وافاكَ مِن فَلَقِ الصَباحِ تَبَسَّمُ
وافاكَ مِن فَلَقِ الصَباحِ تَبَسَّمُ / وَاِنجابَ مِن غَسَقِ الظَلامِ تَجَهُّمُ
وَاللَيلُ يُنعى بِالأَذانِ وَقَد شَدا / بِالفَجرِ طَيرُ البانَةِ المُتَرَنِّمُ
وَدُموعُ طَلِّ اللَيلِ تخلقُ أَعيُنا / يَرنو بِها مِن ماءِ دِجلَةَ أَرقَمُ
يا صاحِبي بَينَ الصَراةِ وَدِجلَةٍ / وَدَعا العلاقَةَ مُسعدٌ وَمُتَيَّمُ
هَل في لِحاظِكَ إِنَّما هِيَ عطفَةٌ / زَهرٌ عَلى خُضرِ الرُبى أَو أَنجُمُ
بيضٌ كَما ضَحِكَت حَواشي رَوضَة / وَشّى السِماكُ ملاءَها وَالمِرزَمُ
خَبَطَت بنا ورقَ الظَلامِ سَوابِحٌ / مِلءُ النَواظِرِ سَيرهُنَّ تَوَهُّمُ
فَإِذا سَرَت فَاللَيلُ مِنهُم أَبيَضٌ / وَإِذا غَدَت فَالصُبحُ مِنها أَدهُمُ
مِن كُلِّ هَفهافِ العنانِ كَأَنَّهُ / نَفسُ المشوقِ تَعاوَرَتهُ اللُوَّمُ
بَيني وَبَينَ الدَهرِ يَومٌ مِثلُهُ / وَالبيضُ تَشهَدُ وَالصَوارِمُ تَحكُمُ
وَمِن المشاهدِ كَالشُهودِ سَوامِعٌ / وَمِنَ الأَسِنَّةِ أَلسُنٌ تَتَكَلَّمُ
سامَت لِساني فيكَ يا اِبنَ مُحَمَّدٍ / مِقةٌ إِذا كُتِمَ الهَوى لا تكتمُ
وَمَحَبَّةٌ مَوروثَةٌ مَكسوبَةٌ / بُدِئَ الزَمانُ بِها وَعَنها يُختَمُ
وَإِلَيكَ مِن بِنتِ الضَميرِ حَديقَةً / غَنّاءَ تُنجِدُ بِالرُواةِ وَتُتهِمُ
طَبَّقتُ آفاقَ الكَلامِ فَلَم أَدَع / زَهراً يَرِفُّ وَلا جُماناً يُنظَمُ
وَحَدَوتُ مِن غُرَرِ البَديعِ بِأَينُقٍ / أَنا خَلفَها بادي العُروقِ مُحَرّمُ
وَتَرَكتُ أَرضَ الغَربِ وَهيَ كَأَنَّما / بي عالِجٌ أَو ضارِجٌ أَو زَمزَمُ
وَرَحمت في الآدابِ كُلِّ مُسَفسفٍ / يَثغو إِذا هَدَرَ الفَنيقُ المُقرمُ
وَالفَهمُ قَد غارَت نُجومُ سَمائِهِ / وَالعلمُ وَحيٌ وَالطُروسُ تُتَرجَمُ
لِلَّهِ دَرُّكَ هَل لِمَجدِكَ غايَةٌ / إِلّا وَأَنتَ بِها معنّىً مغرَمُ
وَعَلاكَ لي رِدءٌ وجودُكَ في يَدي / ماضٍ كَرَأيِكَ في الخُطوبِ مُصَمّمُ
هَزَّتكَ أَرواحُ السَماحَةِ بانَةً / وَمِنَ الرَجاحَةِ في حِماكَ يلملَمُ
وَتَعَلَّمت مِنكَ الغَمامَةُ شيمَةً / تَهمي وَفيها لِلبُروقِ تَبَسّمُ