المجموع : 7
يا مَن يُجرِّدُ مِن بَصيرتهِ
يا مَن يُجرِّدُ مِن بَصيرتهِ / تحتَ الحوادثِ صارمَ العَزْمِ
رُعتَ العدوَّ فَما مثُلتَ لهُ / إلا تفزَّعَ منكَ في الحُلمِ
أضْحى لكَ التَّدبيرُ مُطَّرداً / مثلَ اطَّرادِ الفعلِ للاسمِ
رفعَ الحسودُ إليكَ ناظِرهُ / فرآكَ مُطَّلعاً معَ النَّجْمِ
قالوا شَبابُكَ قد مضَتْ أَيامُهُ
قالوا شَبابُكَ قد مضَتْ أَيامُهُ / بالعيشِ قلتُ وقد مَضت أَيامي
للَّه أيَّةُ نعمةٍ كانَ الصِّبا / لو أَنَّها وُصلتْ بِطولِ دَوامِ
حسَرَ المشيبُ قِناعَهُ عن رأسِهِ / وصَحا العواذلُ بعدَ طُولِ مَلام
فكأنَّ ذاكَ العيشَ ظلُّ غَمامَةٍ / وكأنَّ ذاكَ اللهوَ طَيفُ مَنامِ
يا وجهَ مُعتذرٍ ومُقلةَ ظالمِ
يا وجهَ مُعتذرٍ ومُقلةَ ظالمِ / كم من دَمٍ ظُلماً سَفكتَ بلا دَمِ
أوَجدْتِ وَصْلي في الكتاب مُحرَّماً / ووجدْتِ قَتْلي فيهِ غيرَ مُحرَّمِ
كم جنَّةٍ لكِ قد سكنْتُ ظِلالَها / مُتفكِّهاً في لذَّةٍ وتَنعُّمِ
وشربتُ في خمرِ العيونِ تعلُّلاً / فإذا انتشَيْتُ أجودُ جودَ المِرْزَمِ
وإذا صحَوْتُ فما أقصِّرُ عن ندى / وكما علمتِ شَمائلي وتكرُّمي
أزِفَ الرَّحيلُ فودَّعتْني مُقْلةٌ
أزِفَ الرَّحيلُ فودَّعتْني مُقْلةٌ / أوْحتْ إليَّ جُفونُها بسَلامِ
وتَطلَّعتْ بينَ الحُدوجِ كأنَّها / شمسٌ تَطلَّعُ في خِلالِ غَمامِ
وشكَتْ تَباريحَ الصَّبابةِ والهَوى / بمدامعٍ نَطقتْ بغَيرِ كلامِ
كمهاةِ رَملٍ قد تَربَّعتِ الحِمَى / بينَ الظُّباءِ العُفر والآرامِ
حتَّى إذا ضَربَ المصيفُ رُواقَهُ / صافَتْ بظلِّ أراكَةٍ وبشامِ
ما كلَّما بل ربَّما عبثَ البُكا
ما كلَّما بل ربَّما عبثَ البُكا / بدموعِ عينِكَ من بُكاءِ حَمامِ
وإذا الشمالُ معَ العشيِّ تنسَّمتْ / هاجَ التنسُّمُ لي دفينَ سقامِ
ومُدامةٍ صلَّى الملوكُ لوجهِها
ومُدامةٍ صلَّى الملوكُ لوجهِها / من كثرةِ التَّبجيلِ والتّعظيمِ
رقَّتْ حُشاشَتُها ورقَّ أديمُها / فكأنها شِيبتْ من التَّسنيمِ
وكأنَّ عينَ السَّلسبيلِ تَفجَّرتْ / لكَ عن رحيقِ الجنّةِ المختومِ
راحٌ إذا اقترنتْ عليكَ كؤوسُها / خِلتَ النُّجومَ تَقارنتْ بنجومِ
تجري بأكنافِ الرِّياضِ وما لها / فلكٌ سِوَى كفِّي وكفِّ نديمي
حتّى تخالَ الشمسَ يُكسَفُ نورُها / والأرضَ تُرعدُ رِعدةَ المحمومِ
مظلومةٌ باللَّحظِ وَجْنتُها
مظلومةٌ باللَّحظِ وَجْنتُها / وجفونُها جُبلتْ على الظُّلْمِ
وكأنَّ عينَيْها تَضمَّنتا / ما في فؤادكَ من جوَى السُّقْمِ