المجموع : 4
أنا والرَّجاءُ وأنت والكَرَمُ
أنا والرَّجاءُ وأنت والكَرَمُ / ولكَ الفَعالُ كما ليَ الكَلِمُ
خُتِمَ الإجادةُ في المدائحِ بي / وبكَ الأَجاوِدُ في النّدى خُتِموا
حَجّتْكَ آمالُ العبادِ لأَنْ / عَلِمَتْ بأنَّ فِناءكَ الحَرَم
تُوليهمُ مِنناً وتَشْكُرُهُمْ / قَسَماً لقد عَظُمَتْ بك النِّعَم
مِدَحٌ على آثارِها مِنَحٌ / غُرُّ تدومُ كأنّها دِيَم
راجيكَ يَسأَمُ مِن تَتابُعِها / ولديكَ لا ضَجَرٌ ولا سَأَم
أَبداً تُطالِعُ حالَ ذي أَمَلٍ / فَتعودُ حاليةً وَتنْتَظِم
يا طالعاً ومُطالِعاً أَبداً / لم يَبْقَ لا ظُلْمٌ ولا ظُلَم
تَفْديكَ نفْسي وهْي طائعةٌ / ونفوسُ أَقوامٍ وإنْ رَغِموا
من بَحْرِ جُودٍ فَيْضُ أَنمُلِه / للغَيْثِ عَلّمَ كيف يَنْسَجِم
يُخْفي صَنائعَه ليُكْرِمَها / مثْلَ الوجوه تَصونُها اللُّثُم
فتَزيدُ نُوراً كلّما كُتِمتْ / شمسُ الظّهيرة كيفَ تنكَتِم
تَقِصُ الأُسودَ بكلّ ناحلةٍ / في الكفِّ ممّا تُنبِتُ الأجَم
تُبدي ملوكُ الأَرضِ وطاعتَها / فلكلّ ما رَسَمْتَه تَرتَسِم
إن أَصبحَتْ حرباً لهمْ حُرِبوا / أو أَصبَحتْ سِلْماً لهمْ سَلِموا
تُغْني كما تُفْني فَريقتُها / نِعَمٌ طوالَ الدَّهرِ أَو نِقَم
تَجرِي بها يُمنَى يَدَيْ ملِك / في بَطْنها الآمالُ تَزدَحِم
لَمّا غدا الأسيافُ من شَرَفٍ / فيها معَ الأقلام تَخْتَصِم
قَبضَت لذي ولهذه قَبَصت / حتّى تراضَى السّيفُ والقَلَم
ليظلَّ كُلُّ من أنامِلهِ / بمَحلّهِ المَخْصوصِ يَتّسِم
إنّي لَخادمُ كلّ ذي نظَرٍ / شافٍ يُميَّزُ عنْدَهُ الخَدَم
يا أَعدلَ النّاسِ الّذينَ بهمْ / عند الحوادثِ تُكشَفُ الغُمَم
عنْدي فَدتْكَ النَّفْسُ حادثةٌ / الخصمُ فيها أَنت والحَكَم
ما لي أُباعُ كذا مُجازَفَةً / ولكلِّ قومٍ في العُلا قِيَم
أَفبعْدَ تَسْييري لكمْ مِدَحاً / حُدِيَتْ بِهنَّ الأَينُقُ الرُّسُم
مَصقولةً مثْلَ الرّياضِ غَدَتْ / يَبكي الغمامُ لها فتَبْتَسِم
تَرْضَى بأنْ تَغْدو لها طَرِباً / وفؤادُ ناظِمها لكُمْ وَجِم
ويَروحَ مُنْحلاً بسَعْيِكُمُ / أَمْرٌ غدا ليَ وهْو مُنْتَظِم
وتَميلَ عن مِثْلي إلى نَفَرٍ / لا يُذكَرونَ إهانةً لَهُم
فَسَلِ الفضائلَ إن سأَلْتَ بنا / تُخْبِرْكَ كم بَيْني وبَيْنَهُم
وأَعِدْ إلينا نظَرةً لتَرَى / يا صاحِ أَين أنا وأَينَ هُم
زَعَموا بأنّكَ تَعْتَني بِهمُ / هي هِجْرتي إن صَحَّ ما زَعموا
دَعْ أَنفُسَ الأوغادِ ساخِطةً / ما حَمْدُ كُلِّ النّاسِ يُغْتَنَم
شُكْري وشُكْرُهمُ إذا طُلِبا / شَمْلٌ لَعمْرُك ليسَ يَلْتَئِم
أَعرِضْ عنِ الذُّلاّنِ إن عُرِضوا / فَوُجودُهمْ سِيّانِ والعَدَم
لا تَظْلِمِ الإحْسانَ مُصْطَنِعاً / مَنْ أَنتَ تَبْنِيهِ ويَنْهَدِم
لا يَتْبعَنَّ المرءَ ذو رِيَبٍ / عُرِفَتْ فكم من تابعٍ يَصِم
وإنِ ادَّعَى قِدَمَ الوَلاءِ فما / للوغْدِ لا قِدَمٌ ولا قَدَم
في الوُدِّ أَوْلَى باتّهامِكَ مَنْ / في الدِّينِ أَصبحَ وهْو مُتَّهَم
وأَحَقُّ مَنْ عُنيَ المُلوكُ بِهِ / مَنْ سارَ فيما قالَ ذِكْرُهُم
لولا زُهيرٌ والمديحُ لهُ / لم يَدْرِ هذا النّاسُ مَنْ هَرِم
وأَنا الَّذي لم يَسْخُ بي أَحَدٌ / إلاّ غدا ونَديمُهُ النَّدَم
وإذا اهْتَزَزتُ لمَدْحِ ذي كَرَمٍ / فأنا لسانٌ والزَّمانُ فُم
فَلْتَطْلُبَنَّ رِضايَ مِنْ كَرَمٍ / ورِضا العُلا يا ابْنَ الأُلَى كَرُموا
ولْتُبْعِدَنَّ ذوي مُعانَدَتي / بحياةِ حُسْنِ مديحِكَ القَسَم
والحرُّ يُلزِمُهُ تَكرُّمُهُ / ما ليس يَلزَمُهُ فيَلْتَزِم
لا سِيّما واللهُ يَشكُر ما / تَأْتي وأَهْلُ الدِّينِ كُلُّهُم
قلْ قَوْلةً للهِ فاصلةً / والدّاءُ َتحسِمُه فيَنْحَسم
دُمْ للأَفاضلِ ما هَمَتْ دِيَمٌ / واسْلَمْ لَهُمْ ما أَورقَ السَّلَم
واْسَعْد بصَوْمٍ مَرَّ مُفْتَتَحٌ / منْه وأَقبلَ منه مُخْتَتَم
في دولةٍ غَرّاءَ عُرْوَتُها / بِيَدِ السُّعودِ فليس تَنْفَصِم
آدابُنا وزَمانُنا قَصُرَتْ / مِن أَهلِهِ عِنْ أَهلِهِا الهِمَم
فأَعِنْ على حَرْبِ الخُطوبِ فتىً / بكَ يا مُعينَ الدّينِ يَعْتَصِم
فالفَضْلُ يا ابْنَ الفَضْلِ صاحبُهُ / قَمِنٌ بأَنْ تُرعَى لهُ الذِّمَم
يا أَيُّها المَولى الَّذي
يا أَيُّها المَولى الَّذي / يَدُهُ لِسائِلِهِ غَمامَه
وَأَخا شَمائِلَ أَصبَحَت / كَالماءِ يُمزَجُ بِالمُدامَه
في كَفِّهِ قَلَمٌ لَهُ / فاقَ الصَوارِمَ في الصَرامَه
مِن كُلِّ أَبيَضَ قاضِبٍ / كَالبَرقِ يَفلِقُ كُلَّ هامَه
ما المُلكُ إِلّا لِلعُلا / بَيتٌ وَأَنتَ لَهُ دِعامَه
فَوُقيتَ لي صَرفَ الرَدى / وَبَقيتَ ما ناحَت حَمامَه
وَسَمِعتَ كُلَّ بَديعَةٍ / كَالنَورِ تُسلِمُهُ الكِمامَه
مِن كُلِّ قافِيَةٍ تَظَل / لُ كَأَنَّها لِلعِرضِ لامَه
يا مَن إِذا سُئِلَ النَدى / لَم يُصغِ فيهِ إِلى مَلامَه
وَإِذا اِشتَرى بِالمالِ حُس / نَ الذِكرِ لَم يَرَهُ غَرامَه
لَم تَعتَرِضكَ وَقَد قَصَد / تُكَ دونَ حاجاتي سَآمَه
في سَفرَةٍ سَفَرَت لَدَي / كَ عَنِ الغَنيمَةِ وَالسَلامَه
حَتّى قَضَيتُ مَآرِبي / في ظِلِّ أَروَعَ ذي شَهامَه
كُتُبٌ وَأَمثِلَةٌ تُنا / لُ بِها الجَلالَةُ وَالفَخامَه
وَمَقاصِدٌ أُخَرٌ نَهَض / تَ بِهِنَّ مَحمودَ المَقامَه
لَم يَبقَ مِنها كُلِّها / إِلّا العَلامَةُ وَالعِمامَه
وَهُما إِذا ما اِستَجمَعا / أَقصى النِهايَةِ في الكَرامَه
فَاِجمَعهُما كَرَماً فَإِن / لَم يَتَّفِق فَدَعِ العَلامَه
وافى كِتابٌ مِن فَتى كَرَمِ
وافى كِتابٌ مِن فَتى كَرَمِ / فَلَثَمتُ مِنهُ مَجارِيَ القَلَمِ
مُتَطَوِّقاً لِلبِرِّ مِن يَدِهِ / وَمُقَرَّطاً بِالدُرِّ مِن كَلِمِ
شَرَفٌ لِدينِ اللَهِ شَرَّفَني / لا زالَ يولي أَسبَغَ النِعَمِ
وَأَحَلَّني بِعُلُوِّ هِمَّتِهِ / فَوقَ الَّذي تَسمو لَهُ هِمَمي
وَكَذاكَ يولي فَضلَ أَنعُمِهِ / أَعلى المَوالي أَصغَرَ الخَدَمِ
لو كنتُ أجهلُ ما علمتُ لسَرَّني
لو كنتُ أجهلُ ما علمتُ لسَرَّني / جَهْلي كما قد ساءني ما أعلَمُ
كالصَّعْوِ يَرتَعُ في الرِّياضِ وإنّما / حُبسَ الهَزارُ لأنّه يتَرنَّم
مَنْ لي بعَيْشِ الأغبياء فإنّه / لا عيشَ إلاّ عيشُ مَن لا يَفْهَم