القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَحمود سامِي البارُودِي الكل
المجموع : 7
أَسَلُ الدِّيَارَ عَنِ الْحَبِيبِ وَفِي الْحَشَا
أَسَلُ الدِّيَارَ عَنِ الْحَبِيبِ وَفِي الْحَشَا / دَارٌ لَهُ مَأْهُولَةٌ وَمَقَامُ
وَمِنَ الْعَنَاءِ سُؤَالُ خَاشِعَةِ الصُّوَى / بِيَدِ الْفَنَاءِ جَوَابُهَا إِرْمَامُ
ذَكَرَتْ بِهَا النَّفْسُ اللَّجُوجُ زَمَانَهَا / إِنَّ التَّذَكُّرَ لِلنُّفُوسِ غَرَامُ
إِذْ لِلْهَوَى ثَمَرٌ يَرِفُّ وَلِلصِّبَا / كَأْسٌ تُشَفُّ وَلِلْمُنَى إِلْمَامُ
تَسْتَنُّ فِيهَا الْعِينُ بَيْنَ مَخَانِسٍ / فِيهَا السَّلامُ تَعَانُقٌ وَلِزَامُ
فِي فِتْيَةٍ فَاضَ النَّعِيمُ عَلَيْهِمُ / وَنَمَاهُمُ التَّبْجِيلُ وَالإِعْظَامُ
ذَهَبَتْ بِهِمْ شِيَمُ الْمُلُوكِ فَلَيْسَ فِي / تَلْعَابِهِمْ هَذَرٌ وَلا إِبْرَامُ
لا يَنْطِقُونَ بِغَيْرِ آدَابِ الْهَوَى / سُمُحُ النُّفُوسِ عَلَى الْبَلاءِ كِرَامُ
مِنْ كُلِّ أَبْلَجَ يُسْتَضَاءُ بِنُورِهِ / كَالْبَدْرِ جَلَّى صَفْحَتَيْهِ غَمَامُ
سَهْلُ الْخَلِيقَةِ لا يَسُوءُ جَلِيسَهُ / بَيْنَ الْمَقَامَةِ وَاضِحٌ بَسَّامُ
مُتَوَاضِعٌ لِلْقَوْمِ تَحْسَبُ أَنَّهُ / مَوْلَىً لَهُمْ فِي الدَّارِ وَهْوَ هُمَامُ
تَتَقَاصَرُ الأَفْهَامُ دُونَ فِعَالِهِ / وَتَسِيرُ تَحْتَ لِوَائِهِ الأَقْوَامُ
فَإِذَا تَكَلَّمَ فَالرُّؤُوسُ خَوَاضِعٌ / وَإِذَا تَنَاهَضَ فَالصُّفُوفُ قِيَامُ
حَتَّى انْتَبَهْنَا بَعْدَ مَا ذَهَبَ الصِّبَا / أَنَّ الْخَلاعَةَ وَالصِّبَا أَحْلامُ
لا تَحْسَبَنَّ الْعَيْشَ دَامَ لِمُتْرَفٍ / هَيْهَاتَ لَيْسَ عَلَى الزَّمَانِ دَوَامُ
تَأْتِي الشُّهُورُ وَتَنْتَهِي أَيَّامُهَا / لَمْعَ السَّرَابِ وَتَنْقَضِي الأَعْوَامُ
وَالنَّاسُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَارِدٌ / أَوْ صَادِرٌ تَجْرِي بِهِ الأَيَّامُ
لا طَائِرٌ يَنْجُو وَلا ذُو مِخْلَبٍ / يَبْقَى وَعَاقِبَةُ النُّفُوسِ حِمَامُ
فَادْرَأْ هُمُومَ النَّفْسِ عَنْكَ إِذَا اعْتَرَتْ / بِالْكَأْسِ فَهْيَ عَلَى الْهُمُومِ حُسَامُ
فَالْعَيْشُ لَيْسَ يَدُومُ فِي أَلْوَانِهِ / إِلَّا إِذَا دَارَتْ عَلَيْهِ الْجَامُ
مِنْ خَمْرَةٍ تَذَرُ الْكَبِيرَ إِذَا انْتَشَى / بَعْدَ اشْتِعَالِ الشَّيْبِ وَهْوَ غُلامُ
لَعِبَ الزَّمَانُ بِهَا فَغَادَرَ جِسْمَهَا / شَبَحاً تَحَارُ لِدَرْكِهِ الأَفْهَامُ
حَمْرَاءُ دَارَ بِهَا الْحَبَابُ فَصَوَّرَتْ / فَلَكاً تَحُفُّ سَمَاءَهُ الأَجْرَامُ
لا تَسْتَقِيمُ الْعَيْنُ فِي لَمَعَانِهَا / وَتَزِلُّ عِنْدَ لِقَائِهَا الأَقْدَامُ
تَعْشُو الرِّكَابُ فَإِنْ تَبَلَّجَ كَأْسُهَا / سَارُوا وَإِنْ زَالَ الضِّيَاءُ أَقَامُوا
حُبِسَتْ بِأَكْلَفَ لَمْ يَقُمْ بِفِنَائِهِ / نُورٌ وَلَمْ يَبْرَحْ عَلَيْهِ ظَلامُ
حَتَّى إِذَا رَقَدَتْ وَقَرَّ قرَارُهَا / سَلِسَتْ فَلَيْسَ لِذَوْقِهَا إِيلامُ
تَسُمُ الْعُيُونَ بِنَارِهَا لَكِنَّهَا / بَرْدٌ عَلَى شُرَّابِهَا وَسَلامُ
فَاصْقُلْ بِهَا صَدَأَ الْهُمُومِ وَلا تَكُنْ / غِرّاً تَطِيرُ بِلُبِّهِ الأَوْهَامُ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَرْءَ لَيْسَ بِخَالِدٍ / وَالدَّهْرُ فِيهِ صِحَّةٌ وَسَقَامُ
يَهْوَى الْفَتَى طُولَ الْحَيَاةِ وَإِنَّهَا / دَاءٌ لَهُ دُونَ الشَّغَافِ عُقَامُ
فَاطْمَحْ بِطَرْفِكَ هَلْ تَرَى مِنْ أُمَّةٍ / خَلَدَتْ وَهَلْ لاِبْنِ السَّبِيلِ مُقَامُ
هَذِي الْمَدَائِنُ قَدْ خَلَتْ مِنْ أَهْلِهَا / بَعْدَ النَّعِيمِ وَهَذِهِ الأَهْرَامُ
لا شَيءَ يَبْقَى غَيْرَ أَن خَدِيعَةً / فِي الدَّهْرِ تَنْكُلُ دُونَهَا الأَحْلامُ
وَلَقَدْ تَبَيَّنْتُ الأُمُورَ بِغَيْرِهَا / وَأَتَى عَلَيَّ النَّقْضُ وَالإِبْرَامُ
وَإِذَا السُّكُونُ تَحَرُّكٌ وَإِذَا الْخُمُو / دُ تَلَهُّبٌ وَإِذَا السُّكُوتُ كَلامُ
وَإِذَا الْحَيَاةُ وَلا حَيَاةَ مَنِيَّةٌ / تَحْيَا بِهَا الأَجْسَادُ وَهْيَ رِمَامُ
هَذَا يَحُلُّ وَذَاكَ يَرْحَلُ كَارِهَاً / عَنْهُ فَصُلْحٌ تَارَةً وَخِصَامُ
فَالنُّورُ لَوْ بَيَّنْتَ أَمْرَكَ ظُلْمَةٌ / وَالْبَدْءُ لَوْ فَكَّرْتَ فِيهِ خِتَامُ
ذَهَبَ الصِّبَا وَتَوَلَّتِ الأَيَّامُ
ذَهَبَ الصِّبَا وَتَوَلَّتِ الأَيَّامُ / فَعَلَى الصِّبَا وَعَلَى الزَّمَانِ سَلامُ
تَاللَّهِ أَنْسَى مَا حَيِيتُ عُهُودَهُ / وَلِكُلِّ عَهْدٍ فِي الْكِرَام ذِمَامُ
إِذ نَحْنُ فِي عَيْشٍ تَرِفُّ ظِلالُهُ / وَلَنَا بِمُعْتَرِك الْهَوَى آثَامُ
تَجْرِي عَلَيْنَا الْكَأْسُ بَيْنَ مَجَالِسٍ / فِيهَا السَّلامُ تَعَانُقٌ وَلِزَامُ
فِي فِتْيَةٍ فَاضَ النَّعِيمُ عَلَيْهِمُ / وَنَمَاهُمُ التَّبْجِيلُ وَالإِعْظَامُ
ذَهَبَتْ بِهِمْ شِيَمُ الْمُلُوكِ فَلَيْسَ فِي / تَلْعَابِهِمْ هَذْرٌ وَلا إِبْرَامُ
لا يَنْطِقُونَ بِغَيْرِ آدَابِ الْهَوَى / سُمحُ النُّفُوسِ عَلَى الْبَلاءِ كِرَامُ
مِنْ كُلِّ أَبْلَجَ يُسْتَضَاءُ بِنُورِهِ / كَالْبَدْرِ حَلَّى صَفْحَتَيْهِ غَمَامُ
سَهْلُ الْخَلِيقَةِ لا يَسُوءُ جَلِيسَهُ / بَيْنَ الْمَقَامَةِ وَاضِحٌ بَسَّامُ
مُتَوَاضِعٌ لِلْقَوْمِ تَحْسَبُ أَنَّهُ / مَوْلىً لَهُمْ فِي الدَّارِ وَهْوَ هُمَامُ
تَرْنُو الْعُيُونُ إِلَيْهِ فِي أَفْعَالِهِ / وَتَسِيرُ تَحْتَ لِوَائِهِ الأَقْوَامُ
فَإِذَا تَكَلَّمَ فَالرُّؤُوسُ خَوَاضِعٌ / وَإِذَا تَنَاهَضَ فَالصُّفُوفُ قِيَامُ
نَلْهُو وَنَلْعَبُ بَيْنَ خُضْرِ حَدَائِقٍ / لَيْسَتْ بِغَيْرِ خُيُولِنَا تُسْتَامُ
حَتَّى انْتَبَهْنَا بَعْدَ مَا ذَهَبَ الصِّبَا / إِنَّ اللَّذَاذَةَ وَالصِّبَا أَحْلامُ
لا تَحْسَبَنَّ الْعَيْشَ دَامَ لِمُتْرَفٍ / هَيْهَاتَ لَيْسَ عَلَى الزَّمَانِ دَوَامُ
تَأْتِي الشُّهُورُ وَتَنْتَهِي سَاعَاتُهَا / لَمْعَ السَّرَابِ وَتَنْقَضِي الأَعْوَامُ
وَالنَّاسُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَارِدٌ / أَوْ صَادِرٌ تَجْرِي بِهِ الأَيَّامُ
لا طَائِرٌ يَنْجُو وَلا ذُو مِخْلَبٍ / يَبْقَى وَعَاقِبَةُ الْحَيَاة حِمَامُ
فَادْرَأْ هُمُومَ النَّفْسِ عَنْكَ إِذَا اعْتَرَتْ / بِالْكَأْسِ فَهْيَ عَلَى الْهُمُومِ حُسَامُ
فَالْعَيْشُ لَيْسَ يَدُومُ فِي أَلْوَانِهِ / إِلَّا إِذَا دَارَتْ عَلَيْهِ الْجَامُ
مِنْ خَمْرَةٍ تَذَرُ الْكَبِيرَ إِذَا انْتَشَى / بَعْدَ اشْتِعَالِ الشَّيْبِ وَهْوَ غُلامُ
لَعِبَ الزَّمَانُ بِهَا فَغَادَرَ جِسْمَهَا / شَبَحَاً تَهَافَتُ دُونَهُ الأَوْهَامُ
حَمْرَاءُ دَارَ بِهَا الْحَبَابُ فَصَوَّرَتْ / فَلَكاً تَحُفُّ سَمَاءَهُ الأَجْرَامُ
لا تَسْتَقِيمُ الْعَيْنُ فِي لَمَعَانِهَا / وَتَزِلُّ عِنْدَ لِقَائِهَا الأَقْدَامُ
تَعْشُو الرِّكَابُ فِإِنْ تَبَلَّجَ كَأْسُهَا / سَارُوا وَإِنْ زَالَ الضِّيَاءُ أَقَامُوا
حُبِسَتْ بِأَكْلَفَ لَمْ يَصِلْ لِفِنَائِهِ / نُورٌ وَلَمْ يَسْرَحْ عَلَيْهِ ظَلامُ
حَتَّى إِذَا اصْطَفَقَتْ وَطَارَ فِدَامُهَا / وَثَبَتْ فَلَمْ تَثْبُتْ لَهَا الأَجْسَامُ
وَقَدَتْ حِمَيَّتُهَا فَلَوْلا مَزْجُهَا / بِالْمَاءِ بَعْدَ الْمَاءِ شَبَّ ضِرَامُ
تَسِمُ الْعُيُونَ بِنُورِهَا لَكِنَّهَا / بَرْدٌ عَلَى شُرَّابِهَا وَسَلامُ
فَاصْقُلْ بِهَا صَدْأَ الْهُمُومِ وَلا تَكُنْ / غِرّاً تَطِيشُ بِلُبِّهِ الآلامُ
وَاعْلَمُ بِأَنَّ الْمَرْءَ لَيْسَ بِخَالِدٍ / وَالدَّهْرُ فِيهِ صِحَّةٌ وَسَقَامُ
يَهْوَى الْفَتَى طُولَ الْحَيَاةِ وَإِنَّهَا / دَاءٌ لَهُ لَوْ يَسْتَبِينُ عُقَامُ
فَاطْمَحْ بِطَرْفِكَ هَلْ تَرَى مِنْ أُمَّةٍ / خَلَدَتْ وَهَلْ لاِبْنِ السَّبِيلِ مُقَامُ
هَذِي الْمَدَائِنُ قَدْ خَلَتْ مِنْ أَهْلِهَا / بَعْدَ النِّظَامِ وَهَذِهِ الأَهْرَامُ
لا شَيءَ يَخْلُدُ غَيْرَ أَنَّ خَدِيعَةً / فِي الدَّهْرِ تَنْكُلُ دُونَهَا الأَحْلامُ
وَلَقَدْ تَبَيَّنْتُ الأُمُورَ بِغَيْرِهَا / وَأَتَى عَلَيَّ النَّقْضُ وَالإِبْرَامُ
فَإِذَا السُّكُونُ تَحَرُّكٌ وَإِذَا الْخُمُو / دُ تَلَهُّبٌ وَإِذَا السُّكُوتُ كَلامُ
وَإِذَا الْحَيَاةُ وَلا حَيَاةَ مَنِيَّةٌ / تَحْيَا بِهَا الأَجْسَادُ وَهْيَ رِمَامُ
هَذَا يَحُلُّ وَذَاكَ يَرْحَلُ كَارِهَاً / عَنْهُ فَصُلْحٌ تَارَةً وَخِصَامُ
فَالنُّورُ لَوْ بَيَّنْتَ أَمْرَكَ ظُلْمَةٌ / وَالْبَدْءُ لَوْ فَكَّرْتَ فِيهِ خِتَامُ
قَالُوا أَلا تَصِفُ الْغَرَامَ لَنَا
قَالُوا أَلا تَصِفُ الْغَرَامَ لَنَا / حَتَّى يُحِيطَ بِنَعْتِهِ الْفَهْمُ
فَأَجَبْتُهُمْ هَيْهَاتَ أَنْعَتُ مَا / يَعْتَلُّ دُونَ صِفَاتِهِ الْوَهْمُ
الْحُبُّ يَنْفُذُ بِالْفُؤَادِ كَمَا / يَمْضِي عَلَى غُلَوَائِهِ السَّهْمُ
يَعْنُو لِسَوْرَتِهِ الْمَلِيكُ وَلا / يَقْوَى عَلَى صَدَمَاتِهِ الشَّهْمُ
كَمْ غادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ
كَمْ غادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ / وَلَرُبَّ تَالٍ بَزَّ شَأْوَ مُقَدَّمِ
فِي كُلِّ عَصْرٍ عَبْقَرِيٌّ لا يَنِي / يَفْرِي الْفَرِيَّ بِكُلِّ قَوْلٍ مُحْكَمِ
وَكَفَاكَ بِي رَجُلاً إِذَا اعْتُقِلَ النُّهَى / بِالصَّمْتِ أَوْ رَعَفَ السِّنَانُ بِعَنْدَمِ
أَحْيَيْتُ أَنْفَاسَ الْقَرِيضِ بِمنْطِقِي / وَصَرَعْتُ فُرْسَانَ الْعَجَاجِ بِلَهْذَمِي
وَفَرَعْتُ نَاصِيَةَ الْعُلا بِفَضَائِلٍ / هُنَّ الْكَوَاكِبُ فِي النَّهَارِ الْمُظْلِمِ
سَلْ مِصْرَ عَنِّي إِنْ جَهِلْتَ مَكَانَتِي / تُخْبِرْكَ عَنْ شَرَفٍ وَعِزٍّ أَقْدَمِ
بَلِهٌ نَشَأْتُ مَعَ النَّبَاتِ بِأَرْضِهَا / وَلَثَمْتُ ثَغْرَ غَدِيرِهِ الْمُتَبَسِّمِ
فَنَسِيمُهَا رُوحِي وَمَعْدِنُ تُرْبِهَا / جِسْمِي وَكَوْثَرُ نِيلِهَا مَحْيَا دَمِي
فَإِذَا نَطَقْتُ فَبِالثَّنَاءِ عَلَى الَّذِي / أَوْلَتْهُ مِنْ فَضْلٍ عَلَيَّ وَأَنْعُمِ
أَهْلِي بِهَا وَأَحِبَّتِي وَكَفَى بِهِمْ / فَخْراً مَلَكْتُ بِهِ عِنَانَ الأَنْجُمِ
وَأَحَقُّ دَارٍ بِالْكَرَامَةِ مَنْزِلٌ / لِلْقَلْبِ فِيهِ عَلاقَةٌ لَمْ تَصْرَمِ
هِيَ جَنَّةُ الْحُسْنِ الَّتِي زَهَرَاتُهَا / حُورُ الْمَهَا وَهَزارُ أَيْكَتِهَا فَمِي
مَا إِنْ خَلَعْتُ بِهَا سُيُورَ تَمَائِمِي / حَتَّى لَبِسْتُ بِهَا حَمَائِلَ مِخْذَمِي
وَغَنِيتُ عَنْ قُلَتِي بِعَامِلِ أَسْمَرٍ / وَسَلَوْتُ عَنْ مَهْدِي بِصَهْوَةِ أَدْهَمِ
وَفَجَرْتُ يَنْبُوعَ الْبَيَانِ بِمَنْطِقٍ / عَذْبٍ رَوَيْتُ بِهِ غَلِيلَ الْحُوَّمِ
وَلَكَمْ أَثَرْتُ غَيَابَةً مِنْ قَسْطَلٍ / بِمُهَنَّدِي وَحَلَلْتُ عُقْدَةَ مُبْرَمِ
أَخْتَالُ طَوْرَاً فَوْقَ ذِرْوةِ مِنْبَرٍ / وَأَكُرُّ طَوْرَاً فَوْقَ نَهْدٍ شَيْظَمِ
حَتَّى رَبَأْتُ مِنَ الْمَعَالِي هَضْبَةً / شَمَّاءَ تُزْلِقُ أَخْمَصَ الْمُتَسَنِّمِ
نَشَأَتْ بِطَبْعِي لِلْقَرِيضِ بَدَائِعٌ / لَيْسَتْ بِنِحْلَةِ شَاعِرٍ مُتَقَدِّمِ
يَصْبُو بِهَا الحَكَمِيُّ صَبْوَةَ عَاشِقٍ / وَتَخِفُّ مِنْ طَرَبٍ عَرِيكَةُ مُسْلِمِ
قَوَّمْتُهُ بَعْدَ اعْوِجَاجِ قَنَاتِهِ / وَالرُّمْحُ لَيْسَ يَرُوقُ غَيْرَ مُقَوَّمِ
فِقَرٌ يَكَادُ السِّحْرُ يَبْلُغُ بَعْضَ مَا / فِي طَيِّهَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمِ
مُتَشَابِهُ الطَّرَفَيْنِ يُنْبِئُ صَدْرُهُ / عَمَّا تَلاحَقَ فَهْوَ بَادِي الْمَعْلَمِ
أَحْكَمْتُ مَنْطِقَهُ بِلَهْجَةِ مُفْلِقٍ / يَقِظِ الْبَدِيهَةِ فِي الْقَرِيضِ مُحَكَّمِ
يَبْتَزُّ أُهْبَةَ كُلِّ فَارِسِ بُهْمَةٍ / وَيَزُمُّ شِقْشِقَةَ الْفَتِيقِ الْمُقْرَمِ
ذَلَّلْتُ مِنْهُ غَوَارِبَاً لا تُمْتَطَى / وَخَطَمْتُ مِنْهُ مَوَارِنَاً لَمْ تُخْطَمِ
شِعْرٌ جَمَعْتُ بِهِ ضُرُوبَ مَحَاسِنٍ / لَمْ تَجْتَمِعْ قَبْلِي لِحَيٍّ مُلْهَمِ
فَإِذَا نَسَبْتُ فَتَنْتُ كُلَّ مُقَنَّعٍ / وَإِذَا نَأَمْتُ ذَعَرْتُ كُلَّ مُلَثَّمِ
كَالرَّوْضِ تَسْمَعُ مِنْهُ نَغْمَةَ بُلْبُلٍ / وَالْغِيْلُ تَسْمَعُ مِنْهُ زَأْرَةَ ضَيْغَمِ
أَدْرَكْتُ قَاصِيَةَ الْمَحَامِدِ وَالْعُلا / وَشَأَوْتُ فِيهَا كُلَّ أَصْيَدَ مُسْنِمِ
فَأَنَا ابْنُ نَفْسِي إِنْ فَخَرْتُ وَإِنْ أَكُنْ / لأَغَرَّ مِنْ سَلَفِ الأَكَارِمِ أَنْتَمِي
وَالْفَخْرُ بِالآبَاءِ لَيْسَ بِنَافِعٍ / إِنْ كَانَتْ الأَبْنَاءُ خُورَ الأَعْظُمِ
هَذَا وَرُبَّتَ لَذَّةٍ بِاشَرْتُهَا / فِي ظِلِّ أَخْضَرَ بِالْعَرَارِ مُنَمْنَمِ
طَفِقَ النَّسِيمُ يَحُوكُ وَشْيَ بُرُودِهِ / بِأَنَامِلٍ تَمْرِي خُيُوطَ الْمِرْزَمِ
فَبِكُلِّ أُفْقٍ مُزْنَةٌ فَيَّاضَةٌ / وَبِكُلِّ أَرْضٍ جَدْوَلٌ كَالأَرْقَمِ
هَاتِيكَ تَجْرِي فِي السَّمَاءِ كَأَنَّهَا / سُفُنٌ وَهَذَا فِي الْخَمَائِلِ يَرْتَمِي
فَالرَّوْضُ بَيْنَ مُوَشَّحٍ وَمُؤَزَّرٍ / وَالزَّهْرُ بَيْنَ مُدَنَّرٍ وَمُدَرْهَمِ
طَلْقُ الْجَبِينِ تَبَسَّمَتْ أَزْهَارُهُ / عَنْ دُرِّ قَطْرٍ كَالْعُقُودِ مُنَظَّمِ
عَبِقُ الإِزَارِ كَأَنَّمَا جَرَتِ الصَّبَا / فِيهِ بِجُؤْنَةِ عَنْبَرٍ لَمْ تُخْتَمِ
صَبَحَ الْغَمَامُ غُصُونَهُ فَتَرَنَّحَتْ / طَرَباً لِرَجْعِ الطَّائِرِ الْمُتَرَنِّمِ
فَنَسِيمُهُ أَرِجٌ وَطَائِرُ أَيْكِهِ / هَزِجٌ وَجَدْوَلُهُ بَرُودُ الْمَبْسِمِ
يَسْتَوْقِفُ الأَلْبَابَ حُسْنُ رُوَائِهِ / وَيَصِيدُ عَيْنَ النَّاظِرِ الْمُتَوَسِّمِ
وَالْمَرْءُ طَوْعُ يَدِ الزَّمَانِ يَقُودُهُ / قَوْدَ الْجَنِيبِ لِغَايَةٍ لَمْ تُعْلَمِ
فَلَكٌ يَدُورُ وَأَنْجُمٌ لا تَأْتَلِي / تَبْدُو وَتَغْرُبُ فِي فَضَاءٍ أَقْتَمِ
صُوَرٌ إِذَا نَادَيْتَهَا لَمْ تَسْتَجِبْ / أَوْ رُمْتَ مِنْهَا النُّطْقَ لَمْ تَتَكَلَّمِ
فَدَعِ الْخَفِيَّ وَخُذْ لِنَفْسِكَ حَظَّهَا / مِمَّا بَدَا لَكَ فَهْوَ أَهْنَأُ مَغْنَمِ
لا يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ يَبْلُغ مَا نَأَى / عَنْهُ وَلَوْ صَعِدَ السَّمَاءَ بِسُلَّمِ
بَيْنَا يَشقُّ بِهِ الْجِوَاءَ تَرَفُّعَاً / أَهْوَى بِهِ فِي كِسْرِ بَيْتٍ مُظْلِمِ
إِنَّ الْحَيَاةَ شَهِيَّةٌ مَا لَمْ تَكُنْ / غَرَضاً لإِمْرَةِ ظَالِمٍ لَمْ يَرْحَمِ
لا أَرْتَضِي عَيْشَ الْجَبَانِ وَلا أَرَى / فَضْلاً لِذِي حَسَبٍ إِذَا لَمْ يُقْدِمِ
وَلَرُبَّ مَلْحَمَةٍ سَرَيْتُ قِنَاعَهَا / عَن وَجْهِ نَصْرٍ بِالْغُبَارِ مُلَثَّمِ
لَوْ كَانَ لِلإِنْسَانِ عِلْمٌ بِالَّذِي / فِي الْغَيْبِ لَمْ يَفْرَحْ وَلَمْ يَتَنَدَّمِ
فَدَعِ الأُمُورَ إِلَى مُدَبِّر شَأْنِهَا / وَارْغَبْ عَنِ الدُّنْيَا بِنَفْسِكَ تَسْلَمِ
خَلِّ الْعِتَابَ فَلَوْ طَلَبْتَ مُهَذَّبَاً
خَلِّ الْعِتَابَ فَلَوْ طَلَبْتَ مُهَذَّبَاً / أَعْيَاكَ مَطْلَبُهُ بِهَذَا الْعَالَمِ
إِنْ كَانَ لِي ذَنْبٌ إِلَيْكَ جَرَى بِهِ / قَدَرٌ فَإِنِّي مِنْ سُلالَةِ آدَمِ
يَا بَانَةً مَنْ لِي بِضَمِّكْ
يَا بَانَةً مَنْ لِي بِضَمِّكْ / يَا زَهْرَةً مَنْ لِي بِشَمِّكْ
يَا بِنْتَ سَيِّدَةِ النِّسَا / ءِ تَرَفَّقِي بِحَيَاةِ أُمِّكْ
مَا فِيَّ مَنْبِتُ شَعْرَةٍ / إِلَّا بِهِ أَثَرٌ لِسَهْمِكْ
كَلَّا وَلا فِي مُهْجَتِي / مِنْ طُولِ صَدِّكِ غَيْرُ هَمِّكْ
أَصْبَحْتُ مُمْتَنِعَ الْكَرَى / لَمَّا جَفَانِي بَدْرُ تَمِّكْ
إِنْ لَمْ تَجُودِي بِاللِّقَا / ءِ عَلَى الْمُحِبِّ وَلا بِلَثْمِكْ
فَتَسَامَحِي لِي مَرَّةً / حَتَّى أَفُوزَ بِلَثْمِ كُمِّكْ
رُدِّي الْكَرَى لأَرَاكِ فِي أَحْلامِهِ
رُدِّي الْكَرَى لأَرَاكِ فِي أَحْلامِهِ / إِنْ كَانَ وَعْدُكِ لا يَفِي بِذِمَامِهِ
أَوْ فَابْعَثِي قَلْبِي إِلَيَّ فَإِنَّهُ / جَارَى هَوَاكِ فَقَادَهُ بِزِمَامِهِ
قَدْ كَانَ خَلَّفَنِي لِمَوْعِدِ سَاعَةٍ / مِنْ يَوْمِهِ فَقَضَى مَسِيرَةَ عَامِهِ
لَمْ أَدْرِ هَلْ ثَابَتْ إِلَيْهِ أَنَاتُهُ / أَمْ لَمْ يَزَلْ فِي غَيِّهِ وَهُيَامِهِ
عَهْدِي بِهِ صَعْبُ الْقِيَادِ فَمَا لَهُ / أَلْقَى يَدَاً لِلسِّلْمِ بَعْدَ غَرَامِهِ
خَدَعَتْهُ سَاحِرَةُ الْعُيُونِ بِنَظْرَةٍ / مِنْهَا فَمَلَّكَهَا عِذَارَ لِجَامِهِ
يَا هَلْ يَعُودُ إِلَى الْجَوَانِحِ بَعْدَمَا / سَلَبَتْ فَتَاةُ الْحَيِّ ثِنْيَ لِجَامِهِ
تَاللَّهِ لَوْ مَلَكَتْ يَدَايَ جِمَاحَهُ / لَعَقَدْتُ قَائِمَ رَسْنِهِ بِخِدَامِهِ
يَا لائِمَ الْمُشْتَاقِ فِي أَطْرَابِهِ / مَهْلاً إِلَيْكَ فَلَسْتَ مِنْ لُوَّامِهِ
أَظَنَنْتَ لَوْعَتَهُ فُكَاهَةَ مَازِحٍ / فَطَفِقْتَ تَعْذِلُهُ عَلَى تَهْيَامِهِ
إِنْ كُنْتَ تُنْكِرُ شَجْوَهُ فَانْظُر إِلَى / أَنْفَاسِهِ وَدُمُوعِهِ وَسَقَامِهِ
صَبّ بَرَتْهُ يَدُ الضَّنى حَتَّى اخْتَفَى / عَنْ أَعْيُنِ الْعُوَّادِ غَيْرَ كَلامِهِ
نَطَقَتْ مَدَامِعُهُ بِسِرِّ ضَمِيرِهِ / وَذَكَتْ جَوَانِحُهُ بِنَارِ غَرَامِهِ
طَوْرَاً يُخَامِرُهُ الذُّهُولُ وَتَارَةً / يَبْكِي بُكَاءَ الطِّفْلِ عِنْدَ فِطَامِهِ
يَصْبُو إِلَى بَانِ الْعَقِيقِ وَرَنْدِهِ / وَعَرَارِهِ وَبَرِيرِهِ وَبَشَامِهِ
وَادٍ سَرَى فِي جَوِّهِ كَنَسِيمِهِ / وَبَكَى عَلَى أَغْصَانِهِ كَحَمَامِهِ
أَرِجُ النَّبَاتِ كَأَنَّمَا غَمَرَ الثَّرَى / طِيباً مُرُورُ الْخِضْرِ بَيْنَ إِكَامِهِ
مَالَتْ خَمَائِلُهُ بِخُضْرِ غُصُونِهِ / وَصَفَتْ مَوَارِدُهُ بِزُرْقِ جِمَامِهِ
يَا صَاحِبِي إِنْ جِئْتَ ذَيَّاكَ الْحِمَى / فَاحْذَرْ عُيُونَ الْعَيْنِ مِنْ آرامِهِ
وَاسْأَلْ عَنِ الْبَدْرِ الَّذِي كَسَمِيِّهِ / فِي نُورِ غُرَّتِهِ وَبُعْدِ مَرَامِهِ
فَإِنِ اشْتَبَهْتَ وَلَمْ تَجِدْ لَكَ هَادِياً / فَاسْمَعْ أَنِينَ الْقَلْبِ عِنْدَ خِيَامِهِ
فَبِذَلِكَ الْوَادِي غَزَالَةُ كِلَّةٍ / تَرْوُي حَدِيثَ الْفَتْكِ عَنْ ضِرْغَامِهِ
ضَاهَتْ بِقَامَتِهَا سرَاحَ قَنَاتِهِ / وَحَكَتْ بِلَحْظَتِهَا مَضَاءَ حُسَامِهِ
هِيَ مِثْلُهُ فِي الْفَتْكِ أَوْ هُوَ مِثْلُهَا / سِيَّانِ وَقْعُ لِحَاظِهَا وَسِهَامِهِ
فَسَقَى الْحِمى دَمْعِي إِذَا ضَنَّ الْحَيَا / بِجُمَانِ دِرَّتِهِ سُلافَةَ جَامِهِ
مَغْنَىً رَعَيْتُ بِهِ الشَّبِيبَةَ غَضَّةً / وَرَوَيْتُ قَلْبِي مِنْ سُلافِ غَمَامِهِ
فَنَسِيمُ رُوحِي مِنْ أَثِيرِ هَوَائِهِ / وَقِوَامُ جِسْمِي مِنْ مِزَاجِ رَغَامِهِ
لا يَنْتَهِي شَوْقِي إِلَيْهِ وَقَلَّمَا / يَسْلُو حَمَامُ الأَيْكِ عَنْ تَرْنَامِهِ
يَا حَبَّذَا عَصْرُ الشَّبَابِ وَحَبَّذَا / رَوْضٌ جَنَيْتُ الْوَرْدَ مِنْ أَكْمَامِهِ
عَصْرٌ إِذَا رَسَمَ الْخَيَالُ مِثَالَهُ / فِي لَوْحِ فِكْرِي لاحَ لِي بِتَمَامِهِ
إِنِّي لأَذْكُرُهُ وَأَعْلَمُ أَنَّنِي / بَاقٍ عَلَى التَّبِعَاتِ مِنْ آثَامِهِ
مَا كَانَ أَحْسَنَ عَهْدَهُ لَوْ دَامَ لِي / مِنْهُ الْوِدَادُ وَكَيْفَ لِي بِدَوَامِهِ
وَالدَّهْرُ مَصْدَرُ عِبْرَةٍ لَوْ أَنَّنَا / نَتْلُو سِجِلَّ الْغَدْرِ مِنْ آثَامِهِ
عَمْرِي لَقَدْ رَحَلَ الشَّبَابُ وَعَادَنِي / شَيْبٌ تَحَيَّفَ لِمَّتِي بِثَغَامِهِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025