القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ناصِيف اليازجي الكل
المجموع : 19
دَعْ ذِكرَ باناتِ العَلَمْ
دَعْ ذِكرَ باناتِ العَلَمْ / والنازلاتِ بذي سَلَمْ
جَدَّ المشيبُ فلا تَدَعْ / ذاك القديمَ على القِدَمْ
للدَّهرِ حُكمٌ في الوَرَى / فأطِعْهُ وارضَ بما حَكَمْ
واصبِرْ وإلا فالضَّنَى / وافكُرْ وإلاّ فالنَدَمْ
واعملْ بعلِمِكَ إنَّهُ / من دُونِ ذلكَ كالعَدَمْ
وإذا سكَتَّ فعن رِضَىً / وإذا نَطقتَ فبالحِكَمْ
وإذا سَألتَ فلا تَزِد / وإذا سُئلتَ فقُلْ نَعَمْ
وإذا أرَدتَ قصيدةً / نَبِّهْ لها عُمَراً وَنَمْ
الشاعرُ العربيُّ ذو ال / غَرَرِ التي سَبَتِ العَجَمْ
عَلَمٌ هُوَ الهادي الرفيعُ / فكيفَ شِئتَ هو العَلَمْ
في المَكرُماتِ لهُ يدٌ / وإلى الصَّوابِ لهُ قَدَمْ
ولهُ مَناقِبُ لا تُنا / لُ كأنَّها صيدُ الحَرَمْ
يا من شمائلُ لُطفِهِ / نَسَمٌ بها تحْيا النَسَمْ
آياتُ حَقٍٍّ أُنزِلَتْ / ما بينَ نُونِكَ والقَلَمْ
أعجَزْتَني عن حَصرِها / فأضَعتُ فَذلكَةَ الرَّقَمْ
للشوقِ عِندكَ مُقعِدٌ ومُقيمُ
للشوقِ عِندكَ مُقعِدٌ ومُقيمُ / ذاك الصِّحيحُ وأنتَ منهُ سقيمُ
إن كانَ هذا الشوقُ داءً حادثاً / فالحُبُّ داءٌ في الفُؤادِ قديمُ
في كُلِّ قلبٍ للصَّبابةِ مَنزِلٌ / ولكلِّ صَبٍّ مشرَبٌ معلومُ
والحُبُّ أشبَهُ بالحبيبِ كَرامةً / فكريمُهُ حيثُ الحبيبُ كريمُ
جَرَتِ القُلوبُ على الخِلافِ لحكمةٍ / إنَّ الذي خَلَقَ القُلوبَ حكيمُ
لولا التَّفاوتُ في البريَّةِ لم يكُنْ / وَجهٌ بمَصحلةِ العبادِ يقومُ
في كل عينٍ نُزهةٌ وطُلاوةٌ / ولكلِّ نفسٍ لَذةٌ ونعيمُ
ولَعلَّ بعضَ السيئاتِ بزَعمِهمْ / حَسَنٌ وبعضَ الطيباتِ ذميمُ
ولَرُبَّ عاذِرِ نفسِهِ في خَلَّةٍ / يَنْهاكَ عنها ناصحاً ويلومُ
وإذا انتهيتَ ظلمتَ نفسكَ مرَّةً / فلَعلَّ بعضَ الناصحينَ ظَلُومُ
أهلُ الزَّمانِ على خِلافٍ لازمٍ / مِثلَ الزَّمانِ وفي الخِلافِ لُزومُ
أحكامُ دَهرٍ ليسَ يَعلَمُ سِرَّها / إلا حكيمٌ بالإلهِ عليمُ
أنتَ المُشارُ إليه في ما نَدَّعي / يا مَن لهُ المنطوقُ والمفهومُ
يا بحرَ فيضٍ والبحارُ جداولٌ / يا بدرَ تمٍّ والبُدورُ نجومُ
يا سيّداً جادَ الزَّمانُ لنا بهِ / خَجَلاً لمن قال الزَّمانُ لئيمُ
لكَ في الكلامِ فوائدٌ منثورةٌ / حَكَمت بأن يُهدَى لكَ المنظومُ
تلك الحقائقُ في عُلاكَ تحجَّبت / وبَدَت لعين الناظرِينَ رُسومُ
اطعلتَ من سِحرِ البيانِ لطائفاً / سُحَراءُ بابلَ دُونَهُنَّ تَهيمُ
أحيا عُلومَ الأوَّلين بك الذي / يُحيِى عِظامَ المَيْتِ وَهْيَ رميمُ
هذا سلَيمانُ الوَرَى لكنَّهُ / في طاعةِ الرَّحمن إبراهيمُ
لا تُنكِرُ الإفرنجُ رِفعةَ شأنهِ / والتُركُ قد شَهِدت لهُ والرُّومُ
دَينٌ علينا حمدُهُ ومديحُهُ / ولكلِّ دَينٍ طالبٌ وغريمُ
ولعلَّ عُذرَ المَرْءِ وَهْوَ مُقصِّرٌ / أدنَى قَبُولاً منهُ وَهْوَ عقيمُ
ويلاهُ قد ضاعَ الزََّمانُ ورَكْبُنَا / في كلِّ وادٍ لا يزالُ يَهيمُ
يا طِيبَ أيَّامِ الصِّبا لو أنَّها / دامت وغيرُ الله ليسَ يدومُ
عَبِثَتْ بيَ الأيَّامُ وهيَ سفيهةٌ / فشكوتُها للصبرِ وهوَ حليمُ
وإذا شكوتَ لسامعٍ خفَّ البِلَى / فكأنما قُسِمَتْ عليهِ هُمومُ
يا أيُّها الحَبرُ الذي قُلنا لهُ / بحراً فقيلَ إذنْ لهُ المظلومُ
ما بالُنا ندعوكَ بحراً بيننا / والبحرُ يغرَقُ فيكَ وهو مُليِمُ
عَرَفتْ مُلوكُ العصرِ قَدْرَك حيثُما / ألقى عَصاك الحافظُ القَيُّومُ
فحُبِيتَ من زُهر النجوم بطالعٍ / يُنبِي بسعدِ طُلوعهِ التقويمُ
أُثني عليك بما علمتُ وفاتَني / ما فوقَ عِلمِي سِرُّهُ المكتومُ
فإذا عَفوتَ فقد وَفى حُسْنُ الرِّضى / وإذا اعتذرتُ فقد وَفَى التَّسليمُ
يا نفسِ هل من أمرِ ربّكِ عاصمُ
يا نفسِ هل من أمرِ ربّكِ عاصمُ / ومَنِ الذي بقضاءِ ربِّكِ عالمُ
لا تجزَعي عندَ البليَّةِ واعلَمِي / أنَّ التَّجلُّدَ للبَلاءِ يُقاوِمُ
إن القلوبَ إذا شكت جُرحَ الأسَى / فلها مِن الصَّبرِ الجميلِ مَراهمُ
وإذا أبَيتُ اليومَ صبراً في البِلا / طوعاً صبرتُ غداً وأنفي راغمُ
فَقْدُ الحبيبِ بليَّةٌ ونظيرُها / حُزنُ المحبِّ لكلِّ قلبٍ هادمُ
لو كان عندي في دوامِ بقائهِ / طَمَعٌ لحقَّ عليهِ حزنٌ دائِمُ
مَن ليسَ يمضي اليومَ يمضي في غَدٍ / إنَّ الغريبَ عَلى الرَّحيلِ لَعازِمُ
سَفَرٌ بعيدٌ في طريقٍ طامسٍ / لا يَقدَمُ الماضي ويمضي القادمُ
يَنساقُ مخَدومٌ إليهِ كخادمٍ / هيهاتِ كُلٌّ للمنيَّةِ خادمُ
لو كانَ هذا البينُ يَرعَى حُرمةً / تُبقي الكرامَ لكانَ يبقى ناظمُ
خَطْبٌ عظيمٌ لا يقاسُ بهَوْلهِ / خَطْبٌ فليس تُعَدُّ معهُ عظائِمُ
طَفَحت على لُبنانَ منهُ كآبةٌ / لجبالهِ مثلَ الجِبالِ تُصادِمُ
للشَّامِ جسمٌ قد أُصيبَ فُؤَادُهُ / فَبَدَت عليهِ من السَّقامِ علائِمُ
إن العبادَ يَسُوءُهم ما ساءَ مَن / دُفِعَ البَلاءُ بهِ ورُدَّ الظَّالمُ
نبكي على فَقْدِ الحبيبِ ومثلَما / ضاعَ الحبيبُ يضيعُ دمعٌ ساجمُ
يُؤْذي الحزينُ جُفونَهُ بدُموعِهِ / عَبَثاً كما عضَّ البَنانَ النَّادمُ
يا أيُّها البحرُ الذي عَبِثَتْ بهِ / أنواءُ حُزنٍ مَوجُها مُتَلاطمُ
ماذا يقولُ لكَ المُعزِّي إنَّهُ / نونٌ بلُجَّتكَ العظيمةِ عائمُ
إنَّ الجِبالَ تَهُزُّهُنَّ زلازلٌ / لكن سيعقُبها سُكونٌ لازمُ
والشمسُ يَغْشاها الضَّبابُ فينجلي / واللَّيلُ يطرُدُهُ الصَّباحُ الباسمُ
أنتَ العِمادُ لأرضِنا ولمُلكِها / من بعدِ ربِّ المُلكِ منكَ دعائِمُ
وإذا سَلِمتَ لها اطمأنَّت واكتفتْ / وتَعزَّتِ الدُّنيا بأنَّكَ سالمُ
ويلاهُ من عُرسٍ تحوَّلَ مأتَما
ويلاهُ من عُرسٍ تحوَّلَ مأتَما / ولذيذِ عيشٍ قد تحوَّلَ علقَما
لم يضحَكِ المسرورُ يومَ سرورهِ / حتَّى بكَى من بعدهِ وتألَّما
يا أيُّها اللاهي بغفلتهِ انتَبِهْ / إن الحِمامَ يحومُ حولكَ في الحِمَى
كم باتَ يندُبُ نائحاً في ليلهِ / مَن كان يطرَبُ في الضُّحى مُتَرَنِّما
عَرِّجْ على غَرْبِ البِلاد وسَلْ بهِ / عَمَّا أصابَ أميرَ قيسٍ مُلحِما
خَطِفَتْ كريمتَهُ المنيَّةُ ليلةً / بسوادِها وجهُ الصَّباحِ تَلثَّما
قد غابتِ الشَّمسُ المنيرةُ في الدُّجَى / فبكى لفُرقَتِها الشِّهابُ وأظلَما
هَبَطَت إلى جوفِ الثَّرَى مِن بُرْجها / فعلا صُراخُ النَّادباتِ إلى السَّما
غابت ولم يَنصلْ خِضابُ زِفافها / عن أعينٍ خَضَبَت مَحاجِرها دَما
وتَسربَلَت ثوبَ البياضِ فالبَسَت / مَن حولها ثوبَ السَّوادِ الأدهما
خانَ الزَّمانُ بها أباها ظالماً / مَن لم يكنْ أحدٌ بهِ مُتظلِّما
والٍ تغيَّرَتِ الوُلاةُ بأسرها / وأقامَ ثابتَ دولةٍ متقدِّما
ولكلِّ والٍ كارِهٌ من دونهِ / فلهُ الوِدادُ مُخصَّصاً ومُعمَّما
جبلٌ على جبلٍ أقامَ وشأنُهُ / ما زالَ أعلى من ذِراهُ وأعظَما
يُومي إليهِ لو أصابَ لهُ يداً / ويفوهُ حمداً لو أصابَ لهُ فَما
يا فَرْعَ رَسلانَ الذي من بعدهِ / قد صار أصلاً في الكرامِ مكرَّما
ما زالتِ الدُّنيا تَقولُ لأهلِها / ليسَ الكريمُ على القَناةِ مُحرَّما
ظَلَمَ الزَّمانُ وقد عَدَلتَ أمامَهُ / لو كان فيهِ نَباهةٌ لتعَلَّما
طُبِعَ الخبيثُ على العِنادِ مُعوِّجاً / أحكامَهُ مَعَ مَن يراهُ مُقوَّما
لم يستَطِعْ ضَرَراً لشخصكَ فانثَنى / كيداً ومدَّ إلى فَتاتِكَ مِعصَما
وكأنَّهُ يجني على فُضَلائهِ / حَسَداً لهم فيَرُدُّ ما قد أنعَما
أللهُ يأخُذُ مَن يَشَاءُ مُؤَخَّراً / ولقد يُعاجِلُ من أحبَّ مُقدَّما
سيسلِّمُ الدَّعوى إليهِ كارهاً / مَن لم يكن طَوْعاً إليهِ مُسَلِّما
يا رحمةَ اللهِ العظيمِ تغمَّدي / شمساً لقد أبكتْ عليها الأَنجُما
تسقي المدامعُ بالدِّماءِ ضريحَها / سَحَراً ويغسِلُهُ السَّحابُ إذا هَمى
قد شَرَّفتْ أرضاً ثَوَت في طيِّها / لو صادَفَت ثغراً لها لتَبَسَّما
وسقَى التي فيها شرابُ كرامةٍ / ممَّا يُؤَرَّخُ كأْسُهُ يُرِوي الظَّما
نَهنِهْ دموعَكَ أيُّها الباكِي فما
نَهنِهْ دموعَكَ أيُّها الباكِي فما / تُطفي الدُّموعُ لَظىً ولا تُروي ظَما
واعلمْ بأنَّ الدَّمعَ يُصبحُ جَمرةً / إنْ مَسَّ جمراً في فؤادِكَ مُضرَما
كم ضاعَ دمعٌ في الزَّمانِ وقد جَرَى / عَبَثاً ولا عجبٌ فكم ضاعتْ دِما
إن كان قد ضاعَ البكاءُ فلا تُضِعْ / زَمَنَ البكاءِ فذاكَ أفضلُ مَغنما
تبكي لبدر الأرضُ حينَ أصابهُ ال / خَسْفُ الذي يجري على بدرِ السَّما
كلٌّ يصيرُ إلى الفناءِ كما نَرى / حتى يكادَ الدَّهرُ يُفنِي الأنجُما
لا يعدَمُ الأحزانَ في الدُّنيا سِوَى / قلبٍ يكونُ من الأحبَّةِ مُعدَما
إن كنتَ لا ترضى بفُرقةِ صاحبٍ / فاخرُجْ به منها وكن حامي الحِمَى
سَقَمٌ قديمُ العهدِ في الدُّنيا ولا / يُرجى شفاءُ الدَّاءِ حينَ استحكَما
وإذا اعتَرَى الظَّرفَ الفَسادُ لذاتهِ / كيفَ الرَّجاءُ لما بهِ أن يسلَما
فاجعلْ من السَّلوَى لنفسكَ مطعماً / واعقِدْ من الصَّبر المُصَفَّى مَرهمَا
والصَّبرُ لو ادركتَ قيمةَ نفعِهِ / أعطيتَ ديناراً لتأخُذَ دِرهما
نَحْنُ النَّصارَى آلُ عِيسَى المُنتَمي
نَحْنُ النَّصارَى آلُ عِيسَى المُنتَمي / حَسَبَ التَّأَنُّسِ للبتولةِ مَريَمَ
وَهُوَ الإِلهُ ابنُ الإِلهِ وروحُهُ / فثلاثهٌ فِي واحدٍ لم تُقَسمِ
للآبِ لاهوتُ ابنهِ وَكذا ابنُهُ / وكذا هما والرُّوحُ تحتَ تَقنُّمِ
كالشَّمسِ يَظهَرُ جِرمُها بشُعاعها / وبحَرِّها والكُلُّ شُمسٌ فاعلَمِ
واللهُ يَشَهُد هكذ بالحقِّ في / سِفرٍ لتوراةِ الكليمِ مُسَلَّمِ
عن آدمٍ قد قالَ صارَ كواحدٍ / منَّا بلفظِ الجمعِ مِن ذاكَ الفمِ
خَلَقَ البسيطةَ واحداً في جوهرٍ / أَحَدٍ لخِدمةِ آدَمَ المُستَخدَمِ
لكنْ عَصاهُ بزَلَّةٍ لا تنمحي / إلَّا بإِرسال ابنِهِ المتُجسِّمِ
فأَتَى وخلَّصَهُ وخلَّصَ نَسلَهُ / ذاكَ المخلِّصُ من عَذابِ جهنَّمِ
وشَفَى من البَلوَى وفتَّحَ أَعيِناً / وأَقامَ مَيْتاً مثلَ بالي الأعظُمِ
هذا مسيحُ اللهِ فادينا الذي / صَلَبَتْهُ طائفةُ اليهودِ كمُجرِمِ
بطبيعةٍ بَشَريَّةٍ قد أُلِّمَتْ / وطبيعةُ اللاهوتِ لم تتأَلَّمِ
حَمَلَ الجِرَاحَ بنفسِهِ مُتَعمِّداً / حتَّى تكونَ لجُرْحِنا كالمرهمِ
قد كانَ ذلكَ منهُ طَوعاً وَهْوَ قد / وافَى لهُ يَفدِي بهِ الدَّمَ بالدَّمِ
مَن قالَ للأعدا أنا هُوَ فانهوَوا / صَرْعَى أَليسَ بقادرٍ أَن يحتمي
لو لم يُرِدْ لم يأْتِ قَطُّ فإنَّهُ / أَدرَى بذا في عِلمهِ المُتَقدِّمِ
لاهوتهُ المالي الوجودِ إذا اكتَسى / جسماً فهل ضَرَرٌ لهُ بتجسُّمِ
وإذا تأَلَّمَ هل عَلَى اللاهوتِ من / أَلَمِ فليس اللهُ بالمُتألِّمِ
لكنَّهُ قد شاءَ ذاكَ لحِكمةٍ / سَبَقَتْ بغامضِ علمهِ المستحكِمِ
فَأَتَى المسيحَ بأمرهِ مُتجسِّداً / من خيرِ سِبطٍ في اليهودِ مُكَّرمِ
مُتَنازِلاً مُتَذلِّلاً مُتَواضِعاً / مُتَصاغِراً رُغماً عَلَى المتُعَظِّمِ
وهُو الإِلهُ الأعظمُ الآتي لنا / من نَسْلِ داودَ النبيِّ المُلهَمِ
أعطتهُ توراةُ الكليمِ شَهادَةً / وشَهادةً وشَهادةً لم تُكتَمِ
وكتابُهُ الإِنجيلُ حقٌّ واضحٌ / لا ريبَ فيهِ ولا سبيلَ لمُتهِمِ
في كلِّ طائفةٍ وقُطرٍ واجدٌ / ما بين أَصل عندَهم ومتُرجَمِ
كم في النَّصارَى شيعةً قد ناقضَت / أُخَرى وقد حَكَمَتْ بِما لم تحكُمِ
سبعونَ أو مئةٌ من الأحزابِ في / خُلْفٍ عَلَى لَزَمٍ وما لم يَلَزَمِ
يا طالما اختَلَفوا فما اتَّفقوا عَلَى / شيءٍ سِواهُ فغيرُهُ لم يَسَلمِ
كم آيةٍ فيهِ تُخالفُ بعضَهم / لكن عَلَى تغييرها لم يُقدِمَ
ولئنْ أخلَّ بها فأَنَّى وافَقَتْ / نَقْلَ النقيضِ ونصُّها لم يُخرَمِ
ولو استُهينَ بضبطهِ لَرأَيتَهُ / نُسَخاً بهِنَّ النَّقلُ لم يَتَقوَّمِ
وإذا تعطَّلَ كُلُّهنَّ فقُلْ لنَا / كيفَ الصَّحيحُ وأينَ يُوجَدُ واُسلَمِ
والحالُ أَنَّ لهُ كذا ألفاً من الن / نُسَخِ التي اتَّفَقتْ بضبطٍ مُحَكمِ
يَرضَى النقيضُ نقيضَهُ كنظيرهِ / فيهنَّ وَهْوَ عليهِ غيرُ مُسَلِّمِ
وإذا افتَرَضناهُ حديثاً باطلاً / ضَبَطوهُ نقلاً كالطِّرازِ المُعَلَمِ
كحديثِ عنترةِ الفوارسِ وابنِ ذي / يَزَنٍ وبعضٍ من رجال الدَّيلَمِ
فتُرَى لَوَ أنَّ الأَصمعيَّ رَوَى الذي / نجدٌ رَواهُ من الحديثِ المُتْهَمِ
وأَبا عُبَيْدَةَ مثلَهُ وجهُيَنةً / وسِواهما من كاتبٍ ومتُرجِمِ
هل يستوي النَّقلُ الذي أَودَى بهِ / نقضُ الرُّواةِ فصارَ كالمتهدِّمِ
ولَوِ الحَواريُّونَ نَصُّوهُ عَلَى / قَدَرٍ بمجتمعٍ لهم ومخُيَّمِ
جعلوهُ في التعبيرِ لفظاً واحداً / لا فرقَ فيه لناظرِ المتُوسِّمِ
ولَوَ أَنَّهم كتبوا كما شاءَ الهوى / شُقَّ الكتابُ لِكذْبهِ وبهِ رُمِي
ولكانَ في التأْريخِ ما هُوَ ضِدُّهم / دَحضاً وضِدُّ مسيحهم كمُسَيْلِمِ
أو كانَ سُطِّرَ بعدَ حينٍ مثلما / قد ظَنَّ بعضُ النَّاسِ ظَنَّ مُرَجِّمِ
هل مَنْ يُصدِّقهُ ويترُكُ دينَهُ / بسَماعهِ عن حادثٍ مُترَدِّمِ
وإذا تقرَّر بعدَ ذلك أَنَّهُ / هذا الصحيحُ وأَنَّهُ لم يُثلَمِ
لزِمَتْ بهِ ثِقَةُ الجميعِ بأَنَّهُ / حقٌّ وغيرَ الحقِّ لم يَتَكَلَّمِ
واستلزَمَ التَّصحيحُ إِقراراً بما / في طيِّهِ كاللاّزمِ المُستلْزِمِ
فتعيَّنَ الإيمانُ فيهِ بكلِّ ما / يَرويهِ تصديقاً بغيرِ توَهُّمِ
وغدَا المُماري في المسيحِ كأَنَّهُ / في الشَّمس مارَى في الضُّحَى المُتبسِّمِ
وتَعطَّلَت آرآءُ كلِّ مكذِّبٍ / ومفُنِّدٍ ومُرجِّمٍ ومنُجِّمِ
شَهِدَتْ عجائبُهُ لهُ في عصرِهِ / فدَرَى الحكيمُ وتاهَ مَن لم يَفَهمِ
ولنا عليهِ أَدِلَّةٌ قَطْعيَّةٌ / عقلاً ونقلاً ليسَ قطعَ تحكُّمِ
قد جاءَ لا بيتٌ ولا مالٌ ولا / فَرَسٌ ولا شيءٌ يُباعُ بدِرْهَمِ
يأْوي المغارةَ مثلَ راعي الضأْنِ لا / راعي الممالكِ في السَّريرِالأَعظَمِ
وهوَ ابنُ يُوسُفَ لا ابنُ قيصرَ عندَهم / يغزو بجيشٍ في البلادِ عَرَمرَمِ
فأَتاهُ من شعبِ اليهودِ جماعةٌ / كانوا عَلَى الدِّينِ التليدِ الأَقدَمِ
وتَبرَّأُوا من دِينِ موسى صاحب ال / طُّورِ المكلَّمِ في الغَمامِ الأَدهمِ
وتَباعَدوا من قومهِم بمذَلَّةٍ / يأْبونَ كلَّ كَرامةٍ وتَنعُّمِ
وتعلَّقُوا بحبِالِ مسكينٍ أَتَى / بالذُّلِّ مثلَ السَّائلِ المُسترحِمِ
قالوا هُوَ ابنُ اللهِ جهراً والعِدَى / من حولهم مثلُ الذِّئابِ الحُوَّمِ
والناسُ بينَ عَواذِلٍ وعَواذِرٍ / لهمُ وبينَ مُحَلِّلٍ ومُحَرِّمِ
ما غرَّكم يا قومُ فيهِ أَسَيفُهُ / أم جاهُهُ أم مالُهُ في الأنعمِ
هُوَ ساحرٌ يُطغي فقالوا لم نَجِدْ / من ساحرٍ يُحيي الرَّميمَ بطَلْسَمِ
كانت رِجالُ اللهِ تُحيي ميِّتاً / بصَلاتها ودُعائها المُتقدِّمِ
ونَراهُ يُحيي المائتينَ بأَمرِهِ / فهوَ الإِلهُ ومَنْ تَشكَّكَ يَندَمِ
ولَئِنْ همُ انخَدَعوا لغَفْلتِهم فقد / ضَعُفتْ عُقولهُمُ كَمَنْ لم يَحلُمِ
فتُرَى بما خَدَعوا البِلاَدِ ومَن بها / من عالِمٍ يفتي ومن مُتعلِّمِ
فإذا اعتَبرْنا ما ذكرتُ بدا لنا / بالحقِّ وجهُ الحقِّ غيرَ مُلثَّمِ
وهُوَ الدَّليلُ لنا عَلَى إِثباتهِ / كالشَّمسِ تَطلُعُ فِي سماءِ الأَنُجمِ
ولكُلِّ معُتَرِضٍ علينا مِنَّهٌ / إن كانَ يدَحضُهُ بقولٍ مُلزِمِ
أهديتَ ممَّا في يديكَ محبةً
أهديتَ ممَّا في يديكَ محبةً / فعليَّ أنْ أُهديكَ ممَّا في فَمِي
أُهدِيكَ حمدَ الشاكرينَ فإنَّهم / قد قابلوا بالحمدِ جُودَ المُنعِمِ
وإذا عَدَلتَ هديَّةً بهديَّةٍ / ما زال حُكمُ الفضلِ للمُتقَدِّمِ
فَقدَتْ كِرامُ بني طِرادٍ فاضلاً
فَقدَتْ كِرامُ بني طِرادٍ فاضلاً / قد باتَ في دارِ النعيمِ مُنعَّما
في إثْرهِ التأريخُ يدعو قائلاً / فُتحتْ لفتحِ اللهِ أبوابُ السما
هذا مكَانٌ للطَّهارةِ والنَّقا
هذا مكَانٌ للطَّهارةِ والنَّقا / فادخُل إليهِ بالسُّرورِ مُلازِما
وانعَمْ بماءِ الطُّهرِ منهُ مؤرَّخاً / فلقَد كَتبتُ بهِ نعيماً دائما
تلكَ الكريمةُ مِن بني ذِبَّانةٍ
تلكَ الكريمةُ مِن بني ذِبَّانةٍ / طَلَبَتْ لها حَظاً يدومُ مُكرَّما
لمَّا مَضَتْ مِن بيتِ عيدٍ أرَّخوا / أضحَى لمريمَ بيتُ عيدٍ في السَّما
قد فارقَتْ بنتُ السَّماطِ دِيارَها
قد فارقَتْ بنتُ السَّماطِ دِيارَها / لمَّا استعدَّ لها السِّماطُ الأعظَمُ
ولأجلِها كَتَبَ المؤرِّخُ عاجِلاً / مِن عن يمينِ العرشِ قامَت مَريمُ
هذا الضريحُ لبُطرسِ العازارِ من
هذا الضريحُ لبُطرسِ العازارِ من / بيتٍ كبيرٍ في البِلادِ تَقدَّما
فكتبتُ في تأريخنا هذا لهُ / قد جاورَ العازارَ بطرُسُ في السَّما
يا بنتَ بُطرسِ يارِدَ البِكرَ الَّتي
يا بنتَ بُطرسِ يارِدَ البِكرَ الَّتي / بالطُهرِ حَقَّ لها النَّعيمُ الأعظَمُ
في العَرشِ مَحْفِلُكِ المؤرَّخُ طاهِرٌ / نادَى قد اجتَمَعتْ ببُطرسَ مَريمُ
تَسقِي ثَرَى أنطونِ طُعمةَ رحمةٌ
تَسقِي ثَرَى أنطونِ طُعمةَ رحمةٌ / إذ كانَ في الدُّنيا يَرِقُّ ويَرحَمُ
قد كانَ مِن أهلِ الكَرامةِ والتُّقَى / والبِّرِ والعِرضِ الذي لا يُثلَمُ
صَرَفَ الحياةَ بسيرةٍ محمودةٍ / وَرَعاً فحقَّ لهُ النَّعيمُ الأعظَمُ
ومَنِ ابتَدا بالخيرِ مُنذُ صبائِهِ / فكما نؤرِّخُهُ بخيرٍ يُختَمُ
أبكى الشُّيوخَ بني حُبيَشٍ راحلٌ
أبكى الشُّيوخَ بني حُبيَشٍ راحلٌ / نالَ الخلاصَ ببِرِّهِ وسَلامهِ
ولَقد رَوَى تاريخُنا مِن قبلِهِ / بالبرِّ يوسُفُ نالَ حُسنَ خِتامِهِ
تركَتْ دِيارَ بَنِي التُّوَيني والتقَتْ
تركَتْ دِيارَ بَنِي التُّوَيني والتقَتْ / منهم بيُوسفَ بَعلِها المتقدِّمِ
قامَت بطاعةِ رَبِّها فتمتَّعَتْ / بجمالِ فردَوسِ النَّعيم الأعظَمِ
فأصابَ تأريخي بِمَرْتَا أنَّها / نالتْ نصيباً صالِحاً مَعَ مريَمِ
يا ويحَ يُوسُفَ عَسكرَ الغُصنِ الذي
يا ويحَ يُوسُفَ عَسكرَ الغُصنِ الذي / قَصفتَهُ أيدي البينِ أخضرَ ناعِما
ولَّى وأبقَى حسرةً لا تّنْقَضِي / ومَناحةً تعلو ودمعاً ساجِمَا
يا لابساً بِيضَ الثيابِ مكفَّناً / ومقلِّداً سُودَ القلوبِ خواتِما
لكَ مضجعٌ كتبَ المؤرِّخُ فوقَهُ / في مِصرَ يَبقَى ذِكرُ يوسُفَ دائِما
من مالِ رُهبانِ الشُّويَرِ قد ابتُني
من مالِ رُهبانِ الشُّويَرِ قد ابتُني / بيتٌ لإيليَّا النبيِّ الأعظَمِ
فادخُلْ حِماهُ وقُلْ لديهِ مؤرَّخاً / يا حيُّ شَعبُكَ تحتَ سيفِكَ يحتمي
صبراً بني الباحوطِ إنَّ فَقيدِكَم
صبراً بني الباحوطِ إنَّ فَقيدِكَم / قد باتَ ما بينَ الملائكِ قائِمَا
ولذاكَ قد كَتَبَ المؤرِّخُ راقماً / عَبَّاسُ في الفرِدَوسِ أضحَى باسما

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025