعرِفُ ضَيفَها / عِرفانَ مُحتَفِلٍ بِمِثلِكَ مُكرِمِ
برلينُ لا تَدَعي لِضَيفِكِ حاجَةً / إِلّا اِنبَعَثتِ لَها بِغَيرِ تَلَوُّمِ
إِن يَغتَبِط بِكِ لا يُشِع لَكِ قَومُهُ / حَقَّ الحَفيِّ وَلا يَدَ المُتَكَرِّمِ
أَرَأَيتِ مَطمَعَ فاتِحٍ لَم يَنقَلِب / وَشَهِدتِ مَصرَعَ فارِسٍ لَم يُهزَمِ
لا تَجحَديهِ عَلى التَغَرُّبِ حَقَّهُ / فَإِذا جَهِلتِ مَكانَهُ فَتَعَلَّمي
إِن كُنتِ مِلءَ الجَحفَلَينِ فَإِنَّهُ / مِلءُ الأَسِنَّةِ وَالظُبى وَالأَسهُمِ
مِصرُ اللُبانَةُ لا أَصابَكِ ما بِها / مِن مَأتَمٍ جَلَلٍ وَعَيشٍ عَلقَمِ
سَئِمَت مُصابَرَةَ الخُطوبِ وَمَن يَكُن / غَرَضَ الحَوادِثِ كُلَّ يَومٍ يَسأَمِ
ظَمآى إِلى وِردِ الحَياةِ فَإِن تَرِد / تَرِدِ المَنِيَّةَ في لُعابِ الأَرقَمِ
وَإِذا المَمالِكُ أَشرَقَت أَجواؤُها / نُكِبَت جَوانِبُها بِجَوٍّ أَقتَمِ
خَطِرِ المَهَبِّ يَموجُ في مُتَنَفَّسٍ / يَرمي بِآجالِ النُفوسِ مُسَمَّمِ
يَستَعصِمُ الحُرُّ الأَبِيُّ وَقَد مَشى / عِزريلُ بَينَ جَوانِحِ المُستَعصِمِ
بَعَثوا بِصاحِبِهِم يُسائِلُ ما لَنا / فَثَوى بِمَنزِلَةِ الأَصَمِّ الأَبَكَمِ
يَبغي البَيانَ وَقَد مَضى مَأثورُهُ / وَمِنَ القَضاءِ بَيانُ ما لَم يُكتَمِ
إِنَّ الحَديثَ لَوِ اِستَطَعنا مَنعَهُ / حَولَينِ مَوصولَينِ لَم نَتَكَلَّمِ
يا مِصرُ حَسبُكِ ما رَضيتِ مِنَ الأَذى / وَبَرِئتِ مِن ماضيكِ إِن لَم تَنقَمِ
ذَهَبَت عُهودُ المُستَبِدِّ ذَميمَةً / وَمَضى زَمانُ العاجِزِ المُستَسلِمِ
إِنَّ الَّتي رَمَتِ المَمالِكَ باعَدَت / بَينَ المَضاجِعِ وَالشُعوبِ النُوَّمِ
الأَرضُ تَركُضُ بِالشُعوبِ حَثيثَةً / فَاِمشي عَلى آثارِها وَتَرَسَّمي
إِن كانَ قَيدُكِ لَم يُحَلَّ فَإِنَّهُ / خُلُقُ المُريبِ وَشيمَةُ المُتَوَهِّمِ
سيري فَما بِكَ غَيرُ تِلكَ وَلابِنا / إِلّا مُراقَبَةُ العِدى وَاللُوَّمِ
يا نازِحاً لَم نَقضِ حَقَّ بَلائِهِ / اللَهُ جارَكَ فَاِغتَبِط وَتَنَعَّمِ
وَاِنفُض هُمومَكَ عَن فُؤادِكَ إِنَّنا / نَلقى الهُمومَ بِكُلِّ أَغلَبَ أَضخَمِ
إِنَّ المَناكِبَ وَالنُفوسَ بِأَسرِها / لَفِداءُ مِصرَ مِنَ المُهِمِّ المُؤلِمِ
ماذا حَفِظتَ لَأَهلِها مِن حُرمَةٍ / وَقَضَيتَ مِن حَقٍّ عَلَيكَ مُحَتَّمِ
حَيَّتكَ مِصرُ عَلى البِعادِ فَحَيِّها / وَدَعَت مُسَلِّمَةً عَلَيكَ فَسَلِّمِ
جاوَزتَ حُسنَ الصُنعِ في خُدّامِها / وَكَفيتَ سوءَ الذِكرِ مَن لَم يَخدُمِ
كَذَبَ المُضَلَّلُ لَن يَنالَكَ سَعيُهُ / إِلّا إِذا نالَ السَماءَ بِسُلَّمِ
أَقسَمتُ مالَكَ في جِهادِكَ مُشبِهٌ / وَالحُرُّ مُؤتَمَنٌ وَإِن لَم يُقسِمِ
ما زِلتَ تُسرِفُ في المَغارِمِ دائِباً / حَتّى جَعَلتَ النَفسَ آخِرَ مَغرَمِ
أَيُّ القَواضِبِ بَعدَما قَطَعَ الظُبى / وَلَوى الأَسِنَّةَ في الوَغى لَم يُثلَمِ
رَدَّدتُ صَوتي في الرِثاءِ وَإِنَّما / رَدَّدتُ مِن صَوتِ الكِنانَةِ في فَمي
حَيَّتكَ في المَلَأِ العَلِيِّ وَأَزلَفَت / حورُ الجِنانِ إِلَيكَ شَعرَ مُحَرَّمِ
أَسَفي لَأَوبَةِ راحِلٍ لَم تَقضِها / عِدَةُ المُنى وَتَحِيَّةٍ لَم تُنظَمِ
أَرأَيْتَ صَرْحَ السِّلمِ كَيْفَ يُقامُ
أَرأَيْتَ صَرْحَ السِّلمِ كَيْفَ يُقامُ / أَرأيتَ كيف تهلَّلَ الإسلامُ
أَرأَيْتَ إذ نَفَرَ الهُداةُ فأطفأوا / نارَ القِتالِ وسَارَعَ الأعلامُ
لاَحَ الوَميضُ ولو تأخَّر سَعْيُهم / لَطَغَى على الحَرَميْنِ منه ضَرامُ
وجرى بأرجاء الجزيرةِ زاخِرٌ / ممّا تَصونُ وتمنعُ الأرحامُ
عَزَّتْ دِماءُ المُسلمينَ ولم تكن / لِتَهُونَ وَهْيَ على السّيوفِ حَرامُ
قال الحَسُودُ انبتَّ حبلُ مُحمَّدٍ / ورَمَى إماماً بِالجنودِ إمامُ
وأَناخَ بالإِسلامِ خَطْبٌ مَالَه / من بعدِه في المشرقَيْنِ قِيامُ
ماذا يقولُ الشّامِتون وقد هَوَتْ / آمالُهم وانهارتِ الأحلامُ
طارت شعاعاً بعد ما نعموا بها / حِيناً وَوَدُّوا أن تطيرَ الهامُ
أَعَلَى البقيّةِ يحقِدون وهَلْ لهم / مِن بَعدِ ذلكَ مَطلبٌ ومَرامُ
قُلْ لِلحُسَيْنِ ولاتَ حينَ ملامِ
قُلْ لِلحُسَيْنِ ولاتَ حينَ ملامِ / ماذا جَنيْتَ على بَنِي الإسلام
البَيْتُ والحَرمُ المُطهَّرُ مُوجَعٌ / ومُروَّعٌ لا يحتمِي بذمامِ
باتا على مَضَضٍ يَهيجُ دخيلَهُ / جارٌ يَبيتُ على جوىً وسَقامِ
كلٌّ عَبثتَ به وكلٌّ يشتكِي / ما ذاقَ باسْمِكَ من سِهامِ الرّامي
خَدعوكَ بالتّاج المُلفَّقِ وَابْتَنوا / لكَ عرشَ مملكةٍ من الأوهامِ
واستحدثوا لابْنَيْكَ ما لا تَدَّعِي / خُدَعُ الرُّؤى وعجائبُ الأيَامِ
مُلكٌ يزولُ ودولةٌ يهوي بها / حَادِي التَّبابِ وسائقُ الإِعدامَ
الله خَصمُكَ والرّسولُ فَزِدْهُما / حرباً ولا تُؤذِنْهما بِسلامِ
وارْدُدْ على الوَحْيِ المُنزَّلِ حُكمَهُ / فَلأَنتَ ربُّ الوَحْي والأحكامِ
واملُكْ على جُندِ الملائكِ أمرَها / فَلأنتَ رَبُّ الجُندِ والأعلامِ
يا وارثَ البطحاءِ عن عدنانها / وسليلَ كلِّ مُغامرٍ مِقدامِ
لستَ الصّميمَ المحضَ من أبنائها / حتّى تُعيدَ عبادةَ الأصنامِ
نظرتْ أميةُ ما رَكِبَت وهاشمٌ / ورأت مكانك في العُباب الطّامي
فإذا الوجوهُ من الحياءِ صوادفٌ / وإذا القلوبُ من البلاءِ دوامي
لو خُيِّر الأعرابُ في أنسابهم / لتلمّسوا الأنسابَ في الأعجامِ
إن يقطعوا الرَّحِمَ الرَّؤُومَ فحسبُهم / أنّ ابن عَوْنٍ من ذوي الأرحامِ
نُكِبَ الحجيجُ وبات كلُّ موحِّدٍ / قلِق الهمومِ مُسهَّد الآلامِ
يُمسي لِما صنع الحُسَينُ ورهطُه / في مأتمٍ بين الضُّلوع مُقام
ما أَضْيعَ الحرمَيْن في يد عُصبةٍ / ملكت سبيلَ الحجّ والإحرامِ
إيهٍ شُعوب المسلمين أَنوَّمٌ / أم أنتِ يقظَى بعد طول مَنامِ
هُبِّي فقد أمسى تُراثُكِ سِلعةً / تأتي وتذهب في يد المُستامِ
اللهُ أكبرُ ما لدينكِ مانعٌ / إن نِمْتِ عنه وماله من حامِ
قُل للحُماةِ الصّادقين لِربّهم / عِرضُ النُبوّةِ باتَ غيرَ حَرامِ
إنّ الخلافةَ حقَّها وتراثَها / لِمُدافعين عن الذّمارِ كِرامِ
والدّينُ في كل الممالكِ لم يَقُمْ / إلا بأجردَ سابحٍ وحُسامِ
فاستصرخوا أُسدَ الحفاظ فإنّما / تحمِي العرينَ مخالبُ الضرغامِ
إنّ الذي رفعت سيوفُ نبيِّكم / صَدَعتْ قُواهُ مَعاوِلُ الهُدّامِ
جاد الحُسينُ به وكان يصونه / بُخلُ البُناةِ وشدّةُ القُوّامِ
لا تُسلِمُوا الشّهداءَ في أركانِه / هو من دماءٍ برَّةٍ وعِظامِ
وَيْحُ النبيِّ أما يُباع رُفاتُه / بِسوَى لباسٍ لابنهِ وطعامِ
دارُ النبوّةِ والهدايةِ أصبحت / دارَ الذُّنوبِ ومنزلَ الآثامِ
يا ربَّ ماذا في كتابك بعدها / لِبَني المشارقِ من أذىً وعُرامِ
بلغ البلاءُ بنا المدى وتراكضت / فِتَنٌ جوامِحُ غيرُ ذاتِ لِجَامِ
ارفَعْ عن الإسلامِ سَوْطَكَ واكْفِهِ / ضَرَبَاتِ قومٍ من بنيهِ طَغامِ
نصروا العدوَّ على الوليِّ وضاربوا / بِسلاحِ كلِّ مُشاغبٍ ظَلّامِ
هُم آثروا دُنيا العقوقِ وتاجروا / فيها بديِن الواحدِ العلّامِ
وشَرَوا لأنْفُسِهم طويلَ ندامةٍ / بقليل مالٍ زائلٍ وحُطام
قَومٌ إذا دان الهُداةُ بأُلفَةٍ / دانوا بتفرقةٍ وطُولِ خِصامِ
مَهلاً خليفةَ ربِّنا من هاشمٍ / إنّ الرواية آذنت بختامِ