المجموع : 9
نِعَمٌ يُبَشِّرُ بَدْؤُها بِتَمامِ
نِعَمٌ يُبَشِّرُ بَدْؤُها بِتَمامِ / فَتْحُ القُدُومِ ونُصْرَةُ الإِقْدَامِ
وُدِّعْتَ مَحْمُوداً وَصَلْتَ مُظَفَّراً / فاقدَمْ بِطِيبِ تحيَّةٍ وسَلامِ
والبَسْ بِعِزَّةِ مَنْ سَعَيْتَ لِنَصْرِهِ / تاجَ الجلالِ وحُلَّةَ الإِعْظَامِ
واسْعَدْ لِعِزِّ الدِّينِ والدُّنيا مَعاً / واسلَمْ لنَصْرِ اللهِ والإِسلامِ
وَعْداً عَلَيْهِ أَن يُتِمَّ عَلَى الورى / بكَ أَنعُماً موصولَةً بِدَوَامِ
قَرُبَتْ عَلَيْكَ منَ الأَعادِي غايَةٌ / قَدْ طالما بَعُدَتْ عَلَى الأَوْهامِ
وسَلَلْتَ سيفَ اللهِ طالِبَ ثأْرِهِ / من آلِ جالُوتٍ ونَثْرَةِ حامِ
ورَفَعْتَ أَعلامَ الهُدى فِي جَحْفَلٍ / كالليلِ تَحْتَ كواكِبِ الأَعْلامِ
بِسَوَابِقٍ رَفَعَتْ شِراعَ خوافِقٍ / كالفُلْكِ فِي آذِيّ بحرٍ طامِ
يَسْتَرْجِفُ الإِسراجُ عِزَّ نفوسِها / حَتَّى تَسَكِّنَهُنَّ بالإِلْجامِ
وأُسُودِ غابٍٍ مَا تَلَذُّ حَياتَها / حَتَّى تُدِيرَ بِهَا كؤوسَ حِمامِ
مُتَنازِعِي مُهَج العُدَاةِ كَأَنَّما / يَتَنَادَمُونَ عَلَى رَحيقِ مُدَامِ
مُسْتَقْدِمِينَ إِلَيْهِمُ بِأَسِنَّةٍ / أَوْلى من الأَرْوَاحِ بالأَجْسامِ
هَتَكُوا بِهَا حُجُبَ التَّرَائِبِ فاصْطَلَتْ / أَحشاؤُها جَمْرَ الوطيسِ الْحامِي
وقواضِبٍ نَبَذَتْ إِلَيْكَ لتَتْرُكَنْ / هامَ الأَعادِي لِلصَّدى والهامِ
سُرُجٍ لِدِينِ الحَقِّ إِلّا أَنَّها / كَسَتِ الضَّلالَ دياجِيَ الإِظْلامِ
بَرَقَتْ عَلَى الأَعْدَاءِ غَيْرَ خَوَالِبٍ / فِي عارِضٍ لِلْمَوْتِ غَيْرِ جَهامِ
فكأَنَّما اسْتَسْقَوْا حَياهُ وَقَدْ رَأَوْا / أَنَّ الصَّوَاعِقَ فِي مُتُونِ غَمامِ
حَمَلُوا قُلُوبَ الأُسْدِ نَحْوَكَ فانْثَنَوْا / مستبدِلينَ بِهَا قُلُوبَ نَعَامِ
من كُلِّ مُنْتَهِكِ المحَارِمِ بارِزٍ / بِدَمٍ عَلَى الإِسلامِ غيرِ حَرَامِ
لم يَعْبُدُوا الأَصْنامَ إِلّا أَنَّهُمْ / عَبَدُوا الغُرورَ عبادَةَ الأَصْنامِ
كم فِي بُرُودِ عَجاجِها من مُفَرَشٍ / ظَهْرَ الصَّعِيدِ مُوَسَّدٍ بِسَلامِ
أَشْمَسْتَهُ عَفَرَ التُّرَابِ ورُبَّما / حَطَّ الرَّوَاسِيَ من فُرُوعِ شِمامِ
وسَطَا الرَّغَامُ بأَنْفِهِ ولطالما / غَادى أُنوفَ الدينِ بالإِرْغَامِ
دامِي اللَّبانِ كَأَنَّ مَفْحَصَ نَحْرِهِ / وَجَناتُ مُعْوِلَةً عَلَيْهِ دَوَامِ
فَغَدا الثَّرى رَيَّانَ من دَمِهِ ومِنْ / دَمْعٍ عَلَيْهِ بالقَضَاءِ سِجَامِ
جَزَراً لأَيْسارٍ منَ البَيْدَاءِ لا / يَسْتَقْسِمُونَ عَلَيْهِ بالأَزْلامِ
حَتَّى إِذَا صابَتْ بِقُرٍّ وانْثَنَى / ثَمَرُ الغِوَايَةِ مُؤْذِناً بِصِرَامِ
ورَمَتْ أَكُفٌّ بالصَّوارِمِ والقَنا / كَيْما تَمُدَّ إِلَيْكَ بِاسْتِسْلامِ
وتَيَقَّنَ الإِسلامُ عَوْدَةَ رَحْمَةٍ / تُبْرِي من الأَوْصابِ والأَسْقامِ
وتنسَّمَ الظَّمْآنُ رَوْحَ مَشارِبٍ / يُشْفَى بِهِنَّ غليلُ كُلِّ أُوَامِ
نَفِسَ النَّجاحَ عَلَيْكَ مَنْ أَقْسامُهُ / من فَوْزِ قِدْحِكَ أَوْفَرُ الأَقْسامِ
وهَفَتْ بِهِ خُدَعُ الظُّنُونِ وَلَمْ يَزَلْ / حَسَدُ القرابَةِ طائِشَ الأَحْلامِ
فَدَنا لِغِرَّةِ مُنْتَواكَ وَقَدْ خَلَتْ / من أُسْدِهِنَّ مَرَابِضُ الآجَامِ
ودَعَا السَّوَامَ إِلَى حِماكَ وَلَمْ تَغِبْ / إلّا لِتُبلي دونها وتحامي
فبرى العداةُ لرميِ ظلِّك أسهُماً / خابَتْ وصائبُها لأَخْيَبِ رَامِ
هل يَنْقِمُونَ سِوى سَجِيَّةِ حافِظٍ / حقَّ الأَواصِرِ واصِلِ الأَرْحامِ
سَهِدِ الجفونِ طويلِ آناءِ السُّرَى / عن أَعْيُنٍ تَحْتَ السُّجُوفِ نِيامِ
أَوْ يَحْسُدُونَكَ رُتْبَةً فَليَرْتَقُوا / فَالشَّمْسُ فِي جَوِّ السماءِ السَّامِي
أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً يَسُوؤُكَ ذِكْرُهُ / فاللهُ ناقِضُ ذَلِكَ الإِبْرَامِ
فاسْعَدْ بما اخْتارَ الَّذِي فِي أَمْرِهِ / خَيْرُ القضاءِ وأَيْمَنُ الأَحْكَامِ
ولَئِنْ وَنى قَدرٌ إِلَى أَجَلٍ فَلا / عَدَمُ الصَّوَابِ ولا نُبُوُّ حُسامِ
ونَبِيُّنا لَكَ أُسْوَةٌ فِي رَدِّهِ / عن أَرْضِ مَكَّةَ مُعْلِنَ الإِحْرامِ
فأَثَابَهُ الفتحَ القريبَ وبَعْدَهُ / تصدِيقُ رُؤْيَاهُ لأَوَّلِ عَامِ
والعَوْدُ أَحْمَدُ مَا لأَوَّلِ لَيْلَةٍ / يَبْدُو هِلالُ الأَفْقِ بَدْرَ تَمامِ
وكَفَاكَ مَنْ وَطِئَتْ خُيُولُكَ مِنْهُمُ / كِيوَانَ واصْطَلَمَتْ سَنَا بَهْرَامِ
وجَعَلْتَ سَيْفَكَ ماثِلاً لنفوسِهِمْ / يَحْتَثُّها بخَوَاطِرِ الأَوْهَامِ
وتَرَكْتَ هادِرَهُمْ بِغَيْرِ شقاشِقٍ / رَهْباً وغارِبَهُمْ بغَيْرِ سَنامِ
وتَرَكْتَ فَلَّ ذِئابِهِمْ وضِباعِهِمْ / مُتَرَقِّبِينَ لِكَرَّةِ الضِّرْغَامِ
هَلْ ينظُرُونَ سِوى تأَلُّقِ حاجِبٍ / لِلشَمْسِ يَصْدَعُ ثَوْبَ كُلِّ ظلامِ
أَوْ يُوجِسُ السَّمْعُ النَّذِيرَ بِمُنْذِرٍ / ضَرِمَ العَجَاجِ مُصَمِّمَ الصَّمْصامِ
مَلِكٌ إِذَا أَلْقى رواسِيَ بَأْسِهِ / كَفَلَتْ لَهُ بِزَلازِلِ الأَقْدَامِ
قادَ العُلا بِزِمَامِ كُلِّ فَضيلَةٍ / واقْتادَهُ الرَّاجِي بِغَيْرِ زِمَامِ
فَاَبْشِرْ فَقَدْ نَبَّهتَ نائِمَةَ المُنى / ونَظَمْتَ دِينَ اللهِ خَيْرَ نِظامِ
وقَرَرْتَ عَيْناً بِالَّذِي قرَّتْ بِهِ / عَيْنُ الزَّمَانِ وأَعْيُنُ الإِسْلامِ
قَمَرٌ يُنِيرُ عَلَى بَنانِ يَمِينِهِ / شهبُ القَنا وكواكِبُ الأَقْلامِ
وَرِثَ الجُدُودَ مَناقِباً ومساعياً / تَرَكتْ كِرامَ الأَرْضِ غَيْرَ كِرَامِ
وعُلاً تَحَلَّتْ بالسَّناءِ وتَوَّجَتْ / بالمَكْرُماتِ مَفارِقَ الأَيَّامِ
باهى بِهِ الأَمْلاكَ أَعْلى مُنْجِبٍ / ونَماهُ للآمالِ أَكْرَمُ نامِ
فاسْتَنَّ فِي الحُسْنى بأَهْدى مُرْشِدٍ / وائتَمَّ فِي العَلْيا بِخَيْرِ إِمامِ
فَهُوَ الجديرُ بأَنْ يُؤَكَّدَ عَقْدُهُ / فِي حِفْظِ عهدِ وسائِلِي وذِمامِي
وأنا الجديرُ بأَنْ أُشِيدَ بِحَمْدِهِ / نَغَماتِ أَوْتارٍ وشَدْوَ حَمامِ
وأُجَهِّزَ الرُّكْبانَ طَيِّبَ ذِكْرِهِ / زاداً إِلَى الإِنْجادِ والإِتهَامِ
حَتَّى تَفُوحَ لَكَ الجَنائِبُ والصَّبا / بِثَنائِها من مُعْرِقٍ وَشَآمِي
وجَزَاءُ مَا آوَيْتَ وَحْشَ تَغَرُّبِي / وفَسَحْتَ رَوْضَكَ لارْتِعاءِ سَوَامِي
وفَعَمْتَ لي بَحْرَ الحياةِ مُبادِراً / بحياةِ ذابِلَةِ الكُبُودِ ظَوَامِي
وبَسَطْتَ لي وَجْهاً كَسَفْتَ بِنُورِهِ / كُرَبَ الجَلاءِ وَخَلَّةَ الإِعْدَامِ
وَوَجَدْتُ ظِلَّكَ بَعْدَ يأْسِ تَقَلُّبِي / وَطَنَ الرَّجَاءِ ومَنْزِلَ الإِكْرَامِ
فكَأَنَّ وجهَكَ غُرَّةُ الفِطْرِ الَّذِي / وافى بِفِطْرِيَ بَعْدَ طُولِ صِيامِي
وكَأَنَّ ظِلَّكَ لَيْلَةُ القَدْرِ الَّتِي / كَفَلَتْ بأَجْرِ تَهَجُّدِي وقِيامِي
ولْتَعْلَمِ الآفاقُ أَنَّكَ مُنْعِمٌ / حقّاً وأَنِّيَ شاكِرُ الإِنْعامِ
اسعَدْ كَمَا سَعِدَتْ بِكَ الأَيَّامُ
اسعَدْ كَمَا سَعِدَتْ بِكَ الأَيَّامُ / واسْلَمْ كَمَا بِكَ يسلَمُ الإِسلامُ
وابْهَرْ بملك ثابتٍ أَركانُهُ / فِي باذخٍ للعزِّ لَيْسَ يُرَامُ
وانعَمْ بحمَّامٍ حِمىً لَكَ فَأْلُهُ / وَعَلَى عَدُوِّكَ تَرْحَةٌ وحِمامُ
مِمَّا بَنَتْهُ لَكَ السُّعودُ وأَبدَعَتْ / فِيهِ المُنى وتأَنَّقَ الإِحكامُ
وتدفَّقَتْ فِيهِ المياهُ كَمَا جَرى / فِي كَفِّكَ الإِفضالُ والإِنعامُ
متأَلِّفُ الأَضْدادِ إِلّا أَنَّهُ / فِيهِ طباعُ زمانِهِ أَقسامُ
فكأَنَّ سيفَكَ فِي يمينكَ شادَهُ / حَتَّى التقى فِيهِ ندىً وضِرامُ
وكأَنَّما يَسْرِي لِمُثْعَبِ مائِهِ / دِيَمٌ يخالِطُ بَرْقَهُنَّ غمامُ
مُتَفَرِّجُ الأَبوابِ عن صَحْنٍ ثوى / فِيهِ الصباحُ وشُرِّدَ الإِظلامُ
وتَخَيَّلَتْ فِيهِ خُيُولُكَ خافِقاً / من فوقِها الرَّاياتُ والأَعْلامُ
يتلُوهُ مُنْفَجَرُ المياهِ كَأَنَّها / من فيضِ جودِكَ فِي الأَنامِ سِجامُ
وتَلِيهُ من جَوِّ الربيعِ سجِيَّةٌ / فِيهَا تساوى الليلُ والأَيَّامُ
مُفْضٍ إِلَى شكلِ الهجيرِ ونارُهُ / بَرْدٌ عَلَيْكَ وإِنْ غَلى وسلامُ
فكأَنَّهُ صدرُ المتيَّمِ هاجَهُ / من ذِكْرِ من يَهْوى جوىً وغرامُ
وتأَلَّفَتْ من مائِهِ ورُخَامِهِ / شكلانِ تُشْكِلُ فيهما الأَوهامُ
هل تَحْتَ ذَاكَ الماءِ ماءٌ جامدٌ / أَم ذابَ من فوقِ الرُّخامِ رخامُ
وكأنما رِيقُ الحبيبِ جَرى عَلَى / ثغرٍ كَمَا نَظَمَ الفريدَ نِظامُ
فَهُوَ الَّذِي لِهَوى النفوسِ هواؤُهُ / ترتاحُهُ الأَرواحُ والأَجسامُ
وهُوَ الزمانُ شتاؤُهُ ومَصِيفُهُ / وخريفُهُ وربيعُهُ البَسَّامُ
وهو الحياةُ نعيمُها ونسيمُها / وسرورُها لَكَ سَرْمَدٌ ودَوَامُ
فانعَمْ بِهِ وبكُلِّ زَهْرَةِ عِيشَةٍ / مَا غَرَّدَتْ فَوْقَ الغصونِ حَمَامُ
فكأَنَّ من حانِي السَّحائِبِ جُودَها
فكأَنَّ من حانِي السَّحائِبِ جُودَها / وكأَنَّ من صَعْقِ البروقِ حُسامَها
فعَلى سواكِبِها إذَا جادَتْ رُبى / زَهَرِ الرجاءِ فواتَرَتْ إِنعامَها
أَنْ تُتْبِعِ الدَّلْوَ السَّجُوفَ رشاءها / يوم الخَوامِسِ والجوادَ لِجَامَها
لم تطَّلِعْ زُهْرُ النجومِ سوارِياً / إِلّا رَأَتْهُ فِي السَّنَاءِ أَمامَها
يا رُبَّ شامِخَةِ الذَّوائِبِ والذُّرى / أَوْطَأْتَ أعلامَ الهُدى أَعْلامَها
أَشرَعْتَ تَنْحُوها قِسِيَّ عزائمٍ / كانت هوادِي المُقْرَبَاتِ سِهامَها
الرِّيحُ أَحْسَرُ من يَؤُمُّ مَحَلَّها / والنَّجْمُ أدنى مِنْ يَدَيْ مَنْ رَامَها
فَهَتَكْتَ بالبِيضِ الرِّقاقِ سُجُوفَها / وفَضَضْتَ بالجُرْدِ العِتاقِ خِتامَها
ورفعتَ من صُلْبانِ بِيعَةِ قُدْسِها / ناراً تَشُبُّ على الضلالِ ضِرامَها
ولَرُبَّ حاميَةِ الوطيسِ من الرَّدى / دَلَفَت وَقَدْ كَسَتِ السماءَ قتامَها
أَقْحَمْتَ أَجيادَ الجِيادِ مكرَّماً / فَصَلِينَ جاحِمَها وكنتَ إِمامَها
فاسْعدْ بِسِبْطَيْ دولَةِ العَرَبِ الَّتِي / بسناهُما جَلَتِ الخطوبُ ظلامَها
عبدَ المليكِ حُسامَها وسنانَها / ومِجَنَّها ومَلِيكَها وهُمَامَها
والقائِدَ الأَعلى المملَّكَ والذي / زانَتْ مناقِبُ مجدِهِ أَيامَها
لا زالَ دينُ الله يأوي ظِلَّكُمْ / مَا ظَلَّلَتْ خُضْرُ الغصونِ حَمامَها
لَوْ كَانَ يَعْدِلُ حاكِمٌ فِي حُكْمِهِ
لَوْ كَانَ يَعْدِلُ حاكِمٌ فِي حُكْمِهِ / أَوْ كَانَ يُقْصِرُ ظالِمٌ عن ظُلْمِهِ
مَا جُشِّمَ الدَّنِفُ السَّقِيمُ مَلامَةً / تُغْرِي الهَوى بغرامِهِ وبِسُقْمِهِ
هل صَمَّ سمعٌ عن جَلِيَّةِ عُذْرِهِ / أَوْ ضاقَ ذَرْعٌ عن تَغَمُّدِ جُرْمِهِ
كَلِفاً يُكَلِّفُهُ العَذولُ تَسَلِّياً / عن حُبِّ مَنْ صَرَمَ السُّلُوَّ بِصَرْمِهِ
مَنْ عاذِرِي من عاذلٍ عِصيانُهُ / من هِمَّتِي وصبابَتي من هَمِّهِ
لما صَبَوْتُ قضى عَلَيَّ بظَنِّهِ / فأَجازَ فِي خَصْمٍ شهادَةَ خَصْمِهِ
يا وَيحَهُ لَوْ غالَني صرفُ الرَّدى / فَيَبُوء بِاِثْمِ المستهامِ وإِثْمِهِ
إِنْ لَمْ أَمُتْ مِمَّا أُقاسِي فِي الأَسى / وَجْداً فأَوْشِكْ أَنْ أَموتَ بِزَعْمِهِ
عهداً عَلَيَّ لئِنْ ظَفِرْتُ بسلوةٍ / مِمَّنْ هَوِيتُ لأَعشقَنَّ بِرَغْمِهِ
يا حاجِباً تُزْهى الحِجابَةُ والعُلا / وسَنا المراتِبِ والقيادَةِ باسْمِهِ
مَلِكٌ تَحَكَّمَ فِي هواهُ حَزْمُهُ / وأَباحَ سيفُ نداهُ مُهْجَةَ حَزْمِهِ
وطما عَلَى العافِينَ بحرُ سماحِهِ / فحوى الثناءَ بِطِمِّهِ وبِرِمِّهِ
والحلْمَ من ميراثِ أَحْنَفَ خالِهِ / والبأْسَ من ميراثِ عَمْروٍ عَمِّهِ
بأْسٌ تميدُ الأَرْضُ من رَوْعاتِهِ / ذُعْراً وَتَنْهَدُّ الجِبالُ لِعَزْمِهِ
مُتَقَحِّمُ الأَهوالِ فِي ضَنْكِ الوغى / فكأن نفسَ عدُوِّهِ فِي جِسْمِهِ
ضربَ الزَّمانَ بسيبِهِ وبسيفِهِ / حَتَّى استقادَ لأَمرِهِ ولِحُكْمِهِ
ومضى لأَمْرِ اللهِ لما أَنْ مَضَتْ / عَلْيَاهُ فِي مكنونِ سابِقِ عِلْمِهِ
مُتَشاكِهَ الحالاتِ من أَدَواتِهِ / فِي حربِهِ وخِلالِهِ فِي سَلْمِهِ
فكأَنَّ حَدَّ سنانِهِ من بَأْسِهِ / وكأَنَّ صَفْحَةَ سيفِهِ من حِلْمِهِ
فبهاؤُهُ فِي نَصْلِهِ وذكاؤُهُ / فِي رُمْحِهِ ومَضاؤهُ فِي سَهْمِهِ
هَدَمَتْ صروفُ الدهْرِ مَا لَمْ تَبْنِهِ / وأَباحَتِ الأَيَّامُ مَا لَمْ تَحْمِهِ
ولَرُبَّ مَشْعَلَةِ السيوفِ طَمَسْتَها / قِدْماً كَمَا فعلَ الصباحُ بنجمِهِ
تأْوِي النُّجومُ الزُّهْرُ فِي شُرُفاتِهِ / ويزِلُّ عن عَلْيَاهُ مَعْقِلُ عُصْمِهِ
بَرَّدتْ أَحشاءَ الهدى بضِرامِهِ / وَبَنَيْتَ أَركانَ العُلا من هِدْمِهِ
فاسْعَدْ بعيدٍ أَنتُمُ أَعيادُهُ / وسَنيُّ مَفخَرِهِ وأَنفَسُ قِسْمِهِ
بأَعَزِّ يومٍ فِي الدُّنا وأَجَلِّهِ / وأَخَصِّ صُنْعٍ فِي المُنى وأَعَمِّهِ
طَيْرُ الفؤادِ عَلَى لَمَاكَ تحومُ
طَيْرُ الفؤادِ عَلَى لَمَاكَ تحومُ / فَهُوَ المُنى وَهِيَ الظِّماءُ الهِيمُ
أَرْيٌ تَخَلَّلَ نَظْمَ سِلْكَيْ لُؤْلُوٍ / فِي جانِبَيْهِ جَنَّةٌ ونَعيمُ
نَمَّت عَلَيْها طرَّةُ المِسْكِ الَّذِي / أَزْرى عَلَيْهِ رَحِيقُكَ المختومُ
وحماهُ قَوْسا حاجِبَيْكَ بأَسْهُمٍ / قَلْبِي بِهِنَّ مُجَرَّحٌ مكلومُ
وسَناً كإِصْباحِ المُغارِ مُرَوِّعٌ / ودُجىً كإِظلامِ البياتِ بَهِيمُ
وعقارِبٌ صدري بِهِنَّ مُلَسَّعٌ / وأَساوِدٌ قلبي بِهِنَّ سَليمُ
فكأَنَّنِي لَمْ يَحْمِنِي المَلِكُ الَّذِي / سَجَدَ الفِرَنْجُ لتاجِهِ والرُّومِ
أَوْ لَمْ تُجِرْنِي راحَةٌ يَمَنِيَّةٌ / حَيَّ السَّماحُ بِهَا وماتَ اللَّومُ
النصرُ حِزْبُكَ فِي الضَّلالَةِ فاحْتَكِمْ
النصرُ حِزْبُكَ فِي الضَّلالَةِ فاحْتَكِمْ / واغضَبْ لدينَ اللهِ مِنْها وَانْتَقِمْ
قَدْ وافَقَ التوفيقُ سَعْيَكَ مُقْدِماً / فِيهَا وَقَدْ عَزَمَ القضاءُ لما عَزَمْ
فموارِدُ النصرِ العزيزِ لَهَا مَدىً / وعوائِدُ الفَتْحِ المُبِينِ لَهَا أَمَمْ
فَلَرُبَّ موقفِ ظافِرٍ لَكَ فِي الوَغى / والخيلُ تَعْبِسُ والبوارِقُ تَبْتَسِمْ
والشمسُ فِي كبدِ السماءِ كَأَنَّها / والنَّقْعُ يغشاها كَمِيٌّ مُلْتَئِمْ
وكأَنَّما كِسْفُ العَجاجِ إِذَا التقتْ / أُسْدُ الكُماةِ سحائبٌ مَطَرَتْ بِدَمْ
ثُمَّ اقْتَحَمْتَ الحربَ فِي ضَنْكِ الوَغى / والموتُ فِي عَلَقِ الجَناجِنِ يَقْتَحِمْ
حَتَّى انتهَيْتَ من العِدى أَمَدَ المُنى / ومن العلا أَسْنى الرغائِبِ والقِسَمْ
يا ابْنَ الأُلى لم تَعْصِ طاعَةَ أَمْرِهِمْ / عادٌ عَلَى أُولى الزمانِ ولا إِرَمْ
رَفَعُوا رِواقَ الملكِ فِي أَرْماحِهِمْ / حَتَّى استكانَ الدهرُ والدنيا لَهُمْ
ولَوَ اَنَّهُمْ شَامُوا السيوفَ لأَحْرَزُوا / مُلكَ الخلائِقِ بالخلائِقِ والشِّيَمْ
ثُمَّ انْتضَوْا دونَ الهدى أَسيافَهُمْ / قَسْراً فَعزَّ الدينُ والدنيا بِهِمْ
لا نَظْمُ أَشعارِي ولا نثري ولا / صُحُفِي ولا جَهْدُ اللسانِ ولا القَلَمْ
مِمَّا يقومُ بنشْرِ أَيسَرِ مَا طَوى / صدرِي من الإِخلاصِ فيكَ وَمَا كَتَمْ
وصلاتُكَ اتَّصَلَتْ مع الأَيَّامِ لي / حَتَّى عَدِمْتُ بِهِنَّ آثارَ العَدَمْ
ورَفَعْنَ ذِكْرِيَ فِي عبيدِكَ فاعْتلى / ونَظَمْنَ شمليَ فِي جِوارِكَ فانتظَمْ
وتبوَّأَتْ بِيَ من جنابِكَ مَوْطِناً / وَقْفاً عَلَى كَرَمِ الوسائِلِ والذِّمَمْ
فحطَطْتُ رحلي منكَ فِي عِزِّ الحِمى / ومنعتُ أَهلي منكَ فِي أَهلِ الحَرَمْ
وغدَتْ تَهادى بي إِلَيْكَ بصيرةٌ / دانَتْ بما شرع الوفاءُ وَمَا حكمْ
حُدِيَتْ مطايانا بأُهْبَةِ شاكِرٍ / تُزْهى بأَنْعُمِكَ الَّتِي لا تُكْتَتَمْ
ومَنِ الَّذِي يعتادُ من شمسِ الضحى / نوراً ويهدأُ فِي غياباتِ الظُّلَمْ
وبِما يَكِيدُ العجزُ عنكَ عزيمةً / أَلِفَتْ جنابَ العزِّ منك فَلَمْ تَرِمْ
وبما أقيمُ وَقَدْ حَشَدْتُ محامدي / لأقلِّ جُزْءٍ من نداكَ فلم تَقُمْ
وأَضِنُّ عنكَ ببذلِ نفسٍ طالما / سُقِيَتْ بجُودِ يَدَيْكَ أَنداءَ الكرمْ
ويَرُوعُني لفحُ الهجيرِ إِذَا الْتَقى / وَهَجاً وأَنْسى منكَ مُنَهَلَّ الدِّيَمْ
أَمُثَبِّطِي عنكَ الزمانُ إِذَنْ فَلا / نَهَضَتْ إِلَى الظِّلِّ المبارَكِ لي قَدَمْ
أَأُسَرُّ دونَكَ بالحياةِ وَكَمْ يَدٍ / لَكَ بَشَّرَتْنِي بالحياةِ وكمْ وكمْ
أَقريرةٌ عيني بعَيْشٍ لا أَرى / فِيهِ سيوفَكَ فِي عُداتِكَ تحتكِمْ
أَمُكَلَّلٌ وجهِي ووَجْهُكَ بارِزٌ / لِشَبا الأَسِنَّةِ والهواجِرُ تضطرِمْ
إِنِّي إِذَنْ لَكَفُورُ أَنْعُمِكَ الَّتِي / صَرَمَتْ حبالَ الذلِّ مِنِّي فانصرمْ
لا والذي قادتْ إِلَيْكَ هِباتُهُ / مُلْكَ الملوكِ وصَفْوَ طاعاتِ الأُمَمْ
لا أَقتدِي بالخالِفينَ ولا أُرى / أَسعى لِنَيْلِ رِضاكَ فِي أَدْنى الهِمَمْ
حَتَّى تَبَيَّنَ كَيْفَ أَثمارُ النَّدى / عندي وتَبْلُوَ كَيْفَ شكري لِلنِّعَمْ
ويُريكَ صدقُ موارِدِي ومَصَادِرِي / إِبْطالَ مَا اختلَقَ الحسودُ وَمَا زَعَمْ
ولعلَّ من يقضِي الأُمورَ يُقيدُنِي / بِرِضاكَ من صَرْفِ الزمانِ فأَحْتَكِمْ
عادَتْ عَلَيْكَ عوائِدُ الأَعوامِ
عادَتْ عَلَيْكَ عوائِدُ الأَعوامِ / فِي العِزِّ والإِجلالِ والإِعظامِ
وعَمَرْتَ هَذَا الملكَ منتهياً بِهِ / أَمَدَ الدهورِ وغايةَ الأَيَّامِ
في صحّةٍ مصحوبةٍ بتمامِ / وسلامَةٍ موصولةٍ بدوامِ
وقهرْتَ أَشياعَ الضلالِ مُؤَيَّداً / بنوافِذِ الأَقْدارِ والأَحكامِ
وبلغتَ حَيْثُ نَوَتْ لقصدِكَ هِمَّةٌ / موصولَةُ الإِنْجادِ والإِتهامِ
متذلِّلٌ لَكَ عزُّ كلِّ مُمَنَّعٍ / متسهِّلٌ لَكَ صعبُ كلِّ مَرَامِ
حَتَّى تَبَوَّأَ بالمشارِقِ طاعَةً / مأْمولَةً من مُعْرِقٍ وشآمِي
وتَرُدَّ نائِي الملكِ فِي أَوْطانِهِ / من عهدِ كلِّ مُتوَّجٍ فمُقامِ
وتُنِيخَ رَحْلَ العِزِّ غيرَ مُدَافَعٍ / بمعاهِدِ الأَخوالِ والأَعمامِ
وتحلَّ بالحَرَمَيْنِ منك كتائِبٌ / مأْمونَةُ الإِحلالِ والإِحرامِ
فَبِكَ استعاذَ الملكُ من سَطْوِ العِدى / وغَدَا بسيفِكَ باهِرَ الأَعْلامِ
وبنورِ وجهِكَ أَشْرَقَتْ سُبُلُ الهُدى / وانجابَ عنها غَيْهَبُ الإِظلامِ
وبجودِكَ اتَّصَلَتْ أَمانِيُّ الورى / بالنُّجْحِ وانْفَصَمَتْ عُرى الإِعدامِ
فليَشْكُرَنَّ الدينُ أَنْ أَوْليتَهُ / عطفَ الشقيقِ وخُلَّةَ الأَرحامِ
فصدعْتَ عنه الجوْرَ صَدْعَةَ ثائِرٍ / ونظمتَ فِيهِ العَدْلَ أَيَّ نظامِ
فاسعَدْ بأَضعافِ الجزاءِ وخُذْ بِهِ / أَوْفى الحظوظِ وأَوفَرَ الأَقسامِ
وليهنِكَ الفوزُ الَّذِي أَحرزْتَهُ / نُسْكاً بأَزْكى قُرْبَةٍ وصِيامِ
وليهنِكَ الفِطْرُ الَّذِي استقبلتَهُ / لَهِجاً بخيرِ تحيةٍ وسلامِ
مستبشِراً بالحاجِبِ النَّدْبِ الَّذِي / فِي بُرْئِهِ بُرْءٌ منَ الأَسقامِ
بَدْرُ المعالي شَفَّهُ بعضُ الَّذِي / مَا زالَ يلْحَقُ كُلَّ بَدْرِ ظَلامِ
وشَكَاةُ ضِرْغامٍ جديرٌ كَرُّها / من جسمِ ضرغامٍ إِلَى ضرغامِ
حَمِيَتْ جوانِحُ صَدْرِهِ شوقاً إِلَى / لَمْعِ الأَسِنَّةِ فِي الهجيرِ الحامِي
وشَكا اعتلالاً حينَ هامَ تَذَكُّراً / نحو الطِّعانِ ونحوَ ضرب الهامِ
وأَنا الزعيمُ بأَنَّ عاجِلَ بُرْئِهِ / فِي قَرْعِ طبلٍ أَوْ صَلِيلِ لِجامِ
أَوْ لُبسِ دِرْعٍ أَوْ تَهَادِي سابِحٍ / أَوْ مَدِّ رُمْحٍ أَوْ بريقِ حُسامِ
خَوَّاضُ أَهوالِ الحروبِ مساورٌ / غُلْبَ الليوثِ مُضَعْضِعُ الآجامِ
مستقبَلٌ بالنُّجحِ ممنوعُ الحِمَى / ماضِي الطِّعانِ مُؤَيَّدُ الإِقدامِ
أَمَّ العُداةَ فصالَ صَوْلَ حِمامِ / وسَقَى العُفاةَ فصابَ صَوْبَ غمامِ
ولَرُبَّ مُبْهَمَةِ الفروجِ تَمَزَّقَتْ / غَمَّاؤُها عن وجْهِهِ البَسَّامِ
حازَتْ لَهُ الهِمَمُ السَّنِيَّةُ مَنْزِلاً / فِي الفخْرِ أَعْجَزَ خاطِرَ الأَوهامِ
وتهلَّلَتْ منهُ المكارِمُ والنَّدَى / والبأْسُ عن مَلِكٍ أَغرَّ هُمامِ
أَعطَى السِّيادَةَ حَقَّها حَتَّى اغْتَدَتْ / منهُ الحِجابَةُ فِي المَحَلِّ السَّامِي
وحَوَى عن المنصُورِ غُرَّ شمائِلٍ / قادَتْ لَهُ الدُّنْيا بِغَيْرِ زِمامِ
يا ربَّنا فاحْفَظْ عَلَيْنا مِنهُما / ذُخْرَ الرجاءِ وعُدَّةَ الإِسلامِ
يا مُوسِعَ الرَّاجِينَ إِفضالاً ويا / مَأْوَى الغريبِ وكافِلَ الأَيتامِ
أَعْجِزْ بجهدي أَنْ يَفي بالعهدِ من / مِنَنٍ عَلَيَّ لراحتَيْكَ جِسامِ
فَلأَفْخَرَنَّ عَلَى الزمانِ وأَهلِهِ / بِصِلاتِ جودٍ من نداكَ كِرامِ
أَصْبَحْنَ لي دونَ اللِّئامِ وِقَايَةً / وإِلَى علاكَ وَسيلَتِي وذِمامِي
والعدلُ فِي حكمِ المكارِمِ والعُلا / أَن يُشفَعَ الإِنعامُ بالإِنعامِ
فلأَشكُرَنَّكَ أَوْ تَجِيءَ مَنِيَّتِي / ولأَرْجُوَنَّكَ أَوْ يُحَمَّ حِمامي
ولأَصْرِمَنَّ علائِقَ الأَمَلِ الَّذِي / يقتادُني لِسِواكَ أَيَّ صِرامِ
اللهُ جارُكَ ظاعِناً ومُقِيما
اللهُ جارُكَ ظاعِناً ومُقِيما / ومُثِيبُك التبجيلَ والتعظِيما
قرَّتْ عيونُ المسلِمينَ وَقَدْ رَأَوْا / إِقدامَ عزمٍ بالفتوحِ زَعِيما
كَرَّاتُ نَصْرٍ أَصبَحَتْ لِذَوِي الهُدى / هِمَماً وَفِي أَرضِ الضلالِ هُمُوما
ما يَمَّمَتْ بالفلج مهجةُ كافِرٍ / إِلّا انثنى من ذِكْرِهِنَّ أَمِيما
فارفعْ لواءً بالنجاحِ عَقدْتَهُ / بالنَّصرِ فِي سُبُلِ الهُدى مَوْسُوما
وانْهَضْ بأَنصارِ الهُدى نحوَ العِدى / جيشاً بخَسْفِهِمُ أَجشَّ هَزِيما
من كُلِّ سامي الطَّرْفِ يَحْدُو وُلَّهاً / قَدْ غادَرَتْ أُمَّ الضلالِ عقيما
تُذْكِي أَكُفُّهُمُ لإضرامِ الوَغى / شُعَلاً وَفِي قِمَمِ الرؤسِ نجوما
مُسْتَلئِمينَ من السيوفِ بوارِقاً / ومن السَّنَوَّرِ عارِضاً مركوما
عزَّتْ بذكرِكَ فِي البلادِ صوارِمٌ / تركَتْ رجاءَ عُدَاتِها مَصْرُوما
وأَسِنَّةُ الخَطِّ الَّتِي خَطَّتْ عَلَى / شِيَعِ الضلالَةِ حَينَها المحتوما
طَلَعَتْ عَلَى دينِ الهُدى بكَ أَسْعُداً / وَعَلَى ديارِ المشركينَ رُجوما
فاطلُبْ بِهَا واللهُ مُسْعِدُ حظِّها / حَظَّاً من الفتحِ المُبينِ جَسيما
وامدُدْ عَلَى الآفاقِ كَفَّاً لَمْ تَزَلْ / تُفْني بوادِرُها العِدى والُّلوما
صابَتْ عَلَى الإِشراكِ خَسْفاً مُفْنِياً / وهَمَتْ علينا بالنوالِ غُيُوما
فلَقَدْ وسِعْتَ الأَرضَ معروفاً وَقَدْ / شَيَّدْتَ مجداً فِي السماءِ مُقيما
ولقد حَمَيْتَ ذِمارَ أُمَّةِ أحمدٍ / وأبَحْتَ من عِزِّ الضلالِ حَريما
في مَعْرَكٍ أَظْمَأْتَ أَكبادَ العِدى / فِيهِ وَرَوَّيْتَ الرِّماحَ الهيما
أَخْضَلْتَ فِيهِ السَّيفَ من مُهَجاتِهِمُ / وتركتَهم لِلرَّامِساتِ هَشِيما
بِكَ أَصْبَحَ الثَّغْرُ المُرَوَّعُ مُشْرِقاً / ولَكادَ قَبْلَكَ أَن يكونَ بهيما
يا أَيُّهَا المَلِكُ الَّذِي بسيوفِهِ / ورماحِهِ أَضحى الهدى مَعْصوما
بِكُمُ اغتدى شملُ العِدى مُتَبَدِّداً / وبكُمْ غَدا شملُ الهُدى منظوما
طِبْتُمْ فروعاً فِي ذُؤَابَةِ يَعْرُبٍ / وزَكَوْتُمُ فِي المالِكِينَ أَرُوما
المُسْرِعُونَ إِلَى النَّدى والطَّائِرُو / نَ إِلَى الوَغى والرَّاجِحُونَ حُلوما
والمُنتَضُونَ سيوفَهُمْ لوقائِعٍ / عَزَّتْ قناها فارِساً والرُّوما
دانَتْ لهم غُرَرُ المناقِبِ واصطَفَوْا / حَسَباً حديثاً فِي الدُّنا وقَدِيما
كَرُمَتْ مَغارِسُهُمْ وطابَ نِجارُهم / حَتَّى غدا بِهِمُ الزمانُ كريما
أقْدَمتَ دونَ مَعالِم الإسلامِ
أقْدَمتَ دونَ مَعالِم الإسلامِ / فاقْدَمْ بخيرِ تحية وسَلامِ
متقلِّداً سيفَ الغناءِ وفوْقَهُ / حَليُ البهاءِ وحُلَّةُ الإعْظامِ
سامٍ إلى مرآكَ أبصارُ الورى / قَلقاً إليكَ مُبارَكُ الإكرامِ
فوزاً بأسنى القِسمِ من مَلِكٍ حَوى / من صِدْقِ سَعيِكَ أجزَلَ الأقْسامِ
فَجَزَاكَ من كَرَمِ القُدومِ وفاءَ ما / أبليتَهُ من صادِقِ الإقدامِ
بمواقفٍ لكَ فِي الوغى سُمْنَ العِدى / طَيْشَ العقولِ وزَلَّةَ الأقدامِ
ومناقبٍ لولا دُنُوُّكَ للنَّدى / لأرَتْكَ فِي جَوِّ السماءِ السَّامي
رُتَباً رفَعْتَ ثناءها وسَناءَها / بِشَبا الرِّماحِ وألسُنِ الأقلامِ
وحمائِلٍ فِي طَيِّ مَا حَمَّلتَها / ذُلَّ الضَّلالِ وعزَّةُ الإسلامِ
للهِ منه صارمٌ لَكَ كُلَّما / نَجَمَ الشِّقاقُ دَنا لَهُ بِصِرامِ
نَكَصَتْ سيوفُ الغَي عنهُ وانْحَنَتْ / فَهِيَ الأهِلَّةُ وَهْوَ بَدْرُ تَمامِ
تَمَّتْ لَهُ وبهِ الرَّغائِبُ وانْجَلى / منهنَّ ليلُ الظُّلمِ والإظلامِ
سارٍ إلى الأعداءِ فِي سَنَنِ الدجى / حَتَّى يُقِيلَ عَلَى مَقيلِ الهامِ
فبه حَلَلْتَ بلادَ حِلِّكَ وانثنى / حَرَمَاً عَلَى الغاوينَ كُلُّ حَرَامِ
وحَكَمْتَ بالحقِّ المبينِ لأهلِهِ / عَدلاً من الأقدارِ والأحكامِ
أرضاً أنَرْتَ الحَقَّ فِي أعلامِها / بخوافِقِ الرّايات والأعلامِ
ومَطَرْتَ عاليَها صواعِقَ بارقٍ / أغدَقْتها بسوابِغِ الإنعامِ
سقياً لَهَا بِحَيا الحياةِ وكاشِفاً / عنها غَرَامَ الغُرْمِ والإرْغامِ
غادرتها للغدرِ دارَ إزالةٍ / وأقمتَها للأمن دارَ مقامِ
ونَظَمْتَ دُرَّ عُقودِها وعهودِها / فِي سِلْكِ هَذَا المُلْكِ أيَّ نِظامِ
وأقَمْتَ حَدَّ اللهِ فِيمَنْ ضامَها / ضَرْباً بِحَدِّ الصارِمِ الصَّمْصامِ
باغٍ أصابَ بِبَغْيهِ وبنكثِهِ / نَفساً عليها يَتَّقي ويُحَامِي
ولِئنْ خَتمْتَ عَلَيْهِ سِجنَكَ قاهِراً / فَغَدَا وأمْسى منكَ رَهْنَ حِمامِ
في بَطْنِ أمٍّ بَرَّةٍ لَقِحَتْ بِهِ / يومَ الوغى من ذابِلٍ وحُسامِ
فلقد تَمَخَّضَ عنه منكَ بروعَةٍ / تُوفي فتُسْقطُهُ لِغَيرِ تمامِ
ولقد نَدَبْتَ لِحَرْبِهِ فِي بَطْنِها / قَرْعَ الظُنونِ ومُرْجِفَ الأوْهامِ
ولَو اسْتَجَزْتَ لَهُ المَنامَ لَرَدَّهُ / كي لا يَرى عينَيْكَ فِي الأحلامِ
ولقد مَلأتَ عليهِ أجوَازَ المَلا / برَوَابِضِ الآسادِ فِي الآجامِ
مُتَرَبِّصينَ جَنى ثمارٍ قَدْ أنى / منها إليكَ تَفَتُّحُ الأكمامِ
فَابْشِرْ بِهَا من نِعْمَةٍ مشكورَةٍ / فِي دَوْلَةٍ موصولَةٍ بِدَوَامِ
وافْخَرْ فأنتَ لكلِّ مجدٍ مَفْخَرٌ / واسْلَمْ فأنتَ ذخيرةُ الإِسْلامِ
سعياً بِهِ أعْدَمْتَ مِثلَكَ فِي الورى / فَحَوَيْتَ مفخر ذلِكَ الإعدامِ
ولَئِنْ رَعَيْتَ الدِّينَ والدنيا فَما / أَنْسَتْكَ رَعْيَ وسائِلي وذِمامي
يومَ اطَّلعْتَ مشارِبي فرأيتَ فِي / عُقْرِ الحِياضِ الوُفْرِ خِزْيَ مقامي
وأنِسْتَ من نَظَري تَذَلُّلَ موقفي / ووَجِسْتَ فِي الأَحشاء حَرَّ أُوامي
ورأيتَ فِي أنيابِ عادِيَةِ العِدىْ / لَحْمِي وظُفْرُ الظُلْمِ مِنِّي دامي
وعَلِمْتَ إن أبْطَأَتَ عنّي أنَّني / مِمَّا أُلاقِي لا أَشُدُّ حِزامي
فَسَبَقْتَ خَشْيَةَ أن تَحينَ مَنِيَّتي / وبَدَرْتَ خِيفَةَ أنْ يُحَمَّ حِمامي
ونَكِرْتَ من جَوْرِ الحوادِثِ أنَّني / ظامٍ وبَحْرُ الجودِ فَوْقِيَ طَامِ
وحَرِجْتَ مِنِّي أن أهيمَ بغُلَّتي / سُقماً وَفِي سُقْياكَ بُرْءُ سَقامي
وبَصُرْتَ من خَلَلِ التَجمُّلِ خَلَّتي / وفَهِمْتَ من صمتِ الحياءِ كلامي
فَفَتقْتَ أنهارَ الجَدَا لحدائِقي / ونَصَبْتَ أغراضَ المُنى لِسِهامي
وفَتحْتَ نحوَ الماءِ ضِيقَ مَوَارِدِي / وفَسَحْتَ فِي المَرْعى لِرَعْي سَوَامي
وأنِفْتَ للآدابِ أنْ يَسْطُو بِهَا / جَهْلُ الزَّمانِ وعَثْرَةُ الأيَّامِ
رَحِماً من العِلْمِ اقتضى ليَ رَحْمَةً / من واصِلِ الآمالِ والأرْحامِ
فَلأَهْتِفَنَّ بحمدِها وثنائها / وجزائها فِي مُعْرِقٍ وشَآمِي
ولأَرْجُوَنْ بتمامِها من مُنْعِمٍ / لا يَرْتَضِي النُّعْمى بغيرِ تمامِ